يدور حول سيارته ليفتح الباب الأمامي تزامنًا مع ارتفاع رأسه قليلًا للأعلى تطالعه صورتها التي رافقت كل صباحاته لثلاث سنوات مضت.. لم تحرمه فيها من نظراتها المتأملة والمتطلعة إليه كأنه أول وآخر رجل في هذا العالم.. رباه! هل يمكن لصبية أن تحتل قلبه بهذا الشكل وتعيث فيه عواصف وبراكين متفجرة تحوله إلى أشلاء؟ ابتسامتها تسحره لترتسم مثلها على شفتيه.. التفاتة هادئة يستكشف بها محيطه قبل أن يرسم قبلة بشفتيه كأنه يلثم محياها وغمزة جريئة من عينيه تصاحبها.. فتتسع ابتسامتها وحمرة قانية تزين وجهها.. يزفر نفسا حارًا وهو يفتح باب سيارته ويدخل.. يده تمتد إلى جيب سترته يخرج هاتفه.. تلك العادة التي داوم عليها كل صباح.. كان انعكاس نافذة غرفتها في بيت أهلها يتيح له رؤيتها كل صباح بعيدًا عن أعين المراقبين.. لكن هذه المرة مرر اتصالًا مرئيًا إليها ونفسه تبدأ بالتهكم عليه لأنه تحول إلى مراهق بعد زواجه.. تفتح الاتصال معه وابتسامتها لا تزال تشع من نظراتها تحكي بهجة لا تخطئها العين، ليرسم وجهًا جديًا غير متقنًا وهو يأمرها بحزم: " هيا ادخلي واغلقي نافذتك.. كفانا مراهقة لهذا اليوم.." ضحكتها الخافتة الرنانة تصله فتنتفض كل حواسه وتتأهب بينما تتوعدها عيناه.. كلماته تنساب من بين شفتيه بغزل وليد اللحظة: " يا لوعة الروح إذا تبسمت.. ويا عذاب القلب إن ضحكت.. وحق من خلق هواها في الفؤاد.. أغار على ضحكتها من العباد.." ترتجف ابتسامتها وتترنح بسعادة وهي تهمس بحب: " حبيبي لقمان شاعر؟.." " وعما قليل سأغدو عاشق مراهق مجنون عندما أعدل عن الذهاب للعمل واصعد إليكِ ..هل ترضين أن يقال حبيبك لقمان فقد عقله وبات مجنونًا؟.." " ما أحلاه من جنون.. ليت كل عاشق يفقد عقله مثلك ويغدو مجنونًا.." تتنهد بحالمية وهي تهمس بافتتان: " يا شقاء الروح في بعده.. ولهفة القلب لوعوده.. فالعين تشتاقه.. والنفس تحيا على أنفاسه.." ضحكته الرجولية تغمرها بالرضى وقلبها يفيض اكتفاء بهواه بينما تغمزه تعده بابتسامة إغراء: "سأنتظرك بمفاجأة في المساء" يبتلع ريقه ونبضه يتعثر في صدره يسألها بتطلع: " كمفاجأة الأمس؟.." همهمت وهي تومئ برأسها وعيناها تتلألآن بوعود كثيرة ليتنهد بلوعة وهو يقول مستاء: " أقسم أنكِ تنوين هلاكي.. اقفلي الخط يا مغوية وإلا خسرت عملي هذا اليوم.." تنطلق في ضحكاتها المستمتعة وهي تهمس مجددا: " سأشتاق إليك.. اعتني بنفسك" يتنهد مجددًا وقد فاض به الكيل ليهمس حانقًا: "أنا أشتاقك منذ الآن.. كان الله في عوني.. صبرك ربي.." تقفل الخط وهي تضعه على صدرها تتنهد بعشق تملك الفؤاد حد الوله، ليهتز الهاتف بين يديها معلنًا عن وصول رسالة.. ترى ماذا نسي ذلك العابث لم يقله؟ فتحت الرسالة لتجدها من وفاء وقد ابتدأتها بملصق مضحك يعبر عن تذمر طفولي متضايق بينما كتبت: " أليس لديكما غرفة تكملان فيها وصلة غرامكما الصباحي هذا بدل الشارع؟ لقد فضحتمانا أمام الجيران.." تضحك آية بابتهاج مضاعف بينما تنقر سريعًا وترد بملصق آخر تعبر فيه عن عدم اهتمامها وهي تعلن لها بهدوء: " أنتِ تغارين فقط.." ملصق آخر مضحك يعبر هذه المرة عن اشمئزازها وهي ترد بنزق: " رحماك ربي.. أنا أغار؟.. أتعلمين؟ قصتك مع لقمان تسبب لي الغثيان.. أنا أكره الرومانسية بكل أشكالها.." تضحك آية بمرح وهي ترد عليها بصبر: " سنرى يا وفاء.. سنرى عندما تقعين في الحب" يصلها ملصق آخر عبر عن ضجرها لتبتسم بسعادة غير متأثرة بمزاج وفاء المتكدر.. ثم وضعت الهاتف جانبًا وتناولت مفكرتها تبدأ بكتابة فصول الحكاية التي تاقت إلى كتابتها منذ أمد بعيد.. قصة حبها مع لقمان.. الآن فقط ستبدأ بنسج فصولها بحبر لن يجف أبدًا.. بصبر ستنهل من نبعها ترتوي وتروي حبيبها معها حد الاكتفاء. _تمت بحمد الله وعونه_ بتاريخ 25/6/2023