اجتمعت العائلة كعادتها كل جمعة على الغداء.. وقف ياسين وليلى على المشواة.. فاقترب منهم سيف ابنهم وقال بحنق عاقدا ذراعيه الصغيرين أمام صدره: _ بابا عاوز العب إستغماية مع تقى، وريان مش راضي. أجابه ياسين بابتسامة هادئة: _ روح العب مع جاسر وخلاص، و بنات خالتو حياة جايين بالطريق. ابتسمت ليلى لسيف وانحنت ناحيته و قالت بحنو: _ روح اقعد جنب نانا أميرة علشان تغديك، يالا. أومأ الصغير برأسه و قال بإنصياع: _ حاضر يا ماما. تابعت ليلى عملها.. فاقترب منها ياسين قائلا بهمس حذر: _ ما فيش حاجة تصبيرة كده على ما نروح. ابتسمت بخجل وقالت بحزم: _ ابعد عنى.. حد يشوفك یا مجنون. وخزها بذراعها مداعبا وقال: _ ما اللي يشوف يشوف، مررااااتي بقا و انا حر. هزت رأسها بيأس وقالت: _ ماما قاعدة يا ابني اتلم. صاح بهم أدهم قائلا بنبرة عالية وهو يرى تودده إليها: _ هي اللحمة دي مش تستوي بقا زهقنا ؟! أجابه ياسين بحنق و هو يبتعد عنها: _ هانت يا أخويا.. ثواني وهاتاكلوا أحلى كباب في الدنيا. اقترب مرة أخرى من ليلى و قال بمكر: _ شايفة الواد ابنك.. بهدل نفسه إزاى ؟! تطلعت ناحية سيف باهتمام.. فقبلها ياسين على وجنتها بسرعة و إنهار ضاحكا.. ضربته في صدره و قالت بضيق: _ احترم نفسك.. والله مجنون. مال ناحيتها هامسا بشوق: _ يخرب بيت جمال أمك.. هتجننيني أكتر ما أنا يا مفترية. عدلت من وضع حجابها وسألته بتلهف: _ هتفضل تحبني كده يا ياسين ولا مع الايام هتبقي جوز عادى و ممل؟. ملس علي وجنتها و قال: _ لا يا حبيبتي أنا فرد مش جوز. وضحك بصوت عالي فضربته بصدره وقالت بضيق: _ رخم.. أنا غلطانة إني سألتك أساسا عمرك ما هتتكلم جد. وارت ابتسامتها بصعوبة وهي تهز رأسها بيأس... بينما اقترب مازن من زهرة وجلس بجوارها وهو يقول بغضب: _ شوفيلك حل مع بنتك دي يا مرات عمي.. تعبت معاها خلاص. ربتت زهرة على ذراعه وقالت بقلق: _ مالها مي يا حبيبي؟! رفع مازن کفه ملوحا و هو يرد بتذمر: _ من يوم ما خست ..وهي رافضة تاكل كويس.. وناسية إنها بترضع دلوقتي. زفرت زهرة بضيق وقالت باستسلام: _ تعبت فيها يا مازن والله.. بس هي خايفة تاكل.. ترجع تطخن تاني. أشار على صغيره وقال بغضب: _ طب والواد ده ذنبه إيه.. أنا خايف عليها قوي. تطلعت زهرة بمي التي تهدهد صغيرها وقالت بابتسامة متسعة: _ شايفة يا مي جوزك خايف عليكي ازاي؟.. اسمعي كلامه بقا ومتزعليهوش. تطلع مازن ناحية مي بنظرة لوم... فابتسمت له بهدوء و هي تتأمله بشوق... رن هاتف مازن بالاتصال الذي ينتظره كل فترة، ليطمئن قلبه عليها.. رغم أن مدته لا تتعدى الدقيقة.. ولكن مجرد استماعه لأنفاسها .. هذا ما يشعره أن قلبه مازال ينبض.. و أنه مازال على قيد الحياة... قاوم ألا يرفع هاتفه على أذنه.. ف مي متابعة له... حرب ضارية نشبت بين قلبه وعقله ..