شعور من الضيق و فقدان الشغف قد تملك منها و هي تتطلع علي المقاعد خلفها بترقب أكثر مت تطالع الحائط الذي أمامها و التي تسدد كرتها ناحيته بكل غضب .. أوقفها مدربها قائلا بتعجب : _ كريستين إنتي كويسة ؟! جففت عرق جبهتها بمجففة العرق التي ترتديها حول معصمها و قالت بلهاث : _ أيوة يا كوتش كويسة . حمل مضربه علي كتفه و قال : _ بقالك يومين مش مركزة و سرحانة .. احنا داخلين علي بطولة الجمهورية للاسكواش مش هزار . هزت رأسها بتفهم و قالت : _ ما تقلقش يا كوتش انا بس متلخبطة اليومين دول مش عارفة ليه ؟ هاخد لو سمحتلي بكرة أجازة يمكن ذهنيا أرتاح . حرك كتفيه بتسليم و قال : _ تمام موافق بس بشرط ترجعي زي الاول مش هقبل اي اعذار . نكست رأسها و قالت بصوت وهن : _ حاضر يا كوتش ما تقلقش .. بعد إذنك . حملت حقيبتها و منشفتها و خرجت و هي تتطلع علي المقاعد بحزن .. هل تركها و إستغني عن تواجده الدائم كي يشاهدها ؟ هل إكتفي منها ؟ هل هو بخير ؟ العديد من الاسئلة تدور برأسها و لا تجدد اي مبرر لإختفائه الغير مبرر .. نعم لم يتحدثوا سويا من يوم شجارهما و لكنه كان دائم التواجد حولها كظلها .. بصمت .. لقد كانت قبلة ساخنة.. ولكنها سريعة أيضا.. بعدما دفعته فريدة عنها بالقوة.. تطلعت له بغضب وصاحت به وهي ترتجف: _ إنت حيوان وواطي.. قسما بالله لأخليك تندم . إقترب منها عمر بسرعة.. وقال موضحا: _ بحبك والله بحبك.. غصب عنى يا فريدة نفسى تحسى بالنار اللي جوايا . قالت بصراخ وهي تلكمه تارة وتصفعه تارة وتركله تارة أخرى: _ إخرس خالص يا كلب.. مش عاوزة أسمع صوتك نهائي . تألم من ضرباتها الغاضبة وقال وهو يحاول السيطرة على يديها: _ طب إهدى بس... مش هعمل كده تانی بس افهميني . رجعت بظهرها للوراء متقززة من لمساته.. وقالت بغضب هادر: _ وإنت هتشوفنى فين تانى... أنا هحكي لأدهم ومازن عنك وهخليهم يجبولى حقى منك يا كلب . إبتعدت عنه وهي تبكي بمرارة وترتعش من خوفها.. من سرعة مشيتها كانت ستقع أكثر من مرة.. كلما تذكرته وهو يقبلها تشمئز من نفسها.. أخذت تفرك شفتاها علها تزيل آثاره عنها.. حتى إصطدمت بمازن... الذي ما أن رأى دموعها وحالتها حتى سألها بقلق: _ مالك يا فريدة.. بتعيطي ليه ؟! إرتمت بحضنه علها تهدأ و هي تنتحب بخوف قابضة علي قميصه بقوة ..ضمها إليه وربت على ضهرها بقلق فأتاهما صوت أدهم قائلا بمداعبة ساخرة : _ خطيبتي ومازن.. الرحمة يا رب.. بتخنوني ياخونة.. أنا لازم أخد بالطار... البندقة يا هريدي . كانت لكلماته المازحة وقع المهدئ لفريدة .. فإن أخبرتهم بما فعله عمر.. من المؤكد ستخسر الإثنان... فالعرق الصعيدى لم يتركهما رغم التعليم والسفر وسيثأران بلا شك و لن تضمن ردة فعلهما .. إبتسم مازن وقال وهو يتطلع لأدهم: _ خضتني يا كابتن... تعالى شوف خطيبتك اللي هارية نفسها من العياط دى . رد أدهم مازحا.. علها تهدأ: _ طب وسع خلينى اطبطب عليها زيك . رفع مازن حاجبه بغضب وقال: _ زيى من أنهي إتجاه.. إياك تلمسها مفهوم . زم أدهم شفتيه بحنق.. وقال: _ مفهوم يا أخويا.. بس تعرف يا باختك يا معلم . ضحكت فريدة من بين دموعها بتصنع .. فقال أدهم بهيام وهو يتطلع لوجهها الأحمر.. وأنفها المتورم قليلا..فزادها جمالا وسحرا: _ هو إنتى لما بتعيطي بتحلوى كده ؟! رد مازن بفارغ صبر و هو يطالعه بنظرات متوعدة : _ جرى إيه يا عم هو أنا كيس جوافة واقف.. ما تحترم نفسيتك شوية. إقترب منه أدهم وقال هامسا: _ طب ما تتوزع شوية.. عاوز أطمن على البونية . قطب مازن حاجبيه بغيرة وقال مسرعا: _ أتوزع.. ده بعينك أنا من هنا ورايح قاعدلك زى العمل الرضى . إقترب أدهم من فريدة وقال بجدية بعدما فشلت كل محاولاته في اضحاكها : _ مالك يا ديدة مين اللى زعلك وأنا قسما بالله همسح إسمه من على وش الدنيا . خفق قلبها بخوف و ردت بعد تفكير: _ سهى وحشتنى.. إتصلوا بيها لو سمحتوا . فقال أدهم بعدم فهم مصاحب بالتعجب: _ حاضر هكلمهالك ! هاتف سهى.. التي إنتبهت على رنين هاتفها فمدت ذراعها و حملته و ردت بوهن في جسدها من قلة الطعام: _ ألو . إبتسم أدهم بمجرد سماعه لصوتها وقال ساخرا: _ منكوشة هانم وحشتيني والله . إبتسمت وهي تعتدل في جلستها بفراشها.. ثم قالت : _ إنت أكتر يا أدهم.. أخبار مطروح إيه ؟ رد أدهم مسرعا: _ تجنن كانت نقصاكي بجد يا سو . _ مرة تانية إن شاء الله . إنتبه أدهم لفريدة والتي لاحظ لهفتها لمخاطبة أختها.. فقال باقتضاب: _ كلمى فريدة يا سو . أعطى أدهم الهاتف لفريدة.. فالتقطته وقالت بدموعها: _ سهى وحشتيني يا حبيبتي.. أنا محتجاكى قوى . جلست سهى مسرعة.. ولمعت عيناها من قلقها و قالت بإنقباض في قلبها : _ مالك يا ديدة مين اللي مزعلك كده ؟! تطلعت فريدة لمازن وأدهم المنتظرين مبررها لدموعها المنهمرة بقهر مهما حاولت أن تخفي.. إبتلعت ريقها بصعوبة وقالت: _ مافيش حد زعلنى بس وحشتينى . إبتسمت سهى بسخرية وقالت بحدة: _ هو أنا مش عرفاکی یا فريدة فيكي ايه ! سيطرت فريدة على إنفعالها.. وقالت بإبتسامة زائفة : _ صدقيني يا سو.. أنا كويسة الحمد الله.. إنتي أخبارك إيه ؟ مسدت سهي جبهتها و هي تشعر بدوار و قالت بتماسك : _ أنا كويسة يا ديدة.. ومبسوطة جدا . ردت فريدة براحة.. وقالت منهية الحوار فسهى تعلمها أكثر من نفسها: _ يا رب دایما یا عمری..خلى بالك من نفسك تمام . رغم أنها تعلم أن هناك امر جلل وراء هذا الاتصال الا انها لم تكن تقوى علي مناقشتها فردت بتسليم : _ حاضر يا حبيبتي وإنتي كمان.. بای یا قمر . أنهت فريدة الإتصال قائلة بحزن: _ مع السلامة . ثم أعطت الهاتف لأدهم.. و تركتهم وصعدت لغرفتها.. وعيون مازن وأدهم تتبعها بتعجب.. دخلت غرفتها.. وصفعت الباب ورانها.. وجلست بجوار ليلى التي لاحظت دموعها فقالت بقلق: _ بتعيطي ليه يا ديدة.. إنتى كويسة ؟! هزت فريدة ر|أسها نافية و بكت بهيستيرية و هي تقول : _ لأ يا ليلي مش كويسة. جلست ليلي علي ركبتيها و قالت بترقب : _ ايه اللي حصل فهميني ؟! صفعت فريدة وجهها بكفيها و هي تقول بصراخ : _ الكلب اللى إسمه عمر باسنی غصب عنى .. و الله غصب عني . إتسعت عيني ليلي وقالت بتعجب و هي تسيطر علي يديها قبل ان تأذي نفسها : _ باسك ؟! إزاى یعنی مش فاهمة ؟! تطلعت إليها فريدة بحنق وصاحت قائلة: _ مش فاهمة إيه بقولك باسني ..یعنی باسنى على شفایفی..غصب عنى و الله خدني علي خوانة القذر . صفعت ليلى وجهها وقالت بخوف.. وهى تدور بالغرفة من صدمتها: _ يا نهار إسود ومنيل..ده لو أدهم عرف هيقتله ..ربنا يستر . خلعت فريدة حجابها حتى تتنفس.. ثم قالت بخوف : _ مقدرتش أقولهم.. مازن وأدهم لو عرفوا هيقتلوه .. وإحتمال يقتلوني أنا كمان . جلست ليلى بجوارها مرة أخرى وقالت بغضب: _ وإنتى مالك إنتي.. مش هو اللي عمل كده بغير رضاکی . هزت فريدة رأسها بقلق وقالت: _ إنتى ما تعرفيهومش زیی.. قلبى مش مطمن.. وحاسة إن الموضوع ده مش هيعدى على خير . هدأتها ليلي قائلة : _ اهدى بس احنا لازم نفكر بعقلنا كويس . لم يكن يتوقع أنه سيشتاقها لهذا الحد .. نظراتها حركاتها سيرها الالواثق .. رقبتها التي تحركها دائما بإيباء .. شعراتها المتمردة كعطرها الساحر .. خرج من شروده علي صوت السائق و هو يقول : _ وصلنا يا فندم . ترجل سامح من السيارة فوجد باسم وماجد بإنتظاره فإبتسم قائلا : _ وحشتونى من إمبارح يا رجالة . رد ماجد بإبتسامة متسعة : _ حمد الله على السلامة يا سامح . وقال باسم وهو يحتضنه: _ وحشتنى يا موحة.. أخبارك إيه ؟! رد سامح وهو يبحث بعينيه عنها بلهفة: _ كويس الحمد لله ..هي سهى فين مش شايفها یعنی . أجابه باسم بتلهف : _ سهي ايه دلوقتي بس .. طمني القيادة عرفت بآخر التطورات ؟ كان رد فعلهم إيه و إيه الاوامر الجديدة ؟ رد عليه ماجد بضيق: _ ما سهي سبب كل اللي انت بتقوله ده يا سي باسم . ثم لفت رأسه ناحية سامح و قال ببديهية : _ سهي في اوضتها يا موحة .. مش إنت حابسها فيها ؟ ضيق سامح عينيه و هز رأسه نافيا و هو يقول بتأكيد : _ لا طبعا محبستهاش بالعكس انا طل......... . جحظت عينى سامح وقال بشهقة خفيفة من ذعره : _ يا نهار إسود لتكون لسه ما أكلتش.. عارف دماغها جزمة قديمة . رد باسم بسرعة: _ فعلا من ساعة الفطار إمبارح وهي ما دخلتش الميس خالص . ضرب سامح جبهته.. ثم صاح بغضب: _ یا ریااااااان . إقترب منه ريان وقال بود : _ حمد الله على السلامة يا فندم . وقف أمامه سامح و هو يطالعه بغضب.. وسأله بحدة: _ سهى أكلت حاجة من إمبارح ؟ رد ریان متعجبا من عصبية سامح: _ أنا روحتلها أوضتها وقالتلي إنها أكلت من عندها يا فندم . مرر سامح أنامله على ذقنه بضيق وقال وهو يستلهم الصبر : _ وإنت صدقتها يا ريان.. دى بقالها ٢٤ ساعة ما أكلتش . تركهم سامح وأسرع لغرفتها.. طرق الباب.. ووقف في إنتظارها بترقب حتى فتحت له سهى بإبتسامة واهنة وقالت: _ حمد الله على السلامة يا سيادة الرائد . حدج فيها متفرسا إياها بنظرة شمولية.. وهو يسألها بتلهف: _ إنتى كويسة.. مشيتى اللى في دماغك وما أکلتیش برضه يا سهي ! استندت على الباب وقالت بإبتسامة إنتصار: _ أيوة.. مش هشمتك فيا أبدا . ضحك ضحكة عالية وقال وهو يحدجها بحب: _ إنتى مجنونة صح؟! ردت مسرعة: _ بتعلم منك.. قولى أول عملت إيه.. وصلت المعلومااااااات ...... . أنهت كلماتها وهى تترنح لتسقط مغشى عليها.. سقط معها قلب سامح بين ضلوعه.. وإلتقطها بين يديه وحملها بسرعة.. يضمها بجانب قلبه الملتاع بشدة من خوفه عليها... ثم مددها على فراشها... ودثرها قائلا بخوف: _ سهى ردي عليا.. سهى إنتي سمعاني يا حبيبتي . لم تجبه، فزاد رعبه عليها.. وصاح قائلا: _ يا ريان.. یا باسم . ركض على صياحه الجميع فقال بسرعة: _ حد يقول للدكتور يجي يشوفها بسرعة . سأله ماجد بقلق: _ مالها يا سامح.. هي مغمى عليها ؟! التفت إليه سامح وقال بغضب: _ أيوة يا ماجد.. المجنونة بتعاندني ومأكلتش حاجة من إمبارح . ضحك ماجد وصفع كفيه ببعضهما متعجبا وقال: _ والله إنتم الإتنين مجانين رسمي .. انا مبقيتش فاهمكم ! أتى الطبيب وطلب منهم الخروج من الغرفة.. ولكن سامح لم يتركها.. بعد المعاينة..سأله سامح بقلق: _ أخبارها إيه يا دكتور ؟! إرتدى الطبيب نظارته.. وقال وهو يكتب بعض الأدوية: _ واضح إنها ما أكلتش من فترة.. وجسمها أصلا ضعيف فا مستحملتش وأغمى عليها.. ممكن تشيلها للعيادة لازم يتعلق لها محلول فورا . حملها سامح بسرعة.. وإتجه ناحية العيادة تحت أنظار الجميع .. مددها على الفراش ودثرها.. ثم علقت لها الأدوية.. وبعد ساعة إنهارت بها أعصاب سامح من ندمه و قلقه .. فتحت عيناها بوهن.. إبتسم سامح براحة وقال مقتربا من وجهها: _ سهی.. سهى سمعانی یا مجنونة . ردت بصوت ضعيف: _ أهه إنت اللى ستين مجنون . ضحك ضحكته العالية.. وقال ساخرا: _ يخرب بيت لسانك اللي أطول من سور الصين العظيم ده . مررت أناملها على جبهتها وقالت بحنق: _ فكك منى.. روح لم لسانك الأول يا هندسة . مال عليها وحذرها قائلا بصوت خفيض : _ إنتى تعبانة دلوقتى ولو عطست في وشك هطيرك . أشاحت بيدها وقالت بثقة: _ إتكلم على قدك.. إحنا جامدين قوى.. وعندى قوة أقدر بيها على عشرة زيك إبتسم وحرك رأسه بفارغ صبر وقال: _ أعمل فيكي إيه.. بتموتي ولسانك عامل زى المنشار.. إهدى بقا . ردت بوهن و هي تبتلع ريقها : _ مش هرد عليك علشان تعبانة . ضحك سامح مرة أخرى وقال ساخرا: _ كل ده ومش هتردي عليا.. وتعبانة إيه بس إنتى هتمثلی ؟ّ! دخل عليهم الغرفة ريان وماجد .. إقترب منها ریان وقال بلوم: _ كده یا آنسة سهى.. بتضحكي عليا وتقوليلي أكلتي . ردت وهي تعتدل في جلستها: _ sorry یا ریان.. بس ده كان رهان بيني وبين الهندسة . لاحظت تورم وجنته وزرقتها.. فتسائلت بقلق: _ إيه اللى عمل في وشك كده ؟! تحسس ريان وجنته وقال مازحا: _ لا ماتقلقيش دی وحمة طلعتلى فجأة علي كبر . قطبت حاجبيها وكررت سؤالها: _ بجد يا ريان مين اللي ضربك كده ؟! رد ماجد بسرعة وهو يشير لسامح بعينه : _ الهندسة اللي قدامك ظبطه علشان ما أكلتيش . فقال سامح بغضب: _ هى إيه حكاية هندسة اللي إنتي مسكهالی دی ؟ رفعت سهى حاجبها في غرور وقالت: _ مش أنا طلبة القهوجي بقا.. إستحمل . ضحك ماجد وقال مغازلا بمداعبة : _ ده لو طلبة ده شبهك كان الإقبال على القهوة دى هيبقى تاریخی . ردت سهى بدلالها الرقيق : _ شكرا يا ميجو.. مرسيه على الكومبيليمو ده . تطلع إليها سامح بغضب وقال: _ ده بجد.. ما تتلمى شوية بدل ما أعلقك مكان المحلول ده . دخل قائد المعسكر فإنتقض الجميع وأدوا التحية العسكرية.. وقف القائد أمام سهى وقال : _ سلامتك يا آنسة سهى . ردت مسرعة و هي تحاول جاهدة سحب جسدا لتجلس : _ الله يسلم حضرتك يا فندم . جلس أمامها القائد على أحد المقاعد وقال و هو يشير بيده كي تستلقي : _ الدكتور قالى إنك مش أكلة من فترة.. إيه الأكل هنا مش عاجبك ؟ حركت رأسها نافية وقالت: _ بالعكس يا فندم الأكل هنا يجنن . فسألها متعجبا: _ طب ليه تعبتى كده قلقتينا عليكي . تطلعت سهى لسامح بمكر .. فهم سامح مغزى نظرتها .. فحدجها بنظرة تهديد و توعد .. فإبتسمت بخبث وقالت وهي تتصنع الغضب: _ تخيل يا فندم.. الرائد سامح كان حابسنى في أوضتى من غير أكل.. قال إيه بيعاقبني.. شوفت بيحصلى ايه يا فندم . إتسعت عينى ريان و ماجد و هما يطالعان بعضهما بتعجب بينما صك سامح أسنانه من الذهول.. تتطلع إليه القائد بغضب وقال بنبرة قوية صارمة : _ حصلني على المكتب يا سيادة الرائد . إبتسم القائد لسهى وقال معتذرا: _ أنا بتأسفلك يا آنسة على المعاملة دى.. وتأكدى إن ده مش هيحصل تاني بعد إذنك . تركها وخرج تبعه سامح بعدما حدجها بغضب وتوعد .. دخلت بعدها سهى في نوبة ضحك عالية و هي تسعل بضعف .. زفر ماجد بضيق وقال و هو يجلس أمامها : _ ليه كده یا سهی.. ده سامح كان هيموت من قلقه عليكي.. وفضل جنبك لغاية ما فوقتی و ما فكرش يروح يرتاح ده بقاله يومين ما نامش ..حرام عليكي والله . مطت شفتيها وقالت بحسرة: _ إنت بتكلم جد يا یا ماجد.. یعنی سامح..هاه ساااامح كان قلقان عليا أنا ؟! اوما ماجد برأسه وقال و هو يلوى ثغره بحنق : _ أيوة والله.. بس إنتي كده حفرتى قبرك بإيدك يا قطة . زمت شفتيها وقالت بندم: _ عكيت الدنيا أنا صح؟ أشاح ماجد بيديه.. وحرك شفتيه يمينا ويسارا ساخرا وقال: _ ده إنتي نيلتيها خالص.. إستلقى وعدك بقا . ظلت فريدة حبيسة غرفتها طوال اليوم و هي تبكي في صمت و يراودها قلق من امر واحد ان تخسر ادهم و تخسر معه نفسها و حياتها و سعادتها .. صعد إليها أدهم طرق باب غرفتها.. فتحت له ليلى وقالت بإبتسامة: _ های یا ادهم..عاوز فريدة . أومأ برأسه وقال وعيونه تتجول بغرفتهما ليروى شوقه لها: _ أيوة النهاردة كانت بتعيط ومش عارف مالها عرفتي حاجة يا ليلي . فكرت ليلى قليلا وقالت: _ هي تعبانة شوية يا أدهم.. إيه رأيك نرجع الإسكندرية بكرة الصبح بدل بالليل ؟ رد أدهم مسرعا: _ لو فريدة عاوزة كده طبعا موافق.. ممكن أشوفها ؟ تلعثمت ليلى في الكلام وقالت: _ معلش هی... نايمة دلوقتي.. ولما تصحى هخليها ترن عليك . زفر بضيق وقال بإستسلام : _ تمام.. يالا سلام . أغلقت ليلى الباب وقالت وهي تتطلع بفريدة: _ كده خلتيني أكدب يا ديدة.. ربنا يسامحك . ردت فريدة وهي ممددة على فراشها: _ سامحيني يا ليلى.. بس مش هقدر أقابله.. أدهم بيفهمني من عنيا . ارتمت ليلي بجسدها على فراشها وقالت : _ عموما إحنا راجعين بكرة الصبح بيوتنا .. ربنا يعديها علي خير . ردت فريدة براحة: _ أحسن برضه انا عاوزة ماما . وضعت سعاد كفها علي صدرها و قالت بقلق : _ يا ساتر قلبي اتقبض فجأة . وضعت أميرة فنجان قهوته علي الطاولة و سألتها بتعجب : _ مالك يا سعاد في ايه ؟! إبتلعت سعاد ريقها و طالعتها بقلق و هي تقول : _ قلبي اتقبض فجأة .. حاسة انه حد من الولاد تعبان .. يارب ما تكون سهي . تنهدت زهرة بوجه ممتعض و قالت : _ انا عمرى ما شوفت ام زيك .. ازاي توافقي بنتك تبعد عنك و تفضل لواحدها شهور و ما تعرفيش مع مين و لا بتعمل ايه . قطبت سعاد حاجبيها بضيق و ما ان فتحت فمها لتردحتي اسرعت اميرة قائلة بتعقل رزين : _ سهي الوحيدة من بناتنا كلهم اللي احطها بإيدي و سط ميت راجل و عارفة انه محدش يقدر يطرف عينها بس . إستندت زهرة بوجنتها علي يدها و قالت بإبتسامة ساخرة : _ اه طبعا بس برضه ما يبقاش ابني في ايدي و ادور عليه . أشاحت سعاد بوجهها و وقفت قائلة : _ انا هطلع بيتي و ده احترام ليكي يا ام ادهم لاني لو قعدت رد فعلي مش هيعجب حد . تركتهما و دلفت للبيت بينما طلعت اميرة بزهرة و قالت بضيق : _ صفي قلبك بقا يا شيخة كفاية سواد تعبتيني . لوت زهرة ثغرها و قالت ببرود : _ و انا عملت ايه اصلا انا خايفة علي بنتها اكتر منها .. اساسا بنتها دى اخرتها فضيحة تقطم وسطنا . احتدت نظرات اميرة و قالت بنبرة تحذيرية : _ انا هعمل نفسي ما سمعتش حاجة يا زهرة .. بس اقسم بربي و ربك اي كلمة تانية متعجبنيش ما هتقعدوا في البيت ده ثانية واحدة . أسرعت زهرة قائلة بخوف : _ انا عملت ايه يعني لكل ده . وقفت أميرة و هي ترمقها بإزدراء و قالت : _ انا حذرتك و ده اخر تحذير ليكي . و تركتها و سارت ناحية البيت هي الاخرى .. ابتسمت زهرة بمكر و قالت : _ كفاية اني عكننت عليكي يا حرباية و لسه العكننة اللي بجد لما تعرفوا ست فريدة بتاعتكم عملت ايه .. ابقي وريني قوتك يا اميرة انتي كمان لما تلاقي ابنك متدمر علشان بنت الحرباية دى . في المساء دخلت سهى الميس مع ريان وهى تتكأ عليه رغم انها لم تكن بحاجة لذلك و مع ذلك انصاعت لاوامره .. اجسها