تناولوا عشائهم وقد تعالت ضحكاتهم وهم مستمعين بوقتهم..حتى وقفت فريدة وتنحنحت قائلة: _ إحم.. إنتوا عارفين إن إمتحانات أغلبنا قريب.. إيه رأيكم في بريك من المذاكرة.. رحلة المطروح يومين تبع الكلية نروحها كلنا. قطب أدهم حاجبيه متعجبا وقال : _ رحلة إيه..فجأة كده ! أجابته بثقة و هي ترتشف من فنجان قهوتها : _ لا مش فجأة.. وإنت هتبقى الدكتور المسئول عن الرحلة دى.. وبكده نقدر نطلع كلنا. وقفت مي وقالت بحماس و هي تقفز من فرحتها : _ أنا موافقة جدا . وقف مازن هو الآخر وقال بتنهيدة مقتضبة : _ وأنا موافق.. بجد محتاج أبعد عن هنا شوية وأفكر مع نفسي. وقف ياسين هو الآخر وقال بملامح متجمدة علي غير عادته : _ وأنا كمان موافق.. محتاج أبقى لوحدى في مكان جديد. وقفت حياة أيضا وقالت و هي تطالع فريدة بإبتسامة رائقة : _ طالما أدهم المسئول عن الرحلة دى يبقى موافقة أروح . حدجتها فريدة بقرف وقالت بغضب : _ وإنتى يا سهى مش معانا. رفعت سهى عيناها عن هاتفها و ردت وكأنها تفجر القنبلة دون أن تدرى : _ لا أنا out لأنى هكون مسافرة مع زمايلي لمهمة بره مصر. حدجها مازن بتعجب وقال بصياح حاد : _ وده قرارك لوحدك مثلا من غير إذننا و إحنا رجلين كنب في أم البيت ده . إعتدلت سهي بجلستها و أغلقت هاتفها و هي تطالع غضبه بخوف .. تحولت مقلتيها ناحية أدهم كي ينقذها و هو لم يتردد و قال بسرعة لتهدأته : _ إهدا يا مازن في إيه مش كده أنا هفهمك كل حاجة . قطب مازن حاجبيه و عبس بعينه قليلا غير مصدق ما سمعه و هو يسأله بصدمة : _ تفهمني ؟! هو إنت عارف أصلا و أنا آخر من يعلم و لا ماليش كلمة علي إخواتي خلاص ؟ مرر أدهم كفيه علي وجهه و طالعه قائلا بهدوء : _ أبوك وأعمامك عارفين وموافقين و أنا عرفت منهم ماتقلقش. زادت نوبه غضب مازن وقال بضيق و هو يضرب سطح الطاولة بيده : _ يا سلام .. كده بقا أنا أخرس و أحط جزمة ببوقي طالما كلكم عارفين و موافقين . فقالت سهى مسرعة لتهدئة أخاها الأكبر خشية أن يعرقل مهمتها تلك و التي زادت أهمية بوجود سامح بها : _ إهدا يا مازن أنا كنت هقولك بالليل أصلا.. وطلبت من بابا إنى أنا اللي أستأذنك بنفسي إحترام ليك و لأني عاوزة أكبرك . إبتسمت فريدة و عضت علي شفتها و قالت بهمس : _ يا بنت اللعيبة يا سهي .. معلمة و ربنا . كان وقع كلمات سهي كالبلسم على مازن الذي زظفر بقوة قائلا بهدوء: _ وهتقعدى فترة طويلة إن شاء الله . زمت شفتيها ورفعت كتفيها وقالت : _ مش عارفة بصراحة، بس هي مهمة كبيرة جدا و هتفيدني جدا جدا .. و وعد مني هكلمك كل يوم. جلس رة أخرى بوجه متجهم و قال بهدوء مصطنع : _ نشوف الكلام ده لما نطلع بس . زفرت فريدة بضيق وقالت بصياح محتد : _ نسيتونا الرحلة.. كده في إجماع يا أستاذ أدهم.. ومش هتقدر تقول لا. ضحك أدهم على طريقتها الطفولية والمحببة لقلبه.. وقال بإستسلام و هو يلتهمها بعينيه : _ خلاص يا ستى بعد موافقة أعمامنا.. ستأتی موافقتی طبعا . طالعت حياة نظراته ناحيتها بنفور و حولت مقلتيها ناحية عمر الهائم هو الآخر بفريدة و قالت بمكر: _ وإنت يا عمر مش هتيجى معانا و لا إيه ؟! فكر عمر قليلا وقال ببساطة : _ لو مش هضايقكم.. فا أنا ما عنديش مانع و الله .. الواحد لسه ما بدأش شغل و أتمني اروح مطروح عمرى ما روحتها . قبضت فريدة كفيها بضيق و تخطت ما حدث قائلة بنزق : _ عموما.. هى هتبقى من يوم الجمعة بالليل لغاية الإتنين بالليل.. تمام. وقف أدهم وجذبها من يدها وقال بنفاذ صبر : _ بعد إذنكم يا جماعة دقيقة واحدة . إبتعد بها و عيون حياة و عمر تلاحقهما بعبوس .. وقف يها أمام شجرتهما وقال وهو يتأمل عينيها بحب : _ هي إيه حكاية الرحلة دى بالظبط يا فريدة ؟! زمت فريدة شفتيها بدلال وقالت بحنق : _ هيكون ليه يعنى .. حياة وحشتني مثلا.. فاعاوزة أقرب منها شوية في مکان رومانسی زی شاطئ عجيبة.. أو صخرة ليلي مراد مثلا . إبتسم أدهم بخبث و إقترب منها أكثر و هو يقول بمداعبة : _ الله..