صعد مازن سيارته وهو يفكر فيما حدث معهم.. وظلمه لفريدة.. ومرض والده بسبب تسرعه الأحمق. لم يشعر بنفسه إلا وهو يقف بداخل النادي.. صف سيارته وتوجه لملعب الإسكواش .. وعندما وقعت عينيه عليها إبتسم إبتسامة هادئة.. يالله كم إشتاق إليها..تطلع لحركاتها بلهفة و صوت ضحكتها و هي تجفف عرقها بمعصمها جعله يسحب نفسا طويلا و كأنه منذ تركها آخر مرة قد توقف نفسه حينها.. كعادتها كلما توقف التمرين ترفع عينها تمسح المقاعد بهما و تعود لتمرينها خائبة الرجا و لكن هذه المرة ابتسمت شفتيها بسعادة تليق بها .. لأول مرة تبتسم له دون تكلف و كأنها كانت تتوقع حضوره أو .. تنتظره !! .... شعر كأن كل همومه وآلامه قد إختفت و كأنها رممت كل الخراب الذي التصق بروحه بنظرة من عيناها الخضراء الدافئة .. ظل متابعا لتدريبها محافظا على إبتسامته الشغوفة حتى إنتهت ..تفاجأ بها تقترب منه فإبتلع ريقه و وقف بتوجس ... وقفت أمامه وقالت بإبتسامة هادئة: _ ممكن أسألك مالك ؟! أشار لها مازن برأسه أن تجلس بجواره.. وقال وهو يحدجها بحب: _ إنتى الوحيدة اللى ليها الحق تسألني مالك . ضحكت و هي تملأ قلبها بنظرته الحنونة الشغوفة .. والتي تغذي أنوثتها و تعصف بقلبها المتعقل سابقا .. وصوته الذي لم يترك عقلها منذ أول لقاء لهما.. وهو يجذبها لعالمه.... تسائلت بتعجب وهي تجلس بجواره: _ ليه أنا الوحيدة اللى ليها الحق يعنى مش فاهمة ؟! تطلع إليها بهيام من هيأتها بعد التمرين.. وقطرات العرق التي تقطر من جبينها فقال لها مسرعا بقلق : _ قومى أول خدى شاور وغيرى هدومك لتبردى .. وبعد كده هقولك كل حاجة . زادت سرعة دقات قلبها وهي تتطلع لعينيه الحزينة.. والتي تطلعت إليها بحنان إفتقدته كثيرا.. ناهيك عن قلقه عليها.. سحبت نفسا طويلا و هي مازالت متعلقة بعينيه تتسائل بتعجب من هذا الشخص.. وكيف إنساقت وراء مشاعرها تجاهه بهذه السرعة و الاندفاع الغير مبررين ..ورغم تخبطها أومات برأسها وقالت بإنصياع: _ تمام.. مش هتأخر عليك . إبتسم إليها وطالعها بنظرات حانية وقال _ هستناکی . تركته وابتعدت.. و بعد نصف ساعة تقريبا.. جلست بجوار مازن في هدوء . تطلع إليها بإعجاب من هيأتها التي يقسم أنها قادرة علي سلب أى رجل تعقله من رقتها و بساطتها .. فقلد كانت ترتدى فستانا ازرق به وردات بيضاء صغيرة.. وأطلقت لشعرها الأسود العنان.. ولكن ما ضايقه و جعله يتوقف عند ساقيها بعبوس هو طول الفستان الذي يصل لتحت الركبة بقليل.. وعندما جلست أصبح فوق الركبة .. ناهيك عن ذراعاها المكشوفة.. لاحظت نظراته.. فقالت بخوف: _ الفستان مش عاجبك ؟! فرك مازن صدغيه بحركة ثابتة وأردف بتبرم: _ هو حلو كقميص نوم.. مش فستان تخرجی بیه . قطبت حاجبيها بغضب من وقاحته وقالت بعند: _ إنت شايفه قميص نوم.. إنت حر . تحولت ملامحها الناعمة لأخرى غاضبة..فصارت أبدع لوحة فنية نادرة قد رأتها عيناه بيوم و صار يلاحق انفعالاتها بنهم .. تنهد مطولا وهو يتفرس في ملامحها المثيرة..والتوتر البادى في فركها لأصابع يدها المتعرقة... فإبتسم وقال بهدوء: _ إنـتي زعلتى ولا إيه ؟!.. أنا كشخص صعيدى محبش حد يبص لحاجة تخصنى . قال كلماته الاخيرة ببساطة جعلتها تضيق عينيه قليلا و إبتسمت بخجل.. وهي تطالع صدق عينيه.. ثم قالت برقة: _ وأنا بقى... أخصك . حدجها بقوة وقال برقة لم يعهدها لسانه ولكنه يبدو انه قد خصصها لها وحدها : _ مش هنكر انه من أول ثانية شوفتك فيها فيها و انا حاسس ان إنتي بقيتي بتاعتی... ومش عارف ليه ؟! كانت في قمة خجلها و أطرقت رأسها و هي تجذب فستانها بأناملها ..وقالت مغيرة الحوار : _ طب مش هتقولى مالك.. وكنت فين الفترة اللي فاتت ؟ باغتها قائلا بجرأة: _ وحشتك ! قطبت جبينها مندهشة من وقاحته الزائدة.. فرفعت عيناها ناحيته مجددا تطالعه بتعجب ثم تنحنحت بخجل عارم من نظراته وقالت: _ إحم... رد على سؤالي لو سمحت . زفر بضيق.. وأسند ذراعيه على كرسي أمامه بمدرج الإسكواش وأسند ذقنه على يديه وقال بتوجس : _ انا كنت في مطروح رحلة مع العيلة .. كنت محتاج أقعد شوية مع انفسي و افكر في حاجات تخصني . ابتسمت بمكر و حركت كتفها الايمن و هي تقول بدلال : _ تخصك زيي كده ؟ إلتفت برأسه ناحيتها و قال مبتسما : _ فعلا حسيت اني من يوم ما شوفتك و انا بتغير .. بقيت عاوز اشوفك طول الوقت و عرفت اوقات تمرينك و بقيت اجي اقعد اتفرج عليكي و أمشي . هزت رأسها بتفهم و قالت : _ و يا ترى استفدت بحاجة من سفريتك دى . عاد بعينيه يتطلع امامه و قال بإستسلام : _ و لا أي حاجة بدليل اني جيت النهاردة قعدت نفس القعدة القديمة اتفرج عليكي . كانت تطالعه بتركيز شديد و لكنها استشفت شيئا آخر خلف تجهم وجهه فسألته بفضول : _ طب هتحكيلي مالك بقا ؟ أومأ برأسه و قص لها لها وعن الرحلة.. وما حدث مع عائلته.. وعنفه مع فريدة.. وندمه على تسرعه معها و الذي جعله خسرها و تسببفي مرض والده .. تطلعت كريستينا أمامها وقالت بتعقل: _ الكويس في اللي حكيته.. إنك ندمان.. وده معناه إنك طيب و مسمحتش لعنادك و كبريائك انهم يغلبوا عقلك و اعترفت بغلطتك . تنهد مطولا.. ثم قال بألم: _ بس هصالح فريدة إزاى.. أنا عارفها عنيدة وصعب تسامحنى و بصراحة معاها حق .. انتي لو شوفتيها هتكرهيني لانه مافيهاش حتة سليمة من بعد اللي عملته فيها . وقفت كريستينا بسرعة وقالت بتلقائية: _ ممكن تاخدني عند فريدة في المستشفى . ضيق مازن عينيه وهو يدعى عدم الفهم وقال متعجبا: _ نعم !!!... هتروحي ليها بصفتك إيه مش فاهم ..هي ما تعرفكيش اصلا . ردت كريستينا ببديهية: _ ما أنا عاوزة أتعرف عليها.. وكمان هكون حمامة سلام بينكم . فقال وهو يخلل أصابعه بين شعراته الكثيفة: _ إقعدى یا كريستين الله يرضى علیکی مش ناقص جنانك . جذبته من ذراعه بالقوة.. فوقف بسرعة وتحرك معها وهي تجذبه ورائها بعفويو و قد توقف هو عند ملمس يدها على ذراعه تاركا لها نفسه كما ترك لها قلبه سابقا .. خرجوا من صالة الإسكواش تطلعت حولها وقالت بقوة: _ هي عربيتك فين ؟ أشار على سيارته ببلاهه وقال: _ واقفة هناك.. برضه هتمشي اللي في دماغك ؟!! أجابته بإصرار مع هزة من رأسها دليلا على التأكيد: _ أيوة و مش عاوزة مناقشة ممكن ؟! فسألها بقلق: _ هو إنتي أي حد بتتعرفي عليه بتزورى أهله وتمشى معاه وكده . تجهم وجهها وإقتربت منه بشدة حتي أصبحت مقابلة له .. ورفعت سبابتها قبالة وجهه وأضافت بلهجة تحذيرية: _ إسأل عنى كل واحد في النادى.. أنا عمرى ما إتكلمت مع حد أصلا.. وأنا أسفة لو فكرتك عنى بقت بالشكل اللى في دماغك ده.. ومش عاوزة أشوفك تاني . تركته و إبتعدت غاضبة.. فركض ورائها و أمسكها من ذراعها و قال بأسف: _ أنا اللى آسف.. معلش متلخبط ومش عارف بقول إيه وبعمل إيه و الله ... سامحيني علشان خاطرى . زفرت بضيق وهتفت بإستنكار مدافعة عن نفسها وقالت بصياح : _ على فكرة إنت أول واحد دخل حياتي.. سواء صدقت أو لا و لو سمحت سيب ايدي . إبتسم مازن وقال بمكر: _ وهبقى آخر واحد إن شاء الله .. و مش هسيب ايدك غير لما تسامحيني . توترت من تأثير كلمات غزله الصريح.. و فطنت لما يرمى عليه.. فسألته بنفاذ صبر : _ هاه..هتوديني لفريدة ؟! جاهد مازن كثيرا ليخفى إبتسامته التي تطفو على ثغره بسبب طريقتها الطفولية.. ثم قال مسرعا : _ يالا إركبى.. لهرجع في كلامي . أخرجت هاتفها و سحبت يدها من يده وهاتفـت والدتها قائلة: _ هاي يا مامي.. بقول لحضرتك أنا هروح مع مازن اللي حكيتلك عنه عند فريدة أخته فى المستشفى.. ممكن؟!!! ..حاضر هبعتلك اللوكيشن اول ما هوصل .... لا مش هتأخر ...see you" أغلقت الهاتف وقالت بحماس: _ يالا بینا یا مازن . نظر إليها بحيرة سائلا إياها بصوت هادئ: _ إنتى حكيتي لمامتك عنى؟!!! تشكل على تقرها إبتسامة بلهاء وهي تقول بخجل: _ عادي يعني.. أنا مش بخبى عليها حاجة و كنت حكيت لها عن الخناقة وكده و بقيت اشتم فيك دايما كل ما افتكرك . تقوس فمه بإبتسامة ماكرة..