علي احدى الطاولات بمفردها.. وأحضر لها الكثير من الطعام.. وضعه أمامها فقالت متعجبة: _ إيه كل ده یا ریان.. ده ليا لوحدى ؟! تحسس وجهه وقال بخوف: _ آه طبعا.. ولا عاوزاني أرجع لأمي من غير ملامح . إبتسمت وتطلعت ناحية سامح.. الذي حدجها بغضب وأشاح بعينيه عنها.. إقترب ماجد من طاولة سهى ومال عليها قائلا بضيق : _ ما فضلتيش في أوضتك ليه يا سهى والأكل كان هيجيلك لغاية عندك . استندت سهى بمرفقيها على الطاولة وقالت بملل: _ مش بحب قاعدة الأوضة دى.. وباعدين أنا بقيت كويسة الحمد لله . سألها ماجد قائلا: _ خدتي علاجك ولا لسه ؟! إبتسمت سهى بمكر وقالت وهي تتطلع لسامح: _ طبعا الهندسة اللي باعتك تطمن عليا صح ؟! رد ماجد عليها مازحا: _ عوزاني أقولك آه هو اللي باعتنى.. وهو اللي بيطمن عليكي علشان تلاقيني مشرف جنب ريان ووشى متفرمط.. هأو ده بعينك.. مش أنا يا ماما . تركها وعاد لطاولته بجانب سامح.. شردت قليلا وهي تحدجه بنظرات مطولة متعجبة و معجبة .. فهو يجمع بين النقيضين.. القسوة والرحمة.. الأمان والتهديد.. و لكنها ما عادت تهنأ سوى بوجودها في محيطه لاحظها ريان فإبتسم بهدوء و قال بمداعبة : _ كلى أبوس إيدك.. مش مستحمل ضرب تاني . زفرت بضيق و حملت ملعقتها و قالت بعبوس : _ حاضر..هاكل أهه . في الصباح إستيقظت سهى على طرقات عنيفة على بابها.. وقفت بسرعة وفتحت الباب بقلق وقالت: _ مين اللى بيكسر في الباب كده. إعتدلت في وقفتها و هي تقول بخجل طفولي : _ سامح.. قصدى سيادة الرائد . رد بصرامة: _ إخلصى قدامك نص ساعة وتبقى تحت مفهوم . تطلعت إليه بهيام وقالت: _ إنت تؤمر.. بس شاور وأنا أقولك شوبيك لوبيك . تطلع إليها وقد خفق قلبه بسرعة مع نبرتها و نظراتها الهائمة .. طالت النظرات بينهما وظل هو يحدق بها بتسلية.. وقد إبتسم إبتسامة واسعة على إثر رقتها معه غير المعتادة ولن تطول.... ربما تمردها يروقه.. لكن رقتها له بالأخص لها مذاق آخر.. ثم إستجمع قوته وقال بحزم: _ إحم.. حركاتك دى مش هترحمك منى برضه و من اللي هعمله فيكي . ردت ببحة صوتها والتى تغوى قديسا: _ أى حاجة منك حلوة.. المهم ترضى عنى . حدجها بتعجب ورمقها بنظرات مطولة جريئة.. وقال بعدما شعر بخجلها اللذيذ و حمرة وجنتيها : _ وده من إيه ده.. لو سمحتى إدخلى وإندهى لسهى . ضحكت ضحكة عالية.. جعلت قلبه يصاب بحاله لم يعهدها من قبل ولا يستطيع تفسيرها.. فقال بغضب: _ أبو ضحكتك دى يا بعيدة.. إتلمى أحسنلك . إعتدلت سهى في وقفتها وقالت بجدية: _ عموما إنزل إنت أهندسة وأنا في ضهرك على طول . ضحك بخفوت وقد إقترب منها بطريقة خطيرة .. وتطلع داخل عيناها وهو عاشق لكل نظرة منها قائلا: _ حمد الله على السلامة يا سهى.. قدامك نص ساعة بس.. نص ساعة ودقيقة هطلع أخلص منك اللى القائد عمله فيا . ضحكت بمكر وقالت: _ علشان تلعب مع اللي قدك یا بابا . ضم قبضته من غضبه.. وتركها وإبتعد..صاحت به قائلة: _ سامح . وقف مكانه متسمر من دقات قلبه المؤلمة بعدما استسلم وتنهد طويلا وإلتفت إليها مدعى الغضب.. فأردفت قائلة: _ اسفة . تطلع إليها بلا مبالاة وتركها وإبتعد مقاوما مشاعر تراوده لاول مرة بحياته .. إبتسمت سهى وقالت و هي تتطلع لآثره : _ يا واد يا تقيل.. أموت أنا.. والنبي قمر.. عليا النعمة ما هسيبك غير في الكوشة يا هندسة . أنهت إغتسالها وصلاتها وإرتدت تي شيرت مموه لونه برتقالى في بنى وبنطال إسود وحذاء رياضي إسود.. وإرتدت نظارة شمسية بلون التيشرت.. ووضعت عطرها ..وعقدت شعرها الطويل كذيل حصان.. و خرجت. توجهت للطابور.. لتتجه نظرات الجميع إليها.. فقال باسم بإعجاب: _ أوبا.. ربنا يحميكي من الميكانيكي . التفت ماجد و سامح علي كاماته ليقول ماجد و هو يزفر بحدة : _ هو الجو حرر فجأة ولا أنا اللي ببخ صهد ولا إيه ؟! ثم إقترب منها قائلا: _ صباح العسليات والمكسرات والتورتات على ست البنات . إبتسمت سهى وقالت: _ صباح النور يا ماجد . رد ماجد هامسا : _ ده صدى صوتك ده ؟ ردت سهى مازحة: _ لأ ده صدى البلد يا خفيف . وطرقا كفيهما في بعضهما.. فصاح سامح بغضب بعدما لاحظ نظرات الجميع إليها.. وكلمات باسم وماجد : _ سابت يا عسكرى إنت وهو.. وإنت يا سيادة الرائد إرجع مكانك لو سمحت . إقترب سامح من سهى وقال بحزم: _ شيلي الزفته دى من على عنيكى . إقتربت منه..وقالت برقة زائدة: _ حاضر..sorry ..