ده إنتى بتحبى حياة بقا. راقب أدهم خجلها وهي تبتعد بعيناها عنه و تقول بهمس : _ بحبها قوی یا أدهم.. بس تفتكر هي كمان بتحبنى زى ما بحبها كده ؟! حمل كفيها بين راحتيه و شدد عليهما قليلا متحكما في نفسه و قال بتنهيدة ساخنة متعمقا بعيونه في عينتاها : _ اللي أعرفه إنها بتحبك فوق ما خيالك يجيبك .. و فوق الحب بمراحل وإنتي عندها اللي جای واللى فات وكل حاجة. لاحظت نظراته الجريئة.. وإستشفت على أطراف شفتيه نية من النيات.. والتي تنبيء عن خطوة جنونية قادمة، فقالت بخجل: _ بتهيألي نروح نقعد معاهم أحسن و لا إيه . ترك كفيها وهو يشعر بالخجل من قبضه عليهما بهذا الشكل، ومرر أنامله في شعراته وإبتعد قائلا و هو يتنحنح بإرتباك : _ أنا كمان بقول كده.. صحيح أنا .... أنا لاقيت شقتين يجننوا وقريبين من هنا.. وكنت عاوز نروح مع عمى نشوفهم. هزت فريدة كتفيها وقالت بتسليم : " _ تمام إتفقوا على الوقت المناسب ليكم وأنا معاكم. عاد لمشاغبته قائلا بنبرة هادئة و ببطء شديد وهو ينظر إليها بتمعن : _ كويس.. وكنا عاوزين نقعد كمان شوية.. لوحدنا.. ضروری. قالها وهو يحدجها بلهفة جعلتها تبتلع ريقها بتوتر فقالت له بلوم: _ أدهم مش قولنا هنقعد معاهم. غمز لها بعينيه وقال بإبتسامة ماكرة: _ إنتى إفتكرتي إيه.. ده علشان القضية بتاعت الأغذية.. اوعى تفهميني صح. ضحكت بخجل وتركته وعادت تجلس مكانها ووجهها مزين بإبتسامة حالمة .. حتى إصطدمت نظراتها بنظرات عمر المتفحصة لها .. فإختفت إبتسامتها بسرعةو إبتعدت بعينها متطلعة باللاشىء .. جلس أدهم مكانه مرة أخرى وهو يتطلع لفريدة بشوق..فعادت لها إبتسامتها المشرقة مرة أخرى.. إقتربت مى من فريدة ومالت عليها قليلا وقالت هامسه: _ بس عمر ده قمر يخرب بيت جماله. فقالت سهى التي وصل لمسامعها كلمات مي و هي تخفي إبتسامتها : _ عندك حق يا ميوش.. ده مُركز حلاوة.. قمر.. ولا عنيه الزرقا دى تجنن. رفعت فريدة عيناها بملل و قالت وتعابير الإشمئزاز مرتسمة على وجهها: _ والنبي نفسكوا حلوة.. ده رجالة المهدى اللي قاعدين قدامكم دول برقبته.. رجالة صوح. عبثت حياة بأظافرها و قالت بخبث: _ صحيح قمر.. بس مش ملاحظين إن القمر ده ما شالش عينه عن فريدة ثانية .. غريبة ! أغمضت فريدة عينيها بغضب كأنها تعتصرهما وزفرت بضيق وقالت هامسة من بين أسنانها : " _ بلاش أعملها معاكى يا حياة.. أنا طول الوقت بقربلك وبنسى مواقفك وكلامك المقرف بس لو زودتيها أكتر من كده همسح بكرامتك الأرض قدام الكل . أشاحت حياة بوجهها عنها.. فقالت مى لفريدة بخجل و هي تطالع أختها بضيق : _ سوری یا فريدة..هي كده لازم تعكنن علينا و الا ما ترتاحش . إنتهت الجلسة وصعد الجميع لشققهم وغادر عمر.. بينما بقيت فريدة وأدهم بالحديقة.. جلسوا سويا لمناقشة أوراق القضية.. إستمرت جلستهم لمدة ساعة.. فوقفت فريدة وقالت بإرهاق: _ خلاص تعبت.. كفاية كده النهاردة كان يوم متعب جدا. وقف أمامها يطالع إحمرار عينيها فقال بإشفاق : _ تمام يا حبيبتي نكمل بكرة إن شاء الله. حملت أوراقها وقالت وهي منصرفة بهدوء : _ يالا تصبح على خير يا أدهم . وقف أمامها بسرعة معترضا تقدمها وقال بتعجب : _ إيه على فين ؟! أجابته فريدة ببديهية: _ هروح فين يعني ؟ هطلع بيتنا. إستعطفها هامسا: _ لسه ما قعدتش معاكى النهاردة.. خليكي شوية علشان خاطرى . تطلعت إليه بجدية وقالت بإرتباك من تماديه معها بنظراته و كلماته : _ بقولك إيه بلاش سهوكتك دى أنا مش نقصاك . إقترب منها وقال بتنهيدة ساخنة و هو يبتسم برقة : _ أنا بتسهوك برضه...... فريدة. ردت عليه وهي ذائبة بصوته الناعم : _ أيوة. أمسكها من ذقنها وقرب وجهها منه.. لم يدرى كم مر من الوقت وهو يتأمل حسنها المحبب لقلبه.. ثم إقترب منها أكثر بجرأة حتى صار وجهه مقابلا لها و قال بصوت أشبه بالهمس: _ بعشقك. إبتعد عنها قليلا ونظر إليها مرة أخرى وعلى ثغره إبتسامة لم تزده إلا وسامة.. إرتبكت فريدة للغاية ونظرت إليه وشعرت بأنها لا تستطيع التنفس وضعت يدها على قلبها من آثر إنتقاضته القوية .. وقالت برعشة تملكت من كل أعصابها: _ تصبح على خير. تركته وإبتعدت كأنها ركبت الريح وهي تستجمع قواها قدر الإمكان.. بينما إستنشق أدهم هواء الليل البارد بلذة علها تسكن فؤاده و جموحه بها .. .................................................... بعد مرور ثلاثة أيام.. إستعدت سهى لسفرها بعدما تركها سامح ورفاقه بمفردها بالمكتب لمدة ثلاث أيام مروا عليها شهورا وهي تنتظر دلوفه عليها المكتب طوال الوقت.. ولكنه تفادى لقائها وآسر السلامة ببعدها عنه.. فتقدم مشاعره ناحيتها أقلقه .. كانت أسعد شخص بالدنيا عندما هاتفها اللواء فهمي يخبرها بأن تحضير نفسها للمعسكر.. لا تعرف ما ينتظرها هناك و اكنها بسبيل رؤيته مجددا جنبت خوفها و توجسها .. تسوقت كثيرا.. وإبتاعت أي قطعة ملابس تشبه ملابس الجيش.. أو ألوان مشابهه له.. جهزت نفسها بكل أسلحتها للحرب القادمة بينها وبينه .. فهي تعلم أن ما ينتظرها كثير سواء معه أو منه .. بعد تناولهم الغداء ودعت سهي أسرتها.. والجميع غير مقتنع بفكرة سفرها. إحتضنتها سعاد وقالت بقلق: _ مش عارفة خايفة علیکی لیه كده رغم إنها مش أول مرة تسافرى بمأموريات .. ربنا يحميكي يا بنتی. قبضت سهى علي قميصها من دبر و قالت بحنو: _ ما تقلقيش عليا يا ست الكل.. وباعدين دى رحلة زى رحلة فريدة كده. قاطعتها سعاد ورددت بصرامة : _ بس فريدة معاها كل العيلة.. إنما إنتي لواحدك يا عمري. إبتعدت سهى عنها قليلا و قبلتها بوجنتها طويلا و قالت بثقة: _ بس أنا بنت بميت راجل وإنتى عارفة يا سوسو . تركتها وإحتضنت جلال وقالت و هي تستمتع بصوت دقات قلبه : _ هتوحشنی قوى یا جلجل. تطلع إليها بشوق وضمها إليه أكثر و هو يقول بترفق : _ وإنتي هتوحشينى أكتر .. خلى بالك من نفسك.. وكلميني طول الوقت. إبتعدت عنه و طالعته قليلا ثم أومأت برأسها و قالت بإنصياع : _ حاضر يا بابا ما تقلقش. وقفت أمام مازن وقالت بعد أن طال صمتهما و هو يطالعها بعبوس : _ إيه هتفضل باصصلی کده كتير. رد وهو في قمة قلقه و عدم إقتناعه بفكرة تلك الرحلة الغير محدد مكانها و لا زمانها : _ مش مرتاح يا سهى بس هعمل إيه.. مافيش بإيدي حاجة غير إني أقف جنبك علشان ده شغلك و طموحك .. ربنا يحميكي ويرجعك بالسلامة يا قلب أخوكي . إحتضنتها فريدة من الخلف وقالت من بين دموعها : _هتوحشينی قوى یا سو قوى .. مش عارفة البيت هيكون إزاي من غيرك ؟! مسحت سهى على ذراعيها اللاتي يحاوطانها بنعومة وقالت بألم : _ وإنتى کمان هتوحشينى وهتوحشنی دوشتك يا عمري. إبتعدت عنها فريدة وإلتفت حولها و وقفت مقابلة لها و قالت بنبرة متحشرجة : _ خلى بالك من نفسك. مسحت لها سهى دموعها وقالت بابتسامة خافتة: _ حاضر يا حبيبتي . حمل مازن حقيبتها وغادر قبل أن تطاوعه عيناه و يبكي هو الآخر .. لوحت للجميع بيدها وقالت بنبرة مختنقة : _ أشوف وشكم بخير. تركتهم وهبطت الدرج.. وهي متألمة.. لم تنسي أن تودع الجميع بلا إستثناء .. هبطت الدرج مسرعة.. وإتجهت لسيارتها الخاصة.. فتح لها أدهم باب سيارتها وقال بإبتسامة هادئة: _ فوق ما تتخيلى أنا فخور بيكى إزاى و واثق فيكي جدا .. ربنا يوفقك وترجعى منصورة.. وترفعي راس مصر كلها لفوق وراس كل البنات. إبتسمت بإمتنان و قالت بحماس و هي تمسح أنفها بمحرمتها : _ تسلملي يا أدهم يا رافع من معنوياتي . إقترب منهم مازن وقال بغضب: _ مش كنا وصلناکی للمطار يا سهی .. كل اللي ده بيقلقني أكتر . أجابته بسرعة و هي تختفي من أمامه : _ السواق هيوصلني.. وباعدين لسه هروح الجهاز وهنمشى من هناك يالا أشوفكم بخير. لوحت لهم وركبت سيارتها بسرعة.. بعدما تجمعت في عينيها القويتين