Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الرابع (الحاضر)

تسبح بمتعة على ظهرها مغمضة عينيها تشعر بالاسترخاء وهي تفكر بحديث ميندي زوجة شقيقها منذ فترة..تريدها أن تترك عالمها الافتراضي خلف الشاشة وتخرج وتختلط بالواقع فهي بالخامسة والعشرين من عمرها ولابد لها من الوقوع بالحب والزواج فلن تظل مختبئة للأبد خشية النبذ أو السخرية..هي لم تعد الصغيرة ذات العوينات السميكة والشعر الباهت والجسد ال... "ولكنه مازال مكتنزا.." همست بحنق وهي تسبح عائدة للشاطئ وصوت ميندي يصلها من ذاكرتها معنّفا: "أنتِ لستِ طفلة ميلا.. لابد أن تخرجي للعالم الواقعي وتقعي بالحب, ألا تريدين الزواج وإنجاب أطفال؟! عندما أرى معاملتكِ مع ماكسين أعلم أنكِ ستكوني أما عظيمة, لا تحرمي نفسكِ هذه الهبة ميلا من أجل شخص أحمق.. عودي للحياة الطبيعية ولا تخشي شيئا" وبالطبع الشخص الأحمق هو ماكس الذي تهرب من مقابلته منذ سنوات بكل مناسبة وحتى بزفاف شقيقها ابتعدت عن دربه كليا حتى لا يتذكّر موقفها المخزي أمامه بحفل تخرّجه وهو ما أخبرته لميندي وقتها حتى تساعدها على الاختفاء وعدم الظهور أمامه، ميندي الصديقة الوحيدة التي حصلت عليها وكم شعرت بالسعادة أنها تزوّجت بشقيقها الحبيب فهما يليقان ببعضهما كثيرا..هو برزانته وهي بجنونها المحبب! وقتها ساعدتها حقا وهي وعدتها أنها ستنسى كا شيء عنه وتركّز بحياتها ولكنها لم تستطع أن تفي بوعدها فماذا تفعل بقلبها الذي يتوق له وحده؟! وماذا تفعل بعقلها الذي لا يفكّر إلا به حتى أنها أطلقت اسم ماكسين على طفل شقيقها ووقتها عنّفتها ميندي على حماقتها وأخبرتها أن شخصا عابثا مثله لا يستحقها وعندما شعرت بحزنها أخبرتها أنها لا تظن أنه يتذكّر ما فعلته وهي مراهقة ولكنها مازالت تشعر بالخزي من مقابلته حتى يومها هذا وبنفس الوقت عجزت أن تتخطّاه فهي مازالت تفكر به وتحلم بالقبلة الوحيدة التي حظيت بها منه وبالواقع هي القبلة الوحيدة التي حظيت بها على الإطلاق!وها هي كلما حاولت أن تذهب للمدينة وتترك الجزيرة تشعر أنها غير مستعدة فتؤجل كل شيء لوقت آخر ويبدو أن هذا الوقت لن يأتي أبدا، ممدّدا على الرمال مغمضا عينيه باسترخاء وها هو أخيرا قد حصل على العطلة التي تاق لها بعد تعبه الكبير في العمل في الفترة الأخيرة فلم يحصل على عطلة حقيقية منذ سنوات لذا قرر أن يدلّل نفسه بعدما وصل إلى ما يريده بالعمل أخيرا، جزيرة جد أنتوني ساحرة حقا والكوخ الذي يسكن به مريح وكم شعر بالدهشة عندما وجد الكثير من الطعام والمستلزمات التي قد يحتاجها خلال مدة مكوثة في الجزيرة وتساءل من أحضرها ومتى؟! طريقة الوصول للجزيرة عن طريق قارب يستقلّه من قرية قريبة للجزيرة مع فتى يعرف الجزيرة جيدا فعلى ما يبدو أنه وعائلته الوحيدون الذين يُسمَح لهم بدخول الجزيرة بما أنها أملاك خاصة لجد أنتوني وقد أورثها لشقيقته الصغيرة لفرط حبها لها ولكن هل تعيش أخته هنا أم لا؟! منذ سنوات لم يرها ولا يعرف لِمَ هو فضولي هكذا لرؤيتها على الرغم أن آخر مرة تواصل معها كانت نهايتها قُبلة غير مكتملة وهروب من جهتها باكية! حتى بزفاف أنتوني لم يستطع التمعّن بها فلم تظهر سوى للحظات كل فترة ولم يستطع الاقتراب منها أبدا وللصدق هو اهتمّ وقتها بالحسناوات اللاتي ملأن حفل الزفاف عن مطاردة شقيقة صديقه الصغيرة،ابتسامة مسترخية ارتسمت على وجهه وهو يغبطها على إرثها فالجزيرة هادئة ومريحة للأعصاب بشكل جعله يخلد للنوم قبل أن يستيقظ وملامحه تنكمش وهو يشعر بقطرات ماء باردة تطاله فانتفض بقوة فاتحا عينيه وهو يجلس ملتفتا حوله فلم يرَ أحدا إذا كيف وصلت له قطرات الماء تلك؟ لقد ظنّ أن أحدا يلعب حوله أو رشقه بماء البحر الذي يسترخي أمامه وهو ما سيصدمه مؤكدا بهذه الجزيرة الخالية إلا منه ولكنه لم يجد أحدا وقبل أن يتجاهل ما حدث ويعود لاسترخائه وغفوته أبصر جنّية أحلامه تتجسد أمامه خارجة من البحر الفارغ منذ لحظات فقط! أين كانت هذه وهو ينظر للبحر ولا يجد أحدا؟! خرجت من البحر تتهادى برقة لجمت مشاعره التي لم تُلجَم يوما..ظلّ يرمقها مشدوها فاغرا فاهه كالأبله ونظراتها المغوية تأسر عينيه العابثتين بقوة غريبة تتسلل لهذا الكائن داخل صدره والذي يشعر بنبضاته الرتيبة المملة دوما تقفز قفزا بهذه اللحظة! اقتربت منه مباشرة ثم توقفت أمامه وهي تقول: "كيف حالك ماكس؟" رمقها بانشداه وهو يقول: "كيف تعرفين اسمي؟ هل تعرفيني؟" "ألا تذكرني؟" سألته بابتسامة رقيقة ليحرّك رأسه نافيا وهو يهمس: " لا.. هل أعرفكِ؟" أومأت بابتسامة خلابة وهي تقول: " أجل عشنا مغامرة معا قبل سنوات" والمغامرة بعُرفيهما مختلفة تماما, فبينما هو مغامراته كلها عاطفية مكللة بأفعال غير بريئة.. مغامرتها هي بريئة كبراءتها التي تحافظ عليها حتى هذه اللحظة! "لا أعلم هل ستتذكّرني أم لا .. أما أنا فأتذكّرك جيدا" قالت بابتسامة مغوية ليبادلها الابتسامة بأخرى عابثة وهو يقترب منها قائلا: "وهذا هو المهم, أن تذكرني ساحرة مثلكِ لهو أمر عظيم وأعدكِ ألّا أنساكِ مرة أخرى أبدا" وقف أمامها وما إن بسط يده حتى يلمسها شعر بالماء يغمر وجهه فانتفض بقوة وهو يفتح عينيه ليعلم أن الحورية وكل ذلك كان حلما وها هو استيقظ ليجد...مَن هذه؟! تساءل وهو يرمق من تقف أمامه متخصّرة بدهشة تحوّلت لصدمة ما إن هتفت به: "مَن أنتَ وكيف وصلت إلى هنا بل ماذا تفعل هنا بالأساس؟" "أنا ماكس وهذه جزيرة صديقي" أجابها ماكس وهو يحاول التعرّف عليها..هل هذه الجنّية التي تقف أمامه شقيقة أنتوني الصغيرة؟! هل حقا تغيّرت لهذا الحد الساحر المغوي ال... قاطعت أفكاره وهي تسأله ساخرة: "وماذا تفعل هنا ماكس؟ على حسب علمي لا توجد حسناوات تلهو معهنّ على الجزيرة فكيف تحتمل الهدوء والوحدة؟" هل تسخر منه الصغيرة؟! لوى شفتيه وهو يحدّق بها غير قادر على الاستيعاب أن عدة سنوات غيّرتها لهذه الفاتنة ليهتف به صوت داخله.. (كانت دوما فاتنة فقط أنت من كنت أعمى ماكس) أومأ وهو يتمتم: "أجل كنت أعمى حقا" "ماذا تقول أنت؟ هيّا سأهاتف الفتى الذي ينقل الزائرين ليقلّك للقرية في الحال" هتفت به ميلا التي شعرت بالجنون وهي ترى محور أحلامها المخجلة أمامها بل ومستلقي باسترخاء تام.. كيف حضر إلى هنا ومتى؟ كيف لم يخبرها أنتوني بوصوله بل كيف يحضره إلى جزيرتها دون علمها وهو يعلم أنها لا تطيقه! أجل فمنذ سنوات وهي تتظاهر أمام شقيقها أنها لا تحب صديقه حتى لا يجبرها على أي لقاء بينهما..وبالرغم من قلبها الذي يخفق بقوة داخل صدرها إلا أنها ركّزت على إحساس الغضب داخلها حتى تستطيع التعامل معه فكل أفكارها الحالمة والرومانسية تبخّرت عندما وجدته أمامها مسترخيا وهي التي تكاد تحترق وهي تفكر به وتحلم به يوميا! "أنا لن أذهب لأي مكان حتى أقرّر ذلك ميلا, لذا عليكِ احتمال وجودي هنا" قال ببرود وهو مازال يحدّق بها يشعر أن هناك شيء فاته ولا يعلم ما هو! تحديقه بها جعلها تشعر بعدم الراحة خاصة وهي مازالت ترتدي ثوب البحر الفاضح من وجهة نظرها وكعادتها فهمت تحديقه بطريقة خاطئة..فبينما هو مسحور بها ظنّته هي مزدريا خاصة وهي تعلم أي حسناوات رافقهن طوال سنوات ورغم ذلك لم يظل مع أي منهن سوى أسابيع. "لا حق لكَ بالتواجد هنا ماكس, الجزيرة ملك لي حتى أنتوني لا حق له بجلبك هنا دون إذني" هتفت تهاجمه حتى تحارب إحساسها الداخلي بالخجل من هيأتها أمامه والجرح من نظراته التي فسّرتها بالامتعاض. "ولكني هنا وانتهى الأمر ثم أنني هنا منذ عدة أيام ولم أركِ قبلا..أي أننا يمكننا المكوث بنفس المكان ولا يزعج أي منّا الآخر" جادلها ببرود وهو يكاد يضحك على حدتها بالحديث..