Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل السابع

اكتفى بالصمت مع رفع أنفه بتحدي فسألته بحدة واضحة مرة أخرى: إنت إيه اللي جايبك ورايا ؟ جنانك يوصلك تدخل شقتي زي الحرامية ؟ وإزاي عرفت إني ساكنة هنا أساسا ؟ أنا ما جتش وراك إنتي اللي جيتي ورايا. قالها بشيء من التلاعب فلن يكذب لو قال أنه لم يسعد للقائها بتلك الصدفة التي لم يحلم بها في حياته. مش هنتناقش مین جه و را مين ، حاجة واحدة عايزة أعرفها أنت دخلت هنا إزاي، وليه ؟ شاهدته يتحرك لحجرة المعيشة بعرج واضح متألما تعجبت منه، مع عدم إظهاره لذلك متجاهلا حديثها متعمدا فتزداد دهشتها عندما ولج لحجرتها، وأراح جسده وساقه المتألمة فوق أريكتها فرفعت حاجبها بتحدي تردف ساخرة: الباشا يحب قهوة ولا شاي ؟، ولا نجيب عشا أحسن. -يا ريت ! صرخت غاضبة باسمه تدفعه للتوقف عن مزاحه الساخر: -آااااسر. فجلس فوق نفس الأريكة يمد ساقه اليمنى للأمام يردف بهدوء: هجاوبك على كل أسئلتك بشرط، تجاوبيني إنتي الأول على سؤال مجنني من سنين. عقدت حاجبها باستغراب في أمره، فكادت أن تسأله بدورها بفضول، ولكنها لاحظت تألمه مع وضع كفه لجانب رأسه، رفعت بدورها أناملها فوق خصلاتها باضطراب لتكتشف وقوفها أمامه بملابسها البيتية وشعرها المكشوف ، تتلعثم في قولها: ثو، ثواني وجايه. لمحها تنسحب على عجالة، حتى وصله بعد لحظات من السكون صوت ضوضاء صادرة من مطبخها و تأكد من وجودها به، لم تمر الدقائق حتى وجدها تدخل عليه ممسكةً بكيس مطاطي شفاف بداخله سائل أزرق متجمد مع تبديل ملابسها وارتدائها ما يغطي رأسها وجسدها وتمد يدها له قائلة: -حط ده على دماغك شويه ، هيريحك. ظل يمرر نظره بينه وبين وجهها فلاحظ وجود بقعة قرمزية اللون جانب عينها اليسرى، لم ينتبه لها من قبل، فارتاب في أمرها وسألها بفضول وهو يسحب ذلك الكيس البارد من يدها: إيه اللي في وشك ده؟. بطريقة أثارت ريبته لمست مكان كدمتها بارتباك واضح، تجيبه متهربة: -ما تشغلش بالك، المهم خلينا في موضوعنا ، أنت مجاوبتش على سؤالي.. إزاي دخلت هنا ؟ وليه ؟. شعر بها تتهرب من إجابته، إحساس داخلي يؤكد له أن طليقها سببا في تلك العلامات، صمت للحظات يسترجع كلماتها مع صديقتها عن ضربه لها أمام شقيقها، فأخفى تجهمه سريعا من تلك الخاطرة التي زادت من غضبه وقال بصوته الخشن الواثق: وإنتي مجاوبتيش على سؤالي بردوا!. جلست على حافة الأريكة الأخرى تاركة مسافة معقولة بينهما، تفرك أناملها باضطراب، فترك لنفسه حرية تأملها باشتياق مر عليه سنوات، وسمع ما انتشله من مراقبتها: -اتفضل اسأل بسرعه خلينا نخلص مش عايزه فضايح، "حاتم" لو عرف إن في راجل غريب معايا في الشقة هتبقى مصيبة. ليه ؟ كانت ذلك سؤاله المبهم المختصر لها ، فظنت أنه لم يدرك حديثها عن زوجها فسألته بتعجب: ليه خايفة من جوزي ؟. رفع أنفه بكبرياء رجل مطعون، بكبرياء عاشق مذبوح يوضح سؤاله الغامض مرة أخرى: أولا، اسمه طليقك مش جوزك.. ثانيا، أنا مش بسأل على الزفت إللي كنتي متجوزاه، أنا بسأل ليه اتخليتي عني ؟ ليه ما أدتينيش فرصة أفهم أو تواجهيني ؟. فهمت سريعا ما يرمي إليه فأجابته بحدة تعجب منها: تفهم إيه ؟! ، هو أنت داخل شقتي تتهجم عليا عشان تسأل ليه؟، ياريت منفتحش في مواضيع أتقفلت من زمان، وتتفضل من هنا. شعر بارتباكها المتزايد من وجوده مع ثبات عينيها على ساقه الممدودة أمامها، فابتلع مرارة بحنجرته، وطلب بمرح غير مناسب متجاهلا طلبها: -معندكيش بتاعة زي اللي على راسي دي ينوبك ثواب لرجلي بس تكون سخنة. عقدت حاجبها باندهاش من طلبه فسألته بفضول: مالها رجلك ؟ أنا على ما اعتقد ضربتك على نفوخك مش رجلك. نظر إليها نظرة لم تفهمها، نظرة تحمل لوم واضح وعتاب لم تعرف سببه فأجابها يريحها من حيرتها مغيرا دفة الحوار: -كنتي عايزة تعرفي دخلت إزاي، وليه ؟، دخلت من الشباك اللي ورايا ده إللي حضرتك سايباه مفتوح بكل إهمال، أما ليه بقى ؟، دي تسأليها لجارك اللي معرفش يدخل بيته بسببك عشان الباب اللي مقفول، واضطريت أتشعلق زي الحرامية على المواسير. جحظت عينيها بصدمة لا تعرف هل تصدم من معرفتها لدخوله من نافذتها أم لأنه على معرفة بجارها البذيء الذي لا يكل من مناداتها من نافذة المطبخ حتى تخفض صوتها، فنطقت بصدمة: هو الزفت اللي ساكن جنبي ده يبقى صاحبك ؟ ابتلع إهانتها الغير مقصودة وسخر من تعليقها عليه وعدم اهتمامها بتسلقه ودخوله من نافذتها: ده كل اللي لفت نظرك يا مدام ، إنّي أعرف جارك ؟ مش مهم اللي دخل شقتك من الشباك ، نفرض كان حرامي دخل عليكي كنت عملتي إيه ؟ فقارعته بتحدي: نفرض ليه ؟ ما الحرامي دخل فعلا من الشباك، وقاعد قدامي يحقق معايا، شكلك سيبت البوليس وبتشتغل (هجام) على البيوت يا "آسر" باشا. ابتلع غصة متورمة بحنجرته، آلمه تذكيره بما كان عليه قديما، تذكيره بحلمه الذي تسرب من بين أصابعه في غفلة منه، ولكن رنين هاتفها أربكها، فرفعت عينيها تطلب العون منه عندما لمحت اسم طليقها وسط شاشة هاتفها، فحدثها بهدوء محاولا تهدئة ارتباكها وخوفها: ردي عليه عادي، وكأن ما فيش حاجة زي ما قولتي للتور إللي على الباب. هزت رأسها بارتباك، ومدت أناملها تفتح الهاتف تجيبه: أأيوه يا "حاتم "، في حاجة ؟! اقترب "آسر" يجذب منها هاتفها ليعدل خاصية الصوت، فيصلهما صوته الساخر : أنا؟، ولا حاجة ، حبيبت بس اطمن على الهانم اللي بتصوت بسبب فار.. أغمضت عينيها تبتلع سخريته الواضحة أمام "آسر" الذي يبادلها نظرات غامضة، فهمست تسأله بصوت مرتجف: هتفضل حابسني لحد إمتى؟ لحد ما أخوكي يديني التمام، ساعتها همشي اللي على الباب، وأجيلك ومعايا المأذون. اهتزت شفتيها بطريقة مثيرة للشفقة جعلت ذلك المراقب يكتم غضبه، فقالت باندفاع غير محسوب متناسية أمر وجود ذلك المتجهم: إنت ليه مش عايز تسيبني في حالي؟، وتعرف إن خلاص مافيش نصيب مع بعض، ولا أنت بتحبني ولا أنا قدرت أحبك. ضحكة خشنة وصلت صداها لهما، ليجيبها بعد أن هدأت نوبتها تدريجيا: هو إنتي فاكرة إني عايز أرجعك عشان ميت فيكي، لا يا "نيروز"، كل الحكاية إنك دماغك ناشفة وبدماغك دي هتضيعي مني مشروع عمري اللي أخوكي عشمني بيه، لا تكوني فاكره إني وقعت في حبك واتجوزتك، دا أنا واخدك فوق البيعة، فتحمدي ربنا إني وافقت وأتجوز واحدة مشو... أسرعت في غلق المكالمة؛ لتمنعه من استرساله في الحديث أمام "آسر" الواجم، تراجعت خطوتان تلقى بجسدها فوق الأريكة تخفي وجهها بين كفيها حتى تعالى شهقاتها تدريجيا تحت أنظار الأخير متعجبا بما حل عليها من زيجة غير متكافئة من وجهة نظره، ولكن ما استرعى انتباهه تکرار الأخير لإهانتها المقصودة، التي تقابلها بسلبية مقيتة، كيف تسمح له ؟ والأهم لمَ دائما يقلل منها ؟، تحرك بحذر حتى استقر أمامها بعد خطوتين يسألها بحذر: -هتعملي إيه دلوقتي؟ رفعت وجهها المنتفخ المغرق بسيل من الدمع، تركها تطلق كبتها في نوبتها الخاصة، ولكنه عزّ عليه رؤيتها بمثل تلك الحالة المنكسرة، سألها مرة أخرى باستغراب: هو ليه بيعاملك كده ؟ ليه بيقصد يهينك ويقلل منك ؟، إنتي إزاي بتسمحي يعمل معاكي كده؟، إزاي قابلة الإهانة دي إزاي؟. رمقته بلوم واضح لم يفهمه، وأجابته بهمسها المعتاد: عشان مافيش ضهر وسند، سندي إللي كنت متخيلاه جبل واقف في ضهري من زمان، طلع سراب ووهم. صمتت تبلل شفتيها الجافتين عدة لحظات، ثم تابعت بنفس الصوت المنكسر: إنت سمعته، صح ؟، سمعت إن "عبد الله "باعني، سابني للغريب ينهش فيا، "عبد الله "هيبيع نصيبي من المصنع من ورايا، هيستغل إني واثقة فيه. تحرك يجلس جوارها مع الحفاظ على مسافة معقولة بينهما، حتى وجدها تهم بتحريك أصابعها فوق شاشة هاتفها بتشنج مع هذيانها: لا! لا!، أكيد "حاتم" بيكدب، "عبدالله "ميعملش كده فيا، أنا لازم..... وجدت الهاتف ينتزع من بين أناملها الباردة فيزيد ذلك من حنقها: إنت بتعمل إيه ؟، هات التليفون. تحرك "آسر" حتى أخفاه بجيب سرواله الخلفي بتحدي: صدقي يا "نيروز"، لازم تصدقي إن أخوكي من زمان بايعك مش لسه هيبيعك. عقدت حاجبيها، واستغربت من كلماته، فسألت بتحدي: -تقصد إيه ؟ أقصد إنك حاليا في مشكلة، ولازم تلاقي ليها حل، وتقرري إنتي عايزة إيه ؟ قبل الصبح ما يطلع.

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514