Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الأول

أمام أحد مراكز التأهيل الكبرى بالعاصمة، الساعة الثامنة صباحًا تتوقف مجموعة من الآباء والأمهات الذين كان امتحان الحياة لهم أصعب وأشد تعقيدًا من غيرهم؛ ليسلموا أبنائهم يدًا بيد إلى إدارة المركز المتشددة فيما يخص الأطفال، آملين بكل يوم يمر عليهم وهم واقفين أمام باب هذا المكان، كل واحد منهم يلوح لصغيره بابتسامة صمود وقلب ينتظر بصبر معجزة لا خيال لديهم قادر على الإلمام بتفاصيلها، لكن الإحساس الرابض في صدور لم يكتنفها اليأس بعد، وحده الذي يستطيع استنباط مدى قوتها. على بعد خطوات منهم توقفت دراجة نارية قديمة فبدت كشيء مستهلك لا يتلائم مع فخامة المدخل الذي نزلت أميرة من خلف زوجها ووقفت أمامه، ثم أنزلت ابنتها أيضًا وهي تقول لمعتز: هل فكرت فيما تحدثنا به بالأمس؟ قال لها معتز وهو يتأكد أن الحقيبة المعلقة على كتفه لم تسقط، وقد وضع بها عهدته التي تخص عمله كمحصل للكهرباء: أي حديث تقصدين يا أميرة، فأنا بالأمس كنت منهك من سهري بالعمل الإضافي، ولم أكن بكامل تركيزي. قالت أميرة لمعتز بتردد: أقصد عيد مولد مالك ابن أختي، لن أستطيع الذهاب يد أمامي ويد خلفي، إنها لا تزورنا إلا ومعها زيارة بمبلغ وقدره. نظر لها معتز بضيق وقال: لذلك قلت لكِ اعتذري منها يا أميرة، أنتِ تعرفين أن الظروف آخر الشهر تكون ضاغطة بشدة علينا، وأنا بت من شدة تعبي ما بين لفي يوميًا لتحصيل إيصالات الكهرباء من الناس، وبين عملي في ورشة الحدادة أنام كما الجثة وكل هذا لألاحق على طلبات المنزل فلا ينقصنا شيء، ماذا أفعل أكثر من ذلك؟! قالت أميرة بضيق: لكن… قاطعها معتز يقول: دون لكن يا أميرة، واحمدي الله، فأنا أحيانًا حين أنظر لمرام وأفكر لو لم يظهر ذلك الكفيل الذي تولى مصاريف علاجها في مكان كهذا، ما سيكون مصيرها، الله يعلم بحالنا ويرسل فرجه، فلا تعسريها علينا يا ابنة الناس، واذهبي لتسلمي ابنتكِ قبل أن يغلقوا البوابة. نظرت أميرة لزوجها بعدم رضا، فلم يبال وهو يقول لها: سأمر عليكِ في عودتي لأقلكِ، لو تأخرت انتظريني ولا تفكري في استقلال المواصلات العامة، لكي لا تتأذي بالزحام أنتِ ومرام. قالت له أميرة بامتعاض وهي تكتم حديث كثير على طرف شفاهها: حسنًا، ألديكِ أوامر أخرى؟ أخرج معتز ورقة مالية بسيطة وقال لها: هذه عشرون جنيهًا، احضري لنفسكِ لفافة فلافل من المطعم السوري وعلبة عصير، وابتسمي يا أميرة فنحن ما زلنا بالصباح. أخذت أميرة منه الورقة المالية وقالت بتهكم: عشرون جنيهًا مرة واحدة، ظننتها ستكون عشرة فقط ككل يوم!! قال لها معتز: لتعرفي أني لا أبخل عليكِ بشيء. ثم غمزها مشاكسًا، فازدات انفعالًا من لا مبالاته بمظهرها أمام أختها التي ستسألها عن سبب تخلفها عن عيد ميلاد صغيرها، ركضت أميرة نحو البوابة وهي تفكر أنها حقًا أصبحت تختنق من شعورها الدائم بأن معتز لا يفهم ما باتت تعانيه بسبب ضيق الحال، نظرت أميرة للعشرين جنيهًا في يدها وقالت بشرود: الحمد لله. لكنها خرجت منها غير صادقة.. فاترة..

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514