لا يفهم لِمَ تعامله بهذه الطريقة! هل لهذا علاقة بتلك الليلة منذ عدة سنوات؟! زمّت شفتيها بحنق قبل أن تقرر تجاهل وجوده حتى لا تثير تساؤلاته عن كرهها لوجوده حولها لذا أومأت بهدوء ظاهري وهي تقول: "حسنا ماكس, يمكنكَ المكوث هنا ولكني لا أريد أن أشعر بوجودكَ أبدا, أنا أقدّر وحدتي كثيرا ولا أطيق التواجد بجوار أناس خاصة الذكور" وقبل أن يرد عليها كانت تغادر رافعة رأسها بثقة لا تشعر بها حقا أما هو فتبعها بنظراته ودون وعي منه كان يرسم قدّها المكتنز الساحر وخصلاتها الطويلة المبللة بماء البحر والتي تنسدل على ظهرها بتشعّث محبب له وهو يشعر بالدهشة من مشاعره تجاهلها! هل لوجوده بجزيرة معزولة دور بمشاعره تلك؟ أم أنه حقا انجذب لشقيقة صديقه الصغيرة التي نبذها من أجل براءتها سابقا! عادت للمنزل الذي تسكن به والذي لا يبعد عن الكوخ الذي يقطنه ماكس الكثير وهي تتساءل كيف يتواجد هنا منذ عدة أيام ولم تره؟! بالتأكيد هذا فِعل ميندي فشقيقها لا يجرؤ على دعوة أحد لجزيرتها خاصة وهو يعلم أنها تكره صديقه كما جعلته يظن لسنوات، التقطت هاتفها المتصل بالقمر الصناعي وهاتفت زوجة أخيها وما إن أجابت الهاتف حتى بادرتها ميلا: "كيف تفعلين هذا بي ميندي؟" "اهدأي ميلا وأخبريني ماذا فعلت؟! ولماذا أنتِ ثائرة هكذا؟" راوغتها ميندي وقد أدركت أنها اكتشفت وجود ماكس بالجزيرة بكل تأكيد أجابتها ميلا بغضب: "كيف تحضرينه لجزيرتي ميندي؟" تهدّج صوتها وهي تتابع: "أنتِ من بين كل الناس أخبرتكِ عن مشاعري تجاهه والتي مازالت متأججة بقلبي رغم مرور كل هذه السنوات..أخبرتكِ بما حدث بيننا تلك الليلة ورغم كل ذلك تحضرينه لمكاني؟! هل تدركين بِمَ شعرت عندما رأيته أمامي فجأة؟" "ميلا.." همست ميندي بتعاطف مع أخت زوجها الصغيرة والتي تعشقها وتعدّها أختا لها تابعت ميلا بأسى ودموعها تنهمر دون وعي: "لقد شعرت بالصدمة أولا ثم شعرت بالخجل وأنا أرى نظراته المزدرية والتي ذكّرتني بتلك الليلة التي أتمنى لو تنمحي من حياتي للأبد" زفرت ميندي بأسى قبل أن تقول لها: "ميلا, حبيبتي أنتِ فقط من ترين النظرات كازدراء, لا أحد ينظر لكِ بازدراء يا صغيرتي.. على العكس هناك الكثير من المعجبين يريدون التقرّب منكِ ولكنكِ لا تمنحي لأحدٍ فرصة لذلك بل تهربي على الفور عند اقتراب أحدهم منكِ.." صمت ران للحظات بينهما قبل أن تتابع ميندي: "أنتِ من تحبسين نفسكِ داخل قوقعة وتعيشين بالخيال لذا لا تري حقا ما يحدث على أرض الواقع..لا عيب بأحلامكِ ومشاعركِ ولكن عليكِ منح من حولكِ فرصة للاقتراب منكِ عليكِ منح نفسك الفرصة لتكوني محبوبة.. لتكوني أميرة شخص ما كما حلمتِ دوما.." صمتت للحظات قبل ان تقول محاولة إقناعها: "هل تذكرين ليام؟ زميلي بالعمل الذي رآكِ بعيد الميلاد الماضي.. يتوق لرؤيتكِ من جديد ويصر على أن يأخذ رقمكِ حتى يهاتفكِ وتتواعدان ما رأيكِ ميلا؟" صمتت للحظات قبل أن تقول بهدوء وقد كفّت عن البكاء: "ليس الآن ميندي.. ربما بعد بعض الوقت ولكني حقا غير مستعدة للدخول بعلاقة بالوقت الحالي" همّت ميندي بالرد عليها بغضب ولكنها كبحت غضبها وهي تقول: "حسنا ميلا, ولكني لن أترككِ طويلا بهذه الحالة..يكفي السنوات التي ضاعت من عمركِ وأنتِ تعيشين بوهم من صنع خيالكِ فقط" لم تره بعد هذه الليلة أو ربما هي من ابتعدت عن دربه فحبست نفسها بالمنزل وغرقت بين قصصها تكتب وتكتب حتى أصابها التعب وشعرت بعقلها فارغ تماما فارتأت أن تسبح قليلا قبل أن تمضي أمسية هادئة مع كتاب ما، وعلى ذِكر الكتب تذكّرت الكتاب الذي تركته لها والدتها والذي أعطاه لها جدها بعيد ميلادها الذي سبق موته مباشرة والذي لم تفتحه حتى هذه اللحظة! فهو عن الأساطير وهي بعد موقفها القديم مع ماكس لم تعد تؤمن بوجودها وبإمكانية تحقيقها كالسابق فتركته مكانه بخزانتها ولم تقترب منه.. ربما تفتحه