في صباح اليوم التالي نار مشتعلة بجسدها، بجميع جوارحها ، كيف ستجد حلا لتلك الكارثة التي وقعت بها هي وزوجها كيف سيسددان ديونهما له، ولكن ما زاد من اشتعالها أكثر موقف زوجها المتخاذل المتلهف لسماع صوت شقيقته الصغيرة، انتفضت من جلستها عندما لمحته يخرج من حجرتهما يرتدي باقي ملابسه على عجالة متجها للخروج ، فاندفعت تمسكه من مؤخرة ملابسه بغيظ مكتوم: إنت رايح فين وسايبني أغلي، أكيد طبعا رايح لها. نظر لها نظرات مشتعلة يواجهها بضيق: مادام عارفة وسمعتيني وأنا بكلمها، بتسألي ليه يا "جيهان"؟ مش معقول موقفك ده، إحنا في كارثة هنسدد ديونك دي إزاي ؟، فيها إيه أما ترجعها لجوزها ونشوف مصلحتنا، طول عمرك بتدلعها دلع يخنق. واجهها بوجه جليدي، يبثق كلماتها بوجهها منهيا الحوار: شئون أختى ما تدخليش فيها، وأنا أدرى بمصلحتها، عاجبك الكلام يا بنت الناس خير وبركة، مش عاجبك ورقتك توصلك عند أبوكي وكل واحد يروح لحاله، ديوني أنا كفيل إني أسددها من فلوسي مش من فلوس أختى وعلى حساب حياتها. انصرف من أمامها وقد حلت عليها الصدمة من كلماته القاطعة، كانت أول مرة ترى نظرة الشر مشتعلة بعينيه، فأسرعت تنتشل هاتفها من جيب سروالها بغضب واضح تتواصل مع رقم بعينه، قائلة بشر واضح: أيوه، يا "حاتم"، عرفتلك السنيورة مكانها فين. ألقت رأسها فوق صدره تنتحب جفائه وقسوته معها سابقا، يشدد هو على جسدها يحيطها بذراعين فولاذيتين كلما ازداد نحيبها زاد من احتوائها، لا يصدق حتى الآن ما وصله منها ، كيف حدث ذلك ؟، رفع عينيه لتتلاقى بعينين متحفزتين، لا يصدق، ما سمعه منها عندما أصطدم بوجوده في شقتها ليكتشف حقيقة وضعه الجديد كزوج لها، من سخرية القدر به أن من حارب لإبعاده عنها يلقاها مصادفةً ويقدم لها يد العون في وقت تخليه هو عن مسئولياته، فكانت أول كلماته لها : -اتجوزتي يا "نيروز"؟!، أتجوزتي من ورايا؟. رفعت رأسها تنظر بحيرة لزوجها وأخيها بعينين متورمتين فعاجلها " آسر" بقوله: زي ما "نيروز" حكتلك الموضوع حصل بسرعة، وده كان أمان ليها قبل أي شيء. هز رأسه متفهما، يخبرها: المهم إنها كويسة، سامحيني لو كنت قسيت عليكي في أي وقت، أنا كنت خايف عليكي و على مصلحتك ماكنتش عارف إن "حاتم" هيتجرأ ويعمل کدة، متخافيش مش هيقدر يعملك حاجة وأحنا جنبك. نظرت لزوجها برجاء بأن ينقذها من ذلك الموقف، فشاهدته يقترب منها ويأمرها بشدة: قومي افتحي، ومتخافيش، أتعاملي معاه عادي وأنا هستخبى جوا، أنا عارف هعمل إيه. -هياخد " عبد الرحمن" مني. هز رأسه بالرفض يقول بإصرار أقوى: مش هيقدر.. على جثتي، أسمعي الكلام هو شكله كان مراقب أخوكي زي ما توقعت، افتحيله وأنا هتصرف. سارت بخطوات مترددة بعد أن تأكدت من اختفائه بالداخل تشجع نفسها وتطرد خوفها، فتحته لتجده يدفعها بقوة مؤلمة كادت أن توقعها صارخا بها: أخيرا رجعتي شقتك يا هانم، ممكن أعرف كنتي بايتة في أنهي مصيبة إنت وابني ؟ تعرض له "عبد الله" بجسده يمنعه من الاقتراب منها قائلا: سيبها في حالها بقى، وكلامك بعد كده يبقى معايا. هدده "حاتم" صارخا بغضب مستعر: ابعد عن وشي، أختك عايزة تتربى. دفعه بقوة جانبا ليفسح له مجال الوصول إليها، يتابع سبابه لها: بقى أنا يا بنت ال **** تهربي من رجالتي وتستغفليني. ختم كلماته بلطمة قوية تستقر فوق وجنتها، لتترك أثارها كعادته معها، سمعت صراخ عبد الله " مع دفعه عنها ليبتعد خطوة واحدة، وتسمع صوت أخيها مهددا له: أنا بحذرك، لو مديت إيدك عليها تاني هتشوف مني تصرف مش هيعجبك. وجه حديثه لتلك المرتعبة يأمرها بلهجة لا تقبل جدال: "نيروز"، هاتي حبل الغسيل من جوا عشان "حاتم" بيه هيتنشر عليه قدام رجالته. وقفت تمرر نظرها بينهما بذهول من طلبه كالبلهاء التى لم تفقه قوله فكرر: الحبل يا نيروز"، بسرعة. فرت من أمامه تلبي طلبه بارتباك ورعب مما هو آت. في حجرة رئيس قسم الشرطة أنهى ضابط الشرطة مكالمته المبهمة مع الطرف الأخر، قائلا: تمام يا "أمير" باشا ماتقلقش. ثم أولى بعدها اهتمامه لمن يجلسا أمام مكتبه، كانت هيئتهما كزوج من الديوك يتناطحان، فأجلى صوته الأجش يسأل ذلك المشتعل: ردك إيه على الاتهامات اللي موجه ليك من الأستاذ "آسر البغدادي"؟. تلاقت عينيه المشتعلة بتلك العينين الماكرتين الساخرتين،لتفهمه أنه لم يقع في ذلك الفخ اعتباطا بل كان له تخطيطا مسبقا بحرفة متقن، فبثق كلماته السامة بحقد جلي: ما حصلش كل إللي قاله كدب. أراح الضابط" مجدي" ظهره لمقعده ينظر لهما بتمعن شديد، واندفع يواجهه بما استدل به من دلائل: وتفسر بإيه بلاغ الأستاذ "أسر" بتهجمك بالضرب على زوجته "نيروز الشناوي" اللي واضح على وشها زي ماهو باين؟، و السلاح اللي لقيناه معاك إنت ورجالتك أما فتشناك، ده غير إن سلاحهم غير مرخص ودي قضية تانية. ضرب " حاتم" فوق المكتب بكف يده معترضا يشتعل غيظا ويمقت ذلك الساخر بنظرات مشتعلة: ده أنتوا مطبخينها بقى مع بعض. نهره " مجدى" على اتهامه، يأمره بحدة: الزم أدبك، أنا لحد دلوقت بتعامل معاك بذوق ومقعدك عشان عايز ألم الموضوع، ما تخلنيش أوريك الوش التاني. تمالك "حاتم" أعصابه، فأردف بثقة زائفة: أنا كمان عايز أعمل محضر في طليقتي، إنها غير مسئولة وغير أمينة على ابني، وأنها بتجيب رجالة البيت، الراجل ده مش جوزها، اتجوزته إمتى بس ؟ انتفضت رعبا من اتهامه الصريح في سلوكها، تترجى الجالس بجوارها بعيون لامعة: -"آسر"! أودعها ابتسامة هادئة، لتهدئ من روعها، فاندفع يطلب بتحدي من ضابط الشرطة: اثبت عندك يا فندم، لأن ناوي أعمله محضر سب وقذف لزوجتي. انحنى عليه ذلك المحامي المخضرم الذي أسرع الآخر في الاستعانة به عندما شعر بتعقد وضعه القانوني، وشعوره بتواطؤ ذلك الشرطي مع خصمه ليزداد وضعه تعقيدا: -"حاتم" باشا وضعك القانوني مش تمام، والمحاضر اللي خصمك عايز يقدمها ضدك مش هينة، دول كذا قضية في بعض اقتحام