وباغتها سائلا: _ وقولتلها إيه عنى بقا و انتي متعرفيش حاجة عني . لفت ساقيها علي بعضهما بنعومة و فركت جبهتها بخجل و قالت : _ لا ما خالد عرفني كل حاجة عنك و عن عيلتك و شغلك و كده . ثم هتفت به بحدة مستنكرة تلميحاته المزعجة و نظراته المربكة وقالت بتلعثم : _ يالا بقا یا مازن.. هنفضل واقفين كده ؟! أومأ برأسه موافقا.. ثم قال متغلبا على تردده: _ اللي يشوفك وإنتى بتكلمينى كده يقول نعرف بعض من سنين . رفعت كريستينا كتفيها وقالت بثقة: _ مش يمكن نعرف بعض من زمان في زمن تانى أو مكان تاني . إبتسم على منطقها المقنع.. ثم فتح لها باب السيارة.. وركبت بجواره.. لف حول السيارة و صعدها وإنطلق بالسيارة في إتجاه المشفى وقد إختفى حزنه.. والمه ببساطة غريبة كحال اي شىء منها بسيط و رائع . إستدت مي بظهرها علي باب غرفة حياة المغلق و هي تبكي بحرقة .. لا تعلم هل تبكي أمها التي اشتاقتها أم تبكي والدها الجالس بغرفتة منحني الرأس بخزى أم تبكي أختها التي تبكي بنحيب خافت و صوت بكائها يصلها .. جلست مي و هي تقول بصوت متحشرج : _ حاولت كتير افهمك انه الكره مش بيجيب غير الخراب و المصايب و انتي كنت بتعاندى و لا سمعتيلي كلمة . كففت دمعاتها و قالت بتنهيدات مقتضبة : _ الدنيا دي يا حياة مش عاوزة الذكي اللئيم اللي فاكر انه مسير العالم بتاعه بإيده .. ده لا ذكي و لا زفت ده شخص موهوم و مع اول درس من ربنا هيعرف انه كل شىء بإيد ربنا و بس . ثم تطلعت بغرفة والدها المضاءة و أردفت بحزن : _ و لا عاوزة الشخص المسالم الضعيف اللي بيضحي بكل شىء علشان غيره و اللي بيسكت و يقول علشان المركب تمشي و فاكر انه السعي في تحسين نفسه و اللي في رقبته ... تحدى لقدرة ربنا و النصيب و ان الايام بس بتمشي بالقدر مع ان ربنا سبحانه و تعالي امرنا بالسعي . مرر عثمان كفه علي وجهه بعدما وصلته كلمات مي القاسية التي تابعت و قالت من بين بكائها الهيستيري : _ أنا مش عاوزة اكون زيكم أبدا .. انا هسعي و هطور نفسي و هغير من شخصيتي و هبقي قد الدنيا و هرضي ربنا و مش هقف محلي سر اتفرج عالدنيا و هي بتتسرب من ايدي زى الرمل . ثم وقفت بتثاقل و طالعت نفسها بمرآة مكتبة جانبية و تفحصت جسدها السمين و قالت بثبات : _ و لا هخلي حاجة تقف قدامي عائق اني احقق كل اللي قولته و انتم عاوزين تتغيروا لنفسكم مش عاوزين انتم احرار .... انا هكبر شغل ابويا و هخليه مستقل زى شغل عمي جاسر و عمي جلال و كمان ناوية ابقي متميزة عن مازن و ... وياسين و هثبت للكل اني مش ضعيفة و لا تافهة . التفتت خلفها و طالعت الغرفتين و صاحت بغضب : _ انتم سامعين .... حياتكم دى لازم تتغير كفاية بقا اللي عشناه من هم و غم و قرف في البيت ده كفاية . و هرولت ناحية غرفتها و أغلقتها عليها و انهارت علي فراشها باكية ... ظلت ليلى في إنتظار قدوم ياسين ورائها كما اعتادت منه ملاحقتها.. لكنه إختفى تماما .. جلست بجوار فريدة وقالت بإبتسامة هادئة: _ عاوزاكي تروقى بسرعة.. عندنا إمتحانات.. ومش هرضى بأقل من إنك تبقى الأولى على الدفعة زى كل سنة . أومأت فريدة برأسها وقالت بضيق: _ معدش في دماغي غير مستقبلى وبس . قبلت لیلى جبينها المختفى تحت الضمادات بحرص وقالت مازحة: _ برافو عليكي يا بيبي ..لو كانت المنكوشة أختك هنا.. كانت علمتهم الأدب.. مش بعيد كان زمانهم راقدين على سراير جنبك متكسرين . أغمضت فريدة عينيها هاربة من واقعها و من ذلك الشريط البغيض لحفلة تعذيبها و الذي لا يرحمها و يمر أمام عينيها بكل قسوة .. لاحظت ليلي عودتها لاغلاق عينيها و استسلامها للهروب فخرجت لتتنفس قليلا خارج الغرفة.. وجدت ممرضتان تبتسمان بإعجاب.. و قالت إحداهن: _ شوفي الشاب اللي هناك ده.. قمر . ردت الأخرى بتنهيدة مشتعلة: _ عندك حق.. طول بعرض وأسمراني و شكله ابن ناس من لبسه .. بصراحة يجنن . إلتفتت ليلى لترى هذا الشخص اللاتي يتحدثن عنه..حتى جحظت عيناها من وجهها.. وإقتربت من الفتاتان وقالت بغضب: _ إحترمي نفسك إنتي وهي . ردت إحداهن بتعجب و هي تطالعها بحقد من جمالها : _ مالك يا قطة هاجمة علينا بزعابيبك كده ليه ؟! ضحكت ليلى ضحكة رنانة ساخرة من كلماتها ..وقالت وهي تطالعهما بقوة: _ لأ.. لتكونوا فاكرنى بت رقيقة من بتوع بابي و مامي وعنيها زرقة.. وهتخشوا عليا بحبتين صياعة فا تاكلونى بكلمتين.. يا خی دیه ده .. أنا هروح لمدير المستشفى وهقوله عن قلة أدبكم.. وأشوف الصياعة دی بقا قدامه يا .... يا قطة . حدجتها الممرضتان بغضب.. و قالت الثانية : _ واقفين نتكلم مع بعض ايا كان اللي قولناه انتي مالك مش فاهمة ؟!! عقدت ليلي ذراعيه امام صدرها و هي تحدجهم بتحدى و قالت دون ان تدرى : _ مالي انه الشاب اللي بتتكلموا عليه ده يبقي خطيبي . ابتلعت الفتاتان ريقهما بتوتر فتابعت بنصر : _ هاااه هتمشوا و لا ندخل