عبرات الفراق من جديد .. قادت السيارة متحاشية التطلع بأحد ثم سمحت لدموعها بالهبوط وناجت ربها : _ يا رب وفقني.. وسبتنى.. وقويني على اللي جای وأقدر أوقع المجرمين دول بحق كل نقطة دم سالت من شهيد سواء جيش أو شرطة أو مواطن عادی.. قدرني يا رب وإجعلنى سبب علشان يبقوا عبرة للعالم كله. وصلت أخيرا لجهازها فوجدت أحد الضباط بإنتظارها .. أشار لها بالجلوس في المقعد الخلفي بينما قاد هو السيارة .. كانت تتوقع أن يأخذها لمقر سامح و رفاقه و لكنها لاحظت تغير وجهة السيارة فسألت السائق بقلق: _ لو سمحت..إحنا رايحين فين ؟! رد مسرعا بصرامة: _ هنروح مكان الإنطلاق يا فندم .. سيادة الرائد سامح في إنتظارنا هناك و هو اللي طلب مني أجي بنفسي لحضرتك . حركت كتفها مستسلمة و مجرد ذكر إسم سامح طمأنها .. بعد فترة طويلة.. وقفت السيارة.. ترجل السائق أولا.. ثم إلتف وفتح لها باب السيارة وكانت هذه آخر لحظات الترفيه.. ترجلت من السيارة بقلق.. و أخذت تتطلع حولها بحذر فوجدت ماجد أمامها.. إبتسمت له فإقترب منها وقال مازحا : _ إيه الجمال ده.. كم إشتقت إليك يا سهى. فقالت بضحكة عالية و هي تجذب حقيبتها : _ ولغة عربية كمان.. كده كتير عليا والله. إنتهت لوجود حافلة كبيرة فسألته بتعجب: _ ده الأتوبيس اللي هنركب فيه يا ماجد. أتاها صوت سامح القوى من خلفها قائلا: _ لأ..ده إنتى هتركبيه مع المجندين. إلتفتت إليه بسرعة قاطبة حاجبيها بتعجب وقد تحول شوقها إليه لغضب فقالت بتذمر : _ أركب إيه.. ومع مين ! حدجها سامح بقوة وقال بصرامة و هو يشير بأنامله شارحا : _ إنتى .. هتركبى الأتوبيس ده .. مع المجندين اللي هناك , سألته سهى بصوت متحير : _ وليه ما أركبش معاكم مش فاهمة . تابع سامح وقد زاد علو نبرة صوته : _ هو ده العدل .. إنتى متدربة زيك زيهم.. مش عاجبك إعتذرى عن المهمة دى. تطلعت إليه بقوة و تحدى .. وقالت بإبتسامتها الهادئة الساحرة : _ تمام يا فندم. جذبت حقيبتها و توجهت ناحية الخافلة فأوقفها ماجد مسرعا و هو يقول : _ سبیها یا سهى وأنا هشتلهالك. أوقفه صوت سامح قائلا بحزم: _ لا يا سيادة الرائد.. هی هتشتالها و لا تشدها مالناش فيه . زادت إبتسامة سهى.. وجذبت حقيبتها ورائها ..ووضعتها بحقيبة الحافلة.. ثم صعدت الحافلة بقلق.. تطلعت لهيئة المجندين الذين يطالعونها بتعجب و يتهامسون فيما بينهم .. ثم قالت بتوجس : _ های یا شباب. ساد الضحك لثواني.. فقطبت حاجبيها وقالت بغضب: _ بتضحكوا على إيه. أشار لها كبيرهم بيده أن تتقدم نحوه .. فإتجهت بالفعل نحوه فوقف وأجلسها بجوار نافذة الحافلة وجلس بجوارها.. فسألته بغضب: _ هما كانوا بيضحكوا على إيه مش فاهمة ؟! ضحك باستخفاف وقال : _ مش مهم.. إسمك حضرتك إيه يا فندم. تطلعت لملاحه الصارمة.. والمريحة بنفس الوقت بعينيه السوداء و بياضه المغطي بطبقة سمار مؤكد إستمدها من تعرضه للشمس فترات طويلة .. أجابته بهدوء غريب إستمدته من نظراته الحنونة : _ إسمى سهى المهدى. مد يده إليها مصافحا وقال بإبتسامة لم ترى بنقائها من قبل : _ وأنا ظابط صف ریان قندیل یا فندم. صافحته بود وقالت بابتسامة حذرة: _ أهلا وسهلا. رفعت حاجبها متذمرة من ضحكته وقالت بحنق: _ حاسة إنك كبيرهم مش كده ؟! ضحك بسخرية وقال متنحنحا بعدما إستشف حنقها : _ إسمها القائد بتاعهم و بتاعك كمان . هزت رأسها بتفهم و قالت : _ سوری. هز رأسه بالإيجاب وقال بهدوء: _ بكرة تتعلمى كل حاجة.. بس إنتي صحفية ولا إيه ؟! ضيقت عينيها و إستشفت أن سرية مهمتها واضح أنها معممة فقالت بقلق : _ یعنی .. حاجة زى كده.. هو إحنا رايحين فين ؟! رد وهو يتطلع إلى الطريق من النافذة : _ مركز تدريب للصاعقة .. يشبه مدرسة الصاعقة شوية.. ومش بنروحه إلا لما يكون في عملية مهمة قريب.. و لما يكون القائد بتاعنا سيادة الرائد سامح كده أتأكد أكتر . فسألته بخوف و هي تطالعه بتوجس : _ هو سامح ده في تدريباته طيب كده ولا صعب ؟! ضحك ريان وقال و هو يعقد ذراعيه أمام صدره و يطالعها بمشاغبة : _ أكلمك بصراحة.. هو طيب بس ليه مش عارف حاسه مش طايقك وناوى يعملها معاكى. سألته سهى بإستغراب و قد إلتفتت بجسدها ناحيته : - يعمل معايا إيه ؟! صمت قليلا..