Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الثالث

جلست نعمة تبكي بكاء زائف وهي تنظر إلى باب المطبخ وتعلو شهقاتها حتى تسمعها والدتها. جاءت عايدة بسرعة قالت بخوف: -مالك يا نعمة بتعيطي كده ليه؟ حصل حاجة؟! قالت نعمة ببكاء: -لا محصلش حاجة.. زهقانة ياماما.. بقالي سنة قاعدة في البيت بعد ما خلصت جامعة وكل أصحابي إللي في سني اتجوزوا وأنا لسه متخطبتش حتى، هلاقي فين في الزمن ده شاب كويس ومحترم وإحنا عارفينه كويس وبابا يكون مرتاح له ويطمن عليا معايا ويكون أمين زي سعد كدا. تعجبت عايدة من ذكر اسم سعد؟ ولكن قالت بفرح: -هو سعد.. قومي اغسلي وشك يا حبيبتي وادخلي أوضتك وأنا شوية كده وهجيلك.. أنا هطلع عند خالتك نجوى شوية وجايالك ومش هتاخر. صعدت عايدة لشقة نجوى تخبرها بما دار بينها وبين نعمة. قالت نجوى بترحاب: -هو إحنا نطول نناسب الحاج صالح.. دي نعمة زينة البنات.. بس أنا خايفة إن الحاج ما يوافقش اكمننا مش قد المقام. قالت عايدة بأسف: -أخس عليكي.. متقوليش كده ده الحاج بيعتبر سعد هو ابنه الكبير، ومش هنلاقي أحسن منه لنعمة بنتي. -يبقى على بركة الله أنا هفاتح سعد النهاردة لما يجي من الشغل، ولو في أي جديد هقولك.. ده أنا بتمنى نعمة من زمان تكون من نصيب سعد. ليلًا.. صعدت نعمة في الخفاء ليلًا إلى شقة سعد ووالدته..بعدما علمت بأن الخالة نجوى ستفاتح سعد اليوم في موضوع زواجهما. أكلها الفضول لتعرف ما رأي سعد بشأنها. ظلت تنظر يمينًا ويسارًا حتى وصلت إلى باب الشقة. وضعت أذنها على الباب لتسمع ما رد سعد بخصوصها وما رأيه بالزواج منها. ولكن سمعت ما لا تريده سعد قائلًا: -لا يا ماما.. نعمة مين إللي أتجوزها.. دي زي أختي بالظبط، وأنا كمان ما بحبهاش ولا عمري فكرت فيها بأي صفة غير أنها بنت الحاج صالح وزي أختي، وأنا مش هتجوزها لمجرد أنها هي بنت الحاج صالح وبعدين في ألف واحد غيري يتمناها؛ لأني مش بحبها. ردت نجوي بغضب: -اومال بتحب مين يا ابن بطني؟ توتر سعد، ولا مجال للفرار الآن وقال: -بصراحة بقى أنا بخبي من زمان.. أنا مش بحب نعمة.. أنا بحب أختها هنا وعايز أتجوزها..لحد دلوقتي ماصارحتهاش خالص بس خلاص أنا هقولها ولوهي بتحبني.. هطلب إيديها من الحاج صالح..أرجوكِ يا أمي..ما تفتحيش معايا موضوع نعمة ده خالص لأني مش هفكر فيها أصلًا. كتمت نعمة شهقاتها ونزلت سريعًا إلي شقتها ثم إلى غرفتها وتدثرت في سريرها، تبكي بحرقة وهي تزعم فعل أشياء لا تمت بالخير بصلة بسبب رفض سعد لها. الشعور بالرفض -خاصة العاطفي- أحد أكبر المشاعر سلبية للرجال والنساء على حد سواء، وإن كان قد حدث معك من قبل فأنت لست وحدك، فهو شديد الشيوع، لكن الشعور بالرفض من قبل شخص تحبه بعد أن تُظهر