سوا للمدير ؟!!! إبتعدوا عن أنظارها بخوف.. بينما إقتربت هي من ياسين الواقف أمام شرفة المشفى شارداً.. وقالت بغضب: _ إنت واقف هنا ليه ! تطلع إليها بتعجب وقال بهدوء: _ نعم ؟!!! هتفت به ليلي بحدة وقالت: _ إتفضل إمشى من هنا طالما مالكش لازمة . تشنجت تعبيره مردداً بغضب من صياحها: _ وأنا واقف على دماغك.. وباعدين أنا هنا لغاية ما مازن يرجع.. وبعدها مش هتشوفي وشي يا ستى ارتاحتي . رفعت حاجبها بإستنكار و قالت : _ و احنا مش عاوزينك معانا لا انت و لا هو .. روح شوف شغلك و امشي من هنا . رفع عينيه مستلهما الصبر و دفعها من ذراعها قائلا من بين اسنانه بضيق : _ اتكلي علي الله يا ليلي انا اللي فيا مكفيني و ياريت تبعدى عني قد ما تقدرى احسنلك . أزاحت يده عنها و قالت بغضب : _ هتعملي ايه ان شاء الله ... وريني كده علشان انيمك في أوضة من أوض المستشفي دى مالكش ملامح . مرر كفه علي وجهه بقة كاظما غيظه و قال بصوت اجش عميق : _ يا بنتي ده انا لو عطست في وشك هطيرك زى الناموسة و محدش عالكوكب هيحس انك اختفيتي اصلا يا متر و نص انتي . شهقت بصدمة و قالت بعبوس : _ ماشي يا ابو طويلة جرب بس تلمسني كده و انا و ربنا و ربنا هبلعك كلامك ده و معاه اسنانك كمان . بحث حوله و قال بضيق : _ يارب مافيش هنا مبيد حشري ابخها بيه يمكن تطير و تبعد عني و ارتاح . طالعته بهدوء ثم اقتربت منه و رفعت قدمها و هبطت به بقوة علي قدمه فأنغرش كعب حذائها المدبب فيه فصرخ قائلا بتأوه : _ آآآآآآآه ... رجلي يا مجنونة انتي .. هو انا اصلا جيت جنبك انتي اللي جاية تزعقيلي من غير سبب . طالعته بتشفي و قالت براحة : _ اتفضل امشي من هنا بقا قبل ما اكسرلك رجلك التانية . كور قبضته و رفعها بوجهها وفجأة تحولت ملامح ياسين و ارخيت قبضته بجواره .. وإبتسم بإعجاب وقال بتلقائية و هو يتطلع بشىء ما خلفها _ أوبا...... يا مازن یا جامد دی طلعت صاروخ... عندك حق يا معلم . إلتفتت ليلى ورائها فرأت فتاة جميلة بل غاية في الجمال دالفة للمشفى مع مازن.. و لاحظت جمالها الملفت.. ولاحظت أيضا نظرات ياسين لها فضغطت على قدمه الاخرى بكعب حذائها وقالت بحدة: _ علشان تعرف تبصبص براحتك يا معلم . تألم بشدة.. و صرخ قائلا: _ ااااااه ...رجليا يا مجنونة ..آآآه.. دکتور یا جدعان رجلي إتهرست . تركته ليلى ودلفت لغرفة فريدة وهي تضرب الأرضية بكعب حذائها.. إقترب مازن من ياسين و سأله بضيق : _ إيه الأخبار يا ياسين ؟! فرد ياسين وهو يتطلع لكريستينا بإعجاب من جمالها قائلا بسخرية: _ الأخبار تجنن الصراحة.. مش تعرفنا يا معلم . أشار مازن على كريستينا وهو يلتهمها بعينيه وقال: _ دى كريستينا اللي كنت حكيتلك عنها.. عرفت إن فريدة تعبانة فحبت تطمن عليها . مدت كريستينا يدها لياسين وقالت بود : _ هاى ازيك . صافحها ياسين وقال بإبتسامة هادئة : _ هاى و رحمة الله و بركاته .. أنا ياسين المهدى إبن عم مازن . ردت بإبتسامة ساحرة: _ أهلا بيك . أشار لها مازن على غرفة فريدة.. فتركتهم وتوجهت ناحيتها بثقة.. إقترب ياسين من مازن وقال بإعجاب: _ أوف..دى جامدة طحن يا معلم عندك حق.. اوعى تسيبها تضيع منك . حدجه مازن بغضب نتيجة غيرته وقال بحدة: - طب إحترم نفسك بدل ما أستلم البونبوناية بتاعتك أم عيون زرقا و اطلعهم عليك . رفع ياسين يديه في الهواء متذمرا.. وقال باستسلام : _ لا وعلى إيه الطيب أحسن . طرقت كريستينا باب غرفة فريدة.. ففتحت ليلى الباب و ما ان رآتها حتي امتعض وجهها..وتطلعت إليها بغرور وقالت: _ إنتى مين ؟! إبتسمت كريستينا بود وقالت: _ أنا كريستينا صديقة مازن وكنت عاوزة أطمن على فريدة ممكن أدخل؟! ردت لیلی ببرود: _ هسألها وهرد عليكي ؟! و أغلقت باب الغرفة بوجهها وقفت كريستين تطالع الباب بوجه متجهم من ردة فعلها المفاجأة ... ثم تطلعت ناحية مازن و ياسين الذي يطالعها بإبتسامة مكظومة من ردفعل ليلي معها .... بعد إسبوع.. هدأت الأمور قليلا.. وعاد جلال وإبنته فريدة لمنزلهم بصحة جيدة.. ولكن جراح قلبها لم تداوى بعد فقد إنعزلت عن الجميع.. وآثرت الوحدة.. دلفت سعاد غرفة فريدة وسألتها برجاء: _ مش هتخرجي تقعدى معانا برضه يا ديدة . رفعت فريدة عينيهاعن كتابها وقالت بحزن: _ سامحيني يا ماما.. ورايا