ثم أضاف بلهجة تحذيرية قائلا : _ أممممم .. إسبوع الجحيم مثلا . زمت سهى شفتيها وقالت بتبرم : _ مش محتاجة أسال هو إيه لأن إسمه كفاية. تابع ريان بنبرة حازمة و هو يكظم ضحكاته علي هيأتها المرعوبة : _ نصيحة منى.. عاوزك من ساعة ما رجلك تلمس أرض المعسكر.. تقولى على أي طلب تمام يا فندم.. هو عمره ما هيأذيكي خليكي واثقة في كده . حدجته بإهتمام وتسائلت : _ مالك بتتكلم بثقة كده عنه ؟! أجابها ريان بتلقائية: _ لأنى عارفه كويس.. ده أرجل وأنضف وأطيب خلق الله كلهم. إبتسمت بسعادة وقالت بهيام : _ بجد يا ريان. أوما برأسه قائلا:" _ أيوة طبعا .. بكرة لما هتعاشريه الأيام اللي جاية في المعسكر هتفهمی قصدى إيه. تطلعت إليه بإعجاب وقالت : _ إنت طيب قوى. أدى ريان التحية العسكرية و هو يقول بمداعبة : _ شكرا يا فندم.. وما تقلقيش من حاجة.. أنا هكون جنبك أغلب الوقت بس قولى جزر.. هتلاقيني قدامك. ضحكت براحة وقالت: _ مرسيه. إستمر حديثهم فترة طويلة.. كأنه ينسيسها طول الطريق.. شعرت بإرتياح غريب تجاه ريان.. و وجدت نفسها تحاوره دون تردد.. وأخيرا.. وقفت الحافلة. وقف ريان برأس الحافلة وقال بصرامة: _ يالا يا رجالة هنتزل نقف طابور بسرعة يالا. وقفت سهى لا تدرى ماذا تفعل.. إقترب منها ريان وقال: _ خلي عينك دايما على المجندين وإعملى زيهم تمام. اومأت برأسها وقالت بخوف: _ تمام.. بس خليك جنبي و النبي . حاضر يالا بسرعة. ترجلت سهي من الحافلة و هي تتطلع حولها بخوف و ريبة من هذا المكان الشاسع و المهيب .. أشار لها ريان بعينيه فوقفت بجانب المجندين ووقف بجانبها ريان بعدما إطمئن عليها .. وزع سامح أنظاره عليهم و هو يمر قبالتهم وقال بصرامة حازمة : _ أنا هقول أوامرى مرة واحدة..مفهوم. رد المجندين بصوت عالي زلزل كيان سهى فإنتفضت في وقفتها و شهقت بذعر : _ مفهوم يا فندم. أومأ سامح برأسه وتقدم أكثر حتى أصبح قبالة سهى وقال وهو يحدجها بقوة و قد إحتدت نظرات التحدى و الهيمنة منه : _ أي أمر مش هيتنفذ هيبقى فيه عقاب.. أي كلمة زيادة هيبقى فيه قص لسان.. ومافيش مكياج.. مفهوم. دخل المجندين في نوبة ضحك مكتومة.. خطى سامح بصرامته وإقترب خطوة أخرى ومال نحوها بجسده.. فجحظت عيناها و عادت بجسدها هي الآخرى للخلف من قربه الزائد ثم أردف بعنف.. كان على مسامعها كالنغم الرقيق قائلا : _ وما فيش كعب عالى.. وتلموا شعرکوا ده بدل ما هحلقوا بإيدى وزيرو. شهقت سهى شهقة مكتومة و هي تبتلع ريقها بذعر و قالت في نفسها: _ يا لهوى هي وصلت لشعري.. ماشی یا سامح اللي مستنيك منى أكتر. تابع سامح بنبرة قاطعة و هو يتمالك أمام نظرات الخوف التي جعلتها تجفل بعينيها : _ وعاوز أشوف رجالة بجد.. مياصة مش هقبل.. دلع مش هسمح.. مفهوم. رد المجندين بإبتسامة هادئة : _ مفهوم يا فندم. رفع سامح حاجبه متعجبا وقال وهو يطالعها بغضب: _ ما قولتيش مفهوم ليه ! ردت ببحة صوتها المغرية و هي تتدلل بها أكثر كي تضايقه : _ مفهوم يا فندم. تحولت أنظار الجميع إليها بهيام.. وتعالت تنهيداتهم .. فمال ماجد ناحية باسم زامماً شفتيه وقال بهمس ساخر: _ بقالها خمس دقايق في المعسكر والمجندين خالفوا الأوامر وبصولها يومين بقا وترجع شايلة عيل هههه.. ده هيبقى معسكر زي فيلم إسماعيل ياسين في الجيش.. ده إحنا هنضحك ضحك. ضحك باسم وقال مؤكدا: _ عندك حق..بس سامح ناويلها على أيام أسود من شعرها اللي يجنن ده. إقترب سامح من سهى بغضب بعدما لاحظ نظرات الإعجاب على صوتها الساحر بوجوه الجميع و ردد بشراسة : _ مش قولت مش عاوز مياصة ودلع. ردت سهى بإبتسامة خبيثة بعدما نجحت في إشعال نيران الغيرة مرة أخرى في عينيه.. وتأكدت أنها أذابت جليد قلبه الذي أقسمت لنفسها أنه لن يتأثر بأنثى سواها..