من عشق عشقا كحالهما.. لن يستطيع النسيان أو التظاهر بالقدرة على البعد.. إقترب منها أكثر.. ولف ذراعيه حول خصرها.. وضمها إليه حتى أصبح صدرها ملاصق لصدره.. فقالت وهي تحاول التخلص من قبضته: _ إبعد عنى.. مش طايقاك تلمسني يا أخي. أضاف أدهم غامزا بجرأة و هو يهمس أمام وجهها: _ ده أنا هلمسك... وهحضنك.. وإحتمال أبوسك كمان.. بمزاجي يا قطة. تطلعت إليه بغضب.. رغم إستمتاعها من قربه و ضمته الدافئة وقالت بحدة: _ إنت بتستغل كسر إيدى یعنی.. بس أنا هصوت وهلم عليك البيت كله. ضحك أدهم ضحكة عالية وقال بسخرية: _ والله لو جبتيلي الداخلية.. محدش هيقدر يبعدك عنى.. وباعدين مين هيتدخل بين واحد و.... . وضعت يديها على أذنيها وقالت بغضب: _ متقولش الكلمة دى.. ربنا يسامحك يا بابا هو اللي غصب عليا أوافق على كتب الكتاب وهو في العناية.. ولولا كده عمرك ما كنت هتلمسني. إقترب منها أكثر وتطلع إليها بجرأة أخطر وقال: _ لسه إسبوع ونص وهتجوزك.. إبقى ورينى بقا هتهربي منى فين. حدجته بقوة وعند وقالت بتحدى: _ هخليك تطلقني.. ومش هتلمس منى شعره واحدة. ضحك مستهزءا بكلماتها الواهية قائلا بإستخاف: _ هنشوف.. وحياتك هخليكي تحبيني أكتر من الأول. إستطاعت أخيرا أخذ حريتها من بين يديه .. عادت بظهرها للخلف و قالت ببرود : _ ده في احلامك يا ادهم يا مهدى .. انت انتهيت بالنسبة ليا فاهم . أرسل لها قبلة في الهواء .. فقطبت حاجبيها بعبوس وإبتعدت عنه وعادت للفتيات زفرت بعصبية وقالت وهي تحمل أغراضها: _ يالا إنتي وهي على بيوتكم مش عاوزة أشوف حد. وقفت كريستين و سألتها بتعجب : _ مالك يا فريدة في إيه ؟! تركتهم وصعدت لشقتها دون أن تجيبها .. زمت ليلى شفتيها وقالت بحنق: _ ده المتوقع برضه.. منك لله ياللي في بالي. فقال لها أدهم بإبتسامة هادئة: _ بتدعى عليا يا ليلى ؟!!.. إلتفتت إليه ليلى بغضب.. وقالت بحدة: _ إستريحت.. أهي طردتنا. إبتسمت كريستينا لأدهم وقالت وهي تصافحه: _ های، إزيك يا أدهم. صافحها أدهم قائلا بود: _ الحمد لله، إزيك إنتي. أجابته كريستينا بإبتسامة ماكرة: _ كويسة .. إنتوا إتقابلتوا صح . رفعت ليلى عيناها بحنق و قالت بضيق: _ أمال هي متنرفزة ليه يا أذكى إخواتك.. نبيهة. أتاهم صوت مازن من ورائهم قائلا بضيق: _ إهدى شوية على كريستينا يا ليلي هي مش قدك. تطلعت إليه كريستينا بهيام و هي تتأمل وسامته و إقتربت منه قائلة بوله: _ مازن.. إنت جيت. زمت ليلى شفتيها وقالت بهزل ساخر : _ لا لسه في الطريق .. مش قولتلكم نبيهه.. يالا يا هانم علشان توصلينی في طريقك الوقت اتأخر . زمت كريستينا شفتيها.. وقالت وهي تطالع مازن بشوق: _ أشوفك في النادى بكرة.. سلام. إستوقفها مازن و قال هامسا: _ إستنى شوية وحشاني قوی. إحمرت وجنتاها وقالت بخجل: _ وطى صوتك يا مجنون.. أشوفك بكرة.. باي. لاحظ مازن نظراتها الملتاعة عليه.. فرد بحال لا يقل عن حالها: _ أجى أوصلكم أنا... الطريق طويل لبيتك. تنفست ليلى الصعداء وقالت بنفاذ صبر: _ إنتوا لسه هتسبلوا.. قدامی یا هانم.. وباعدين يا أستاذ مازن.. أنا معاها وهقصر عليها الطريق.. يالا سلام. قالت ليلى جملتها الأخيرة وهي تنتزع كريستينا من أمامه بعدما كبلها بعينيه.. إبتعدت الفتاتان.. وعيون مازن تتبعهما... إبتسم أدهم وقال بسخرية: _ والله و وقعت ولا حدش سمى عليك. أجابه مازن بفزع: _ خضتنی یا معلم.. أيوة وقعت.. وبحبها قوى. نظر إليه أدهم كأنه يستلهم الصبر وقال بتعقل: _ بس إنتوا مختلفين عن بعض جدا يا مازن. تنهد مازن مطولا بضيق وقال بتسليم: _ عارف أعمل إيه يعني قلبي ما دقش غير ليها هي. فقال له ياسين من ورائهم مازحا: _ ما هي قمر وصاروخ برضه.. ولازم يحبها. صك مازن أسنانه وقال بمكر لإغضابه: _ هي صحيح قمر وصاروخ.. بس لو كانت عنيها زرقا وشعرها دهبی.. ومش طويلة كده ومدملكة.. كانت هتتاكل أكل. اشتعلت عينى ياسين بغضب و قال بإندفاع: _ جرى إيه يا مازن.. إنت عاوزني أتغابى عليك و لا إيه . ضحك مازن ضحكة عالية وقال بمكر : _ كل ما هتجيب سيرة كريستين.. هظبطك. فقال لهما أدهم مستفهما: _ أنا مش فاهم حاجة ؟! لف مازن ذراعه حول كتف أدهم وقال بمزاح : _ أنا أفهمك.. أصل سينو بيحب ليلى. فرد أدهم مسرعا و قد اتسعت عيناه بصدمة : _ ليلى مين ؟! أجابه مازن مضيفا ليغضب ياسين أكثر: _ ليلى صاحبة فريدة.. وعلى فكرة بيحبها بجد. هز أدهم رأسه قليلا ثم قال متعجبا: _ لأ قولوا الحقيقة.. إنتم مجانين رسمى صح.. واحد بيحب مسيحية.. وواحد بيحب واحدة أكبر منه.. ده إنتوا عاوزين السرايا الصفرا. أشاح له ياسين بيده و قال بحنق و هو يسحب مقعدا ليجلس عليه: _ خليك في نفسك يا عريس.. فرحك كمان كام يوم.. وعروستك مش طيقاك وهتعملهم عليك. إرتمى أدهم بجسده على مقعد بجواره وقال بإستسلام: _ عندك حق.. على رأى سهى ده أنا داخل على منعطف تاریخی. ضحك ثلاثتهم.. وإستمرت معهم الجلسة.. إلى منتصف الليل..