Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل السادس عشر

نزلت للأسفل، وجدت السيد باسكال يحتسي القهوة في الحديقة. باسكال : اجلس معي لنتحدث قليلاً، منذ أيام وأنت تهرب مني. أنا : لا أهرب منك. باسكال : حسناً، لا بأس. أنا : المعذرة، كنت أود الخروج لشم الهواء وتغيير الجو. باسكال : حسناً، مثلما تريد. أنا : شكراً، أستأذنك. باسكال : اقترب أريد إعطائك شيئاً. أنا : (اقتربت نحوه) نعم؟ باسكال : (أعطاني رسالة صغيرة) هذه رسالة وأنا من كتبتها لك. أنا : حسناً، سأقرأها قبل أن أخرج. باسكال : لا، ليس الآن. أنا : متى يمكنني ذلك؟ باسكال : حين تغادر هذا البيت، ولا أقصد بذلك عندما تخرج وتبعد قليلاً. أنا : لا أفهم؟ ماذا تقصد؟ باسكال : يعني عندما تذهب لبلد أخرى أو لمكان آخر غير هذا.. وحين تتذكرني عندما أكون بعيدا عنك. أنا : حسناً، سأحاول ألا أفتحها حتى يحين ذلك الوقت. باسكال : وعد. أنا : وعد. (خبأتها في جيب سترتي، كي لا أضيعها) خرجت وكان الجو بارداً، وكان هناك مطر خفيف ينزل فوق كتفي، تمشيت كثيراً حتى تبللت، لم أكن قادراً على التوقف ولو قليلاً، كنت موجوعاً ولا أعلم إلى أين أتجه، وإلى أين سأصل.. هذا الوضع الذي وصلت له لم أكن أتصوره بحياتي، كنت شخصاً عادياً وكانت لدي أحلام لكنها ماتت وأصبحت شخصاً مكسوراً.. أستطيع الهرب من الكل، لكن كيف سأهرب من نفسي.. كيف سأهرب مني. لا أعلم إن كان ما سأفعله صائباً أم لا، لكن الحياة لم تترك لي خياراً آخر أو طريق آخر، أعطتني طريقين أسوء من بعضهم البعض، والطريق الذي اخترته بدا لي أنه أصوب من الطريق الآخر والأيام الآتية ستقرر ذلك. تجولت كثيراً في الأزقة والشوارع، عادة ما أتجول وأدور عندما أكون محبطاً، عندما لا أجد مكان آمن ألجأ إليه. رجعت للبيت في وقت متأخر من الليل، حاولت الصعود للغرفة بهدوء. دخلت للغرفة وجدت السيد باسكال في انتظاري.. إنها المرة الأولى التي انتظرني فيها بهذه الطريقة.. لا بد وأنه يريد أن يخبرني بشيء. أنا : مساء الخير. باسكال : مساء الخير. أنا : لا زلت مستيقظاً؟ هل تريد شيء ما؟ باسكال : و في نظرك ماذا سأريد؟ أنا : (مندهشاً) لا أعلم، تريد سؤالي، أم تريد قول شيء ما، أو الاطمئنان علي؟ باسكال : الرسالة؟ أين هي الرسالة؟ أنا : هنا في جيب سترتي. باسكال : هل قرأتها؟ أنا : لا لقد وعدتك بألا أقرأها.. انتابني فضول كبير اتجاهها لكني وعدتك. باسكال : حسناً. أنا : هل هذا كل شيء؟ باسكال : إذا كنت تريد أي مساعدة فأنا موجود دائماً. أنا : شكراً. باسكال : طابت ليلتك. أنا : ليلة سعيدة. (كانت نظراته إلي غريبة بعض الشيء، لم تكن مثل المعتاد، كلماته غير مفهومة قليلاً، حتى نبرة صوته كانت قاسية بعض الشيء، لا أعتقد أنه عرف شيئاً بخصوصي لأنه لو كان يعرف لكان الوضع مختلفا..) نمت بعد عناء طويل لأن يوم الغد سيكون هو اليوم الذي سأرتاح فيه، نمت لأنني سأتخلص من بقايا شبح الماضي الذي يطاردني، نمت لأن يوم الغد سيكون طويل علي. نهضت صباحاً ونزلت للأسفل. أنا : صباح الخير. باسكال : صباح الخير. الأم ماريا : صباح الخير. (تناولنا الفطور) باسكال : ماذا ستفعل هذا اليوم؟ سوف تخرج أم سوف تظل هنا في البيت؟ أنا : لا أعلم إلى أين سأذهب.. باسكال : هل أنت ضائع؟ أنا : نعم، إنني ضائع. باسكال : و ما الذي ضيعك؟ أنا : الوضع الذي أنا فيه وفقدان ذاكرتي. باسكال : أعلم أن هذا صعباً عليك، وأقدر دائماً هذا وأقول لك دائماً أنني سأكون موجود لمساعدتك ولكي أستطيع مساعدتك يجب عليك أن تخبرني أولاً ماذا يحدث لك. أنا : أنت تعرف كل شيء، وتعرف ماذا حدث لي حتى قبل أن أعرف أنا.. باسكال : حسناً كما تريد، بالإذن. أنا : شكراً. (خرجت للحديقة قليلاً، كنت أنتظر إتصال حيدر..) رن هاتفي. حيدر : مرحباً. أنا : مرحباً. حيدر: سيكون كل شيء جاهز هذه الليلة. أنا : حسناً.. الساعة؟ حيدر : الساعة العاشرة مساءً، أين ستكون حينها؟ أنا : سأكون في الخارج بانتظارك. حيدر : حسناً، إني أثق بك. أنا : ليس لي أو لك خيار في ذلك. حيدر : حسناً، إلى اللقاء. (صعدت فوراً للغرفة، فكرت كثيراً فيما سأفعله، وفي خطة تساعدني على الخروج في ذلك الوقت.. لكن قبل ذلك لدي غرض في الخارج وسأخرج لأقضيه) خرجت ولأول مرة أشعر فيها بشيء غريب، شعرت بالسكينة والاطمئنان. (هذا شعور غريب، ليس سهل أن يحس به شخص مثلي أنا، لقد عانيت كثيراً وفقدت نفسي، لم أكن أعرفني، وكل مرة كنت أكتشف شيء جديد في نفسي.. كنت ملاحقاً طوال حياتي وفي أي مكان، وكم من مرة كنت أرجع فيها للبيت راكضاً لأني لمحت شخصاً يتبعني، وكم من مرة تم إختطافي من بين كل الناس) قضيت الغرض ورجعت فوراً للمنزل، كان الوقت يمر طويلاً وبطيئاً، كنت أحسب الساعات، الدقائق، والثواني كي انتهي من هذا العذاب الذي يمزقني.. تلك الساعة أنتظرها بفارغ الصبر لأنها بالنسبة لي ليست ساعة فقط بل عمراً كاملاً. وصلت الساعة الثامنة مساء، جهزت نفسي لأخرج.. (نزلت للأسفل) باسكال : هل ستخرج؟ أنا : نعم، أريد المشي قليلاً. باسكال : حسناً. أنا : لا تنتظرني، سأتأخر قليلاً في الخارج. باسكال : حسناً، استمتع بوقتك. أنا : شكراً.. وداعاً. باسكال، وداعاً؟ الوداع يعني أنك لم تعد تريد أن تراني مرة أخرى. أنا : لا، لم أقصد هذا، أقصد أمسية طيبة. باسكال : (يبتسم) حسناً.. أمسية طيبة. (عانقته) لأنها المرة الأخيرة، المرة الأخيرة التي سيراني فيها، المرة الأخيرة التي لا زال يحبني فيها، المرة الأخيرة من كل شعور جميل يكنه لي.. بعدما خرجت غلبتني الدموع، انهرت باكياً، وقعت على الأرض من كثرة ضعفي وقلة حيلتي.. لكني أدركت في الحال أن هذا الوقت تحديداً ليس الوقت المناسب كي أضعف.. مسحت دموعي رغماً عني ونهضت، رفعت رأسي للأعلى وأغمضت عيناي، اتنفس بهدوء.. جمعت أشلائي المكسورة وقسوت على قلبي ومشيت في طريقي.. (اِتصل بي حيدر..) حيدر : أين أنت؟ أنا : خرجت من المنزل قبل قليل. حيدر : حسناً، سآتي لأخذك بسيارة التاكسي على الساعة العاشرة كما اتفقنا. أنا : حسناً، أين؟ حيدر: سأخذك من المكان الذي أنت فيه، سأتصل بك حينها. ظللت أتجول بشوارع المدينة بحرية لأني سأشتاق لها وسأحرم منها. الرغبة في الإتصال بالسيد باسكال لا تفارقني، اتصلت لأنها المرة الأخيرة التي سيسمعني فيها، المرة الأخيرة التي أستطيع فيها التكلم معه. (اتصل ت به) باسكال : مرحباً. أن ا : مرحباً. باسكال : هل لديك مشكلة؟ أنا : لا، سامحني، أتمنى في يوم ما أن تسامحني، دائماً أخيب ظن الناس التي تحبني، إني أؤدي الناس الذين أحبهم من دون قصد. باسكال : على ماذا سأسامحك؟ أنت لست مذنباً.. أنا : إني كنت سببا في تعاستك، كنت أنا من سببت لك الحزن، إنني كنت شخصاً سيئاً بحقك. باسكال : حسناً، اهدأ.. ارجع للمنزل لنتحدث بهدوء. أنا : على ماذا سنتحدث؟ الآن حان وقت العقاب، من حقك أن ترتاح.. لقد كنت تساعدني دائماً، أشكرك كثيراً.. لو كان بإمكاني فعل شيء آخر لكنت فعلته، سأفعل أي شيء لتكون سعيداً. باسكال : ماذا فعلت أيها الغبي؟ أنا : ما كان علي فعله من زمان. باسكال : هل جننت؟ أنا : وداعاً.. (أقفلت الهاتف وحظرت رقمه) (أكره الوداع وكلمات الوداع ونظرات الوداع، إنه شيء مؤلم حقاً.. مر لا يبلع، يضعفني، يبكيني.. بكونه يأخذ مني أعز الناس على قلبي) وصلت الساعة العاشرة مساءاً. جاء ليأخذني، صعدت للسيارة، وأول ما صعدت حاصرتنا الشرطة من كل مكان ومن كل اتجاه.. لم أكن مندهشاً من ذلك، لأني أنا، أنا من ذهبت إليهم عندما خرجت في الصباح، وهذه كانت خطتهم لإيقاع القاتل الرئيسي، أما أنا فكنت مراقباً طوال هذا اليوم.. حيدر: غبي وطوال حياتك ستظل غبياً، ورطتني وورطت نفسك.. أنا : لكل جريمة عقاب ولكل عقاب جريمة. حيدر : (سلم نفسه، لم يكن لديه حل آخر غير ذلك.. كان محاصراً، اضطر لذلك) أخدتنا الشرطة لقسم التحقيقات، أنا اعترفت مسبقا بكل الجرائم التي ارتكبتها، أما الآن فهو دور حيدر للإعتراف، أتعبهم كثيراً، هذا واضح جدا. كنت وحدي في زنزانة ساكنة، كنت محبوساً بين أربع حيطان، هذا ليس شيئاً غريباً ولا يفرق.. فطوال حياتي وأنا مسجوناً بين جدران قلبي المظلمة، حياتي كلها وأنا أسير في حرب لا يراها شخص سواي.. لا فرق بين السجن وزنزانة روحي. (جلبوا حيدر للزنزانة التي كانت بجانبي) حيدر : هل ارتحت الآن؟ ضميرك مرتاح؟ أنا : نعم، ارتحت كثيراً. حيدر : إني قتل ت الكثير من الناس، لكني فشلت في قتلك.. كان علي قتلك في أول مرة ظهرت فيها بحياتي.. لا أعلم كيف وثقت بك وأنا أعرفك جيداً، اعتقدت أنك تغيرت عندما نجوت من الموت في البحر وفقدت ذاكرتك، لكن الراقص لا ينسى هزة كتفه.. أنا : كنت أعلم أنك أنت المسؤول في وصولي لهذه الحالة، وأنك أنت من حاولت قتلي. حيدر : لكني فشلت دائماً في ذلك، تمكنت مني، أنظر كيف أصبحت حالتي الآن، دمرت مستقبلي. أنا : لا يهمني، اصمت إنك تؤلم رأسي. حيدر : لن أتركك تنعم بالسلام ما دمت حياً، سأقتلك.. حين أخرج سأقتلك.. (لم أكن أبالي بأي كلمة من كلماته، لأنها لا تهمني ولا تخيفني، ماذا سيفعل؟ إنه فعل كل شيء قبل هذا، جعلني مجرماً مثله، وجعلني كذلك أغطي على جرائمه الخبيثة، ابتزني كثيراً.. لقد قتلني وأنا على قيد الحياة. جاء السيد باسكال، وقف أمام الزنزانة التي كنت محتجزاً فيها، متقابلين وبيننا الحواجز، أنا بالداخل وهو بالخارج. ظل صامتاً لدقائق لم أكن أعلم في ماذا يفكر. أنا : هل أخبروك بكل شيء؟ أخبروك بأنني مجرم ويداي ملطختان بالدم؟ باسكال : لست بحاجة لذلك. أعرف كل شيء، كل شيء.. أنا : ماذا تعرف؟ ماذا تقصد؟ باسكال : الرسالة.. أين هي الرسالة؟ أنا : إنها بحوزتي، في جيب سترتي. باسكال : يظهر لي أنك لا زلت لم تقرأها، حسناً، سأتركك لتقرأها. أنا : نعم سأقرأها لكن ليس الآن، الآن أنا أحتاج لك. باسكال : وأنا لا أريدك، لا أريد رؤيتك.. أنا : لا تتركني، لا تكرهني، إنني في أمس الحاجة إليك، كل هذا فعلته لأجلك.. ضحيت بمستقبلي وخاطرت بحياتي من أجلك أنت. (رحل وتركني، وسقطت أنا على الأرض بعد أن كنت واقفاً) إني أتألم كثيراً، خسرت كل شيء والناس يندمون على معرفتهم لي، حتى حيدر المجرم قال لي ذلك، يا لنذالته وحقارته. (أخرجت الرسالة من جيبي، فتحتها، كان مكتوب فيها كالتالي..) "لديك العديد من الخيارات، أنت وضميرك" كان هذا كل شيء مكتوب في الرسالة. إنه يعرف كل شيء، وهذه ليست صدفة، ليست كذلك، اعترف لي بذلك من تلقاء نفسه، لم يكن هدفه مساعدتي، كان يريدني أن أكون بخير للشهادة في المحكمة.. كل شيء مزيف حتى مساعدته ودعمه لي، حياتي كلها مزورة حتى الإنسان الذي وجدته في طريقي الصعبة كان مجرد خيال يتبخر عندما تنفذ الإضاءة. كان له الخيار من الأول بأن يكون صريحاً معي، كان سيكون من الأفضل لو أنه كان واضحاً معي من البداية.. إني في بعض الأحيان كنت لا أقدر على وضع عيوني بعيونه، وفي الليالي الطويلة والمرة مزقني الإحساس بالذنب وعذبني ضميري كثيراً.. لا أحد يعلم كيف مرت علي تلك الليالي البائسة وكم بكيت حينها. جاء الصباح ونقلوني للسجن إلى أن يصدر حكمي وكم هي السنوات التي سأقضيها في هذا السجن، عادة يجب أن يحكم علي بالمؤبد لكني سلمت نفسي واعترفت بكل الجرائم، وساعدتهم كذلك في القبض على حيدر، أظن أنه سيكون هناك تخفيفاً للحكم، لكن لا فرق ولن أنتظر شيئاً، فليكن ما يكن، إني خاسر بأي حال. أعطوني بدلة السجناء لأرتديها، أحقق فيها، أحملها بيدي وأقول، ليست هذه هي البذلة التي كنت أريد ارتدائها، لكنها الحياة، كل شيء ممكن أن يحدث فيها، وفي أي لحظة يمكنها قلب الطاولة عليك.. ارتديتها، كانوا يسألونني عن سبب دخولي للسجن، كنت أحاول تجنب الإجابة على هذا السؤال، ليس لأنني لا أملك جواباً بل لأنني كنت لا أريد التكلم من الأساس. ذهبت للسرير فوراً وظللت مستلقياً طوال النهار، كنت أحاول البقاء وحيداً لأني في الأصل وحيد.. الكل يقترب مني بدافع الفضول أو المصلحة، أظهر للناس مختلفاً وهذا هو السبب الذي يجعلهم يتحدثون معي. شخص واحد لم يستطع فهمي في هذه الدنيا، أشعر في الكثير من الأحيان، أنني غريب وسأظل غريب للأبد. ذهبت للحمام، وعند رجوعي تفقدت الزنزانة ورأيت كيف تسير الأجواء هناك، كانوا مجموعات من الأشخاص مجتمعين، وهناك من كان يجلس وحيداً مثلي، ذهبت فورا لأنام، كنت أريد الغرق في النوم. نمت لكن سرعان ما أتى الصباح، كانوا كل السجناء يتوجهون للخارج، سألت الحارس عن ذلك وأخبرني أنه يوم الزيارة. كنت أعلم أن لا أحد سيسأل عني، لا أحد سيأتي لزيارتي. وأنا جالس، جاء عندي الحارس وأخبرني بأنه لدي زيارة، استغربت لأنه جاء ليزورني.. (ذهبت معه) وجدت السيد باسكال، ومن غيره هو الوحيد، الوحيد الذي لا يتركني حتى لو كنت مخطئاً في حقه. (وصلت لجانبه، كنا واقفين متقابلين