أيقظها رنين هاتفها من النوم وبسطت ذراعها تلتقطه على سطح المنضدة الصغيرة لتلصقه بأذنها وهي لا تزال مغمضة العينين تنبسط شفتاها ببسمة عذبة مع انسياب نبرة صوته الحنون والمشبعة بالحب عبر أوردتها نحو صميم قلبها الخافق له: ¤السلام عليكم.. صباح الورد على الورد. رفعت يدها الحرة لتدعك عينيها ترد بصوتها الناعس: ¤صباحك أحلى. أجابها بمرح: ¤ لا أحلى من الورود خصوصًا وردتي أنا. بادلته المرح بضحكة رائقة قبل أن تسأله ¤ كيف حالك حبيبي؟ تصنع نبرة عتاب بينما يخفي شوقًا عارمًا إليها ¤ كأنكِ تهتمين. فتحت عينيها ورفعت يدها فوق جبهتها، تجيبه ببعض العتاب: ¤ ألم أمنعك عن الخروج وفعلت ما برأسك؟ تحمل إذن، هذا عقاب من يكذب. رد بحذر ولم تعلم بأنه مثلها مستلقيًا على فراش المستشفى يدعك جبهته ¤ آسف حبيبتي ...لم أكن لأنقض وعدي لك ولو على ج.... انتفضت مكانها تقاطعه بهتاف حازم: ¤ ليث اسكت! دهش لكنه ابتسم ودق قلبه الذي لم يعد يتحكم به من تأثره ثم أكملت بلطفٍ مشوب بحزن: ¤ أرجوك ليث لا أريد وعودًا من ذلك النوع ...أبدًا. همس بصوته الأجش: ¤ وماهي أنواع الوعود التي يسمح لي بقطعها لكِ؟ قامت عن مكانها، تقول بمكرٍ مرح ¤ عندما نلتقي سأخبرك إن شاء الله. فهتف بلهفة: متى؟ أغمضت عينيها تعيد رأسها للخلف بينما تزفر بخفوت ثم قالت: سأحاول اليوم ...على حسب. ضيق عينيه بريبة، يسأل: ¤ ورد ماذا ستفعلين؟ على حسب ماذا؟ أنزلت كتفيها باستسلام تجيبه بتوتر: ¤ ليث، أنا يجب أن أقابله ...تهمني رؤيته محبوس منهزم، أرجوك لا ترفض. تلونت ملامحه بالسواد لكنه لم يظهر ذلك بصوته، يجيبها: ¤ كما تشائين حبيبتي لكن احذري! ودعته تستعد لآخر مواجهة لها علها تجد السلام الذي تنشده، مشت عبر الرواق فسمعت صوت نشيج مكتوم وغيرت مسارها نحو غرفة سهى، طرقت الباب وفتحته لتجدها على سريرها، تضم الوسادة بحجرها ووجهها قد انتفخ من البكاء. جاورتها فارتمت أختها بحضنها تطلق شهقات بكائها الحارة، فشدت ورد على حضنها بشدة بينما تهادنها بالقول: ¤سهى حبيبتي أنتِ حامل، يجب أن تتقِ الله في ما وهبك. ابتعدت عنها قليلًا تعبر عن حزنها ببكاء حار ¤كيف أنتِ هكذا؟ كيف تحملتِ كل هذا وظللتِ صامدة وأنا التي كنت أضغط عليك بتذمري ...آه لو أخبرتِني ما كنت تزوجت ح..... قاطعتها ورد تضع يدها على فمها تعاتبها: ¤ استغفري ربكِ سهى ....وما ذنب حمزة يا حبيبتي؟ كل واحد سيحاسب على أفعاله ....أرجوكِ أختي فكري جيدًا و لا تدمري علاقتك برجلٍ جيد. أجابتها سهى بألم: ¤ كيف يا ورد؟ كيف؟ أظن بأن ما فعله والده وشقيقه بكِ سيحول بيني وبينه. ردت ورد بحزم: ¤ أغمضي عينيكِ ..هيا أغمضيهما! استغربت طلبها لكنها نفذته على أي حال لا تفارقها الشهقات، فاستطردت ورد: ¤ تخيلي أن حمزة طلقك وهو الآن بعيد عنك. شعرت سهى بقلبها يتلوى وجعًا بينما ورد تسترسل دون رحمة لتوقظها من صدمتها: ¤ تخيلي أنه وجد لنفسه زوجة أخرى وحملت منه والتقيت بهما في مكان ما، هو وفتاة أخرى يتأبط ذراعها بكل فرح ويتلمس بطنها الذي يحتضن ابنه منها. لاحظت انزعاجها، فابتسمت تكمل بلؤم: ¤تخيلي أن يفعل معها كل ما يفعله معكِ ...يدللها ، يقب... فتحت عينيها تقاطعها بأنفاس محتدمة: ¤ كفى! أرجوكِ اصمتي! هزت ورد رأسها تعقب بنظرة ظفر: ¤ هذا ما أقصده، ستتحول حياتكِ إلى جحيم، لا ليس حياتك فقط بل وحياة ابنك من أجل من؟ ...مجرم كل متعته في الحياة التدمير ....فهل ستسمحين له بتدمير علاقتك أنتِ أيضًا؟ سكتت سهى مستغرقة في التفكير، فقامت ورد تضيف محذرة ¤يمكنني تقبل طلاقكما في حالة واحدة فقط. رفعت رأسها، متسائلة بفضول وحيرة، فاستدركت ورد ¤ إن لم يترك أموال والده ....فأنا لن أقبل بأن تعيش أختي وابنها من حرام ..لذا إن أردت نصيحة من أختك الكبرى اطلبي منه أن يبدأ من الصفر بعيدًا عن أي شبهة، بعدها حبيبتي لا حجة لك. ثم ابتسمت ورد بحزن تتذكر أمرًا: ¤ أختك الكبرى!...لا أعلم إن كان من حقي قول ذلك بعد اليوم. انتفضت سهى قائمة تنقض عليها لتضمها بلهفة تهتف بلهاث: ¤ أنت شقيقتي الكبرى، ولا أريد سماع ترهات أخرى، حتى وإن غيرت نسبك، أنتِ أختي أنا ولن أقبل بشيء آخر. بادلتها الحضن دامعة، تجيبها بحب: ¤ لم يتغير شعوري نحو أي أحد منكم بعد معرفتي بالحقيقة أقسم. أبعدتها سهى وابتسمت من بين دموعها تقول بوجوم ¤لا يمكن للإنسان أن يغير شعوره نحو أهله ورد مهما حدث. هزت ورد رأسها مؤكدة ومسحت دموعها ثم مسحت دموع أختها قبل أن تسحبها تطلب منها أن تعتني بوالدتهما لكونها ستخرج، فأوقفتها تنظر إليها بريبة تسألها: ¤هل تحجبتِ؟ ابتسمت ورد ولمستها بمرح على أنفها تجيب: ¤ الحمد لله، العقبى لكِ أختي. عبثت بشعرها مرتبكة تعقب: ¤أتعلمين؟ حمزة طلب مني ذلك مرات عدة لكنه لم يجبرني وصرت أفكر به مؤخرًا. سحبتها من جديد بينما تخاطبها بحكمة: ¤نقطة أخرى لصالح حمزة ..لكن لا ترتديه من أجله بل من أجل طاعة الله. لمحت السيدة عائشة بجانب محمود بملامح متعبة أثارت رأفتها وشفقتها، تعلم جيدًا بأن والدتها تحمل نفسها ذنب ما حدث, التفتت إلى نعيمة التي ضمتها هي الأخرى تبكي وتخبرها بحبها، مواساتها واستنكارها لما فعله المجرم ثم دنت من رأس والدتها تقبله قبل أن تضم يدها تطلب منها فطورًا لأنها جائعة، تسعى لتثبت لها أنها بخير وأنها لم تكن أفضل من ذي قبل، سعدت والدتها تطلب من نعيمة تجهيز المائدة فحاولت ورد خلق جو من المرح، يساعدها محمود وسهى بكل بما استطاعا كما باركا لها حجابها ودعيا لها الله بقبول الطاعة بعدها أوصلها محمود إلى المركز ثم انطلق إلى عمله ينتظره امتحانًا خاصًا به هو الآخر. أما هي فقابلت والدها يبتسم لها بفخر حين لاحظ حجابها لكنه استهجن ما تريد فعله وحاول ردعها دون جدوى، فهي مصرة ولن تتراجع. اندفع حمزة بغضب داخلًا المستشفى وصل إلى غرفة ما يناول ورقة إذن بالزيارة للحارسين على بابها ثم دخل، كان تامر مستلقيًا على سرير المشفى حين دخل عليه شقيقه غاضبًا، فاهتزت عينيه ولم يستطع النظر إليه. ¤ أجل اخجل من نفسك ومن أفعالك. بادره مشمئزًا، فارتبك يتمتم :أخي... قاطعه بحدة مقتربًا منه يستشيط غضبًا ¤لا تقلها! أنا لا أخ ولا والد لي، فضحتمانا وسط الخلق، حسبي الله ونعم الوكيل. لم ينطق تامر يعلم بأنه محق بكل كلمة لكنه لم يتوقع حديث شقيقه التالي: ¤تُرى هل كنت تساعده في القتل أيضًا أم تحضر له الفتيات الصغار فقط؟ فغر تامر فمه بجهل لاحظه حمزة فاستطرد مستحقرًا: ¤ أتدعي الجهل؟ إن كنت تعتقد أن ذلك سينجيك من عقابك فأنت مخطئ، ستحمل معه ذنب الفتيات وكل من قتلتماه بسمومكما إلى قبريكما. نطق تامر يستفسر بريبة وقلبه يكاد ينفجر بصدره: ¤قتل فتيات صغيرات؟ ضحك حمزة بتهكم أسود بينما يخبره بما يغمره بخزي وعذاب عظيم: ¤ تريد إقناعي بأنك لا تعلم عن انحراف والدك!.... اغتصابه للفتيات الصغيرات وقتلهن أيضًا؟...لأن القبو في القصر يضج بجثتهن. صعق تامر وجحظت عيناه يهتف بهلع: ¤ يا إلهي! كل ما اكتشفته هو تحرشه برنا وليتني لم أكتشف ذلك، كنت يافعًا حين رأيته في وضع مخل مع رنا، فغضبت وصرخت عليه وبعدها صرت أستغل ذلك لينفذ لي طلباتي، لا أدري متى تحولت إلى يده التي يستعملها في تجارته السوداء لكن اغتصاب صغيرات وقتلهن لا! لا أعلم بذلك ولا علاقة لي به أقسم أخي صدقني! صرخ حمزة وهو يمسك بذراعيه يهزه بقوة غير مراعيًا لإصابته: ¤قلت لك لا تناديني أخي! ...لماذا لم تخبر أحدًا بما رأيته ..كنت ستنقذ أرواحًا بريئة بدل ذلك أصبحت ابن أبيك ....على الأقل ورد سكتت لأنه قتلها أمامها ولأنها كانت طفلة. أمسكه تامر بدوره يهتف مبهوتًا مما يسمعه: ¤ورد؟ ما دخل ورد؟ نفضه عنه باحتقار وقال بقرف: ¤ فتاة أخرى تحرش بها وكان سيمارس انحرافه عليها لولا تلك الفتاة التي كانت أشجع وأنبل منك أخفتها ودافعت عنها فدفعت حياتها ثمنًا لذلك. تجمد تامر يحاول الاستيعاب، يهمس لنفسه: ¤ لم يكن لدي فرصة معها من البداية؟ لأنها تكرهني بسبب والدي ..إذن هو السبب! اشتعلت عينيه غضبًا وحقدًا، يكمل من بين أسنانه المطبقة غلًا: هو من حرمني منها. هز حمزة رأسه يأسًا يعقب قبل أن يغادر: ¤جئت لأخبرك أمرين ....أولهما أن والدتي بالمستشفى تعاني من أزمة قلبية، قلبها لم يتحمل الصدمة ...والثاني أنا أتبرأ منك ومن والدك ...انس أن لك أخًا. صاح تامر ينادي عليه وقام من سريره يعرج لكنه كان مصفدًا به فلم يقدر على الابتعاد كثيرًا، فعاود الصياح بأعلى صوته ينادي على شقيقه الذي كان قد انصرف، فهوى على الأرض يبكي الحال الذي أوصل إليه نفسه وليته يجد دمًا يبكيه حتى هو ما كان ليفيده بشيء. ******* دخلت شاهي إلى الدار لتلمح فاطمة تسرع إليها تهتف بجزع: ¤أغيثيني شاهي ...خمسة حالات تسمم بين الأطفال ..أشك بالبوظة التي يبيعها ذلك البائع المتجول لأنهم الوحيدين الذين اقتنوها. ردت عليها شاهي برعب انتقل إليها: ¤انتظري سأستدعي سيارة الإسعاف...كيف هم الآن؟ ردت فاطمة وقد بدأت عيناها تدمع بينما تتقدم شاهي نحو عنبرهم ¤ أصابتهم الحمى ولا يتوقفون عن البكاء من ألم ببطونهم. ظلت شاهي وفاطمة تراقبان الأطفال بمساعدة مشرفين آخرين إلى أن وصلت سيارتي إسعاف، استقلت فاطمة واحدة منهما مع الأطفال وشاهي الأخرى مع الطفلين الآخرين وقد اتصلت بسمير ليلحق بهما إلى المشفى. ما إن دخلوا المشفى حتى لمحت شاهي محمود الخطاب، فأسرعت إليه قائلة تحت نظراته المتفاجئة التي يوزعها عليهم ¤ دكتور محمود. ..الحمد لله أنك هنا. رد عليها وعينيه على الشاحبة من الخوف خلفها: ¤ماذا هناك؟ أسرعت شاهي بالقول تفهمته ما حدث، فأعلن محمود حالة طوارئ واستغل علاقاته ليسعف الأطفال بسرعة حتى أنه استدعى زملائه لمساعدته. وصل سمير هو الآخر وقد بلغ به القلق المدى ولم يهدأ حتى أخبره محمود أنهم قد قاموا بعملية غسل المعدة لكل واحد منهم وتحسنت حالاتهم ولا يحتاجون سوى لقضاء ليلة واحدة في المستشفى، تجادل الاثنان كل يريد التكفل بالحساب حتى احتد النقاش بينهما فتدخلت شاهي تحسم الأمر بحزم: ¤ كل واحد منكما يتكفل بطفلين وسأتكفل بواحد. هتف الاثنان مرة واحدة: سأتكفل بالثلاثة! عبست تهتف بعصبية ونفاذ صبر: ¤ أقسم إن لم تتفقا أنا من سيدفع الفاتورة كلها! دهشا من عصبيتها، فاقترب منها سمير يهادنها برفق: ¤اهدئي حبيبتي، سأتكفل باثنين وأدع له الثلاثة، اتفقنا؟ ابتسم محمود من طريقة سمير بينما شاهي تتنفس بعمق لتهدأ تقول بجمود: حسنًا، هدأت. استأذن منهم محمود بعد أن ألقى نظرة حب ممزوجة بعتاب نحو فاطمة، ليتفقد الأطفال ثم يعود ليرافقهم حتى يطمئنوا عليهم. أسرعت على كعبي حذائها الرفيع، تعبس بملامح وجهها المتقن الزينة بعد أن سمعت عن استدعاء محمود لزملائه طبعًا باستثنائها كالعادة، تفكر بأنها لن تدعه لتلك ( الـ .... ) نعم، فقد استعلمت عنها وعلمت عن حياتها وحتمًا محمود لا يعلم لذا ستخبره بطريقتها لكي يخجل و يتراجع عن انبهاره ببراءتها المزيفة وسيعود لرشده فيختار فتاة بمستواه الدراسي والمادي والتي لن تكون إلاها طبعًا! تسمرت مكانها حين لمحت غريمتها تجاور شقراء راقية وشاب وسيم لكن بسيط الهيئة، أخفت غيرتها وحقدها تقترب منها مغتصبة ابتسامة متكلفة بينما تسألها ببراءة مزيفة ¤فاطمة؟ ماذا تفعلين هنا؟ نظروا إليها وفاطمة تجيبها مبتسمة بحزن تتجاهل شعور الغيرة الحارقة ¤أهلا دكتورة سوسن، خمسة أطفال من صغارنا أصيبوا بالتسمم ..الحمد لله، الدكتور محمود قام باللازم. هزت برأسها والتفتت إلى شاهي وسمير تعرفهما إليها ثم قالت باستعلاء: ¤أنا سألحق بمحمود لأساعده ...عن إذنكم. اقتربت شاهي من فاطمة تهمس لها بحذر يعتريها شعور بعدم التقبل نحو تلك الفتاة تجهل السبب: ما بها هذه؟ وقبل أن ترد فاطمة جفلتا على همس سمير هو الآخر بتفكير شارد : لم تعجبني أبدًا. تأهبت شاهي تتخصر وحاجبها الأشقر الأيسر يرتفع بشر تحذره : من الأفضل لك؟ ضحك فجأة بمرح مستمتع وهو يجيبها ¤ قلت لك لم تعجبني ...لم تعجبني! ***** عاد السيد يوسف إلى غرفة ابنه بعد أن رافق عائلته إلى باب المستشفى، لمح السرير خاليًا، فحسبه بالحمام قبل أن يجد على الفراش ورقة التقطها يزفر بيأس بينما يقرأ مضمونها ¤سامحني أبي لم أستطع تركها تواجه الحقير لوحدها، أعدك لن أتعب نفسي وسأعود ما إن أطمئن عليها. *** رافقت أخيرًا والدها بعد إجراءات كثيرة لتقابل حلمي المنشاوي، أكبر مخاوفها، احتد شهيقها وزفيرها وانطلقت دقات قلبها تستنفر بقوة وحين شعرت بلمسة دفء التفتت لتلمح زوجها ليث، فتقوس حاجباها دهشة تتفحصه بقلق: ¤ ليث كيف حالك؟ ماذا تفعل هنا؟ رد عليها بينما يمسك بكفيها: ¤ ما كنت لأسمح بأن تقابليه وحدك. زفر العميد بضجر وحنق يهتف ببعض الغيرة: ¤ و ماذا أفعل أنا هنا؟ تلبك كلاهما رغم استغراقه هو بتأمل صفحة وجهها يحيط به حجابها أما هي فأسرت شعورًا بالراحة ما إن لمحته، قلبها حقًا ينتمي إليه وتقدما بينما يطبق على يدها، يبثها الأمان والشجاعة. كان جالسًا على طاولة مربعة بغرفة لا يوجد بها سواها، يفكر بكيف وقع في فخ حُبِك له بإتقان حتى معارفه تخلوا عنه ولا يرى سوى حبل المشنقة يلتف حول رقبته، ظهر الغضب على وجهه البشع سواد ذنوبه لا ملامح خلقته، يتذكر كيف يعاملونه بالحجز كحيوانٍ نتن، كل من يمر بجانبه من الحراس والمجرمين يبصق عليه ومنهم من ضربه لا يعلم كيف وصل إليهم الخبر؟ وعى من أفكاره على دخول العميد لتجحظ عيناه حين لمحها. لم تتحكم بشهقتها الخافتة تحدق بمنظره الرث كأنه هرم وتضاعفت سنوات عمره الحقيقي لكنها أبدًا لم تشعر بذرة شفقة ولا رمش لها جفن بينما تترك كف ليث لتقترب منه تريح كفيها على سطح الطاولة توجه عينيها بكل شجاعة نحو عينيه المظللتين بحاجبين كثين فضيين، تخاطبه بكل حقد واحتقار وقرف حملتهم داخلها منذ صغرها إلى تلك اللحظة: ¤أنا أكرهك ...لا أكره أحدًا في هذا الكون سواك. ...حتى ابنك أنا لا أكرهه بل أشفق عليه ...أما أنت حقير، مجرم، مغتصب، و قاتل وستتعفن في السجن، إلى أن تشنق ولن تأخذني بك ذرة شفقة .....لم أنسَ يومًا ما فعلته ....أبدًا! ..كل صلاة كنت أدعو فيها ربي أن ينصرني ورنا عليك متيقنة من الإجابة. استقامت ترفع يديها لتبسطهما في الهواء مكملة بابتسامة نصر تحت أنظار العميد وليث الصارمة دلالة على لجمهما الغضب بمشقة: ¤وها هو يستجيب الحمد لله والشكر، أنا من هذه اللحظة سأخرج من هنا وأنساك كأنك لم تكن يومًا بحياتي ..سأعيش بسلام أبني لنفسي عائلة وأولاد أربيهم على الأخلاق والدين وأسعد، سأسعد بإذن الله بينما أنت ستفنى ولا أحد سيتذكرك إلا ليدعو عليك بالجحيم ولا يزال بانتظارك حساب مع رب العباد الذي لا يقبل الظلم. التفتت بعدها وغادرت دون نظرة أخيرة متلافية حلمي بقلبٍ يضرب بقوة من الرعب، لحق بها ليث سعيدًا بما سمعه ولم يكن أكثر سعادة من والدها الذي ضمها بقوة إلى صدره، ابتعدت عن والدها قليلًا تقول برجاءٍ نابع من قوة عميقة: ¤ أبي أريد استرجاع هويتي، لن أعيش يومًا واحد بنسب ليس لي مع أنني أفتخر به. صمت العميد مترددًا، فأمسكت يده وقبلتها، تستدرك: ¤ أرجوك أبي { قُلْ لَنْ يُصِيبنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّه لَنَا } لا تخف! الله معنا. ابتسم برقة وحنان يلمس جانب وجهها، مجيبًا بلطف: ¤ حاضر بنيتي، سأفعل! التفت إلى ليث يأمره بحزم: ¤عد إلى المستشفى أنت متعب، عن إذنكما سأوصل الحقير إلى السجن فأنا لن أفارقه حتى يشنق. لم تكثرت ورد فقد وعدت ووفت، نسته من اللحظة التي خرجت بها من تلك الغرفة وأمسكت يد ليث بتلقائية لم يعتدها بعد، تسحبه خارجًا: ¤كيف أتيت؟ رد عليها باسمًا يستسلم لها قلبًا وقالبًا: ¤ بسيارة أبي الذي سيقتلني بالمناسبة، فقد هربت من حراسته وأخذت مفتاح سيارته. نظرت إليه بطرف مقلتيها تعقب بعتاب مزعوم: ¤ ممممم! أنت محتال! ثم بسطت كف يدها تطلب منه ببسمة مرحة: ¤ أعطني مفتاح سيارة عمي لو سمحت. اقترب منها ينظر إليها بإعجابٍ لما يتلقاه منها من ألفة وانطلاق: لماذا يا وردتي؟ خطفت المفتاح ترد عليه ضاحكة بينما تتقدمه إلى السيارة: ¤لأقود طبعًا, فأنت مصاب أم أنك نسيت؟ ضحك بدوره يعض على شفته السفلى ثم ركب باستسلام يقول: أنتِ أول شخص أسمح له بأن يقود بي السيارة. بادلته الضحكة تهز كتفيها بخفة، ترد عليه: ¤طبعًا، فأنا وردة حياتك. تأمل سعادتها، فتذكر قول أبيه فغازلها بحب: ¤ ظننت أن الحجاب سيخفي قليلا من جمالك لكنني كنت مخطئًا...يجب علي إخفائك بقلبي حتى لا يراكِ أحد. بلعت ريقها تشعر بارتباكٍ فسمرت يديها على المقود، تجيبه قبل أن تشغل محرك السيارة: ¤ليث! أريد أخبارك بشيء مهم. ضم ما بين حاجبيه الشقراوين تساؤلًا: ¤ أنا أسمعكِ. استدارت إليه بكليتها تفسر له: ¤أرغب بإعادة عقد قراننا من جديد بنسبي الحقيقي. ثم رفعت سبابتها بوجهه بينما تضيف بتحذير مضحك تحول لشجن: ¤ لكن لا زلت لا أريد حفل زفاف وأحب بدل ذلك زيارة الديار المقدسة أريد أن نبدأ حياتنا من هناك. أنزلت يدها واقتربت منه، تستدرك بسعادة نفذت رأسًا إلى قلبه وظل يراقبها بانبهارٍ صامت: ¤أريد أن أرى البيت الحرام أول مرة معك ونزور قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ...ونشرب حتى نرتوي من زمزم وأريد أن أعتمر لوالدتي ورد رحمها الله وأبي علي رحمه الله. لاحظت صمته وبحلقته فيها، فقالت بحنق طفولي: ¤ليث أنا أحدثك! اهتزت عينيه مجفلًا، يرد بابتسامة بلهاء: ¤لكِ كل ما تريدينه، لكن حبيبتي العمرة يجب أن تنتظر قليلًا إلى أن تغلق القضية، أما عقد القران فطبيعي أن نعيده حين يغير العميد نسبك مع أنه شرعًا زواجنا صحيح. واقترب منها، يستدرك بهمس أجش أشعرها بالدفء: ¤وهل ستظلين بعيدة عني إلى أن نعيد عقد القران؟ تنحنحت وأبعدت رأسها عنه، تجيبه: ¤طبعًا ليث ..وعلى كل حال أنت بالمستشفى يجب أن ترتاح ثم أنا أيضًا لدي الكثير من الأعمال. زفر بتذمر يهتف: ما هذه الأعمال التي ستبعدك عني؟ أمسكت يده بحنان، تريح باله ¤ سأزورك يوميًا ...ثم أريد التأكد من موقف عائلتك مني. هم بالتحدث، فأكملت قبل أن يفعل ¤ يجب أن أرى بعيني ....ثم هناك معرض كبير نجهز له في الدار ...أخبرتني فاطمة أنهن متحمسات وطلبت مني الانضمام إليهن وطبعًا أنا لن أتوانى عن المساهمة بنجاحه. أخفض ليث كتفيه باستسلام وشعرت بعبوسه وعدم رضاه، فاقتربت من وجهه تحت نظراته التي انقلبت إلى دهشة ثم سرور وهي تقبل خده بخفة تهمس برجاء: ¤ صدقني ليث، اصبر إلى أن يعاد عقد قراننا وسأكون لك ورد الشهدي بكليتها. ابتسم بمكر يراوغها: تعلمين بأنكِ شرعًا زوجتي فولي أمرك كان والدك كما أن جميع الشروط الشرعية مستوفية. نظرت إليه بريبة تسأل: و؟ ابتلع شهقتها بشفتيه فتجمدت من المفاجأة لكنه استمر في طلب استجابتها برقة حتى استسلمت له بحب، ولأول مرة تتجاوب معه ليحلقا معًا عنان غمامة مشاعرهما. ابتعدت عنه تبحث عن أنفاسها الضائعة ولم يسمح لها بالبعد يلصق جبهته بخاصتها فتهمس بخفوت متأثر: ¤ ليث، نحن بمرآب. ضحك بلهاث لم يرحمه هو الآخر يجيبها بخفوت: ¤إن أردت أن أصبر على بعدك ...فلا تبخلي علي بالقليل من قربك. ظلا لوقت يلهثان مقتربين من بعضهما حتى هدأت أنفاسهما ثم غادرا إلى المستشفى. ***** عاد محمود بعد مدة ورافقهم إلى غرفة الأطفال وبعد أن اطمأنوا خرجوا إلى الرواق يتفقون على كيفية تنظيم أمور المبيت. يدفعه شوقه ليتحدث معها بالرغم من ابتعادها عنه وتجنبها حتى النظر إليه، فهمس برقة: ¤ فاطمة لمَ تهربين مني؟ كنت سآتي لأتحدث معك في الدار. اقشعر بدنها تفقد لجام نبضاتها تهدر منذ أن قابلته دون الحديث عن حزن كئيب أحست به ما إن رأت سوسن قريبة منه تضاحكه بنعومة ودلال ومع أنه لا يستجيب لها لكن ذلك لم يطفئ نار الغيرة بقلبها، فقالت بخفوت وكأنها ستبكي: ¤من فضلك دكتور. زفر بحنق فهم بالتحدث لولا صياح سوسن التي كانت مقبلة مع باقي زملائه، ليطمئنوا على الأطفال فجن جنونها حين رمقت نظرة الحب بعيني محمود واقترابهما من بعضهما ¤إذن لهذا اخترتِ هذه المستشفى بالذات ...أليس كذلك؟ استغربوا حديثها بينما هي تنفث سمها بصلف واستعلاء ¤ألستِ المسؤولة عن الدار؟ كيف تسمم الأطفال؟ وضعت يدها على فمها متصنعة الصدمة ثم شهقت تستدرك ¤ لا ..