و كلا منهم يقص مدى عشقه لحبيبته رغم ظروفهم الصعبة و التى تكاد تكون مستحيلة. وقفت سهى أمام سامح وهى ترتدى زي المهمات الثقيل نسبيا.. والذي يحتوى على أشياء لم تعلمها بعد.. تطلعت إليه قائلة بحماس: _ أنا جاهزة يا سامح.. بس لازمة الورنيش اللي على وشی ده إيه.. لو جرى لبشرتي حاجة مش هسامحكم. ضحك سامح عليها وهو ييطالعها بقلق وقال بمزاح: _ أهه كلامك ده يخليني أسيبك هنا.. عاوزة تیجی معانا ترجعى طلبة تاني.. مفهوم. أدت سهى التحية العسكرية وقالت بجدية: _ تمام يا فندم. إقترب منهم باسم و وزع أنظاره بينهما وهو يلتقط تلك الإشارات العاشقة المنبثقة من أعينهما وقال بمكر: _ جاهزين يا وحوش؟! أجاباه ببديهية: _ أيوة. صعدوا الطائرة.. وسهى تخفى رعبها.. ركبت بجوار سامح الذي ربط لها حزام الأمان وقال بمداعبة: _ مش عارف بس حاسك خايف يا طلبة. ردت سهى بثقة مفتعلة: _ أنا أول مرة أركب طيارة بس عادی یعنی.. قدها. هدأها سامح بإبتسامة هادئة لبث الثقة بها و قال بحنو: _ ما تقلقيش من حاجة.. تمام. أومأت برأسها وقالت براحة: _ حاضر. أقلعت الطائرة.. فإتسعت عينى سهى بذعر و انغرست أظافرها بذراع سامح.. من خوفها.. فقال متألما: _ آه.. ضوافرك عورتنى يا مفترية.. وباعدين دى ضوافر جندی مقاتل. أجابته سهى مسرعة و هي تخفي كفيها في بعضهما : _ لأ.. كله إلا ضوافرى وشعرى.. دول خط أحمر. مال عليها سامح.. وقال غامزا: _ يا سلام.. بس شكلهم حلو علیکی. ردت سهى برقة قاتلة: _ ميرسي. زم باسم شفتيه وقال بضيق: _ إنتم إتهبلتم.. إحنا رايحين مهمة وإنتم قلبتوها بيوتي سنتر.. ناويين تجننوني صح. زفرت سهى بغضب و قالت بسخرية: _ خليك في حالك وإتفرج من الشباك. ضحك باسم بسخرية وقال بضيق: _ ده على أساس إننا راكبين ميكروباص.. بقولك إيه يا سامح تعالى اقعد جنبي لو سمحت.. خلى الليلة دى تعدى على خير. وقف سامح بضيق وجلس بجوار باسم.. إستمرت النظرات بينه وبين سهى لتنتهى بغمزة من سامح لمداعبتها.. فإبتسمت سهى بخجل... زفر باسم فاقدا صبره وقال بحدة: _ إرحموا أمي العيانة.. أنا سنجل يا جدعان.. إحترموا نفسيتي شوية. فقالت له سهى بغضب: _ باسم خليك في كوزك لما نعوزك.. ونفض لنا.. تمام. عض باسم على شفته وقال بتنهيدة: _ أحبك يا شرس. قالها باسم مداعبا.. فضربه سامح بقدمه علي قدمه كاظما غضبه.. فتألم قائلا: _ آآآآه..خلاص يا عمونا.. دى أختى والله. إقترب باسم من أذن سامح وقال بسخرية: _ شكلنا كده هنطلع ورقتين وتكتبوا عقدين عرفي.. وأنا والكابتن اللي ورانا ده نمضى شهود.. وتدخلوا في البيت المهجور اللي إحنا رايحينه.. ونخلص بقا من جو الهئ والمىء والنظرات ده. إبتسم سامح بسخط وقال فاقدا صبره بهمس : _ لو سمعت صوتك تاني هتوحشنا يا باسم. هابه باسم قليلا وقال مسرعا: _ لا يا عم خلاص.. بس عالاقل بلاش نظرات والجو ده.. مراعاة لمشاعر الاخرين. ضحك سامح وقال بإستسلام : _ أديني متأمل أرضية الطيارة أهه.. ومش هبص ناحيتها.. إرتحت. أومأ باسم برأسه وقال بجمود: _ أيوة كده تمام. بعد قليل شعرت سهى بالملل.. فتطلعت لباسم بغضب.. ابتسم ساخرا.. فزاد غضبها منه فقالت بصوتها الناعم : _ سامح ممكن تيجى جنبی عاوزة أوريك حاجة مهمة. إبتسم سامح ومال على باسم وقال بصوت خفيض : _ أقوم ولا عند سيادتك مانع. رد باسم بتنهيدة ساخنة: _ ده إنت لو ما قومتش هقوم أنا يا معلم. صك سامح على أسنانه وقال بطوفان غضب هادر : _ شکلی هفرمط وشك ده.. وهخلى الدكتور يحتار يخيط فين و لا فين. تلمس باسم وجهه وقال بذعر : _ يا لهوى.. ده أنا جمالي كله في وشي.. خلاص يا أخويا بس قول لها تتهد شوية.. إحنا بنشوف بنات كل سنة مرة ترحمنا. وقف سامح وجلس بجوار سهى و إقترب منها على مهل.. وهو ينظر لها بطريقة لم تفهم معناها.. ثم قال محذرا: _ لو سهى رجعت تانی یا طلبة مش هيحصل كويس مفهوم. ردت سهى بإبتسامة مشاغبة: _ وماله يا هندسة.. بص بقا التابلت ده. حك سامح ذقنه بعدم فهم وقال مازحا: _ إيه هنلعب بابجي ؟! ضحكت ساخرة وقالت بجدية: _ هههه ما احنا بنلعبها لايف اهه .. لا يا ظريف ده عليه برنامج تجسس.. عن طريق التابلت ده نحدد مكان النفق بسهولة جدا. زم سامح شفتيه بتبرم و رفع حاجبيه وقال غاضبا: _ ولما هي سهلة كده.. ما قولتيش ليه عن التابلت ده هناك. إبتسمت سهى بخبث وقالت ببديهية: _ لأنك كنت هتاخده ومش هتاخدني معاك يا ذكي. ضحك سامح وقال مضيقا عيناه بضيق: _ أنا اللي ذكى برضه.. يا سوسة. زمت سهى