Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الخامس عشر

مرت شاهي على صديقتها لتذهبا سويًا إلى العشاء، وعندما وصلتا إلى المطعم العائم الذي يقام به حفل اليوم، شاهدت شمس قصي يجلس على المائدة مع وليد، توقفت ونظرت لصديقتها وقالت: أنتِ مقولتيش ليه إن قصي موجود؟ فأجابتها شاهي ببرود: وأقولك ليه؟!، وبعدين ما طبيعي أنه حيكون موجود، مش صاحب الفندق ولا أنا غلطانة؟ تأففت شمس وقالت: يوووه.. شاهي بلاش الحركات دي، أنا مش عايزة اتعامل مع الراجل ده تاني لو سمحتي، أنا عايزة اخلص شغلي وأخلع على طول . فأجابتها صديقتها: وأنا قلتلك تعملي حاجة، ما براحتك مش عايزة تتكلمي معاه مش مشكلة، اقعدي على الترابيزة وخلاص، وبعدين يا شمس بطلي الشغل البلدي بتاعك ده واتعاملي مع الناس طبيعي حتى لو مش منسجمة معاه، تقبليه لأن ده اللي بتشتغلي معاه، حتى من باب اللياقة . رمقتها شمس بنظرات ساخرة وقالت: شغل بلدي، والله انتوا عالم تافهة، ماشي يا ختي يا بتاعة اللياقة، اتفضلي قدامي لما أشوف اخرتها. وصلت الفتاتان إلى المائدة وبعد الترحاب الذي كان يغلفه بعض التجاهل، شرعوا جميعًا في تناول العشاء، وبدأ تقديم فقرات الحفل، كان قصي يختلس النظرات إليها وهو يفكر هل ما أشعر به مجرد إنجذاب لفتاة لم أقابل مثلها من قبل، نوع جديد لم أصادفه، قد أكون شعرت بالملل ممن حولي فقط، أم أنا على أعتاب حب حقيقي ولا أعلم؟ قرر قصي من داخله أن يعطي لنفسه الفرصة كاملة ليستطيع تحديد مشاعره الحقيقية، وإذا تراءى له أنه قد وقع في غرامها بالفعل لن يسمح لها بالرفض أو الانسحاب، أما هي فكانت تحاول تجاهله تمامًا ومتابعة فقرات الحفل التي أمامها، كانت تشاهده ولكن ذهنها شارد فيما حدث، لم تؤنب نفسها أو تندم على قرارها وتسرعها في إجابته.. لا.. فهي على يقين أن السماء والأرض لن يتلامسا يومًا، وأن الحب يجب أن يسبقه التوافق بين الاثنان.. لذا هي لم تحاول حتى التفكير فيه.. نعم لا تنكر إنجذابها نحوه وتأثيره عليها.. ولكنه مجرد إنجذاب فتاة لرجل مثلما تفعل مع نجوم السينما ليس إلا.. حتى لو شعرت بغير ذلك . أما وليد وشاهي كانا يجلسان يتابعان في صمت، وعندما جاءت فقرة الحفل المعتادة دائمًا في الفنادق، ملكة وملك جمال الفندق . طلب مقدم الحفل من الحضور أن يتقدم من كل دولة زوجين ويصعدوا على المسرح، حتى يتم اختبارهم ومن يحصل على أعلى نسبة تصويت سيكون الفائز . بدأ بعض الضيوف الأجانب بالصعود وخاصة الأزواج حديثي الزواج، ثم قال مقدم الحفل في الميكروفون: وكمان من مصر معانا مستر قصي، والأستاذة شمس، حيمثلوا مصر في المسابقة . حدق قصي بالرجل وقال: ايه التهريج ده؟ مين اللي قاله يعمل كده؟! نكزه وليد في قدمه أسفل المائدة، أما شمس فكادت أن ترفض ولكن شاهي قالت لها: شكلك حيبقى وحش اوي بعد ما اسمك اتنده عليه . رمقت صديقتها بنظرات نارية وقالت: عقبال ما تنده عليكي النداهة يا بعيدة، صحوبية تودي ورا الشمس، ثم نهضت لتصعد بدون حتى أن تلتفت له أو تنتظره، ليتبعها قصي وهو يشعر بأن صديقه يحيك له مؤامرة من نوع خاص . صعد سبعة أزواج على المسرح من ضمنهم قصي وشمس، وبدأت المسابقات بين الجميع، الأولى كانت مسابقة معلومات، نجح بها خمس مجموعات والآخرين غادروا المسرح، والثانية كانت أن يقف كل زوج في مقابل زوجته على مسافة محددة لهم جميعًا وكل منهم يعلق على رقبته شريط ينتهي بسلة ويبدأ كل طرف بقذف الكرة ويجيب أن يصيب المرمى ثم يفعل الطرف الأخر المثل، والمجموعة الفائزة تكون بأن يصبح مجموع الكرات في السلتين معًا أكثر من عشرين . شمس كانت من النوع العنيد الذي لا يقبل الهزيمة، لذا اندمجت تمامًا مع المسابقات بحماسة شديدة واهتمام حتى لا يتغلب عليها أحد، ويبدو أن قصي يحمل نفس الصفة، في فقرة الكرات كانا الاثنان يشعلان الحماس سويًا، وإتقانهم اللعب جعل الحضور يصفق لهما، وعند احتساب النتيجة كان عدد الكرات أكثر من ثلاثين، مما جعل شمس تقفز كطفلة صغيرة عندما ربحت في تلك المسابقة . تبقى ثلاث مجموعات وبدأت المسابقة الثالثة وهي أن يقف كل زوجين أمام بعضهما وينظر كل منهما في عين الأخر بدون كلمة واحدة، ومن يضحك أولًا هو الخاسر . ارتبكت شمس من تلك المسابقة، ولكنها لا تقبل بالخسارة أو الانسحاب، لذا تقدمت نحوه بثبات ووقف الإثنان لا يفصلهما سوى بعض السنتيمرات القليلة، ونظر كل منهما في عين الأخر . في البداية بدت نظراتهما جامدة لا تحمل أي إحساس، ولكن بعد عدة ثواني بدأ قصي يدقق النظر في تفاصيل وجهها، عيناها البنيتان المائلة للون العسل الداكن، لم يلحظ لونهما من قبل، كان بهما بريق مختلف، عينان تتحدثان ليسا بحاجة لشفاه، فهما بمفردهما بهما كل الحديث، وجهها يحمل معان كثيرة.. براءة.. تحدي.. طفولة.. خوف.. شقاوة.. صلابة، العديد والعديد، وجنتاها عندما تضحك كانتا كالشمس التي تبزغ لتضيء الظلام، شفتاها الرقيقة التي عندما نظر لهما شعر أنه لو يملكها.. لن يتوقف عن تقبيلها، ظل شاردًأ معاها لا يحتاج للمسابقة حتى يستطيع أن يطيل النظر بدون أن يتحدث، شعر الآن كأنه يراها للمرة الأولى.. هي بالفعل ليست كأي فتاة عرفها من قبل . أما هي فكانت تنظر له وهي تحاول أن تدعي الصلابة والقوة، فقط تنظر أمامها لا يهم من يكون، مجرد شخص عادي، كانت تحدث نفسها قائلة: اعتبري نفسك بتبصي على تمثال، عادي جدًا، ثم بدأت عيناها تحاول ألا تركز على نقطة واحدة في وجهه.. كانت تحاول أن تحرك عيناها باستمرار.. ولكنها تعلقت سريعًا بعينيه: ايه ده.. يخربيت كده، الواد ده عينيه لونها حلو كده ليه، دي لونها ايه.. يالهوووووي يا ختاااااااي.. دي زيتوني.. أموت أنا في الزيتون الأخضر.. ايه العيون السهتانة دي.. عشان كده البنات حتموت عليه.. ولا رموشه في كده يا ربي، مكانش ينفع ابقي بنت شوكت باشا وأقابل الأصناف النظيفة دي.. بدل عّم بعجر بتاع الكشري.. وعم النتن بتاع الكبده.. توب علينا يا رب، وايه ده كمان يخربيت الدقن المرسومة زي دقن روميو، هو في كده.. ينفع كده والنبي ده شعره أحلى من شعري.. ولا عظم خدوده.. الواد