فردت بعند قائلة: _ أنا صوتى كده..خلقة ربنا أعمل إيه يعني. حرك كتفيه و قال و هو يعود للخلف مرة آخرى : _ و الله مش مشکلتی.. صفا. تطلعت حولها بتعجب وقالت بعدم فهم و بتلقائية : _ ده زى صفا وإنتباه بتوع المدرسة. ضحك الجميع بصوت عالى.. فقال لها سامح و هو يتعمق في عينيها بغض _ سابت يا عسكرى إنت وهو. إقترب من سهى مجددا وأمسك ذراعيها وعقدهما خلف ظهرها بقوة.. تأملت عينيه من قريب .. فقد كان يحتضنها تقريبا.. لفحته أنفاسها المتقطعة بخجل من قربها منه لهذه الدرجة ..فابتعد عنها بسرعة وقال بإرتباك : _ كده يعنى صفا..إنتباه. عادت بيديها لجوارها مرة أخرى.. وهمست بغضب: _ أستغفر الله العظيم. لاحظ سامح همهمتها فرفع حاجبه و سألها بتوجس : _ بتبرطمى بتقولى إيه.. إخرسي خالص. قطبت جبهتها من غضبها فقال مسرعا و هو يكظم ضحكته علي هيأتها بصعوبة : _ ما تشتميش في سرك مفهوم. ضربت الارض بقدمها وردت بسرعة وهي ساخطة عليه: _ أنا مش بشتم أنا بدعى على الظالم والمفترى. حاول الجميع كبت جماح ضحكة ستغضب سامح أكثر.. الذي وجه حديثه لريان و هو مازال متعلقا بعينيها التي تأسره رغم ثباته الإنفعالي : _ ريان..خليهم يستلموا مهامتهم.. وبعد كده على أوضهم يرتاحوا من الطريق. رفعت سهى سبابتها وقالت بفضول : _ وأنا كمان هعمل اللى قولته ده. تجاهلها ولم يعيرها إهتمام ووجه حديثه مجددا لريان قائلا برسمية : _ نفذ اللى قولت عليه يا حضرة الظابط. أدى ريان التحية العسكرية ووجه الطبور وإنطلقوا ورائه تتبعهم سهى بحقيبتها و هي مازالت تتأمل المكان عن كثب .. وقفوا أمام غرفة.. وتم إعطائهم مهماتهم عبارة عن ملابس داخلية.. طقم عسكرى شتوى.. أفارول مموه شتوى.. بيادة.. شورت مموه.. وتى شيرت عسکری ..وتى شيرت أخضر.. جوارب خضراء.. وكيس للوسادة.. وملائة. بيجاما شتوى.. وبطانية..و حزام عسکری. تطلعت سهى ببلاهة لكل هذه الأشياء وقالت لريان بخوف : _ وأنا هشتال الحاجات دى إزاى شكلها تقيل قوى ده غير انها كلها رجالي انا مستحيل ألبسها . إبتسم عليها وقال بترفق حاني : _ أنا هجيبهوملك أوضتك.. على فكرة هما خصصولك أوضة لواحدك بحمام خاص. تنهدت و هي تنثر شعراتها خلف عنقها بتعب : _ طب كويس والله. أشار لها بذراعه كي تتقدمه و قال بهدوء : _ إتفضلى معايا أوريكي أوضتك فين . إتبعته وهو يحمل لها مهامها.. إدخلها غرفتها ووضع أشيائها على فراشها وقال : _ جهزى نفسك وأنا هاجي أخدك كمان ساعة للميس. تسائلت بتعجب: _ إيه الميس ده ؟! أجابها ببديهية _ ده اللي بناكل فيه وجباتنا.. وكمان ساعة ده ميعاد وجبة العشا. أومأت برأسها وقالت مستسلمة و هي تتطلع لكومة الملابس الغريبة تلك : _ حاضر.. ألبس إيه بقا؟! أعطاها البدلة العسكرية وقال : _ إلبسى دى..أنا بدلتهالك مع مجند كان المقاس صغير عليه. أخذتها منه و قلبتها بين يديها و رفعت رأسها ناحيته وقالت بصدمة : _ بس دى كبيرة برضه.. و مش مقاسي خالص و لو لبستها هبقي كلاون جدا . دارت تروس عقلها و طالعته بإبتسامة بريئة و قالت برجاء لطيف : _ ممكن أطلب منك طلب يا ريان لو سمحت ؟ هز رأسه وقال على الفور: _ طبعا إتفضلي، إنتي تؤمرى يا فندم. زمت شفتيها و قالت بتوجس : _ عاوزة إبرة وخيط ممكن؟! فكر قليلا وقال بجدية : _ أشوفلك حاضر .. ثواني وهر جعلك. أغلقت الباب وتطلعت حولها للغرفة المملة .. بها فراش طابقين وخزانة.. ومكتب.. ولكنها نظيفة جدا.. بعد دقائق سمعت طرقات على الباب.. فتحت فوجدته ريان.. أعطاها إبرة وخيط ومقص..