Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الثالث

رنين هاتف المكتب أيقظ ليث من رقاده المتعب على الكرسيين، فلقد أمضى ليلته بمكتبه لأن أطرافه لم تطاوعه على العودة لبيته، تململ على الكرسي يحرك عنقه يمينا ويسارا باسطا يده ليأخد السماعة وما إن ألصقها بأذنه فتح عينيه على وسعهما. ¤ ليث! هل طالعت الجرائد؟ ما فعلوه مقصود به تشويه سمعتها. انتصب ليث في جلسته يصغي لصوت العميد الغاضب يزأر عبر الأثير فيجيبه بريبة. ¤ احترامي سيدي أنا لا أفهم، ما بها الجرائد ومن تقصد؟ صاح العميد بقوله العصبي. ¤ بالله عليك ليث، ألم ترى جرائد اليوم بعد؟ إنها مليئة بصور ابنتي يعلوها عنوان ورد خطاب متورطة في قضية مخدرات...أقسم أن أقلب هذه المدينة على رأسها بحثا عنهم و عندما أقبض عليهم أرواحهم لن تكفيني فداء لها. قطب ليث جبينه، يبلغه بآخر التطورات. ¤ سيدي ورد سيفرج عنها اليوم ..لقد قبضنا على زيد و أخبرنا بكل شيء.. ¤ ماذا؟ وجدتم زيد؟ ماذا أخبركم؟ أريد التفاصيل، فهذه القضية أصبحت شخصية ...هيا تكلم ليث! هز ليث رأسه بيأس يفسر. ¤ قال بأنه تعرف على شاب في صالة رياضية يقصدها صباح كل يوم، تقربا من بعضهما وأضحيا صديقين وأخبره بأنه يتاجر بمواد التنظيف، طلب منه عدة مرات أن يعمل معه خصوصا حين علم أنه مجرد حارس منزل لكن زيد كان دائما الرفض وفي يوم الحفل جائه متوسلا أن يحفظ عنده بضاعة لمواد التنظيف، لأن سائر مخازنه مليئة ووعده بحاجته للمخزن فقط ليلة واحدة... طبعا لأنه صديقه لم يستطع الرفض و خصوصا أن ورد تعمل كثيرا والحارس الثاني مع زوجته بإجازة و السيدة عائشة عندما تتناول دواءها تنام ولن تشعر بشيء... في صباح اليوم التالي انتظرهم ولم يأتوا في الوقت المحدد، فذهب جريا إلى الصالة بحثا عن صديقه بعد أن طلب هاتفه مرات عدة دون إجابة وعندما يئس من البحث عاد إلى المنزل ليصدم بوجود أفراد الشرطة، فخاف و هرب وبهذا وكشاهد قد برأ ورد لكن هو يجب أن نثبت صحة قصته طبعا لن يحصل إلا عندما نقبض على صديقه ذاك. ¤ إذا أخرجها بسرعة من هناك وبعدها سنقوم باجتماع مستعجل، فهذه القضية مهما كانت لها صلة ما بورد.. أعلمني بكل جديد سلام . ¤ تمام سيدي... احترامي. فُتح الباب و دخل هشام حاملا الجرائد بيده مقطب الجبين يضعها أمام صديقه الذي مدد كلا ذراعيه الى أعلى رأسه ينفض عن جسده آلام التشنجات. ¤ على الأقل صرنا نعلم احدى صفات هذا المجرم جبان ...بما أنه يستهدف الفتيات ليسيء إلى سمعتهن. ألقى مهند نظرة سريعة على صفحات الجرائد يقول بتعب بينما ينهض بهيئته المزرية، ملابسه المكونة من كنزة سوداء من الصوف الرقيق وسروال جينز أزرق تجعدا وشعره الأشقر ذو القصة القصيرة يحتاج لتمشيط كما يحتاج وجهه الى الماء ليستعيد حيويته. ¤ سأنتعش بالحمام وأنت قم باستدعاء كاتب الضبط و لمياء لتحضر ورد ...واطلب أحد حراس حجز الرجال ليحضر زيد وطبعا قبلهما المحامي عز الدين الشامي . نصف ساعة ومكتب ليث يكتظ بالمعنيين، ورد تجلس قبالة زيد المطأطئ رأسه خجلا منها يردد اعترافه فرمت ليث بنظرة ذات معنى استغربها هشام المتابع بصمت ..