استغربت ليليان من نظرات صديقتها: مالك يا كيمي؟ في إيه؟! كاميليا بحيرة لا تعرف كيف تخبرها عن مضمون الرسالة، وفي لحظة أخذت ليليان الهاتف من يد صديقتها، لو القلوب لها صوت لسمع العالم بأكمله صوت تكسير قلب ليليان عندما رأت محتوي الرسالة " هاد الرسالة لرفيقتك ليليان.. إيثان بيخبرك إنه ما عاد بدو ياكِ، لهيك لا تنتظريه، اي هو بيعترف إنك بنت مميزة، لكن هو ما عاد بدو يكمل هيك قصة" جاوبتها ليليان باختصار: بدي أنا خبرك بشي تعرفيه منيح، إنه بالنسبة الي صار من الماضي، حتى اسمه محيته وصار غبره من الماضي.. واغلقت الهاتف وركضت لغرفتها تبكي، ونظرت الي دفترها وأخرجت ما بداخلها على ورقة وكتبت.. تركني لحالي تركني وروح ما عاد فيّ لم جروح قلبي تحمل وجع كثير وأكثر من جرحه مجروح إنت اللي كنت تقويني من كل العالم تحميني كفي حياتك من دوني وروح ما بدي تطلع فيّ ولا بدها تشوفك عيني اغلقت دفترها وقامت أمام المرآة، مسحت دموعها وقالت لنفسها: أنتِ قوية، لا تسمحي لحدا يجرحك أبداً. ومنذ هذا اليوم قطعت على نفسها وعد أن اسم إيثان ليس موجود، فقد كان وهماً او كابوساً وفاقت منه. مرت عليها ثلاث سنوات والأخبار انقطعت، وكاميليا عملت بلوك لجيلان، ولم تصل اي اخبار منهما، تخرجت ليليان من الجامعة ومارست تخصصها بل ونجحت فيه، وسافرت إلى مُدن كثيرة ليتم مناقشة وتعلم الكثير من كل بلدان العالم، وكل بلد تزورها كانت تحصل منهم على حب كبير واحترام، فهي تحترم عادات وتقاليد كل بلد تزورها، وتحترم آراء شعبها، ولم تنسي ترسل صور لصديقتها كاميليا من كل بلد تسافر إليها، وكانت تكتب كل معلومة تحصل عليها من خلال زيارتها، وبعد إرهاق يوم طويل دخلت غرفتها وعندما وقعت عينها على سلسال وتذكرت صاحبها وشردت بتذكر. كانت ليليان راجعة من يوم صعب بعدما تأكدت من معلومات هذه المدينة، باريس مدينة تشتهر بكونها ملاذاً رومانسياً ومثالياً، غير أن ما يثير إعجاب الزوار حقاً هو المدينة نفسها، إذ تتميز بتلك المباني الضخمة المُشيدة من الأحجار والحديد المشغول، فضلاً عن الأرصفة التي تعج بالمقاهي الرائعة، وكذلك ضفاف نهر السين المنعرجة المبهرة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ. غير أن سحر المدينة لا يقتصر على مظهرها ومعالمها الفاتنة، إذ يوفر عالم الطهي المزدهر بها قائمة لا حصر لها من الأطباق الفرنسية التي لا غنى عن التلذذ بها، مثل طبق "الكوك أو فين" الغني والشهي والكرواسون الذهبي بالزبدة. كما أن الأمر يستحق تجربة الأطباق الحديثة الرائعة المستمدة من مطبخ الأمزجة (الفيوجن)، وكذلك الأطعمة الدولية المبتكرة في المدينة رائع للغاية، كما أن أجواء باريس الرائعة تحفز على الاسترخاء في الشوارع الجانبية، والاستمتاع بالمتاحف، واستكشاف متاهات من المتاجر الحافلة. في نهاية اليوم أحرص على التوجه إلى متنزه "شامب دي مارس" للاستمتاع بإطلالات مباشرة على برج إيفل بينما يتلألأ في الليل، وأثناء جولتها رأت من طعن قلبها، ومن غيره المدعو "إيثان" وهو ليس أقل منها صدمه، حاول أن يلاحقها فهي أول ما رأته وحاولت ان تختفي من امامه، لكنه استطاع أن يلحق بها، كان الصمت مسيطر على الموقف، وصوت أنفاسهم أعلى من صوت السيارات، قطع