Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الأول

الظلام يسود المكان، الشاطئ ساكن يبث الرهبة في القلوب، السماءُ صافية وقرص القمر يتوسطها مضيئًا الأرجاء تحفُه النجوم اللامعة. انبعثت صوت ضحكات مختلطة ما بين أصوات أنثوية ورجولية، تلمع أضواء منزل بسيط كانوا بالقرب منه جالسون مجموعة من الشباب والفتيات. قهقهت إحدى البنات، وحاد بصرها على زميل لها، وتحدثت قائلة: ـ شكرا يا علي أنك جبتنا هنا، حقيقي الواحد كان محتاج يشم هوا نضيف. فقالت صديقتها يارا مبتسمة: ـ ابقا أشكر لنا أهلك بقا إنهم سمحولنا نقعد في المزرعة بتاعتكم. فرد عليهما علي متهكمًا ببسمة وجع ممزوجة بالمرارة: ـ لأ، ما أهلي محدش فيهم يعرف أننا هنا، ميعرفوش أصلًا أنا فين؟ فالتمعت عينا فرح بألم، وهي تردف: ـ أنا كمان من يوم انفصالهم محدش بقا يهتم أنا فين ولا رايحة فين؟ فتنهدت يارا وهي تقول: ـ أنا ونسمة قولنا أننا هنطلع رحلة مع أصحابنا، بس طبعًا لا يعرفوا إحنا فين ولا أصحابنا مين؟ فدار بصر علي عليهما، وهو يقول: ـ انتو مالكم بتتكلموا كده ليه؟ إحنا هنا جايين ننبسط، فبلاش نقلبها نكد، هو صحيح فين نسمة أختك ﯾــا يارا؟ فقالت يارا بلامبالاة: ـ فوق بترتاح شوية. فنهضت فرح وهي تقول: ـ أنا هروح أجيبها تقعد معانا. غمغمت يارا: ـ تمام. والتفتت إلى علي، قائلة: ـ هو وائل أتأخر ليه كده؟ السوبر ماركت بعيد من هنا كتير؟ أجابها علي وهو يهز كتفيه باستهانة: ـ ماتقلقيش، زمانه جاي. شقت صرخة فرح سكون الليل، لتلجم أفواههم وتثير الرعب في قلوبهم، فهبت يارا، وهي تقول بفزع: ـ هو في إيه؟ علي: -مش عارف، خلينا نروح نشوف. ركضوا إلي المنزل المكون من طابق واحد، دلفوا للداخل، نظروا حولهم ليجدوا صديقتهم فرح واقفة داخل إحدى الغرف، تقدموا منها سريعًا ليجدوها واقفة ثابتة والدمع ينزل من عينيها كالشلال وأمامها على كرسي يهتز فتاة جالسة عليه، تظهر بملامح باهتة خالية من الحياة، وكأن روحها قد صعدت إلي السماء. اقتربت منها يارا، أمسكت يدها المتراخية غير مصدقة ما تراه أمامها، أرجعت خصلات شعرها بيدها الأخرى إلى الخلف، وأصدقائها ينظرون إليها بصدمة، أخذت تضرب على وجهها برفق وهي تنطق أسمها ببطئ يارا: ـ نسمة، نسمة، فوقي، مالك ياحبيبتي؟ ولكن لا جدوى فقد فارقت الحياة.ضمتها إلى صدرها بقوة وهي تبكي بحدة، أخرجتها من حضنها وبدأت تهز كتفيها قائلة ببكاء: ـ نسمة فوقي، هقول إيه لبابا وماما؟ يا نسمة فوقي. لاحظ صديقها آثار احمرار حاد حول رقبتها، كأنها قد تم خنقها، ففاق من صدمته وأمسك بيد يارا قائلًا وهو يسحبها للخلف: ـ ابعدي ﯾا يارا، ابعدي بقولك. التفتت له بأعين خاوية مفعمة باستغراب، فتابع هو: ـ أختك كأنها اتقتلت، في حد خانقها، بصي على رقبتها كده. امعنت يارا النظر على شقيقتها ومدت يدها لتلمس رقبتها بأعين تذرفان الدمع انهارًا، فأمسكها علي سريعًا، وهتف بحدة وعنفها: ـ أنتِ مجنونة، بقولك ابعدي، أنتِ كده ممكن تلبسي الليلة كلها. قاطعهم صوت فرح التي قد فاقت من صدمتها مؤخرًا: ـ إحنا لازم نطلب الإسعاف. ونظرت حولها وهي تقول بتيه: ـ فين تليفوني؟ تحدث علي بصوت أشبه بالصراخ: ـ اسكتوا انتو مش شايفين أنها اتقتلت، يعني لو حد شم خبر هنروح كلنا في داهية، ده قتل، هيبقا فيها إعدام، يا إما مؤبد، ده غير سمعتنا اللي هتبقا في الأرض. نظرت له يارا وهي تردف بدهشة: ـ ده كل اللي يهمك سمعتك! أجابها علي بحدة: ـ افهمي بقا، مفيش حد في المكان ده غيرنا إحنا الأربعة واللي عمل كده واحد من بينا وعلى ما يظهر الواحد ده يمكن كلنا نتحبس، أهدوا خلينا نحلها. انتفضت يارا هاتفة، وهي تهز رأسها بصدمة: ـ أنا مستحيل أسيب أختي تموت وقف أتفرج عليها كده، فرح عندها حق إحنا لازم نطلب إسعاف. بدا الامتعاض على وجه علي وتحرك نحو جسد نسمة وهو يقول: ـ اصبري خلينا نشوف. وضع أصابعه على رقبتها جس نبضها، ونقل بصره إلي الفتيات قائلًا: ـ مفيش نبض، أختك نسمة ماتت. تقدم علي منهم وأمسك يدا كلًا من فرح ويارا وسحبهم خلفه وأغلق باب الغرفة تحت صدمة الفتيات بموت عزيزتهم. -أمشوا قدامي خلينا ندخل أوضتي تقدموا الفتيات وهم ينظرون لبعضهم دون التفوه بشيء، دلفوا جميعهم للداخل وأغلق علي الباب. دار بصر علي بالغرفة وهو يحاول تمالك أعصابه ويفكر بثبات وتريث، وقال بهدوء: ـ عارف إن اللي حصل ده صعب وعلينا كلنا، حاسس كأننا بنتفرج على فيلم، بس ده واقع ولازم نفكر في نفسنا. واسترسل متابعًا حديثه، وهو ينظر إلى يارا: ـ أنا عارف إنها أختك، بس اختاري دلوقتي أما أختك اللي اتوفت خلاص وأما نفسك، لو عاوزة تروحي تبلغي اتفضلي، بس مش هتلاقي حد مننا واقف جمبك؛ لأننا كلنا هنهرب من هنا وأنتِ هتحاربي الجميع وأهلك، الاختيار ليكِ. نظرت له يارا بأعين ممتلئة بالدموع قائلة: ـ هو وائل فين؟ هو اللي قتل أختي صح وأنت بدافع عنه؛ لأنه صاحبك وابن عمك كمان. هزت فرح رأسها قائلة: ـ أيوة عندك حق، أكيد هو اللي عمل كده وهرب من هنا، لا وكمان إحنا لاقينا نسمة فين غير في أوضته. ذُهل علي من تفكيرهم، وصاح: ـ ده مش مبرر، وأسكتي أنتِ كمان، كلنا عارفين إن وائل عمره ما يعمل كده، ومش عارف كانت بتعمل إيه هناك؟ وكمان كلكم عارفين إنه راح يشتري أكل، تمام يـا يارا. اندفعت يارا قائلة بثورة: ـ وائل لو مرجعش يبقا هو اللي قتل أختي يـا علي. كور علي قبضة يده قائلًا: يارا فوقي من اللي أنتِ فيه ده، متخليش اللي حصل يأثر عليكِ. هتفت فرح بحدة: ـ يبقا أنتَ اللي عملت كده وبتحاول تغطي على جريمتك وبتحاول تورطنا معاك صح. أومأت يارا رأسها: ـ صح أنت اللي عملت كده. هز علي رأسه بقلة حيلة، لكنه رد قائلًا: -وليه ما تكونش واحدة منكم هي اللي عملت كده.......... قاطعهم صوت طرقات على الباب، فتقدم علي وفتحه ليجد صديقه وائل وهو يحمل بعض الأكياس. دار وائل بصره بين وجوههم المتجهمة بدهشة، وقال: في إيه؟ صوتكم عالي ليه؟ وتابع بمزاح: ـ أنت مش أنت وأنت جعان. وغمز بعينه ورفع الأكياس قائلًا: -جبتلكم أكل يا ولاد. كان الصمت يعم المكان فتابع وائل حديثه: مالكم كده كأنكم قاتلين قتيل، هي فين نسمة صحيح؟! عقدت يارا يداها أمام صدرها قائلة وهي تنظر له بشك: -نسمة اتقتلت. فغر وائل فاه واتسعت عيناه وهو يُردد: ـ بتقولي إيه؟ خرجت يارا من الغرفة وتابعت وهي تؤشر على غرفته: ـ أختي ميتة وفي أوضتك أنت يا وائل. نظر وائل بينهم، وترك الأكياس أرضًا، وهرول إلى غرفته، ودار نظره بالغرفة وأستدار ناظرًا لأصدقائه، وقال: -انتو بتهزروا يجدعان مفيش حد في الأوضة. تجلت الصدمة في العيون المتسعة، وساد صمت ثقيل، أثار الرعب والرهبة في القلوب و.......

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514