بيتها بالسلاح و ضربك ليها وغير رجالتك اللي محطوطين في الحجز عشان السلاح غير المرخص، ماتنساش مشاكلك مع الناس بتوع مشروع القرية مش ناقصين مشاكل تانية. ظل يرمقهما في جلستهما المستريحة بكره جلي، لم يستطع إخفائه، ليقول من بين أسنانه: شكل الموضوع متخططله من البداية عشان أقع الوقعة دي، وبنت ال * * * لعبتها صح. هز رأسه بالرفض ينهره على حديثه: مش وقته عداءك معاها، أنا شايف اللي معاها معندوش نية للمحاضر والشوشرة، لأن لو دي نيته كان سجل المحاضر من زمان وزمانك في الحجز مع رجالتك، شكله عايز يتفاوض وده في صالحنا، هشوف دماغه فيها إيه ونخلص الموضوع. نظر له يقيم كلماته بعقل شارد: تفتكر هيكون عايز إيه؟، هموت وأعرف إمتى أتجوزته وأتلمت عليه منين الو ****؟. ربت فوق كتفه مهدئا موكله قائلا: مش مهم كل ده إللي يهمنا نطلعك منها، سيبني أنا أتصرف. جلست بجانبه وهو يحاول تهدئة روعها واهتزاز جسدها عن طريق حك كفيه بكفها مع محاولتها الهروب من نظرات ذلك المشتعل في الجانب الآخر من الحجرة، تبث شكواها له: -أنا خايفة يا "آسر" ينفذ تهديده، وياخد مني "عبد الرحمن"، إنت مش عارفه مش هيقبل بالهزيمة بسهولة. إنتي بتشكي في قدراتي كدة، وكمان أنا مخطط لكل ده من البداية، من وقت ما طلبت منك تتصلي بأخوكي لأن كنت متأكد أنه مراقبه عشان يوصلك، وحياتك عندي لحالا المحامي اللي قاعد معاه ده هيجي يطلب مني حل ودي بدل ما أعمله محاضر تخليه يقضي نص حياته في السجن. قطع حديثهما اقتراب ذلك الشخص بخطوات متزنة يقول له برسمية: -أستاذ "آسر" أعتقد مالوش لازمة المحاضر والمشاكل، إحنا نحل الأمور بينا بشكل ودي أحنا محاميين زي بعض، وما يصحش بردوا إن مدام "نيروز" تسجن أبو ابنها، ولا إيه يا مدام؟. كلامك يبقى معايا أنا متوجهلهاش أي كلام، إنت فاهم. حك خلف عنقه بتوتر من هجومه، فقال بعد أن قدم اعتذاره السريع: ها يا متر قولت إيه ؟، طلباتك ؟. انتزع تلك الأوراق الذي قام بتحضيرها قبل تلك الليلة، كما خطط أثناء نومها بفراشه، والتي تنص على إقرارا صريحا من طليقها تخليه عن حضانة طفلها كليا لها، يضيق عينيه يكررها فوق توقيع ذلك البغيض يتأكد من صحة بيناته، حتى رفع رأسه عنها بابتسامة ظافر بمعركته الحياتية، قائلا بفخر وامتنان للضابط "مجدي": تمام أوي يا حضرة الضابط، معلش تعبتك معايا، كده مافيش لزوم للمحاضر، بس في حاجة واحدة بس ناقصة لازم أعملها. ختم جملته ليتفاجأ " حاتم" بلكمة في أنفه سالت على أثرها الدماء منها، ويسمع غريمه يقول بانتشاء منتصر: ده تذكار بسيط منى عشان تبقى تمد إيدك على حاجة تخصص "آسر البغدادي" تاني، يا "حتوم"، سلام. كاد أن يهجم عليه ذلك النازف لينتقم منه ويرد له اللكمة لكمات متعددة، ولكن يد محاميه منعته من ذلك مهدئا ثورته ببعض الكلمات حتى لا يحتدم الصراع بينهما مرة أخرى. ليهمس من بين أسنانه، بحقد مشتعل ماشي يا بن ال **** إما وريتك