Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الحادى والعشرون والأخير

بعد شهر: ارتفعت ضحكات السيدة سوسن وهي تُثرثر مع والدة عاصم في حوار جانبي مبتعدتين عن أصوات الفتيات العالية في الغرفة المُجاوِرة، حيث اقتصر حفل حناء سما على أربعتهن وبعض صديقات سارة وسما بالإضافة إلى مريم وتغريد.وبينما تُعاني مَوَدَّة مع بُكاء صغيرتها الذي لا ينتهي في أحد الغرف، كانت بقية الفتيات يتناولن حَبَّات الذرة المقلية أثناء مُشاهدتهن إحدى المُسلسلات الكوميدية!فسما- كفتاة استثنائية- رغبت بحفل حناء استثنائي بدوره، وقامت بدعوة الفتيات إلى السهر عندها تلك الليلة، ثم قُمن بطباعة بعض نقوش الحناء.. الجاهزة!"تغريد! تعالي لحظة حبيبتي"أطلت مَوَدَّة برأسها من شق الباب وهي تناديها فأقبلت الفتاة مُسرِعةً بتساؤل: -ماذا تريدين مَوَدَّة؟جذبتها مَوَدَّة إلى داخل الغرفة بسرعة ثم دفعتها تجاه الصغيرة الباكية هاتفة:-انظري تغريد! لم تتوقف رحمة عن البكاء منذ تركتِها، أرجوكِ احمليها حتى تصمت قليلاً لقد أوشك رأسي على الانفجار.عبست تغريد باعتراضٍ هاتفة:-لكنني أريد أن أشاهد التلفاز.تظاهرت مَوَدَّة بالضيق ثم اقتربت من رضيعتها قائلة:-حسنًا! عودي إلى المسلسل واتركي رحمة تبكي حتى تنام، فهي لا تحب أن تكف عن البكاء سوى مع عمتها الجميلة الحنونة تغريد فقط.حدَّقت تغريد بها بدهشة وقالت:-لقد أصبحتِ ماكرة مثل زوجك!ثم مدت يديها وحملت الرضيعة فسكتت على الفور وهي تستمتع بهدهدة عمتها:-تعالي رحمة! أنا لن أتحمل بكاءكِ.ثم هتفت بضيق وهي تلتفت إلى مَوَدَّة: -لكن على شرط مَوَدَّة أنا لن لكنها بترت عبارتها عندما اكتشفت أن مَوَدَّة قد انصرفت بالفعل! "يا فتاة! اتركي خطيبك قليلاً وتعالي اجلسي معنا، إنه حفل فتيات وحمزة مُشارِك به أكثر منا جميعًا!"هتفت بها سما بتهكم فنظرت سارة لها ببرود ثم عادت ببصرها إلى شاشة هاتفها تراسل حمزة الذي يجلس في التجمع الرجالي بالدور الأعلى!-اتركيها سما تسعد بالاهتمام قليلاً قبل أن تقع في فخ الزواج وتشتاق إلى الأيام الخوالي!غمغمت مَوَدَّة بتلك العبارة فضحكت سما بلا اكتراث، بينما اعتدلت رهف بمقعدها بفضول مُتسائلة:-هل يُهملكِ عَمَّار؟ وبدا أنها كانت تنتظر هذا السؤال بالتحديد فهتفت بضيق: -إنه يترك لي الغرفة كل ليلة بمجرد بدء رحمة بالبكاء، وما ذنبي أنا؟ هل أنا من أجعلها تبكي وتصرخ طوال الليل؟ تدخلت سما بنبرة مُغتاظة:-بالفعل ما ذنبك أنتِ؟ أليست ابنته أيضًا؟ أنتِ تدللينه كثيرًا بالمناسبة!نظرت لها رهف بدهشة ثم تمتمت:-أعانك الله يا عاصم!رفعت سارة عينيها عن هاتفها ضاحكة:-عاصم فعل الكثير و يستحق كل الخير، اسأليني أنا!زفرت مَوَدَّة بضيق وهي تنظر لرهف التي شردت فجأة وهي تتساءل بتفكير:-أتعنين أن ساري سيتهرب من غرفتنا عندما ألِد؟ربتت عليها مَوَدَّة بتعاطف مُجيبة:-لا أود أن أُحبطك رهف، لكن سيحدث ذلك حتمًا! ازداد شرود رهف ثم التقطت هاتفها فجأة وعلى وجهها يرتسم التصميم بأقوى صوره! وبالدور الأعلى:تعالت صيحات عاصم وحمزة - الذي ترك هاتفه بصعوبة-وهما يتمسَّكان بذراعي الألعاب ويتنافسان في مباراة لكرة القدم على الحاسب المحمول بكل استماتة، بينما في الخلف يجلس عَمَّار وساري على الأريكة وبين يدي كلًا منهما جهاز إلكتروني للألعاب لم يعد أحد يستخدم مثله منذ سنوات!صاح عَمَّار متسائلاً بنزق:-كيف تفعلها كل مرة؟ كيف تصل إلى هذا الرقم؟وجاء رد ساري المُنهمِك تمامًا في اللعب بِزهو:-لأن تلك الألعاب ليست للهواة عَمَّار، لا تحزن!