الحياة بلا وسائل مستحيلة وكي تُحول الوسائل الحياة تكون النهاية. في حياتنا أشياء من كثرة غلائها وفخامتها دُعيت كنوز، نحيا بها وتصعب الحياة من دونها وتزدهر بكثرتها، فما حياتنا سوى طريق طويل على بعضنا وقصير على آخر، شاق على إحدانا ومرن على الآخر، وفي وسط الطريق تكمن تلك الكنوز فنتهافت لجمعها، نعم فهي وقود رحلتنا، ولكن هل هناك من يقف في منتصف الطريق منشغل بذلك الوقود؟ وهناك أيضاً من يقف في بدايته وتنتهي الرحلة وهم متعثرين في طريقهم، فهم من فقدوا الحياة بحثاً عن وسائلها وتفاجئوا بانطلاق الصافرة معلنة عن النهاية فتركوا ما جمعوه محله وأدركوا حين لا ينفعهم إدراكهم أنهم نسوا الفرق بين غايتهم ووسيلة الوصول إلى تلك الغاية. كم منا يفقد الحياة سعياً وراء وسائلها؟ تختلف طرقنا وأوقاتنا وأشكال رحلتنا وما نعيشه ونشعر به، ولكن نجتمع في رحلتنا على هدف ووسيلة، فإذا أدركنا ما هو الهدف وما قدر الوسيلة، وقتها فقط نكون قد عشنا الحياة ووصلنا للنجاة. (" أنت الجنة والنار بك الحياة وبدونك النجاة أنت اللجوء والفرار فإليك نسعى ومنك نهرب أنت الغربة والدار بك نحيا وبزوالك نخشى أنت السعادة والمرار نعم، فأنت داء ودواء أنت الخوف والاستقرار لأنك المأمن، والخوف يأتي مما نأمنه أنت الهزيمة والانتصار فوجودك نصر وجرحك يعني الانكسار أنت العمى والإبصار فإنك البصر والبصيرة، وبفقدك يعم الظلام أنت الوقوف والاستمرار لأنك الوقود ونفاذك يعني الختام أعرفت نفسك؟ نعم أنت-الحب- وإن تغلغلت دُعيت بالعشق وإن تملكت دعيت بالكيان وإن دُعيت بالكيان أصبحت الأمان والاطمئنان وأصبح مكان تواجدك كالجنان فأنت لست كما يدَّعون أن محلك القلب إن ليس لك محل ومن يبحث عن بدايتك تائه لأن ليس لك بداية ولا علم لنا عمَّ تُدعى البداية هناك من قال عن بدايتك نظرة ومن قال دقة ومن قال همسة ومن تطور للمسة ومن قال أن بدايتك معه سلام ومن قال من حدوث أول كلام لا دخل لنا بك إن كنت أنت الوئام فاللقى بك نصيب، والعيش معك مريب وانتظار إتيانك طائل، والخوف من فقدانك قاتل وفيك لا أقول غير أنك التناقض ذاته. ") *إيمان البيوقي*