تمام يا فندم . لاحظ دلعها الزائد.. فقال لها هامسا: _ إرجعى طلبة أحسنلك.. لهتشوفي وش يزعلك . خلعت نظارتها بغضب وقالت: _ تزعل مين يا هندسة..ده إنت أخرك تحك مناخيرك . ضحك سامح وقال براحة : _ كده نبدأ الطابور . إنتهى الطابور وإنتقلوا للميس للفطار.. ثم عادوا للطابور أدوا بعض تمارين اللياقة.. وبدأ الجرى.. في ساعة الراحة سألت سهى ريان بقلق: _ هي الراحة ساعة ليه إستر يا رب ؟! تطلع ريان حوله بقلق وقال هامسا: _ أصل النهاردة يوم قفزات الثقة . رفعت حاجبها متعجبة وقالت: _ يعنى إيه ده ؟! شبك ريان انامله ببعضهما و تنحنح قائلا : _ لا بلاش أقولك إنتى دلوقتى تعرفي بنفسك . حزمت الحقائب وإستعد الجميع للرحيل و سط تساؤلات الجميع عن سبب عودتهم المفاجأة.. إطمأن أدهم من صعود جميع الشباب للحافلة .. وإطمأن على أسرته.. فقالت ليلى بتعجب و هي تبحث حولها : _ هو عمر فين يا أدهم مش شايفاه يعني ؟! رد أدهم و هو يحرك كتفيه : _ مش عارف مشى فجأة إمبارح من غير ما يقول . أشاحت فريدة بوجهها حتى لا يلاحظ أدهم غضبها و ارتباكها .. فقال ياسين بغضب: _ بتسألى عليه ليه يا ليلي هانم ؟! ردت ليلى بدلال و هي تطالعه بطرف عينها : _ مالكش فيه.. يالا يا ديدة نركب الباص . صعدت فريدة وليلي للحافلة.. تبعهم أدهم بعدما إنطلق مازن بالسيارة ومعه ياسين ومى و حياة التي تلف هاتفها بين أناملها بسعادة عارمة .. بعد الراحة إنطلق الطابور لمكان قفزات الثقة.. تطلعت سهى حولها بفارغ صبر وقالت بإبتسامة لريان : _ والله خضتنی یا ريان مش تقول إن الموضوع ليه علاقة بحمام السباحة . إقترب منها ريان وقال هامسا: _ ما هو حمام السباحة ده اللي هتقفزي فيه قفزة الثقة يا قطة . زمت شفتيها وقالت بعدم فهم : _ مش فاهمة حاجة برضه .. هو لغز و لا ايه ؟! أعطاهم ريان اللايف جاكيت.. إرتدته سهی بقلق.. ثم صاح بهم سامح قائلا بصرامة : _ جاهزین یا وحوش . رد المجندين بقوة : _ جاهزين يا فندم . إتجه أول مجند لسلم متحرك.. وصعد عليه.. وعيون سهى تتبعه للأعلى ببلاهه.. صعد المجند على المانع الماني ويبلغ طوله سبعة أمتار.. إبتلعت سهى ريقها بصعوبة وقالت: _ يا لهوى.. أنا بخاف من المرتفعات . ضحك ريان وقال: _ يالا رب ضارة خير من ألف مرة .. ادينا هنعالج خوفك ده . ردت ساخرة: إضحك يا أخوياحقك .. ربنا يوريني فيكم يوم . بدأت الجنود في التسلق والقفز داخل المسبح بثقة .. إلا أن جاء دور سهى.. إلتفت وإختبات خلف ريان المنهار من الضحك... إقترب منها سامح وهو يدارى ضحكه قائلا : _ بتسخبى ليه.. قدامی یا طلبة.. يالا يا وحش . خرجت برأسها من خلف ريان و هي متمسكة بذراعيه وقالت برقة لإغوائه : _ بليز يا سامح.. أنا بخاف من المرتفعات و لسه تعبانة و الله . رد عليها سامح بسخرية و هو يشير لها بذراعه كي تقترب : _ لا والله.. دلوقتى بقيت سامح مش هندسة يا طلبة ؟! ردت بإبتسامة رجاء و هي تطالعه بنظرات جرو صغير لإستمالته : _ ده إنت الباش مهندس الدكتور المحامي سيادة الرائد سامح باشا . لم يتمالك سامح نفسه وإنفجر ضاحكا.. فقالت بغمزة من عينها : _ ضحكت يبقى قلبك مال.. وخلاص الفرق اللي مابيما إتشال.. صح؟ إختفت ضحكته وقال بصرامة: _ لأ مش صح..قدامی يالا . تصنعت البكاء وقالت و هي تضرب الارض بساقيها : _ أنا لسه في عز شبابى ومش عاوزة أنتحر دلوقتي.. عاوزة أموت موتة ربنا . فصاح بها بغضب: _ إخلصى يالا.. هتتسلقى السلم ده وتقفي فوق المانع وتنطى . ردت سهى بثقة زائفة وهي تنتصب في وقفتها: _ خلصانة حالا..وخلصانة وقتى..إتفرجوا بقا على حورية البحر اللي هتنط دلوقتى و اتعلموا . إبتسم ريان عليهاو هو يوارى وجه عنهما .. إلتفتت إيه وقالت بخوف مازحة: _ وصيتك العيال يا ريان..اوعى تديهم لحماتي علشان بنتها رباب ما خلفتش صبيان وهتموت على ولد وسلفتها سهير بتعايرها طول الوقت علشان عندها ولد سميته بقا محمد زى ما كان جوزها عاوز لانه مبيض محارة بيشتغل مع المعلم الشنواني بتاع الأسمنت المضروب اللي بیشتريه من فرج بت...... زادت ضحكات ریان.. بينما قاطعها سامح قائلا بغضب : _ إيه الهرى ده كله.. إنتي إتجنتی..