رغبتك في الارتباط به هو أمر قاسٍ، قد يصيبك بهزة نفسية تجعلك تفقد الثقة بذاتك، وبصفتنا أشخاصًا كبارًا فإننا سنواجه الرفض في حياتنا بأشكال مختلفة، فتارة سيتم رفضنا لمرات عدة، وأخرى سنرفض فيها الآخرين، فالرفض من سنن الحياة، مؤلم أجل، لكنه حتمي. مرت امتحانات هنا سريعًا وجرح نعمة يلتهب أكثر.. الغضب الأعمى يسيطر عليها، عزمت أن تحرق الأخضر واليابس. اليوم هو آخر يوم لهنا في امتحاناتها وقرر سعد أن يعترف لها بحبه. -مالك يا سعد؟ وقفت العربية ليه؟ خليني أروح وأنام، أنا ما صدقت خلصت امتحانات. تحشرجت الحروف في فم سعد، ولكن لابد أن يغتنم الفرصة اليوم فقال بتوتر: -بصراحة عايز أقولك على حاجة محبوسة في قلبي بقالي سنين.. أنا استنيت اليوم ده من سنين طويلة.. استنيت إنك تخلصي امتحانات علشان مكنش معطلك بس خلاص صبري نفذ ولازم أصارحك النهارده. أيعقل إنه يتحدث عن حبه لها؟، مهلًا ماذا إذا صارحني! ماذا أقول؟ ماذا أفعل؟ ثم تابع سعد قائلًا وهو يحاول استجماع طاقته: -بصراحة يا هنا من غير لف ولا دوران.. أنا بحبك.. من أول ما شوفتك وأنا بحبك.. سنين طويلة وأنا بحاول أحارب الشعور ده عشان أنتِ بنت الراجل إللي وقف جنبنا في أصعب أوقات حياتنا.. أنا مش عايز منك حاجة، كل إللي عايزة لو بتبادليني نفس الشعور يبقى هطلبك على طول من والدك ولو لا يبقى مش هعترض طريقك وهفضل أحبك لحد آخر يوم في عمري لأن قلبي مدقش غير ليكِ.. بحبك حب بريء. ثم أكمل بصدق: -هنا أنا فضلت معاكي من أول الثانوية العامة لحد ما خلصتِ جامعة.. بحافظ عليكِ أكتر من أمي.. أي حاجة تحصل في حياتك من ساعة ما جيت هنا كنت لازم أكون جزء منها.. فاكرة لما كنت بمنعك إنك تكلمي أي زميل لكِ في الكلية وأنتِ كنت مفكرة إن والدك مديني تعليمات بكدا، بس لا أنا كنت بغير عليكِ من أي حد.. حتى لما كنتِ بتتأخري كنت بسيب كل إللي ورايا علشانك. ثم تابع بحب: -من ساعة ما جيت عند الحاج صالح وأنا حسيت إنك مسؤوليتي لحد ما أقنعت والدك إني لازم أوصلك وأجيبك كل يوم مع إن نعمة أختك كانت في الكلية برضه بس أنا حسيت إن لازم أكون جنبك على طول، والحمد لله بسبب الموقف اللي حصلك لما كان واحد بيعاكسك وكده في الشارع ومعرفتيش تتصرفي معاه وأنا أنقذتك منه لأني كنت براقبك ودخلتِ المستشفى، ساعتها الحاج وافق إني أوصلك وأكون جنبك ودي كانت أعظم فرصة جاتلي.. تحسي إن بسبب الموقف ده قربت منك أكتر، أنا مش عايز حاجة غير إن أنتِ توافقي.. وبالنسبة لفرق التعليم اللي ما بينا، هجتهد وهكمل تعليمي علشان أكون من مستواكي.. فكري براحتك من هنا لحد نتيجة الامتحانات وساعتها نتقابل تاني وتقوليلي رأيك ايه.

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514