سطعت شمس يوم جديد تحمل بين طياتها احداث جديده ستكون بداية لتغييرات جديدة في حياتها صدح صوت هاتفها كعادته المزعجه وافاقها من عالمها الخاص واخرجها منه عنوة فتأفأفت بضجر ككل صباح ونهضت تتثائب بشدة وهي مشعثة الرأس وملابسها غير مهندمة كانها تحارب اثناء نومها، امسكت منشفتها بضيق فهي لم يتسنى لها النوم بأريحية واكمال احلى احلامها كما اطلقت عليه لاحقاً وخرجت ذاهبة للمرحاض تاخذ حماماً سريعاً علها تنتعش قليلاً اخذت حمامها وتوضأت ثم دلفت لحجرتها لتؤدي فرضها قامت بفرش سجادة صلاتها واتمت خشوعها وفور انتهاءها ارتدت ملابسها سريعاً وهاتفت صديقتها والتي تعجبت بشده فمن المعتاد يومياً أن تقوم هي بالاتصال بسارة أولاً ولكن اليوم الوضع أختلف: صباح الخير يا سوسو يا حبيبتي ضحكت بصمت فهي تعلم أن صديقتها تتملكها الدهشه ولكن اليوم مختلف في نظرها: صباح الفل يا فيفي انا جاهزه وخلصت لبس انتِ خلصتي؟ عقدت فيفيان حاجبيها بتعجب واردفت قائلة: اه يا حبيبتي هلبس الشوز بس وافوت عليكي هزت رأسها وهي تلتقط حقيبتها ودفاتر محاضرتها: طيب هستناكي سلام اغلقت سارة الهاتف وسط تعجب صديقتها والتي ازداد قلقها على سارة بشدة فمن المعروف عنها انها تعشق المزاح ومن الصعب أن يراها احد حزينة. خرجت سارة من حجرتها لتجد والدتها تضع أطباق الإفطار على السفرة حيث اندهشت عند رؤيه صغيرتها تخرج مرتدية ثيابها للذهاب إلى جامعتها على غير عادتها مما جعلها تتسأل بدهشة: سارة خير يا حبيبتي خارجة بدري النهاردة في حاجه يا بنتي؟ رفعت كتفيها للأعلى وهي تجيبها ببرود وهدوء: عادي يا ماما صحيت بدري وقولت ارحم البت اللي كل يوم بتتذل على ما انزلها دي. تعجبت الام من حديث ابنتها ولكن من الافضل ان تترك لها مساحتها الشخصية: ماشي يا حبيبتي ربنا مايفرقكم عن بعض أبداً اومأت برأسها قائلة : يارب يا ماما يلا همشي انا بقا فيفي على وصول سلام. ادارت مقبض باب شقتها وفتحته خارجة بهدوء وتبع خروجها صرير غلق الباب حيث هبطت الدرج بتروي وهدوء حتى وصلت لمدخل المنزل وقفت تنتظر صديقتها وما هي الا لحظات حتى اتت فيفيان وبدأت الفتاتان مشوار وصولهم لجامعتهم ككل يوم وصلت الفتاتان إلى الجامعة بعد معاناة نظراً لازدحام الطريق وفور دلوفهم للجامعة ذهبا إلى مدرجهم مباشرةً ليبدأ يومهم. انتهى اليوم كالمعتاد ثم اتفقت الفتيات على موعد للذهاب إلى المعرض فور فتحه ... صاحت أحدى الفتيات بسعادة بالغة وهي تصفق بكفيها كطفلة صغيرة: ها يا بنات المعرض بعد اربع ايام انا رايحة من اول نص ساعة هههه مين جاي معايا ضحكت الفتيات بسعادة حيث قامت بالرد فتاة أخرى تدعى هدير: انا من غير اسو مش هروح مبعرفش اختار كتب لنفسي ولا روايات هاخد معايا ملكه الكتب طبعاً تختارلي ضحكت سارة بمجاملة وهي تجيبها فهي تعلم أن جميع صديقاتها يلقبنها بهذا اللقب: ههههه حاضر وبلاش ملكه الكتب ديه يا