صبرنی یا رب . ردت بصوت عالى: _ الله مش بكتب وصيتي قبل ما اموت . زفر سامح بضيق في وجهها.. فقالت بخوف: _ خلاص يا هندسة هتطيرني.. أشهد أن لا إله إلا الله . وقفت أمام السلم وقالت بداخلها : _ يا رب أنجح.. مش عاوزاهم يشمتوا فيا يا رب . تسلقت السلم بخوف وكلما تطلعت بالأسفل أغمضت عيناها وزاد خوفها.. طالعها ريان بإشفاق و قال خوف: _ إستر يا رب.. أنا خايف لتدوخ و تقع دى لسه تعبانة . وقف سامح على أعصابه.. كلما إقتربت من القمة زاد قلقه عليها و زاد ندمه و غباؤه فهي مازالت مريضة و لن تحتمل الارتطام القوى بالماء خاصة و أنه لم يعلمها طريقة القفز بحرفية .. تسلقت سهى السلم ووقفت فوق المانع تتطلع للأسفل بخوف.. تطلعت للمياة برعب و كأنها ضاقت و صغر حجمها.. تحكمت في انفعالاتها وقالت بصوت عالي مازح : _ لو سمحتوا يا رجالة.. كله يطلع من البركة دى علشان هيحصل فيضان دلوقتی . ضحك الجميع عليها.. وإبتعدوا.. لحظات ترقب قاتلة من الجميع.. وقف باسم بجوار سامح وقال بإبتسامة متسعة : _ هي سهى هربت ولا إيه ؟! و عاملة فيها جامدة الجبانة . حرك سامح رأسه نافيا.. وأشار له بعينيه فوق المانع.. إتسعت عينى باسم وقال بصياح غاضب : _ إنت مجنون يا سامح.. دى ممكن تروح فيها.. إنت ناوى على خراب بيتنا صح ؟! هز رأسه بيأس و أردف بصوت عالي و هو يحيط فمه بكفيه كي يعلي صوته أكثر : _ استر يا رب.. إنزلى يا سهی خلاص . ردت سهى بخوف : _ حاضر هنط أهه.. بلاش تستعجلوني خايفة . هنا رق قلب سامح وقال بنبرة صارمة : _ لأ.. إنزلى يا سهى أنا آسف.. خلاص إنزلي متنطيش . كان صوتهم يصلها مذبذب فقالت بضيق : _ مش سمعاك كويس .. عموما انا مستعدة . أغلقت عينيها و تلت الشهادة و أغلقت أنفها بيدها و قفزت و هي تصرخ برعب .. بينما صاح بها الجميع : _ لأ.. لا إستنى . إرتطم جسدها بالماء.. فقفز سامح بسرعة داخل المسبح .. ثم غطس بالماء و بحث عنها بقلق حتي وجدها مستسلمة تماما و لا تشعر بشىء و يهبط جسدها الي قاع المسبح .. سبح ناحيتها و من خصرها سحبها بسرعة وطفى بها على سطح الماء.. سبح بها حتى إقترب من طرف المسبح... حملها منه ريان من ذراعيها ومددها على الأرض... أدارها سامح على جانبها.. وضغط ذراعها ببطنها دون إستجابة و الجميع يطالعهما بترقب .. توالت ضغطاته علي صدرها حتي سعلت بقوة وبدأت في إخراج الماء من فمها.. تهدج صدر سامح و هو يردد بقلق: _ سهی قومی یالا.. سمعانی یا سهی . لم يتوقف سعالها ..حتى أخرجت ما تبقى من الماء بداخلها.. أخذت تتنفس بصعوبة وقالت بلهاث و هي تطوف بعينيها علي وجوههم المترقبة : _ أنا لسه عايشة مامتش ؟! زفر سامح براحة وقال بحنو : _ إنتى كويسة.. حاسة بإيه طمنيني ؟ تطلعت إليه.. وقطرات الماء تسقط من جبينه على وجهها..ثم قالت بإبتسامة خافتة كصوتها : _ ماتقلقش.. عمر الشقى بقى . إبتسم و هو يهز رأسه بيأس ثم مد ذراعه تحت ركبتيها و لف الآخر حول خصرها و حملها بحذر من أن يؤلمها أكثر متجها بها لغرفتها .. لم تترك عينيه عينيها لثانية و كأنه يعلن إستسلامه أمام هيمنتها و سيطرتها عليه و تحكمها بكل شعور قد خلق بداخله .. لأجلها ... دلف لغرفتها فقالت مسرعة و هي تتصنع الجمود : - بس.. على جنب هنا لو سمحت . رد سامح بإبتسامة رائقة : _ إنتى راكبة ميكروباص.. والله إنتى مسخرة.. أول مرة في حياتي أقابل واحدة زيك كده . مطت شفتيها وقالت بغضب: _ ليه إن شاء الله هو إنت عرفت كام واحدة قبلي . شعر بغيرتها فقال ببرود: _ وإنتى مالك.. يلا غيرى هدومك دى لتبردى . أنزلها على قدميها فقالت بخجل: _ طب شكرا عالتوصيلة ..منجيلكش في حاجة وحشة..إخرج بقا . إقترب منها قائلا وهو يحدجها بلهفة: _ لا لما أطمن إنك غيرتي هدومك ونمتى في السرير . تطلعت إليه بإستغراب وقالت : _ طب طرقنا علشان أغير هدومي و أنام . _ لأ . قالها بإقتضاب..فردت سهى بغضب: _ وحياة أمك ؟! حدجها بغضب وقال بعبوس : _ بت.. إنتي هتقبحی و لا إيه ؟! عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بحنق: _ أمال عاوزني أغير قدامك يا حيلتها إن شاء الله . زفر بضيق وقال وهو يطرق علي رأسها بإبهامه: _ لا يا هانم إدخلى الحمام طبعا..نفسى أعرف اللي في دماغك ده مخ ولا كبده بالزلط . تصنعت الضحك و هي تقول بنبرة فاترة : _ ههههه..ترانی ضحكت خفة يا هندسة.. إخرج برضه. إتجه سامح ناحية مكتبها.. وبدأ باللعب على حاسوبها متجاهلا لنظراتها التي لو طالته لرسمت خريطة مصر علي وجهه بأظافرها التي تتوقف عينيه عندها كثيرا من جمالها .. رفع عينيه ناحيتها وقال ببرود : _ خليكي واقفة بهدومك المبللولة دى..