الحب لیس قرار، ھو شيء یتسلل إلى قلبك بمنتھى الھدوء، وأنت لا تشعر، تتحدث مع نفسك ترى أنك اختلفت من دون أن تشعر، ترى نفسك اختلفت في كل شيء، حتى التفكیر، الأشیاء التي كنت لا تستطیع فعلھا تفعلھا وأنت بمنتھى الراحة والسعادة، وبدون ما تشعر وفي ذلك الوقت تنظر على حیاتك ترى أن كل شيء فیھا تغیر، تشعر أنك لم تشعر من قبل. نظرت له نھى بجدیة، ثم ھتفت قائلة: أیوه یعني عایزنا نعمل أيه لست سیدرا؟ ما ھو اللي قرر أنه یروح یاخدھا من ھناك، أحنا المفروض نعمل أيه؟ وجاسر وأسر عایزنا نعمل أيه یعني؟ ما ھو كله بسبب أبوك اللي دماغه دي كل اللي فیھا الفلوس، وأنه عایز یبقى مالك كل حاجة، ھو شخص غریب أوي، وأحنا برضو بقینا عبید للفلوس، مبقناش نعرف نستغنى عنھا، بقت شيء أساسي في حیاتنا كلنا، كأن لولا الفلوس دي كلھا مش ھناكل، یلا ھي دي حیاتنا. نظر لھا یوسف بحزن، ثم ھتف بسرعة یوسف: دي حقیقة، وفعلًا لولا غلطنا، ولولا أن أحنا فعلًا جرینا ورا الفلوس مكنش دا بقى حالنا، لو كان كل واحد فینا صمم على حبه مكنش دا بقى حالنا، أنا حزین أوي على اللي أحنا فيه، أنا كان نفسي نبقى عیلة مع بعض، مش ابقى عارف إن مراتي الوقت في حضن أخویا، وھما عارفین أني معاكي وكله ساكت، طبعًا العیال مش بتحس بحاجة، لأنھم مركزین في الشغل وبس. ظلت تنظر له بھدوء، ثم ھتفت برقة ودلال: بحبك ألتفت إلیھا یوسف ثم ھتف قائلًا بحنان لم یكن سوى معھا ھي فقط: وأنا كمان. في ڤیلا أحمد القناوي في غرفة في أسفل الڤیلا تجلس مروه بین أحضان عیسى بشكل مقزز ھتفت مروة بھدوء ودلال زاید: ألا قولي یا عیسى، البضاعة فین؟ نظر لھا عیسى بجدیة وھي بین ذراعیه، ثم ھتف قائلًا بھدوء: معایا في المخزن ھتفت ھي قائلة بسرعة وجدیة: طیب یا عیسى، أحنا لازم نطلع البضاعة دي ونبیعھا في أسرع وقت وناخد الفلوس بقى. نظر لھا عیسى بجدیة وسخریة، ثم ھتف قائلًا: على أساس إنك مستنیة الفلوس تجیبي أكل ولبس، في أيه یا مروة مالك؟ محسساني أن الفلوس ناقصة معاكي أوي ليه كده؟ أومال لو مكنتیش بتصرفي كل یوم أكتر من ٥ تلاف جنیه لبس وأكل وسجایر وخروج والذي منه، ھو أنتِ مفكرة أيه؟ أني معرفش أنك بتصرفي كتیر ولا أنتِ خلاص الطمع عمى عنیكي، ومبقتیش شایفة في الدنیا كلھا غیر الفلوس وبس. ھتفت مروة بسرعة وتحدي وغضب: ومین اللي علمني أن الفلوس ھي أھم حاجة في الدنیا؟ مش أنت لما أبوك قالك أنت لازم تتجوز نھى، قومت قايله سمعًا وطاعة، عشان أيه؟ مش علشان خاطر الفلوس لما جتني یومھا وقابلتني وقلتلي أننا لازم نضحي عشان الفلوس، وأنا كنت حامل في جاسر، كان أيه؟ مش قلتلي أكتبيه باسم یوسف وھو مش ھيقول حاجة عشان ھیتجوزك ویتخلى عن حب عمره، برضه عشان الفلوس، مش دي كانت أھم حاجة عندك أنك تاكل كل یوم أكل شكل ومن مطعم شكل واللي نفسك فیه، وتغیر كل شویه لبس، ویبقى عندك كل حاجة، وأھو ادینا كلنا وصلنا للفلوس، بس عمرنا ما وصلنا لراحة البال والراحة النفسیة، عارف ليه؟ عشان خایفین، خایفین العیال تعرف، خایفین الفلوس تخلص، خایفین یتقبض على حد فینا في لحظة، خایفین على كل حاجة عملناھا، وھي دي عیشة الفلوس الحرام. قلتلك زمان بلاش، بلاش تتجوزھا وتوافق وتعالى احنا نتجوز إن شاء ﷲ نعیشھا بدقة، قلتلي أنا معرفش أعیش كده، فاكر ولا نسیت؟ نظر لھا بغضب وحزن داخلي، ثم ھتف: فعلًا أنا اللي ضیعت كل حاجة من أیدي، ویا ریتني كنت بدأت مشروع صغیر ولا أي شركة وأتجوزتك، وكتبت جاسر باسمي، ومكنش كل دا حصل. نظرت له بعتاب، ثم ھتفت قائلة في حزن: أھو خلاص اللي حصل حصل في فیلا القناوي وتحدیدًا في غرفة أحمد یجلس مع زوجته أحمد بجدیة: أومال مالك كده یا سھى؟ بقالك مدة مش مظبوطة. ھتفت سھى بحزن: ھتفضل مخبین لحد أمتى على العیال أنھم عندھم أخوات؟ ھتفضل رامي العیال دي لحد أمتى؟ نظر لھا أحمد بحزن وجدية، ثم ھتف قائلًا: أنتِ شایفة أنھم كده مرمین؟ دول عایشین أحسن عیشة یمكن أحسن من اللي ھنا عایشنھا، أنا مكنش ینفع أخدھم معایا، كده صح. نظرت له سھي بقوة، ثم ھتفت قائلة بحزن وقوة: وليه عملت كده؟ ليه اتمسكت بالفلوس وما اتمسكتش بیھم؟ نظر لھا بحزن عمیق داخلي، ثم ھتف قائلًا بقوة: عشان الفلوس دي ھي اللي عاملة عیلة القناوي، أحنا من غیرھا ولا حاجة، احنا من غیر القوة والفلوس ولاحاجة، فھمتي؟ بقولك ايه أقلعي توب الھدوء دا والنبي عشان أنتِ أصلًا ملكیش في الجو دا، ومتعرفیش الحلال من الحرام، یعني كل دا بالنسبة لیكي عادي، ولا أنتِ جایة تمثلي عليا؟ ولا ايه النظام؟ نظرت له بحزن، ثم ھتفت بھدوء: حزنت أوي على كل اللي أحنا فیھ، بس ھقول أيه أنت السبب، أنت اللي خلتني أسیب الراجل اللي بحبه واجري وراك وورا الفلوس، ویا ریت سبت الست اللي حبتك وأتجوزتھا، دا أنت رمیتھا، أنت أيه یا أخي شیطان على ھیئة بني آدم؟ ظل ینظر لھا بقوة وحزن، ثم ھتف بسرعة وندم ونبرة عالیة قاسیة: أنا غلطت في كل حاجة، وأنتو أيه محدش فیكم جري ورا الفلوس؟ كلكم جریتوا ورا الفلوس، محدش أحسن من حد. نظرت له بقوة، ثم قالت: لا محدش أحسن من حد، كلنا أزبل من بعض، أرتحت كده. ھتف ھو في حزن: أه، ارتحت. في غرفة سیدرا تجلس على سریرھا وھي تمسك بھاتفھا وتتحدث بھدوء ونبرة منخفضة سیدرا: طیب یا مازن، أنت شایف إنك ھتعمل أيه أو أيه الصح؟ ھتف مازن بحزن: مش عارف، بس ھنشوفھم بس وبعد كده نحدد. تفوھت سیدرا بحزن: طب وليه ترفض یا مازن؟ ھتف مازن في حزن: عشان مبحبھاش یا سیدرا. ھتفت سیدرا: وليه لا؟ أكید أھلك جایبين واحدة محترمة وكویسة وبنت ناس، ومن عيلة محترمة، فليه لا؟ ھتف مازن في حزن وھو یجاھد أن یسیطر على دموعه كي لا تھبط: أنا مش عایز، أنا حر. سیدرا بحزن: مازن ھو مش أحنا أصحاب وبس؟ مازن بھدء: أه صحاب وبس. سیدرا: یعني عمرك ما ھتفكر فیا صح؟ ھتف مازن بسرعة وحزن: لا، أنا فكرت، وفكرت فیكي كتیر، بس أھلي مش ھیوافقوا ولا أھلك، أنا أه حبیتك، بس مش عارف ھجیبھا لهم إزاي ولا ھعمل أيه؟ سیدرا بحزن: أنا عارفة أن موضوعنا صعب، وعارفة أن عمرك ما هتفكر في واحدة أنت عارف كویس اوي ھي عملت ايه قبل كده، وعارف عنھا حاجات كتیر مش كویسة فمستحیل تفكر فیا، بس أنا راضیة أننا نفضل صحاب مش معترضة. ظل مازن صامتًا حتى ھتف بحزن، وھو یحاول أن یفھمھا أنها ليست المشكلة وأنه یثق بھا وھو مدرك أن ما حدث ھو غلطة ولا تعتاد علیه، والدلیل على ذلك أنھا رفضت أن یقترب منھا أو یتجاوز معھا في الحدیث، فھو له نظرة في من أمامه فھو یدرك كیف یعرف البنت من شكلھا وأسلوبھا في الحدیث، فأدرك أنھا نادمة. ھتف مازن وھو تائه: بصي یا سیدرا، أنا معندیش مشكلة في اللي أنتِ عملتيه، ليه؟ لأني أتعاملت معاكي، وعرفت أن دي كانت غلطة مش أكتر، وأن انتِ مش عایزة تعملي كده تاني، وأنا واثق فیكي وھبتدي حسابي معاكي من یوم ما عرفتك، مش من قبل، ویوم ما عرفتك كان الموضوع دا خلص. ظلت صامتة، ثم ھتفت في حزن: وأنا مش عایزاك تفكر فیا أكتر من صاحبة، على الأقل الوقت، شوف أنت بس موضوع العروسة، دا وبعد كده قولي عملت أيه. أغلقت سیدرا معه الفون وھي تنھار من البكاء حرفیًا، فھي شعرت معه بحنان وأمان، فھو دائمًا ینصحھا ویعرفھا الصح من الخطأ، فھو دائمًا بجانبھا یتحدث معھا عن أمور دینھا، فھو دائمًا یعذرھا فیما فعلت؛ لأن عائلتھا لا تساعد أحد على أن یكون أحد منھم جيدًا. ظلت سیدرا تجلس على سریرھا، تنظر إلى السماء وھي تبكي وتفكر، ھل سیبقى لواحدة أخرى؟ ھل ھو سیحبھا؟ ھل ھي تستاھل شخص مثل مازن؟ ظلت تفكر وتفكر ولا تعرف ماذا ستفعل فھي ارتاحت معه إلى حد كبیر.