شفتيها متصنعه الغضب وقالت بدلال: _ أنا سوسة يا سامح.. طب مخصماك.. ومش هكلمك. مال عليها أكثر وهمس بجوار أذنها برقة: _ طب أهون عليكي.. والله ما تقدرى. إبتسمت بخجل.. فصاح بهم باسم قائلا: _ الله يخرب بيتكم و بيت برودكم علي بيت اليوم اللي شوفتكم فيه .. على جنب يا أسطى لو سمحت. رفع عينيه للسماء و قال برجاء: _ يا رب.. ليه سيادة اللواء ما قالش لماجد وبعتني أنا.. علشان يتحرق دمي. عقدت سهى حاجبيها و قالت بغضب: _ إنت زودتها قوى .. هقوملك والله.. وما تزعلش من اللي هيحصلك. هدأها سامح وهو منهار من الضحك: _ إهدا يا طلبة.. متزعلش نفسك يا أخي. ردت سهى بصوت عالى نتيجة عصبيتها الزائدة: _ إنت مش شايف يا هندسة رخامته.. لو إتغابيت عليه مش هرحمه. أجابها باسم بسخرية: _ لولا قاعدة سامح كنت رديت علیکی. هتفت به سهى قائلة بضيق ومحذرة: _ لأ رد، رد عليا يالا.. لو سمعت صوتك تاني ماتلومش إلا نفسك. التفتوا على صوت كابتن الطائرة و هو يقول بجدية : _ يالا يا وحوش ربنا معاكم.. وأنا بعد ساعتين هرجع هنا تانى.. ربنا يحميكم. تعجبت سهى وقالت بعدم فهم: _ يالا إيه انا مش فاهمة .. هو هيهبط هنا ولا إيه ؟! رد باسم ساخرا: _ هيهبط؟!!! لا يا طلبة إحنا اللي هنهبط یا معلم. إلتفتت لسامح وسألته بفضول: _ مش فاهمة حاجة بجد .. هو قصده إيه؟! رد سامح قائلا بتوجس من ردة فعلها: _ إحنا هنط من الطيارة يا سهي. صمتت قليلا كأنها تعيد كلماته على ردار مخها علها تفهمها.. و هزت رأسها وقالت بتعجب: _ هنط إزاى یعنی.. ده إحنا كده نموت.. ولا هنط قفزات الثقة وفي حمام سباحة تحتنا؟! ضرب باسم جبهته بقبضته وقال ساخرا: _ أيوة.. إحنا مجهزين بسين تحت الطيارة بالضبط وسط الصحرا. ضحك سامح وقال بهدوء: _ لا ما فيش حمام سباحة طبعا.. ما تقلقيش إنتى هتنزلى معايا بس غمضي عيونك اتفقنا. أومأت برأسها بتوجس.. فأوقفها أمامه.. ولف حول خصرها حزام لفه حول خصره هو الآخر.. ثم أدارها ليصبح ظهرها ملامس لصدره... وأكمل إغلاق الحزام.... إلتفتت برأسها ناحيته و هي ترتعد بخوف مخفي.. فتطلع داخل عيناها وقال بجدية: _ إمسكى فيا كويس.. وغمضى عنيكي.. وثواني وهنبقى على الأرض..جاهزة. زفرت بضيق وخوف وقالت: _ ربنا معانا.. أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله.. جاهزة. تحرك سامح قليلا.. وارتمى بجسده من الطائرة.. فتحت سهى عينيها وهي طائرة بالهواء.. فشعرت بإنحباس في أنفاسها و انخلاع قلبها من محجره فصرخت قائلة بذعر : _ يا ماما.. آآآآآآآه..إلحقووووووووني . صاح بها سامح قائلا بضيق و قد أطبق عينيه من الم أذنه بسبب صراخها : _ طبلة ودنى إتخرمت.. بطلی تصرخی بقا . لم تتمالك خوفها وتابعت صراخها: _ أنا خايفة قوى.. يا مااااااااما . هدر بها سامح متألما بشدة : _ بس بقا يا بنتى ارحميني.. ودني باظت . ثم سحب حلقة المظلة ..فانفتحت .. ليصعدا قليلا للأعلى... فتسائلت سهى بقلق: _ إحنا بنطلع ولا بننزل ولا ضربنا شقلباظ . ضحك سامح ضحكة عالية وقال بسخرية : _ شقلباظ ايه بس اللي ضربناه .. لا ياستى فتحت البراشوت ممكن تفتحى عنیکی وتبعدى عنى شوية.. كده مش كويس على فكرة . فتحت عينيها ببطء.. وتطلعت حولها بخوف.. و هي تلف ساقيها للخلف حول ساقيه و متمسكة بذراعه التي تحيط خصرها فرأت سلسلة جبال شاهقة وظلمة كالحة.. فقالت بإعجاب: _ سبحان الله.. المنظر من هنا يجنن . صاح سامح بقوة كي تسمعه من قوة الهواء حولهما بجوار أذنها قائلا بمداعبة : _ المنظر بس اللي يجنن . قالها سامح برقة لإستمالة مشاعرها تجاهه.. فالتفتت إليه برأسها وتطلعت داخل عينيه.. وقالت بإبتسامة شغوفة: _ اللحظة دى من أهم لحظات حياتنا.. وعمرنا ما هنساها . إقترب من أذنها أكثر وقال وأنفاسه تلاعب رقبتها المثيرة بصياح حاد : _ علشان كده عاوز أقولك هنا ودلوقتي.. إنى بحبك وعاوز أتجوزك . لوهلة شعرت سهى بإنفصال تام عما هم فيه.. وكأن العالم بات خاليا إلا من كليهما.. حدقت فيه بأعين لامعة.. وشعرت بتلك الدقات العنيفة في ظهرها من صدره والتي حمست قلبها... وزادته نشاطا.. لقد صرح لها بحبه... وبرغبته في الإرتباط بها.. إكتست وجنتاها بحمرة خفيفة.. فإبتسم سامح بمكر.. وتطلع إليها مستمتع بجمالها المثير.. كانت كالمخدرة تحت تأثير سحره الآسر.. للعقول قبل الأفئدة.. كان على وشك إضافة المزيد ولكن... _ لووووووووووولى.. مبروك يا سامح . قالها باسم ساخرا وهو يهبط بجوارهم.. فأغمضت سهي عيناها مستلهمة الصبر وزفرت بضيق وقالت بقنوط : _ ضيعت عليا أكتر لحظة رومانسية في حياتي.. ربنا ينتقم منك يا شيخ . ضحك باسم ضحكة عالية وقال بمزاح : _ بتدعى عليا وإحنا بين السما والأرض يا عروسة . أجابته بضيق و هي تطالع اقترابهم من الارض : _ عرسة لما تقرمك يا بعيد . بعد ثواني إقتربا من الأرض.. نزل سامح بقدميه أولا..