ولكنه قبض يده ليستطيع مقاومة زحف قلبه الضاري.. حتى انتهى الاتصال لأول مرة دون أن يرد .. عاد بنظراته لمى التي ابتسمت له بتقدير.. فلم يشعر به أحد من قبل كما تشعر هي.. من أول ارتباطه بها وتقربه منها وتفاجأ برجاحة عقلها وخفة ظلها التي أعادت وجهه للإشراق مجددا.. كان يقضي معها وقته كله متحججاً بأنه يساعدها بعملها.. حتي قرر أن ينهي صراعه بأن يتزوج، ربما يتخطى ألمه و جرحه... وكالعادة ها هي تتعمق بعينيه نافذة لعقله.. لتعلو شفتيه ابتسامة عريضة.. تلتها غمزة عين مشاغبة .. سقط معها قلبها في الهاوية.. اقتربت منها فريدة وقالت بمزاح: _ حلو قوى جو الغمزات ده یا میوش. تنهدت مى بأسى وقالت بحزن: _ بيحاول على قد ما يقدر يسعدني.. وأنا مقدرة ومبسوطة.. حتى لو ما كونتش أنا اللي في قلبه. ابتلعت فريدة ريقها بصعوبة وقالت لائمة: _ بتقولي کده لیه یا مي؟.. مازن بيحبك قوي وهو الي جري وراكي علشان توافقي عليه. أومأت مى برأسها وعيونها متعلقة به وقالت بحب: _ عارفة.. وأنا كمان بحبه قوي.. ده أحن راجل في الدنيا.. بس برضه هيفضل قلبه ليها هي وبس .. أوقات بحس بسكينة مغروسة في صدري.. خصوصا لما يسرح في الخاتم بتاعها.. بس حركة بسيطة منه ليا بتنسيني كل ده وبحس إنه ليا وبس. ربتت فريدة على كفها وقالت براحة: _ ربنا يكملك بعقلك يا ميوش. وضع ياسين اللحم المشوي أمامهم وقال بابتسامة هادئة: _ بالهنا والشفا يا جماعة... يا رب تعجبكم. بدأ الجميع في تناول طعامه.. بينما جلست سهی شاردة.. سألها جلال بمكر قائلا: _ سرحانة في إيه يا سهى. تنهدت بأسى وقالت بحزن: _ مافيش یا بابا.. كان نفسي سامح يبقى معانا دلوقتي. أجابها بتعقل: _ ده شغله يا بنتى و إنتى أكتر واحدة عارفه ظروف شغله. أومأت برأسها بالإيجاب....فدلفت عليهم حياة وهي تتأبط ذراع زوجها باسم.. و اقتربت منهم قائلة بمداعبة: _ السلام عليكم.. متجمعين عند النبي... وإعوا تكونوا كلتوا من غيرى. اتسعت عينا سهى.. ووقفت مسرعة.. و جذبت باسم من ذراعه وقالت بلهفة: _ سامح فين يا ابنى إنت؟! هز باسم رأسه بحنق ثم أجابها بضيق: _ طب سلّمي طب .. وبعدين إيه يا إبنى دي... قوليلي یا باسم باشا علشان أجاوبك. زادت نوبة غضبها منه وقالت بتحذير شرس: _ ما تخليش طلبة يتهور عليك.. عليا النعمة هقل منك قدام الناس دي كلها. قاطعها باسم قائلا باستسلام: _ لا وعلى إيه.. سامح بیستناكي في بيتكم بفارغ الصبر.. وبيقولك خلى ريان عند مامتك، هيشوفه الصبح.. علشان محضر لك مفاجأة. ابتسمت ابتسامتها الخلابة وقالت بفرحة: _ ميرسي يا باسم. طالعها