بعد مرور إسبوع.. وهدوء الأحوال نسبيا.. قطع سامح الغرفة ذهابا وايابا وهو ينفث بغضب .. مسد باسم جبهته بألم وهتف به قائلا بضيق : _ اقعد بقا يا سامح مش كده، ده هو اسبوع اللي بعدته عنك و هي كانت كده كده هترجع بيتها . لف سامح ناحيته وقال بعبوس : _ ما انا عارف، بس اقعد اسبوع حتي ما اسمعش صوتها تبقي هي قاصدة تجنني بقا . وصله صوت حياة عن طريق الهاتف قائلة : _ طب ما هي عاوزة تجننك ايه الجديد، سامح سهي مش زى اى بنت وانت عارف ومبتحبش حد يقلل منها ولا يستغفلها . جلس سامح علي طرف فراش باسم وقال : _ وانا قللت منها فين بس ؟! انا كنت خايف عليها لانها انهارت مني قبل كده لما مينا مات، ماهنتش عليا والله هي دي الفكرة . أجابته قائلة : _ بس اتحكمت في انها ما اختارتش تنام مثلا، ده اختيارك انت وده قلقها انه في اي موقف في حياتكم بعد كده، ممكن تاخده لواحدك من غير ما ترجعلها خصوصا لو خاص بيها هي . سحب نفسا طويلا وقال بحزن : _ ما قصدتش كل ده والله، انا من حبي ليها وخوفي عليها اتصرفت كده مش اكتر . خرج باسم عن صمته قائلا بتأوه وهو يعتدل في جلسته بتثاقل : _ طب عندك حل يا حياة مثلا نخليها ترجع عن عنادها وتوافق حتي تخليه يسمع صوتها، لانه حالته تصعب عالكافر والله . صمتت حياة لبرهة ثم قالت بهدوءها المريب : _ فكرة انه يسمع صوتها سهلة هخليه يسمع صوتها ودلوقتي، اما بقا حل للمشكلة دى فأنا جتلي فكرة لا يفل الحديد سوى الحديد . رفع سامح عينيه بأمل وقال بتلهف : _ قصدك إيه ؟! ردت بضحكة مقتضبة : _ مش هقدر احكيلك غير لما اشوف النتيجة، ولا اقولك هخليك تسمع النتيجة بنفسك النهاردة العصر كده. ابتسم سامح وقال بإمتنان : _ مش عارف اشكرك ازاي يا حياة، انتي رديتي روحي فيا والله . فقال له باسم بملامح ممتعضة : _ قالتلك هتسمع صوتها اهه، قوم بقا لفلك لفة بالمستشفي كده ولا هاتلي كوباية ينسون سخنة واقعد برة بردهالي، نخلي في دم هه . اتسعت ابتسامة سامح ووقف قائلا : _ حاضر هقعد برة، بس لما حياة تروح لها رن عليا ادخل، وبسرعة معلش علشان احل عن سماك واسيبك في حالك . رفع باسم ذراعه اليسرى السليمة ووضع كفه ناحية جبهته وقال بضيق : _ تمام يا فندم . تركه سامح وغادر فأسرع باسم قائلا : _ انا هتصل فيديو عاوز اشوفك اتفقنا . اجابته حياة قائلة : _ تمام هستأذن ماما و لو وافقت هلبس بس الحجاب بسرعة وهرن عليك . أغلقت معه المكالمة وبعد دقائق قليلة وجدها تهاتفه مكالمة مرئية فضغط زر القبول وما ان رآها حتي ابتسم بشوق وقال بتنهيدة طويلة : _ وحشتيني قوى . تنحنحت حياة بخجل وقالت : _ طمني عليك الاول يا باسم لوسمحت . لامس شاشة الهاتف برقة ومرر انامله علي وجهها وقال : _ انا تمام الحمد لله والشظايا مقدرتش تدخل بعمق كبير في بطني يعني مجرد جروح سطحية . ابتسمت حياة بسخرية وقالت : _ سطحية ايه بس، ده انا مش مصدقة انك قاعد قدامي وبتكلمني والله، لما بابا جالك يومها هو وادهم وشوفتك فيديو انا قولت خلاص انت بتودع . رفع باسم طرف شفته وقال بضيق : _ الملافظ سعد يا قلبي، وباعدين انتي لازم تنشفي كده وتتعودى، انا معرض لده بكل مأمورية وعملية وربك الحامي . أسرعت قائلة : _ ونعم بالله، انا لو عليا والله هخطفك ومش هرحعك شغلك ده تاني بعد اللي شوفته الايام اللي فاتت وخضتي عليك . غمز لها بعينه وقال مداعبا : _ وبعد ما تخطفيني هتعملي فيا ايه ؟! اغتصاب ولا تحرش . تصنمت تعابيرها لثواني ثم قالت بحدة : _ تصدق انا غلطانة، انا هطلع لسهي سلام . انتفض في جلسته متأوها وقال : _ استني بس يا مجنونة بهزر والله،آاااااه . اسرعت قائلة بذعر : _ اهدا وارجع نام تاني خلاص انا معاك اهه . عاد بظهره الى الوسادة وقال بمكر : _ بتخافي عليا كمان، ده انتي حبتيني بقا ؟ أومأت برأسها وقالت : _ أيوة حبيتك، والوجع اللي حسيت بيه لما تعبت يأكدلي انه مش بس حبيتك انا .. انا ..... . فتح سامح الباب واشرأب برأسه قائلا : _ ندهت عليا يا باسم . أغمض باسم عينيه وصك علي اسنانه قائلا بضجر : _ اعمل فيك ايه دلوقتي، احدفك بإزازة المية افتحلك نافوخك مثلا ؟! أسرعت حياة قائلة : _ انا هطلع لسهي وهخليه يسمع صوتها ونبقي نتكلم وقت تاني تمام . عاد لشاشة الهاتف وقال بتحذير : _ البسي عباية واسعة ومتكلميش حد من ولاد اعمامك دول اتفقنا . رفعت عيناها بملل وقالت : _ حاضر، يالا سلام . أغلق المكالمة وطالع سامح المنهار من الضحك وقال بضيق : _ انا ندهت عليك، بجد لو قادر كنت قومت فرمطتلك وشك ده من الضرب . وضع سامح كفيه في حيبي بنطاله وسأله بفضول : _ هو انا دخلت في وقت مش مناسب يعني ؟! طب كنتم بتقولوا ايه هاااه ؟! استند ياسين علي سيارته عاقدا ذراعيه امام صدره و هو يطالع الطريق بملل .. حتي وجدها تخرج من باب بيتها وتطالعه بشوق .. لم يتحرك بل بقي علي حاله يستمتع بنظراتها التي تحجبه كليا عن العالم المحيط بهما و كأنما خلت الدنيا الا منهما .. وقفت ليلي امامه مبتسمة بخفوت وقالت : _ اتأخرت عليك . تنهد تنهيدة طويلة وهو يسحب كفها ويقبض عليه بتملك قائلا : _ كتير قوى يا ليلي، اتاخرتي ست سنين كنت بموت فيهم لواحدى . اتسعت ابتسامتها وقالت : _ بعد الشر عليك .. وانا كمان محدش لفت انتباهي فيهم ولا قلبي مال لحد وكأني كنت بستناك . جذبها من كفها وقربها منه وهو يقول بقوة متعمقا في عينيها : _ انا تقريبا في الجامعة كنت عامل حواليكي كردون محدش يقدر يقربلك واللي كان بيتحداني كنت بعمل منه قماشة بمسح بيها الارض . تطلعت حولها وقالت بقلق : _ سيب ايدي ميصحش كده .. انا اصلا قولتلك تيجي علشان عاوزة اكلمك في موضع مهم . ترك كفها وقال بترقب : _ موضوع ايه يا حبيبي ؟! أجابته بحذر : _ عاوزة اروح اتمرن عند محامي، انا متأخرة جدا انت شايف فريدة مش مضيعة وقت وشغالة علي نفسها من وهي بتدرس . اقترب ياسين من وجهها بأذنه وقال بصياح : _ تروحي فين يا قطة سمعيني كده تاني ؟! ابتعدت بوجهها عنه وقالت : _ اتمرن .. في ايه مش فاهمة ؟! اعتدل في وقفته وطالعها بوجه ممتعض وهو يهدر بعصبية : _ ليه هو انتي فاكراني اصلا هشغلك علشان تروحي تتمرني عند محامي في مكتب كله رجالة و كل الموكلين رجالة .. ليه حد قالك عليا اني هفأ . زمت شفتيها وتهدلت ملامحها وقالت بحزن : _ يعني انا كنت بدرس السنين اللي فاتت دى كلها علشان في الاخر اقعد في البيت . أومأ برأسه مؤكدا وقال بتعنت : _ ايوة، الله ينور عليكي هتقعدى في البيت و اللي هتحلمي بيه بس هيكون بين ايديكي وتحت امرك . وضعت يديها في خصرها وقالت بتذمر : _ طب ما فريدة هتشتغل وهتفتح مكتبها الخاص و ادهم ما اتكلمش و بيساعدها هو كده هفأ ؟! تطلع حوله وعاد اليها جاذبا ذراعيها وهو يقول من بين اسنانه بشراسة : _ نزلي ايديكي دى و لو عملتي الحركة دى تاني في الشارع هورملك وشك ده .. وباعدين انا ماليش دعوة بحد واكيد واحدة بجمالك لو اتحطت وسط كل الرجالة دى مش هتسلم عالاقل من عنيهم و انا مش عاوز ادخل السجن والله ماليش مزاج . ابتسمت بخفوت وعضت علي شفتها وهي تقول بهيام : _ وانا مش عاوزة اشوف رجالة غيرك ولا عاوزة اسمع رجالة غيرك و اللي انت عاوزه هعمله . صفع جبهته وهو يكظم مشاعره تجاهها وقال بعصبية : _ صبرني يا رب تعبت والله .. اطلعي يا ليلي أحسن لمامتك تحس بغيابك وتحبسك ولا حاجة انا مش ناقص . قهقهت علي حالته وقالت بمداعبة : _ يعني عاوزني اطلع علشان خايف ماما تحس بخروجي بس ؟! اقترب منها بوجهه وقال بهمس خافت : _ لا .. بس لاني بحميكي من وحش جوايا لو طالك مش هيرحم امك . ابتعدت عنه قليلا وقالت بتلعثم : _ المهم .. هو انت ناوى علي ايه مع ماما ؟! اعتدل في وقفته وهو يبتسم