في اليوم التالي.. يسير بخطوات مكتومة ناحية الخزانة ليفتحها بحرص كبير وعيناه تنزاحان للنائمة هناك بوداعة تامة منكمشة على نفسها وتضم إليها الغطاء وهي تكوره تحتها، فيبتسم وهو يتذكر صراعاته معها طيلة الليل كلما جذب الغطاء لنفسه كان يجدها بعد فترة تستحوذ عليه لنفسها لتكوره كما تفعل الآن وتتركه معرضًا للبرد.. إنها مزعجة في النوم يعترف بذلك، لكنه لا يملك إلا أن يتأقلم ويتعود، كما أن ذلك الازعاج لا يعد شيئًا أمام ما تعطيه إياه في المقابل .. يتناول ملابسه ويبدأ بارتدائها وما إن دس ذراعيه في قميصه حتى شعر بذراعين ناعمتين تحيطان بخصره من الخلف ورأس يستريح على ظهره فهمس معتذرًا: " هل أيقظتك؟.." تصدر صوتًا بلسانها تنفي به بينما تهمس له بوله: " صباح الحب يا كل الحب.." ترن ضحكتها المستمتعة وتنهيدته الحارة تصلها بينما يعترض بتذمر: " لقد بدأت أسلحتك تصبح قاتلة يا بنت الناس.. فارحمي من توله في هواكِ ولا تعذبيه.." اندست من تحت ذراعيه لتلصق نفسها إلى صدره تتلمس الدفء ونبضات قلبه المتسارعة تطرق على خدها المستند إلى صدره وهي تهمس بتنهيدة ناعمة: " أنا أعذبك؟.. أنا أحبك" همست بكلمتها فوق صدره تلثمه وترفع وجهها تسند ذقنها إليه تسأله بدلال: " هل ستتركني وحيدة طيلة النهار؟ هل يرضيك أن يقتلني الشوق بغيابك؟.." تشتد ذراعاه من حولها وضحكته المرتجفة تفضح مشاعره وهو يقول بعتاب: " يا لكِ من محتالة صغيرة.. أنسيتِ أن لديك جامعة أنتِ أيضا عليكِ اللحاق بها؟.." عادت تسند خدها إلى صدره تستعذب نبضات قلبه التي تتسارع بقوة من أجلها وهي بقربه تهمس بإغواء: " ابقى معي ولن أذهب إلى الجامعة ..وسأنقل المحاضرات من وفاء.." ينحني مقبلًا شعرها وذراعاه تطوقانها من جديد وهو يقول: " لن أستطيع.. انتهت الإجازة التي أخذتها وعلي العودة للعمل.. عودي للنوم وسأتصل بكِ.. اتفقنا؟" تهز رأسها بالرفض وهي تعلن بنعومة: " أنا معتادة على الاستيقاظ في هذا الوقت.. أنسيت موعد مراقبتي لكِ؟" يضحك مجددًا يسألها بذهول: " هل تنوين الاستمرار في تلك المراقبات حتى بعد زواجنا؟.." تنسلخ عنه لتطير إلى الحمام وهي تقول بصخب طفولي: " بالطبع سأظل أراقبك وأودعك من نافذتي كل صباح.. انتظرني سنفطر معًا قبل مغادرتك.." يضحك مجددًا وعيناه تلاحقان خطواتها المرفرفة تهرول على أطراف أصابع قدميها ونبضه يجيش في صدره لها وحدها.. يستبشر بأيامهما القادمة معًا الموعودة بحب وعشق لن ينتهيا..