بتعجب من تغيرها المفاجئ وهو يبتسم بسخرية. اقتربت سهى من سعاد التي تطلعت لتبدل حالتها وبادرت هي قائلة: _ سهى لو هتمشي.. سیبي ریان معايا وحشني قوي ملحقتش اشبع منه. اتسعت ابتسامة سهى وقالت بمزاح: _ بجد يا ماما.. ياه لو ما كونتيش تحلفي. وقفت مسرعة وقالت بصوت عالي: _ يالا سلام يا جماعة.. رايحة لسامح. فقال لها جلال بابتسامة: _ لسه بدري یا سهی.. خلیکي معانا شوية. ردت وهي منصرفة بسعادة: _ لا يا عم، جوزي وحشني.. سلام. تركتهم وابتعدت و استقلت سيارتها مسرعة وهي تصفر بسعادة ..واتجهت لمنزلها.. لاحظت فريدة اختفاء أدهم فبحثت عنه بأعينها فلم تجده.. وفجأة استمع الجميع لصافرته تأتي من بعيد.. احمرت وجنتاها ووقفت قائلة بتلعثم حرج: _ شوية و....و هرجع يا جماعة. ليدخل الجميع في نوبة ضحك.. مال باسم علي حياة وسألها بتعجب: _ هما بيضحكوا علي ايه ؟! أجابته وهي تميل عليه هي الأخرى: _ لما نروح هفهمك. تعمق بشفتيها وقال: _ وهنروح امتي؟ أنا مش عارف وافقت اجي معاكي إزاي؟.. وحشاااانى. تنحنحت بخجل وقالت: _ شوية وهنروح، مستعجل ليه؟! اقترب من أذنها وهمس بشوق: _ تحبي اقولك مستعجل ليه؟! ابتعدت عنه حياة وهي تواري وجهها المحتقن بكفيها، بينما لم تعرهم فريدة انتباه.. وتوجهت بلهفة لمكانهم القديم .. اقتربت زهرة من حياة و هي تقول معاتبة: _ بناتك فين يا حياة ما جوش معاكي ليه ؟ ردت حياة بهمس: _ عند مامت باسم.. بس ما تقلقيش.. هسربهم عليكي بكرة.. ولو عيزاهم بعده كمان ما عنديش مانع. ضحكت زهرة ضحكة خافتة وقالت بمكر: _ ده إنتى جريئة بشكل.. قليلة أدب. فقالت لها حياة وهي تتطلع لباسم بشوق: _ الراجل واحشني الله.. ده هو إسبوع اللي هيقعده معانا. وقفت فريدة مصدومة.. بعدما رأت تقى وريان يجلسان على فرعهما الخاص.. ويلهوان بهاتف ريان.. والذي وضع عليه الكثير من ألعاب البنات من أجل إسعادها.... ابتسمت وهي تتذكر جلوسها هي وأدهم على ذاك الفرع ولهوهما عليه في طفولتهما حتي الآن.. احتضنها أدهم من الخلف وقال: _ وحشتيني. ابتسمت بهدوء وقالت هامسة: _ وإنت كمان وحشتني قوي. ثم إبتعد عنها قائلا بصرامة: _ هو الواد الملزق ابن أختك ده هيفضل لازق للبت كده كتير. ابتسمت فريدة على حالته وقالت بهدوء: _ إنت ناسي إنها بتاعته.. فا عادي یعني. زم أدهم شفتيه وقال بحدة: _ هو صدق حكاية بتاعته دي.. في مرة هتهور عليه والله. مررت فريدة أناملها على ذقن أدهم مداعبة وقالت بدلال: _ طب ما إنت صدقت إني أنا بتاعتك. تطلع داخل عيونهما بهيام وقال: _ إحنا حاجة تانية.. مش هتلاقي واحد بيحب واحدة زي ما أنا بحبك. ابتعدت عنه قائلة بخجل: _ طب يالا نرجع نقعد معاهم . وهمت منصرفة.. فجذبها من ذراعها وهمس بالقرب من شفتيها: _ رايحة فين وسيباني؟. ابتلعت ريقها بصعوبة بعدما زادت دقات قلبها و قالت بصوت مرتجف: _ إبعد يا مجنون حد يشوفنا. مرر أنفه على أنفها وقال بصرامة: _ ما اللي يشوف يشوف.. مش مراتي.. بقولك إيه.. ما تيجي.. اتسعت عيناها وقالت متعجبة: _ أجي فين يا ابني إنت؟ ..سبني بقا. زادت جرأة نظراته وقال هامسا: _ تعالي نطلع عندنا، وأهه الكل مشغول محدش هيحس بينا.. دي أوضتي هتزغزد والله.. تعرفي كام مرة حلمت أبقى معاكي في الأوضة دي.. يالا بقا نفسى أحقق حلمي. أتاهم صوت من خلفهم قائلا: _ إنتوا بتعملوا إيه؟! زفر أدهم بغضب .. والتفت لريان قائلا: _ ياض يا ابن ال.. . وضعت فريدة يدها على فمه مسرعة.. وقالت لريان بابتسامة: _ عمو كان بيقولي حاجة يا حبيبي. فرد عليها ريان بتلقائية: _ تمام.. هروح أقول لتقى حاجة أنا كمان. اتسعت عينا أدهم و حمله من ياقة قميصه.. و قربه من وجهه وقال بغضب أرعبه: _ إنت قولت إيه ياض إنت؟. حاول ريان تخليص نفسه من قبضة أدهم وقال بخوف: _ سبني يا عمو هتخنق. خلصت فريدة ريان من قبضته بصعوبة.. وهى منهارة من الضحك وقالت لريان بتريث: _ عمو بيهزر معاك يا قلب خالتو.. كنت عاوز حاجة. عدل ريان من هيئته.. وهو يتطلع لأدهم بفزع وقال: _ أصل أنا هبات مع نانا سعاد.. وكنت عاوز أجي بكرة ألعب مع تقى .. ممكن؟ أومأت فريدة برأسها وقالت بحنو: _ طبعا يا عمرى ..هستناك.. روح العب يالا. زاد غضب أدهم وقال بحدة: _ قال عاوز يقولها حاجة قال... في مرة هولع فيه قدامكم إن شاء الله. ضحكت فريدة وقالت بعبوس مفتعل: _ إهدا بقا.. مش عارفة إنت مش بتحبه ليه ؟! _ هياخد مني تقی یا فريدة.. دي بتاعتي أنا مش هو. أجابته فريدة ببديهية: _ بس هي مش بتفرح غير معاه.. ومش بتلعب غير معاه. فقال أدهم وعيونه تشع نارا: _ ما هو اللي قايل لها ما تلعبش مع حد غيره.. ولا تكلم حد غيره.. والله ده لعب عيال. اقتربت منه وقالت وهي تعدل من ياقة قميصه بدلالها المثير: _ ما لعب العيال ده.. خلانا أسعد إتنين في الدنيا. إبتسم بخفوت وقال وهو يلتهمها بعينيه: _ بقولك إيه تعالى نقعد معاهم لهتهور عليكي والله.. وأنا على آخري. دلفت سهى لشقتها.. لاحظت اختفاء الإضاءة.. ثم انتبهت للشموع التي زينت المكان بضوء خافت ساحر.. خلعت حذائها.. وحجابها.. وتطلعت للورود.. والتي نثرت على الأرضية مشكلة طريق.. اتبعته وهى تسير عليه حتى انتهى عند طاولة الطعام التي أعدت بشكل رومانسي هادئ.. تزينت بالورود والشموع.. ورصت عليها الأطباق والأقداح بحرفية .. ابتسمت بفرحة.. ليحتضنها سامح من الخلف وقال هامسا بجوار أذنها بصوت لا يكاد يسمع: _ وحشتيني. التفت برأسها إليه.. لتتقابل