عندما تجذب الحياة الأزواج ي متاهة المسئولية اللامتناهية يقصرون في أبسط حقوق من يحبون حتى يصبحون فريسة سهلة لذئاب المجتمع اللاهثة خلف أي فريسة تُركت جوفاء المشاعر منهن من تخضع بمعسول الكلام ومنهن من تأبى السقوط في براثن تلك الذئاب، لذا وجب التنويه لأخذ الحيطة والحذر فلا يوجد هناك أهم منهن. في صباح اليوم التالي كانت في المنزل تتابع أعمالها المنزلية بعد مغادرة زوجها وأبنائها, فإذا بصوت رنين الهاتف يصدح بالمكان لم تكترث هدى في البداية لهذا الاتصال؛ فهي غير معتادة على تلقي الاتصالات على الهاتف الأرضي, لكن عاد الهاتف يرن من جديد، وظل هكذا عدت مرات فاقتربت هدى بضجر لتجيب على هذا الاتصال المزعج، وضعت السماعة على أذنها وكادت تتحدث لتعرف هوية المتصل لكن تجمدت مكانها كالتمثال للحظات عندما سمعت صوته يتسلل الى مسامعها عبر الهاتف، استجمعت شجاعتها مرة أخرى وأنهت المكالمة دون أن تنطق بحرف واحد، ثم عادت لتتابع عملها مرة أخرى فإذا بهاتفها النقال يصدر صوتًا معلنًا عن وصول رسالة. فتحت الرسالة لتجدها من ماهر محتواها (صباح الخير حبيبتي أردت أن أسمع صوتك كي يكتمل صباحي، ولكنكِ حرمتني من سماع صوتك كما حرمتني من لقاءك، هدى أنا لازلت أحبك حتى الآن، ولا أستطيع التوقف عن التفكير بكِ حاولت مرارًا وتكرارًا لكني فشلت). صُدِمَتْ هدى بعد رؤيتها لتلك الرسالة من جرأته فلقد تخطى بتلك الرسالة كل الحدود، كيف يجرؤ على إرسال تلك الرسالة؟ ألهذه الدرجة يراها بهذا الرُخص؟ تساؤلات عديدة كانت تدور بعقلها وهي تحترق غيظًا من هذا التصرف، بعد مرور عدة أيام كان ماهر يحاصرها فيها فلقد كان يرسل لها باقة ورد يوميًا مصحوبة بخطاب صغير كالمراهقين، وكان يتصل بها يوميًا عدة مرات من أرقام مختلفة عقدت هدى العزم على الاتصال بمحل الزهور الذي يرسل إليها الزهور وبالفعل قامت بالاتصال بهم وطلبت منهم التوقف عن إرسال تلك الزهور التي تسبب لها إزعاج كبير وإلا ستبلغ الشرطة. فاعتذر صاحب المحل منها مخبرًا إياها أنه لا ذنب له في ذلك؛ فطلبت هدى منه أن يخبرها بحقيقة الأمر، وإلا ستضطر لإبلاغ الشرطة، فوجد صاحب المحل أنه لا مفر من |إخبارها بحقيقة الأمر بأن شخصًا ما حضر إلى المحل، وترك مبلغًا من المال وطلب منهم أن يرسل الورد يوميًا إلى هذا العنوان وأن هذا الشخص أخبره أن تلك الزهور لزوجته مما جعلهم ينفذوا ما طلبه منهم هذا الشخص، وهنا تأكدت هدى من صدق حديث ماهر ولكنها زادت حنقًا من تطفل ماهر. استمر الحال هكذا أسبوعًا آخر كان ماهر يلاحقها أينما ذهبت وللصدفة أيضًا زاد الجفاء بين هدى وزوجها "حسام" بعدما انشغل عنها بإبرام إحدى صفقاته التجارية التي سيزيد من خلالها حجم تجارته، مما سهل فتح الباب للشيطان بمنتهى السهولة ليتسلل إلى قلب وعقل هدى فبعدما كانت تحيا سنوات عجاف جاء إليها ماهر ليمطرها معسول الكلام ويغمرها بسيل من المشاعر الجارفة (هكذا زين لها الشيطان المعصية، فدائمًا النفس البشرية تلهث خلف الممنوع لتثبت صحة