حاول جاهدا عدم السقوط.. ولكن الجاذبية كانت أقوى.. فسقطا مصطدمين بالأرض بقوة.. وغطتهم المظلة ..تألمت سهى من قوة الارتطام قائلة: _ آآآه رجلي.. يا لهوى علي المرمطة انا كان مالي و مال الهبل ده . فسألها سامح بقلق و هو يحاول ازاحة المظلة عنهما : _ إنتى كويسة يا سهى ؟ ايه اللي وجعك ردى . ردت بوهن : _ أيوة كويسة الحمد لله .. بس رجلي وجعتنى شوية . أنار سامح كشاف خوذته و عيانها قائلا بضيق و هو يحاول مجددا إزاحة المظلة عنهما : _ وجعاكي بس و لا حاسة بألم شديد . لاحظ قربه منها و نظراتها اليه.. و إختفائهم تحت المظلة فإبتسم بخبث وقال بمداعبة : _ مردتيش عليا موافقة تتجوزيني . هزت رأسها بضيق وقالت: _ إنت اتجننت ياسامح.. خرجنا من البتاع اللي إحنا تحته ده هتخنق . أزاح شعراتها التي غطت وجهه.. وأسرته بعطرها المثير وقال بنبرة متأثرة من سحرها عليه : _ لأ مش هخرجك غير لما تردي عليا الأول . ضحكت سهى وقالت بخجل و هي تحاول فك ذلك الحزام الذي يربطهما : _ طب عالأقل فك الحزام اللي رابطنا ببعض ده ما يصحش . مال على أذنها مرة أخرى.. وهمس بمشاغبة: _ لأ مش هفكه أنا مرتاح كده.. هاه قولتي إيه . تنهدت مطولا وقالت وقد وصلت حرارة وجنيها حد الغليان: _ قولت إنى..... . قاطعها باسم قائلأ بحنق من خيالهما تحت المظلة والذي جعله يلتفت بوجهه عنهما بخجل : _ إنتوا بتعملوا إيه بالظبط.. مش ناويين تخرجوا من الخيمة دى.. ولا عجبتكم القاعدة جوة .. طب اطفوا النور عالاقل . ردت سهى بغضب و هي تعافر كي تخرج من أسفل المظلة : _ عليا النعمة ما أنا سيباه المرة دى . أزاحت المظلة من عليهما.. وساعدها سامح حتي وقفت وفكت الحزام.. وركضت صوب باسم قائلة بضجر : _ والله ما هسيبك يا باسم.. أنا حذرتك قبل كده . ركض أمامها وقال ضاحكا: _ حوشها يا سامح..دی مجنونة وأنا عارفها عليها رجل طارشة ما بتشوفش . رد سامح بإبتسامة متسلية : _ الصراحة إنت تستاهل دى كانت خلاص هتقولي موافقة و لا لأ .. وراه يا سهى ما ترحميهوش . إحتمى باسم بسامح وقال وهو يلهث: _ حوشها بقا يا سامح.. إحنا جايين هنا نهزر و لا إيه ورانا شغل . أوقفها سامح قائلا بجدية : _ خلاص يا طلبة.. ورانا شغل زى ما قال ..لما نرجع إعملي فيه اللي إنتي عيزاه . عدلت من ملابسها الثقيلة وقالت : _ علشان خاطرك إنت يا هندسة.. يالا بينا . طرقت مي باب غرفة والدها الذي قال بنبرة مجهدة : _ سبيني في حالي يا مي مش هتخرج من أوضتها هتفضل محبوسة فيها زى الكلبة . أدارت مي مقبض غرفة والدها و دلفت برأسها فقط و قالت بتأدب : _ بعد إذنك يا بابا انا اللي حابة اتكلم مع حضرتك لو سمحت . أومأ برأسه موافقا .. فدلفت و أغلقت ورائها الباب فأسرع قائلا بتحذير قوى : _ لو هتتكلمي عن موضوع اختك و لا امك انا مش فايق للكلام ده و لا عاوز اسمع سيرتهم . جلست قبالته علي مقعد و قالت بهدوء جديد عليها كليا : _ أنا ماليش دعوة بيهم كل واحد غلط لازم يتحاسب .. و هما غلطهم ما يتغفرش ابدا و انا مش هشيل همهم تاني . قطب عثمان حاجبيه بتعجب و هو يطالعها بتركيز فوجدها قد نحفت قليلا ربما لانهم لا يأكلون جيدا تلك الفترة .. فسألها بترقب : _ أومال انتي عاوزة ايه يا مي؟! طالعته لبضعة ثواني ثم قالت بثبات : _ أنا لقيت محل كويس جدا في نفس شارع مول عمي جاسر و حابة ناخده لينا انا و انت و يبقي لينا شغلنا المستقل .. بس برضه تحت اسم مجموعة المهدى للملابس الجاهزة . فكر قليلا و سألها بإندهاش : _ و ليه كده ما احنا شغالين كلنا مع بعض عادى . لعقت شفتيها و قالت بثبات : _ لأن الخط اللي أنا عاوزة افتحه مالوش علاقة بأى حاجة اشتغلنا فيها قبل كده و من حقي يكون عندى السنتر بتاعي زى مازن و ياسين . عقد ذراعيه أمام صدره و قال بتركيز : _ فهميني خط ايه ده يمكن الفكرة تعجبني . اعتدلت في جلستها و قالت بحماس : _ اكتر مشكلة بتقابلنا سواء في سنتر الفساتين السواريه او الملابس العادية للبيت و ملابس الخروج هما الشباب و البنات الاوفر ويت او الكيرفي اللي زيي كده .. فأنا حابة نعمل سنتر مخصوص ليهم كل شغلنا يكون لأصحاب الاوزان الكبيرة .. ايه مش من حقنا نلبس ماركات و تصميمات زى باقي الشباب . وقف عثمان و قطع الغرفة ذهابا و ايابا بتفكير فتابعت هي قائلة بإصرار : _ أنا الحمد لله بقالي اسبوع بعمل اتصالاتي مع كل المصانع و دور الازياء اللي بنتعامل معاهم و الحمد لله قدرت أوفر كل شىء محتاجاه و هما عجبتهم الفكرة جدا . ابتسم عثمان رغما عنه و و وقف امامها و قال بإعجاب : _ مش هنكر ان الفكرة عجبتني