دلف أحمد إلي حجرته في منزله غاضبا يدفع الباب بقوة فيما كانت حبيبة تسرع الخطى خلفه ،بدأ يفك ربطة عنقه بقوة وغضب وحبيبة تنظر إليه والعجب يملؤها حبيبة:: أحمد أنا لا أدري سر كل هذا الغضب، نحن نعود إلي منزلنا بعد طول غياب لقضاء بعض الأيام السعيدة معا وأنت تفسد الأمر بغضبك الغير مبرر هذا، لمَ؟ أحمد_غاضبا:: لأنك تتخذين قرارات غريبة و بمفردك دون الرجوع إلي ّ حبيبة_في عجب:: و هل هذا قرار يتعلق بحياتنا نحن حتي تغضب إلي هذه الدرجة؟! أحمد_غاضبا:: حتي و إن لم يتعلق هذا القرار بحياتنا ،ألم تكوني أنتِ من اقترحتِ عليهم بقاء هدي معهم للعناية بوالدتك؟؟ حبيبة_في عجب بالغ:: وماذا رأيت من هدي حتي تعادي وجودها إلي هذا الحد؟ أحمد_غاضبا::قلت لكِ إنها ليست كفؤا للقيام بهذه المهمة وحدها حبيبة::كيف؟؟كيف وقد رعتني وقامت بعملها نحوي خير قيام؟؟ أبي بنفسه قد شهد لها أحمد_غاضبا:: حسنا إذن كما تريدون غلفت الصدمة عقل حبيبة وانفعالاتها فقالت مشدوهة:: قل لي لماذا ترفض؟ لم ينظر أحمد نحوها بل قال وهو يواصل تبديل ثيابه في غضب شديد:: لن أقول شيئا وافعلوا ما يحلو لكم تمتمت حبيبة في صوت خفيض كأنها تفكّر:: لأول مرة أراك ضد إنسان ضعيف، لماذا؟،هل هدي فاشلة بعملها؟؟ هل هي سارقة؟؟ هل سلوكها غير سوّي؟؟هل تعرف عن أخلاقها شيئا سيئا تخفيه عنّا؟ انتفض قلب أحمد بين ضلوعه ولم يعد قادرا علي سماع المزيد من هذه النعوت السيئة عن هدي فبُهِت و أغمض عينيه قائلا في همسٍ رغما عنه:: لم أقل هذا أبدا اقتربت منه حبيبة رابتة على وجهه في رقة واضعة رأسها علي صدره في حنان قائلة بنبرة خفيضة::حبيبي، أنت إنسان رحيم رقيق القلب فلماذا تكره هدي إلي هذا الحد؟ أنت تعلم أنها مسكينة قد مرّت بهموم تنوء بحملها الجبال،أنت تعلم أنها مرّت بتجربة زواج قاسية و فاشلة وأن زوجها كان يضربها حتي أسقط جنينها هنا في بلاد الغربة وتم سجنه،وتعلم أنها مرّت بإجراءات طلاق مريرة،تعلم أنه ليس لها بعد الله إلا أمها العجوز واخيها الذي يدرس بالمدرسة المتوسطة،أرجوك يا حبيبي إن ّ أبي يثق برأيك كثيرا فلا تتسبب بطرد هدي من عملها لدينا،إنها وحيدة وتحتاج إلي هذا العمل جدا وهي مسلمة وعربية مثلنا حتي و إن كانت ليست مصرية فنحن جميعا تجمعنا أخوة الإسلام أينما كُنّا ظلّ أحمد ناظرا بعيني زوجته الحبيبة التي تمزقه براءتها، لأول مرة يعجز هكذا تماما أمام قلبه،لا يعرف ما الذي دهاه،رباه،ماذا سيحدث بعد؟؟هل يكون حنان زوجته و رقتها أول مسمار يُدق بنعش زواجهما؟؟ هل يكون عطفها السكين الذي يذبح قلبه وقلبها؟؟ لقد كان يتمني أن تنتهي قصة هدي إلي هذا الحد وأن تترك العمل لدى منزل أصهاره و لينساها تمامالكنّ زوجته التي يقاوم قلبه من أجلها هي من تدفعه دفعا للسقوط في هاوية لا يدري آخرها،اللهم نجّني من الفتن ما ظهر منها وما بطن أخيرا استطاع الكلام،قال بصوت هادئ يخفي فيه نبرة الألم:: حسنا يا حبيبة،كما تريدين،جزاكِ الله خيرا علي نيتك الطيبة يا ملاكي حبيبة_في فرحة كبيرة:: أنت أرحم رجلٍ عرفته في حياتي رفع أحمد حاجبيه مصدوما ثم ابتسم قائلا بمرح مُحبّب:: و كم رجلاً عرفتيه في حياتك يا هانم؟؟ التقطت حبيبة خيط المزاح فقالت ضاحكة:: كثير رفعها أحمد من خصرها قائلا بضحكة عالية:: أخبريني بأسمائهم و إلا أبقيتك مُعلّقة هكذا للأبد ضحكت حبيبة قائلة :: أبي، حسام،حمزه، عمر ، و عمي رحمه الله وهناك شخص أحبه كثيرا لن أخبرك باسمه أحمد_رافعا حاجبه في مرح:: أخبريني حبيبة_بعناد طفولي:: لا أخذ أحمد يدور بها حول نفسه بسرعة كبيرة وهي تصرخ في مرح:: قف،قف و سأخبرك توقف رويدا رويدا فقالت هي في حب صادق:: اسمه أحمد أنزلها برفق ناظرا بعينيها في حنان جارف هامسا:: أنا أحبك ملء قلبي يا حبيبة،لا أريدك أن تشكي في هذا لحظة أغمضت عينيها ملقية برأسها علي كتفه قائلة في حب :: أعلم هذا، أعلم هذا جيدا حبيبي ******** كان حمزة يرعي الحديقة المحيطة بمبناه كما كلّفته إدارة المعتقل في غير أوقات الدرس وعندما أوشكت ساعات عمله المقررة علي الانتهاء نادي حارس باسمه ، ركض ليستطلع الأمر، فإذا الحارس يعطيه مظروفا كبيرا،، انتفض قلبه بين ضلوعه،، لا شك أنه خطاب من أسرته ،، أعطي التحية العسكرية لكبير الحراس الذي أذن له بالانصراف إلي المبني،، تواثب مسرعا تنهب خطواته الذائبة شوقا الطريقَ القصير نحو طابقه بالمبني، تكاد دقات قلبه أن تُسمع علي بعد ميل، دلف إلي حجرته لاهثا من فرط انفعاله، جلس أرضا فاضّا غلاف المظروف في سرعة خيالية، رباه ، إنه ليس فقط خطاب، إنه خطاب مُرفق بصورة فوتوغرافية حديثة لأفراد أسرته،، أمسك بها بكلتا يديه غير مُصدِّق يتطلع فيها عامّة دون تمييز للوجوه، كأن كل ما تجّرّعه من مرار قد تعاور قلبه في تلك اللحظة، فجأة خلعت روحه رداء التناسي و التغافل و الصبر المهترئ فبدت عارية أمام حقيقة الألم العاصف، بدأت روحه تتمزق كمريض راح في غيبوبته لثلاث سنوات كاملة ثم ها هو قد أفاق و عاودته آلام الذكريات، كأن أفراد أسرته الساعة ماثلين بين يديه ، بدأت الرِعدة تعصف بجسده رغما عنه و شهقات بكائه المسموع تعصف بضلوع صدره صعودا و هبوطا، وقع بصره علي وجه والدته فاتجه كفه تلقائيا إلي كتفه حيث أكبر علامة من علامات جراحه التي ملأت جسده الهزيل علي مدار ثلاث سنوات أما هذه العلامة فقد أبي الدهر أن يمحوها ، تتلمسها يده و كأنه يشكوها إلي أمه، ثم راح يتلمس بأصابعه وجه والدته في الصورة فلم يتمالك نفسه أن انهار من البكاء،، بكاءا يغسل به جراحات الحاضر و صنوف العلقم مرّت ساعة كاملة وهو علي حاله، جالسا علي أرضية حجرته بمبني المعتقل، يتفرّس في ملامح وجوه أسرته مرّات و مرّات، قرأ خطابهم بما يزيد علي خمس مرّات، الدموع تغرق وجهه كله وقد أ ُرهِق قلبه فكأنما كان ينزف دموعا، جاء مارك بعد انتهاء مناوبته ليجد حمزة علي تلك الحالة المروّعة، جلس أمامه مسرعا ممسكا بذراعه قائلا في دهشة:: حمزة، ما بك؟ كانت روح حمزة منهكة فوق إنهاك جسده فنظر إليه ببطء و لم يجب، لقد أوشك علي الإغماء، أسنده مارك إلي كتفه محتضنا خصره بذراعه ليعينه علي الوقوف قائلا:: هيا ، تعال معي وضع مارك رأس حمزة تحت صنبور الحمّام و أدار الماء البارد قليلا قليلا حتي يعود للفتي رشده ثم جفف له رأسه بالمنشفة و أسنده نحو السرير فأراحه عليه مارك_في حزن مصطنع:: ما حالتك هذه؟؟ ماذا حدث؟؟ أجاب حمزة في إنهاك شديد:: الصورة مارك:: أي صورة؟؟ أغمض حمزة عينيه في إنهاك قائلا:: التي فوق الأريكة ركض مارك نحو الأريكة مصطنعا الخوف و الفَرَقَ علي صديقه ثم عاد إليه مسرعا بالصورة والخطاب مارك_مصطنعا الدهشة:: ما هذا؟؟ حمزة_في إنهاك:: خطاب من أسرتي وصورة فوتوغرافية لهم مارك_مصطنعا القلق::هل هناك خبر سئ؟ حمزة_مغمضا عينيه في إرهاق:: لا،الحمد لله مارك:: إذن....بكاؤك هذا...... شعر حمزة بالحياء من رؤية مارك له على هذه الحال فقال:: لا، فقط انجرفتْ قليلا خلف مشاعري،فأنا لم أر أسرتي منذ ثلاثة أعوام كما تعلم مارك_يربت علي كتفه:: حسنا يا صديقي، لا عليك، خذ قسطا من الراحة الآن حمزة::و الدرس؟؟ مارك:: لا عليك، سأبلغ القائد أنك منهك جدا اليوم وتحتاج للراحة حمزة_في امتنان:: لا أعرف كيف أشكرك مارك:: هيا يا رجل، ألسنا صديقين؟؟ حمزة_مبتسما برقة:: بالطبع نعم مارك_مبتسما بمرح:: أراك غدا يا صديقي خرج مارك فيما راح حمزة يتأمل الصورة والخطاب من جديد ثم تنهد قائلا: لنفسه:أبي الحبيب(( أبو بكر)) ، ليتك كنت معي الآن، اشتقت إليك كثيرا و إلي أسرتي ثم راح في سبات عميق تاركا قلم الأقدار يسري بما أراد الله له،وجميع قدر الله خير ******* عاد حمدي إلي منزله يرسم البِشر علي وجهه أسمي آيات الانطلاق والسرور حتي دلف إلي حجرة نومه، تلقته عينا سعاد بنار اللهفة إلي الاطمئنان سعاد:: ماذا أخبرك المحامي يا حمدي؟ حمدي_يربت علي رأسها في حنان:: الحمد لله حبيبتي، لقد تحدد ميعاد لأول جلسة لمحاكمة ابننا أخيرا مطلع الشهر المقبل إن شاء الله رباه، لقد نزلت كلماته علي جحيم قلبها فحوّلته بردا وسلاما ،أخذت تردد من بين دموعها:: الحمد لله، الحمد لك يارب مسح حمدي دموعها بيده هامسا في حب:: لا تهدري هذه اللآلئ من عينيك بعد الآن إلا فرحا عندما تأخذين حمزة في احضانك بعد أن يُفرج عنه إن شاء الله تعلقت يديها بيده الرابتة علي وجنتيها وقالت في رجاء:: سيتركونه أليس كذلك ؟ سيحصل علي البراءة أليس كذلك؟ حمدي_في حنان وتفاؤل:: طبعا، طبعا يا جميلتي، إنه مازال طفلا في عرف القانون الدولي فهو لم يتم عامه الثامن عشر بعد وهذا المكان المقيت_يقصد جوانتانامو_لا يليق بحياة طفل،ثم إن قضيته لا شك ستقيم موجة عاصفة من الاعتراضات الدولية هكذا أكد لي الأستاذ روجر المحامي سعاد:: ألا يمكنني حضور المحاكمة؟؟ حمدي_يربت علي يديها في حنان:: المحاكمة لن تكون هنا يا سعاد، بل ستكون في الولايات المتحدة، لأننا نقاضي الحكومة الأمريكية المسؤولة عن معتقل غوانتانامو بالأساس وغير مسموح بحضور أحد إلا المحامي و أنا كولي أمره فقط،ثم إن صحتك لا تحتمل السفر سعاد_في لهفة:: سأكون بخير، فقط أكون خارج المحكمة مع اخوته وسأكون بخير إن شاء الله حمدي:: و لكن...... سعاد:: أرجوك يا حمدي، لن أطيق البقاء هنا و صغيري يتحدد مصيره في بلد آخر حمدي_في حنان:: حسنا، إن شاء الله ترينه بعينيك وهو يخرج معنا من المحاكمة عائدا إلي منزلنا هذا كما عاد حسام سعاد_في رجاء:: يا رب احتضنها في حنان قائلا::أملنا في الله كبير جدا، و ثقتنا بلا حدود، إن الله يرفع دعوة المظلوم فوق الغمام ويقسم لينصرنها ولو بعد حين ******** **في اليوم التالي استيقظ حمزة أكثر نشاطا وتناول الفطور المقرر له ثم ذهب لعمله المعتاد في الحديقة وبعد انتهاء ساعاته المقررة عاد إلي المبني فوجد مارك يستقبله في سرور، بادله التحية ثم ذهب إلي الاستحمام ثم خرج ليجلس قليلا معه قبل الدرس مارك:: ولكنك لم تعرّفني علي أفراد أسرتك أحضر حمزة الصورة وبدأ يشير قائلا:: هذه أمي، وهذا أبي مارك:: أنت تشبه أباك جدا حمزة_مبتسما:: أعلم، وهذا أخي حسام،إنه لا يحب الصور لابد أنه قبِل التصوير فقط من أجلي مارك:: نعم، إنه أيضا يشبهك و يشبه أباك حمزة::نعم حمزة:: وهذا ابن عمتي عمر، آه يا عمر كم كبرت! كنا قريبين جدا،يقلدني في كل ما أفعل،تربي معنا هو وأخته بعد وفاة عمتي و زوجها رحمهما الله مارك_في عجب شديد:: يالهذه العائلة! ما خطبكم؟ حتي ابن عمتك يشبهك ويشبه أبيك، هل كل الذكور في عائلتكم هم نسخة عن أبيك؟ ضحك حمزة ضحكة صافية نابعة من قلبه ثم قال:: هكذا أبي دائما، رجل قوي مسيطر علي من حوله حتى في الجينات كما يبدو نظر مارك إلى الصورة في خبث متواري خلف براءته الجوفاء قائلا::ولكنك تختلف عن والدك، أنت إنسان حنون رقيق يبدو هذا حتي علي قسمات وجهك، أما والدك فيبدو هكذا، لا أعلم، يبدو لي قاسيا بعض الشئ.. تلاشت الضحكة شيئا فشيئا من علي قسمات وجه حمزة شاردا في تفاصيل الماضي ثم قال كأنه يحدث نفسه:: أبي شخص غامض بالنسبة لي، لم يكن قاسيا دوما، ولا حنونا دوما، دائما كان يسافر إلي البلدان المنكوبة ليساعد اهلها، ولكن نحن، ماذا عنا نحن؟ لم يكن بجوارنا في مرضنا، لم يلعب معنا مباراة كرة قدم، حتي إذا تعرض أحد منا لمكروه فلم يكن يبكي أبدا، يتصرف بعملية ولا تعرف الدموع سبيلا إلى عيونه،لعله أقوي من أن يبكي قال مارك في خبث مصطنعا العفوية:: أو لعل الأمر لا يعنيه التفت حمزة إليه هامسا:: ماذا تقصد؟ تظاهر مارك بأنه يتذكر ذكريات أليمة فأسند ظهره إلي الأريكة سابحا بنظره بعيدا قائلا بصوت خفيض :: لقد كان أبي هكذا، لا يهتم بمشاعري أنا و أمي وأختي أبدا، كان العمل هو رأس أولوياته، حتي في أيام أعياد ميلادنا لم يكن معنا، الكريسماس، الهالوين، الحفلات المدرسية، كلها قضيناها بدونه،لم أشعر يوما أنني طفل كباقي الأطفال،و كيف ذاك وأنا أري أبي بالكاد؟ حتي أختي تركها تلقي بنفسها في هوي شاب مدمن علي الماريجوانا ولم يهتم بإبعادها عنه بل لم يهتم حتي حينما هربت أختي معه واختفت تماما لمدة عامين ثم عادت وقد أنجبت منه وقد هجرها حمزة_هامسا في شرود:: ولكن أبي ليس كذلك، إنه غيور جدا علي نساء بيته، حتي أختي كان دقيق جدا في الموافقة علي زوجها مارك:: لكنه ألقي بك في جحيم العراق بعمر أربعة عشر عاما التفت إليه حمزة وقد بدأت سموم مارك تتغلغل بعقله، شعر مارك بتأثير كلماته عليه فانتشي قلبه، هاهي خطط نائب الآمر تسير بنجاح و روية، فضّل مارك أن يغير مجري الحديث ليستدرجه إلي موضوع آخر مارك:: و من هؤلاء؟ عاد حمزة من شروده البعيد قائلا:: ها؟، نعم، هذا د.أحمد زوج أختي، وهذه أختي حبيبة، وهذه ابنة عمتي ياسمين، إنها أخت عمر الذي حدثتك عنه مارك:: أختك تشبه والدتك، الشكر للرب أخيرا فرد من عائلتكم لا يشبه أباك عاد حمزة للضحك مرة أخري وشاركه مارك ثم هدأت ضحكاتهما فقال مارك في خبث مغلف بالبراءة الزائفة:: و لكن هل هذه ابنة عمتك؟؟ حمزة_في تلقائية بريئة:: نعم، ياسمين مارك:: عجبا حمزة:: و ما العجب في هذا؟؟ مارك:: إنها بارعة الحسن ،عيونها تأسر من ينظر إليها يا رجل،لم أكن أعلم أن من ذوي الأصول العربية فاتنات كهذه، إنها................. قاطعه حمزة بأن أمسكه بقوة من ياقة قميصه قائلا بعينين تتقدان شررا:: مارك،، إياك أن تتحدث هكذا عن بنت من بنات عائلتي مرة أخري، هل فهمت؟؟ مارك_مصطنعا الخوف:: حمزة هل جننت؟ إذا رآك أحد وأنت تمسك بي هكذا فستتعرض للعقوبة حمزة_هاتفا بغضب:: لا تهمني العقوبة مارك_مصطنعا الأسف:: حسنا حسنا أنا أعتذر منك، لم أكن أقصد شئ سئ، وصف المرأة بالجمال عندنا يعد مدحا ليس أكثر حمزة_هاتفا:: مارك مارك:: حسنا أنا آسف مرة أخري،لا تغضب مني يا صديقي، لم أعني أي إهانة لك تركه حمزة ببطء وصدره يعلو ويهبط من أثر الغضب تنفس مارك بقوة وهو يمسح جبينه ثم قال في مزاح:: تحت مظهرك النحيف هذا يكمن رجل شرقي قوي و رجعي نظر حمزة بعينيه مباشرة بلا مزاح وبلهجة تهديد قائلا::فاحذر أن تعبث مع هذا الشرقي الرجعي إذن مارك_يرفع يديه مستسلما في مرح:: المرة الأولي والأخيرة،، أعدك، ألا نستعد للدرس؟ زفر حمزة ليخرج طاقة الغضب من جسده ثم قال مقطبا جبينه:: حسنا،، لنستعد انتهى الدرس و حلّت ساعة النوم الإجبارية أما حمزة فقد كان فوق سريره لا يستطيع أن يمسك بزمام سِنَةٍ منه، شاب حديث السن هو، والسموم تسري بدم الشباب أسرع،كلمات مارك عن أبيه تضرب رأسه بقوة تصاحبها الذكريات، لطالما كانت أمه هي صديقتهم في الفرح و بلسمهم في الحزن و وتدهم في الهموم، أما أبيه، فقوته طاغية أبدا علي مشاعره، يتصرف تلقاء الحوادث بعملية كبيرة، نعم هو ليس ديكتاتورا، ليس قاسيا ،لا يؤمن بالعقاب البدني لأبنائه، لكنه أيضا ليس حنونا يتقاطر حبه علنا وعلي رؤوس الأشهاد...... تقلّب في سريره، يكاد يتذكر كل موقف بينه و بين أبيه...... أيكون قد قذف بهم في أتون حرب شعواء حقا....... لأنه لا يهتم لمصيرهم؟ أم لمبادئه التي يؤمن بها و التي ربّاهم عليها والتي هي خط أحمر بالنسبة له؟ شردت أفكاره كثيرا،ثم انسابت تلك الأفكار رغما عنه نحو ياسمين، انتفض جالسا حين ارتطمت ذاكرته بكلمات مارك المسمومة عنها، عادت الدماء تغلي بعروقه من جديد وراح صدره يعلو و يهبط غضبا مرة أخرى، بتلقائية أمسك الصورة الأسرية في غضب، راح ينظر إلي ياسمين، بحجابها الفضفاض الذي يكشف عن وجه صبوح و ابتسامتها الحيَيَّة و نظرتها البريئة، شيئا فشيئا بدأت حدة غضبه تخبو ليحل محلها شعور آخر، شعور جديد علي قلبه الأخضر، لا يعرف ماهية هذا الشعور، شعر كأنما يري ياسمين بعين جديدة، إنها كما هي، ملامحها لم تتغير، حجابها أصبح فضفاضا أكثر فقط، و ازدادت طولا و نضجا بالملامح فقط،زحفت كفه نحو الخطاب دون وعي ، في نهاية الخطاب كتب كل فرد من أسرته كلمة وجهها إلي حمزة ممهورة باسم كاتبها، كتب والده صفحة ووالدته صفحتين كاملتين ،أما حسام وحبيبة وأحمد و عمر فقد كتب كل منهم إليه ما يقارب صفحة، أما ياسمين فلم تكتب إلا سطرا واحدا ممهورا باسمها، راح يقرأ ذلك السطر بوعي جديد، ((أدعو الله ليلا ونهارا مع الجميع هنا أن يفك الله كربك و أن تخرج إلينا سالما فالعالم لم يعد جميلا كما كان.....ياسمين))، كلماتها المقتضبة سرت إلي قلبه كما لم تسرِ عندما قرأ الخطاب أول مرة، عاد لينظر إلي صورتها من جديد لكن صفعة ما ضربت عقله:: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، فزع كأنما أيقظه أحد من غفلة، وضع الصورة والخطاب مكانهما، أغمض عينيه محاولا النوم فتمثلت له صورتها بين جفونه، فتح عينيه محملقا في سقف الغرفة،،ما الذي يحدث لك يا حمزة؟؟، أم أنك......................... ،،،،،