المقولة الشهيرة الممنوع مرغوب). بدأت هدى تتحدث معه على الهاتف ساعات النهار وتبيت ليلها مستيقظة شاردة في حديث ماهر المعسول؛ فلقد نجح هذا الخبيث في خداعها بإحياء مشاعرها الأنثوية التي اندثرت تحت أنقاض المسئولية والروتين الزوجي الممل. استمر الأمر هكذا بينهما لوقت لا بأس به حيث تلاشت بينهما الحدود والمسافات، وتطور الأمر بينهما إلى أن ماهر أنشأ لها حساب على الفيس بوك بعيدًا عن حسابها الشخصي، حساب خاص بهما فقط ليتسنى لهما إجراء مكالمات الفيديو بمنتهى الأريحية بعيدًا عن الجميع (إنه لمن الطبيعي أن يحدث ذلك في الخفاء فهل السارق يسرق علانيةً أم في الخفاء؟) كانت تتم تلك المكالمات نهارًا جهارًا بعد مغادرة الجميع للمنزل، وفي وقت سابق أيضًا استأجر ماهر "شقة" سكنية مجهزة بإحدى العقارات السكنية ليكتمل مخططه الشيطاني للنهاية ويفوز بمبتغاه. أخذ الشيطان يزين الى أعين هدى الخيانة رويدًا رويدًا بتشجيع من ماهر، فلقد كانت المكالمات تتم بتحفظ في البداية كانت هدى ملتزمة بحجابها، وكان ماهر يغدقها بكلامه المعسول، وتدريجيًا بدأ ماهر يطلب منها أن يراها بدون الحجاب، في البداية رفضت هدى طلبه ولكنها رضخت أمام إلحاحه المستمر في النهاية وتخلت عن الحجاب أثناء مكالمات الفيديو التي كانت تتم بينهما. حتى وإن نجح الشيطان في خداع هدى وزين لها المعصية كان ضميرها يومض بوتيرة ضعيفة داخل قلبها كجندي خرت قواه في معركة ضارية وقرر ألا يستسلم وأن يحارب لآخر أنفاسه. كانت مشاعر هدى تتأرجح بين ما تسمعه من ماهر من كلام معسول يفيض بمشاعر جياشه كانت تفتقدها مع زوجها، وبين حبها لزوجها ففي كل مرة كانت تتحدث فيها مع ماهر كانت تتمنى أن تسمع هذا الكلام من زوجها، تمنت أن تحيا تلك اللحظات مع زوجها حتى وإن كان مشغولًا باستمرار فيعمله وليس لديه الوقت’ فكانت تتمنى أن يقتطع بضعة دقائق من وقته ليحدثها في مكالمة هاتفية يبثها شوقه إليه ويطمئن عليها كل ما كانت تريده أن يُشعرها زوجها أنها ضمن أولوياته واهتماماته، وأنها ليست كم مهمل في المنزل كقطعة ديكورية تكمل جمال المنزل. على الرغم مما كانت تمر به هدى في هذا الصراع من مشاعر متضاربة كان ماهر يُحيك خطته الشيطانية لاستدراج هدى ليحقق مبتغاه منها، ولكنه لم يدرك أن حب هدى له والذي كان بالماضي لم يعد له وجود الآن فلقد احتل زوجها خلجات قلبها بلا هوادة، واستوطن قلبها وروحها ولكن على الرغم من كل هذا الحب إلا أن ماهر نجح بأن يشغل حيز لا بأس به من قلبها لينشطر قلبها في حيرة من أمره بين ماهر الحب العائد من الماضي والذي سبق ورفضته، وبين زوجها التي ذاقت معه كل ألوان الحب والتي بدأت معه حياتها وأسست معه أسرتها الجميلة والتي ينقصها وجود زوجها معهم لتكتمل سعادتهم جميعًا، هذا الزوج الذي أهدته لها الحياة ليزيل أثر هذا الحب الزائف "حب ماهر" من قلبها. كانت هدى تشعر بالوحدة بعد وفاة والديها وزواج صديقتها المقربة وسفرها مع زوجها للخارج، حرمها القدر من نعمة الاخوات فلقد