ده مينفعش يكون مصري.. المز ده خليط تركي على يوناني على ابوه يعني، اااه لو كنت هبلة شوية وقلت ااه وفرحتلي يومين قبل ما يخلع ويسيبني.. بس حأقول ايه الفقري فقري، وأنا ما شاء الله عليا أعشق النكد زي عينيا.. اه والله . كانت تحدق به وهي تحدث نفسها وقد غفلت تمامًا عن أنه أيضًا يراها، فكانت إيحاءات وجهها غريبة له، تغمز بعينيها.. أو تحرك وجهها بطريقة حاول أن يفهمها ولكن لم يستطع.. استمر الاثنان كلا يسرح بخياله مع عالم الأخر.. يتخيل حياته معه.. وهل ستنجح أم لا؟، إلى أن سمعا صوتًا بجوارهما يقول: مبروك.. الكابل المصري هو اللي فاز بالمسابقة، تصفيقات حادة من الجميع وتهئنة لهما، ثم وجدت شمس فتيات تسوقها خلف المسرح سريعًا وتقدمن لها فستانًا أبيض يشبه فستان الأميرات، وطلبن منها ارتدائه، ووضعن على رأسها تاجًا من الزهور جعل وجهها يضيء بالجمال والرقة، ثم عادت ثانية إلى المسرح لتجد قصي قد ارتدى عباءة كعباءات الملوك وتاجًا على رأسه، وبمجرد صعودها بدأ الاحتفال بهما، وطلب منهما أن يفتتحا الرقص معًا. شعرت شمس بالخجل الشديد، فهي لم تفعل ذلك من قبل، ولن تستطيع، ولكن قصي لم يمنحها فرصة التراجع، تقدم منها وأمسك يدها ووضعها على كتفه ثم وضع اليد الأخرى بيده، ويده الأخرى على خصرها، وبدأ يتراقص معها على أنغام الموسيقى الحالمة.. دقائق وانضم الجميع ومنهم شاهي ووليد . كانت ترتجف وهو يمسك بيدها ويده الأخرى تحتضن خصرها، لا تعلم لما تشعر هكذا في قربه.. وخاصةً عندما يلامسها.. ارتبكت عندما كان يداعب يدها بأنامله، بطريقة جعلتها تشعر بالاستسلام لهذا الإحساس الجميل.. لم تعترض أو تبعد يدها.. بل غرقت معه وسط تلك الأحاسيس . أما هو فكان يشعر كأن الزمن عاد إلى الوراء.. وأصبح مراهقًا من جديد.. يبحث عن لمسة يد.. أو نظرة عين تروي ظمأه.. كما لو كانت هي أول امرأة في حياته.. وكأنه لم يلمس غيرها من قبل.. ولَم يعرف نساء قط.. كأن لمستها لا تقارن مع النساء.. فلمسة واحدة ليدها بنساء العالم أجمع . إحساس جميل لم يختبره من قبل.. نعم هي مختلفة.. نعم هي لا تشبه أحد.. لأنها هي الوحيدة التي استطاعت أن تخترق كل السدود وتصل إلى قلبه، بدون عناء منها . انتهى الحفل وغادر الجميع، ولكن وليد كان قد غادر مبكرًا قبل الجميع حتى يستطيع أن يجهز المكان جيدًا، وقبل أن يرحل أبلغ زوجته أن تذهب مع صديقتها وهو سينهي بعض الأعمال ثم يمر عليها ليعودا سويًا إلى البيت . ذهب وليد إلى غرفة قصي وبدأ يضع كاميرات صغيرة وبعض الميكروفونات في كل مكان، ثم انتظر في الخزانة . في تلك الأثناء كانت حسناء تراقب كل شيء وعندما شاهدت انتهاء الحفل، واستعداد قصي للمغادرة، قررت أن تسبقه على الغرفة، وبالفعل ذهبت إلى هناك، وقامت بتغيير ملابسها لأخرى أكثر إثارة.. تكاد تظنها لا ترتدي شيئًا.. ثم جلست على الفراش في محاولة لإغرائه وانتظرت، كان وليد في الخزانة يشاهد كل شيء وهويحدث نفسه قائلًا: اه يا سافلة.. ده مفيش حياء خالص ولا نيلة.. ايه البنات اللي