قبل دقائق... كانت سدن تجلس بجوار زوجها المنفعل أمام مديرة المركز، والتي تتحدث بانفعال أيضًا بينما تقول المترجمة: طفلكم يحتاج رعاية أكثر من بقية الأطفال لدينا، وهذا يحتاج خطة علاجية خاصة تتطلب تكاليف أكثر، لقد وضحت ذلك سابقًا. وقف زوج سدن يقول بهمجية، وقد أسقط ثوب التحضر لتختفي واجهة الطيار اللبقة وتظهر أخرى أكثر غوغائية: أنا لن أدفع مليم واحد أكثر، أنتم مجموعة من النصابين، هل الأموال التي تأخذونها شهريًا قليلة؟ توسعت أعين المترجمة بصدمة وعجزت عن ترجمة ما يقال؛ لتقف المديرة وتطرق على مكتبها بعنف وهي تقول: غادر حالًا مكتبي وإلا سأطلب الأمن. رد عليها زوج سدن بالألمانية يقول: بل أنا من سيلقيكِ خارج هذا المكان. نظرت سدن إلى المترجمة وسألتها بخوف: ماذا يقولان؟ قالت المترجمة: هي تطرده وهو يتعدى عليها لفظيًا. توسعت أعين سدن بصدمة، وجذبت زوجها من ذراعه تجره خارج المكتب، وهي تقول برجاء: أرجوك لا تفتعل مشكلة، لأجل ابنك أرجوك. نظر لها زوجها بغضب شديد، في اللحظة التي انفتح فيها الباب وعبر منه رجال الأمن، تاركين المجال مفتوح لسحر وأميرة اللتان وقفتا لتشاهدا ما يحدث، ومن خلفهما باقي أولياء الأمور، فقالت سدن بحرج بالغ وخزي شديد: أرجوك. هاج زوجها، وبدون مقدمات صفعها صفعة مدوية، كانت كأنها نزلت على رؤوس الواقفين فزلزتهم، قبل أن يصيح بها: اخرسي تمامًا، أليس كل هذا بسببكِ وبسبب المريض الذي بليتني به، صدقت أختي حين قالت أن بطنكِ لا تأتي إلا بالاموات أو المرضى وأنا لم أعد أتحمل، ماذا أخذت من زواجي منكِ وإنجابي له غير وجع الرأس، لماذا أصبر على هذا الوضع وأنا أستطيع أن أتزوج من الصباح وأتي بدلًا من الولد بعشرة معافين. قالت له سدن بقهر ودموعها تجري على وجهها، وهي تحاول الوقوف: قلت لك سابقًا أن كل ما يعاني منه ابنك بسببك، بسبب… قاطعها زوجها مجددًا يصفعها بعنف طرحها أرضًا؛ فتدخل رجال الأمن يكبلونه، بينما هو يصرخ قائلًا: أنتِ طالق، طالق.. خذي ابنكِ وعودي لمحل المنظفات الخاص بأبيكِ واجلسي بجواره، فأنا من أعطى لكي قيمة، وأنا من سيحضر سيدتك ويجلسها مكانكِ وينجب منها كل عام طفل وسترين، اتركوني. خلص زوجها نفسه من رجال الأمن وغادر المكان، وسط ذهول و صدمة الجميع، ما عدا أميرة التي كانت كمن أُلقي عليها دلو من الماء البارد؛ فتوسعت عيناها كأنها تفيق على حقيقة تمزق كافة الكلمات التي يبدو أنها كانت مجرد ساتر أعمى بصيرتها، وسحر التي ابتسمت بشماتة واستدارت مغادرة كأن ما يحدث لا يعنيها مطلقًا. بعد ثلاثة سنوات... من عمقنا خرجت الكلمات تحجب عري الحقائق، ومن أقصانا خرجت الكلمات تتسلق أكتاف المترفين، ومن مدانا خرجت الكلمات ناقمة وقد ملأتها الظنون فيما لا تعلمه.