في الفجر.. إستيقظت سهى على صوت منبه الهاتف قامت إغتسلت وتوضأت وصلت الفجر.. إرتدت بنطال مموه وتى شيرت أخضر بنصف كم وعقدت شعرها كذيل حصان.. وإرتدت قبعة رياضية لتحميها من الشمس.. شعرت ببعض البرودة فإرتدت سترة خضراء عليها... وما أن إنتهت جتي إنتبهت للطرقات على باب غرفتها.. فتحت بإبتسامة لريان.. فوجدته سامح.. للحظة قفز قلبها من محجره.. وتعالت دقاته.. قطبت حاجبها بضيق مفتعل وقالت بتوجس : _ عادى أقول صباح الخير ولا في حاجة تانية بتتقال؟! أجابها ببرود: _ صباح النور.. جاهزة لأول يوم تدريب . ردت بحماس بادى في صوتهما وملامحها التي أشرقت و هي تقف علي أطراف قدميها و كأنها تقفز برقة : _ أيوة جاهزة إن شاء الله ومتحمسة جدا يا فندم . لم يطاوع عقله وإبتسم على طريقتها الطفولية.. لاحظت إبتسامته الساحرة فقالت متعجبة: _ إيه ده إنت زينا بتبتسم وتضحك وكده؟! فوارى إبتسامته بسرعة وقال بصرامة : _ قدامي على الطابور . تطلعت إليه مطولا فهي المرة الأولى لها التى تراه مرتدى ملابسه العسكرية.. بدا بها جذابا للغاية بعضلاته المفتوله وسماره القاتل والذي إكتسبه من أشعة الشمس.. حيث ظهرت خمرية بشرته على ذراعيه من تحت التي شيرت ذو النصف كم.. لاحظ سامح تأملها له فإبتسمت عينيه بهدوء وقال بنبرته الجادة : _ أظن قلت قدامى على الطابور . أدت سهى التحية العسكرية وقالت بصرامة: _ تمام يا فندم . ثم وضعت يديها في جيبها وتقدمته و هي تهفو أمامه بخيلاء فرسة تعرف جيدا قيمة نفسها .. سار سامح خلفها بتريث... وعيونه اللامعه تعكس حالته المستائة من هيئتها المثيرة.. وقاوم بجهد كبير أن لا يجتذبها من شعراتها الغوغائية ويلقنها درسا لن تنساه على إثارة غضبه دائما.. ولكنه تنفس مطولا لكبح زمام غضبه لألى تبدو عليه الغيرة والغضب .. وقفت سهى بمكانها بالطابور بجوار ريان.. وقفت بصرامة كما يقف المجندون.. ثم بدأ الطابور بتعليمات وإرشادات من سامح.. ثم تحولت وجهتهم للميس. تناولت إفطارها مع ريان وبعض المجندين..فتسائل ماجد بضيق: _ سامح.. إنت ليه مش عايز سهى تاكل معانا . تنهد سامح مطولا وقال بجدية و هو يترك قطعة الخبز من يده : _ عاوزها تتعرف على شخصيات مختلفة من بيئات وثقافات غير اللي هي إتعودت عليها . فسأله باسم بتعجب و هو يلوك ما في فمه : ليه كل ده يا سامح ؟! رد بعيون هائمة مشتعلة وهو يتطلع إليها وإلى شغبها مع المجندين: _ لأن شغلها عجبني.. ولازم تتغير شخصيتها من بنت عادية زي أي بنت لجندى مقاتل.. مش بيفكر غير في مصر وبس.. مش في اللبس والمكياج والشعر والتفاهات دى . هز ماجد رأسه قائلا بإبتسامة ماكرة مطالعا نظراته لها : _ فهمت قصدك إيه كويس قوى . إنتهت وجبة الإفطار.. وعاد الجميع للطابور مرة أخرى.. وقد بدأت الشمس في نشر أشعتها الدافئة علي المكان بأكمله .. إقترب سامح من سهى وقال بهدوء : _ إقلعي الكاب اللي علي راسك ده . تقوس فمها بإبتسامة ساخرة وقالت بتلقائية : _ نعم يا أخويا ! إتسعت عيني ريان و عض علي شفته بترقب لردة فعل سامح الذي هز رأسه بعدم صبر وقال من بين أسنانه : _ إقلعي الزفت ده.. وكلمتى تتسمع من أول مرة مفهوم . قال جملته بصياح..تسرب معها الخوف لقلب سهی التي إنتفضت بوقفتها جعلت ريان يكظم ضحكته عليها بينما تطلعت إليه مطولا وردت بضيق: _ تمام يا فندم . زفرت بضيق وقالت في نفسها: _ لولا الناس اللي واقفين معاهم دول كنت عرفتك تمامك.. أبو شكلك . خلعت قبعتها عن رأسها و سارت خطوتين جتي لمعت بعقلها فكرة ماكرة و خلعت سترتها أيضا وضعتهم في مكان قريب وعادت لمكانها بهدوء .. تطلع إليها سامح بغضب.. بعدما خلعت سترها..وكانت ترتدى تحتها تی شيرت بنصف كم.. أظهر بياض ذراعيها المقزز ..تنفس مطولا كأنه ينفس نارا من أنفه.. فأى شئ ترتديه يصبح جذابا عليها.. خرج من شروده بها قائلا بإرتباك : _ حضرة الظابط ريان إبدأ الطابور . وقف ريان قبالتهم بهيئته الحادة الصارمة وقال بصوت جاهورى : _ صفا . أخذ جميع المجندين وضعية الصفا وقلدتهم سهى.. ثم أردف ريان قائلا: _ إنتباه . وهكذا ظلوا لبعض الدقائق.. حتى قال: _ إتقدم خطوتين للأمام مجند إسلام . تقدم أحد المجندين وقال حديث نبوى عن الشهادة.. ثم قال بعض الأبيات الشعرية عن حب الوطن كانت سهى في أسعد أوقات حياتها لتواجدها بجوار هؤلاء الأبطال .. خرجها ريان من حالتها قائلا: _ نشيد الجيش يا وحوش . إستمعت سهى للنشيد وقلبها ينبض كما لم ينبض من قبل.. ألهذا الحد يصل حبنا للوطن..