الليلة فهي بحاجة لتريح عقلها المرهق من التفكير قليلا علّها تصل لحل لحالتهاوقرار لحياتها الآتية، سبحت قليلا حتى حلّ الظلام فاستلقت على الشاطئ تنظر للسماء تعد النجوم كما كانت تفعل مع جدها لترتسم ابتسامة خلّابة على ثغرها وهي تشعر بالانتعاشوتتذكر كلمات جدها الحبيب الراحل ذات مرة.. "كنت أستلقي مع جدتكِ على الشاطئ هكذا نعد النجوم ونخمّن أشكالها ونتسابق فيما بيننا من سيعد أكثر من الآخر والفائز يطلب طلبا من الآخر وعليه تنفيذه وبالطبع كنت أفوز دائما حتى أحقق كل رغباتي وكانت هي كلما طلبت منها طلبا وقحا تضحك بخجل وتخفي وجهها بكفيها قبل أن تستجمع شجاعتها وتنفّذه لي" صمت للحظات قبل أن يتابع رامقا إياها بحب: "هل تعلمين أنكِ تشبهينها كثيرا ميلا؟ أحيانا أشعر أنني أراها بكِ لذا أطيل النظر إليكِ وأتمنى لو كانت موجودة لتراكِ وتشعر بالسعادة لوجودكِ" رمقته بعدم تصديق وهي تقول: "ولكنها كانت رائعة الجمال جدي ولا تشبهني أبدا!" "أنتِ حمقاء ميلا, لا تعلمين قدر نفسكِ أبدا ولكني لن أقول لكِ شيئا لأنكِ لن تصدقيني, سأترك المهمة للحبيب الذي سيعشقكِ ليخبركِ أي فاتنة تكونيها أنتِ" عادت من شرودها وهي تلوي شفتيها بأسى تغمغم: "للأسف جدي ليس هناك حبيب يخبرني كم أنا مميزة وفاتنة كما أخبرتني تلك الليلة ولا أظن أنه سيكون موجودا أبدا..فالوحيد الذي أتوق له لا يراني من الأساس ولا أظنه سيراني يوما" زفرت بقوة قبل أن تنهض وتسير باتجاه منزلها غير واعية للعينين اللتين تابعانها منذ خروجها للسباحة وحتى عادت لمنزلها، وقف ماكس يتابعها منذ خرجت للسباحة بهذه الثوب الذي يجعل قلبه يتلوّى داخل صدره وأنفاسه تتهدج وهو يتابعها تسبح برشاقة حورية بحر ليتمنى لو لم تكن تكرهه لهذا الحد لكان اقترب وسبحا معا وقضيا عطلة لطيفة، استلقت على رمال الشاطئ ورغما عنه دار ببصره في الأنحاء يشعر بشعور غريب أن يراها أحد بهذه الهيئة الفاتنة سواه..ماذا يحدث له؟! لماذا هو مفتون بها لهذا الحد لا يفهم؟! لا ينكر أنها فاتنة ومميزة ولكنه رأى الكثير من الفاتنات قبلا ولم يظل معهن سوى أسابيع قليلة فلماذا يشعر أنها مختلفة عن الجميع؟! هل لحديث أنتوني الحنون عنها دور بهذا؟! لم يهتم يوما حتى بالسؤال عنها بل على العكس كان يهرب من ذِكر اسمها منذ تلك الليلة على الشاطئ وداخله يشعر بالذنب العظيم تجاهها مما فعله معها على الرغم أن كل ما فعله كان تحذيرا لها أن تكرر ما فعلته مع سواه حتى لا يتم استغلالها حتى أنه لم يفهم لماذا اهتم بها وخاف عليها لهذا الحد؟! هل لأنها شقيقة صديقه الوحيد أم لبراءتها التي ترتسم على ملامحها وعينيها اللتين لم يرَ ببراءتهما قبلا! زفر بقوة قبل أن يتابع رحيلها ودخولها المنزل ثم استلقى مكانها على الرمال يتلمّس دفئها بها وينظر للسماء ليلحظ شهابا يمر بسرعة فوجد نفسه يتمنّى كما طلبت ميلا منه منذ سنوات بموقف مشابه.. (أتمنى لو تكون ميلا لي) تشنّج للحظات وقلبه يخفق بقوة يشعر بشيء سحريّ يلفّه كما حدث تلك المرة قبل أن يصدمه ما تمنّاه عندما أدرك ما نطقه دون وعي! هل بدأ يهذي من الوحدة؟ أم أن هذه الفتاة بها سحر غريب؟! عاد لمنزله وأفكاره كلها محورها ميلا الفتاة الغامضة التي لم يرَ لها مثيلا قبلا، أنهت اغتسالها وأعدّت شطيرتين لتأكلهما وهي تقرأ الكتاب الذي ستفتحه لأول مرة دمعت عيناها وهي تمسك بالمغلف الذي احتوي على الكتاب تضمه لصدرها علّها تشعر بدفء والدتها الذي لم تشبع منه قبل أن يخطفها الموت منها، جلست على الأريكة تتناول شطيرتيها ثم فتحت المغلّف لتتفاجأ بوجود رسالة من والدتها داخله! لم تكن تعلم شيئا عنها أو عن ترك والدتها مثل تلك الرسالة وإلا لفتحته منذ سنوات، فتحتها بيدين مرتعشتين وقلبها يرجف داخل أضلعها تتمنى لو كانت والدتها هي التي أمامها وليست مجرد رسالة صمّاء. (معجزتي الصغيرة ميلا,لو وصلتكِ هذه الرسالة بعيد مولدكِ الحادي والعشرون إذا أنا لم أعد معكِ, لا تحزني معجزتي.. دوما تساءلتِ لِمَ أنعتكِ بمعجزتي الصغيرة! والجواب ليس فقط بسبب معنى اسمكِ بل لأنكِ معجزتي حقا..