و جدا .. بس فرضا رفضت كنتي هتعملي ايه ؟! وقفت بدورها و قالت بقوة : _ كنت هقدم علي قرض من قروض الشباب اللي الدولة عملاها و كنت هبدأ في مكان صغير و كنت كفيلة في فترة صغيرة أكبره . ربت علي ذراعها و قال بزهو : _ و أنا هحققلك حلمك و هكلم عمك جاسر الصبح في الموضوع ده و انا واثق انه هيوافق . إبتسمت مي ابتسامة متسعة و قالت بفرحة : _ ربنا يخليك ليا يا احلي اب في الدنيا . طالعته بطفولة و قالت بإستحياء : _ كان ليا طلب عندك كمان . لف ذراعه حول كتفيها و قال حنو : _ أؤمرى يا ست البنات و أنا عنيا ليكي . قبلت كفه و قالت بتلعثم : _ كنت عاوزة عربية ليا زى فريدة و سهي كده . ضحك بصوت خفيض و قال بإنصياع : _ لا يا ستي عربية أحسن من عربية فريدة و سهي هو انا ليا غيرك في الدنيا كلها . استندت برأسها علي صدره و قالت بنبرة حزينة : _ و انا ماليش حد غيرك يا بابا . ضمها اليه اكثر و سألها بترقب : _ عاملة ايه في الامتحانات .. اوعي تجيبي درجات مش كويسة . رفعت رأسها ناحيته و قالت بثقة : _ ما تقلقش عليا ان شاء الله هجيب تقدير محدش جابه في العيلة كلها و لما هتخرج هبقي بيزنس وومن كبيرة جدا و هرفع راسك قدام الكل . تنهد براحة و قال : _ انا رافع راسي بيكي يا مي من غير اي حاجة يا حبيبتي .. يالا علي السرير الوقت إتأخر . تركته و ابتعدت و هي تقول بسعادة : _ تصبح علي كل خير يا قلب مي من جوة . ابتسم بهدوء و اجابها بحب : _ و انتي كل الخير في حياتي يا رب . تركته و خرجت و هي تبتسم بنصر ثم وقفت مجددا امام مرآة المكتبة بردهة البيت و ضمت قميصها علي جسدها و لاحظت انخفاض وزنها النسبي فاتسعت ابتسامتها و قالت بتحدى : _ كده ضربنا عصفورين بحجر .. و لسه الجاي هيبهر الكل ان شاء الله . ساروا نصف ساعة تقريبا في تلك الصحراء الصخرية.. فقالت سهى وهي تطالع شاشة التابلت: _ البيت هنا تقريبا صح ؟! أوقفها سامح وقال بجدية : _ أيوة.. إسمعينى كويس يا سهي ..ما تتحركيش أي حركة مهما كانت غير بإشارة منى مفهوم . أومأت سهى برأسها وقالت بجدية: _ تمام يا فندم . تطلع سامح لباسم.. وأشار له برأسه.. فأخرج باسم سلاحه.. وتقدمه بهدوء حذر .. إتبعه سامح وسهى ورائه.. لفوا حول المنزل قليلا.. حتى إطمئنوا من خلوه.. دخل باسم من أحد الشرفات.. ثم رفع سامح سهى قليلا.. استندت على الشرفة.. وإلتقطها باسم من الداخل .. ثم دخل سامح ورائهما ... تطلعت سهى حولها.. وجدته مجرد منزل بدوى مهجور يحتوى على الكثير من الأثاث البالي.. وممتلئ بالأتربة و خيوط العنكبوت.. ولكن جهازها إلتقط شيئا فطالعته بتعجب و سارت خلف الاشارات حتي دلفت إحدى الغرف المنزوية بآخر الرواق .. ابتسمت بمكر وإقتربت من سامح.. وأشارت إليه.. وكتبت على جهازها: _ في هنا أجهزة تصنت.. وهما حسوا بينا خلاص ... إتكلم إنت وباسم.. هما هيسمعوكوا وقولوا إن دی آخر مرة هاتيجوا هنا.. وإن البيت ده مالوش علاقة باللى بيحصل . أوما سامح وباسم برأسيهما ..فقال سامح أولا : _ دى آخر مرة هانيجي هنا.. أنا زهقت من التفتيش في البيت ده .. احنا كده بنضيع وقت عالفاضي . رد باسم وهو يتطلع حوله بريبة: _ عندك حق.. البيت ده إتأكدنا إنه مالوش علاقة بحاجة و لازم القيادة تفهم ده خلينا ندور بمكان تاني . رد سامح مسرعا: _ بالظبط كده..بكرة أصحابه يرجعوا .. ويسكنوه . كانت سهى تتبع إشارات أخرى حتى توقفت أمام خزانة قديمة.. وأشارت لسامح.. فتح باب الخزانة بهدوء وبحث بداخلها فلم يجد شيئا.. أشارت له سهى على أرضية الخزانة تحسس باسم الأرضية.. ليبتسم فجأة بنصر .. وقف منتصبا وأشار لسامح على دائرة حديدية صغيرة لبوابة خفية..ضغط سامح على البوابة برفق.. فشعر بوجود فراغ تحتها.. أشارت لهم سهى على آثار أقدام من وإلى الخزانة.. فأخرج باسم كاميرا تصوير ليلي من سترته و أدارها و بدأ بتسجيل كل شىء ..وقف سامح مبتسما وقال: _ يالا يا إبنى.. التراب هنا خنقني.. مش هنمشی بقی . رد باسم بصوت عالى : _ عندك حق.. بس هما هيروحوا منا فين.. وراهم وراهم.. من بكرة ندور في المكان التاني.. هنا خلاص إنتهى.. يالا بينا . أشار سامح لباسم... فتطلع من النافذة لتأمين الطريق.. وخرج أولا ثم خرجت سهى.. ثم سامح.. إبتعدواعن المنزل مسافة آمنة .. فضحكت سهى و قفزت قائلة بنصر و زهو : _ yes.. برافو عليا والله.. إنتوا من غيرى كنتوا هتلوصوا . أجابها سامح بحنق: _ ده إيه التواضع ده ارحمينا . رفعت يديها في الهواء وقالت بزهو: _ لا سبنى يا هندسة الليلة ليلتي.. والله وعملوها الرجالة.. ورفعوا راس مصر بلدنا . زم باسم شفتيه وقال بحنق: _ يا بخت الأطرش . رمقه سامح بغضب وقال بتحذير: _ هسيبها عليك.. بس صوتها حلو والله . أضاف باسم في تهكم: _ آه طبعا... مين يشهد للعروسة .. العريس . توقفت سهى و طالعته بنظرة تهديد و هي تسأله بصوت جاف : _ بتقول حاجة يا باسم ؟! رد باسم مسرعا: _ بدعيلك يا قلبي.. ده إحنا من غيرك ولا حاجة . ردت سهی ساخرة: _ حبيبي يا بسوم . عادوا لنفس المكان وإنتظروا قليلا.. حتى إقتربت الطائرة مجددا .. فتسائلت سهی بتعجب: _ ودي هنطلعها إزاى.. بالبراشوت برضه . ضحك باسم ضحكة مستهجنة وقال بسخرية : _ لأ هنرجع الشريط لورا.. فنبقى في الطيارة تانى .. رد عليها يا سامح لأنا أوقات بحسها معانا غلطة مطبعية . ضحكت سهى بسخرية وقالت: _ ههههه.. ثقيل.. وباعدين إنت بترد ليه أنا وجهتلك كلام.. أنا بكلم الهندسة . رد سامح بإبتسامة هادئة: _ سيبك منه.. بصي يا ستي في حبل هيتزل من الطيارة ويسحبنا.. فهمتي بقا . لفت خصلة من شعراتها على إصبعها.. وقالت بمكر عابث : _ أيوة كده فهمت.. بس .... برضه هطلع معاك زى ما نزلنا . زادت إبتسامة سامح و إقترب منها قائلا بلهفة: _ أيوة يا ستی زى ما نزلنا بالظبط . تطلعت سهى لباسم بغضب وقالت: _ يبقى خلى باسم يطلع الأول.. علشان نخلص منه و من لسانه ونكمل كلامنا في الهوا بهدوء . رفع باسم عينيه بملل و التقط الحبل الملقي من الطائرة و شبك خطافه بحزامه و تمسك به جيدا و بغضون ثواني كان علي متن الطائرة و القي لهما بالحبل ... إلتقطه سامح و لف الحزام بسهي اولا ثم لفه حول خصره و ثبت به الحبل و جذبه مرتين فسحبهما للأعلي بسرعة كبيرة .. جلست سهي على الكرسي بالطائرة تتنفس الصعداء.. بينما جلس بجوارها سامح وقال بضيق و هو يرج أذنه بأنامله : _ وداني محتاجة دكتور فورا.. صوتك ولا سارينة الإسعاف في يوم زحمة . ألقت عليه سهى نظرة إحتجاج وقالت بقوة: _ أعملك إيه يعني.. مش خايفة وببعبر عن خوفي . تنهد سامح بقوة فاقدا صبره و قال : _ بتبعبرى.. طب وودانى ذنبها إيه في العزف المنفرد ده ؟! منحته سهى أعذب نظرة شقية وقالت هامسة: _ لا إنشف كده.. ده إنت اللي مستنيك منى كتير . ضحك سامح وحرك رأسه مستمتعا بكل ما تفعله حتى ولو كان يثيره .. وصلوا أخيرا للمعسكر مرة أخرى.. ترجلوا من الطائرة.. فقالت سهى براحة: _ حمد الله على سلامتنا . إقترب منهم ماجد وقال بتوجس: _ حمد الله على سلامتكم يا وحوش.. هاه عملتوا إيه ؟! ردت سهى مسرعة : _ هتعرف كل حاجة قدام القائد.. خمسة كده ورجعالكم . سألها سامح بفضول: _ رايحة فين.. مش هاتيجي معانا . التفتت برأسها ناحيته وقالت بإنفعال: _ شوية وجاية.. إيه مافيش صبر یعنی ؟! تركتهم وإبتعدت... فسألهم ماجد بقلق: _ إوعوا يكون طلع عندها حق ! أوما باسم برأسه وقال بإعجاب : _ أيون.. طلع كلامها كله صح .. لا وساعدتنا في التمويه.. كنا هنتكشف يا معلم لولاها.. بنت الذين . حدجه سامح بغضب.. فقال له باسم مصححا: _ أنا ما أقصدش حاجة وحشة.. قصدى إنها ذكية يعنى . حك ماجد رقبته و قال بترقب : _ دى هتترسم علينا فيها شهر دى و قابلوا بقا عالتنطيط . أجابه سامح و هو يخلع سترة مهامه : _ تتنطط علي التخين فيكم أنا بقول أهه .. و اياكم حد يضايقها . رفع ماجد طرف شفته متسائلا بحنق : _ و ده من ايه ان شاء الله ؟! تنحنح باسم و وقف بعيدا عن سامح و وشي به قائلا : _ أصل سامح طلب ايد سهي للجواز في الجو و انا ما هنيتوش علي موافقتها . طالعه سامح بنظرة جانبية صارمة و هو يهتف بغضب : _ اطول بس زمارة رقبتك و انا هعزف عليها و لا عزف سهي اللي طير طبلة ودني من شوية . ضحك ماجد ضحكة عالية و قال : _ كده الاول وقع ... عقبالنا يارب للواحد مشاعره جفت . إنتهت جلستهم مع القائد و شاهد ما سجلوه و أشاد بمجهودهم المثمر و خاصة سهي.. خرجوا سويا من عنده .. فقالت سهى و هي تتحسس معدتها بجوع : _ الفجر قرب يأذن.. وأنا جعانة جدا.. وعاوزة أكل فراخ كمان . إبتسم ماجد وقال مازحا: _ وهنجيبلك فراخ منين دلوقتي.. نتصل بالدليفرى... روحی نامی یالا بدل ممحن اخر الليل ده . زمت شفتيها بحزن.. فابتسم سامح وقال متأثرا بحركتها العفوية : _ تعالى معايا.. وأنا هأكلك اللي إنتي عاوزاه كله . تهللت أساريرها وتطلعت لماجد بحنق.. ثم قالت بفرحة: _ بجد يا سامح.. طب ممكن ناخد باسم معانا . رد ماجد بسرعة: _ وأنا إبن البطة السودا يعني ؟! أجابته سهى ساخرة: _ لا إنت كلم الدليفرى...وعلى النوم يالا يا خفيف . ضحكوا جميعا علي مزحتها بينما كان سامح بعالم آخر و هو يتأمل شعراتها التي يطيرها الهواء بمشاعر مكظومة و رغبة جارفة لتعقله ... في الصباح.. صلت فريدة الضحى.. وتجهزت للذهاب لكليتها.. وقفت أمام المرآة تتطلع بالجروح التي بوجهها.. وتذكرت ضربات مازن ثم أدهم من بعده.. وما يؤلمها أكثر إنعدام ثقتهم بها.. تنهدت بأسي.. و خرجت من غرفتها وقف مازن أمامها وقال بضيق: _ وحشتيني يا ديدة.. تحبى أوصلك للكلية يا قلب اخوكي . لم تتحدث معه... وتركته وخرجت من المنزل صافعة الباب خلفها بقوة ... وقف مازن مكانه غاضبا.. سائلا نفسه بقلق ( لمتى ستبقى على سخطها عليه) قابلت أدهم الذي كان بإنتظارها علي الدرج فأشاحت بعينيها بعيدا عنه ..