حبا كامن بداخل كل شخص.. تطمسه الأيام والظروف.. ولكن وقت الحاجة لنا لا نتردد عن الفداء بعمرنا كي يظل هو .. إنتهى الجنود من النشيد فقال ريان بصوت يزلزل الكيان: _ تحيا مصر . ردت سهى بدون أن تشعر وقالت معهم: _ تحيا مصر . قال ريان لبدأ تمارين اللياقة الصباحية: _ هنبدأ التمارين يا وحوش بالجرى حوالين أرض الطابور..جاهزين ؟! أجابوه بقوة : _ جاهزين يا فندم . ركض أولا سامح وماجد وباسم.. ثم المجندين.. وسهى بجوارها كظلها كالعاده ريان.. إستمر الجرى لأكثر من نصف ساعة..إقتربت سهى من ريان وقالت بأنفاس لاهثة : _ هو إحنا بنجرى من مين .. أنا لو سيبتكم و هربت حد هيحس بيا . ضحك عليها وقال بمزاح ساخر : _ بما إنك البنت الوحيدة..فأكيد محدش هيحس بأي حاجة لا سمح الله . زمت شفتيها بحزن مصطنع وقالت لائمة: _ إخص عليك يا ريان بتتريق عليا . رد بإشفاق على حالتها المذرية و هي تجر ساقيها جر : _ لأ مش بتريق.. بس إجرى بسرعة شوية يالا . قالت وهي تتنفس بصعوبة و تضع كفها علي صدرها مستنجدة بالأكسجين كي يغذى جسدها بالشكل الطبيعي : _ مش قادرة بقا..ده تعذيب والله . إنتهى تمرين الجرى.. وقفت سهى تستجمع أنفاسها الهاربة مستندة علي أحد الحوائط.. ثم مسحت أنفها بأناملها.. وأبعدت خصلات شعرها المموجة والملتصقة بجبينها المتعرق للخلف بينما سامح يحترق من أي حركة تصدر منها .. وقف ريان أمامهم و قال بصوته الجاهورى المفاجىء للجميع : _ يالا يا وحوش تمارين الضغط . شهقت سهى بخوف وقالت و هي تشيح بيدها معتدلة في وقفتها : _ لا طريقكم أخضر.. قال ضغط قال على جثتى لو إتحركت حركة واحدة تاني . لم يتردد الجنود للحظة.. وإنبسطوا على الأرض وأدوا تمرين الضغط بحماس .. تطلعت سهى إليهم ببلاهة.. إقترب منها سامح وقال بصرامة: _ يالا . رفعت حاجبها وقالت بنظرات متحدية : _ يالا إيه إن شاء الله ؟! أشار لها بعينيه علي الجنود المنبطحين يتابعون أوامرهم بجدية قائلا ببساطة : _ إنزلى إعملي التمرين . إبتسمت وهزت رأسها.. وجلست على الأرض عاقدة ساقيها و مستندة بمرفقيها عليهما وقالت بهدوء : _ sorry i'm out نظر إليها كأنه يستلهم الصبر وقال بنبرة غاضبة : _ إتكلمى عربي..ويالا إعملي التمرين . _ تؤ تؤ . قالتها باقتضاب زاد من حنقه منها .. فقال بهدوء: _ براحتك..بس قومی بقا ربع ساعة جرى تانى . تجهم وجه سهى من أوامره الصارمة وقالت بثبات: _ لا برضه.. عليا النعمة ما هيحصل.. ده أنا جسمى كله إتفكك زى العربية اللي لبست في عمود كهربا . تعالت ضحكات ماجد عليها .. فإلتفت إليه سامح رافعا حاجبه فرفع ماجد كفيه معتذرا و عاد لمباشرة الجنود كاظما ضحكاته .. مال عليها سامح بحركة مفاجأة وهو يطالع عينيها بنظرات تحذيرية وردد بقوة : _ هتقومى تقفى ودى... ولا إنتي أدى ؟! إحتدت نظراتها تجاهه وقالت بتحدى غاشم : _ مش قايمة وهات آخرك معايا.. هتعملى إيه يعني ؟! إجتذبها سامح من ذراعها بالقوة أوقفها على قدميها وسط أنظار التعجب من الجميع وقال بحزم قاطع : _ يالا هتجرى ربع ساعة.. وإلا قسما بالله هخليكي تندمی . إقترب منهم ماجد وقال مستعطفا بهمس : _ خلاص يا سامح حرام ده أول يوم ليها..عديها المرة دى . أشار لها سامح بصرامة متجاهلا كلماته: _ إتفضلي يالا إجرى الربع ساعة . سحبت ذراعها من بين قبضته.. و قالت في نفسها: _ ربنا يهدك يا أخي... أنا مافيش قدامي غير إني أتخيل إن حاجة بخاف منها بتجرى ورايا.. زی..زى.. الديك صحيح.. مرة ديك جرى ورايا وعضنى في رجلى.. ودى أكتر حاجة خوفتني في حياتي.. يالا يا سهى إنتى قدها . إستعدت.. ثم نظرت خلفها وتخيلت هيئة الديك.. وهو يطاردها.. لتجد نفسها تركض بسرعة كبيرة.. تطلع إليها الجميع بتعجب.. فقال باسم بصدمة : _ إيه السرعة دى.. هي جرالها إيه؟! ارتسمت إبتسامة خفيفة على زوايا فم سامح.. وتطلع إليها بإعجاب من عدم إستسلامها و مقاومة تعبها .. إنتهت الربع ساعة ووقفت أمامه وقالت وهي تلتقط أنفاسها المتقطعة بصعوبة بالغة: _ لسه في حاجة تانية ؟! ببرود قاتل رد عليها سامح قائلا و هو يعقد ذراعيه أمام صدره مطالعا ايها من علو : _ إتفضلي من غير تعقيب إعملي التمارين زيهم . زفرت بضيق وقالت بعبوس : _ تمام يا فندم . أدت معهم بعض التمارين بإنهاك .. وتغاضي سامح عن الباقي عندما لاحظ نفور عروق رقبتها بشكل مبالغ به .. بعدما إنتهت تمارين الصباح.. وقف ريان وقال : _ یالا یا وحوش نص ساعه راحة . بعد إنصراف الجميع. إقترب ريان من سهى التي مازالت تجلس مكانها واضعة قبضتها تحت خدها وسألها عن سبب ضيقها فقالت وهي عابسة: _ نص ساعة بس راحة.. ده حرام والله . أضاف ريان لإغضابها أكثر بمزاح : _ وبعد الراحة هتقعدوا في الشمس فترة طويلة شوية .. شوية طويلة . إتسعت عيناها وإستقامت واقفة راسمة الجدية على ملامحها وقالت بذعر : _ طب أروح إدهن الصن بلوك بتاعي.. مش عاوزة بشرتي تلتهب . وصلت كلماتها لمسامع سامح فاقترب منها و قبض علي شعراتها من الخلف و لفها ناحيته قائلا بتعجب : _ سمعيني كده هتعملي إيه ؟! سن بلوك إيه اللى هتدهنيه ؟! وضعت ذراعيها في خصرها وقالت بسخرية: _ فيها حاجة دى كمان.. وباعدين أنا بيضا وبشرتي حساسة.. هتفرح بنفسك يعني لما ألتهب وأتشوه . كز سامح على أسنانه و شدد في قبضته على شعراتها قائلا بغضب: _ إتكلمي كويس أحسنلك . حاولت جاهدة أن تخلص شعراتها من قبضته و هي تتأوه حتي نجحت .. فإعتدلت في وقفتها وقالت وهي تحرك سبابتها في وجهه باستهزاء : _ بقولك إيه يا سيادة الرائد فكك منى تمام .. انا هنا ليا صلاحيات زيي زيك . قبض علي سبابتها بقوة وإقترب منها وعيونه تشع نارا.. وقال: _ ما تختبريش صبرى .. فاهمة ولا لأ . تطلعت إليه برجاء وقالت بصوت ناعم : _ طب ألبس الكاب طه . لاحظ إختفاء النمرة التي تشاطره الكلمة بالكلمة و النظرة بعشرة ..وحلت مكانها قطة وديعة تسليه آخر ذرات تعقله .. فقال بسرعة بعدما ترك سبابتها : _ لا برضه . تطلعت إليه بغضب.. وتركته وإبتعدت.. بعد إنتهاء فترة الراحة وقفت سهى مع المجندين.. في طابور التحميص كما أطلقت هي عليه.. فإنفجر ريان ضاحكا وقال بهمس خافت : _ طابور التحميص..جديدة دى . ردت عليه سهى بازدراء: _ ما هو إنتم بتحمصونا تحت الشمس.. ربنا يكرمكوا دنيا وآخرة يا أخي.. وأشوفكم متحمصين في جهنم . حك أنفه و هو يخفي ضحكاته ثم أعتدل في وقفته فجأة واضعا ذراعيه خلف ظهره بصرامة .. إلتفتت سهي تطالع سبب تبدله فوجدت قائد المعسكر يقترب منهم و معه رجال ذو شأن مثله .. أدى سامح التحية العسكرية له.. فتنبأت سهى أنه رتبة أعلى من سامح بكثير .. إقترب منها مباشرة وصافحها قائلا بود و إبتسامة بشوشة : _ منورة المعسكر يا فندم . إبتسمت وقالت يإرتباك من هيأته ذات الشأن : _ ده نور حضرتك يا فندم . أشار لها القائد أن تسير معه قائلا : _ ممكن تتفضلي معايا على مکتبی . ردت بسعادة بالغة بعدما جائتها فرصة التخلص من عذاب سامح لها وقالت بإبتسامة متسعة : _ طبعا يا فندم تحت أمرك . تقدمها القائد.. فإلتفتت لسامح.. وحرکت حاجبيها له بطريقة ساخرة.. وإبتسمت بخبث وتركته مبتعدة بخيلاء تتبعها عيون الجميع .. بينما زفر سامح بغضب و قال : _ هتروحي منى فين.. أنا هوريكي . مال عليه ماجد و سأله بتعجب : _ بتقول حاجة يا سامح . أشاح له سامح بيده و هو يتوعدها .. إنتهت جلستها مع القائد والتي قاربت من الساعتين تشاوروا بها عن كل ما توصلت له و رؤيتها للفترة القادمة .. عادت لأرض الطابور مرة أخرى.. وقفت أدت الصفا والإنتباه معهم .. وبدأوا في فك السلاح وإعادة تركيبه مرة أخرى بطريقة جذبت إنتباهها بشدة و وقفت تتابع ما يفعلوه بشغف حتى إنتهوا.. في الساعة الثانية.. لف الطابور على الميس لتناول وجبة الغداء.. جلست على طاولة بجوار ملاكها الحارس.. وقالت متألمة و هي تمسد رقبتها بوهن : _ أنا تعبانة قوى والشمس مدوخانی . طالعها ریان بقلق و سألها مسرعا : _ تحبى نروح للدكتور يشوفك ؟ ردت مسرعة: _ لأ.. أنا هاخد مسكن وهبقى كويسة .. بس الغدا يجنن . إبتسم ريان لها وقال: _ بالهنا والشفا . إنتهت من وجبة غدائها.. وعادت لغرفتها لراحة ساعتين.. إغتسلت بماء ساخن..