كانت وحيدة والديها، مرت بمرحلة حزن شديدة لم يساعدها زوجها كي تتخطى هذه المرحلة الصعبة؛ بل كان انشغاله سبب رئيسي في انغماسها في هذه العلاقة المحرمة. عاشت هدى هذه المشاعر المضطربة والمتأرجحة تارة تحب الحديث مع ماهر، وتارةً اخرى تشعر بتأنيب الضمير لحديثها معه، ولكن هذا الضمير كان له تأثير ضعيف أمام حضور ماهر الطاغي حتى اختفى رويدًا رويدًا. في صباح أحد الأيام ذهب أبناؤها إلى المدرسة وخرج زوجها متوجهًا إلى عمله، ولم يتبقَ سواها بالمنزل لكن هذا اليوم كانت هدى على غير عادتها فكانت تشعر بالضيق والملل، ولكن قطع هذا الشعور صوت إشعار برسالة على هاتفها النقال ففتحتها بسرعة، وإذ بابتسامة سرعان ما احتلت قسمات وجهها ليتبدل شعورها بالضيق إلى شعور بالسعادة العارمة عندما قرأت كلمات الرسالة المرسلة إليها من ماهر. لم يمهلها ماهر فرصة كي تستعيد ثباتها الانفعالي وقام بإجراء مكالمة فيديو معها، ولم تتردد هدى في قبول هذا الاتصال وبدأ الحديث بينهما فتحدث ماهر برومانسية مصطنعة وابتسامة زائفة تخفي خلفها ذئب ماكر: صباح الخير حبيبتي اشتقت إليكِ كثيرًا، فلم تفارق صورتك خيالي طوال هذا الليل، وكنت أتوسل للشمس أن تشرق كي أطفئ لهيب شوقي إليكِ برؤية عيناكِ. كانت هدى تستمع بوجنتين مخضبتين بحمرة الخجل لكلامه المعسول والذي نجح أن ينقلها من عالم الواقع إلى عالم الخيال، والتي وجدت فيه ما كانت ترجوه متناسية تمامًا أنها لاتزال مرتدية ملابس النوم التي لا يحق لغير زوجها رؤيتها بها، ولكنها انتبهت عندما مدح ماهر جمالها الأخاذ بهذه الثياب قائلًا: ما كل هذا الجمال يا هدى فلقد بدأت أشعر عليكِ بالغيرة من زوجك، فهو يتمتع بكل هذا الجمال، والذي كان لابد أن يكون ملكي أنا لولا أنكِ رفضتِ حبي لكِ في الماضي. تلعثمت هدى وهي تبحث عن حجابها في المكان حولها كي تستر نفسها أمامه، وهي تلعن نفسها وتوبخها كيف تفتح مكالمة الفيديو وهي بهذا المنظر، وكيف سمحت له أن يراها بهذا الوضع. أراد ماهر أن يزيل عنها هذا الحرج وأن يحطم قلاع التحفظ بينهما لكي ينجح ما يخطط له، فإذا استمر تحفظ هدى أمامه لن يستطيع إتمام خطته فتحدث قائلًا: هدى لمَ كل هذا الخجل فأنا ماهر حبيبك، ألست حبيبك الذي أحببتهِ بالماضي؟ كانت كلماته لها وقع السحر عليها، كانت كالمغيبة مسلوبة الإرادة وكأنها تركت عقلها جانبًا وسلمت أمرها لماهر. استمر هذا الوضع عدة أسابيع واستمرت مكالمات الفيديو بينهما ففي كل صباح كان ماهر يتحدث مع هدى ونجح في إزالة خجلها تدريجيًا وأصبح شغل هدى الشاغل كل صباح هو انتقاء ما سترتديه من ملابس أثناء مكالمات الفيديو بينهما إلى أن تطور الأمر بينهما، وطلب ماهر من هدى أن يراها بملابسها التي يراها بها زوجها، في البداية رفضت هدى ولكن بعد توسل ماهر وإلحاحه الشديد رضخت هدى لرغبته، وأصبحت ترتدي ملابسها الخاصة بغرفة نومها، وأصبح ماهر يغدقها بسيل من المشاعر الجارفة، إلى أن جاء يومًا وطلب ماهر من هدى طلبًا غريبًا لم تتوقعه هدى...