بمكر علي حالتها وقال : _ انا النهاردة عامل اجتماع علي مستوى القاعدة مع ستات وبنات العيلة ومش هفرج عنهم غير لما يقولولي حلول و اكون ملبس الخاتم اللي عفن في جيبي ده و بعدها اتجوزك واخلص . رفعت حاجبها وقالت بضيق : _ ايه أخلص دي بقا ان شاء الله ؟! طالعها قليلا وقال بفقدان صبر : _ اطلعي يا ليلي واتقي شرى لاني مش هقدر اتحكم في نفسي اكتر من كده وقسما عظما هديكي بوسة نروح بعديها القسم ملفوفين في ملايات . اتسعت عينيها وشهقت بصدمة وابتعدت قائلة : _ يا قليل الادب . وقف يطالع انصرافها بابتسامة هادئة وهو يرجو الله بداخله ان يتمم ارتباطهم بخير .... دلف جلال للمكتب وهو يشير برأسه لجاسر ناحية مازن الذي يجلس امامه وهو شارد تماما لا يشعر بشىء.. جلسا الاثنان امامه ليقول جاسر بصوت عالي لتنبيهه: _ اخبارك ايه يا مازن؟! رفع مازن رأسه ناحيتهما وطالعهما بتعجب ثم قال بجمود: _ أنا بخير يا عمي الحمد لله.. تحبوا تشربوا حاجة. اسرع جلال قائلا: _ لا شكرا لسه شاربين.. اخبار الشغل ايه وشحنة الفساتين الجديدة ماشي حالها ولا نص نص؟! تذكر مازن يوم طلب من كريستينا ان تأتي لتعاين شحنة الفساتين الجديدة الذي جلبها.. وحينها كان كل غايته ان يجلس معها بعض الوقت لانه كان يفتقدها.. كما يشعر الآن.. طرق جلال بأنامله امام عينيه وقال: _ يا ابني رد عليا.. اخبار الشغل ايه؟! تنهد مازن مطولا واجابه ببرود: _ كله تمام يا بابا و الشحنة تقريبا اتباع نصها وهي لسه في المينا.. احنا بنبيع عالانترنت اكتر من عرض السنتر نفسه. ثم عبث قليلا علؤ حاسوبه ولفه ناحيتهم وقال: _ دى الميزانية للشهر ده.. باين قدامكم اهه ان السهم طالع الحمد لله. اغلق جاسر الحاسوب وقال بضيق: _ هتفضل كده لحد امتي يا مازن فهمني؟! عاد مازن بظهره لظهر مقعده وقال: _ كده ازاي يا عمي مش فاهم؟! أشار الي هيئته وقال بتعجب: _ كده... قاعد مسهم وسرحان وعقلك مش معاك.. فين ضحكك وروحك و هزارك يا ابني؟! اجابه ببساطة: _ انا عايش يا عمي الحمد لله و سامحني ده اكتر حاجة ممكن تاخدوها مني.. اما لو عالضحك و الفرحة فخلاص راحوا مع اللي راح. هز جاسر رأسه بإستنكار وقال: _ اه الفراق بيوجع و بتحس انه حياتك وقفت.. بس بنتخطاه يا ابني ده حال الدنيا.. انا اخويا اتطخ ١٤ رصاصة قدام عيني وهو في عز شبابه و وقع قدامي بيطلع في الروح و بيفرفر ولا الفروج المدبوح و روحه طلعت علي ايدى.. كنت فاكر ان ده اخر المطاف و اني و انا بدفنه بإيدي دفنت عمرى معاه. لاحظ جلال تأثره واحمرار وجهه فقال مسرعا: _ اهدا يا ابو ادهم لا السكر يعلى عليك. انحني مازن ناحيته وقبض علي كفه وقبله وقال: _ الله يرحمه يا عمي.. ادعيله بالرحمة طالما جت سيرته يبقي محتاج ندعيله و نعمله صدقة. اومأ جاسر برأسه وقال: _ معاك حق يا ولدى.. ايه رأيك تاجي معايا نروح مستشفي الاورام الناس بيبقوا قاعدين من الفجر علشان يكشفوا.. ناخد معانا كام كرتونة ماية و كام علبة رز بلبن و نوصي علي وجبات و اهه تبقي صدقة جارية علي عبد الرحمن اخوي. وقف مازن و لف حول مكتبه وقال: _ ايه الفكرة الحلوة دي.. يالا بينا و اوعدك هعملها كل اسبوع و لو فاضي هعملها مرتين بالاسبوع ان شاء الله. وقف جاسر وتأبط ذراعه و سارا يتحدثان وجلال يطالعها بصمت... دخلت اميرة غرفة أدهم وجدته واقفا امام نافذته يطالع الطريق بشرود.. ربتت علي ظهره وقالت بتعجب: _ مالك يا حبيبي واقف ليه كده؟! التفت اليها قائلا: _ مافيش يا ست بفكر في حالي و قعدتي عندك زى الولايا كده. ضحكت بخفوت وقالت بمداعبة: _ بتحبك يا حبيبي.. وباعدين اهي فرصة اشبع منك بعد الخضة اللي اتخضيتها عليك دى. جلس علي مكتبه وقال بضيق: _ و الله يا ماما ما حصل حاحة.. انا ناولتهم الكفن و نمت عالارض ودبحوا الخروف و ابويا قيمني و مشينا و لا حصل حاجة