ظلّت تكتب طوال هذا الأسبوع بشكل مستمر حتى تنهي القصص التي تريد عرضها على الناشر فقد أحبّت أن تنشر شيئا جديدا لم تتم قراءته قبلا..شيء واقعي بنكهة خيالية تتمنى لو يروق له مثلما راقه ما قرأه على المدونة، زفرت بقوة وهي تنتهي أخيرا من الكتابة وتصحيح ما كتبته ثم وقفت تتمطّى بكسل وهي تتمتم: "لابد أن أكافئ نفسي بعد كل هذا المجهود" وبداخلها تكافئ نفسها أنها لم تضعف بعد هذه القبلة بينهما وتقابله مرة أخرى بل اختفت عن ناظريه تماما رغم طرقه المستمر كل يوم على باب المنزل ويبدو أنه يَئِسَ أخيرا فمنذ يومين لم تسمع منه خبرا، شعرت ببعض الحزن إلا أنها لم تترك نفسها لهذا الشعور بل ركّزت فيما تريد فعله فارتدت ثوب السباحة وهرعت للبحر بشوق بعد ابتعاد دام لأسبوع كامل وألقت نفسها بين أمواجه بعشق تتهادى به كأنها حورية من حورياته وهي تفكر في المقابلة التي تنتظرها بنهاية الأسبوع وتنحّي أي تفكير بماكس فقد قضت عمرا بأكمله تفكر به دون جدوى لذا فلتفكر بمستقبلها أفضل لها جالسة على الأريكة بعد تناول عشاءها وهي تفكر أن تكمل قراءة الكتاب أو ربما عليها القول تتابع الغوص داخل قصصه وعيشها طالما البطل كل مرة سيكون ماكس فما أجمله من خيال! وبّخت نفسها كعادتها مؤخرا لتزم شفتيها وكأن داخلها صوتين مختلفين..صوت يشجّعها على التمسّك بحبها وأن ماكس سيكون لها كما تمنّت دوما والصوت الآخر يوبّخها على أحلامها ويطلب منها أن تنضج وتترك أحلام المراهقة فلم تعد تجدي نفعا..لقد اقترب عامها السادس والعشرون بالفعل لذا عليها التفكير بالتعرف على أحدهم والزواج منه حتى تنجب أطفالا يملأون حياتها بهجة وسعادة فلن تعيش طوال حياتها بمفردها تتمنى شيئا مستحيلا، أغمضت عينيها بألم وكلها يتوق لرؤيته ولو مرة أخيرة قبل مغادرتها الجزيرة وفِعل ما قررته إلا أنها تغاضت عن كل تلك الأفكار وركّزت على الكتاب أمامها علّها تعيش مغامرة أخيرة معه قبل نسيانه تماما وحذفه من ذاكرتها وليتها تستطيع حقا، فتحت عينيها لتجد الظلام يحيطها من كل جانب فعقدت حاجبيها بدهشة وهي تتساءل هل انتهى الغاز فانطفأ القنديل؟بحثت عن هاتفها فلم تجده فازدادت دهشتها أين ذهب الهاتف كان بجوارها قبل قليل هل سقط عن الأريكة؟ نهضت فاصطدمت بشيء بطريقها مدّت يدها تتحسس ما الذي اصطدمت به ليخفق قلبها رعبا وهي تشعر أنها ليست بمنزلها على الجزيرة..إذا أين هي؟ هل تمّ خطفها؟! عشرات الأسئلة تتسارع داخل عقلها وهي تحاول التعرّف على المكان الذي يحيط بها قبل أن يفتح الباب ويظهر أمامها ضوء من شمعة يمسكها خيال كبير الحجم لدرجة مفزعة فشهقت وهي تتراجع للخلف لترتجف ما إن تحدث الخيال: "إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبة؟" "مَن أنتَ؟ وماذا أفعل هنا؟" هتفت به بحدة تحاول إخفاء رعبها ليصلها صوته الجهوري وهو يهتف بها: "يا لكِ من وقحة يا آنسة.. أنتِ من اقتحمتِ منزلي بكل وقاحة بل وقطفتِ من زهوري أيضا بكل جرأة والآن تسأليني عمّن أكون؟ هذا السؤال من المفترض أن أوجّهه أنا لكِ" "قطفت زهوركَ! اقتحمت منزلكَ! لماذا لا أتذكّر شيئا من هذا كله؟" تمتمت بها ميلا وهي تشعر أنها داخل حلم ما.. هل نامت وتحلم الآن؟!هل هذا ما عليه الأمر؟! إذا لماذا تشعر أن كل شيء حقيقي لدرجة مفزعة؟! "كلا هذا ليس حلم بل واقع يا آنسة, وكفّي عن التظاهر بفقدان الذاكرة..أعرف مَن هنّ مثلكِ جيدا, ولكنكِ مَن لا تعرف عاقبة ما فعلتيه" قال الخيال مهاجما إياها بعنف جعلها تشعر بالغضب رغم رعبها منه.. "ما الذي تقوله يا هذا؟ أنا لم أفقد ذاكرتي وأعلم جيدا من أنا.. ما لا أتذكره هو كيف جئت إلى هنا ومن أنتَ؟ ربما تكون أنتَ مَن خطفتني" هتفت ميلا بغضب وأي رد فعل انتظرته لن يكون مثلما حدث بكل تأكيد فقد قهقه الخيال عاليا بطريقة أثارت قشعريرة باردة على طول عموها الفقري وهي تشعر أنها دخلت بيت الشيطان ويبدو أنها فعلت حقا! اقترب منها الخيال لتتضح ملامحه في ضوء الشمعة شيئا فشيئا حتى وقف أمامها لا يبعد عنها إلا بضع إنشات فاتسعت عيناها بصدمة وهي ترمق وجهه المشوّه بل هو أقرب إلى الوحش منه إلى البشر! طالعها بنظرة ساخرة وهو يدرك سبب رد فعلها المفزوع ما إن رأت ملامحه لوى شفتيه ساخرا وهو يهمس داخله وهل هناك ملامح من الأساس؟! "أنتَ.. أنتَ.." قالت بتلعثم ليقاطعها ساخرا: "أنا ماذا؟ وحش؟" زمّت شفتيها تحاول التظاهر بالكياسة ولكنها لم تستطع التحكم برد فعلها العفوي وهي تومئ له ولدهشتها ضحك عاليا بمرح وهو يقول: "بعد كل شيء أحب الصادقين" "أعتذر.." همست بأسف فأجابها: "ولِمَ الاعتذار؟ أنا حقا وحش وهذه قلعتي وأنتِ انتهكتِ حدودها لذا عليّ معاقبتك" اتّسعت عيناها بصدمة قبل أن تدرك أنها داخل حكاية أخرى من حكايات الكتاب ربما هذه المرة حكاية الجميلة والوحش!ولكن رغم إدراكها ذلك ظلّت خائفة ولم تستطع الاطمئنان خاصة بعدما أشار لها قائلا: "هذه ستكون غرفتكِ واعلمي أنكِ لن تستطيعي الهرب مني فلا تحاولي حتى لا تقومي بأذية نفسكِ" وقبل أن تجيبه كان يغادر مغلقا الباب خلفه بعدما ترك لها الشمعة. جلست على الفراش مرة أخرى وهي تتمتم: "هل حقا هذه حكاية أخرى أم حلم؟" ظلّت تنظر حولها على ضوء الشمعة الخافت وهي تفكر.. لو كان حلما فستفيق منه حتما ولكن ماذا لو لم يكن ماذا ستفعل وقتها؟! خطر لها خاطر غريب.. أنها