سايبة على نفسها دي.. الله يكون في عونك يا قصي.. البت مزة.. اللهم أخزيك يا شوشو.. أنا بحب مراتي.. أنا بحب مراتي.. أنا بحب مراتي . عاد قصي إلى غرفته، وبمجرد أن أصبح في الداخل وقف يخلع عنه جاكيت البدلة، ليصل إلى مسامعه صوت نسائي بات يبغضه: اتاخرت اوي يا بيبي، ولا السنيورة خلتك تنسى وعدك ليا . ألتفت قصي نحوها وشاهدها وهي على الفراش في وضع لا يوصف، فوقف بثبات وهي يحل أزرار أكمام القميص قائلًا: اه يا حسناء.. السنيورة خلتني انسى الزبالة اللي هنا في أوضتي، اللي المفروض أجيب دلوقتي الهاوس كيبنج عشان ينظفوا القرف ده . حدقت به في دهشة وقالت: أنت بتقول ايه يا باشا؟ أنت نسيت كلامنا ولا ايه؟! أجابها وهو يعقد يديه على صدره: كلام ايه يا قطة.. اوعي يا بت تكوني فاكرة كلامك الخايب وتهديدك الأهبل خوفني.. لا يا شاطرة مش قصي الدالي اللي واحدة زيك تخوفه، أحسنلك لو عايزة تأكلي عيش تفوقي لنفسك وبلاش تلعبي في عداد عمرك . نهضت حسناء من مكانها وخطت خطوات بطريقة مثيرة في اتجاهها، ثم اقتربت منه ووضعت يدها على صدره وهي تدور حوله حتى أصبحت خلفه، واحتضنته من الخلف وهي تقول: ليه كده يا قصي.. أنت نسيت سونة بالسرعة دي.. قلبك بقا قاسي اوي، معقول مش وحشتك.. معقول مش عايزني تاني . قبض على يديها وأبعدهما عنه ثم مشى مبتعدًا عنها وهو يقول: البنت اللي تبقي في سرير الواحد من قبل ما يطلب أو حتى يفكر، لا يمكن تيجي في باله أو يشتهيها، أنتِ ولا حاجة بالنسبة ليا ولا عمرك كنتي . فقالت: وطبعًا الجربوعة دي هي اللي بقت في بالك دلوقتي! التفت قصي وصفعها بقوة على وجهها قائلًا: اخرسي يا سافلة.. اللي بتشتميها دي أشرف منك ومن عيلتك كلها، بنت محترمة، مش زيك سريرها عامل زي الأتوبيس ناس طالعة ونازلة فيه، اوعي تفتكري إني مش عارف سفالتك وانحطاطك.. أنا مش قاعد طرطور في فندقي.. عارف كويس اوي أن أوضتك اتقلبت لبيت دعارة، وإنك واحدة واطية.. وحأروح بعيد ليه ازي أستاذ شريف اللي مستضيفاه عندك.. يارب يكون مبسوط وقايمة معاه بالواجب؟ وقفت مذهولة من حديثه، ليردف قائلًا: أمشي حالًا من وشي، ويطلع الصبح مش عايز أشوف الأشكال القذرة بتاعتك أنتِ والزبالة اللي عندك.. تسيبي الفندق وتغوري في داهية، ولا شرايطك كلها حأنزلها على المواقع ونخلي الناس كلها تنبسط معاكي . ضحكت بصوت مرتفع وهي ترتدي ملابسها وقالت له: وماله يا بيبي، نزلها أنا بحب اوي أبسط الناس، عامة يا قلبي أنا ماشية، للأسف كان نفسي نتفاهم لأن أنا كنت أسهل طريقة وأحلى، لكن اللي جاي مش حيعجبك خالص وحيوجعك اوي اوي، بس أنت اللي جبته لنفسك يا قلبي، يلا باي . غادرت وتركته في حيرة، ماذا تقصد؟، خرج وليد من الخزانة وقال: ايه يا با ده، ايه البت الزبالة دي؟ ربنا يهدينا، الحمد لله بجد إن الواحد اتجوز وبعد عن القرف ده، ربنا يغفر لنا العك اللي كنّا فيه . نظر له قصي وقال: تفتكر تقصد ايه بأنها أسهل طريقة؟، وايه اللي جاي؟!

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514