"أمي!" لم تلقِ بالًا لأمر زوجة خالها الصارم بالانصراف ولا بدفع ابنتها لها تجاه الباب لتتقدم أكثر حتى مسَّت الفراش بإحدى ركبتيها مكررةً: -أمي، لِمَ تبكين؟ والصراخ انطلق من ابنة خالها وهي تلكزها بِعنف صائحة: -اخرجي حالًا! مرة ثانية لم تهتم بِمَ تقوله وهي تتملص منها بينما دمعاتها تتسارع في الانهمار، وضعت يدها على كف والدتها وهي تسألها ببراءة: -أمي هل أنتِ مريضة؟ هيا بنا نذهب إلى الطبيب إذن! أخيرًا نظرت لها أمها طويلًا، فَتَسَمَّرَت وهي تبادلها النظر بتساؤل دهِش لِتشعر بذعر وذنب غير مبررين حينما نطقت أمها بعباراتها الأخيرة: -أنتِ السبب، لو لم تولدي لما عانيت أنا طوال تلك السنوات، ليتني لم أرَ وجهك أبدًا، أنتِ السبب، الآن سأرتاح منكِ إلى الأبد. ظلت الكلمات الغامضة تتردد بذهنها وهي تنقل نظراتها بين ثلاثتهن بذهول... زوجة خالها تصرخ وتبكي.. "أنتِ السبب!" ابنة خالها تدفعها وتسُبها.. "أنتِ السبب!" أمها أرخت ذراعها ببطء شاخصةً ببصرها إلى الأعلى وكانت آخر تمتماتها.. "أنتِ السبب!"... تراجعت ببطء إلى الباب حتى اصطدمت بجسد صلب فالتفتت مذعورة مُحدِّقة بخالها الذي شحب وجهه وهو يتطلع إلى الفراش خلفها فَهَتَفَت به بِخوف: -خالي، لِمَ أنا السبب؟ ماذا فعلت؟! ما بها أمي؟! ربَّت خالها على رأسها ثم اندفع إلى الجسد المُسجى بالفراش مُرددًا بخفوت:-لستِ أنتِ السبب، إنا لله وإنا إليه راجعون.