ربما غاصت أعمق مما هو مسموح! كيف؟! لا تعرف! ولكن هذا ما تشعر به، أغمضت عينيها وسرعان ما راحت بسبات عميق لم تفق منه إلا باليوم التالي صباحا ولكنها أفاقت لتتأكد أن كل ما يحدث حقيقي وليس حلما وهذا أثار رعبها لأبعد حد. "هل أنتَ متزوج؟" خرج السؤال منها بعفوية دون أن تستطيع منعه فمنذ شهر كامل وهي بالقلعة والتي كانت حصينة كالقلاع الحربية لم ترَ سواهما والخدم..كل هذا الثراء ولا زوجة؟ أو عائلة؟ أي أحد يمت له بصلة! شابت ملامحه ابتسامة ساخرة قبل أن يقول: "وهل الوحوش تتزوج؟" زمّت شفتيها بحنق قبل أن تقول له: "لماذا تنعت نفسكَ بالوحش؟ الوحوش قاسية القلب وأنتَ لست مثلهم أبدا.." رمقها بدهشة فأخفضت بصرها بخجل وهي تعي تسرعها وما نطقت به قبل أن تقول بجدية تحاول تنحية المشاعر التي تلح عليه بسبب فترة تعاملها معه: "ربما أنا أكثر مَن يشعر بكَ فقد عشت حياتي كلها أرى نفسي قبيحة حتى قبل أن توصمني نظرات الناس بذلك.. عشت أبتعد عن الجميع حتى لا أستمع لكلماتهم المسمومة.. دفنت نفسي بكل غباء وقلة حيلة وابتعدت عمّن اهتموا بي وأحبوني حقا لأوهام جلبتها لنفسي بنفسي.. والنتيجة أن أضعت عمرا كاملا أعيش وحيدة وخائفة من شيء ربما لن يحدث من الأساس" نظراته إليها كانت تحمل معاني كثيرة لم تستطع تفسيرها لذا تابعت بهدوء: "كُف عن النظر لنفسك كوحش وقدّر نفسكَ قدرها الحقيقي وقتها فقط سيقدّرك مَن حولك وستجد سعادتكَ" "إذا تزوّجي بي" قالها بلهفة فاتسعت عيناها بدهشة قبل أن تغمضها بخجل وهي تهمس بتردد: "ولكن.." "أنا أحبكِ ميلو" قالها بصوت أجش من العاطفة فاختفت كل كلمات الرفض التي كانت ستلقيها بوجهه وهي تظنه يريدها فقط لأنها تشبه حالته ولكن صوته المتخم بالعاطفة ونظراته الملهوفة جعلها تعرف أنه يحبها حقا لذا أومأت بخجل وهي تقول: "حسنا موافقة" ما كادت تلفظ بالكلمة حتى كان يعانقها بقوة يضمها لصدره بقوة وبحنو يهمس بحبها فتشعر بالتغيّر الذي يحدث له!قامته أصبحت أقل ضخامة, اختفى الشعر الذي يغطي ملامحه والتشوه الذي أخفى ملامح وجهه وظهرت وسامته التي صعقتها وهو يهمس لها: "ظننت أن ما أصابني قديما هو السحر ولكن منذ أنرتِ حياتي وقد أدركت أن السحرالحقيقي يكمن بعشقكِ فقط" "أحبكَ" قالتها بعشق لا ينضب ليجيبها بقبلة حارة أذابتها ونقلتها لعالم مازالت تحبو فيه إلى جواره، فجأة وهما بخضم حبهما كان هناك حاجز يُرفع بينهما فامتدت أيديهما تحاول التشبّث دون جدوى لتمتلئ المآقي بالدمع وكل منهما يرمق الآخر بنظر خوف أن يضيع منه بعدما وجده.. "ماذا يحدث؟" هتفت ميلو ليأتيها صوت من خلفها يقول: "ألم تفهمي ما حدث بعد؟" التفتت له بخوف تكاد لا ترى المتحدث من الدموع التي تتساقظ دون أي إرادة منها "ماذا يحدث؟ ومَن أنت؟" "لقد دخلتِ لإحدى أعمالكِ ميلو.. هذا بطل روايتكِ الأخيرة" قال الصوت ينتزعها من حلمها القصير بقسوة لتهتف بألم: "أكل هذا كان حلما؟ أكل هذا الحب غير حقيقي؟" "يمكنه أن يكون حقيقي ميلو ولكن هل أنتِ مستعدة لدفع الثمن؟ فلا شيء بهذا العالم دون ثمن؟ والأهم هل يستحق هو هذا الثمن؟" قال الصوت مرة أخرى ينتظر ردها الذي لم يتأخر وهي ترى وحشها الحبيب على الجانب الآخر للجدار يتلمّسه بجنون ينادي عليها بلهفة وخوف.. "أجل مستعدة وهو يستحق.. ما هو الثمن؟" قالتها بلهفة وثِقة بحبه فعاد الصوت يقول: "الثمن أن يكون طريقكِ بلا عودة ميلو ستظلّي مع الوحش للأبد ولن تكون هناك عودة لعالمكِ الحقيقي" صمتت للحظات ثم ألقت نظرة أخرى على حبيبها الذي مازال يصارع للوصول لها لتومئ للصوت وهي تقول: "موافقة" "دون ندم؟" عاد الصوت يؤكّد عليها لتومئ بقوة وهي تقول: "أجل دون ندم" شعرت بشيء يضرب أعماقها قبل أن يختفي الجدار بينهما ويستطيع حبيبها الوصول إليها مرة أخرى ليضمّها بقوة وخوف أن تضيع منه مرة أخرى فيما ضمّته هي بحب وثقة باختيارها. "يا إلهي ميلا.. ما هذا الإبداع يا فتاة؟ لقد خطفتِ قلبي بهذه القصة" هتفت ميندي التي انتهت لتوّها من قراءة القصة التي كتبتها ميلا بالجزيرة وأرسلتها لمسئول دار النشر قبل حضورها للمدينة لقضاء العطلة مع شقيقها وزوجته وابنهما الصغير. "حقا ميندي؟" سألتها ميلا بقلق فرمقتها ميندي بدهشة وهي تقول: "ما بالكِ ميلا؟ لماذا لست واثقة ككل مرة؟" زفرت ميلا بقوة قبل أن تقول: "لا أدري ميندي..ربما لأنني أنتظر رأي خبير هذه المرة..وربما لأنني أخشى أن يكون كل هذا حلم وأستيقظ منه على اللاشيء" زمّت ميندي شفتيها بحنق من هذه الحمقاء التي لا تعرف قدر نفسها "أتمنى لو عرفتِ قدركِ مثلما عرف الوحش وجميلته قدرهما ميلا" هتفت بها ميندي فابتسمت ميلا بحب وهي تقول: "أحبكِ كثيرا ميندي.. وأشكر الرب كثيرا على عطاياه الثمينة لي ولأخي بوجودكِ وماكسين بحياتنا" "اووه مزاجكِ عاطفيا كثيرا هذه الأيام" هتفت ميندي بمرح فابتسمت لها ميلا بحب قبل أن يقاطعهما حضور أنتوني ومعه آخر شخص تريد رؤيته بهذه اللحظة! "كيف حالك ماكس؟" قالتها ميندي بجفاء فابتسم لها ماكس بلطف وهو يقول: "بخير كيف حالكِ ميندي؟" "كنت بخير" قالت ميندي ساخرة ولكنه تجاهلها وهو يحيّي ميلا بابتسامة رقيقة: "كيف حالكِ ميلا؟ افتقدتكِ كثيرا" أجبرت نفسها على الابتسام وهي تقول بخفوت: "بخير ماكس" تعالى رنين هاتف ميلا بعد جلوسهم بلحظات فالتقطته بلهفة أثارت فضول ماكس وهو يراها تنهض مبتعدة عنهم حتى تجيب المكالمة ثم تتورّد وتقبض كفها الآخر وتبسطه بارتباك فعلم أن من يهاتفها يمدحها او يتغزّل بها! الخاطر الأخير جعله يحترق كليا وهو يفكر هل تأخّر وضاعت منه ميلا؟! عادت إليهم وهي تشعر بالسعادة تضم أنتوني لها بحب وهي تقبّل وجنته ثم تقبّل وجنة ميندي قبل أن تحيّيه مبتعدة عنهم متعلّلة بلقاء أحدهم. "أين ذهبت ميلا؟" سأل ماكس قبل أن يستطيع منع السؤال فرمقه أنتوني بدهشة فيما لوت ميندي شفتيها بشماتة لاحظها ماكس جيدا وأنتوني يجيبه: "ولماذا تسأل ماكس؟" "أنتوني.." هتف ماكس فرمقه أنتوني بتساؤل عمّا يريد قوله فأغمض عينيه للحظات قبل أن يفتحها ويقول: "أنا أحب ميلا وأريد الزواج بها" شهقت ميندي بصدمة فلم تظن أنه سيصرّح بها أمام أنتوني وازدادت صدمتها وهي ترى أنتوني يضحك قائلا: "وأخيرا يا رجل.. لقد كدت أيأس منكَ أيها الأحمق" فغر ماكس فاهه بانشداه فيما صدحت ضحكة ميندي وهي تهتف بزوجها: "أيها الماكر" غمزها أنتوني بعبث قبل أن يقول لماكس بجدية: "أنت تعلم مكانتكَ لدي ماكس ولكن ميلا ليست أختي الصغيرة فقط بل هي أقرب لابنتي بالمشاعر لذا لو جرحتها لن تكون نهاية صداقتنا فقط بل نهاية حياتك ككل" "اووه مسكين ماكس" قالت ميندي بمرح فابتسم ماكس رغما عنه قبل أن يقول لصديقه مربّتا على كتفه: "لا تقلق" ثم سرعان ما عاد لسؤاله الأول: "أين ذهبت ميلا؟" جالسة بالمطعم الذي ستقابل فيه الناشر تشعر بالتوتر يسيطر عليها لتسمع صوت مألوف لها يهتف باسمها.. التفتت لتتجمّد وهي تجده أحد الشباب الذي كان معها بالجامعة والذي بالكاد تعرف اسمه.. "مرحبا ميلا, كيف حالكِ؟" "بخير جيمس, كيف حالكَ أنتَ؟" قالت ميلا بلطف لترتبك وهي تجده يجلس إلى طاولتها ولم تعرف ماذا تخبره! ضحك جيمس بخفة وهو يلاحظ ارتباكها قائلا: "اهدأي ميلا, فأنا من تنتظريه" رمقته بدهشة وهي تقول: "أنتَ..." قاطعها مقدما لها بطاقة عمله وهو يقول: "أجل انا مالك دار النشر..... وأنا من تواصلت معكِ" ظلّت على ارتباكها للحظات قبل أن يقاطعهما صوت مرح: "هل حانت لحظة صدمتي أنا أيضا؟" "يا إلهي ألم تستطيعي الصبر قليلا؟" هتف جيمس بمرح بالمرأة التي تجاور مقعده لتهتف ميلا بصدمة: "آنّا!" ثم تابعت بريبة: "أهذه مزحة ما؟" قهقهت آنّا وهي تضم ميلا بحب ثم جلست وهي تقول: "الأمر كله مصادفة ميلا, لقد تابعت مدوّنتكِ منذ فترة وعشقت كل حرف تكتبينه لذا أخبرت جيمس عنكِ وأنا حتى لا أعرف من أنتِ وعندما تحرّى عنكِ جيمس علم أنكِ ميلا زميلة دراستنا الشقراء الجميلة التي كان مفتونا بها وقتها" "آنّا.." اعترض جيمس بحرج فابتسمت ميلا بعدم تصديق.. هل كان أحدهم معجبا بها وهي لم تعلم؟ بل نعتتها آنّا بالجميلة! هل هذا حلم من نوع ما؟! تابعت آنّا ضاحكة: "ماذا جيمس لقد مرّت سنوات لا تخجل عزيزي.." التفتت لميلا الصامتة مرة أخرى وهي تتابع ما حدث: "وهكذا تمّ الأمر وأرسل لكِ بصفته الناشر وأنا هنا رغما عنه فقد كان يريد اللقاء الأول أن يكون عمليا بحتا ولكنه لا يستطيع الوقوف أمام رغباتي.. أليس كذلك حبيبي؟" رفع جيمس يديه لأعلى وهو يؤكّد: "إنها الحقيقة حبيبتي" ابتسمت لهما ميلا وهي تشعر بالسعادة لرؤية الحب الصادق بينهما..وأيضا للصدفة الجميلة التي جمعتها بأصدقاء دراستها ولحظات وكان جيمس يبدأ بإبداء رأيه بالعمل الذي أرسلته له والاتفاق معها على كافة التفاصيل المتعلقة بالنشر، دلفت إلى منزل أنتوني وهي تكاد تحلّق من السعادة.. لقد تحقق أحد أهم أحلامها أخيرا وسيتم نشر جميع أعمالها ورقيا ويتم عرضها بأكبر المكتبات بالبلد بل ربما تطوف العالم ويتم ترجمتها لأكثر من لغة! "لقد تأخرتِ" انتفضت ميلا برعب وهي تسمع صوت ماكس بجوار أذنها فنظرت له بصدمة قبل أن تسأله: "ماذا تفعل هنا؟" "لماذا تأخرتِ وأين كنتِ كل هذا الوقت؟" سألها ماكس ببعض الغضب والغيرة تجتاح كيانه فقد علم من أنتوني أنها ذهبت للقاء مالك دار النشر ليتفقا معا على تفاصيل نشرها لأعمالها. رفعت حاجبيها لأعلى وهي تهتف: "وما دخلك أنتَ ماكس؟" زمّ شفتيه بقوة قبل أن يجذبها له فجأة فسقطت على صدره وامتدت يداها تتشبّثان به دون وعي وهي تشهق.. "يا إلهي ميلا كم أحبكِ" تجمّدت بين يديه لا تدرك ما يحدث!هل هي داخل حلم ما؟! "ماكس.." همست ميلا علّها تفيق مما يحدث معها فاشتدت ذراعيّ ماكس حولها وهو يقول: "أحبكِ ميلا وكم كنت أحمقا وأنا أقاوم مشاعري تجاهكِ طوال سنوات.. أحبكِ وأريد الزواج منكِ فهلّا تزوّجتِ بي؟" "لا.." همست ميلا بعدم تصديق فرمقها بصدمة وهو يقول: "لا! لا توافقين عليّ؟ لا تحبيني؟ ميلا أنا.." صمت للحظات وهو يحاول التركيز في جملة يقولها لها علّها تبدّل رأيها فيما حاولت هي التحدث لتفهمه أنها لا ترفضه ولكنه هتف قبل أن تنطق: "لا يهم ميلا.. سأجعلكِ تحبيني, أو لا تحبيني فحبي يكفينا معا" "ماكس هل أنتَ بخير؟ هل أحلم؟" همست ميلا ودموعها تتساقط على وجنتيها بعدم تصديق..هل تحقق حلميها بليلة واحدة؟ هل هذا ممكن؟! "سأكون بخير لو وافقتِ على الزواج بي ميلا" قال ماكس بيأس لتبتسم ميلا من بين دموعها وهي تقول: "موافقة" "ميلا أنا.." بدأ ماكس ولكنه توقف فجأة وهو يهتف: "هل وافقتِ حقا؟" أومأت ميلا ضاحكة من بين دموعها ليختم موافقتها بقبلة حارة وهو يهمس لها: "أحبكِ ميلا, أعدكِ ألّا تندمي أبدا"