أعينهما.. تنهدت بشوق وقالت: _ إنت وحشتني أكتر يا حبيبي. قبل عنقها قبلة هادئة طويلة.. ذابت معها أعصابها .. وأدارها إليه وهو يتطلع داخل عيونها يلتهمهم بشوق.. ثم مرر أصابعه على وجهها وأزاح رابطة شعرها.. ليهفو شعرها خلف عنقها.. كما يحب أن يراها دائما.. قبل أنفها وقال: _ بحبك. ثم قبلها بشوق.. وقال هامسا على شفتاها: _ مشتاقلك قوي. إحتضنته بقوة.. وقلبها ينبض بشدة صمت أذناها.. وعادت تتطلع لعينيه قائلة: _ إنت عملت كل ده علشاني. أومأ برأسه.. وهو يفتح سحاب سترتها قائلا: _ أكيد.. حبيت يبقى يوم مميز.. خصوصا إن دي أول مرة أبعد عنك كل المدة دي. خلع سترتها رغما عنها... وقذفها بعيدا... ثم حملها وتوجه لغرفتهم... و استمر جنون اللحظات العاصفة بينهما وهما لا يدريان كم مر من الوقت.. جلست سهی بعدما نزعت نفسها من أحضانه قائلة بضيق: _ هو مين اللي هينضف الصالة بعد اللي عملته فيها ده.. ده أنا محتاجة إسبوع علشان أعرف ألم الورد من على الأرض. وضع سامح ذراعه خلف رأسه وقال بضيق: _ ليه الفصلان ده بس.. تعالى بس هقولك حاجة مهمة. ابتعدت عنه وهي تقول بتذمر: _ أنا جعت.. هي الأطباق اللي على السفرة دي هيتقدم فيها أكل ولا ديكور وخلاص. قست عيناه وقد غاب عنهم الهزل ثم قال: _ أكيد یعنی محضر أكل. اتسعت عينا سهى وقالت بضيق: _ يا نهار إسود.. ده المطبخ كمان زمانه مات.. حرام عليك يا سامح. ابتعد عنها وقال وهو يرتدى ملابسه بغضب: _ إنتى فاكرة إنه أنا اللي طابخ.. هو أنا بعرف أسلق بيضة.. جبت معايا أكل جاهز طبعا.. عموما أنا غلطان ..مش هعملها تاني خلاص. هم تاركا لها الغرفة.. فابتسمت بمكر بعدما أغضبته كعادتها.. فهي تتلذذ وتتغذى على نظراته الغاضبة .. وقالت ببحة صوتها التي يعشقها: _ سامح . وقف مكانه متصنم.. وأغلق عينيه لثواني مستمتع بجمال اسمه.. ثم التفت إليها قائلا: _ عيون سامح. أشارت له بإصبعها أن يعود إليها.. لم يتمالك نفسه.. وعاد إلى الفراش مسرعا وقال بحزم: _ کنتي قاصدة تنرفزيني صح ؟! ضحكت بمكر وقالت: _ بموت فيك وإنت متنرفز .. ضمة بؤك و تكشيرة حواجبك وعنيك اللي بشوف فيها نظرة أول مرة اتقابلنا وسرقت مني قلبي يومها من أول ثانية. عاد الهزل يتلاعب بعينيه وشفتيه وقال بتوعد: _ بقا كده.. طب استلقى وعدك بقا.. ده أنا هقطعك. وقف أدهم في مكتبه... يتطلع لحديقة فيلته.. وقد تناثرت شعرات بيضاء في رأسه معلنة عن تقدمه في العمر أكثر ... كان شاردا في قضية كبيرة.. دلفت فريدة الغرفة وقالت بفرحة: _ جاسر في الطريق يا أدهم. التفت إليها.. وقال بابتسامة: _ والله وحشني.. البيت من غيره مالوش طعم... بيفكرني بعمه ياسين بالظبط وهاتك يا ضحك ويا تريقة. ابتلعت