لما تاخدى برد ولا نزلة شعبية تخلصنى منك . هتقت سهى بضيق و هي تضع يدها علي ظهرها الذي يؤلمها كثيرا قائلة: _ بعد الشر عليا.. ان شا الله اللي في بالي . ضحك ضحكة عالية وهو مازال يلعب بحاسوبها وشعراته ملتصقة بجبهته من بلله.. ثم قال بمكر: _ ليه هو إنتى في بالك حد لا سمح الله . إقتربت منه و هي تتأمل وسامته .. ومالت نحوه برقة وقالت وهي تتطلع إلى ملامحه الجذابة الهادئة بحب: _ ده في بالى وفي قلبي وفي عقلى وفي روحى كمان.. تعرف لو حللولي دم هيلاقوه فيه . حاول جاهدا ألا يبدو عليه التأثر من كلماتها الصريحة.. لاحظ تحديقها به..فنظر إليها بطرف عينيه ببرود..ثم نظر أمامه وقال بحزم: _ ربنا معاه..ده له الجنة يا بنتى.. أنا لو أعرف هو مين هنصحه يهرب أحسن . إعتدلت في وقفتها وقالت بغضب: _ بقا كده يا سامح.. طب قوم بقى إطلع بره..يالا . قالتها بغضب وهي تدفعه خارج غرفتها.. ثم صفعت باب غرفتها في وجهه.. وقف يضحك كما لم يضحك من قبل.. إقترب منه ريان وقال متعجبا: _ في حاجة يا فندم ؟! رد سامح بابتسامة مقتضبة : _ لا مافيش.. كنت عاوز حاجة إنت ؟ _القائد عاوزنا يا فندم هنتحرك بالليل. ارتسمت الجدية على ملامح سامح مرة أخرى وقال: _ الرجالة جاهزين. أومأ ريان برأسه مؤكدا و قال بقوة: _ تمام يا فندم. أبدلت سهى ملابسها وجففت شعراتها و هي تتأوه بألم في كل جسدها نتيجة إرتطامها بالماء.. تمددت في فراشها ونامت بتعب دون أن تشعر .. في المساء إستيقظت على طرقات بباب غرفتها.. وقفت متثاقلة من ألمها وفتحت الباب تفاجات بهيئة ريان بملابسه العسكرية الكاملة .. فقالت بتعجب: _ إيه اللي إنت عامله في نفسك ده.. إحنا هنحارب خلاص. ضحك ريان ضحكة عالية وقال بنبرة هادئة : _ مش بتبطلى قلش إنتي .. علي فكره إحنا طالعين مهمة إدعيلنا بقا. فجأة تسلل القلق والخوف لقلبها وقالت و هي تهز رأسها بهيستيرية : _ إنتم مين ومهمة إيه ؟! قال وهو يتطلع إليها بنظرات شمولية مبتسما برقة : _ ما فيش حاجة كده على السريع.. وهنرجع منصورين بإذن الله.. خلى بالك من نفسك تمام.. أنا سايب هنا جندى مقاتل سهى المهدى مش الآنسة سهى مفهوم. إبتلعت ريقها بخوف وردت ببلاهة: _ تمام يا فندم..هو سامح رايح معاكم؟! اومأ برأسه وقال: _ أيوة ده هو قائد المهمة دی.. أنا قولت أجي أسلم عليكي، یالا سلام. فقالت مسرعة لإيقافه بعض الوقت: _ خلى بالك من نفسك.. تروحوا وترجعوا كلكم سالمين ان شاء الله. إبتسم لها بهدوء وقال بتلقائية مؤلمة : _ إدعيلي يا سهى ربنا يمن عليا بالشهادة. تجمعت العبرات في عيونها بسرعة وقالت بنبرة متحشرجة : _ بعد الشر عليك.. ليه بتقول كده؟! ضحك بإتزان وقال : _ ليه هي الشهادة شر .. أشوف وشك بخير. صافحته قائلة: _ مع السلامة، هستناك لما ترجع تحكيلي كل اللي حصل. أدى لها التحية العسكرية وإنصرف.. دلفت غرفتها .. ووضعت وشاح على كتفها وخرجت مسرعة..رأت طائرة.. وبعض الجنود الملثمين يقفون في طابور.. إقترب منها باسم وقال : _ إدعيلنا يا سهی تمام. ردت من بين دموعها: _ بدعيلكم والله تروحوا وترجعوا بالسلامة..منصورين إن شاء الله. إبتسم إليها ماجد وقال : _ مش هنتأخر عليك إن شاء الله يا طلبة. ردت برعشة في شفتيها: _ هستناكم..وإن شاء الله هترجعوا كلكم. إقترب منها سامح.. فزاد إنهمار دموعها دون ان تسيطر عليها.. فقال بإبتسامة رائقة : _ إيه يا طلبة إنت هتعيط.. لا إجمد كده. تمسكت بذراعيه وقالت بخوف: _ سامح كنت عاوزة أقولك حاجة مهمة قوى. مسح سامح دموعها بأنامله.. وقال وهو يملا عينيه بملامحها: _ بلاش دلوقتی یا سهی. تعلقت أنظارها به وقالت بصياح : _ لا لازم أقولك إنى...... . وضع كفه على فمها وقال مسرعا : _ إوعى ما تقوليهاش.. لما أرجع بالسلامة ان شاء الله .. أنا اللى عاوز أقولك حاجة مهمة. أغمض عينيه و فتحمها نافثا أنفاسه بقوة و قال: _ لا إله إلا الله. زاد إنهمار دموعها وقالت بصوت متحشرج: _ محمدا رسول الله. تركت ذراعيه و كأن روحها انسلت من صدرها و تركتها بألم يشبه ألم الموت .. إبتسم إليها بحنو.. ووضع قناعه علي وجهه وتطلع إليها مطولا.. وتركها و وقف أمام طابور المجندين بإيباء .. صلى بهم إمام وهي متابعة إليهم وقلبها يدعو بتوسل و رجاء كي يعودوا يالمين.. أتموا صلاتهم.. وحمسهم سامح ببعض الكلمات القوية .. ما أن إنتهب حتي لوح لها سامح بذراعه مودعا .. وركب الطائرة مع الجميع.