وقف أمامها وإعترض طريقها قائلا برقة: _ أنا بستناكى علشان أوصلك.. يالا معايا . اجابته بملل قائلة: _ لأ مش جاية معاك.. ووسع خليني أنزل هتأخرني . تنهد أدهم بإرهاق وقال برجاء: _ طب إديني فرصة تانية .. معقول تحكمي عليا بالإعدام من أول مشكلة بينا . ردت فريدة ببرود تحسد عليه قائلة: _ عادى ما انت حكمت و نفذت و كسرت من اول مشكلة لينا برضه . طأطأ رأسه مطالعا جبيرة يدها و قال بحزن : _ يا حبيبتي و الله كان غصب عني .. كانت عنيا معمية مكنتش شايف قدامي و ده لأني بحبك بجنون . لم تهتز عضلة واحدة من وجهها و قالت بثبات : _ خلصت كلامك ... إبعد بقا خليني أنزل لو سمحت . كادت ان تتخطاه فقبض علي ذراعها السليم وأوقفها قائلا بصرامة: _ لا بقا الادب مش نافع معاكي و هتيجى معايا.. قدامى يالا مش هقدر عليكي ولا إيه.. مدام الحنية مش نافعة .. يبقى هوريكي العين الحمرا . وجذبها من رسغها خلفه... وهبطا الدرج وهي تحاول جذب ذراعها منه، ثم أركبها سيارته بالقوة، وركب الي جوارها ... وقاد السيارة مسرعا.. حاولت فتح باب السيارة أكثر من مرة.. فوجدته قد أغلقه ركلت الباب بقوة و قالت بضيق: _ وقف العربية ونزلني بقا.. هو بالعافية يا سيدي . ضحك أدهم ضحكة عالية وقال بقوة: _ أيوة بالعافية.. وهوصلك في كل حتة من هنا ورايح . كزت فريدة على أسناها وقالت بتشنج: _ ومين قالك إنى هوافق.. أنا مش طايقة أشوفك أصلا . ضحك وغنى لها بمداعبة: _ حلو وكداب.. ليه صدقتك . زفرت بضيق وقالت: _ أوووف...بس مش عاوزة أسمع صوتك ده . فتابع غنائه لها و هو يطالع الطريق بسعادة : _ إبعد بعيد عنى سهرنی وإشغلني.. على فين تروح منى هتجيني هتجيني . فقالت بغضب: _ إنت ما بتفهمش مش طيقاك.. أقولها تانی مش طيقاااااك.. نزلني بقا . فغنى لها مرة أخرى: _ لو ناوى يرجع يا أهلا.. لو في باله يجيني فعلا.. بس مكسوف منى مثلا..حد يحكيله إنى أصلا كنت مستنيه . ردت فريدة بسخرية و هي تضع سبابتيها في أذنها : _ صوتك وحش جدا.. سمعنا بقا سكاتك دماغي صدعت . زم أدهم شفتيه متصنعا الضيق وقال ساخرا: _ كده يا دودة زعلت منك صالحينى بقا . زادت نوبة غضبها وصاحت به قائلة بحدة: _ بقولك إيه.. فكك منى عاوزة أفضل في مود الإمتحان بلاش هيافة . تنهد طويلا وقال بلهفة: _ عقبال ما تبقى في مودى يا مودامي مع ايقاف التنفيذ .. وفي بيتى..وفي حضنى يا رب . تطلعت للطريق بإستسلام وقالت بصوت خفيض : _ حضنك قطر يا أخي.. رخم رخم یعنی . إقترب منها وقال بإستفهام: _ بتبرطمى تقولى إيه ؟! أشارت له بيدها السليمة وقالت بألم : _ بقول بص قدامك للطريق .. خلاص ما عدش فيا حتة سليمة . تألم من كلماتها اللاذعة وقال بخزي: _ أنا آسف يا ديدة والله.. بحبك قوى وإنتى عارفة.. ولما غيرت عليكى ما شوفتش قدامی انتي ليه مش عاوزة تفهمي . ضحكت ضحكة ساخرة وقالت بضيق: _ دى مش إسمها غيرة.. ده إنعدام ثقة.. يعنى إنعدام حب . رد مسرعا: _ لا كله إلا كده.. إنتي عارفة ومتأكدة إنى بعشقك مش بحبك وبس . أضافت فريدة بصوت تشوبه المرارة: _ مالوش لازمة الكلام ده.. عموما أنا إتدبست فيك وخلاص... بس أوعدك إنك هتطلقني بأسرع وقت . ضحك عليها وقال بتحدى: _ لأ ده بعينك.. إنتى بتاعتى لوحدى وعمرى ما هسيبك .. حطي كلامي حلقة في ودنك . وصلوا أخيرا للجامعة.. ترجلت فريدة بغضب.. وصفعت باب السيارة بقوة خلفها وتوجهت لكليتها.. كانت ليلى بإنتظارها.. وإقترب منها زملائها للإطمئنان عليها... فقالت لهم فريدة بإبتسامة ممتنة لجمعهم : _ ما تقلقوش أنا بخير.. ربنا ستر.. يالا على الإمتحان عاوزين نكون دفعة كلها امتياز . سألتها ليلي بقلق: _ انتي يا دفعة مكشرة ليه عالصبح.. لا إفردى وشك ده إمتحان مش محاضرة . ربتت فريدة على ذراعها وقالت بأسف هامس : _ أنا آسفة يا لولة لو ضايقتك إمبارح إنتي وكريستين.. إنتى بتستحمليني كتير و انا بحبك قوى . إحتضنتها ليلى وقالت بحنو: _ إنتي أختى يا ديدة سواء بمزاجك أو غصب عنك . أتاهم صوت أدهم من خلفهم قائلا بمزاح ساخر : _ يا ريتنى كنت مزة وشعرى بنى وعنيا زرقا علشان أخد حضن زی ده . فأتاه صوت ياسين قائلا بغضب: _ ما تحترم نفسك يا دكتور ..