وبيننا طاولة) باسكال : أعلم أن هذه الوقفة أنت وراءها جاثياً على ركبتيك في مكان ضيق حزين تتألم وتبكي من الداخل، تتمزق لأشلاء، ووراء كل تلك القوة نقاط ضعف لا يراها أي أحد، أنت ضعيف من الداخل لكنك لا تريد أن تبين ذلك.. وراء كل تلك الأقنعة المزيفة شخص طاهر وصالح. أنا : لقد أتعبتني هذه الحياة بما فيه الكفاية، تحطمت، حرق قلبي حتى بات رماداً، رأيت أشياء لم أكن أريد رؤيتها، وفعلت أشياء لم أكن أريد فعلها، ولكني ولا مرة غدرت بشخص ساعدني.. لكن أنت لم تساعدني ولم تدعمني من تلقاء نفسك أو من فراغ، ساعدتني لأني الشاهد الوحيد على جريمة ابنك، ساعدتني لأنه لم يكن لديك خيار، كان من مصلحتك مساعدتي، أخفيت عني الكثير من الأمور.. كنت تتلذذ عندما كنت تراني أتعذب لأنني لا أتذكر شيئاً. باسكال : نعم أخفيت عنك الكثير من الأشياء، لكن أنت ماذا؟ هل كنت صريحاً معي؟ كنت تخفي عني كل شيء، وعندما كنت أسألك كنت تهرب مني دائماً، لم تكن صريحاً معي ولا يوم بحياتك.. حتى أنك أخفيت عني رجوع ذاكرتك ولقاءاتك بالحقير حيدر، كنت أخبرك دائماً أنني سأكون بجانبك سواء ظالماً أو مظلوماً، لكن أنت ولا مرة طرقت بابي، ولا مرة وثقت بي، وأنا لم أستغلك لمصلحتي الشخصية ولا مرة، إذا كنت في السجن فهذا خطأك ومن تسرعك، أنا لم أقل لك إذهب وسلم نفسك. أنا : إني أتحمل مسؤولية كل أخطائي، لكن أرجوك لا تحاول تبرير مساعدتك لي أنه كذلك. باسكال : نعم، فعلاً.. عندما وجدتك كنت لا أريد تضييعك من يدي لأنها فرصة لا تعوض، كنت متعباً من البحث عنك لكن الأقدار ساقتك إلي، كنت حينها أفكر بمصلحتي فقط لكن عندما عشت معنا في المنزل وعرفتك جيداً وعرفت معدنك الطيب أحببتك، أحببتك مثل إبني الذي لم ألده، ونسيت كل ما كنت أريده منك، وتركتك لترتاح وتنعم بالسلم كي تسترجع ذاكرتك، لم أكن أريد منك شيئاً، كنت أريد فقط أن تكون بخير، لم أكن أعلم أنك ستورط نفسك. أنا : كنت خائفاً منك، لم أكن قادراً على مواجهتك أو على التكلم معك بهذا الخصوص، كنت أظن أنك ستكرهني، وأنت الشخص الوحيد الذي كان بجانبي في الأيام الصعبة، أنت الشخص الوحيد الذي كنت تقلق علي عندما أتأخر في الخارج.. عندما اكتشفت أنني مجرماً خفت كثيراً وهلعت من نفسي، أحياناً كنت أكره مواجهة نفسي حتى، كانت أيام عصيبة. باسكال : وكنت تعيشها وحدك مختبئاً كالفأر في غرفة مظلمة، لم يخطر ببالك ولو لمرة واحدة أن تتشارك معي أحزانك، لكن لا بأس بذلك. أنا : أنت تعرف أنني كنت مجبراً أليس كذلك؟ كنت مجبراً على مسح الآثار كي يثق بي، والمرة الثانية قتلت كي أبقى حياً. باسكال : لا ألومك.. أعلم ذلك جيداً.. الجريمة الأولى ثابتة ودليلها قاطع، لكن الجريمة الثانية وهي قتلك لشخص آخر أشك حيالها وأظن أن الفيديو مفبرك.. بحثت كثيراً في هذه القضية وأظن أنك لم تقتل أحداً، وحيدر حاول تقييدك بهذا.. لقد عرضت الفيديو على المختصين والحقيقة ستظهر. أنا : لم يخطر هذا ببالي بتاتاً. باسكال : نعم هذا وارد لأن عقلك مشوش وكنت فاقد لذاكرتك، والخوف كان منتشراً في داخلك. أنا : هذا يعني أنني لست قاتل؟

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514