حتى تريح عضلاتها.. وجلست على مكتب بغرفتها.. وبدأت تعمل على حاسوبها بعد ما زودت بمعلومات و إحداثيات هامة من قائد المعسكر .. إنتهت فترة الراحة ولم تشعر من إنهماكها في عملها.. إنتبهت لطرقات على بابها.. فتحت فوجدت سامح تطلع إليها بقوة وقال: _ إتأخرتي ليه عن الطابور ؟! سحبته من يده في حركة مفاجئة وأدخلته لغرفتها.. تطلع لكفها وهو يحتضن كفه برقة جعلت قلبه ينتفض بمشاعر إعتقد أنه طمسها بداخله إبتلع ريقه بتوتر وهو متعجب من فعلتها الجريئة و الجميلة بشكل لا يوصف .. أفاقته من طوفان هيامه بلمستها الساحرة و هي تقول بهدوء : _ عاوزة أوريك الرسايل اللي قدرت أفك شفراتها.. دى مهمة جدا . تركت يده.. وجلست على مكتبها تطالع حاسوبها بجدية.. وقف ورائها وهو يتطلع لحاسوبها بإهتمام.. وعطرها يلعب بأعصابه او ما تبقي منها بوقاحة .. تمالك سامح مشاعره.. ودقات قلبه القوية.. وإستمر نقاشهم لنصف ساعة وهو سعيد بما توصلت إليه.. فإعتدل بوقفته بعدما لمعت عينيه وقال بحماس: _ حلو قوى.. كملى وأى جديد عرفينى فورا.. وأنا لازم أعرف القيادة بالمستجدات دى حالا . وقفت وأغلقت حاسوبها وقالت وهي تعقد شعراتها : _ تمام.. أنزل أنا بقا الطابور . رد مسرعا..بعدما لاحظ إرهاقها : _ لأ كملي شغلك إنتي وبلاش الطابور . إبتسمت وقالت وهى ترتدى سترتها ناثرة شعراتها المعقودة ..والذي يعشقها وهي تهفو خلف عنقها : _ مش هينفع أفضل شغالة على الرسايل دى فترة طويلة.. ممكن يحسوا بيا وننكشف.. أشوفك في الطابور . تركته وخرجت.. فإبتسم وقال بحزن : _ سامحيني ولو بقسى عليكي.. بس ما ينفعش تحبى واحد الشهادة نهايته . وقفت في الطابور.. وأدت معهم بعض التمارين... وأدوا تحية العلم.. ثم إنصرفوا ..................................................... وقف الجميع أمام الحافلة يتسامرون بسعادة.. تمم أدهم على الطلاب جميعهم و تأكد من حضور الجميع بالموعد المحدد .. صعدوا جميعا للحافلات ثم صعد بجوار فريدة.. بينما مازن وياسين وعمر وحياة ومى بسيارة تتبعهم .. إقتربت ليلى من فريدة وهي تدس رأسها بينها و بين أدهم من المقعد الخلفي وقالت بتعجب : _ بس العدد كامل ما شاء الله ! ردت فريدة بإبتسامة هادئة : _ دى رحلة لمطروح يا بنتي ..مين هيرفضها . اومات ليلي برأسها بالإيجاب وقالت: _ في دي عندك حق . دفع أدهم وجه ليلي للخلف مجددا و هو يقول بمزاح : _ شوية كده علشان النفس معلش . ضحكت ليلي و عادت لجلستها و هي تهز رأسها بيأس .. إعتدلت فريدة في جلستها..وقالت لأدهم بإبتسامة رائقة : _ أنا مبسوطة قوى.. دى أول مرة أطلع رحلة.. والأحلى إنه إنت معايا . مال ناحيتها قليلا وقال بنبرة صوته الهادئة: _ وإن شاء الله هفضل معاكى على طول . ردت بسعادة : _ يا رب.. ده أنا عاملالك بروجرام سیاحی يجنن . غمز لها بعينه وقال وهو يحدجها بحب: _ عقبال بروجرام شهر العسل.. أهه ده اللى هيجنن صوح . إبتسمت فريدة بخجل و عادت بعينيها لمطالعة الطريق من نافذة الحافلة .. ..................................................... إنتهت سهى من تناول وجبة العشاء.. وجلست مع ريان.. حيث تحداها في لعب الشطرنج.. أخذت تلاعبه بجدية..حتى سألته بفضول: _ ريان هو إنت بتحب و مرتبط و كده ؟! فكر قليلا وقال ببساطته : _ أيوة . رفعت عيناها ناحيته وإبتسمت بمكر وسألته بفضول : _ هي مين وإسمها إيه بسرعة ؟! إبتسم هو الآخر وقال وهو يتطلع لقطع الشطرنج بتركيز : _ هي بنت خالتي.. وإسمها تقى . حرکت سهى إحدى القطع وقالت : _ إسمها حلو قوى.. وهي عارفة إنك بتحبها . تنهد باسى وقال بشرود : _ أنا عمرى ما قولتلها قد إيه بحبها.. بس متأكد من إنها بتحبنى زى ما بحبها وأكتر . قطبت سهى حاجبيها وطالعته بتعجب: _ طب ليه مش بتقولها.. ده حتى الحب أحلى حاجة في الدنيا . ازدردر ريقه بصعوبه وقال بملامح حزينة : _ عارف بس في حاجات كتير منعانى.. ومعنديش الجرأة أقولها رغم نظراتنا اللي كلها كلام . ضحكت سهى بصوت عالى وقالت بمزاح ساخر : _ اللي يشوفك وإنت ممشى الطابور زي الساعة.. ما يتخيلش قد إيه إنت رقيق كده . غمز لها بعينه وسألها مستفهما: _ وده بقى مدح ولا زم ؟! رفعت رأسها نحوه..وقالت بثقة: _ الأكيد إنه إعجاب.. إنت إنسان جدا.. وأكيد ربنا كاتبلك سعادة ما تتخيلهاش . فجائها قائلا: _ كش ملك . طاطات رأسها بحزن وقالت: _ إنت خدتنى على خوانة.. دى مش أخلاق لاعيبة على فكرة . ضحك عليها وقال و هو يعود بظهره لمقعده : _ بكرة يا ستي هسيبك تكسبيني.. قوليلي بتحبى تقرأى ؟ رفعت حاجيها وقالت متعجبة من سؤاله المفاجىء : _ حلو السؤال.. أيوة يا سيدى بحب أقرأ طبعا . فسألها بفضول: _ إيه آخر كتاب قرأتيه مثلا ؟ ردت مسرعة: _ أنا بقرأ في رواية رغم إنى مش بحب أقرأ روايات بس بقالى فترة حابة أعيش جو الروايات الرومانسي ده.. وإسم الرواية.. قطة في عرين الأسد . صمت ريان قليلا كأنه يتذوق إسم الرواية.. ثم قال بنظرات ذات مغزى : _ إسمها حلو بتفكرنى بيكي.. هحاول أقرأها بيوم إن شاء الله .. يالاقومى على أوضتك إرتاحي شوية والساعة عشرة نوم مفهوم . وقفت أمامه وأدت التحية العسكرية وقالت: _ تمام يا فندم . تركته لشروده و هو يعود لحبيبته الصغيرة الخجولة و التي لا تفارق عينيه كلما تطلع لسهي فهما نفس الملامح تقريبا .. توجهت لغرفتها فقابلت سامح الذي دائما ما تبحث عن معنا لنظراته التي تبتلعها تلك و لن تجد .. إقتربت منه بإبتسامة هادئة وقالت بتوجس : _ ممكن أسألك سؤال يا سيادة الرائد ؟ أجابها ببرود وهو يضع يده في جيب بنطاله: _ إتفضلى . أخذت نفسا عميق وزفرته مرة واحدة وسألته قائلة: _ إنت ليه بتحاول تموت الإنسان اللي جواك.. ليه دايما بشوفك سيادة الرائد.. نفسى أشوف سامح اللى مخبيه ورا الأوامر والشخط والنطر زى باسم و ماجد و ريان كمان . صمت ولم يرد وهو يتطلع إليها متعمقا في دفء عينيها الساحر .. إبتسمت بسخرية وقالت بهدوء : _ يالا تصبح على خير . دلفت لغرفتها.. وتطلعت إليه بإبتسامتها الساحرة ..وأغلقت الباب ورائها.. ظل واقفا مكانه حتى تنهد قائلا بأسى : _ عندك حق.. بس أنا إتحرمت من حنان أمى فكبرت راجل وعمرى ما كنت طفل.. فا سامح الإنسان هو الرائد . ..................................................... وصل الجميع لمطروح.. دلفوا للفندق أعطى أدهم لكل مجموعة مفاتيح غرفهم .. بينما جلس هو وفريدة مع أفراد عائلتهم وعمر وليلى .. _ رغم إن المسافة مش كبيرة.. بس هموت وأنام . قالتها فريدة بتعب.. فردت ليلى بسعادة: _ أحلى حاجة إننا هنبقى مع بعض في أوضة واحدة . إحتضنتها فريدة وقالت بحب: _ عندك حق يا لولة.. ده كان حلمنا من وإحنا صغيرين . تطلعت ليلى لياسين الذي يتجاهلها تماما و ينهمك بالعبث في هاتفه .. وعادت بعيونها لفريدة مرة أخرى وقالت: _ بس أحلى حاجة بجد لمتنا كلنا.. مش كده يا ياسين ؟! رفع رأسه عن هاتفه وتطلع إليها ببرود وقال بجمود قاسي : _ إشمعنا أنا دونا عن الناس دى كلها اللي سألتيها؟! آلمتها كلماته.. ووقفت محرجة وقالت بضيق : _ هتيجى معايا يا فريدة ولا آخد مفتاحي وأسبقك ؟ ردت فريدة بخجل من تصرف ياسين الفظ و هي تطالعه بلوم قائلة: _ لا هاجی معاکی.. يالا بينا . تطلع أدهم لياسين بعتاب وقال: _ حرجتها يا أخي.. وباعدين مالك بتكلمها ليه كده ؟! تركهم وإبتعد دون تعليق.. صعد كلٍ لغرفته، بينما ظل ياسين جالسا أمام البحر شاردا ..فيها.. فيه.. في تصرفه الوقح.. و هو يقذف الحصي بالبحر منفسا عن ضيقه .. إقترب منه مازن و جلس بجواره علي الرمال وقال بهدوء : _ بتحبها مش كده ؟! تنهد ياسين بألم و طالعه قائلا بحزن : _ قول بعشقها.. بموت فيها.. مش بتمنى من الدنيا غيرها.. هي حلم عمرى اللي ماحلمتش بغيره.. كلمة بحبها دى قليلة قوى على اللي حاسه يا مازن . تطلع إليه مازن بغرابة.. ثم سأله بجدية: _ مش يمكن يا ياسين دى مشاعر مؤقتة وهتروح مع الوقت.. دى أكبر منك في السن ؟! إغتاظ ياسين من سؤاله فقال لائما بنبرة محتدة : _ إنت كمان يا مازن هتقولی کده . تطلع إليه مازن متعجبا وقال بقلق : _ إنت قولت لحد تانی موضوعك ده ؟! اوما برأسه وقال بصرامة: _ أيوة قلت لليلى كل حاجة.. وهي كمان فکرانى مش بحبها بجد للأسف . ربت مازن على ساقه وقال بتعقل : _ طب فكر تاني یا ياسين . إبتسم ياسين بسخرية وقال و هو يطالع الأمواج : _ عمرك ما هتحس بيا لأنك عمرك ما حبيت زيي . ضحك مازن ضحكة عالية وقال و هو يقبض علي الرمال بكفه ثم يتركه ينساب من بين أنامله : _ أنا كمان واقع لشوشتي زيك... بس تخيل موضوعك ده أسهل من موضوعي بكتييييير . إعتدل ياسين في جلسته.. وقال متعجبا: _ أوبا بقا.. مازن المهدى بجلالة قدره حب وطب.. هي مين حد نعرفه؟! حرك مازن رأسه نافيا وقال بتنهيدة طويلة : _ لا.. دى بنت بشوفها في النادى.. في الأول كنت فاكر نفسى معجب بيها وخلاص.. بس حسيت إني لازم أشوفها كل يوم.. لغاية ما إعترفت لنفسى إنى بحبها بجد . سأله ياسين ببديهية: _ ما ده تمام أهه ..فين المشكلة بقا؟! تنهد مازن بأسى وقال و هو يفرك أعلي أنفه بألم : _ يكفيني إنى أقولك إن إسمها ... كريستينا . جحظت عينى ياسين حتى كادا أن يخرجا من محجريهما.. وقال بصياخ عالي : _ مسيحية ! اجابه مازن بالم وقال : _ أيوة..