لا تقولي بأنك من سممتهم وقمت بكل هذا من أجل الدكتور محمود؟ شهقت شاهي وتأهبت للدفاع عنها بشراستها المعهودة، فأمسك سمير المدهوش أيضًا بمرفقها بينما محمود يقول بعصبية وجدت متنفسًا مناسبًا لها لما يمر به من ظروف تجمعت بعبئها على كاهله ¤سوسن اصمتي أن... وقفت قبالته تقاطعه مشيرة إلى فاطمة التي شلت الصدمة أطرافها ولم تتحرك عن مكانها ¤أنت لا تفهمها، إنها تمثل البراءة لتوقع بك، وقد تكون من سممت الصغار لتصل إلى مبتغاها. زم محمود شفتيه وضم يديه قائلًا بنفاذ صبر والجميع يراقب بانتباه: الذي هو؟ فهتفت بتشفي : كونها ( ل.. )تريد لنفسها نسبًا مشرفًا لكنها تمادت كثيرًا إن ظنت أنك س... في تلك اللحظة نزلت دموع صامتة تنساب من عيني فاطمة، فزمجرت شاهي تريد أن تنقض على سوسن لكنها تسمرت فجأة بين يدي سمير الذي تسمر هو الآخر من صوت صفعة رج بها الرواق، فالتفتا ليجداها تمسك جانب خدها المحمر بيدها ويد محمود معلقة في الهواء. لم يدم شعور فاطمة بالذل والإهانة لينقلب إلى دهشة صاعقة وهي تراقب يد محمود ترتفع وتحط على خد سوسن، لم يتصور بحياته أبداً أن يقوم بتصرف مثيل لكنه لم يتحمل نظرة الذل بعينيها ودموعها الحارقة أوجعته بصميم قلبه، يعلم بأن أعصابه مشدودة أكثر من المعتاد فمن يتحمل كل ما عاشه باليومين الماضيين! بلع ريقه يقول ببرود جامد حد الوجع الذي شعر به من أجل حبيبته: ¤ عار عليكِ يا دكتورة، يا ابنة الحسب والنسب ....أتعلمين يا دكتورة أن هذه الفتاة التي تظنين بأنك أهنتِها للتو أفضل منك بمستويات عدة؟ بكل تحصيلك الدراسي وأموالك، فهي إنسانة خلوقة ذات قلب حنون ورحيم بالبشر، هي من ترعى الصغار الذين تتهمينها الآن بأنها من سممتهم ويكفني دينها وتقواها وأخلاقها ثم وعيها الذي لم تستطع كل الأموال التي دفعها أهلك ولا كل الوقت الذي ضيعه عليك كل أستاذ في تعليمه لك, اسألي أي رجل عما يريده بزوجته سيجيبك بنفس صفاتها لم تتحمل سوسن الإهانة فانفجرت تصيح بغضب: ¤ تضربني من أجل هذه ال.... تكومت على نفسها حين رأت يد محمود تتحرك من جديد، فزفر بضيق يجيبها: ¤ لا أسمح لكِ بالتحدث هكذا عن خطيبتي! دهش الجميع من ضمنهم شاهي التي رفعت حاجبيها وابتسمت تهمس بتشفي : مدهش! مال عليها سمير قائلا بمرح: ¤ إذن هذه حرب دجاجات على الديك. التفتت إليه تجيبه بتذمر: ¤لاحظ أن فاطمة جامدة كتمثال مدهوش ...ومن يدافع هو الدكتور ...يعني هذه معركة فوز بالقلب. رد عليها ساخراً بمكر: ¤ حبيبتي من قراء الروايات الرومانسية. نفخت شاهي بيأس والتفتت إلى المعركة، فاكتشفت بأنها انتهت بسحب محمود لفاطمة لا تعلم أين؟ بينما سوسن ترغي وتزيد تهدد بتقديم شكوى فابتسمت شاهي بمكر تخبرها بينما تتجاوزها ليلحق بها سمير: إن قدمتِ شكوى سنشهد بأنك من قذف وشتم خطيبة الدكتور واتهمتِها زورًا بمحاولة القتل ولنرى ماذا سيحدث؟ سحبها محمود خارجًا من المفشى بأكمله بعد أن أوكل مهمة رعاية الصغار لطبيبين آخرين، نفضت يديها من يديه تهتف بنبرة مكتومة :اتركني يا دكتور. التفت إليها بحدة يهتف: لا أريد أن أسمع دكتور هذه مجددًا!...و سترافقينني بصمت إلى بيت ورد ...