ريقها وتلألأت العبرات في مقلتها وهى تقول: _ ربنا يفرحنا بيه.. مش مصدقة إنه هيتخرج من الكلية السنة دي.. وهيبقى ظابط قد الدنيا. ضحك أدهم وهو يقترب منها وقال: _ اللي يشوفك دلوقتي.. ما يشوفكيش أول ما عرفتى إنه عاوز يبقى ظابط كنتي مرعوبة بشكل. ردت عليه بعين متأثرة: _ ده وحيدي يا أدهم.. وبخاف عليه.. بس دلوقتي فخورة بيه جدا. خرجا من غرفة المكتب.. وجلسا بردهة البيت الواسعة .. انتبه على ركضة تقى ..وهي تهبط الدرج الداخلي للفيلا اقتربت منهم.. وقبلت أدهم في وجنته وقالت: _ أنا هخرج يا بابي.. ریان بیستنانی بره. تبدلت ملامح أدهم.. وزفر بضيق قائلا: _ يادي ريان ..هو كل حاجة ريان.. وبعدين جاسر في الطريق .. إقعدى إستنيه ميصحش. تطلعت تقى لساعة يدها وقالت: _ أنا لسه قافلة معاه.. وقدامه ساعتين على الأقل.. هكون رجعت إن شاء الله. ابتسمت فريدة على حالته و قالت: _ سيبها بقايا أدهم .. إخرجى يالا يا تقى علشان ريان ما يتضايقش. زم أدهم شفتيه وقال غاضبا: _ ما يزعل ولا يتفلق.. هو مين ده یعنی ؟! ابتعدت تقى وهي تقول ببساطة: _ سلام يا جماعة. تطلع أدهم لهيأتها وقال بضيق: _ لبسها مش عاجبني يا فريدة.. إنتي إزاي موافقة على كده. تنهدت فريدة بإرهاق وقالت: _ تعبت معاها.. بس ما تقلقش مش هتخرج كده. قطب أدهم حاجيه بتعجب وقال: _ إزاى یعنی مش فاهم ؟! اعتدلت فريدة في جلستها وقالت ساخرة: _ لأن ريان دلوقتي هيروقها.. هو الوحيد اللي بيقدر عليها ..دلوقتي تلاقيها داخلة متعصبة ومتنرفزة. خرجت تقى بابتسامتها الجذابة.. اقتربت منه وهي تتطلع لهيئته الساحرة بجسده الرياضي.. وملامحه التي تشبه سهى كثيرا.. لك أن تتخيل تحول سهى لرجل.. جماله جذاب جدا.. لاحظت تقى اختفاء ابتسامته.. فزادت دقات قلبها من خوفها وقالت بتوجس: _ أخبارك إيه يا حبيبي ؟! تطلع إليها مطولا وقال بعبوس: _ كويس الحمد الله.. إيه اللي إنتي لبساه ده ؟! هزت تقى كتفيها وقالت ببرود: _ عادي یعني یا ریان... یالا نمشى علشان ما نتأخرش. رفع حاجبه متذمرا.. وقال بصرامة: _ مش هنروح في مكان غير لما تغيري هدومك دي. زفرت تقى بضيق وقالت بحدة: _ يوه بقا.. مش عاوزة أغيرهم. تنفس ريان مطولا وزفره مرة واحدة وقال بنظرة أرعبتها: _ لا هتغيريهم.. وإلا قسما بالله ما هيحصل كويس .. وأقع مع أبوكي في الآخر. رفعت كفها في الهواء وقالت: _ خلاص .. شوية وهرجعلك. ماهي إلا دقائق وعادت تقى للداخل... تضرب الأرضية بقدميها من فرط غضبها.. أوقفها أدهم قائلا بمكر: _ رجعتي ليه؟! ردت تقى بعبوس: _ ما فيش یا بابي.. بس الجو برد شوية فاهغير هدومي. صعدت لغرفتها.. ليضحك أدهم وفريدة على حالتها.. فقال أدهم بإعجاب: _ راجل يا