مذاكرة كتير والإمتحان بكرة و مش فاضية خالص . اقتربت منها سعاد اكثر و قالت بترفق : _ يا حبيبتي بقالك اسبوع قافلة علي نفسك باب اوضتك و ده غلط . لملمت فريدة شعراتها البنية و قالت ببرود : _ قولتلك بذاكر يا ماما .. سبيني اخلص لو سمحتي . إبتسمت لها سعاد وقالت بتفهم : _ براحتك يا حبيبتي ... لو احتاجتي حاجة تشربيها عرفيني وشوية وهجيبلك غداكي هنا . اجابتها فريدة و هي تعود بعينيها لكتابها : _ شكرا يا ماما ... علي فكرة سهي لسه قافلة معايا معرفش كلمتكم النهاردة و لا لأ . أجابتها سعاد و هي تنصرف : _ كلمتنا يا حبيبتي ركزى في مذاكرتك يالا . تركتها سعاد وخرجت.. فسألها جلال بألم : _ مش هتخرج برضه تقعد معانا ؟!!.. أومات سعاد برأسها نافية وقالت بحسرة: _ لأ مش راضية يا حاج.. دلوقتى ليلى هتجيلها.. هى مش بتضحك غير معاها . فوقف مازن وقال بصرامة: _ أنا هدخلها كفاية بقا.. عمرها ما زعلت مننا وطولت كده . إستوقفه والده قائلا بحزم: _ سيبها براحتها يا مازن..هي هتروق لوحدها محدش يضغط عليها كفاية اللي حصل لها . زفر مازن بضيق.. وجلس على طاولة الطعام غاضبا و هو يقول بحدة : _ بس يا بابا انا اعتذرتلها بدل المرة مليون اعمل ايه تاني ؟!! أسرع جلال قائلا بنبرة قاطعة : _ تعمل اللي هي عايزاه و بقول اهه اوعي حد فيكم يضغط عليها بحاجة . وقف مازن و ترك طعامه و دلف لغرفته منفردا بنفسه ... وصلت ليلي لمنزل فريدة فكان أدهم في إنتظارها كعادته الاخيرة لا يكل و لا يمل في أن يقنع الجميع بمقابلة فريدة التي ترفض حتي ذكر اسمه أمامها .. إقترب منها وقال بهدوء: _ أخبارك إيه يا ليلى ؟! ردت ليلي ببرود: _ الحمد لله كويسة يا دكتور أدهم . صمت أدهم لبرهة يفكر.. ثم قال بتوتر: _ طب وفريدة عاملة إيه ؟! تنهدت ليلي بأسى وقالت : _ لسه تعبانة يا أدهم.. اللي عملتوه فيها مش قليل.. وكويس إنها ما بلغتش عنكم.. ورفضت تقول مين اللي عمل فيها کده.. ده غير وشها اللي إتشوه. طأطأ أدهم رأسه بخجل و مرر انامله في شعراته التي استطالت قليلا بينما تابعت ليلي دون رحمة : _ هي أصلا مش عارفة هتروح الكلية بكرة إزاى كده.. بس أنا قولت للكل إنها كانت عاملة حادثة عربية . تطلع إليها أدهم برجاء وقال بإصرار : _ طب أنا عاوز أكلمها في التليفون بس.. أو تقف في شباكها أشوفها لو ثانية واحدة.. هتجنن يا ليلى . طالعته قالت بفتور : _ تستاهل يا ادهم و انا لو مكانها عمرى ما هسامحك .. كفاية اللي عمو جلال معاها في المستشفي بجد كفاية . ضغط أدهم شفتيه و قال بحزن : _ عارف اني استاهل و ان اللي حصل في المستشفي زود الطين بلة بس انا كل اللي يهمني دلوقتي انه اشوفها او المحها حتي و الله حرام . رق قلب ليلى لأدهم و لحالته فتابع هو لاستمالة عطفها اكثر : _ طب مش بتشوفيني في المحاضرات عامل ازاي .. انا في ولاد بيسألوني مالى من كتر ما انا مش مركز معاكم . هزت رأسها بتفهم وقالت بموافقة: _ طب هحاول معاها تنزل ونذاكر هنا بس إختفى إنت خالص تمام .. لأنها لو حست اني عملت كده علشانك هتحطني في البلاك ليست و انت عارفها . إبتسم وقال بفرحة: _ بجد يا ليلى.. مش عارف أشكرك إزاى .. و ما تقلقيش مش هتلمحوا ضلي حتي . كان ياسين في طريقه للخروج من المنزل و هو يعبث في هاتفه فوجد أدهم واقف مع ليلي فإختفي قليلا و وقف يتابعها من بعيد بشوق .. لاحظ انتهاء حديثهما فخرج و هو يطالع شاشة هاتفه مجددا ومر على أدهم وليلي وقال ببرود عكس ما بداخله تماما من شوق وضيق: _ های یا جماعة.. أشوفكم باعدين . وإبتعد مسرعا .. تطلعت إليه ليلى بحنق من طريقته الجديدة وتجاهله لها.. لاحظ أدهم شرودها فسألها متعجبا: _ مالك يا ليلي إنتى كويسة ؟! هو ياسين زعلك تاني ؟ إنتبهت على صوت أدهم فقالت بعبوس: _ هاه.. لا ما فيش حاجة هطلع لفريدة وهحاول معاها يالا سلام . و تركته و إبتعدت و هي تتوعد ياسين بقوة... فمن يظن نفسه ليعاملها بهذا الشكل... لعنت غبائها الذي أوصلها لهذه الدرجة البائسة من متابعة مشاعرها بشخص لا يستحق.. خرجت سهى من غرفتها بعد إستراحة الغداء و هي تتطلع حولها بحماس .. بحثت عن سامح حولها حتى وجدته.. إقتربت منه و قالت بتلهف: _ إنت فين يا هندسة.. بقالى شوية بدور عليك . استأذن سامح من رفاقه و استدار اليها قائلا بهدوء: _ كنت عند القائد.. قوليلي بقا بتدورى عليا ليه ؟! أضافت سهى بحماس : _ كنت عاوزاك إنت وباسم وماجد علشان نروح عند القائد..