كنت قد فقدت الأمل بعد ولادة أنتوني بالحمل مرة أخرى وقد أخبرني بها الطبيب بكل صراحة أو ربما وقاحة.. أخبرني أنني قد لا أحمل مرة أخرى لصعوبة الحمل الذي مررت به ولحالتي الخاصة والتي تعتبر نادرة بهذا الوقت..ولكني لم أفقد الأمل بل تأمّلت بالرب أن يرزقني بابنة تكن معجزتي وقرة عين لي وقد استجاب الرب لدعائي ورزقني بكِ لذا كنتِ معجزتي قولا وفعلا، شبهكِ الكبير بوالدتي جعلني أتعلّق بكِ ربما أكثر من أنتوني خاصة بطبعكِ الرومانسي الذي ورثتيه منها ومني على حد سواء..أحلامكِ الرومانسية وحبكِ للأساطير والحكايات الخيالية والتي تصدّقين أنها ربما حقا وقعت وها أنا سأخبركِ بسر خطير حافظت عليه لأورثه لابنتي كما وعدت أمي عندما أخبرتني به، السر هو داخل هذا الكتاب الذي تركته لكِ.. ربما تلاحظين أنه قديم كثيرا وهذا لأنه تمّ توارثه لأجيال منذ جدتي الكبرى لأمي وحتى وصل إليكِ بهذه اللحظة هذا الكتاب كتاب سحري.. تم اكتشافه مكان نيزك قد سقط ذات مرة على جزيرة جدودكِ وبعدها اكتشفنا أن له قدرات سحرية) اتّسعت عينا ميلا بقوة قبل أن تضحك ساخرة وهي تتابع قراءة الرسالة لتجحظ عيناها بصدمة مما كتبته والدتها وكأنها تراقبها بهذه اللحظة! (لا تسخري مني يا فتاة, لقد فعلت مثلكِ قبلا وظننت أنها محض أسطورة حتى اكتشفت أنها حقيقة وأنه حقا سحري بطريقة لن تخطر لكِ أبدا!. سأترك لكِ اكتشاف الطريقة حتى لا أحرق المفاجأة التي تنتظركِ ولكن عديني أولا أن تحافظي عليه وتورّثيه لابنتكِ كما ستورّثيها حب الأساطير والخيال وطبعكِ الرومانسي الرقيق الحالم.. وفي النهاية أتمنى أن تفتحي هذا الكتاب وأنتِ مع حبيبكِ الذي اختاركِ أميرة له ولقلبه العاشق لكِ، أمكِ) انتهت من قراءة الرسالة لتضمها لصدرها وهي تنتحب بحزن تتمنى لو كانت والدتها هنا حتى تبكي بحضنها وتنهل من حنانها الذي تتوق له بهذه اللحظة، زفرت بقوة وهي تمسح وجهها قبل أن تضع الرسالة جانبا وتمسك بالكتاب الذي رغم قِدَمِه الظاهر له بريق يخطف العين.. شعرت بالرهبة للحظات قبل أن تفتح أول صفحة وتقرأ ما بها وهي تلاحظ الحروف اللامعة المتراقصة أمام عينيها وكأنها.... وكأنها خرجت من حكاية أسطورية! (من قلب الأساطير جئت ولقلبها أذهب..فقط لو كنت تؤمن ستصل ..فقط لو أنت قوي ستعود..فقط لو نظرت حولك جيدا سترى..ولو لم تكن هذا كله لن ترى حتى حروف هذه الكلمات الآن بل ستقابلك صفحات بيضاء لم تلوّث بنقطة حبر! حروف كُتِبَت بزمن غابر يتعدّى كل القوانين المعروفة بالعالم, حروف من حبر غير مرئي إلا لمن يؤمن بها! لو رأيتها إذا أنت مؤمن وستعيش المغامرة بكل متعتها وروعتها فاقلب الصفحة واقرأ على مهل) تجمّدت أصابعها على الورقة التالية تخشى أن تقلبها وبنفس الوقت لديها الكثير من الفضول لتعلم ماذا سيحدث وماذا ستقابل وهل هو حقا كتاب سحري كما أخبرتها والدتها أم أنها محض حكاية خيالية؟!أخذت نفسا عميقا ثم قلبت الصفحة فأغشى عينيها نور قوي خرج من بين صفحاته ولم تشعر بشيء لفترة قبل أن تفتح عينيها لتصعق بما رأته! "سندريلا! أمازلتِ بالفراش أيتها الكسولة؟ هيّا انهضي لتقومي بما عليكِ من مهام.. هيّا أيتها الكسولة" ظلّت ميلا ترمق الفتاة التي ظهرت من العدم أمامها بذهول تارة وتلتفت حولها بصدمة تارة أخرى لتلكزها الفتاة بغِلظة وهي تصيح بها: "ما بكِ أيتها البلهاء؟ ألم تسمعيني؟ هيا انهضي سيضيع اليوم بأكلمه وأنتِ بالفراش لا تقومين بشيء" نهضت وهي تشعر أنها داخل حلم لولا أن عيناها مفتوحتان بالفعل! سارت بالمنزل الفخم نوعا ما لتجد امرأة وفتاة أخرى في انتظارها وكل منهما تنظر لها بازدراء مثل تلك الفتاة التي أيقظتها بغِلظة هتفت بها المرأة: "لماذا تأخرتِ بالنوم اليوم سندريلا؟ ألا تعلمي أهمية اليوم لدينا؟" رمقتها ميلا بريبة وهي تقول: "ولماذا اليوم هام لكنّ؟" أصدرت الفتاة الأخيرة بجوار المرأة صوتا ساخرا وهي تقول: "هل أصبتِ بالخرف مع الكسل يا سندريلا؟ الليلة ستكون حفلة الأمير ليختار عروسه ونريد الذهاب باكرا حتى يتسنّى لنا الرقص معه.. هيّا يا فتاة أسرعي بتجهيز الإفطار حتى نستطيع الاستعداد باكرا" أومأت ميلا ببعض الذهول وهي تتجه للمطبخ وكأنها كانت هنا حقا قبلا! وجدت نفسها تتحرك كما لو أنها تعرف المكان وما عليها فعله جيدا..جهّزت الإفطار وقدّمته لهنّ ثم جلست تأكل بضع لقيمات في المطبخ قبل أن تبدأ بمهامها اليومية وأنها تفعلها طوال حياتها! وبعد فترة انتهت من أغلب الأعمال وما إن جلست لتستريح قليلا حتى سمعت نداء إحدى الفتاتين باسمها: "سندريلا, تعالي لتساعديني باختيار ملابسي.. هيّا يا كسولة سنتأخر" زمّت ميلا شفتيها بحنق وهي تتمتم بغضب: "ألم يجد الكتاب سوى قصة سندريلا لأكون بها؟ ألم يكن عليه اختيار حكاية أقل تعبا!" اتجهت للفتاة الأولى تساعدها بالملابس ثم الثانية بعدما طلبتها ثم اتجهت لزوج والدها كما في الحكاية لتطلب منها الذهاب معهن وكما توقّعت رفضت المرأة ذلك وكلّفتها بالمزيد من الأعباء حتى أنها ندمت لطلبها كما في الحكاية التي قرأتها مرارا،غادرن المنزل لتذهب ميلا لتغتسل من عناء اليوم ثم ذهبت لغرفتها لترى ما لديها علّها تستطيع حضور الحفل..كانت تتصرف بتلقائية وكأنها ليست ميلا بل شيء يجبرها على عيش القصة كما قرأت عنها مرارا لذا نسيت مؤقتا مَن هي وهي تتفاعل وتتعامل مع الوضع كما لو أنها سندريلا حقا! لم تجد شيئا كما توقعت فوجدت نفسها تجلس وتبكي لتتفاجأ بمن تظهر لها فجأة وهي تربّت على كتفها بحنو هامسة لها: "لا تحزني سندريلا.. ستذهبي وبهيئة أجمل منهن أيضا هيا انهضي لأرى ما ينقصكِ يا ابنتي" نهضت ميلا ترمقها بعدم تصديق وصوت يهتف داخلها (كل ما تعيشينه سحري ميلا ألازلتِ لا تصدقي؟) لوّحت المرأة العجوز بعصا قصيرة بيدها مرتين فتبدّل ما ترتديه لثوب فخم رقيق باللون الزهري الذي تعشقه ثم حذاء بلوري ناسبها تماما وتاج رفع لها خصلاتها الشقراء الجذابة لتبتسم بسعادة وقبل أن تغادر للعربة التي تنتظرها كما أخبرتها الساحرة العجوز ونبّهتها العجوز: "لا تتأخري عن الثانية عشرة سندريلا فسينتهي السحر وقتها وتعودين لهيأتكِ الأصلية ابنتي" أومأت ميلا بطاعة قبل أن تهرع للعربة بالخارج وهي تشعر بالسعادة والفضول يغمرانها.. تُرَى من هو الأمير وكيف يبدو؟! ولكنها لم تكن مستعدة بأي شكل من الأشكال للصدمة التي في انتظارها!فقد وجدت الأمير هو ماكس! تجمّدت مكانها تنظر له بانشداه غير مصدقة لما يحدث! هل هو ماكس حقا؟! ولكن كيف جاء إلى هنا وكيف..؟! قاطع أفكارها وقوف ماكس أمامها يمد لها يده حتى يرقص معها تاركا كل فتيات الحفل ينظرن له بحسرة ولها بحسد، وضعت كفها بكفه لتلتف أنامله الدافئة حول كفها برقة ثم يضمها له وهو يدور بها بحلبة الرقص يرمقها بإعجاب صريح وهو يحاول سؤالها عن اسمها وهي ترمقه بانشداه تنعم بوجودها بين ذراعيه حتى لو داخل حكاية خيالية لا تعرف متى ستنتهي ولا كيف وُجِدَت داخلها! انتهت الرقصة ليرافقها للشرفة بين العيون الحاسدة ومازال على نظراته المعجبة "ما اسمكِ؟ ومن أي بيت أنتِ؟" قلبها يطرق بين ضلوعها بقوة وهي ترمقه بافتتان واضح لعينيه وما إن همّت بالحديث حتى سمعت دقّات الساعة الثانية عشرة فشهقت بقوة قبل أن ترمقه بحسرة وهي تركض تاركة إياه يركض خلفها ولا يلحق بها حتى كاد يمسك بها لتشهق بقوة وهي تفتح عينيها لتجد نفسها على الأريكة بغرفة المعيشة! أغمضت عينيها للحطات ثم فتحتها مرة أخرى لتجد نفسها مازالت على الأريكة بمنزل الجزيرة فانحنت عيناها بحزن وهي تعود لواقعها الحزين..