Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الأول

*دار الأيتام* خرجت ورد من المكتب قاصدة المكان الوحيد الذي تشعر فيه بكل الأحاسيس الجميلة، البراءة، الحب والحنان، إنه قسم الرضع، فلا أحب إليها ولا أفضل من ضحكة رضيع بريئة ولا حنان أفضل من حنان لمسته الناعمة. ¤السلام عليكم. كانت هذه تحية ورد على العاملتين اللتان تهتمان بالرضع وفي هذا الوقت يقمن بتحميمهم وورد لا أحب إليها من ذلك، لذا تفضل قصد الدار في ذلك الوقت. إحدى العاملتين تعتبر من الأصدقاء المخلصين لورد، من السريين طبعًا ومالا تعلمه أسماء أن هذه العاملة عين من أعين كثيرة جنّدتها ورد من أجل السهر والمحافظة على الأيتام. ¤أهلًا آنسة ورد دائمًا في وقتك .....تعالي واحملي هذه الصغيرة فهي من تتعبنا وطبعا لن تستكين إلا بين يديكِ، لو أعلم السر لوفرتِ علينا ساعات بكاء كثيرة بالليل. أجابت ورد وهي تحمل الطفلة وكأنها قطعة من زجاج رقيق تخشى عليه من أدنى حركة، تداعبها بملامحها قبل لمساتها وصوتها الحنون. ¤ لا سر فاطمة، فقط السعادة، هي تشعر بأنها تسعدني لذلك تمنح لي المجال لأسعد معها، هذا كل شيء. حملن الأطفال إلى الحجرة الخاصة بالاستحمام و بدأن بالعملية كما كل مرة. ¤ما الأخبار؟ ماذا فعلتِ مع تلك الحيّة المسماة أسماء. رمقتها ورد بعتاب دون أن تتغير ملامح الحنان على وجهها والتي عادة ما تتصف بها مع المحتاجين والأضعف منها. ¤ عيب عليكِ يا فاطمة، ألم أنبهك من قبل! لا أحب تلك الألقاب وإن استحقوها، لن ندنوا من مستواهم وطبعًا لن أسمح لهم بأخذ حسناتي أو تحمل ذنوبهم. ردت عليها فاطمة، لا تكل تتفاجأ من تصرفات هذه الفتاة ومن أخلاقها، تفكر بأنها هكذا مند أن تعرفت إليها وهي نفسها نزيلة هذه الدار وكانت أصغر من ورد بثلاث سنوات, تتذكر كيف تغيرت أحوال الدار منذ أن أضحت من الفاعلين فيها ولم تتجاوز بعد سن المراهقة وعندما حاولت ورد التقرب منها لاقتها بالرفض لظنها تمثل الفتيات الثريات اللاتي يتبجحن ويتفضلن عليهن وسرعان ما يملن ولا يعدن ولكن ورد أثبتت بأنها نذرت حياتها للخير حتى أن الكثير لا يعلم ماذا تفعل و لماذا؟ فهي تبقى دائمًا غامضة ولا تسلم دواخلها حتى لأقرب الأقربين إليها ولكنها مخلصة و كلمتها واحدة لا ترد. ¤ يا ورد إلا هي، إنها لا تخاف الله أبدًا، لا أعلم من أين أتت بكل تلك القسوة! أجابتها ورد وقد أنهت تحميم الرضيعة تلبسها ثيابها: ¤تقلبات الحياة يا فاطمة، تجعل من هم أحن الناس إلى قساة إلا من رحم ربي .....