علشان تعرف إن مشكلتك دى مش مشكلة خالص وتتحل بكلمة من ليلى وعمى جاسر.. إنما أنا بقا محتاج الهلال الأحمر . ضحك ياسين وقال و هو يدفعه قليلا بيديه : _ ليك نفس تضحك يا عم إنت و أنا اللي بقول عليك كبير و عاقل .. طب ما تلحق نفسك وتبعد..إنت لسه على البر . تطلع مازن ناحية البحر ..وحرك رأسه قائلا: _ ما هو أنا جيت هنا علشان أعرف أفكر من غير ما أشوفها وأضعف . سأله ياسين بمكر: _ هي حلوة يا مازن . إبتسم مازن وكأنه يراها أمامه وقال بلهفة: _ أنا بشوفها ملاك هربان من الجنة.. جمالها هادى قوى... بونبوناية يا معلم . طالعه ياسين بجديو و باغته قائلا : _ طب وهي بتحبك ؟! زم مازن شفتيه وقال متحيرا: _ مش عارف.. كل ما تشوفنى تبصلى قوى ..مش قادر أفسر نظراتها الحزينة ليا إيه.. هي بتلعب إسكواش.. وهتلعب على بطولة مصر قريب . ربت ياسين على كتفه وقال: _ يالا نقوم ننام أحسن.. محدش عارف بكرة مخبي لينا إيه . أسرع ياسين قائلا و هو يتمدد علي الرمال و يطالع السماء : _ قوم إنت انا عاوز أقعد شوية لواحدى . حرك ياسين كتفيه و تمدد بجواره مطالعا النجوم في صمت واضعا كفيه تحت رأسه و كلا منهما في عالم آخر .. وقفت ليلي في نافذتها و عقلها يكاد يجن من كثرة التفكير .. لماذا لم تتركه عيناها لماذا إستعدت في هذه الرحلة بسعادة فقط لكونها ستراه .. هل لأنها جرحته بكلامها و أرادت الإعتذار منه عن أمر ليس لها ذنب به .. أم لأنها موقنة بصدق مشاعره و هذا ما لامسها و تعمق بجزء بات يراه بشكل آخر و يري به مواطن جمال و رجولة لم يكن يراها من قبل .. إبتسمت بخفوت و هي تتذكر يوم حاول أحد الشباب التودد لها بالجامعة و عندما رفضته حاول أن يعترض طريقها بمرة فوجدت ياسين يقف بينهما فجأة و كأن الأرض قد إنشقت و خرج هو .. لم يتحرك من مكانه حركة واحدة و خلال ثواني كان هذا الشاب ملقا تحت قدميها يطلب منها الصفح و المغفرة و من بعدها لم يقترب منها أحد و كأنه صنع حولها هالة يخشي من الإقتراب منها أي متطفل .. كانت تتأمله و هو ممدد علي الرمال بجوار ياسين و رغم أن ياسين يكبره بستة سنوات إلا أنه لا يختلف عنه بشىء في التكوين الجسماني .. شعرت بنبضات غريبة تصدر من قلبها الذي كبل ساقيها بالأرض كي لا يبتعد عن تأمل نومته و كأنه يخبرها أنه الآن لا يطالع السماء و لا يغازل النجوم بل يرسمها أمامه بشعراتها الصفراء الناعمة المموجة و الهواء يداعبها دائما و إبتسامتها التي تنافي رقتها بقوتها و إتساعها .. لم يشعر بنفسه و هو يقول بهمس : _ بحبك . إلتفت ياسين برأسه ناحيته متعجبا ثم ما أن لبث و طالع شروده العميق هز رأسه بيأس و جلس قليلا ثم إستقام واقفا و هو ينفض كفيه و ملابسه من حبات الرمل التي إلتصقت به تاركا ذلك الهائم بعالمه الذهبي و كأن الشمس أشرقت بهذا الليل الكالح السواد .. و لكنها أشرقت بعينه و قلبه . .................................................... في اليوم التالي إستيقظت سهى على طرقات عالباب تطلعت حولها.. لم ترى شروق الشمس بعد فتمطأت بكسل لتعود الطرقات مرة آخرى و تصدح برأسها .. نفضت الغطاء من فوقها و وقفت وفتحت الباب وقالت و هي تتثائب و تحك رأسها بنوم : _ بتصحيني بدري ليه كده يا ريان. إتسعت عينها التي تخلت عن رداء النوم و عدلت من شعراتها و هندامها و قالت بتعجب : _ مين سامح ! حدجها سامح بغضب و عينيه تتشرب قسمات جسدها بحاجبين مرتفعين وقال بصياح : _ وإنتى إن شاء الله بتفتحى لريان عادى وإنتي لابسة كده يا هانم . تطلعت سهى لهيأتها وقالت وهي تتماسك قبل إعلان إنهيارها إن لم يتوقف عن تحديجها بلهفة ممررا عينيه بوقاحة علي مواطن أنوثتها : _ ماله لبسی ده ترییننج عادی وبروح بيه النادى . تشنجت تعابيره مرددا بعصبية : _ لا والله عادي یعنی... ده لازق فیکی و كأنك رشاه علي جسمك .. إنتي مش بتتكسفى يا بت إنتي ؟! تطلعت سهى نحوه بتعجب.. منذ أن فتحت الباب وهي تستشعر غيرتهو أيضا إعجابه بجمالها .. والتي زادت من لمعة عينيه والتي تعشقها و تعشق طريقة تعبيره بها عن إعجابه .. تمالكت قليلا وزفرت بضيق وقالت بعبوس مصطنع : _ أوووووف...