حليت اللغز يا معلم . وقفت تطالع بطرف عينها بغرور .. حدجها سامح بتعجب وقال بفضول: _ لغز إيه اللي حلتيه ؟! رفعت طرف شفتها و قالت بحنق : _ ده تأخر ذهني و لا ايه يا هندسة .. أكيد يعني المهمة اللي انا مسحولة بسببها في ام الصحرا دى . اتسعت عيني سامح و قبض علي ذراعيها بفرحة و أخذ يحركها للأمام و للخلف بسعادة مرددا بهيستيرية : _ الله عليك يا واد يا طلبة يا عسل انت . شعرت سهي بالدوار فهتفت بدوار : _ صلي عالنبي يا معلم انا هفور في وشك من كتر الرج حرام . ثم اشرأبت قليلا و وقفت علي طرف اناملها و قالت بسخرية بجوار أذنه كي توقفه : _ الله اكبر الله اكبر .. السماح و الرضي . توقف سامح عن هزها و هو منهار من الضحك و رفع كفيه قائلا : _ آسف و الله الحماس اخدني . غمزت له بعينها و قالت بهمس خفيض : _ أحلي حماس ده و لا ايه . دنا منها قليلا و قال بنبرة محذرة خافتة : _ بلاش الحﻻكات دى معايا لانا اخر ست اعتبر شوفتها كانت المرحومة امي و جوايا كبت لو طالك هتندمي . تنحنحت بخجل و عقدت ذراعيها خلف ظهرها و قالت و هي تبحث بعينيها : _ بقية الرجالة فين عاوزين ننجز يا هندسة ؟! إبتسم بهدوء و هو يطالع خجلها اللذيذ و سألها بفضول : _ برضه عاوز اعرف انتي وصلتي لايه ؟ جذبته من يده وقالت بحماس: _ هتعرف كل حاجة دلوقتي يالا بينا بس . في داخل غرفة العمليات.. وصلت سهى حاسوبها بشاشة العرض..و جلس الجميع على نار من الفضول لمعرفة ما ستقوله.. وقفت أمامهم بثقة وقالت بعملية : _ كل الإحداثيات اللي في الرسايل اللي قدرت أفك شفرتها بتقول إن مركزهم في المكان ده تحديدا . وأشارت على مكان ما على الخريطة أمامها.. فقال لها سامح مؤيدا: _ فعلا.. وإحنا لاقينا في المكان ده بیت قديم.. وطلع مهجور ودخلناه أكتر من مرة بس مالقيناش حاجة مهمة فيه . ردت سهى بسرعة مؤكدة علي حديثه بإبتسامة ماكرة : _ بالظبط كده.. هما أوهمونا إنه مجرد بيت مهجور ... وبالرغم من حصار كم للمنطقة دى بس کنتم دايما بتمسكوا فيها إنتحاريين.. ومعاهم أسلحة كتير ومتفجرات.. تقدروا تقولولى بيجيبوها منين ؟! تطلعوا جميعا ببعض و العجز مصيبهم تابعت سهي قائلة : _ أو حتي هما كمان كأشخاص بييجوا منين ؟ خرج القائد عن صمته وقال بضيق: _ ما ده اللي هيجننا.. كل ما نقول خلاص إنتهوا.. نلاقيهم رجعوا أكتر من الأول و متسلحين أحدث . ردت سهى بإبتسامة متسعة: _ أنا بقى يا فندم حليت اللغز ده الحمد لله و هنقطع دابرهم . فسألها ماجد بضيق: _ ما تتكلمى على طول يا سهى.. إكتشفتى إيه ؟! بدل جو افلام الاكشن اللي انتي عاملاه ده . تطلعت إليهم سهى بإهتمام وقالت بقوة: _ زى ما قولتلكم البيت ده هو سبب كل حاجة بتحصل وهتحصل . رفع باسم عينيه بملل و قاطعها و هو يقول بسخرية : _ إحنا فتشناه أكتر من مرة ومالقيناش حاجة فيه.. يبقى هو السبب إزاى الأسلحة بتتزل عليه من السما . ضحك ماجد وقال بتهكم : _ لأ بتطلع عليه من الأرض . طرقعت سهي بأناملها وقالت مسرعة: _ برافو عليك يا ماجد. ضيق ماجد عينيه و سألها بإندهاش : _ من تحت الارض ؟! سألها سامح مستفهما: _ قصدك إيه يا سهى وضحي اكتر لو سمحتي . عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بزهو: _ قصدى بمنتهي البساطة إن تحت البيت ده نفق.. ونفق كبير جدا.. ومهم جدا.. بيوصل بفلسطين.. واذرع الجماعات الارهابية اللي هناك هي اللي وراه.. وبيمدوا التكفيرين اللي هنا بالسلاح والمتفجرات .. والفلوس.. ومش بيستخدموه غير قليل جدا.. خايفين إنه ينكشف ده أخر امل ليهم من بعد ما انتم استرجعتوا سينا منهم . إبتسم سامح وقال بفرحة: _ لو كلامك ده صح.. كده هتبقى ضربة في مقتل . تنهدت سهى وهي تطالع لمعة عينيه الساحرة.. ثم إبتلعت ريقها وقالت بصرامة مخفية ورائها إعجابها: _ الأهم بقا.. إن في قيادات كبيرة هتعبر النقق ده قريب.. وده الوقت المناسب علشان تمسكوهم متلبسين.. ومحدش يقدر يكذبنا تانى.. الكل هيعرف مين اللى بيموت ولادنا في سينا وجوة مصر . سألها القائد بحرص: _ إنتى متأكدة من الكلام ده يا سهی .. الكلام ده اخطر مما تخيلي . اومات برأسها و قالت بثقة: _ أيوة يا فندم طبعا.. ومعايا كل الرسايل اللي بتأكد كلامي . و ناولته قرصا مدمجا و عاد للخلف و هي تنتظر ردة فعله بالفعل وضع سامح القرص بأحد اجهزتهم الاستخبراتية و عاينوا تلك الرسائل بوجوه مشدوهة ..... وجه القائد كلامه لسامح قائلا بحزم: _ عاوزكم تتأكدوا من الكلام ده يا سامح.. والنهاردة مفهوم . أجابه سامح بقوة: _ تمام يا فندم متقلقش هنرجع النهاردة بالخبر اليقين . فقالت له سهى بقلق و توجس من ردة فعل سامح على كلماتها القادمة: _ بس أنا لازم أروح البيت ده يا فندم !!! وقف سامح مشدوها ببطء شديد وقال مسرعا بغضب: _ لا طبعا مش هيحصل انتي اتهبلتي في مخك تيجي فين ان شاء الله . تطلعت إليه سهى برجاء وقالت بإستعطاف : _ لازم أجى معاكم يا سيادة الرائد.. أنا اللي أقدر أكتشف النفق ده.. ولازم محدش يحس بيكم.. وإلا هيأجلوا كل حاجة.. وتعبى هيروح فاشوش . هتف فيها سامح بحدة: _ بلا سيادة الرائد بلا زفت و مش هيحصل يا سهی.. والكلام إنتهى . تطلعت سهى للقائد وقالت برجاء: _ أرجوك يا فندم.. أنا مش أغلى من اللي راحوا.. ولازم أروح هناك علشان نقدر نلاقى النفق من غير ما حد يحس بينا . طالع باسم احتقان وجه سامح فقال متدخلا لتهدئة الاجواء : - سهي انتي من شوية قايلة انه بيخرج منه انتحاريين و تكفريين و مسلحين بأحدث الاسلحة و سامح خايف عليكي احنا هنتعامل انتي هتعطلينا . وقف القائد وقال بحزم : _ جهز نفسك يا سامح إنت وباسم......... وسهى . قاطعه سامح مرددا برجاء: _ بس يا فندم. حدجه القائد بغضب وقال: _ سامح.. كلامي منتهي .. جهزوا نفسكوا على الليل.. تروحوا وترجعوا بالسلامة.. إنصراف يا رجالة . خرجوا جميعا.. فمرر سامح أصابعه بشعراته وقال بغضب: _ بتدبسینی یا سهی ؟!!!.... ردت بخوف: _ لا والله.. بس مش هينفع من غيرى صدقنى . هز رأسه بعنف... وقال بإرتباك ملحوظ: _ إنتى مش فاهمة حاجة.. ولا عارفة إحنا بنقابل إيه.. إنتى لازم تعتذرى عن المهمة دى... و فورا . وقفت أمامه وقالت بصرامة: _ إنت لازم تعرف إن اللي قدامك دلوقتى مش سهى بتاعت السن بلوك.. أنا جندى مقاتل سهى المهدى.. وإتمرنت على إيدك.. وجاهزة لأى عملية مهما كانت . فقال ماجد لتلطيف الأجواء قليلا: _ سهى معاها حق یا سامح.. هي تقريبا جاهزة وتقدر تعتمد عليها . أوما سامح برأسه نافيا وقال بصرامة قاطعة: _ لأ ده مش هيحصل..عمرى ما هعرضها لأى حاجة تأذيها حتى لو ده هيكون سبب إنى أسيب الخدمة . وقفت سهى أمامه وقالت بدلال: _ إنت هتكون معايا.. ومعاك أنا هبقى في أمان.. فكر شوية لو قدرنا نلاقى النفق ده.. هنحمى كام مجند ومواطن من خطر الكلاب دول . زفر بضيق وقال وهو يحتضن وجهها بين كفيه: _ أنا خايف عليكي وبس.. مش هسمحلك تأذى نفسك بعنادك ده. لامست كفيه بيديها وقالت برقة و هي ذائبة داخل عينيه الحنونة: _ ما فيش حاجة ولا حد يقدر يأذيني طول ما إنت معايا وربنا معانا . إقترب باسم من سامح وقال بجدية: _ خلاص بقا يا سامح.. أنا وإنت يعنى مش هنقدر نحميها ؟!! تركها سامح وقال بغضب: _ مش هتيجى معانا.. مش هيحصل . وتركهم وإبتعد.. وقفت تتطلع إليه بحزن.. فقال لها ماجد بإبتسامة ماكرة: _ لو كان حد حلفلي إن سامح ممكن يحب بالشكل ده عمرى ما كنت هصدق.. ربنا يحميكوا ويخليكوا لبعض . إبتسمت سهى وقالت برقة: _ أمييين يارب . ثم التفتت اليه بحدة و قالت : _ و يحمينا من عنيك انت و الهندسة اللي واقف جنبك ده . رفعباسم حاجبيه و قال بتعجب : _ حد جه جنبك يا بنتي انتي .. هو جر شكل و خلاص يا ساتر من لسانك . مرر ماجد انامله علي ذقنه متوعدا و قال بمزاح : _ ماااشي و انا اللي بحاول اقنعه ياخدك .. طب هروح دلوقتي اسخنه عليكي اكتر و مش هتروح يا طلبة .. و يا انا يا لسانك . لملمت فريدة شعراتها الصفراء في عقدة مطاطية و قالت بنزق : _ أرجوكي يا ديدة زهقت من قاعدة البيت.. وباعدين ده آخر بارت في المادة.. ولازم نراجعه على رواق.. قومی بقا ننزل : وقفت فريدة وقالت بصرامة: _ لا یا لیلی مش هنزل.. مش عاوزة أشوف حد . تنهدت ليلي بقوة فاقدة صبرها وقالت: _ ما فيش حد أصلا، قومي بصى من الشباك وكمان كريستينا هتيجى شوية كده.. ومش عاوزين أمك تحس إنها