أحیانًا یختار القلب من لا یشبھه ولا یشبه أطباعه، أحیانًا یخطئ الشخص عندما یرى أن من الممكن أن أحد یغیر كل حیاته لأجلھ. الحب شيء جمیل، ولكن نحن الذين نفسده بأسلوبنا في التعامل، نحن من یفسد الحب بیننا بالحدیث الذي یقھر، والأفعال التي تجعل القلب یتألم والعقل ینھك من كثرة التفكیر. روح بجمود وحزن داخلي: لا معندیش استعداد دي عیشتي ودي طریقتي ودي حیاتي، بس ليه بتسأل السؤال دا؟ ظل معاذ صامتًا لوھلة، حتى أفاق من شروده على نبرة صوتھا وھي تھتف باسمه. ھتف قائلًا بنبرة مبحوحة بعض الشيء: لا، ولاحاجة، بس أنتِ كنتي قلتي أنك ممكن تتغیري؟ ھتفت روح بسرعة وھدوء: قلت ممكن، بس أنا مش عایزة أتغیر، أنا خلاص أتعودت على نظام حیاتي دا. ھتف معاذ بحزن داخلي: تمام یبقى من النھارده علاقتنا انتھت، عشان أنا معنتش قادر أغیر فیكي حاولت، لكن معرفتش، وللأسف أنتِ محاولتیش معایا وعلى العموم أنا كنت بسألك عشان أعرف ھل أنتِ أعجبتي بیا ولا لا، وللأسف طلع لا؛ لأنك معندكیش استعداد تضحي عشاني، بس أنا كان عندي استعداد أضحي بكل حاجة عشانك، فبعد إذنك صحوبیتنا انتھت. أنھى حدیثه ثم أغلق الھاتف في وجھھا، وھي كانت تنصت إلى ما یقول، وھي شاردة الذھن بكل شيء حدث منه معھا في الفترة التي تعرفوا فيها على بعضھما، ولكن بغبائھا فقدت كل شيء. فقدت الشخص الوحید الذي استطاع أن یدخل السعادة إلى قلبھا، ھو الشخص الوحید الذي تقبلھا كما ھي، وأحبھا كما ھي، وكانت تشعر بحبه لھا، ولكن ھو لا یعترف ظلت تفكر في حدیثه وحدیثھا، ھو سألھا لكي یعرف ھل تحبه أم لا، ولو كانت تحبه كان من الممكن أن یقف أمام أھله كي یأخذھا، جلست بحزن وھي تضع یدھا أسفل ذقنھا وعیونھا تدمع بحزن شدید، وتفكر ھل ھي أضاعته من یدھا أم ھو لم یحبھا. في غرفة جاسر یجلس ھو وعمر یتحدثان عمر: یعني ھي قالت لك أن في عریس باباھا جایبھولھا على أساس أنك صاحبھا وبس، یعني كل دا ھي ما تعرفش أصلًا أنك بتحبھا؟ نظر له جاسر بحزن، ثم ھتف قائلًا بحزن ظاھر في عیونه: اه ھي شایفاني صدیق مش أكتر، بس أنا حسیت ناحیتھا بحاجات كتیرأوي، وكان نفسي ھي كمان تحس بیا، لكن ھي عمرھا ما ھتحب حد زي، ولا ھتحس ناحیته بالأحاسیس دي، یا بني دا في فرق بینا زي السما والأرض، مش عارف، أنا حاولت أغیر حاجات كتیر عشانھا، بس من الواضح أنه برضو معجبھاش، أو أنا أصلًا معجبش. ظل ینظر عمر له بحزن، ثم رن ھاتف جاسر نظر إلیه وجدھا ليلیان. ھتف عمر في سرعة: رد رد، وأنا ھطلع برا عشان ریم بترن. أمسك جاسر بالھاتف، ثم رد علیھا بنبرة حزینة، یجاھد في إخفاء حزنه: ھا قولیلي یا عروسة العریس عجبك؟ ھتفت ليلیان بھدوء وحزن: ھو أنا متحبش یا جاسر؟ ھتف جاسر في حزن ووجع، ثم ابتسم ابتسامة سخریة على القدر الذي یجعل البنت الوحیدة التي أحبھا تسأله ھذا السؤال: لا طبعًا تتحبي، بس ليه بتسألي السؤال دا؟ ھتفت ليلیان بسؤال وھي تدمع: عشان كان نفسي تحبني زي ما أنا حبیتك، بس طبعًا أنت عمرك ما ھتحبني، أكید عجباك عیشة السرمحة والعیشة مع كل بنت شویه، فأكید مش عایز تتربط بیا وعمرك ما ھتبصلي، عشان أنت كده أناني ومیھمكش غیر البنات القذرة اللي أنت بتمشي معاھم. ھتف جاسر بسرعة وھو یحاول أن یوقف ھذا الحدیث، الذي وجھته في وجھه بسرعة بدون رحمة: أھدي، أھدي، أھدي بس، وﷲ أبدًا مش دا الموضوع، أنا بحبك، بس تفتكري أهلك ھیوافقوا؟ أو أھلي ھیوافقوا؟ تفتكري أنا ھعرف أبطل طیب؟ لو أنا مبطلتش، أنتِ ھتقدري تعیشي معایا وأنا كده، طب لو بطلت ھتقدري تنسي أن أنا كنت مجرم وسفاح وقتال قتلة، طیب أنا عایز أفھم أنتِ حبیتي فیا أيه؟ مش أنتِ اللي متتحبیش، أنا اللي متحبش، أنا اللي مفیش واحدة تبص لواحد زي قذر، خصوصًا لو البنت دي زیك أنتِ فیھا كل الصفات الحلوة دي، أنتِ جمیلة أوي یا ليلیان، ورقیقة وحنینة ومفیش زیك اتنین، بس أنتِ ھتقدري تنسي اني كنت كده؟ طب بلاش، أنتِ حبیتي فیا أيه؟ هتفت ليلیان بحزن: حبیت فیك وقفتك جمبي لما احتجتك، لما عربیتي عطلت بلیل وأنت جتني على طول، حبیتك لما لقیت فیك الأمان، في أي وقت جمبي وسند، في أي حاجة أنا عملتھا حتى لو غلط، حبیت فیك أنك حنین رغم كل القسوة اللي شوفتھا في حیاتك دي كلھا، بس معایا حاجة تانیة خالص. ظل جاسر صامتًا متعجبًا من حدیثھا، ثم أردف قائلًا: بخیبة أمل طب أنتِ عارفة احنا ھنعاني إزاي قدام أھالینا؟ طب أنتِ عارفة أني مش ھتغیر بسھولة؟ ھتفت ليلیان بسرعة وحزن وھدوء: عارفة احنا ھنعمل أيه معاھم، بس برضو مش عایزاك تبقى ضدي معاھم، عایزاك تبقي معایا علیھم. جاسر بحزن: ماشي، بس ادیني وقت أحاول أصلح كل دا. ليلیان بھدوء: ولحد ما تقدر توصل للقرار اللي أنت عایزه أحنا صحاب. جاسر بخوف من فقدانھا: تمام. في غرفة عمر یتحدث عمر مع ریم عمر بعصبیة: وأنتِ یعني جایة تقولیلي وتعرفیني أنك ھتروحي تقابلي عریس، طب وعایزة مني أيه؟ أزغرطلك یعني؟ ھتفت ریم بضحك: تزغرط أيه بس؟ بقولك یعني عشان تبقى عارف. عمر بغضب: وابقى عارف ليه بقى إن شاء ﷲ؟ ریم بضحك: مش احنا أصحاب یا مورا؟ عمر بحزن داخلي ونبرة عالیة وحدة: طب وأنتِ عایزاني أعملك ايه الوقت یعني؟ صحاب المفروض علیا أعمل أيه یعني؟ أنتِ یا بنتي مش حاسة إني بحبك؟ صمتت ریم وھي ما زالت الابتسامة تزین ثغرھا ثم ھتفت بسرعة وجدیة وعقلانیة: طیب وعلى كده ھنفضل نحب بعض في السر؟ عمر بعصبیة: لو عایزاني بكره أجي في بیتكم أتقدملك رسمي أجیلك، أي رأیك؟ ریم بجدیة: لا، لا، لما تبطل الشغل بتاعك دا الأول، وتبتدي في شغل جدید نضیف عمر بجدیة وحزن: أنا معندیش مانع اتغیر عشانك، بس ادیني فرصة، لأن مش بین یوم ولیلة ھتغیر. ریم بھدوء: أكید طبعًا. في مكتب اللواء حسام حسام: متقبضش علیھم یا معاذ، یمكن یعرفوا یغیروھم. معاذ: لازم أقبض علیھم، لو أنا مقبضتش علیھم غیري ھیقبض علیھم. حسام: بلاش تقبض علیھم یا معاذ، بجد أدیھم فرصة، ھما ھیتغیروا وﷲ ھیتغیروا. معاذ بجدیة: طیب مش ھقبض علیھم الوقت، بس ھقبض علیھم بعدین. حسام: بلاش خالص. معاذ بغضب: إزاي یعني؟ دول علیھم قواضي كتیر. حسام بحنان: ادیھم فرصة عشان خاطري أنا. استغرب معاذ حنان اللواء حسام علیھم مع أنھم مجرمون، ولكن فضل أنه یمشي ویتركه بمفرده في مكان أخر قبل الفجر یكسوه الظلام یقف اللواء حسام وأحمد القناوي ومحمد الكیلاني حسام بحزن: عاجبكم كده العیال كلھا بتضیع، العیال كلھا حبت بعض، انتو فرحانین كده؟ ھتف محمد بحزن: ما ھو السبب، ھو اللي وصلنا لكده ھو اللي فضل یجري ورا الفلوس زي أبوه وجده. ھتف أحمد بجدیة وحزن: وﷲ ما احنا كنا ولاد عم، اشمعنى انتو الي دخلتوا شرطة.