وقبل أن يرد عَمَّار ارتفع رنين رسالة وصلت إلى اتف ساري فألقى الجهاز القديم جانبًا وهو يفتحها ثم هَب واقفًا مُتجهًا إلى الخارج.صاح به عاصم وهو يُدقق النظر تمامًا على الكرة التي اختطفها لاعب فريقه من لاعب فريق حمزة للتو:-إلى أين أنت ذاهب؟ لم ينتهِ الحفل بعد!صاح به الثلاثة باستهجان في صوتٍ واحد:-أي حفل؟!نقل نظراته بينهم بحنق حتى..:-هـــدف!هتف بها حمزة بفرحةٍ شديدة ثم أردف:-الآن لدينا حفل!مط ساري شفتيه بضيق وهو يقول:-اهتموا أنتم بالــ"حفل" وأنا ذاهب إلى الأسفل، إنه موعد الشجار اليومي خاصتي، فهرموناتها اللعينة تتلاعب بي أنا كما لم يجرؤ أحد على فعلها معي من قبل! صاح به عَمَّار ضاحكًا:-تماسك يا رجل! فبعد الولادة ستشتاق لزمن الهرمونات الجميل، أيام ما كان استطاعتك الهرب بعد الشجار عن طريق النوم لثلاثة ساعات مُتواصِلة مثلاً!والعبارة الثانية خرجت ببؤسٍ واضح وحسرةٍ هائلة، فنظر له ساري بقلق ثم خرج. وأمام باب الشقة بالطابق الأسفل وجدها تقف مُتخصِّرة ببطنها التي تَكَوَّرَت أكثر في شهرها السابع، توقف قليلاً ليتأملها كما يحب دومًا..فاتنة!فاتنة بوجنتين متوردتين والأهداب استطالت وصارت أكثر تَشَعُّثًاوالحمل زادها أنوثة ودلالًا وأصبحت أكثر خطرًا على أعصابه و..."هل ستترك غرفتنا ساري وتنام بغرفة أخرى؟!" وقتلت أفكاره الجامحة بسؤالها الغاضب فاتجه إليها مُستفهمًا ببعض الاعتراض:-هل تريدينني أن أنام بالغرفة الأخرى؟ ألم تقولي أن تلك الأعراض انتهت منذ أربعة أشهر؟ هل عادت ثانية؟ أنا أستحم يوميًا أكثر من ثلاثة مرات رهف في هذا الطقس البارد، ماذا أفعل أكثر؟ ردَّت بضيق ولهجة طفولية بعض الشيء:-أنا لم أقصد اليوم، أعني.. أعني بعد الوضع، هل ستهرب من بكاء ابننا وتذهب إلى الغرفة الأخرى؟ليبتسم بعشقٍ كرد فعل تلقائي على دلالها الذي لا يملُّه مُطلقًا ثم يُجيبها بخفوت:-أنا لن أسمح لأي شيء أو أي شخص أن يأخذك مني أو يبعدك عني، حتى ابننا أو ابنتنا لن ينجحا في ذلك مُطلقًا.ابتسمت برقة أرهقته في هذا الوقت وهي تُعلِّق:-ابننا!عقد حاجبيه بدهشة فأردفت بتوتر:-أعلم أننا اتفقنا على عدم معرفة نوع الجنين قبل الولادة، لكني لم أستطع مقاومة فضولي وهاتفت الطبيبة لأسألها اليوم. عضَّت على شفتها كطفلة مُذنبة في انتظار التقريع اللازم فاتسعت عيناه بدهشة ثم هتف بها:-فعلتِها يا رهف؟! ألم نتفق أن.. ألم...وأمام حزنها الذي يعلم هو أنه مُفتعل لم يقوَ على استكمال لَومه وهي تتهرب من تأنيب عينيه، زفر باستسلامٍ وهو يُمسك بيديها مُتسائلًا بفضول:-إذن؟ رفعت عينيها إليه بحذر لتُقابلها نظراته الحنونة العاشقة كما اعتادت فانشرحت ملامحها بسعادةٍ، هاتفة:-سامر! حدَّق بها للحظات بدهشة ثم استوعب بعد قليل، فجذبها إلى أحضانه مُقبِّلاً جبهتها وتحدَّث بعد فترة بصوتٍ مُتحشرِج مُتأثر كثيرًا:-أنا لم.. أنا لم أطلب منكِ أن... رفعت رأسها تتطلع إليه بعشقٍ مُرددة:-أنا أريد أن أسميه سامر، هل سترفض؟ودمعاته التي ترقرقت بها عيناه كانت خير إجابة على شعوره حاليًا فهمس لها:-أتعلمين رهف؟ أنا عشت سنوات حياتي شريدًا ضائعًا بروحٍ غاضبة حتى وقعت عيناي داخل عينيكِ، عندئذٍ-وعندئذٍ فقط - سَكَنَتْ رُوحِي!وردَّها على كلِمات عِشقه التي لن تستطيع يومًا مُضاهاتها كانت- كما اعتادت- قُبُلاتٍ متناثرةٍ على صدره هامسة:-وأنت سَكَن روحي أنا ساري. تمت بحمدِ اللَّه

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514