هي مين دى اللى موزة انتم بتقصدوا تستفزوني . إبتسمت ليلى بخجل بينما التفت اليه ادهم قائلا بتعجب : _ و انت بتطلع منين عاوز افهم بقا . أجابه ياسين و هو يطالع ليلي بنظرات فاترة : _ بطلع من اي هباب .. فنقدر بعض كده انا مش الحيطة المايلة بتاعتكم . تركتهم فريدة وتوجهت لكليتها و هم يطالعونها بيأس .. اقترب ياسين من ليلي و وخزها في ذراعها وقال هامسا بعبوس من غيرته: _ وإنتى لسه واقفة ليه.. يالا على الإمتحان بلاش مرقعة فارغة . ضحكت بخفوت و نثرت شعراتها خلف عنقها وقالت برقة: _ طب بشويش شوية طب.. يالا سلام . لاحظ ياسين دلعها الزائد.. فتطلع إليها بشوق مهلك وهى متجهه للكليتها.. فعض على شفتيه وقال بتنهيدة ساخنة : _ بسكوتة والنبي . _ إنت بتحبها بجد يا إبنى إنت و لا ايه ؟! قالها أدهم متعجبا.. فحدجه ياسين بحنق وقال ببساطة : _ لو إنت بتحب فريدة هزار.. أبقى أنا كمان بهزر.. سلام یا دکتور . و تركه و انصرف .. أخرج أدهم هاتفه.. وهاتف سهى التي قامت متثاقلة من نومها وردت قائلة بوهن : _ ألو.. إزيك يا عريس . رد أدهم بحنق و هو يمرر انامله بشعراته : _ عريس إيه بقا.. ده أختك ناويهالي شكلها . ضحكت سهى وقالت بتشفي حاقد : _ تستاهل يا أدهومي.. ربنا يعينها عليك كمان ما انت مش ملاك يا بوس . هتف بها أدهم بعصبية قائلا: _ كده يا سو.. وأنا اللى مكلمك علشان تهديها من ناحيتى شوية . ردت سهى بحيرة: _ تعبت معاها يا أدهم.. زعلانة منك قوى.. وإنت ومازن إتسرعتوا.. بس تعرف ربنا بيحبكم إنى ما كنتش موجودة.. كنت بيتكم في المستشفى أو الحجز . أجابها أدهم متصنعا اللطف: _ طب إقفلى إقفلى.. أنا غلطان إني كلمتك اصلا . ضحكت سهى وقالت بسخرية : _ طب ما تكلمنيش تاني.. وهحطك عالقائمة السودا كمان . إغتاظ من حدة ردودها فقال بضيق: _ كده ياسو هتبقى إنتي وأختك عليا.. ربنا عالقوى والمفترى . أنهت فريدة إمتحانها وخرجت تسير بشرود .. قابلت ليلى التي سألتها بفضول: _ عملتي إيه يا ديدة طمنيني وشك قلقني ؟! إبتسمت فريدة وقالت براحة: _ الحمد الله كان سهل جدا.. والحاجات اللي كريستين شرحتهالنا جه منها.. إنتى حلتيها مش كده ؟! هزت ليلى رأسها بإيمانة خفيفة تعبيرا عن سعادتها وقالت: _ yes کو کی دی سوسة.. ربنا يوفقنا في الكام مادة اللي ناقصين ان شاء الله . وقف أدهم أمامهم وقال بترقب : _ عملتوا إيه يا بنات.. الإمتحان كان سهل مش كده . تركتهم فريدة وإبتعدت.. فركض ورائها أدهم وإجتذبها من ذراعها وكالعادة دفعها بالسيارة عنوة.. إبتسمت ليلى وقالت بهدوء: _ ربنا يهديكي يا ديدة.. وتمايني شوية مع أدهم كفاية كده . التفتت فرأت ياسين يقف مع فتاة.. وقد تعالت ضحكاتهم و مزاحهم .. إقتربت منهما وقالت بغضب: _ ما تضحكونا معاكم ولا مالناش نفس يعني . تطلع إليها ياسين ببرود وقال بنبرة جافة : _ عاوزة إيه يا ليلي.. مالك هاجمة علينا كده ؟! ردت ليلى وقد زاد غضبها و هي تحدجه بقوة : _ هاجمة.. وعليكو.. تمام sorry يا ياسين.. بای . وإبتعدت وهي في قمة غضبها .. إبتسم ياسين بمكر .. وركض ورائها و إجتذبها من ذراعها وأوقفها قائلا: _ إستنى هنا.. عاوز اتكلم معاكى شوية . صاحت به ليلى بحنق و هي تشيح يده عن ذراعها : _ نزل إيدك دى وما تلمسنيش مرة تانية مفهوم . إنزعج ياسين من تصرفاتها المستفزة.. وقال بحدة: _ بقا كده.. طلب تعالى بقا انا جبت آخرى منك و يا أنا يا إنتي النهاردة . وجذبها من ذراعها هو الآخر .. وأدخلها سيارته بالقوة.. وقادها مسرعا.. فصاحت ليلي قائلة بتزمر: _ إفتح الباب ده.. هي بقت موضة.. إنت وأخوك.. كل شوية تركبونا معاكم غصب عننا . قاطعها ياسين بحدة وقال بصرامة : _ أنا هسألك سؤال ولو من ضهر راجل ردى بصراحة . إبتسمت ليلى إبتسامة ساخرة وقالت: _ أنا مش خايفة منك علشان أكذب يا أستاذ انت . إرتاحت ملامحه وقال بهدوء متعقل : _ حلو قوى.. ليه بقى اتضايقتى لما شوفتينى واقف مع سما.. إيه إنتى لا بترحمى ولا عاوزة رحمة ربنا تنزل . قطبت ليلى حاجبيها وقالت بتعجب: _ مش فاهمة یعنی إيه لا برحم و لا بخلي رحمة ربنا تنزل دى ؟! إلتف صوبها وهو يرمقها بقوة وقال بخبث: _ يعنى لا عاوزة تبقى معايا.. ولاعوزاني أبقى مع غيرك وأحب واتحب وكده . فقالت وهي تضربه بغضب: _ طب خد بقا علشان تبقى مع غيرى كويس.. إبقى حب تانى وإنت مدشدش بقا . ضحك وحاول تفادى ضرباتها وقال بمداعبة: _ آآه.. يا مفترية.. أنا مش عارف إنتي متضايقة ليه.. ما عادى أقف مع اللي عايزها أنا حر . زادت صفعاتها وصرخت قائلة: _ لا مش حر... إنت سامع ... مش حر . صف السيارة.. واجتذبها من يديها وقربها إليه وقال وهو يلتهم انفعالتها بعينيه : _ مش حر ليه بقا.. ماسكة عليا ذلة مثلا ؟! أنطقي انا مش حر ليه ؟! فردت مسرعة دون أن تشعر بصراخ بركان قد اقتدت نيرانه و لفظها مرة واحدة : _ لأني بحبك يا حيوان .