تخوف. تنهدت بأسي وقالت: _ يمكن الموضوع بالنسبالك سهل يا ادهم.. بس بالنسبة لينا كارثة با ابني.. ده في عرفنا عار.. بس فداك اي شىء. تطلع ادهم لخارج غرفته وقال بتعجب: _ هو ياسين بياكل ولا نايم؟! دلف ياسين عليهما وقال: _ لا ده و لا ده.. انا بستعد علشان اعقد جلسة نسائية يمكن يقدروا يساعدوني في مشكلتي اللي مالهاش حل. وضع ادهم قبضته تحت خده وقال بضيق: _ ويشفولي حل انا كمان لانا تعبت و الله. غمز له ياسين وقال: _ هتروح معاك النهاردة ومش كده وبس.. هتعملوا هاني مون يجنن زى ما اتفقنا.. انت جاهز؟! ابتسم ادهم بمكر وقال: _ انا مجهز كل حاجة زى ما اتفقنا.. لو صدقت ياض يا ياسين هبوسك و الله. جذبت أميرة أدهم من يده وقالت بتعجب: _ ايه الهابي مول اللي قال عليه الواد ده؟! ضحكا الاثنان علي طريقتها بينما اجابها ياسين قائلا: _ هاني مون يا قلبي يعني شهر العسل.. عقبالي يارب. يالا يا اما نطلع عند خالة سعاد كلهم فوق سامع صوت ضحكهم.. يالا بينا بقا. ثم تطلع بأدهم وقال: _ هسيبلك باب الشقة مفتوح وانت اختار الوقت المناسب وانقض علي الفريسة. أومأ ادهم برأسه وقال: _ علي الله بقا.. لما نشوف آخرتها ايه؟! إجتمع ياسين مع نساء عائلته كافة في شقة سعاد.. وجلسوا على مقاعد متراصة.. وقف أمامهم وقال بصرامة: _ بصوا بقى يا ستات ويا بنات.. أنا موروط.. وأم لیلی متربسة دماغها.. وماليش غير كم علشان يحللي مشكلتي.. وزي ما بيقولوا إن كيدكم لعظيم.. هنبدأ الإجتماع بأخذ الأراء.. إتفضلي يا ماما . دخل الجميع في نوبة ضحك.. وقفت أميرة وقالت مازحة : _ بسم الله الرحمن الرحيم سيادة الريس ريس المجلس إبني ياسين.. أنا رأيي إننا نهجم على أم ليلى كلنا كده بربطة المعلم.. فا هتتخض وتوافق على طول . زاد ضحك الجميع من مزحتها.. فأشار لها ياسين بضيق أن تجلس وقال بعبوس: _ إقعدى يا أمه.. أنا غلطان إنى أخدت رأيك.. وريس إيه بس.. قومی إنتى يا سهی.. بحب دماغك . وقفت سهى بتثاقل وهى تسيطر على ضحكاتها وقالت بمزاح: _ إنى أعترض علي اللي قالته مامتك ..أم ليلى لو دخلنا عليها كلنا كده.. هتجيلها ذبحة صدرية.. وتموت.. ولیلی تولع فينا وفيك يا ريس . قطب جبينه بقرف وقال بغضب: _ أعوذ بالله من فالك يا شيخة.. إقعدى.. حد عنده فكرة عدله شوية . زفرت فريدة بوجه ممتعض وقالت: _ يا عم اتجوزها عرفي وحط امها قدام الامر الواقع وخلصنا بقا. مصمص ياسين بشفتيه وقال بتمني: _ ياريت و الله.. بس اللي مرضاهوش عليكم مش هرضاه علياي بنت غيركم يا فالحة.. اسكتي احسن. وقفت حياة وقالت بمكر: _ خد منى الخلاصة بقا . وقفت فريدة بجوارها وقالت ساخرة: _ آسفة على المقاطعة يا ريس.. بس البت دى دماغها سم.. وهي اللي هتحلها بعون الله. جلست فريدة فأردفت حياة قائلة بخبث مركز : _ ليلى أصلها من الشرقية يعنى أعمامها فلاحين.. ولو إنت خدت أبوك وأخوك وأعمامك.. وروحتلهم.. كلمتهم وحسستهم إنك بتكبرهم.. مع شوية إغراءات مالية.. وهدايا قيمة.. هيتدخلوا والموافقة هتبقى مضمونة مية في المية . إرتفع حاجبي ياسين من المفاجأة.. وقال بإعجاب : _ برافو يا سوسة.. أنا إزاى ما فكرتش في الفكرة دى.. صقفة كبيرة لحياة يا جماعة . صفق لها الجميع و هم منهارون من الضحك.. بينما قالت زهرة بزهو: _ الله علیکی یا بنتي دايما مشرفانى .. دماغها زى دماغي بالظبط . ضحكت مي وقالت بسخرية: _ إنتوا هتقوليلى على دماغكم..ربنا يعينی علیکم . إقترب منها ياسين و هو يطالعها بنظرة شمولية و قال بإعجاب: _ قوليلى صحيح يا ميوش.. إنتي خسيتى كده إزاى ؟! فردت می بزهو وتفاخر و هي تضع ذراعيها بخصرها بغنج: _ إيه رأيك..