لم تعترف يا فاطمة، كنت أتمنى أن تعترف ونقوم بتسوية كل شيء داخل الدار ولكنها لم تفعل والآن أنا مضطرة لأن أدع للجنة التحقيق التدخل. ¤لقد قمت بما يمليه عليك ضميرك يا ورد، لو كان شخص غيرك، صدقيني كان سيطردهم شر طرده ومن غير تحقيق ولا تنسي أنها ليست لوحدها. ¤لجنة التحقيق ستتولى كل شيء وبعد ذلك سأحرص على تعيين طاقم أثق بأفراده جيدًا ولن أعيد خطئي وأعتمد على التحليلات المنطقية. أتمت ورد و فاطمة مهمة الاستحمام، قبّلت الرضع و فاطمة ثم مرت على سائر الأقسام الأخرى لتغادر إلى وجهتها التالية وأشغالها التي لا تنتهي. وصلت ورد بسيارتها الصغيرة الخضراء، فهي تحب كل شيء أخضر ووقفت أمام بوابة حديدية كبيرة مزينة بورود تعلوها يافطة كبيرة جدًا مكتوب عليها "مدرسة نور العلم". أسرع الحارس ليفتح البوابة ما إن رآها تتهلل أساريره لاستقبالها، فهو من ضمن أناس كثيرين إما لها فضل عليه أو أنقذت حياته أو حياة أحد يهمه. ¤صباح الخير آنسه ورد كيف حالك ابنتي؟ أجابته ورد ضاحكة وكأنها لم تكن ثائرة غاضبة منذ الصباح، هذه أيضًا من صفاتها، من يعاشرها يعتقد بأنها قُدت من صوان، فليس هناك ما يؤثر بها أبدًا، تعامل كل واحد كما يجب أن يُعامل. ¤صباح الخير عم سعيد كيف حالك؟ و كيف هن بناتك والخالة أنوار لقد اشتقت إليهن. تأثر العم سعيد كثيرًا لأن هذه الفتاة الغالية على قلبه كبناته، تذكره من ضمن أشغالها الكثيرة وتذكر عائلته التي جعلها الله سببًا في كفافهم وسترهم. ¤هن أيضًا مشتاقات لكِ وأنوار تدعوا لكِ كل صلاة بالحفظ والستر بنيتي. ¤اشكرها بالنيابة عني وأخبر الفتيات بأنني سآتِ لزيارتهن قريبًا إن شاء الله ...ففاتن ما شاء الله ستدخل الجامعة ويجب أن نتحدث عن التخصص وأيضًا يجب أن تبدأ بتأسيس حياتها المستقبلية و سأكون أكثر من سعيدة بتوجيهها. ¤جزاكِ الله خيرا يا بنتي، سأبلغها وستسعد كثيرًا. ودّعها بينما يدعو بالتيسير والحفظ لها والصلاح لبناته وقوة تماثل خاصة ورد. قصدت ورد مكتب المديرة، دقت الباب تنتظر الإذن بالدخول الذي لم يتأخر لتطأ أرضية المساحة الواسعة نسبيًا، تحتوي على طاولة اجتماعات كبيرة بمقاعد جلدية بيضاء كلون دهان جدران القاعة وفي الزاوية طاولة مكتب أنيقة كما صاحبتها المرأة الخمسينية ببدلتها النسائية الأنيقة الرمادية وحجاب من نفس اللون، ملامحها وقورة ككل شيء فيها يسعد ورد. أخرجتها السيدة "كنزة" من أفكارها بابتسامتها وكلماتها الحنونة: ¤مرحبًا بالحاضرة الغائبة ....هل تعلمين بأنني أفكر في زيادة حصصك الأسبوعية لأراكِ أكثر؟ ¤تعلمين سيدة كنزة بأنني لو ملكت المزيد من الوقت لما بخلت به عليك ولكن ماذا أفعل؟ اليوم يحتوي فقط على أربعة وعشرون ساعة وصدقيني لا أنام بها سوى ست ساعات على أكثر تقدير. ¤أعلم صغيرتي أعلم، لذا أفعل ما بوسعي لكي يرتاح بالك من جهة المدرسة على الأقل. كانت قد قامت إليها تضمها ثم أشارت لها لتجلس فتهز الأخرى رأسها رافضة بدماثة. ¤أحب التحدث معكِ لمدة أطول ولكن للأسف الحصة ستبدأ ويجب علي اللحاق بها وبعدها سأغادر سريعًا، فاليوم لدي ظرف طارئ.... أعدك بتخصيص يوم كامل فقط للمدرسة خلال الأسبوع القادم إن شاء الله. فعقبت السيدة كنزة بمرح: ¤ومتى لا يكون لديك ظرف طارئ حبيبتي؟ حياتك كلها ظرف طارئ! اذهبي صغيرتي، في أمان الله واهتمي قليلًا بنفسك فلبدنكِ عليكِ حق، لا تنسي. رمقتها بامتنان ترد: ¤ شكرًا سيدة كنزة أراكِ قريبًا إن شاء الله. توجهت إلى قاعة الدرس لتمارس مهنتها وهوايتها المفضلة، تدرس اللغة العربية فهي مجازة بالأدب العربي وكم تحب اللغة العربية! عندما تندمج مع الإلقاء بالفصحى تتخيل نفسها محلقة بين القرون القديمة حيث كانت فيها اللغة العربية الفصحى، لغة العرب و كأنها تهرب من الزمان والمكان بعصرها الحالي.. أنهت الحصة وغادرت مضطرة لإلغاء بقية أشغالها وقررت الرجوع لبيتها لتستعد للظرف الطارئ. **** منزل جميل تحيط به حديقة مليئة بمروج خضراء، تشمخ بين مثيلاتها بشكل جميل لحي راقٍ ونظيف، يبرز مستوى ساكنيه المادي. ¤السلام عليكم أمي كيف حالك؟ تحية ألقتها ورد على امرأة بأواسط الخمسينات، تكسوها عباءة بيضاء مثل قلبها الطيب وحجاب من نفس اللون حول وجه بيضوي بشوش يشعر الإنسان بالراحة النفسية لمجرد النظر إليها. هذه المرأة لا تعلم ورد لها من أم سواها، تحبها حبًا جمًا وتحمد الله أن منّ عليها بهذه العائلة المكونة من أم حنون، السيدة عائشة وأخت، سهى تصغرها بأربع سنوات وقد تزوجت فقط من أشهر وأخ بمثل عمرها بل توأمها محمود وهو الآن قلما يأتي فقد استأجر شقة صغيرة، قريبة من المستشفى حيث يعمل، فيسهل عليه متابعة دراسته وعمله على حدٍ سواء، لذلك أمها تسكن معها في منزلها الذي تركه لها والدها، ذلك الرجل الحنون الذي رباها وحباها بعاطفة جياشة، فلقد عمل كل حياته بجهد كبير وجمع من المال الحلال الوفير اشترى لكل واحد من أبنائه منزل وكتبه باسمه وترك بيت العائلة لزوجته، بالإضافة إلى أموال قسموها بما يرضي الله بينهم لكن ونظرًا لأن بيت العائلة عبارة عن شقة رغم كونها واسعة وفي بناية راقية لكن تظل مشتركة مع ضجيج الجيران وانعدام الخصوصية، لذلك عرضت على أمها الانتقال إلى المنزل خاصتها لينعما بالهدوء والخصوصية و لقد وافقتها هذه الأخيرة خصوصًا بعد زواج ابنتها سهى وطبعًا عمل ودراسة محمود سبب غيابه المستمر. ¤وعليكم السلام يا بنتي، عدتِ باكرًا، هل قررتِ الذهاب؟ قبّلت ورد رأس والدتها وجاورتها جالسة على إحدى أرائك غرفة الجلوس. ¤نعم أمي، أنتِ تعلمين بأنني في كل مرة أفكر بتردد ويكون القرار إيجابيًا ما إن أقابل الأطفال، تتأجج عزيمتي وأصر على الذهاب والعمل بكل جهد... أتحمل زيف تلك الطبقة التي أنتمي إليها، فقط لأجمع ما أستطيعه من الأموال أنقذها من التبذير بالتفاهات من مجوهرات وألبسة غالية وديكورات يتبجح أصحابها بأصالتها.. يا إلهي أمي! لقد اشترت واحدة منهن لوحة لامرأة لا أعلم حتى من أي قرن هي عليها ثيابًا بالية، بربع مليون دولار، تصوري ماذا سنفعل بهذا المبلغ لو تحصلتُ عليه؟ كم من أفواهٍ سيُسد جوعها! وكم من فتاةٍ ستُنقذ من مصائب؟ وكم من نفسٍ ستُنقذ من تعب المرض؟ بدل لوحة تافهة ستعلق على حائط...