وحيدة, قبيحة, لا حبيب لها ولا ماكس ينظر لها بإعجاب، خرج من الكوخ بالصباح واتجه لمنزلها ليجد الهدوء يخيّم عليه فزمّ شفتيه بحنق وهو يجدها تتحاشى التواجد بالخارج ولا تقترب من مكانه أبدا، كيف سيراها الآن؟ وكيف سيعرف ما دهاه ومشاعره المرتبكة تجاهها إذا لم يرها أو يتعامل معها؟! هل يطرق بابها؟ ولكن ألن تقتله لو فعلا؟! فكّر بسخرية قبل أن يتقدّم من باب المنزل وهو يطرقه بهدوء..انتظر قليلا ولا رد! كرّر طرقه على الباب بقوة أكبر ولا رد أيضا! هل حدث لها شيء؟! الأفكار السوداء تدور بذهنه مرار وتكرارا ليقرر أن يجد نافذة منخفضة يفتحها ويدخل المنزل ليطمئن عليها ويرى ما حدث لها ولماذا لا ترد عليه، أمسكت بالورقة التالية وهي ترتجف ترقبا وشوقا لما ستدلف إليه هذه المرة! تُرَى ماذا ستكون الحكاية التالية؟! "أتمنى لو لا أتعذّب بها مثل السابقة فلم يعد لدي قوة لأفعل شيئا" تمتمت ميلا ساخرة قبل أن تقلب الصفحة لتشعر بهوة عميقة تبتلعها للحظات ثم تفيق لتجد نفسها بمنزل صغير بالكاد تقف داخله تلفتت حولها بحذر وهي تفكّر بتذمّر: "لِمَ يصر الكتاب على جعلي أقوم بكل الأعمال المنزلة حتى بالحكايات الخيالية؟! هل ينتقم مني؟" انقضى اليوم وهي ترتّب المنزل وتطهو الطعام حتى عودة الأقزام السبعة وقد علمت من المنزل أنها هذه المرة تقوم بدور سنو وايت. لحظات وطرق تعالى على الباب وما إن فتحت حتى ظهرت زوجة والدها المتنكرة وأعطتها التفاحة المسمومة وعلى الرغم أن ميلا تعرف أن التفاحة مسمومة ويجب عليها عدم أكلها إلا أنها وجدت نفسها تأكلها وما إن فعلت حتى سقطت على الأرض صريعة ولم تشعر بشيء حتى أفاقت على قبلة حارة جعلتها تفتح عينيها لتتقابل عيناها مع عينيّ ماكس الذي ينظر لها بنظرات حارة جعلتها تشعر بالخجل الشديد وسرعان ما انتبهت أنه لم يبتعد عنها كما هو متوقع بل ازداد ضغط شفتيه على شفتيها وهو يضمها له أكثر فما كان منها إلا الابتعاد عنه بقوة وصفعه بغضب! دخل ليجدها نائمة على الأريكة بشكل خطف قلبه إعجابا وقلقا! كانت تبدو وكأنها جسد بلا روح! فانشطر قلبه لنصفين خوفا عليها وشعر بالتعجّب الشديد لشعوره هذا على الرغم أنه منذ فترة قصيرة لم يكن ليتذكّر أي شيء عنها! اقترب بقلق وعيناه ترسمان قدّها الساحر الممتلئ بطريقة محببة للعين والقلب..خصلاتها الشقراء اللمتزجة بالعسل تحيط وجهها المستدير الممتلئ ووجنتيها الملوّنتين باللون الأحمر من أثر النوم جعلته يشتهي عضّهما علّه يشعر بحلاوتهما بفمه..أهدابها الشقراء والتي تخفي عينيها الخضراوتين جعلته يريد لإيقاظها فقط حتى يرى عيون القطط الخضراء والتي تحيطها دوائر ذهبية كأهدابها! قدّها الممتلئ بالمنامة الطفولية التي ترتديها بنظره كان أكثر إغواءا له من جميع النساء اللاتي قابلهن بأثواب النوم العارية وهذا ما جعله يشعر بالصدمة من نفسه أكثر.. ما الذي دهاه لينظر ل ميلا الصغيرة بهذه الطريقة؟! تُرَى هو وقع بحبها بهذه الفترة القصيرة أم أنه واقع بحبها منذ سنوات ولذلك يهرب منها ومن مشاعره طوال الوقت بالغرق في أخريات لا يشبهنها أبدا! وضع يده على قلبه يهدّئ من نبضاته قبل أن يجد نفسه بلا وعي ينحني ويلتقط شفتيها بقبلة حارة وهو يحيط بها بذراعيه يكاد يحملها عن الأريكة..ما إن حطّت شفتاه على خاصتها حتى شعر بصاعقة ربما أكبر مما شعر بها تلك المرة على الشاطئ! تلك المرة كانت شبه قبلة يلوّنها الغضب والخوف معا أما هذه القبلة فهي شيء سحري لم يمر به يوما ولن يمر به مع سواها وهذا ما تيقّن منه بهذه اللحظة ميلا, هي الفتاة التي يهواها ويريدها ولن يستطيع العيش بعيدا عنها ثانية! تفاجأ بعيناها تنظران له بصدمة ثم غضب قبل أن تتملص من يديه فتركها ليتفاجأ بها تصفعه بقوة وهي تهتف به: "ماذا تفعل؟ هل جننت؟" بُهِتَ في البداية وهو يضع كفه مكان الصفعة قبل أن يغمزها بعبث: "ماذا؟ ألم تعجبك القبلة؟ لنُعِدها مرة أخرى وأعدكِ ستعجبكِ هذه المرة" فغرت فاها بصدمة مما قاله وهي بين الوعي والخيال! عندما شعرت بالقبلة كانت داخل الحكاية الثانية لسنو وايت وظنّته الأمير ولكن عندما فتحت عينيها وجدته ماكس وبهيأته المعتادة فعلمت أن السحر انتهى ولكنها صدمت لأنه حقا يقبّلها بل وبحرارة جعلتها تكاد تضيع بعاطفته ولكنها قاومت من أجل كرامتها وكبريائها، هي لن تكون بديلا لعلاقاته العاطفية التي يشتاق لها بعزلته هنا بالجزيرة! هي ميلا.. حتى لو كانت تعشقه ولن تعشق سواه ولكنها أبدا لن تتخلّى عن كبريائها وكرامتها وترضى بعلاقة عابرة معه مهما حدث. "كيف دخلت إلى هنا ماكس؟" سألته ميلا بعدما استعادت هدوءها وابتعدت عنه جالسة على مقعد آخر بعدما أخفت الكتاب عن عينيه بهدوء فجلس هو أيضا على الأريكة مكان نومها قبل قليل وهو يجيبها: "أردت الاطمئنان عليكِ فقد طرقت الباب كثيرا دون رد" أومأت وهي تقول: "حسنا كنت نائمة كما رأيت فغادر هيّا" فغر فاه من وقاحتها قبل أن يقول: "ألن تضيّفيني شيئا على الأقل؟" قلبت عينيها بملل مصطنع وهي تجاهد حتى تخفي عنه تأثرها بوجوده قبل أن تنهض وهي تقول: "سأعد لكَ بعض القهوة.. كيف تفضّلها؟" سألته على الرغم أنها تعرف كل شيء عنه ليقول: "مثلكِ تماما" توقفت للحظة قبل أن تتابع طريقها للمطبخ وهي تتساءل.. (كيف عرف أننا نشرب القهوة بنفس الطريقة؟). بعد مغادرته التي جاءت بعدما ظنّت أنه سيقضي الليلة على الأريكة أمامها وهو يسألها عن كل ما يتعلّق بها وهي تجيبه بنفاذ صبر نابع من خوفها من ملاحظته مشاعرها التي تسيطر عليها بأعجوبة خاصة بعد القبلة الحارة التي تبادلاها ولم يتركها إلا وقد أخذ منها وعدا بتناول العشاء معه بالكوخ الليلة، ذهبت لتنعش نفسها بسباحة سريعة قبل أن تجلس لتكتب قليلا وكلها تتحرّق لمعرفة الحكاية التالية والعيش داخلها وكل ما بها يتأكد أنها مازالت تؤمن بالأساطير والحكايات الخيالية خاصة الرومانسية منها بل وتتوق للعيش داخل إحداها، أعدت شطيرة سريعة كغداء بعدما كتبت قصة قصيرة من وحي ما عاشته بالكتاب وجلست تتابع التعليقات التي تنهال عليها معبرة عن إعجابهم بها وبما تكتبه، ثم وجدت رسالة من إحدى دور النشر جعلتها تفغر فاها بصدمة مما قرأته! (عزيزتنا ميلا, بعد التحية نريد إحاطتكِ بأننا نود نشر قصصكِ التي تم نشرها على المدوّنة الخاصة بكِ بكتاب مجمّع ورقيا مع حفظ كل حقوقكِ والقيام بالدعايا اللازمة لتحظي بكل دعم ممكن من الدار والصحافة..نرجو إبلاغنا برأيكِ بحدود الأسبوع القادم مع تحديد يوم للمقابلة وجها لوجه وتسليم نسخة ورقية من ملف قصصكِ المجمعة، رئيس تحرير دار .... للنشر الورقي) ظلّت تحدّق بالشاشة أمامها لبرهة قبل أن تقفز فرحة وهي لا تصدّق أن دار نشر كبيرة مثل تلك تريد نشر قصصها.. على الرغم أن أنتوني وميندي أخبراها مرارا أنها لو نشرت القصص ورقيا لاشتهرت سريعا وما عليها سوى عرضها على إحدى دور النشر إلا أنها ظنّتهما يشجّعانها فقط محبة فيها ولكن أن ترسل لها دار نشر بهذا الحجم دون عرضها الأمر أو إرسال شيء لهم جعلها تشعر أنها بدأت تحقق بعضا من أحلامها وربما تعرض عليهم روايتها التي كتبتها وختمتها الأسبوع الماضي والتي لم يعرف عنها أحد شيئا قبلا! التقطت الهاتف تتصل بميندي وهي تصرخ بما حدث فرحا ليقابلها صريخ ميندي الجهة الأخرى وهي تنادي أنتوني فرحة تخبره بما حدث ثم يتبع ذلك انقطاع الخط للحظات قبل أن يتصلا بهما اتصالا مرئيا عبر أحد التطبيقات والسعادة تلف ملامحهم جميعا يشجّعونها لأخذ هذه الخطوة لتحقيق أولى أحلامها.

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514