صاحبة مازن مش صاحبتك إنتي . إبتسمت ليلي بمكر وأردفت قائلة: _ فاكرة أول مرة شوفناها لما زارتك في المستشفى . ضحكت فريدة وقالت بنبرة متسلية: _ إنتى كنتى مش طيقاها مش عارفة ليه ؟! مررت ليلي أناملها بشعراتها وقالت بهدوء: _ أيوة بس بعدها حبيتها.. دى طيوبة قوى.. وبكرة لما ترجع سهى هيبقوا صحاب جدا.. دماغهم زي بعض . أومات فريدة رأسها وقالت مؤكدة: _ وواضح من كلامها إنها بتحب مازن وهو بيحبها.. بس إزاى وهى مسيحية وأخويا مسلم ؟!! ردت ليلى بقوة: _ عادى يا ديدة.. ده سيدنا محمد ﷺ إتجوز مسيحية.. ودينا بيسمح بده.. إحنا هنعمله مشكلة.. هي المشكلة عندها هی مع أهلها .. هتقومی بقا ننزل . زفرت فريدة بضيق وقالت بضجر: _ يخرب بيت زنك..إطلعى من نافوخی . دخلت سعاد وسألتهم بقلق: _ مالكم يا بنات صوتكم عالى ليه ؟ شبكت ليلى ذراعها بيد سعاد وقالت بحنق: _ تعالى يا أنطي.. بقول لفريدة ننزل نكمل مذاكرة تحت وهي مش راضية.. حضرتك كلميها بقا . ردت سعاد برجاء: _ قومى إنزلى معاها يا فريدة.. غيرى جو الأوضة.. والوقت ده محدش في البيت أصلا.. كله في شغله.. وأبوكي خد العلاج ونام . فكرت فريدة قليلا وقالت بنفاذ صبر: _ قدامی یا أستاذة ليلى.. هو أنا هخلص من زنك . ضحكت ليلى بإنتصار وقالت: _ يس.. أيوة بقا.. هاتي كتبك وأنا هشيلهالك.. هو الدكتور قالك إيه آخر مرة ؟! أعطتها فريدة كتبها وقالت بحزن: _ عادي أكل أكل مسلوق فترة كمان علشان القرحة.. وبغير على الجروح والخياطات كل كام يوم.. بس دراعی قدامه أسبوع كمان علشان أفك الجبس من عليه . ربتت ليلى على ذراعها وقالت بحنو: _ ربنا ستر.. ودراعك اليمين هو السليم.. كنتى هتمتحنى ازای..قدامی یالا . نزلا سويا إلى حديقة المنزل.. جلستا على طاولة.. وبدءا مذاكرة.... كانت فريدة تتطلع بالكتاب الموضوع أمامها بشرود...فعقلها البائس و قلبها المسكين قد إتفقا عليها معه و كانه سلطهما عليها ليعيداها لصوابها.. و لعشقه... وقف أدهم قريبا منهما يتطلع إليها بشوق.. كم يتمنى لو يركض ناحيتها و يجذبها إليه و يضمها لصدره بقوة حتى تذوب بداخله و لا تبتعد عنه مرة أخرى... يعلم جيدا أنه الآن يدفع ثمنا لتسرعه و تسرعه معها... و يلعن غبائه كل ثانية إبتعدت عنه بها .... ها هي صغيرته الساحرة غاضبة منه و هو يقف بمنتهى العجز و يتابعها بشوق.. مهلك.... لكن ما يصبره... أنها مجرد أيام تفصلهما عن قربهما الدائم... و ستصبح له و سيعمل جاهدا أن يعيد نظراتها المتلهفة عليه و همساتها الناعمة بإسمه... ولمساتها الشغوفة لضمة راحتيه.. إبتسم بمكر و هو يتوعدها بأيام و ليالى لن تنساها مطلقا بعد زواجهما... و لكن... تختفى إبتسامته تلك و هو يتذكر ذلك السر الكبير و الذي أخفاه عنها سابقا و بسببه إبتعد عنها لسنوات طويلة وها هو ربما يبتعد عنها بسببه للأبد.. فهل حقا سيمر امر الثأر القديم هذا بسلام أم هناك مفاجآت بإنتظارهم ..... بعد ساعة دخلت كريستينا لمنزل عائلة المهدى ... إقتربت من فريدة وليلي وقالت بإبتسامتها الهادئة: _ های یا بنات.. وحشتونى . ردت ليلى بحنق: _ مواعيدك بقت فشنك يا هانم.. إنتى ناسية إنك إنتى اللى هتذاكرى لينا آخر بارت من أصول الفقه.. وبعد كده هنخرج . جلست أمامهم وقالت بأسف: _ sorry بجد.. وهحاول أشرحه ليكم بسرعة.. وإن شاء الله تفهموه أسرع . إنقضت سويعات أخرى.. وأدهم لم يمل.. وقفت فريدة وتمطأت قائلة بإرهاق: _ ضهری ققش.. هتحرك شوية وهرجع لكم تاني . و تركتهما و إبتعدت و ليلى تتابعها بتوتر من أن يتهور أدهم و يظهر أمامها حملتها قدماها لمكانهما المعتاد و لكن في الحقيقة ما حملها هو شوق قلبها لرؤيته وحنينها إليه .. تطلعت لفرع الشجرة.. وتذكرت أيامهما سويا ليأتيها صوت أدهم من خلفها قائلا بشوق: _ أنا كمان وحشتنى الأيام دى.. وإنتى وحشتينى اكتر يا عمرى . إلتفتت إليه ببرود.. وحدجته بقوة قائلة بحدة: _ قولتلك كذا مرة مش عاوزة أشوف وشك.. إنت ما بتحسش؟! إقترب منها بشوق ولهفة ينبنأن عن خطوة خطيرة وقال بهدوء: _ عارف إنه من ورا قلبك.. سامحيني بقا يا ديدة أرجوكي . ردت باقتضاب: _ لأ . إقترب منها أكثر و لف ذراعيه حول خصرها و ضمها لصدره هامسا امام وجهها برقة و قد تمادى في لمساته لها بجرأة : _ إحلفي كده .