طرق سعد على شقة الحاج صالح. فتحت له فتاة في ال ١٨ من عمرها في الثانوية العامة. حمحم سعد بإحراج وقال: -أنا آسف بس كنت عايز الحاج صالح في موضوع. -مين حضرتك؟ استنى خليني أخمن، انت جارنا الجديد صح؟! أومأ برأسه بإحراج وهو يحيد بنظره عنها، ولكن يختلس النظر إليها بطرف عينه. حتى جاء الحاج صالح قائلا: -تعالى يا سعد يا ابني، دي بنتي هنا. -أنا آسف يا حج على الإزعاج بس كنت عايزك في موضوع. -طيب اتفضل يا ابني، مش هنتكلم على الباب. -أعذرني يا حاج هكون مرتاح هنا؛ هما كلمتين وبس بصراحة حضرتك عارف إني معنديش دخل دلوقتي يعني لو تعرف أو مش هتقل على حضرتك لو لقيت شغل قدامك ليا أبقى شاكر جدًا ليك، أنا عارف إنه بتقل عليك ومعرفش حد هنا ممكن يساعدني، أنا معايا ثانوية عامة بس مكملتش لظروف. ربت الحاج صالح على كتفه بحنان وقال: -حاضر بعد الغدا يحلها المولى. على الغداء..اجتمعت العائلة على سفرة ممتلئة بما لذ وطاب وبالخير والبركة تعرفت العائلة على بعضها البعض وحكت لهم نجوى قصتها والظلم الذي تعرضت له من قبل عائلتها. ردت عايدة بتأثر: -متحمليش هم يا نجوى يا أختي، إحنا معاكي ومن النهاردة هعتبرك أختي وسعد ابني، أنا قلبي ارتاحلكم، وإحساسي ميخونيش أبدًا. -فعلًا يا أم نعمة، الناس الطيبين بتبان من أول نظرة وإحنا خلاص أكلنا عيش وملح مع بعض يعني بقينا أهل، وبالنسبة للموضوع إللي كلمتني عنه يا سعد اتحل الحمد لله، السوبرماركت إللي على أول الشارع عايز حد يمسك المحل وحساباته، صاحب المحل راجل طيب وأنا كلمته عليك وإني أضمنك، وربنا يقدم إللي فيه الخير. شكره سعد بإحراج شديد لكرمه وعطفه الزائد عليهم. ليلًا في غرفة البنات... -ايه رأيك في سعد يا هنا؟، شوفتي كان بيبصلي ازاي على الغدا، شكله معجب بيا. رفعت هنا رأسها من على مكتبها قائلة: -يا بنتي هو لحق يعجب بيكي! ده الشاب فضل مركز في طبقه ومرفعش عينه أصلًا من عليه، شكلك عندك فراغ عاطفي. -اسكتي أنتِ يا أم ثانوية عامة، حتى لو مأعُجبش دلوقتي هخليه يعجب بعدين، بصراحة الشاب رياضي وعنده عضلات وطويل وحلو وأمه كويسة، ملهوش حد يعني مفيش حد هيقرفني ولا هيطلع عيني، لازم أخليه يحبني ونتجوز. رجعت هنا إلى مذاكرتها قائلة: -روحي نامي يا نعمة عندك جامعة بكره، وسيبني أخلص إللي ورايا. استمرت الحياة كما يشاء الجميع وسط أمنيات، استقرار، حب، ود. -أوف بقى أنا بقالي ٤ سنين بجري وراه، مش عايز يحس بيا ولا باهتمامي بيه ولا بأمه. كانت هنا تحضر حقيبتها لتذهب إلى الجامعة، نعم فقد مرت أربع سنوات على مكوث سعد مع تلك العائلة، تغير الحال وأصبح أفضل بوجود سند له. أحبه الجميع في المنطقة وكان خدومًا بما يكفي ليعتمد عليه الحاج صالح في أي عمل هام وعاجل، جعله ابن اكبر له لأن ولده مروان صغير وخبرته في الحياة قليلة. اعتمد عليه الحاج صالح كثيرًا وجعله محل ثقة ويؤتمن على بناته وعرضه، وكان سعد يخاف عليهن أكثر من والدته لأنهن أمانة، وهو أكثر شخص يحافظ على أمانة الحاج صالح. -اسمعي يا نعمة، أنا قلت لك لو هو عايزك هيجي يطلبك من بابا وكفاية بقى تلزيق فيه لحد كده، وعلى فكرة بقيتي أوفر أوي هو أكيد ملاحظ افعالك دي، طلعيه بقى من دماغك يا شيخة. ضربتها نعمة على رأسها وقالت بقلق: -بحبه يا هنا، بقالي سنين بحبه وهو ولا هنا.. مهتم بيكي وبالثانوية العامة بتاعتك وبقى دلوقتي مهتم بالجامعة وإنك في آخر سنة وبمذاكرتك.. وأنا قاعدة ولا أكني موجودة لدرجة شكيت إنه بيحبك أنتِ. توترت هنا كثيرًا وهي تتذكر تلميحاته وخوفه الزائد عليها وحرصه الشديد على ملابسها ومدى احتشامها ووسعها، حتى لا ينكشف جسدها وحجابها المستور وأنه يوصيها كل يوم بعدم الحديث مع ي زميل في الجامعة وتضع حدود مع أي غريب وأنه يقوم بتوصيلها صباحًا وعندما تخرج يكون في انتظارها بعدما استأذن من الحاج صالح بأن هنا تكون مسئوليته لصغر سنها وخجلها المتعارف عليه، وأنها تتوتر كثيرًا في بعض المواقف مما جعلها عُرضة للمتاعب. لا تنسى أبدًا شجاره معها عندما شاهدها تتحدث مع زميل لها وخصامه لها مع أنها أقسمت له أنها المرة الأولى، وأنها لم تتفوه بأي حرف عندما كان يسألها عن شيء بخصوص المحاضرات. استمر خصامهما أسبوع كامل، حتى أنها لم تتحمل معاملته الجافة.. فبكت أمامه فاعترف لها بأنه يغير عليها كثيرًا ولم يتحدث أكثر من ذلك. -روحتي فين؟، مش بتكلم معاكي أنا! -مفيش حاجة، أنا هلحق اروح المحاضرة، علشان سعد مستنيني تحت.. سلام. تأففت نعمة ثم لمعت في ذهنها فكرة خطيرة لتوقع سعد فريسة في شباكها. كانت هنا تجلس بجوار سعد مشتتة بسبب حديث نعمة معها، أيعقل أن سعد يحبها هي؟ ولكن لماذا لا يعترف لها؟ قطع شرودها صوت سعد قائلًا: -مالك ياهنا سرحانة في ايه؟ -مفيش حاجة، بقولك ايه يا سعد، النهارده هتأأخر شوية لأن هنتفق على مشروع التخرج، أنت عارف أني آخر سنة في الجامعة ويدوب نلحق نخلصه، وعلشان معطلكش عن شغلك، أنا هروح لوحدي النهارده. اعترض سعد وبشدة قائلًا بحنان: -مفيش عطلة ولا حاجة، لما تخلصي ابعتيلي قبلها وهجيلك هوا، أنا معنديش أغلى منك يا هنا. ثم تابع في سره: -الجامعة قربت تخلص وساعتها أقدر أصارحك بحبي ليكي يا هنا، وأني بحبك من أول يوم شوفتك فيه من سنين فاتوا، وكنت مانع نفسي أني أقولك بحبك بس خلاص مش قادر أخبي أكتر من كدا.