Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل السابع

-إنها ليست حياة المسرح ولكنها حياة أخرى، حياة حقيقية، يستقوى فيها القوي على الضعيف، يدهسه تحت قدمه كعقب سيجارة ل يلتفت لها. مَن يراه للوهلة الأولى حتمًا سيراه شابًا في براءة الأطفال، وجمال أبطال الأساطير، شعره الأسود الناعم، وبياض بشرته، وعي ناه الزرقاوان، تجعله سماته فتى أحلام الكثير من التافهات اللواتي ل ينظرن إل للجمال الخارجي فقط، في مجاله هذا؛ للشكل الخارجي أهمية كبيرة لجذب فئة معينة، والغريب أنهم ينجحون للوصول لهدفهم وبسهولة. كان يدور بالمقعد الجلدي الذي يجلس عليه حول نفسه، رأسه مرفوع للأعلى ينظر لسقف الغرفة، أنفاسه منتظمة تخرج براحة شديدة، يبدو أنه يفكر في أم ر ما؛ بعد لحظات اعتدل في جلسته، أمسك بقلم كان أمامه وطرق به على المكتب عدة مرات قبل أن يرفع سماعة الهاتف. -هل أتت رجاء ؟ سأل باقتضاب السكرتيرة التي تجلس خلف مكتبها بالخارج. فأجابت ه باقتضاب مماثل: -على وصول. أغلق الهاتف، ونظر إلى الجدار أمامه وجد العديد من الصور، وقف عند إحداهن ،شقراء اللون، شعرها الأسود يأتي على جنب، تقف بتمايل فتظهر منحنيات جسدها ،إنها الحسناء رجاء اللدغة. -هل سيخرب العالم وأنا ل أعلم ؟ قالت رجاء جملتها حينما وقفت أمامه مباشرة. ابتسم هاشم وهو ينقل نظراته بينها وبين اللوحة التي على الحائط وأردف: هل تتذكرين متى التقطت ل ك هذه الصورة؟ نظرت بطرف عينها للإطار المعلق، واغمضت عي نيها بحزن وغضب من نفسها وأردفت ب تذمر: هل طلبتني لتسألني عن هذا ؟ مط شفتيه وهو يدور حول مكتبه ويقف أمامها مباشرة، نظر لعينيها فبعدت هي بنظراتها عنه، وقبل أن تفكر في شيء وجدت يده تجذبها من شعرها، شعرها الذي نما ورجع لطبيعته بعد فعلته الشنعاء حين حلقه لها كالفتى! تأوهت بصمت والدموع تجمعت في مقلتيها وبعدها انسابت على وجنتيها. -لماذا أشعر بتمردك؟! مسكت يده تحاول أن تخلص شعرها من قبضته لكنه أغلقها بإحكام. -لم أتمرد، أنت تتوهم. -ج ز على أسنانه بغضب، وبيده كان يهز رأسها للخلف تارة وللأمام تارة أخرى. -لماذا تتأخرين على الزبائن؟ وأين الفتيات الجدد اللواتي طلبتهن منك ؟ بعد جهد وعناء حررت شعرها من بين يديه ،أخذت تفر ك برفق فروة رأسها علها تهدأ الآلم قليلًا : -لم أجد فتيات مناسبات. -وماذا عن الزبائن ؟ نفخت بضيق قائلة: ألم أستحق أن آخ ذ إجازة ؟ قهقه عال يًا، حتى أنه مسك ببطنه وهو ينح ني للأمام بطريقة مسرحية، وبعد لحظات اعتدل في جلسته، وعيناه لم تنذرا بالخير أبًدً ا: -أشم رائحة الخيانة يا رجاء هل ما زل ت تعلمين عقوبتها ؟ ابتلعت ريقها بصعوبة، ودعت سرًا أل يظهر التوتر على ملامح وجهها : -أعلم كل شيء، ولكن السؤال هنا، هل تشك بي ؟ جلس على مقعده من جديد، وأغمض عينيه للحظات وبعدها قال بثقة: -أعلم أنك لن تفعليها، لأنك وببساطة، لم يعد ل ك سواي. ابتسمت و هي تتقدم منه، طبعت قبلة على جانب شفتيه ثم جلست على قدمه: -هذه حقيقة، لم يعد لي سوا ك. -أريد عشر فتيات، ل تقل أعمارهن عن خمسة عشر، ول تزيد عن عشرين، أريدهن أبكارًا، لم يمسسهن أحد من قبل. أومأت برأسها وفى حلقها غصة تخنقها، استجمعت شتات نفسها من جديد قائلة: لماذا كل هذا التدقيق هذه المرة؟ لم يكن يفرق معنا كل هذا من قبل. جمع أشياءه الخاصة من على ظهر المكتب في حقيبة جلدية سوداء، وأردف قائلًا قبل أن يغادر: ل شأن ل ك، أمام ك أسبوع واحد فقط. وقفت في حيرة من أمرها، ل تعلم ماذا ستفعل، إن لم تفعل ما أمر به خلال الفترة التي حددها ستل قى ما ل يروقها أبًدً ا منه، وستلقى من العذاب أشد الأنواع. - فجر هكذا همست في نفسها، ل بد أن تلتقيها وتقص عليها كل ما دار بينها وبين هاشم وبالتأكيد ستجد الحل. * ********************** -أصبحت هشة كورقة شجر في فصل الخريف تقتلها أقل نسمات الرياح ولم تعد تحتمل الأعاصير. الحقيقة دائما كالعلقم المر في الحلق، حينما تقول لأحدهم أنت خطأ والصح هكذا، يثور ويسب ويلعن، وعندما تؤيده في خطأه تصبح حبيبه وصديقه الذي أجاد اختياره. هي لم تجد مَن يقول لها هذا خطأ وهذا الصواب، لأنها لم تطلب المساعدة من أحدهم يومًا، الجميع يحتاجون إلى المساعدة، لكن أيضً ا الجميع يتكب رون حتى على أنفسهم. وقفت أمام المرآة تنظر إلى نفسها ،أشفقت على حالها وما وصلت إليه، ملامحها تبدلت، وكأن هذا العام بمائة عام، ترى انكسار روحها، وكرامتها التي لم تعد موجودة، أنوثتها التي اغتصبت على أيدي الحقراء التي تتعامل معهم وكل منهم يمد يده يتحسسها بطريقة مختلفة وعندما تزجره بنظرة نارية يرد بابتسامة بغيضة: ألم تمزحي قط؟! تعلم أنها مَن اختارت ولكن أليس هناك نهاية لهذا الختيار؟ تعترف بخطئها وتلعن نفسها وغباءها في كل لحظة ترى فيها والدتها وهي بهذه الحالة، لكن إلى متى ،إنها تريد الخلاص، التحرر من الخطأ الوحيد الذي ارتكبته وغير مسار حياتها. أعلن هاتفها عن اتصال أحدهم، فسحبها من دائرة التساؤلت التي لم تنت ه من داخلها قطَ. نظرت للشاشة وجدت اسم رجاء أغمضت عينيها وهي تأخذ نف سًا عمي قًا وتخرجه بتمهل علها تهدأ ولو قليل، ارتسم الهدوء والرتياح بعض الشيء على ملامح وجهها وهي تتذكر ناصر مُنقذها، هكذا صفته بالنسبة لها، أملها الأخير بأن تعيش حياه طبيعية. عاو دت التصال من جديد بتصميم، وهذه المرة ضغطت على زر الإيجاب. جاءها صوت رجاء منفعلًا وهي تقول بغضب: أين أن ت ؟ ولماذا لم تأتي حتى الآن؟! أبعدت الهاتف عن أذنها وهي تغمض عينيها وأجابتها: -تعرفين أن والدتي ل تستطيع أن تأخذ دواءها بمفردها، لهذا بقيت معها حتى أعطيه لها بنفسي، وعلى كلُ أنا جاهزة وفي غضون دقائق سأكون أمامك. -سأنتظر ك. هكذا ردت رجاء باختصار، وأغلقت الخط بعدها. أما فجر فظلت على وقفتها تطلع لنعكاسها لبره ة أخرى من الوقت، والأفكار تتخبط داخل رأسها. وقفت أمام والدتها الصامتة ثم جلست تحت قدميها ووضعت رأسها على حجرها، انسابت دمعة من مقلتيها وهي تردد بأسف حقيقي: آسفة جدا يا أمي لم أكن أقصد كل ما مررنا به، صد قًا لم يكن ل د ي علم بكل هذا، كنت فقط أريد النطلاق أريد التحرر من بين الأربعة جدران التي كنت أتوهم أنها سجن والحقيقة أنها كانت الأمان الذي أفتقده الآن. لم يأ تها رد منها كالعادة، نظراتها تائهة هنا وهناك، تبحث عن شيء ما، ل يعلمه أحد سواها، تحركت للداخل تجر قدميها ببطء شديد، دخلت غرفتها وأوصدتها خلفها ولم تنظر لتلك الجالسة مكانها دون حراك ودموعها لم تجف. وقفت فجر وهي تمحو آثار الدموع المُعلقة على رموشها وهي تنظر لغرفة والدتها، ابتلعت ريقها ومن ثم أخذت حقيبتها وخرجت تاركة كل شيء وراء ظهرها. * *************** -خطواتها تتثاقل وهي تصعد لشقة رجاء أفكارها تغمرها بمشاعر غريبة واضحة لكنها مجهولة أيضًا . هل سننجو من قبضة هاشم كما تريد؟ أم أنها جميعًا محاولت واهية ل نفع منها؟! ازداد ارتباكها عندما وجدت ناصر يخرج من المصعد، نقلت نظراتها بينه وبين الباب المغلق، وقالت بحشرجة: هل سننجو فعلا ؟ تطلع لعينيها الباكيتين الحزينتين واستشف كم المعاناة التي تعانيها بمفردها. نظر للأرض للح ظات ثم هز رأسه بنعم دون كلام. رفعت يدها وطرقت الباب مر تين، فانفتح وظهرت رجاء التي لم يقل حالها عن فجر أبًدً ا. -تفضلا. قالتها وهي تتنحى جانبًا، وأكملت وهي تنظر لفجر: -أنا مَن هاتفت ناصر حتى يأتي ليكون مُطلعًا على كل ما هو جديد. جلسوا جميعهم بالقرب من بعضهم البعض، وقصت لهم رجاء كل ما حدث بينها وبي ن هاشم دون أن تنقص حرفًا فطالعها ناصر بعد تفكير قائلًا : -في خلال أسبوع سأكون جمعت ل ك ما يريده، ووقتها سيكون رسم نهايته بيده. -كيف هذا؟ سألت فجر ، فطالعها بنظرات هادئة وهو يقول: هذه المرة ستكون مختلفة تمامًا، لأنه طلب مواصفات لم تكن تهمه من قبل، فبحسبة بسيطة نعلم أنه سيعمل كل شيء بنفسه، ل يمكن تأكيد معلومة مما سأقول، لكنى أعتقد أنهن مطلوبات في مهام مثل الدعارة أو تجارة المخدرات. -ولمَ طلبهن صغيرات هذه المرة ؟ سألته رجاء باستغراب. فأجابها: -وجوه جديدة مثلًا، على كل هذه شبكة كبيرة لن تتوقعي منها أي شيء خطر ببالك ،وأنت تقولين أن ك منذ فترة لم تأتي بأي فتاة، لذلك هو حدد ل ك أعداد معين ة كي تأتي له بهن ولم يشترط أي شيء آخر.

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514