صمتهم صوته الذي لم تنساه بعد. حاول أن يخرج صوته فتكلم بهدوء: ما بعرف شو احكي، ولا بشو أبرر، فينا نقعد إذا بتريدي؟! فقط اكتفيت بهزة بسيطة من رأسها معلنة عن موافقتها، وجلسوا سوياً على مقعد داخل كافيه. - ليليان صورتك أبداً ما راحت عن بالي، لهيك أول ما شوفتك عرفتك، بدي بس افهم منك ليش سويتي هيك فيني؟! نظرت له بصدمه عن أي ترك بيحكي هذا، انا من تركها خلفه، فاقت على صوته ونظرات تعجب منه. - أنا؟! أنا يا إيثان يلي تركتك؟! وقفت باندفاع وابتسمت بسخريه وأكملت: أنت يلي تركتني، أنت يلي تركت رساله مع صديقتك چيلان محتواها إني أنساك ولا انتظرك، وما عاد بدك ياني. صدم إيثان من حديث ليليان: أي رسالة بتحكي عنها؟! كل يلي خبرت به چيلان إنه تعطيني شوي وقت، ورح فهمك كلشي عن غلق حساباتي، وخبرتها إنه تعرفك بنزولي على مصر. صدمة ليليان كانت أكبر من أنها تتقبل حديثه وغابت عن الوعي، دقائق وكان قد سار بها إلى أقرب مشفى وعرف سبب اغمائها، كان ضغطها قد انخفض وفاقت وهو بجانبها. - ارتاحي شوي، أكيد رح نحكي، بدي منك بس تأكلي مشان ضغطك ينظبط. نظرت إليه والدموع تملأ عينيها، وأمسكت منه الطعام، وبعد الاطمئنان وتحسن حالتها خرجوا من المشفى. ليليان بصوت كاد يكون مسموع: احم!! أنت كنت رح تنزل عنجد؟! نظر اليها واكتفي بهزه من رأسه.. ومو بس هيك كنت رح انزل على إسكندرية تحديداً، تعرفي كان نفسي شوف عيونك عن قريب، سبحان من صورك وأبدع.. تغير لون عيون ليليان للرمادي الفاتح، لون صافي جداً، وفجاءة أغمق وقت تذكرت إنه تركها منذ سنتين. إيثان بخضه مصطنعة: يا ستير يا رب!! لونها أغمق شو بكِ؟! تنهدت ليليان: سنتين ما بعرف عنك شي شخص تعرفت عليه من خلال الفيسبوك وبعدها اختفي، مو أنت بس يلي اختفيت، قلبي كمان اختفي معك، ما عاد بدي شي بها الدنيا فقدت الثقة بكلشي، وكرهت الفيسبوك وسكرته. - بسبب إنك سكرتي الفيسبوك، خبرت چيلان تحكي مع كاميليا تطمنك عني وتطمني عنك. - معك رقمي، ليش ما اتصلت فيني؟! إيثان بحب: لوليتا.. نظرت ليليان له بحزن وحنين على اسمها - لوليتا يلي تركتها لساتك متذكرها؟! - عمري ما نسيت، المهم.. -احكي شو هو المهم. - انا شو بشتغل؟! -نظرت له ليليان بجهل وعدم استيعاب: شو بتقصد؟! تنهد إيثان: احكي، لك خديني عاقد عقلي، شو بشتغل؟! - مهندس كمبيوتر وخبير برمجة. ابتسم إيثان على دعابتها: رح فهمك.. في شركة كانت داخلة معنا بمناقصة، وحاولوا يهكروا كل إيميلاتنا تبع الشركة، وقتها سكرت حسابي وحساب والدي، وعملنا حساب وهمي وقصة كبيرة أنتِ في غنى عنها وعن تفاصيلها، لكن باختصار كانت شركتنا بتنهار ووقت خلصت كل هاد ورجعت كلشي لمكانه الأصلي، حاولت أوصل لك لكن وقتها چيلان حكيت إنك ما بدك ياني، وإنك تركتيني، وحتى اسمي ما بدك تسمعيه. ليليان بصدمه وعدم تصديق: أنا؟! أنا حكيت لها هيك بعد ما فرچيتني رسالتك إنك أنت يلي تركتني. شرد إيثان في چيلان، لماذا كذبت چيلان؟! ماذا تقصد بفعلتها؟! لابد أن يقابلها ويفهم منها، فاق على صوت ليليان. - حكيتي شي؟! - بدك تحكي إنه فراقنا هاد سوء فهم؟! - أنتِ شو برأيك؟! ليش ما وثقتي فيني؟! ليليان: الثقة بتتبني وليست تُكتسب يا إيثان. - اسمي بصوتك متل مزيكا تعزف احلي