آه نعم! ستفتخر بها أمام صديقاتها وكأنها حققت نصرًا ساحقًا. أجابتها والدتها بينما تدعو سرًا لابنتها بالستر، فهي تعلم كم من عداوة تكتسب بسبب مبادئها التي لا تناسب هذا الوسط الذي يعيشون به إلا من رحم الله، تعلم بأنها محقة لكن ما باليد حيلة، لذا تتركها تعمل كيفما تريد وتلجمها عند الضرورة . ¤هيا ابنتي اذهبي واستعدي، وحاولي أن لا تظهري امتعاضك منهم واكسبي صداقات أولا لكي يعجبوا بكِ ويرون بكِ قدوة لهم وثانيًا ليعطوك أموالًا كثيرة لصغارك، هيا! فلم يبقَ وقت كثير. نهضت ورد ترد عليها، وهي تعلم جيدًا مغزى كلامها: ¤حاضر حبيبتي، حالًا! سأستحم و أجهز نفسي، أرجوكِ أمي، اطلبي من نعيمة أن تجلب لي كأس حليب دافئ مُحلى بالعسل إلى غرفتي. قامت والدتها تجيبها بحنو. ¤سأجلبه أنا، لأن نعيمة اليوم بإجازة هي وزوجها. عقبت ورد باستغراب تتلكأ عند مدخل الغرفة: ¤إجازة؟ غريبة، ما المناسبة؟ ولمَ هذه الليلة بالذات؟ فأنا سأكون غائبة ولا أحبذ أن يكون زيد لوحده في حراسة البيت. حثتها لترافقها بربتة حانية على ظهرها، تقول: ¤لا مشكلة يا بنتي، فلقد طلبا مني هذه الإجازة كثيرًا ليزورا الطبيب ويقوما بالتحاليل فأنتِ تعلمين سعيهما للإنجاب، دعيهما يفعلان ما يريدانه، فقط نبهي زيد ليحرس البوابة حتى تعودين من الحفل ونحن كلنا في حفظ الله يا بنتي. ¤ونعم بالله ..حاضر أمي، سأقوم بذلك وسأحاول عدم التأخر. قامت السيدة عائشة بغلي الحليب ثم صبته بفنجان لتحليه بالعسل تمامًا كما تحبه ورد، فهو يريح أعصابها ثم جهزت العشاء بأطباق لكي توصله ورد لزيد بينما تغادر. دخلت السيدة عائشة إلى غرفة ورد حاملة معها الفنجان، نظرت إلى ابنتها فاكتسى وجهها بالحنان والحب والإعجاب تتأمل وقوفها أمام المرآة بفستانها الأخضر الشاحب المحتشم، ينسدل على جسدها إلى كعبيها بأكمام واسعة وكأنها من العصر العثماني وشعرها الأسود مجموع بتسريحة بسيطة خلف رأسها تاركة بعض الخصلات تحيط بوجهها المليح الملامح بعينين سوداوين ذات نظرات صارمة، تكاد والدتها تقسم أنهما من يساعدانها على إبداء الجمود و البرودة التي تبرزها طوال الوقت. لا تنكر تحسرها، فورد لا تعيش حياة طبيعية مثل سائر الفتيات كابنتها الأخرى مثلًا، تحب و تتزوج، بل ترفض أي علاقة بالجنس الآخر ومجرد أن تشعر بنية أحدهم للتقرب منها، تقطع عليه الطريق حتى قبل أن ينوي وكأن لديها حاسة استشعار لهذه الأمور وترفض تمامًا تدخل أي أحد من العائلة في الموضوع وهذا بدأ يشكل إزعاجًا كبيرا لها، ففي البداية اعتقدت بأنها تريد التركيز على دراستها إلى جانب أشغالها الكثيرة ولكن الآن بدأت تشك بأن هناك سببًا قويًا وراء طريقتها و كلما فكرت في هذا الأمر نغزها قلبها ورجعت بها الذاكرة لشيء كانت تشك به ولم تعره انتباها آنذاك...