ست هدير الجامعة كلها بقيت بتقولي كده. تحدثت هدير وهي ترفع يدها الاثنين علامة على اعتراضها: محدش في الجامعة كلها يعرف يختار كتب زي اللي بتختاريها واراهن ان مفيش حد برضو عنده مكتبة قيمة زي اللي عندك. اردفت فيفيان قائلة وهي تلكز صديقتها المقربة بذراعها و تنظر لها نظره ذات مغزى خاص بهما هما لاثنتان: امسكي الخشب يا ست ولا اقرأي المعوذتين هتنشي البت عين تفرفر مننا. وضعت هدير يديها في خصرها وصاحت بغضب طفيف وهي تزجرها بنظرات حانقة مغتاظة: نعم قصدك ايه يا ست فيفيان ولا ما عشان انتيمتك ومحدش يقدر يلمس كتاب من مكتبتها غيرك تأففت سارة من وصلة الشجار الشبه يومياً بين فيفيان وهدير فوجدت انه من الأفضل أن تتدخل لفض الاشتباك اليومي: يا حبيبتي كلنا اخوات وأي واحدة فيكم تقدر تمسك كتبي زي ماهي عايزة طبعاً وقفت سارة تستعد للرحيل بعد أن جمعت أغراضها : انا همشي بقا يا بنات عايزين حاجه احنا كده بكرة وبعده مفيش محاضرات مهمة نبقى نتفق بقا هنروح المعرض امتى يلا السلام عليكم. رحلت هي وفيفيان للعوده إلى منازلهن حتى قررت فيفيان قطع حاجز الصمت حين سألت صديقتها باهتمام: مالك يا سو فيكي حاجه غريبة النهاردة؟ اجابتها سارة بهدوء بينما خرجت تنهيده حارقه من بين طيات صدرها وهذا ما أقلق فيفيان أكثر: مفيش يا حبيبتي حاجة انا مصدعة بس شوية تحدثت فيفيان بلهجة تحمل من الخبث والمشاكسه ما يكفي فهي تعلم علم اليقين أن سارة تخفي شيئاً: على فيفي برضو ده احنا عشرة عمر يا سو مالك الحكاية مش صداع تنهدت سارة بتثاقل واردفت بنبرة هادئة ولكن قلقه فهي للمرة الاولى تشعر بذلك الشعور: معرفش والله يا فيفي مالي قمت من النوم جسمي مكسر ودماغي بتوجعني كده وهمدانة ومليش مزاج لحاجة لو مكانتش محاضرة النهاردة مهمه مكنتش جيت الجامعة من اساسه. احتضنتها فيفيان بحنو اخوي فهما اكتر من صديقتان فهما شقيقتان باختلاف الديانه: بعد الشر عليكي يا حبيبتي انشالله اللي يكرهك يا سو ابتسمت سارة بسعادة فهي تحمد ربها كثيراً على تواجد فيفيان داخل حياتها توقف المترو في محطتهم المنشوده هبطتا منه الفتاتان مستخدمتان السلم الكهربائي للوصول إلى باب المحطة لتكملة مشوارهما للمنزل وصلت سارة اولًا فهي تسكن بالقرب من منزل فيفيان وودعت فيفيان على لقاء قريب ولكن دون انقطاع الاتصال بينهم بالتاكيد صعدت السلم بتعب جلى على قسمات وجهها واخرجت مفاتيحها ووضعتها بمكانها المخصص تديرها فانفتح الباب ودلفت للداخل لتجد والدها ووالدتها وشقيقها يجلسون يشاهدون التلفاز بالردهة. القت السلام على الجميع بنبرة مجهدة ومتعبه يظهر تأثيرها على قسمات وجهها : السلام عليكم رد الجميع السلام ثم اردفت الام وهي تقوم من مقعدها: يلا يا حبيبتي غيري هدومك على ما احضرلك الاكل قاطعتها أبنتها وهي تشير لها بكف يدها: لا يا ماما مش هاكل متتعبيش نفسك أقتربت منها والدتها ثم وضعت كفها على كتف أبنتها وهي تنظر لقسمات وجهها بأهتمام واضح: ليه يا حبيبتي انت تعبانة ؟ تنهدت بتعب حاولت مداراته بقدر الامكان حتى لا تثير قلق والدتها: لا يا حبيبتي ارهاق بس عن اذنكم هدخل اغير هدومي دلفت إلى غرفتها تبدل ثيابها وخرجت مرة اخرى دالفة للحمام حتى تتوضأ و تؤدي فرضها في غرفتها وجلست تسبح كعادتها وفور انتهائها خرجت شرفتها ممسكه باحدى يديها كتاب تقراه حيث وضعت هاتفها على تلك المنضده الصغيره الموجودة بالقرب منها. جلست على الأرجوحة الصغيره الخاصه بها فشقتها تتمتع بشرفه كبيرة، فقررت وضع أرجوحة صغيرة بداخلها وبدأت تقرأ وبعد مرور وقت طويل دلفت والدتها تحمل بيدها كوب من الكاكاو الدافئ وتعلو أبتسامه جميلة شفتيها فهي تعلم ان سارة تعشقه كثيراً: عملتلك الكاكاو اللي بتحبيه يا حبيبتي ابتسمت سارة وتركت الكتاب من يدها بجانبها على الأرجوحة ومدت كفها الصغير تاخذ كوب المشروب الساخن من والدتها وهي توجه حديثها لوالدتها : ربنا يخليكي ليا يا ماما متعرفيش كنت محتاجة كوبايه الكاكاو دي اد ايه. ارتشفت من الكوب باستمتاع تحت نظرات والدتها المبتسمة والعاشقة لابنتها الوحيدة: بالهنا والشفا يا حبيبتي مالت سارة على كف والدتها وقبلته كما هي معتادة حيث قالت: الله يهنيكي يا امي ربتت الام على كتف ابنتها وسالتها كعادتها كل ليلة: رايحة الجامعه بكرة يا سو ؟ هزت رأسها نفياً وهي تجيب والدتها : لا يا امي بكره وبعده مفيش محاضرات مهمة هقعد اذاكر في البيت احسن ربتت الام بحنان على كتف ابنتها الصغيرة : ربنا ينجحك يا بنتي ياارب واشوفك عروسة ابتسمت بهدوء وهي تنظر لوالدتها بسعادة فالبنسبة لها السعادة الحقيقة مناجاة ربها ودعوات والدتها لها خرجت الام تاركة وحيدتها تكمل قرأءة كتابها وهي مستغرقة كعادتها داخل اسطر رواياتها تاركة العنان لخيالها يصور لها جميع ابطال القصه فأنهت اكثر من فصل حتى قاربت على منتصفها قبل ان تستسلم لسلطان النوم غارقة باحلامها اشرقت شمس يوم جديد وكعادتها استفاقت على صوت المنبه ولكنها اليوم افاقت باريحية اكثر وخرجت للمرحاض وهي تدندن بسعادة ولكن قطع دندنتها اخيها محمود واقفاً ينظر لها باندهاش وهو يخبط كفيه ببعضهما قائلاً: لاحول الله يارب انتي ملبوسة يا بنتي انتي امبارح بوزك شبرين والنهاردة بتضحكي ايه يا ماما مالك مش كده؟ زمت شفتيها ونظرت لاخيها بغيظ وصاحت بحنق طفولي وقد تعالت صيحاتها فملأت المنزل صخب وأزعاج: يا بابا تعالى شوف ابنك جاء الاب على صوت صياح ابنته الصغرى ضاحكا فقد عرف مسبقاً سبب صياحها بهذا الشكل فمن المؤكد أن اخيها قد اغاظها بشدة وقد ضحك بشدة عندما تأكدت شكوكه حين وجدهما الاثنان بجانب بعضهما البعض وتعلو شفتي أخيها ابتسامة لعوب كعادته: مالك يا حبيبة بابا بتزعقي ليه؟ جاوبته سارة وهي تشير على اخيها باصبعها وتمط شفتيها بطفولية محببة لقلب والدها: بيغظني يا بابا عمال يتريق عليا ويقولي مجنونة. ضحك محمود ورفع كتفيه مدعي البرائة وكأنه لم يتعمد أغاظتها قبل قليل : والله يا بابا ما قولتلها مجنونة انا قولتلها ملبوسة بس هههههه صدح صوت الام وهي تأتي حاملة الصحون فوق صينيه كبيرة حتى تضعها على منضدة السفرة : اخص عليك يا محمود اختك ملبوسة بقا السكر ده ملبوس! اغتاظت بشده وخبطت الارض بقدمها ونفخت خديها مردفة فالجميع تعمد أغاظتها اليوم: اوووف انا داخله الحمام انتوا كلكم متعمدين تفرسوني النهاردة صح؟ دلفت إلى الحمام وسط ضحكات والديها واخيها الاكبر وخرجت ادت فرضها ثم عادت للخارج لتناول الافطار مع عائلتها حتى تسائل ابيها: المعرض بعد بكرة يا سو طبعاً هتروحي اجابت وهي تلوك الطعام بفمها فوالدتها صنعت لها اليوم جميع انواع الطعام التي تعشقها: اه طبعا يا بابا ده شيء اساسي اومأ الاب وهز رأسه موافق حديث ابنته الصغرى وهو يجيبها بعدما أرتشف بضعة قطرات من كوب الشاي الموضوع أمامه: ماشي يا حبيبتي وقت ما تيجي رايحه هتلاقي فلوسك مستنياكي ههههه هتف محمود بغضب مصطنع وكأنه يعترض على حديث والده: لا بقا دي تفرقه يا بابا اشمعنا هي وانا لأ؟ ضحكت واخرجت لسانها تغيظ اخاها الاكبر وتضحك : هههههه ليه وانت سارة عشان تاخد اللي عاوزه ههههه انا سارة واحدة في العيلة دي ضحك الجميع واتموا فطورهم واتجه كلا إلى وجهته المحددة ودلفت سارة إلى حجرتها تكمل ما بدئته انقضى النهار وحل الليل وخلدت للنوم ولكنها لم تحلم كعادتها مما اثار تعجبها ولكن تكرر ماحدث لمده ثلاث ليالي متتاليه فتعودت على عدم دلوفها عالم احلامها حتى جاء يوم سيتغير من خلاله كل شيء ذهبت الفتاتان إلى الجامعة وبدئتا يومهما الدراسي كعادة كل يوم وبعد الإنتهاء من اليوم اتفقت الزميلات على الالتقاء غداً امام المعرض ليبتاعوا ما يحتاجون من الكتب برفقة ملكة الكتب كما يطلقون عليها دلفت الفتاتان إلى عربة المترو المخصصة للسيدات فيفيان وهي تحرك احد الملازم علها تستحضر بعض الهواء فالجو بالرغم من أعتداله الا أنه داخل تلك العربات يمتاز ببعض الحرارة : اوووف الجو بدأ يبقى حر جاوبتها سارة التي تجلس بأرضية العربة بعدما وضعت ورقة من احدى الجرائد التي أبتاعتها مسبقاً: امم فعلا اظن كده نبدأ نطلع الهدوم الصيفي ضحكت فيفيان على حديث صديقتها فمن المعروف أن موعد المعرض بشهر يناير ومن المستحيل ارتداء ملابس صيفية بذلك الوقت: ده اكيد أومال، طبعاً هنلبس صيفي في شهر يناير في عز البرد عندك كم ذكاء بيجيبلى شلل المهم هتعملي ايه بكرة في المعرض؟ مطت شفتيها قائلة وهي تجيبها بهدوء: هعمل ايه يعني زي كل سنه هشتري افضل كتب نزلت طبعاً واكيد هنروح قسم الكتب العلمية والمترجمة وبالطبع كتب نجيب بيه محفوظ وأنيس منصور وغيره وغيره ضحكت الفتاتان وافترقتا عند نهاية رحلتهما على وعد باللقاء صباحاً للذهاب إلى المعرض لكي يبتاعوا ما يحبون قراته.