نزلت عشرين كيلو.. عقبال الباقی یا رب . أكد ياسين على كلماتها بفخر و هو يقول بإبتسامة مداعبة: _ بس برافو عليكي بقيتى زى القمر . توردت وجنتاها مـن الخجل... فاجتذبته فريدة من ذراعه وقالت بحنق: _ ركز يا أخويا في اللي إحنا عاملين الإجتماع علشانها . تطلع إليها ياسين بقوة وقال بضيق: _ لأ بقا إجتماعنا مش علشان ليلى وبس.. كمان علشانك إنتى وأدهم.. مش ناوية ترضى عنه بقا وتروحي معاه . قطبت فريدة جبينها بغضب وقالت بشراسة: _ لو هتتكلموا في الموضوع ده هسيبكم وهطلع شقتنا . ربتت سهى على ذراعها وقالت بهدوء: _ ده جوزك يا ديدة.. وما ينفعش تبعدى عنه أكتر من كده . إبتسمت فريدة ساخرة و قالت بحنق: _ شوفوا مين اللي بتنصحنى... ما إنتي قافشة على سامح برضه و الراجل ماسابش وسيلة علشان تسامحيه بيها إلا وعملها . ردت سهى بضيق: _ أيووووة... هي هتلف وتقف عندى .. غيروا السيرة لو سمحتم . خرجت سعاد من صمتها وقالت بتنهيدة طويلة: _ أنا بختى في عيالى كده.. واحد عايش معانا ومش معانا .. وواحدة بتحب خطيبها وعاوزة تبعد عنه... وواحدة بتتدلع على جوزها.. بس لازم تعرفوا إنتم الإتنين.. رجالتكم أي بنت تتمناهم.. وهيضيعوا منكم.. وساعتها ما تندموش . تابعت حياة بخبثها اللا حدود له و هي تؤكد كلمات سعاد: _ عندك حق يا طنط... تخيلي راجلين زى أدهم وسامح يتسابوا.. ده البنات هتبعتلكم جواب شکر والله . ضربتها فريدة بغضب.. وقالت بصوت متصلب : _ عاوزة إيه يا بت إنتي.. أتغابی علیکی یعنی ؟! مسدت حياة ذراعها و تأوهت بألم و قالت بمزاح: _ آه.. یا مفترية.. إلحقنى يا ريس بتضربني . وقف ياسين بينهما وقال بصرامة وحزم: _ جرى إيه يا بنات.. ما فيش إحترام لقعدتي ولا إيه ؟! دفعته فريدة في صدره و قالت بإستهزاء: _ يا شيخ إجرى انا نقصاك . هز رأسه بإستنكار و قال بحدة: _ بتمدى إيدك عليا يا فريدة...ماشي.. إستنى عليا بس . زمت حياة شفتيها وقالت وهي تطالع سهى بمكر بعدما ضغطت زرالتسجيل الصوتي : _ ده حتى باسم قالى إن فيه واحدة متكلفة معاهم بمهمة.. وأول ما هيخرج من المستشفى هيجتمعوا معاها.. يالا مكتوبالك يا سامح . جذبتها سهى من حجابها و قالت بغضب هادر: _ هي مين دى يا بت إنتي.. وإزاى ما أعرفش بحاجة زى دى ؟! تدخل ياسين فاقدا صبره و هو يفك إشتباكهما قائلا بضجر: _ إهدوا شوية بقا.. ولا هنهى الجلسة والله . تطلعت سهى ناحيته و قالت بحزم: _ إنت مش شايف بتقول إيه.. عاوزة تضايقني وخلاص . أردفت حياة وهي تتوجس خيفة من ردة فعلها: _ وإنتي إيه اللي ضايقك.. مش خلاص مش عاوزاه ..فأكيد هيرتبط بغيرك.. وهو الصراحة لقطة . تطلعت سهى ناحية زهرة وقالت بتحذير قوى: _ عاوزة بنتك دى يا طنط ولا أبعتهالك حتت في أكياس . احتمت حياة في سعاد وقالت: _ ولما انتي بتحبيه مش بتردى علي تليفونك ليه؟! اهي جت اللي هتنعنشه وانتي خليكي في هبلك ده. رفعت سهي حاجبها وقالت بفقدان صبر: _ ولا يقدر يشوف واحدة غيري.. ده بيحبني بجنون يا ماما.. واه بحبه و مش هتجوز حد غيره بس بربيه علشان بعد كده ما يتصرفش في حاجة تخصني من ورايا. ارتاحت ملامح حياة وارسلت المقطع الصوتي لباسم الذي بدوره اداره امام سامح.. وما ان استمع لصوتها حتي تنهد مطولا وقال بتلهف: _ مش هعملها تاني والله بس ارجعيلي يا قلبي. صاح بهم ياسين بحنق فاقدا صبره : _ مش عايز أسمع صوت.. مشكلتي ولاقينا ليها حل.. وحياة وإطمنت على باسم.. ومازن وبدأ يتجاوب معانا... يبقى لسه سهى ترضى على سامح خليه يجيب أبوه ويخطبها ونخلص.. أما بقا مدام فريدة.. فاجوزك لصبره حدود وهيتجوز عليكي والله . وقفت فريدة مسرعة وركضت تجاهه قائلة بشراسة: _ يتجوز على مين يا أخينا إنت.. و ديني ما أنا سيباك . ركض ياسين من أمامها وإلتف حول مائدة الطعام محتمى بها وقال بضحك هيستيرى: _ ولما إنتى بتحبيه کده.. سيباه لواحده ليه.. والشقة فاضية.. والراجل له رغبات.. والبنات الشمال على قفا من يشيل . إستشاطت غضبا وبحثت حولها عن شئ لتقذفه به حتى وقعت تحت يدها مزهرية.. قذفته بها.. فأخفض رأسه مسرعا فإصطدمت بالحائط.. طالع حطامها وقال بتريث: _ يا مجنونة . ظلت تركض ورائه وهي غاضبة وقالت بجنون: _ مش هاسيبك غير سايح دمك يا حيوان . إحتضنها أدهم من الخلف لكبح زمام غضبها.. وقال ضاحكا: _ إهدى يا بنتى.. إنتي مصدقة كلام الواد ده اصلا ؟! حاولت تخليص نفسها منه وقالت: _ إبعد إيدك عنى... بتعرف عليا بنات شمال يا أدهم ؟ ضحك وهو يقاوم حركاتها وقال: _ شمال إيه ويمين إيه بس.. أنا من يوم ما سبتيني وأنا قاعد هنا عند أمي.. ما دخلتش الشقة.. ومش هدخلها من غيرك . أخذت تفرك بين يديه وقالت بعصبية: _ طب سيبنى بقا لو سمحت . زفر أدهم بضيق وقال: _ صبرت عليكي كتير.. ده إحنا لسه في شهر العسل . ردت بحنق عليه وقالت: _ ولا عسل ولا بصل.. إبعد عنى بقا . حملها مسرعا وقال: _ خد مفتاح عربيتي من جيبى يا ياسين وإنزل دورها.. وإفتح باب الشقة ده عالاخر . صرخت فريدة بغضب وقالت: _ الحقيني يا ماما.. خليه يسبني . ردت سعاد بضحكة: _ ما ينفعش أدخل بين راجل ومراته . إستنجدت فريدة بسهى قائلة: _ خليه ينزلنى يا سهى.. إنتي هتسكتيله ؟! ضحكت سهى على حالتهم وقالت بهدوء: _ معلش بقا يا ديدة.. جوزك برضه.. ربنا يهنيكم اتكل علي الله يا ادهوم . خرج بها من شقة والدتها ..وهي تقاومه وتضربه ليتركها ولكنه ظل متمسك بها إقترب من السيارة ... وأجلسها بها عنوة.. والتفت لياسين قائلا: _ عملت كل اللى إتفقنا عليه . غمز له ياسين قائلا: _ كله تمام.. عقبالی یا رب . زفر أدهم بضيق وقال: _ يخرب بيت نبرك اللي جايبني ورا ده . قاد أدهم السيارة مسرعا.. وقال: _ عضمي إتقشفش يا قادرة . عقدت فريدة ذراعيها أمام صدرها وقالت: _ رجعنى تانی بيت بابا.. مش عاوزة أبقى معاك . تطلع إليها بشوق وقال: _ مش بمزاجك يا عمری.. ده أنا ناويلك على نية سودا . لاحظت أهم ليسوا متوجهين لمنزلهم فقالت متعجبة : _ إنت رايح فين... ده مش طريق البيت . إبتسم أدهم وقال: _ هنروح مطروح.. هنقضى إسبوع عسل إنما إيه.. ضرب نار . قطبت حاجبيها وقالت ببرود: _ أنا مش موافقة.. وكمان ما فيش معانا هدوم . رد أدهم بإبتسامة ماكرة: _ لأ عامل حسابي ومجهز شنطة.. جبت هدوم كتير ما تقلقيش ليا وليكي . ضيقت عينيها وشهقت شهقة خفيفة وهي تقول بغضب : _ انت مش قولت انك مدخلتش البيت وانا مش هناك يا كذب . أسرع ادهم قائلا : _ والله دى اول مرة ادخله من يوم ما رجعت من الصعيد .. علشان بس اجيب هدوم لينا . عقدت ذراعيها أمام صدرها..وهي غاضبة.. أو تتصنع الغضب.. إبتسم أدهم وقال بشوق: _ فوق ما تتخيلي وحشاني إزاي.. ده إنتى عليكى صبر..قدرتی تبعدى عنى الإسبوع ده كله يا فريدة . زمت شفتيها بسخرية وقالت: _ ماليكش دعوة بيا مفهوم . وصلوا أخيرا للشاليه والذي حجزه لهم ياسين.. وقف أدهم بالسيارة.. وإقترب من الحارس.. وقف معه لدقائق..ثم إقترب منها..وفتح الباب المجاور لها.. وقال: _ إنزلى يالا يا فريدة . ردت فريدة بتحدى: _ مش نازلة طبعا . جذبها من ذراعها بالقوة.. وصفع الباب خلفها بغضب.. ثم حمل الحقيبة على كتفه.. تطلعت فريدة للحقيبة وقالت متعجبة: _ الشنطة دى فيها هدوم هيكفونا إسبوع ؟! اوما برأسه وقال مؤكدا: _ أيوة طبعا.. ده أنا محضرها بایدی..يالا قدامى على فوق . صعدا سويا..ثم وقف أمام باب الشقة.. وفتحه وقال: _ إدخلي يالا . دلفت تتطلع حولها بفضول حتى إقترب منها وقال وهو يتطلع داخل عيونها : _ إدخلى يالا غيرى هدومك.. وخدى الشنطة معاكي..رتبى الهدوم في الدولاب . أخذتها منه ودلفت الغرفة.. فتحت الحقيبة وأخرجت ملابسه أولا... ورتبتهم في الدولاب.. وفجأة اتسعت عيناها بصدمة ..لم تجد لنفسها أي ثياب سوى الكثير من قمصان النوم القصيرة ... بحثت كثيرا عن شئ ترتديه.. فلم تجد .. زفرت بغضب وقالت: _ يا أدهم يا إبن ال..... . أطل أدهم برأسه داخل الغرفة وقال مداعبا: _ بتندهی علیا یا عمری . أشارت للملابس التي أحضرها وقالت متعجبة: _ إيه ده إن شاء الله.. ليه ما جبتليش هدوم ؟ إقترب منها بهدوء مخيف وقال: _ ما أنا جبت اللي هنحتاجه وبس . حدجته فريدة بتحدى وقالت: _ لا والله.. طب إيه رأيك إنى هقعد الإسبوع كله بالهدوم اللى عليا . ضحك بمكر وقال: _ ودى تفوتني برضه ده انتي تربيتي . وأخرج من خلف ظهره زجاجة من المياة الغازية .. أخذ يحركها بقوة وهي تتابعه بقلق.. ثم قالت: _ إوعى تعمل اللي بفكر فيه ! رد بإبتسامة خبيثة: _ عيب عليكي . وفتح الزجاجة لتنفجر في فريدة.. وأغرقتها بالكامل .. طالعت نفسها وصرخت قائلة: _ مش هسيبك يا ادهم .. سامعنى مش هسيبك . أخذت تصفعه وتضربه.. وهو يدافع عن نفسه وهو منهار من كثرة الضحك.. تطلع لهيأتها المذرية وقال: _ يع.. إدخلى خدى شاور بقا.. وغيرى هدومك دی باى قميص يرضى ضميرك.. أنا مش معترض . تمالكت نفسها وقالت وقد برزت شراسة نظراتها: _ عملت اللي في دماغك يا أدهم ماشي . جذبت قميص.. وتوجهت للحمام..إغتسلت وإرتدته ..ولفت نفسها بالكثير من المناشف.. وقف أدهم أمام الباب في إنتظار خروجها بشوق.. وعلت على شفتيه إبتسامة شغوفة.. وهو يتخيلها.. فتحت الباب وخرجت.. لتختفى إبتسامته.. تطلع إليها ببلاهة وقال: _ إيه ده.. إنتي إتنقبتي ولا إيه ؟! ولا تكونيش طالعة تعملي عمرة ؟!!!! فردت وهى تتمالك قبل أن تضحك من هيأته : _ أهه بنعمل لأخرتنا يا ابني . ضحك عليها بشدة.. وقال وهو يدور حولها ويطالعها بتعجب : _ إنتي مجنونة.. هو أنا يعنى مش هعرف أفك الفوط دى من عليكي مثلا . رفعت سبابتها أمامه محذرة وقالت: _ لو قربت منى هزعلك.. سامع . وضع يده على بطنه متألما وقال: _ آآآه.. إيه الوجع ده ؟! إقتربت منه بألم وقالت: _ مالك يا أدهم في إيه ؟ بدا على وجهه التعب.. فقال بتأوه: _ بطنى وجعاني قوى.. ممكن تساعديني أدخل للسرير . استند عليها.. ودلف معها للغرفة.. جلس على الفراش وهو يتألم.. جلست أمامه بقلق وقالت: _ حاسس بإيه.. أتصل بالدكتور ؟ أوما برأسه نافيا وقال: _ لا.. بس محتاج أرتاح بقا . فسألته بتأثر على حالته: _ أعملك إيه قولى.. أعملك نعناع يمكن بطنك ترتاح ولا اطلب من البواب يجيبلك حاجة من الصيدلية . إجتذبها بالقوة.. ومددها على الفراش.. وفك معظم المناشف من عليها وقال بضحك: _ بتستقوى على مين ده إحنا جامدين قوى . فقالت بعدما تلاشي قلقها.. وحدجته بنظرة إحتجاج: _ بتضحك عليا يا أدهم.. أنا اللى غلطانة . إقترب منها وهو يعتليها وهمس على شفتيها قائلا: _ وحشتينى قوى . إبتلعت ريقها وقالت: _ على فكرة بقا إنت قليل الأدب . إتسعت إبتسامته وقال: _ والله دى بقت كلمة السر علشان استعين بالله عالشقى . دعونى أتوقف معكم للحظات..سأترك لمخيلتكم بعض الوقت لنسج نهاية كل قصة.. وأود أن أتناقش معكم في ماهية العشق.. أو الحب فكما تحب أن تطلق عليه أطلق. من وجهة نظرى الضعيفة.. فالعشق هو أن تكون الأول.. الأول في كل شئ.. أن تكون أول من يكتب على جدران قلبه.. ونحت كلماتك ونظراتك وهمساتك بداخله.. وأول كلمة بحبك أكيد منحتنى وأخذت منى أكثر مما تلتها.. أن تعشق ملامحه يوما بعد يوم.. وعاما بعد عام.. أن تكون أنت الملاذ دائما.. أن تكون السكينة الهادئة والأمان واليد الرقيقة.. والصلبة في بعض الأوقات... أن تشعرى برجفته وأنتى بين أحضانه.. أن تشعر بخدرها ولهفتها عندما تراك .. أتفهم دائما أن هناك فرصة ثانية لحب ثاني.. ولربما كان الأول.. ولكن الفرصة موجودة دائما طالما ينبض قلبنا.. غير مبالي بإختلاف عرقي أو طبقى أو عقائدی.. فقط نبضة قلب.. وطالما هناك أمل لفرصة جديدة فيجب أن نستثمرها على أكمل وجه.. سؤال دائما ما يؤرقني.. هل أحب آدم حواء فعلا.. أم أحبها لأنه لم يرى غيرها، رأيي البسيط أن الحب المشترط المبنى على العقل.. وهو أن تبحث عن شريك بمواصفات معينة حتى تلتقيه.. فيصبح بينكم تفاهم وتأقلم، لكن أين لهيب الحب الحقيقي.. أين لهفته، أين دموعه وألمه، أين لحظات جنونه والخارجة عن إطار المنطق.. فهناك مقولة إجتذبتني إليها وهي "إن لم تجد من تعشقه فاحذر أن تعشق من تجده" الخلاص.. هذه الكلمة غريبة في عالم الحب والعشق ..