عاوز إيه دلوقتی یعنی ؟! إكفهر وجهه وقال بسخط و هو يميل برأسه ناحيتها : _ نص ساعة وتبقى تحت.. مفهوم . تطلعت حولها وقالت بتثاؤب : _ هي الساعة كام أصلا.. الفجر أذن . رد عليها سامح بعبوس: _ أيوة . حرکت رقبتها بإرهاق فهو لم يرحمها قبل نومها و لم يترك عقلها كي تهنأ بنومتها بعد هذا اليوم المتعب لساعة متأخرة و ها هو يأبى راحتها صباحا .. أومأت برأسها وقالت بهدوء : _ طب هاخد شاور وأصلى وهنزل.. بس مصحيني بدرى ليه.. حرام عليك يا أخي ! صاح بها قائلا بغضب من كلماتها التلقائية: _ إيه أخي دى إنتي هتصاحبيني .. إتكلمي كويس . لم يرمش لها جفن وردت بقوة أصبح يعشقها.. بل إنه يتعمد إغضابها ليراها من بين نظراتها: _ ما هو أنا مستنية واحد زيك يعلمني أتكلم إزاى. دفعته بيدها عن محيط الباب و قالت بضيق : _ إتكل على الله أحسن لو سمحت الواحد لسه ما فاقش . رفع سامح أحد حاجبيه بمكر.. و هو يشعر بإنقباضه كل عضلات جسده مع لمستها وزادت إبتسامته الساخرة والتي باتت تعشقها.. وتعشقه بكل تفاصيله قائلا و هو يعود للخلف خطوتين بظهره مبتعدا عنها : _ مسيرى هقصلك لسانك ده.. بس كله بوقته . أجابته بلهجة لم يبدو بها تأثرها بنظراته المتناقضة : _ طب بقولك إيه.. صباحك نادى وكله لعيبه... يالا طريقك أخضر خلينا نشوف اللي ورانا . وأغلقت الباب.. وقفت ورائه وهي حزينة علي طريقتها الجافة معه.. فهو من يضطرها أن تظهر عكس ما تشعر به.. تنهدت بأسى وقالت: _ ليه إنت اللى إتعلقت بيك كده.. أوف بقا بحبك یا رخم. تذكرت تحديقه بها و لحظات اللهفة التي تقتلها حرفيا .. لو تحولت تلك اللحظات الصغيرة لعمر سيحيوه سويا من المؤكد ستصاب بالجنون أو لن يحتمل قلبها و ربما يستسلم من تعبه .. إغتسلت وتوضأت وصلت فرضها ..ثم جففت شعرها وجعدته وعقدته كذيل حصان وإرتدت بذلتها العسكرية ووضعت عطرها ..وإرتدت حذاء ریاضی.. ونزلت للميس جلست بجوار ريان وقالت بوجه مكفهر علي غير عادتها : _ صباح الخير عليكم . _ صباح النور يا فندم . سألها ريان بقلق من عبوسها : _ إنتي مانمتيش كويس ولا إيه ؟! إعتدلت في جلستها وقالت بكسل: _ لا كنت شغالة على الكمبيوتر لمتأخر.. بس عادي أنا مش خم نوم أصلا. ضحك ريان وقال و هو يناولها صينية فطورها : _ علیکی کلام مسخرة بيموتني ضحك . إرتكنت بذقنها على كفيها وقالت بسخرية : _ مش عارفة كلامي مش عاجبكم كلكم النهاردة ليه ؟! سحب كفيها من تحت ذقنها و حثها على الأكل متسائلا بتعجب : _ قصدك مين بكلنا ؟ إلتفتت برأسها ناحية ذلك الذي يأكلها بعينيه و إلتزمت الصمت و هي تبادلته نظراته بنظرات أعمق .. إبتسم ريان بمكر و عاد لتناول فطوره متذكرا صغيرته البريئة .. تقى . بعد الإفطار توجهوا للطابور.. وقفت مكانها.. وتطلعت لريان بإبتسامة هادئة .. أدوا الروتين اليومي الصباحي وبدأ تمرين الجرى.. لم تتنمر هذه المرة.. وأدت بعض تمارين اللياقة معهم.. ثم أعطاهم سامح ساعة راحة.. جلست سهى مع ريان وبعض الجنود.. وقالت بتعجب : _ مستغربة أنا الراحة ساعة كاملة.. يا رب دايما. ضحك أحد المجندين وقال بسخرية : _ ما هي لازم تبقى ساعة.. إحنا بعدها هنروح ميدان الإشتباك يا فندم . رفعت حاجبها متعجبة وقالت بقلق : _ إيه ده.. يعنى إيه إن شاء الله ! أجابها ریان موضحا و هو يبتسم بعبث : _ يعنى هنفشفش بعض واللي هيعيش مننا.. ده الخلاصة . شهقت قائلة بخوف : _ نهار إسود وأنا معاكم في المعمعه دى إن شاء الله ؟! أجابها ريان مطمئنا: _ أكيد طبعا.. بس ماتقلقيش .. هبقى أنا معاكى . مطت شفتيها وقالت ساخرة: _ إسم الله.. كده أنا إتطمنت يعني.. إنت وقت الجد بتقلب يا سي ريان . تعالت ضحكاتهم جميعا بينما أجابها ريان بمزاح : _ قولتلك ما تخافيش بقا . صفعت وجهها بيدها و قالت بملامح متهدلة : _ يا ريان ده انا بقف جنبك علشان أشتخبي فيك من الشمس .. متخيل فرق الحجم يا عم إنت ! لاحظت باسم وماجد.. فوقفت مسرعة وتوجهت ناحيتهم وقالت بإبتسامة باردة : _ های.. عاملين إيه من غيرى.. أكيد مرتاحين صح ؟ إبتسم ماجد وقال بهدوء : _ لا بالعكس.. وحشنا خناقك إنتى وسامح . ردت مسرعة: _ ما تقلقش. زى ما إحنا.. لسه متخانقين من ساعتين . فقال لها باسم بضيق: _ مش عارف بينكم طار ولا من فوق روس بعض.. مش قادر أفهمكم و الله . ردت سهى و هي تشيح بيدها و تطالعهم برجاء : _ سيبك منه .. المهم أنا عاوزة أزوغ من المعركة اللى هتحصل كمان شوية دى.. إنتوا مش شايفين فرق الحجم بيني وبينكم.. إتقوا الله فيا مش كده . أتاها صوت سامح من ورائها قائلا: _ مش عاملة فيها الواد طلبة القهوجي.. وعمالة تقولى صباحك نادى وكله لاعيبه.. وعاملة فيها صايعة.. ورينا بقا شطارتك . تعالت ضحكات ماجد و صفع كفيه ببعضهما و قال بسخرية : _ طلبة القهوجي .. أنا إعتمدت الإسم ده خلاص مش هقولك يا سهي تاني هقولك يا طلبة . لم تعره إهتمام وقالت و هي تنصرف بخيلاء : _ يالا سلام يا رجالة.. أشوفكوا في العاركة . حدجت سامح بغرور .. ومضت.. تطلع إليها سامح بإبتسامة وعض على شفته السفلى بلهفة.. إقترب ماجد من باسم و أشار له بعينه عليهما وقال: _ عليا النعمة بيحبها . طالعه باسم باستغراب قاطبا حاجبيه : _ مين سامح ؟! لا واسعة شوية أو شويتين تلاتة . حرك ماجد ذراعيه و قال بثقة : _ أنا أهه .. وإنت أهه ..والزمان أهه بينا أهه . إنقضت الساعة.. وتوجهوا لميدان الإشتباك و سهي تبتسم بمكر و تتذكر كل تمارين الكونغ فو و الكارتيه و التي تميزت بهم عن أقرانها من الشباب و هي تمرن قبضتيها كما تعلمت بالبوكسينج .. ..................................................... وقفت فريدة أمام المرآة ترتدى حجابها.. إقتربت منها ليلى وقالت بحزنو هي تناشدها برجاء : _ مش عاوزة أنزل يا ديدة.. إنزلى إنتى أنا مش في المود و الله خالص . التفتت إليها فريدة نصف إلتفافة وقالت بضيق: _ كل ده علشان ياسين.. من إمتى بتزعلى من هزاره البايخ ؟! زفرت ليلي بضيق بعدما تمرد قلبها مجددا مع سماع إسمه و تركتها مبتعدة و عادت لفراشها وقالت و هي تضم ركبتيها لصدرها : _ مش موضوع ياسين.. أنا عاوزة أقعد لوحدى شوية مش أكتر . حركت فريدة يدها بالهواء وقالت بعصبية: _ إنتي حرة.. أنا هنزل أتمشى على البحر شوية . تركتها فريدة.. وذهبت للبحر هاتفت أدهم.. فأخبرها أنه يحتاج بعض الوقت لينزل إليها.. سارت قليلا، مستمتعة بنسمات البحر الساحرة.. أغمضت عيناها مستمتعة بالأجواء حولها.. فأتاها صوت عمر قائلا: _ صباح الخير . إلتفتت إليه..ثم حدجته بغضب وقالت: _ أهلا . فقال عمر مازحا و هو يقف مقابلا لها : _ آآآآه.. من أهلا دى أعرف إنك لسه زعلانة منى صح ؟! رسمت إبتسامة زائفة على شفتيها وقالت: _ مافيش بينى وبينك حاجة علشان أزعل أو ما ازعلش... عادی یعنی . ظل صامتا يتطلع إليها.. وهو ينحت ملامحها الرقيقة داخل داخل قلبه.. ثم إبتسم قائلا بهيام: _ یعنی خلاص بقينا أصحاب . إبتسمت فريدة بسخرية وقالت بنظرات قوية : _ لا إخوات أحسن .. عموما بعد إذنك . تركته وإبتعدت.. وهو يتبعها بعينيه بل بقلبه.. يعلم أنها ليست له.. ولكن قلبه تعلق بها.. بل عشقها .. وقفت حياة بجواره.. وقد لاحظت نظراته المتابعة لها بلهفة جعلته لا يشعر بإقترابها منه ... إبتسمت بمكر وقالت بإقتضاب حاسم : _ بتحبها صح ؟! تطلع صوبها بغضب وقال وهو يبتلع ريقه بصعوبة من توتره: _ إنتى إتجننتى يا آنسة.. حب إيه وبتاع إيه ؟ أومأت برأسها وقالت مكملة حديثها بثقة: _ عارفة ومتأكدة إنك بتحبها.. وعجباك من أول يوم شوفتها فيه . رد عليها عمر وهو منصرف بعيدا عنها: _ لأ بقا إنتي زودتيها قوى بعد إذنك . قالت حياة مسرعة لإيقافه: _ طب واللي يخليك تتجوزها ؟ تصنم مكانه لثواني ثم إلتفت إليها و هو يطالعها بتعجب ثم خرج عن صمته و قال بتلعثم : _ إنتي .. إنتي بتقولي إيه ؟! إتسعت إبتسامتها و أجابته و هي تعبث بالرمال بطرف حذائها : _ قولت اللي سمعته كويس . لاحظت وقفته المتوجسة فرفعت رأسها ناحيته و تعمقت في عينه الزرقاويتين و قالت بتأكيد : _ أيوة.. أنا الوحيدة اللي أقدر أساعدك.. بس لازم تسمع اللي هقوله أو يمكن إنى فهمت غلط خلاص بقا .تركته والتفت مبتعدة منتظرة ردة فعله فقال بسرعة جعلتها تضيق عيناها بخبث : _ إستنى لو سمحتي . ضحكت بمكر.. ثم التفتت إليه.. فأردف قائلا بقلق : _ إنتى عاوزة إيه بالظبط ؟! عبست قائلة بغضب إرتسم بشر مريب علي ملامحها و التي كانت رقيقة منذ لحظات : _ عاوزة فريدة تبعد عن أدهم علشان بحبه وعوزاه ليا أنا . ضحك ضحكة عالية وقال و هو يقترب منها بخطوات بطيئة : _ كده أنا فهمت.. وإنتى بإيدك إيه تعمليه يا قطة ؟ رفعت حاجبها بغرور وقالت: _ لا بمساعدتك.. بإيدى كتير قوى . فكر قليلا وقال بخوف: _ بس أنا لو ساعدتك إنتى هتكسبي أدهم وأنا هخسر فريدة . ضحكت ضحكة ساخرة وقالت: _ لا بقا بالعكس.. عموما اللي في دماغي يخلى العيلة تجوزك فريدة وقتي يا معلم . سألها باهتمام وحماس: _ ده اللي هو إزاى ؟! إقتربت حياة منه وقالت بهدوء: _ قولتلى إزاي......