وتركها ومضى. تطلعت لبدلتها العسكرية وقالت بإبتسامة ماكرة : _ مش هديك فرصة يا حضرة الرائد تضحكهم عليا.. ماشي. قامت بتغير مقاس البدلة حتى تناسبها.. ظلت على حالتها وهي تعمل بجد حتى إنتهت تطلعت لبدلتها بإبتسامة منتشية .. ثم قامت إغتسلت وصلت فرضها .. ثم إرتدت البدلة.. وعقدت شعرها كذيل حصان مموج ولم تضع مكياج فقط إكتفت بكحل للعين.. تطلعت لنفسها في المرآة.. وإبتسمت وقالت بزهو : _ لما أشوف هتعمل إيه بقا يا سيادة الرائد. جلست سعاد في شرفة شقتها شاردة.. إقتربت منها فريدة وقالت بتعجب : _ مالك يا ماما قاعدة لواحدك ليه ؟! تنهدت سعاد بقلق وقالت و هي تلتفت ناحيتها : _ سهى وحشتنی یا فريدة. ضحكت فريدة وقالت مازحة : _ لحقت وحشتك يا ماما.. دى ما بقالهاش خمس ساعات ماشية. تنهدت سعاد بقلق وقالت : _ ربنا يحميها ويوفقها.. ويرزقها بإبن الحلال اللي يحبها ويهنيها. _ آمين. ربتت سعاد على قدم فريدة بحنانها الدافئ وقالت بإبتسامة هادئة: _ عاملة إيه مع أدهم يا ديدة ؟! تنهدت فريدة مطولا.. وقالت وهي شاردة: _ مبسوطة قوى يا ماما.. أدهم ده أحن وأطيب راجل في الدنيا.. عنيه بتقولى أكتر من لسانه.. ببقى مرتاحة قوى طول ما هو جنبي.. الخلاصة بنتك واقعة عالآخر. ضحكت سعاد وقالت بتفهم عاقل : _ أنا متأكده من حبه لیکی.. ده إنتى حب عمره.. ده كان بيقعد بالساعات جنبك وإنتي صغيرة.. وما كونتيش بتسكتى غير في حضنه. لمعت عيناها بحب وقالت : _ بجد يا ماما ؟! ردت سعاد و هي تومىء برأسها بتأكيد : _ أيوة طبعا.. ربنا يهنيكم ويسعدكم ويرزقكم بالذرية الصالحة. إنتبهت سهى على طرقات بباب غرفتها.. فتحت الباب فوجدت ريان بإنتظارها.. تطلع إليها بإبتسامة ثم أخفاها مسرعا و هو يطالعها من قدمها حتى رأسها بصدمة و قال بقلق: _ إنتى هتروحي معايا الميس كده ؟! أجابته بحزم قاطع : _ أيوة طبعا.. يالا بقا علشان جعت قوى . هز كتفيه بإستسلام وتقدمها وهى تتبعه.. دلفا للميس تتبعهما نظرات الجميع.. على إحدى الطاولات جلس سامح وماجد وباسم يتناولون عشائهم مع المجندين.. توقفت عيني باسم عندما وقعت على سهي.. ارتشف القليل من الماء ليبتلع صدمته و يجلي بها حلقه الذي جف وقال متعجبا : _ أوبا.. يا نهار إسود وابيض في نفس الوقت. إلتفت ماجد وسامح خلفهما لتجحظ عينهما.. إبتسم ماجد وقال بإعجاب: _ يا صلاة النبي.. دي إحلوت قوى . زاد غضب سامح من هيأتها المثيرة و الشهية.. فقبض علي كفه و هو يصك أسنانه بحدة فلقد إرتدت البدلة العسكرية بعدما ضيقتها لتصبح كالبدل الرياضية.. جاكيت قصير على بنطال ضيق وتى شيرت أخضر قصير.. تعمدت عدم إغلاق أزرار الجاكيت وربطته على خصرها.. أما عقدة شعرها فزادتها جمالا بعدما أصبح جمال وجهها ظاهر للعيان.. وإرتدت حذاء رياضي عالى أكسب مشيتها بعض الإثارة.. تغاضت عن نظرات سامح وجلست مع ريان وبعض المجندين على إحدى الطاولات. أحضر لها ريان صينيتهابنفسه .. تطلعت إليها بإعجاب وقالت : _ يمي .. الأكل شكله حلو شوربة عدس وجبنة وحلاوة وشعيرية بلبن وشاى.. ده دلع والله. فقال لها أحد المجندين و هو يلوك ما في فمه : _ الأكل هنا حلو الصراحة.. ولسه لما هتشوفي وجبة الغدا هتعجبك أكتر. سألته بينما تأكل : _ إنت إسمك إيه ؟! أجابها برسمية مفاجأة : _ جندی مقاتل أحمد غريب يا فندم. وسألت الآخر بفضول : _ وإنت. أجابها بهدوء و هو يتجنب التطع ناحينها : _ أنا عريف مقاتل عبد الرحمن سعيد يا فندم. قالت سهى بإبتسامة ودودة : _ أهلا بيكم.. أنا بقا جندى مقاتل سهى المهدى يا فندم. فتعالت ضحكاتهم التي جعلت باقي المجندين يلتفتون ناحيتهم و هم يطالعونهم بحقد وغل.. جلس سامح على نار قد أشعلتها بقلبه وعقله.. إقترب منه باسم وقال بتعجب : _ مالك يا سامح مش بتاكل ليه. أجابه ببرود يستتر خلفه من إحتقانه : _ لا باكل أهه .. بعد العشا كله ينام فورا علشان هيصحوا من بدري. رد باسم بحيرة على حاله قائلا: _ تمام. بعد إنتهاء العشاء.. توجهت سهى لغرفتها بصحبة ريان.. أخذهم الحديث فسألته قائلة: _ سمعت الرائد سامح بيقولك يا حضرة الظابط.. وإنت قولتلى إنك ظابط صف.. هو