واد يا ریان.. بيفكرني بنفسي أحيانا. تنهدت فريدة براحة وقالت: _ ربنا يهنيهم.. وهو أول ما هيخلص الدكتوراه بتاعته هيتجوزها وتذاكر في بيته بقا. حرك أدهم رأسه بحنق وقال: _ مش عارف ليه الصربعة دي.. ما يستنوا لما تخلص كليتها. ردت فريدة مسرعة: _ هما متفقين على كل حاجة يا أدهم ودي حياتهم، وبنتك موس مذاكرة ما تقلقش. بعد قليل عادت تقى بعدما بدلت ملابسها.. ضحك أدهم على هيئتها الغاضبة وقال بتشفي: _ قال إيه اللي رماك عالمر ؟! ردت وهي منصرفة: _ بحبه يا بابي. خرجت ووقفت أمام ريان وقالت ساخرة: _ إيه النظام ... كده كويس ؟! ابتسم على حالتها واقترب منها قائلا بتعقل: _ أنا ماليش الحق إنى أشوفك بلبس كده ولا كده.. وإنتي بتاعتي وخطيبتي.. ما بالك بقا بالناس التانيين... صدقيني يا توته لو أقدر أخبيكي جوة قلبي.. ومحدش يشوفك غيري هعمل كده. تنهدت مطولا وقالت: _ آه يا قلبي.. كلامك يجنن. تنحنح قائلا.. بعدما ذاب مع صوتها ونظراتها: _ إحم.. طب يالا علشان نرجع بدري.. حضرة الظابط وحشني. وقفت فريدة وأدهم يتابعان حديثهما بابتسامة.. فقال أدهم بإعجاب: _ تعرفي أكتر حاجة بتعجبنى في الواد ريان ده.. إنه قريب من ربنا وعمره ما لمسها... بيحافظ عليها دايما حتى من نفسه. عقدت فريدة ذراعيها أمام صدرها وقالت بابتسامة: _ ربنا يهنيهم.. وأفرح بجاسر يا رب. تطلع أدهم لهيئة فريدة الجذابة.. فهي كانت ترتدي عباءة منزلية بلون مياه البحر.. مطرزة بالذهبي .. حددت منحنيات جسدها الذي لم يذبل مع مرور الوقت.. مفتوحة قليلا من الصدر.. وعقدت شعرها على هيئة ذيل حصان.. فبدت شهية جدا.. اقترب منها بجرأة وقال: _ إنتي محلوية كده ليه النهاردة ؟! استشفت من نظراته الجريئة نية ما.. فابتسمت بخجل وقالت: _ عادي یعني.. ما هو أنا زي كل يوم أهه. اقترب منها وقال بجرأة أكثر : _ مش عارف بس شكلك يجنن النهاردة ... بقولك إيه ما تيجي. ضحكت ضحكة عالية وقالت بسخرية: _ أجي فين يا أدهم .. الواد إبنك في الطريق. مال ناحيتها وقال هامسا: _ تقى قالت إنه لسه قدامه ساعتين.. یعنی قدامنا وقت يالا بقا. أشاحت فريدة بيدها وقالت بضيق: _ أدهم.. أنا مش فيقالك والله. وضع يده في خصره وقال متذمرا: _ ليه يا أختي؟ وأنا ما أشبهش إبنك اللي فيقاله على الآخر ده؟!. مررت أناملها على ذقنه برقة وقالت: _ إنت حاجة تانية يا عمرى. جذبها من خصرها وضمها بين يديه وقال متلهفا: _ طب ما يالا بقا.. ده أنا هروقك والله. ضربت كفيها في بعضهما وقالت بتعجب: _ قليل الأدب قليل الأدب يعنى. لف أدهم ذراعه حول كتفيها قائلا بحب وهما يسيان سويا: _ هو ده الكلام.. ده أكتر وقت أبقى محتاج أستعين فيه على الشقى بالله. تمت بحمد الله