خرج المعتقلين في ((فسحة)) في فناء جوانتانامو لمدة نصف ساعة لهم فيها ان يتحدثو بحرية أو يمارسوا نشاطارياضيا أو يقرأوا كان أبوبكر يتمشي قليلا ففوجئ بصوت حمزة يقول في مرح بإنجليزيته الرائعة: السلام عليكم أبوبكر_في هدوء: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حمزة_مبتسما ابتسامة واسعة: اشتقت إليك ضحك أبوبكر فقد فهم الدعابة قائلا::حقا؟؟منذ فترة طويلة لم أرك منذ حوالي خمس دقائق ضحك حمزة قائلا:: نعم أحب من يفهم دعاباتي أبوبكر_مبتسما:: لماذا لا تتعرف علي مسجونين جدد؟؟ حمزة_يغمز بعينه:: لأن هناك إنسانا عزيزا عليّ قد طلب مني أن أحكي له قصتي منذ البداية أبوبكر_مبتسما وناظرا للأفق:: اه نعم حمزة_مبتسما:: حسنا...قصتي كالآتي...والدي طبيب مصري وأمي معلمة فلسطينية ولكنني وجميع إخوتي ولدنا في انجلترا وكنا نزور مصر علي فترات متباعدة ولوقت قصير ولم نزر فلسطين أبدا فعائلة أمي اصلا تعيش في مصر...أبي وأمي يحملان الجنسية الانجليزية..ربانا أبي علي التضحية من أجل الآخرين خصوصا المظلومين والمحتاجين وتشربنا من أمي حب الجهاد وما كانت تحكيه لنا عن جهاد والدها وأعمامها وكيف استشهد والدها رحمه الله في معارك مع الصهاينة.....أحببنا هذه الحياة وتمنينا لو نخوض معركتنا نحن أيضا ذات يوم.....ولم يكن هذا اليوم بعيدا فالعام الماضي بدأت الإدارة الأمريكية حربها ضد العراق كما تعلم بعد شهور قليلة من الحرب اتخذ أبي قراره بالسفر لمساعدة الناس في العراق بالمساعدات الطبية والغذائية والماديةولكن أمي_التي تحبه كثيرا_ رفضت أن يرحل إلي الخطر بدوننا وبالطبع وافقنا جميعا علي السفر معه...ذهبنا للعراق لكن الوضع المأساوي هناك أشعل الغضب بقلوبنا، شعب كامل يموت و يعذب لأسباب واهية، لم يعد الوضع مقتصرا على الحاجة لمساعدات طبية ،إنهم يحتاجون إلى ما هو أكبر ،انضممنا لصفوف المقاومة و قد دربوا أبي وأخي الأكبر حسام علي حمل السلاح أما أنا فلم يدربوني لصغر سني أبوبكر:: إذن كيف قبضوا عليك من موقع قتال؟؟؟ حمزة::حسنا كان دوري أن أشتري لرجال المقاومة الطعام من السوق وأن أساعدهم في طهو الطعام وتنظيف المنزل و................... صمت وشرد قليلا ففهم أبوبكر أنه شئ خطير فقال:: لا بأس.....يمكنك تجاوز هذا الجزء و............ حمزة_مقاطعا وناظرا للأفق أمامه كأنه يسترجع شريط ذكرياته::و نقل المعلومات والرسائل منهم إلي قائدهم والعكس....فمن سيشك في طفل صغيربعمري؟؟......أليس كذلك؟؟؟ أبوبكر::نعم طبعا حمزة:: و في يوم اعتقالي أخبرني أخي حسام أن القائد يأمرني أن أشتري بعض الأشياء من السوق وأنقلها إلي موقع رجال المقاومة في مكان لم أذهب إليه وحدي من قبل ولكنني أحفظ طريقه فقد زرته مرات ومرات مع أبي وأخي..........ثم ابتسم مضيفا:: علمت أن القائد قد طلب ذلك من أخي ولكنه تكاسل فأرسلني بدلا منه أبوبكر::وكيف عرفت ذلك؟؟؟ حمزة_ضاحكا بخفة:: ببساطة هذا الموقع القتالي خطر جدا والقائد لا يرسل الصِبية إليه....ثم إن القائد رفض تدريبي علي حمل السلاح فكيف يبعثني إلي مكان خطير كهذا فجأة؟؟؟؟.....هل يريد قتلي مثلا؟؟ أبوبكر_متعجبا:: وهل أخوك يريد قتلك مثلا؟؟ حمزة:: بالطبع لا.....ولكن تملكه الكسل ذلك اليوم ثم إن المسافة من السوق الي هذا الموقع رغم طولها فهي ليست خطيرة بل مكان الموقع نفسه هو الخطيروانا لم يكن عليَّ إلا أن أوصل الطعام وأعود فورا دون البقاء فيه........ولا تنسي أن هذا مكتوب عند الله في صحيفة قدري قبل خلق الأرض و من عليها تفاجأ أبوبكر جدا بثبات عقيدة الصبي قائلا:: ونعم بالله.....ولكن لماذا وافقت أنت علي الذهاب؟؟؟ حمزة_ضاحكا بصوت عالي:: ماذا؟؟؟ هل تأتيني فرصة كهذه وأضيعها؟؟؟ إذن فأنت لا تعرف حمزة... أنا عاشق للمغامرات ولتجربة كل ما هو جديد يا سيدي ثم إنني فكرت في أنني حين أعود إلي أبي وأخبره بالمكان الذي كنت فيه فإنه سيفعل شيئين لا ثالث لهما سيوبخ أخي علي إرسالي لمكان خطر وسيقتنع بقدرتي علي المواجهة و حمل السلاح وتدريبي مع الشباب ابتسم أبوبكر و حرك رأسه يمينا ويسارا متعجبا حمزة_متنهدا:: لم أستمع لأوامر أخي بأن أعطيهم الطعام وأعود فورا.....بل ظللت معهم قرابة نصف ساعة أري أسلحتهم وأسألهم عن أجزائها وأتعرف عليها وفجأة ودون سابق إنذار فُتح الجحيم....الرصاص تساقط علينا من كل الجوانب خبأني أحد الرجال في غرفة ولكنني خفت من أصوات الرصاص التي تقترب بسرعة فحاولت الهروب من النافذة وهنا أصابتني الرصاصات في أنحاء جسدي...... كنت بين الحياه والموت وفقدت وعيي ثم استيقظت لأجد نفسي في المشفي العسكري ظللت أسبوعا كاملا تحت العلاج ثم بدأوا في استجوابي ثم نقلوني الي هنا أبوبكر في لهجة تقرير حزينة وليست لهجة استفسار:: استجوبوك وأنت جريح أومأ حمزة برأسه ايجابا مبتسما ابتسامة ألم ربت ابوبكر علي رأسه بخفة يداعب شعره الغزير أبوبكر:: ولكن لماذا حكيت لي هذا الآن ولم تحكه بالأمس عندما سألتك؟؟ حمزة بلهجة جادة:: من الوارد جدا أنهم يضعون في الزنازين كاميرات مراقبة خفية أوحتي ميكريفونات للتجسس علي المساجين نظرإليه أبوبكر مشدوها لا يدري ماذا يقول وظل صامتا لفترة ثم قال بلهجة جادة::أنت ذكي جدا يا بني فخذ حذرك إنهم يكرهونك وسيزيد كرههم لك عندما يكتشفون مدي ذكائك.....سيحاولون تحطيمك......المعركة بينكم ستكون شرسة يا حمزة فلا تستسلم أشار حمزة إلي نفسه بطريقة مسرحية مضحكة قائلا:: لا تخف علي حمزة...فاسمي معناه الأسد بالعربية أبوبكر_ضاحكا:: أنت لا تكف عن المزاح أبدا حمزة_بابتسامة تميل للقلق:: صدقني مزاحي هذا هو الإسلوب الثاني الذي أواجه به خوفي أبوبكر_بابتسامة كبيرة:: و الإسلوب الأول هو قراءة القرآن أليس كذلك؟؟؟ حمزة_بابتسامة خجولة:: هل.....هل سمعتني؟؟ أبوبكر_بابتسامة عريضة:: بالطبع فصوتك رائع الجمال ولكن لماذا كنت تقرأ القرآن همسا؟؟ حمزة_بخجل::للأسف خائف من الحراس أبوبكر:: انظر يابني لا تخجل من مخاوفك بل تعلم كيف تواجهها وتتغلب عليها وهنا دق جرس ينبؤهم عن انتهاء فترة الراحة فذهبوا ليصطفوا أمام الحراس ليضعوا القيود في أرجلهم وأيديهم مرة أخري و حينما استعد أبوبكر وحمزة للاصطفاف التفت حمزة إلي أبوبكر قائلا بصرامة:: لا حديث عما قلناه هنا في الزنزانة أومأ له أبوبكر موافقا ومبتسما لذلك الصبي الذي يتحدث بطريقة القائد العسكري....ياله من صبي! ******** أما في العراق فقد كان حسام في أسوأ حالاته........فأبوه لا يكلمه إلا للضرورة ونظراته إليه دائما نظرات فيها اتهام كما أنه لم يخبره حتي الآن عن المجموعة التي اختاره لينضم إليها وهو لا يجرؤ علي سؤاله، هذا إلي جانب ضميره الذي لا ينفك يجلده بسياط الندم كلما تذكر كيف ترك أخاه للجنود الأمريكيين ....و في اليوم الموعود أخبره والده بأن يتجهز لأنه سيصطحبه الي القائد الذي اختاره للعمل معه وكالعادة لم يجرؤ حسام علي سؤال والده من يكون هذا القائد؟؟ و في الطريق بعدما نزلا من السيارة و سارا نحو المكان المنشود فوجئ بوالده يكلمه حمدي_في لهجة صارمة وهو لا ينظر اليه:: لم تسألني أي قائد اخترتك له؟؟ حسام_في حياء:: ما تأمر به سأنفذه يا أبي حمدي_متنهدا في ضيق:: أنت ستعمل مع القائد أبي ثابت توقف حسام عن السير محملقا في وجه أبيه بدهشة نظر إليه حمدي ثم قال:: أنا لا أكافئك طبعا ولكنني جعلتك معه حتي تتعلم كيف تكون رجلا أطرق حسام إلي الأرض في خجل ولم يتكلم حتي وصلا إلي موقع القائد الذي رحب بهما بشدة ،فوجئ حسام بتبدل حال أبيه كليا أمام القائد فقد ربت علي كتف حسام بابتسامة واسعة موجها كلامه للقائد حمدي:: سيدي القائد هذا ابني حسام الذي أرجو أن يتشرب منك بعض صفاتك والذي سأتركه في رعايتك بعد رعاية الله تعالي أبوثابت_بود شديد::إن شاء الله سيكون أفضل مني ابتسم حسام بود كبير فقد أحب القائد فور أن رآه بل من قبل أن يراه أيضا