الأنغام. ابتسمت ليليان بخجل وسكتت. سجل إيثان رقمه على هاتفها وكتب عنوانه. معكِ رقمي وعنواني، وانا بدي فوت لعند چيلان احكي معها شوي. ليليان بغيرة واضحة ابتسم عليها إيثان. - وأنت ليش لتروح لحالك خدني معك. إيثان بموافقة: تعي. كل قصة لها طرفين، وكل طرف له حكايتين، فاستمع لكل طرف، الاكتفاء بسماع طرف واحد فقط يفقد الحق في الخصام. الحل الوحيد والأمثل هو المواجهة، إنك تتواجه مع طرف آخر فأنت تثبت الحق، وإذا كنت على حق في المواجهة، فهذا يعني أنك الطرف الأقوى والصادق، ولكن احترس من الطرف الثاني فإنه مخادع، خبيث، يتصنع الذكاء، ولم يعلم أن الحقيقة ستظهر في يوم من الأيام. كانت عندما تخسر شيء تأكل بشراهة، فهي معتادة على السباق والمراهنات، وفي وسط كل هذا، رأت آخر شخص تتوقع رؤيته. سمعت خبط على الباب وقامت بكل كسل تفتح.. صدمت عندما رأت إيثان أمامها وعندها بدأت تتحدث كثيراً: إيثان؟! إيثان انت هُنا؟! لا اصدق عيناي، انتظرتك كثيراً، اشتقت اليك، أنت تعلم كم احبك، أنت لا تناسبك بنت متل ليليان، فأنت لي أنا، خبرني إيثان إنك تحبني أيضاً إيثان بعدم تصديق: ماذا تقولين؟! چيلان هل أنتِ واعية؟! هل رجعتي للشرب مرةً ثانية؟! اهدئي. چيلان بعدم وعي: قول لي إنك تحبني. إيثان بمراعاة لحالتها: انا أيضاً أحبك چيلان .. ولكن اهدئي. صدمه ثانية لا، لا مجدداً لا، اكتفيت وجع، فاقت من صدمتها وركضت على أول سيارة ومنها إلى المطار، وتركت خلفها إيثان يعترف بحبه لچيلان، الغيرة عمت قلبها واغلقت عقلها. إيثان بملاحظه عدم وجود ليليان علم أنها سمعت اخر جملة منه لچيلان: متسرعة.. أيتها الحمقاء!! - لما أنت واقف اجلس إيثان. نظر اليها وهو تائه، لم يعلم كيف يتصرف مع ليليان، لقد ضاعت منه مرةً ثانية، لكنه افاق على صوت چيلان ونظر لها بحقد.. لماذا فعلتي هكذا؟! لماذا كذبتي على ليليان؟! لماذا اخفيتي الحقيقة، وبكل من اوتي من قوة صفعها على خديها. چيلان بصرخة: لأنني احبك.. نعم احبك.. لما أنت مصدوم، تعلم أنني أحبك، لكنك فضلت علي ليليان وأنت لا تعرفها ولا رأيتها، فقط تحكي معها فيس تايم، أنت لا تحبها يا إيثان. صفعها إيثان مجدداً: أنتِ لا تعرفين الحب، لأن الحب هو ليليان فقط، وتركها خلفه وحاول التواصل مع ليليان لكن بلا فائدة كانت تبكي في أحضان والدتها وتخبرها عن مقابله إيثان لها نيسان وهي تحضن أبنتها: بيكفي دموع.. لك صارو خمس سنين على هيك قصة، عمرك عم يفوت وانت لساتك بتحبيه وتبكي عليه، انسي وبلشي حياتك من جديد. نظرت ليليان لوالدتها بحب: رح بلش حياتي، ورح أترك الماضي، وما بخليه يأثر علي بنوب. قطع حديثهما نقر على الباب، فقامت نيسان وعندها علم بمن يأتي بهذا الوقت. نيسان بترحيب محبب: أهلين بلال، أهلين مايا، كيفكن؟ تفضلوا. بلال ومايا اخوات وجيران والدة ليليان، ويحبونها وتتمني مايا ان تزوج بلال وليليان لبعضهم البعض. ليليان بترحيب: ياهلا.. ياهلا. ضحك كلاً من بلال ووالدتها ومايا فهما والديهما متوفين منذ الصغر ومايا تزوجت من رجل خليجي، وسافرت معه واخذت بلال لم تتركه، واستقروا ببيروت بعد وفاة زوجها، ومعها طفلين توأم بعمر السبع سنوات وهما أيهم وأيان. تركوا بلال مع ليليان على أمل ان يتقربا من بعضهم البعض.