ده يعنى إيه ؟! رد ريان بفخر : _ أنا ظابط صف متطوع.. إتطوعت ودخلت معهد ظباط الصف.. وبعد كده إختاروني في سلاح الصاعقة.. فضلت أتنقل و أترقى لغاية ما بقيت زي باقي الظباط والمجندين اللي هنا. نزلت كلماته عليها بقوة لتفتخر من كونها تجلس أمامه و تشعر بالفخر أكثر من نفسها .. فها هي تتعامل أبطال حقا في القوات المسلحة.. فقالت في نفسها بتنهيدة مترددة : _ يا لهوى.. يعنى أنا هتدرب بكرة معاهم.. بس أنا برضه مش مصدقة.. ده لو حكيت لحد عمره ما هيصدقني.. أنا مش عارفة مبسوطة ولا خايفة ولا إيه؟! لاحظ ريان شرودها وإبتسامتها البلهاء..فسألها بتعجب : " _سرحتى في إيه كده؟! ردت بتلقائية : _ أوقات بحس إني فرحانة وفخورة بنفسى وأنا معاكم.. وأوقات بخاف. فقال لها ريان مطمئنا: _ لا ما تخافيش من حاجة.. إنتى هنا مع أبطال الكل بيشهد بإنجازاتهم وبطولاتهم.. بكرة تحكى لولادك وولاد ولادك عن الفترة دى بفخر. وقفت أمام باب غرفتها وقالت بإبتسامة رائقة : _ تصبح على خير يا ريان. أسرع قائلا : _ أنا هستناكى الصبح الساعة خمسة ونص تكوني جهزتي نفسك.. والبسى بادى وبنطلون بس تمام. أومأت برأسها بالإيجاب وقالت : _ حاضر. أشار لها ريان بيده على الغرفة وقال: _ يالا إدخلي .. وإنتي من أهل الخير. ثم تركها ومضى..دلفت غرفتها.. أبدلت ملابسها وصلت فرضها وفرشت الملائة على فراشها وحاولت النوم و لكن عقلها أبي أن يتركها بحالها .. رن هاتفها فردت بتعب: _ ألو..جلجل حبيبى. سألها جلال بقلق: _ وصلتی خلاص یا سهی. فسألته بخوف : _ أيوة يا حبيبي.. هو حد جنبك خصوصا مازن . أجابها بهمس خافت : _ لأ.. الجو عندك إيه؟! قالت وهي تجلس على فراشها بتعب : _ كله تمام بنتك بقت جندى مقاتل سهى المهدى يا فندم. ضحك ضحكة عالية وقال بفخر: _ ربنا يحميكي يا بطل. سألته مازحة: _ الناس عندك بيجهزوا للرحلة صح. أومأ برأسه كأنها تراه و قال بتأكيد ساخر : _ أيوة.. أخويا هايص وأنا لايص..دى فريدة دى عليها حاجات. ضحكت سهى وقالت : _ أنا مبسوطة علشان شقتهم قريبة مننا.. ومتأكدة إن أدهم هيفرشها بسرعة علشان يتجوزا أول ما فريدة تخلص إمتحانات. رد جلال على الفور: _ عندك حق.. يالا عقبال ما ربنا يرزقك بحد يحبك زى ما أدهم بيحب فريدة كده . ردت عليه بغضب: _ مش هرد عليك يا جلجل.. طمن بقا الناس عندك عليا علشان لازم أنام هصحى من الساعة أربعة. رد عليها جلال بنبرته الدافئة: _ ماشی یا حبيبتي.. يالا خلى بالك من نفسك.. وتصبحى على خير. _ وإنت من أهله. أغلقت هاتفها وتدثرت بغطائها ونامت على الفور ..من تعبها. إستعد الجميع للرحلة.. وفي المساء هاتف أدهم فريدة فردت بسرعة قائلة: _ أدهم. رد بصوت ناعم هامسا: _ عيون أدهم. تنحنحت فريدة بخجل وقالت: _ إحم.. جهزت شنطتك خلاص و لا لسه ؟ رد بجدية: _ أيوة خلصتها .. لغاية دلوقتى مش عارف الكلية وافقت إنى أبقى المسئول عن الرحلة .. إزاى وأنا متعين من كام يوم بس. ردت فريدة بغرور: _ دى علاقاتي يا أستاذ.. إنت مستقلني ولا إيه.. بكرة إن شاء الله أبقى معيدة زيك.. وهبقى محامية أشهر منك كمان. ضحك ضحكته العالية وقال بمداعبة : _ يا واد يا جامد.. ده أنا أتمنى. ردت بحب: _ ميرسي يا حبيبي.. هنمشى بكرة على المغرب تمام. فقال بشوق غلبه على أمره: _ أوك..مش هشوفك شوية يا ديدة ؟ ردت بصرامة قائلة: _ لا.. إنت بقيت خطر. أخذ نفسا عميقا.. وزفره دفعه واحدة وهو يجيبها بشوق _ أعمل إيه بس..عموما خلاص الشقة جاهزة على الفرش وأول ما تخلصى إمتحانات.. هتجوزك على طول. ضحكت ضحكتها العالية.. فقال بتنهيدة: _ إرحمى أمي العيانة.. إيه رأيك نتجوز وتذاكرى في بيتى. ردت مسرعة: _ لا والله..يالا إقفل بقا.. ونام بدری علشان تصحی بدری. _ حاضر یا عمری.. تصبحی مراتى و في حضنى يا رب. ضحكت وقالت: _ وإنت من أهله يا سيدي. أغلقت الهاتف و ضمت ذراعها لصدرها و غفت و هي تبتسم بسعادة