فهل يوجد حقا خلاص.. خلاص من لهفة وشوق ..خلاص من عذاب الفراق.. خلاص من عشق لم يأتى على صاحبه سوى بالضعف والتهاون.. وهناك شجاعة لحب آخر .. وهو أن تحدد قوة علاقتك من فشلها.. أن تكون شجاعا وتنهى علاقة رغم عشقك اللامتناهي. يخطر ببالي سؤال.. هل العلاقات الشائكة والتي تكون على صفيح ساخن.. أفضل.. أم العلاقات السهلة والمضمونة بحكمة العقل... ولكن إختيارك للأصعب يجعلك كالتائه وراء سراب.. وأنت تعلم حقيقته.. وما معنى الحياة فقط يوجد بها الإنسان.. ثم يموت.. هل هكذا فقط الحياة؟..الأكيد أنه لا... فأكثر ما يعطى الحياة قيمة.. هو العشق.. وما قيمة أن يكون الإنسان عاشقا... يناضل ويتعذب من أجل عشقه.. وما هي قيمته مادام من الممكن أن يسقطه البعض ويتحكم في حياته.. وما الذي يعصمه من التمزق.. ومن أين يستمد العزاء على عشقه الضائع.. الرغبة.. كلمة لها معاني كثيرة.. ولكني سأخذها إلى إلى طريق رومانسى أكثر.. أراها إمتزاج لروحين.. لطالما إنتظرا السعادة التي تشبعهما معا.. بل تصهرهما معا... فالحب لا يقوم على ساق واحدة... ولا يرى بعين واحدة.. أن تتحول الرغبة لخيال عندما تشتاق إليها.. عندما يجتذبك خيالك لمنطقة السحر، منطقة خاصة بك وحدك.. تغزل بها أحلاما وردية.. ربما لن تستطيع تحقيقها.. لأن البعد حائل بينكما.. ورغم البعد والفراق لكنك تحيا في قلبها ...وتبقى أنفاسها على صدرك...ولكن مهما بلغت حلاوة الخيال.. فهى لحظات وتزول.. وهل الحنين لشخص قريب مؤلم أكثر من أن يكون بجوارك وتشتاق إليه.... بعدما بردت مشاعرنا وتبلدت ليصبح وجوده عادة... ولكن لو حبه حقیقی فمجرد فراقه ليوم واحد ستشتاق إليه لا إراديا .. ولكن تدخل القدر بحياتنا أوقات لإسعادنا.. وأوقات أكثر لتغير إتجاه سفينة حياتنا أن تضطر بعدها لوداع مؤلم.. أو تتفاجئ برحيلهم.. الأمان.. هو ميثاق غليظ وصعب.. أن لا إمرأة غيرها ..ولا رجل سواه.. أن يمتلأ قلبك بمن تحب... ويصير معبدا لرغباته وأحلامه... هو الشئ الكبير الذي نبحث عنه لأعوام وأعوام..ولا نجده سوى مع من نعشق.. أن تمتلك كيان حبيبك وحياته وروحه.. أن تمتلك هي مفاتيح قلاعك و أن تغلقها خلفها .. لتبقى أميرتك الوحيدة. هل لنا أن نختار شريك حياتنا أم نصطدم به فنعشقه دون تخطيط.. السقوط.. هل تعلم عن أي سقوط أتحدث.. إنه السقوط اللذيذ.. السقوط لأعلى.. إنه الترحال في عينيه.. وإدراك معنى الغرق.. إنه التفكير الدائم بمن أحببت... وإستحواذه الكامل على روحك ...وكلما فررت تمنيت السقوط مرة أخرى.. كلما سرت في الطرقات تحملك مخيلتك إليه.. فتراه في كل شئ... في الوجوه والورود وموجات البحر .. فتلقى بنفسك بينها علها تذيبك فيه.. أو تصهرك في قطرة وجوده الهائل. سواء ستبقى معه أو ترحل عنه.. فإنك دائما موجود.. حبيبا لروحه حين يشتاق لحديثك.. لضحكاتك.. وحين تتوه في عتمة الليل الطويل.. فمن مثله عندك..عطاء..حب .. ومعانى جميلة في شرح المستحيل.. طوفان شوقك إليه يتحرك مع كل ذكرى وكل نبضة قلب فيها حنين إستطعنا جاهدين الحفاظ عليه.. آه لو كانت هناك مشاعر تتعلق بأسرار الوجود والذي لا يكون أبدا بدونه..لأنه الماضى والحاضر والمستقبل... ستظل الكلمات حائرة .. تائهة ليس لها نهاية.. فالعشق لن تختصره أبدا السطور .. ولكن أولا يجب أن تحب نفسك قبل أن تبحث عن شخص لتحبه.. وسيبقى بداخل كل منا طوفان خامد.. في إنتظار نظرة.. لمسة.. نبضة قلب لإفاقته ...