أريدك أن تقابلي أمي وسنتحدث هناك. خافت من عصبيته لا تنكر تأثرها بدفاعه عنها دون أن يخجل بها، بل العكس تغنى بصفاتها أمامهم فاستسلمت ورافقته أما سوسن فثابتة مكانها من المفاجئة، لا تصدق أن محمود يعلم بأمرها ورغم ذلك يحبها والإهانة لم تكن إلا من نصيبها هي والأدهى أنها لا تستطيع تقديم شكوى ويكبر الموضوع وكل واحد يسأل ويستعلم! جفلت على صوت بسام الساخر يقول: ¤ سبحان الله قبل دقيقة كنت أتمرغ في ما اعتقدته ألم حبك....لكن الآن. هز كتفيه بإهمال، يستدرك: ¤ الصفعة التي حطت على خدك حطت على خدي أيضًا وأيقظتني من وهمي الذي ظننته حبًا و .... رفع يديه، يضيف باسمًا قبل أن يبتعد باسطًا ذراعيه في الهواء حتى أنه استدار دورة كاملة دلالة على التحرر ¤تحررت... بلعت ريقها بارتباك وفرت تجر أذيال خيبتها. ****** سمح لها أخيرًا بالمغادرة بعد أن أخرها بكل علة يدركها، يسألها بدلال لم يعتده فكل شيء معها له مذاق مختلف يستمتع به: ¤ متى ستأتين غدًا؟ ردت عليه ببسمة ماكرة بينما تجاوره قرب فراشه: ¤لم أغادر بعد حتى أعود ..لقد أصبحت محتالًا يا ليث. أمسك بكفها من جديد يقبل ظهره، مجيبًا بمشاعر متضخمة: ¤ ماذا أفعل؟ تزوجت من عنيدة وأحتاج كل الحيل لأقتنص ما هو حق لي. ضمت شفتيها إلى داخل فمها تضيق عينيها، لتنظر إليه بعتابٍ مازح فارتعش قلبه بصدره، يسعده التعرف على حالاتها العاطفية وعلى تعابير وجهها، حنقها، مكرها، سعادتها، حزنها، غضبها وكل شيء منها يبهره بينما تظهره بتلقائية. أيقظته من تحديقه بسحب يدها بروية ثم قامت تخبره ¤ ليث إلى لقاء قريب إن شاء الله. تصنع العبوس، يجيبها: انتظري! أبي سيوصلك. ابتسمت تعقب بلوم بينما الحمرة تزحف لتزين خديها ¤ أنت لا تخجل، لقد طردته بمعنى الكلمة. زم شفتيه يقول بمرح وهو يعيد ذراعيه خلف رأسه مريحًا جسده على الفراش: أبي حبيبي، يفهمني من نظرة عيني. لوحت له تخرج باسمة بسرور وكان السيد يوسف في انتظارها بمقهى المستشفى حيث لمحها فقام مبتسمًا بدفء ثم رافقها ليوصلها. أوقف السيارة أمام باب بيتها يقول بهدوء: ¤ بنيتي أريد أن أحدثك في أمر. أومأت باحترام، فأكمل: ¤أخبرني أبي أنك غادرت المنزل لتبحثي على ذاتك، وكي تعودي كنة بحق لعائلة الجندي .... ظلت صامتة فاستطرد: ¤ ما أريد قوله أننا اعتبرناكِ ونعتبرك وسنظل نعتبرك بإذن الله كنة لنا وابنتنا ...لسبب بسيط جدًا ..لأن ليث اختارك زوجة له ومنذ وافقت وأصبحت بذمته أصبحت ابنة لنا، مقامك من مقام ليث. نظرت إليه تقول بوجوم: ¤هل السيدة زهرة أقصد أمي ستقبل بي بعد ما حدث؟ لم تكمل فربت على رأسها برفق، يخبرها: ¤ يجب أن تعلمي شيئًا عن زهرة ...لأول مرة أخبر أحدًا، لأنني أثق بمدى نضجك ابنتي... لقد كانت والدتها رحمها الله صارمة سلطوية لا تعرف سوى إلقاء الأوامر ويجب على الجميع التنفيذ دون نقاش ....عندما تعرفت عليها كانت منطوية لأقصى الحدود، لكن كما يقولون الحب أعمى. ضحك بخفوت، يكمل بنظرات غامت وكأنه يستحضر الماضي: ¤ رأيتها أول مرة بمنزلنا جاءت مع والدتها، فأهلها من معارفنا ...انطوائها حرك فضولي وحاولت جذب اهتمامها لكنها كانت تصدني، فتقدمت لها وطبعًا والدتها وافقت حتى دون الرجوع إليها، كان يجب أن تريها أول زواجنا، تسألني رأي بكل شيء، مترددة إلى أقصى حدود لا تثق بنفسها أحببت ارتباكها وجعلت تعليمها معركة أخوضها باستمتاع.... المهم مع مرور الزمن بدأت تتغير لكن لا تزال تجهل كيف تتصرف حين تخاف على أحد ......مثل ما حدث مع بيان.