تخاف حتى التفكير في الأمر لأنه إذا صدق حدسها فويلها من أمانة لم تصنها! عند هذه الفكرة ارتعدت يداها بشدة حتى سمعت ورد طقطقة الخزف فالتفتت لتتفاجأ بشحوب وجه والدتها، أسرعت إليها تلتقط الفنجان من يدها بينما تسألها بلهفة لم تستطع إخفائها: ¤أمي ما بكِ؟ هل أنت بخير؟ هل هو الضغط؟ هل أخذتِ دوائكِ؟ يا إلهي! لقد نسيت قياس ضغطك اليوم، كله بسبب الحفل اللعين، مالي أنا والحفلات، اجلسي أمي، ارتاحي أرجوكِ حتى أجلب الجهاز. أمسكت والدتها بيدها تجلسها بجانبها فوق السرير. ¤تعالي بنيتي، أنا بخير ولم يرتفع ضغطي وما لا تعرفينه أن محمود كان هنا قام بقياس ضغطي والسكر أيضًا، أنا بخير والحمد الله. تنهدت ورد ترتخي ملامحها. ¤الحمد لله و لماذا وجهك شاحب؟ محمود كان هنا؟ لماذا لم ينتظر لرؤيتي؟ ¤ لقد كان ينوي ذلك ولكن جاءه استدعاء من المستشفى، فلم يستطع المكوث وقال بأنه سيتصل بك لاحقًا، هيا ابنتي اشربي حليبك لكي لا تتأخري. رمقتها ورد بتفحص تتلمس ذراعيها بلطف. ¤حقًا أمي هل أنتِ بخير؟ أستطيع إلغاء الأمر والمكوث بجانبكِ، فأنت أهم عندي من كل شيء. حضنتها والدتها بقوة، تدعو الله أن يكون ما تفكر به مجرد أوهام ثم تصنعت الحزم مغتصبة ابتسامة تهدئ بها روعها: ¤هيا اذهبي! أنا بخير والحمد لله ولا أحتاج إلى جليسة، سأختلي بربي قليلًا ثم سآوي إلى الفراش ولا تنسي بأن الأيتام يحتاجون كل مال ستجمعينه لهم، اذهبي في حفظ الله حبيبتي. شربت ورد كأس الحليب ثم رمت انعكاسها على المرآه بنظرة أخيرة، تضع ملمع الشفاه البرتقالي الخفيف، فهو والكحل الخفيف الزينة الوحيدة التي تتزين بها حتى العطر لا تضع منه إذا كانت تنوي الخروج، وما يُشم منها رائحة النظافة فهي نظيفة للغاية وتحب الاستحمام كثيرًا وتستعمل مختلف الزيوت وأنواع سوائل تنظيف الشعر والجسد بروائح خلابة تترك بجسمها رائحة عذبة هادئة بخلاف العطور الصارخة التي ما إن تخرج بها المرأة تُدار إليها الرؤوس... ودعت والدتها ولبست معطفها ثم أخذت صينية العشاء لزيد الذي ما إن لمحها هبّ واقفا بقوله المرتبك: ¤ممم...مساء الخخ...ير آنسة ورد، هل أنتِ خارجة الآن؟ شعرت ورد بتوتره وكونه على غير حالته الطبيعية، تستشعر به خطبًا ما. ¤ما بك زيد؟ هل تريد قول شيء ما؟ تمالك زيد نفسه يتدارك الأمر بابتسامة مطمئنة لم يغادرها الارتباك كليًا. ¤لا شيء آنسة ورد، أنا فقط أشعر بالقليل من البرد و لكن بعد أن ألتهم هذا الأكل اللذيذ سوف أشعر بالدفء. لم تقتنع ورد وبسبب تأخرها لم تجد بُدًا من تجاوز الأمر على مضض توصيه. ¤أرجوك زيد خذ حذرك فأنت وحيد اليوم بالحراسة وحاول عدم النوم حتى أعود، وإذا طرأ أمر مهما كان صغيرًا اتصل بي في الحال، أعتمد عليك طبعًا بعد الله. أجابها بملامح طغى عليها الأسف بشكل غامض وغريب. ¤ لا تقلقي آنسة ورد، اطمئني! غادرت بقلبٍ فارقه الاطمئنان وتوكلت على ربها الذي لا يخفى عليه شيء، تشيعها نظرات زيد التي ولغرابة الوضع لا تزال آسفة. ***

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514