في الكافیه نھض مازن من مقعده، حتى وصل إلى الطاولة التي يجلس علیھا سیدرا وتیام، لیمسك بیاقة القمیص الخاص بتیام قائلاً في ضیق ونبرة عالیة: ولا ھات الزفت دا كده، ثم أخذ الفون من ید تیام بالقوة وھو یبحث عن صور سیدرا ویمسحھا من الفون بأكمله، ثم عمل سوفت ویر للفون. أنهى ما یفعله، ثم وجه نظره إلى تیام الذي ینظر له بصدمة، قائلًا بنبرة حادة: بص یا روح أمك قسمًا عظمًأ، لو فكرت تأذیھا بأي طریقة من الطرق لا ھكون جایبك تحت رجلي، وقد أعذر من أنذر، أنا مازن الكیلاني یا لا فركز كده وصلي على النبي في قلبك، عشان مزعلكش مني زعل عمرك یلا بالسلامة. كل ھذا سیدرا تجلس بحزن شدید وھي تبكي ومتوترة جدًا من مازن؛ لأنھا تعرف جیدًا أنه من العائلة المُعادیة لجدھا، وھي تنظر إلى تیام ومازن انسحب تیام من المكان بأكمله وھو متوتر من مازن وطریقته في الحدیث. نظر لھا مازن وھو یجلس ویحاول أن یتحدث بھدوء وھو ینظر لھا بحدة، ثم تحدث بغضب: أنتِ إزاي تعملي في نفسك كده؟ أنتِ مجنونة؟ إزاي تأمني لأي شخص؟ ظلت سیدرا تنظر له وھي تبكي ھتفت قائلة بدموع: أنا عارفة اني غلطانة، بس وﷲ وثقت فيه، عارفة أن دا حرام وغلط وفضیحة، بس أنا كنت واثقة فيه جدًا وكنت متخیلة أنه ھیجي فعلًا، لكن ھو أول ما أنا مردتش أن دا یحصل فعلًا، بقى یھددني بصوري والفیدیو اللي كنا بنتكلمه طول اللیل. تحدثت وھي تبكي بحرقة ودموع: عارفة أن إلي عملته غلط، بس وﷲ ضعفت قدام كلامه ووعوده. ظل ینظر لھا وھو یتعاطف معھا فھو یعلم أن معظم الشباب تفعل مع البنات ھكذا، یصعب علیه البنات اللاتي یضحك علیھن الشباب، ویقول عنھم أنھم لیس لدیھم أي شھامة أو رجولة، فالبنت التي تحبك وتأمنك لا تغدر بھا، حتى وإن كانت خاطئة، فأیضًا نحن مخطئین فعندما نُحاسب أمام ﷲ عز وجل لن يقول الرجل أنا الرجل لا أحُاسب ففي الحساب لیس هناك فرق بین رجل وأنثى، وفي الأخیر ھن وصیة الرسول صل ﷲ علیه وسلم. ھتف قائلًا بھدوء وحزن على حالھا: طب أھدي بس، أھدي وخلاص ھو معتش یقدر یعمل معاكي حاجة تانیة، متخافیش أنا معاكي. شعرت وقتھا بأمان وھو نظر لھا بإعجاب، ثم ھتفت بحزن وھدوء: شكرًا لیك جدًا. نظر لھا، ثم ھتف بھدوء: تمام، ممكن رقمك عشان ابقى أطمن علیكي؟ نظرت له بحزن ثم ھتفت: بص أنا مش عشان عملت كده ابقى وحشة. قاطع حدیثھا بھدوء ونبرة حانیة: متخافیش، أنا مش عایز منك حاجة وحشة، أنا بس عایز نبقى صحاب، وعارف ومتأكد أنھا غلطة، وأكید مش ھتتكرر، أنتِ أصلًا شكلك نضیف جدًا، وفيه براءة مش طبیعیة. نظرت له وابتسامة جذابة تعلو ثغرھا، ثم أعطته الرقم وذھب. في مخزن السلاح الخاص بجاسر وعمر تفوه عمر بحنان داخلي ظاھر على ملامحه عمر: أنت ناوي بجد ترجع كویس؟ ونرجع كلنا مع بعض ولا كلام فض مجالس؟ أرجوك بلاش كذب. تحدث جاسر بھدوء وجدیة وحنان جاسر: أنا فعلًا ناوي أننا نرجع على أقل بینا وبین بعض كویسین ونتصارح على كل اللي في قلوبنا، وبالفعل أنا حابب كده ومش بكذب، ودي أول مرة في حیاتي اتكلم بصدق داخلي، أنت مش متخيل أنت وأسر بالنسبة لي أيه أصلًا. ظل عمر ینظر إلیه بحب داخلي تفوه عمر بحزن على ما أصابھم في خلال السنین الماضیة عمر: طیب یا جاسر، بكره نقعد ونحكي. أومأ له جاسر برأسه. انتھى الیوم، وفي الیوم التالي أتفق جاسر وأسر وعمر أن یذھبوا لیتحدثوا في بعض الأمور في الكافیه الخاص بھم. في ذات الوقت ذھبت ليلیان ھي وریم إلى ذات الكافیه، فھو الكافیة المفضل لھما جلس جاسر وعمر وأسر جاسر: أحكي لینا بقى یا أسر. أسر بضحك: أحكي أيه یا بني؟ أنت مجنون؟! عمر بضحك: یا ابني أنت ما شوفتوش نفسك كنت ملھوف إزاي إنك تشوفھا امبارح. نظر لھما أسر وھو یتذكر، ثم ھتف وابتسامة تعلو ثغره: ھقولكم، أنا كنت بجیب كام بنت كده للشغل تمام. ھتف عمر وجاسر باهتمام إلى الحدیث: تمام. ببص لقیتھا بتشتغل في محل كده جمب البیت اللي كنت فيه، البت عجبتني شدتني، قلت أنا لازم یكون لیا نصیب في البت دي، طبعًا الموضوع كان بالنسبة لي في الأول على حاجة معینة، بس دورت على مكانھا وجبته، أبتدت تعجبني أكتر وأكتر، لحد الیوم اللي قربت فیه لیھا حسیت إني أول مرة ألمس واحدة، وإن دي أول واحدة في حیاتي، وبس یا سیدي من یومھا وأنا مش عایز راجل غیري یلمسھا، ولا حد یشوفھا زي ما تكون لیا أنا وبس، تصوروا أني فكرت إني أتجوزھا، بس للأسف مش عارف رد جدكو وأبویا ھیبقى أيه، ثم نظر إلى الأسفل وھما ینظران إلیه بحزن ودھشة وعلامات الاستغراب تكسو وجھيھما. ھتف عمر بسرعة ودھشة: أسر القناوي یحب؟! وﷲ ووقعت یا شاطر. جاسر بضحك: یا عیني على الحلو لما تبھدله الأیام. ھتف عمر بسرعة: طب ما تتجوزھا، وأحنا نشھد على العقد عشان على الأقل محدش یقدر یطولھا غیرك، وتبقي لیك. نظر لھم أسر بتفكیر: شویه ھقول لبابا، وأحاول لو موافقش ھاتجوزھا أنا من وراھم وخلاص، تفتكروا ھو دا الحب؟ ھتف جاسر بعقلانیة: احنا منعرفش أيه ھو الحب دا أصلًا، بس اللي أنت بتحسه دا نقدر نسميه إعجاب. ھتف عمر بحزن وھدوء: فعلًا لحد ما تقدر تتأكد من مشاعرك. أسر وھو یوجه نظره إلى عمر: طب وأنت، ايه حكایتك؟ ھتف عمر بضحكة: البت بنت يعقوب ابن محمد الكیلاني دي حتة بت، عملت عملة میعملھاش راجل بشنبات قدرت تعرف مكان المخزن بتاعي، وكمان تنزل عننا في الجراید، بصراحة بت بمیة راجل عجباني. ھتف جاسر بسرعة: الغریبة بقى أن جدك مش قادر یعمل في حد فیھم حاجة. ھتف عمر بحزن وضیق: لا یا أخویا، بعتلھا النھارده حد عند شغلھا وأنا مخلتھاش تركب العربیة جاسر باستغراب: إزاي یعني؟! فلاش باك ذھب عمر إلى الجریدة كي یتحدث مع مدیر الجریدة، رأى شخص أمام سیارة، وھو یعلم أنھا سیارة ریم لأن رجاله أرسلوا له ھذه الصورة من أمام المخزن أن السیارة ملك ریم، فأدرك أنھا لھا رأى ذلك الشخص یفعل شيئًا بداخل السیارة، أقترب منه...