انتهى التحقيق بالإفراج عن ورد و سجن زيد تحت ذمة التحقيق. اقتربت ورد من زيد تطمئنه بأنها ستكلف المحامي عز بقضيته وهذا الأخير يعتذر منها بتوسل قبل أن يعيدوه إلى الحجز لتستعلم بعد ذلك عن قضية مريم من المحامي الذي أخبرها بأن إثبات عذريتها يلغي القضية. فكرت ورد قليلا ثم طلبت منه أن ينتظرها أمام مصلحة الأخلاق العامة فغادر يسبقها. وأخيرا توجهت إلى ليث وهشام تشكرهما لكن دقات على الباب أوقفتها إلتفتت فوجدت آخر شخص تود رؤيته ...تامر! ¤ مرحبا ورد كيف حالك؟ انتصب ليث واقفا بتحفز وتأهب هشام خوفا من حدوث مشاجرة فهو يعلم مدى الكره بين هذين الإثنين، كرها تجسد بنبرة ورد هي الأخرى بينما تستفسر منه بذهول. ¤ ماذا بحق الله تفعل هنا؟ خطا أرضية الغرفة ينفض جانبي سترته البنية، يجيبها متصنعا الجدية وقد تجاهل هشام وليث المتجمد. ¤ رأيت الخبر على الجرائد وأتيت على الفور للاطمئنان عليك و لم أكن أعلم بأن الضابط ليث الجندي بنفسه يتولى القضية. الآن فقط رماه بنظرة مبطنة لا يعلم بكنهها سوى المتصلب مكانه يكاد ينقض عليه ليزهق روحه، فيكتفي بإصدار أمر غاضب بينما ورد تتساءل بعدم فهم. ¤ جرائد؟ ¤من تظن نفسك لتقتحم مكتبي بهذه السفاهة! أخرج حالا إلا أخرجوك على نقالة! ضحك تامر ببرود استفز ليث فهم بالتقدم نحوه بملامح تربد غضبا لولا هشام ردعه. فوجئت ورد من كم العداء بينهما لكن ما استرعى إنتباهها أكثر هي الجرائد المكبة بسلة المهملات توجهت إليها رأسا وأخدتها تطالع الخبر بجمود للحظات قبل أن تعيد جمعها و كبها بالسلة تحت أنظارهم الجامدة أيضا نظرت إلى تامر و لقد بدأت تفقد أعصابها، تسأله. ¤ ماذا تريد تامر؟ تكلم ليس لدي اليوم بطوله. حاد بأنظاره الماكرة نحو هشام يسحب ورقة يقدمها له. ¤ هذا إذن بالزيارة ..أريد أن أتحدث إلى الآنسة على انفراد. هم ليث بالرد لكن ورد رمقته بمعنى أن يسكت تجيبه هي. ¤ كما ترى تامر أنا متهمة بقضية خطيرة قيد التحقيق ولا يمكن تركي بانفراد مع أحد حتى مع المحامي، فمن الأفضل لك أن تقول ما بحوزتك و بسرعة. تناظر ليث و هشام مبتسمين بسخرية والأخير يزداد يقينه بكون ورد أنسب فتاة لليث. اقترب تامر من ورد يحاول مخاطبتها بخفوت يتأمل ملامحها بشغف لا يعلم له من سبب، لا تملك جمالا خلابا ولا فتنة طاغية ورغم ذلك يموت رغبة ليحصل عليها. ¤ طلبتك للزواج من قبل ورفضت أما الآن فأنت مجبرة. كبتت ورد غيظها بصعوبة، تسأله من بين أسنانها. ¤ وأنا الآن مجبرة، لماذا بالضبط؟ يدنو برأسه منها يقول بلهفة يتشوق لإقناعها. ¤ ألم تري الجرائد أم أن سمعتك لا تهمك؟ على الأقل فكري بعائلتك لأن رؤية سهى تبكي اليوم بينما تشاهد صورة شقيقتها على صفحات الجرائد لا تسر إطلاقا كما يضر حملها..فكري جيدا ورد حين نتزوج سيتأكد الجميع بأن ما حدث مجرد محاولة توريط لا أكثر. اشتد الغضب بليث يفكر بالهجوم عليه وليحدث ما يحدث لولا صوت ورد الذي علا واحتد بعصبية. ¤ إسمعنني تامر لأنني لن أكرر كلامي بعد اليوم وانظر إلي جيدا لتفهم.. أجفل تامر يرف بجفنيه وهي ترفع كفها تشير إلى ما تتفوه به. ¤ لو وقعت السماء على الأرض ولو انقرض الرجال وبقيت لوحدك، أنا لن أتزوجك... ولو انقرضت النساء من على وجه الأرض وبقيت لوحدي لقتلت نفسي قبل أن أسلمها لك، فابتعد عني وارحمني! ثم التفتت الى ليث تكمل بلهاث احمر له وجهها الشاحب، ¤ والآن هل سترشدني لمصلحة الأخلاق العامة أم أبحث عنه بنفسي؟ إبتسم ليث بحبور تعمد إبداءه بكل تشفي يشير لها بيده أن تتقدمه متجاوزين تامر الذي ظل جامدا مكانه حتى جفل من اقتراب هشام يخاطبه بابتسامة ماكرة. ¤ على فكرة لقد أثبتنا براءة ورد و أفرجنا عنها قبل مجيئك بقليل، آه بالنسبة للجرائد فأنت تعلم أن الشائعات لا تعيش كثيرا وسريعا ما تُنسى ولا يبقى سوى عمل الإنسان يتحدث عنه، الى اللقاء سيد تامر فأنا لدي عمل كثير . احمر وجه تامر بغضب وخرج من المكتب يزفر النيران و يتوعدها بسره . *** أوصلها مصلحة الأخلاق العامة بصمت كل واحد منهما بعالمه إلى أن استقبلهما المحامي بقوله المعاتب. ¤ تأخرت يا بنتي ولدي قضايا أخرى. أجابته معتذرة بأدب واحترام وبنبرة تعبة. ¤ أنا آسفة عمي عز ...شكرا لك ضابط ليث يمكنك العودة لعملك لن أؤخرك أكثر. لكن ليث لم يكن مستعدا بعد لمفارقتها يستفسر منها بفضول. ¤ لا مشكلة لست مستعجلا ويمكنني مساعدتك إن علمت بالمشكلة. اكتسى وجهها بالبرود بينما تجيبه بجدية. ¤آسفة سيد ليث إنها مشكلة شخصية تخص صديقتي لذلك لا أستطيع اطلاعك عليها، أما بالنسبة للمساعدة فهناك شرطية صديقتي ستقوم بالواجب عن إذنك... شكرا لك. تركته يتميز غيظا لتجاهلها إياه ترافق المحامي إلى باب ما لكن وبطريقة ما لم يستطع أن يغضب منها تحديدا بعد موقفها من تامر، فقرر انتظارها. أرشد المحامي عز ورد إلى مكتب الضابطة ميساء صديقتها التي قابلها من قبل وتناقشا بقضية مريم ..نهضت ميساء تستقبل ورد لتسلم عليها بحرارة، تقول. ¤يجب أن أشكر مريم هذه التي كانت السبب بتشريفك لي بمكتبي يا فتاة! لقد أصبحت مشهورة و صورك منتشرة بالصحف وكأنك نجمة سينما ...حذرتك من قبل أنت تحشرين نفسك بالمشاكل حشرا. أجابتها ورد بمزاح بينما تبادلها المصافحة. ¤ وأنا أخبرتك بأنني أحب المشاكل، تجعلني أتحداها فأنشغل بإيجاد حلول لها ..دعك مني فأنا أكثر من قادرة على مواجهة مشاكلي والحمد لله... أريد أن أطلب منك طلبا شخصيا. أشارت لهما ميساء للجلوس، وورد تستدرك. ¤ أريد لقضية مريم أن تنتهي بسرعة، لا أريدها أن تتأخر في الحجز أكثر من هذا، إنها فتاة هشة ويمكن أن تنهار وتتضرر نفسيا. أجابتها ميساء بجدية وهي تحتل مقعدا خلف طاولة مكتب بين مكتبين آخرين شاغرين. ¤ بمجرد أن ربط الأستاذ هنا اسمك بتلك الفتاة تأكدت من كونها بريئة لكن القانون قانون... لذا صديقتي كل ما أستطيع فعله هو استدعاء طبيبة المركز وبمجرد أن تؤكد عذريتها لن تكون هناك قضية وستخرج في الحال إلا إذا أرادت إتهام الرجل الذي ضبط معها بمحاولة اعتداء واقتحام شقتها. ضمت ورد شفتيها بتفكير ثم قالت. ¤ دعي الأمر لمريم حينها ....متى يمكنك تأمين الطبيبة؟ ¤ اليوم... تقريبا بعد ساعتين. هزت ورد رأسها بامتنان، تجيبها. ¤ إذن سأنتظر خارجا الى أن ينتهي الموضوع.....هل من الضروري وجود المحامي؟ رفعت كفها تفسر لها بتأكيد. ¤كما أخبرتك.. إذا كانت عذراء لا وجود لقضية وبالتالي لا داعي لمحامي. نهضت ورد والمحامي أيضا، فقامت ميساء تتقبل شكر ومصافحة ورد بحرارة ثم تفارقا على موعد بلقاء قريب جدا وحين خرجا من مكتب ميساء وجدا ليث لازال واقفا حيث تركاه. **** إلتفت إليها المحامي يودعها على أن تتصل به عند الحاجة يوصيها بالحذر ثم انصرف وظلت هي واقفة مستغربة إنتظار ليث، شعر بها فاقترب منها يسألها. ¤ هل أنهيت مهمتك؟ أومأت بسلب تجيبه. ¤ يجب أن أنتظر ساعتين لذا لا يمكنني العودة إلى البيت الآن. هز كتفيه يدعوها. ¤ إذا تعالي معي، يوجد مطعم جيد مقابل المركز، فأنا لم أفطر بعد و أنت أيضا. همت بالرفض لولا حلقها المتورم يطالبها بمشروب ساخن، فأومأت موافقة وانصرفا يتقدمها إلى طاولة منزوية بالمطعم، سحب لها كرسيا شكرته ثم جلست ليحتل المقعد أمامها يفكر ساخرا من نفسه بأنه لم يتصرف بلباقة مماثلة مع فتاة من قبل. أشار لنادل فحضر في الحال، نظر إليها ليث لتطلب ما تريده فابتسمت برسمية تقول. ¤ هل أجد عندكم لبن مغلي وعسل نحل؟ أومأ النادل بموافقة، فأكملت. ¤ أريد فنجان لبن مغلي محلى بملعقة عسل واحدة إذا أمكن. أجابها النادل بحاضر مبتسما من لطفها الذي لم يعجب ليث أبدا بينما يرمق الشاب بحدة يطلب من بجفاء. ¤ وأنا أريد فنجان قهوة سوداء مركزة وبسرعة. تمتم بأمرك وانصرف مرتبكا من أمامه يدعوا الله أن لا يضعه برأسه، فهو الضابط ليث الجندي و من لا يعرفه! ...إستغربت ورد من طريقته الجافة مع النادل المسكين همت بفتح فمها ثم أقفلته حين سمعت نغمة هاتفها، فتذكرت أنها فتحته منذ قليل لتحدث نائبتها بالجمعية ونسته. طالعت الشاشة و كانت حقا هي فأجابت على الفور. ¤ السلام عليك ناديا كنت سأحدثك الآن و لكن.... قاطعتها الأخرى بعجالة قلقة. ¤ أين أنت يا ورد؟ هل أنت بخير؟ ما هذا الهراء الذي يملأ بالصحف لقد اتصلوا من مقر الجمعية و سيعقدون اجتماعا بخصوصك واتصلوا بي أيضا من الدار ليخبروني بأن اللجنة القانونية بدأت تحقيقها، لا تقولي بأنك ستتركينني لوحدي وسط هذه المشاكل أنا لست أنت، أقسم أنني أرتعد بشدة. تحدثت ورد بحزم رغم هدوء نبرتها، ¤ ناديا تنفسي!.... شهيق و زفير ...نعم ...جيد! تنفسي لتسمعيني جيدا ...أنت لست لوحدك وأنا لم أسجن وأحدثك من مطعم، إنها مكيدة لكن للأسف الجمعية لن تأخذ بكلامي الأن، فأنت تعلمين سطحية أغلب أعضائها لذلك سأختفي من الصورة لمدة حتى أتخلص من بعض المشاكل ...هذا لا يهم الآن كل ما يهمني هي الدار ناديا افعلي ما سأطلبه منك و كل شيء سيكون بخير ..إذهبي أولا إلى الاجتماع ..بحسب القانون الداخلي عند عجز الرئيسة عن أداء واجباتها تعين النائبة مكانها وتختار هي الأخرى مساعدة لها لذا عندما يعينوك رئيسة بدلا مني، أول شيء تفعلينه تطلبين شاهي مساعدة لك.. قاطعتها ناديا برعب. ¤ ماذا؟ من؟ شاهي هل بدأتِ تهذين؟ أجابتها ورد بثقة. ¤ لا ناديا إسمعيني جيدا، أنت تحتاجينها في هذا الوقت تحديدا، هي صارمة ستساعدك و أنت ستساعدينها بدورك يجب أن تخرجيها من عالمها الوردي إلى أرض الحقيقة، أريدها أن ترى الأطفال و الحرمان بعينيها صدقيني ناديا ستنفعك.. نظرتي لم تخب من قبل. هزت ناديا كتفيها باستسلام، تسأل. ¤و ماذا أفعل بعد ذلك؟ ¤ستطلبين من مساعدتك موافاتك إلى الدار لتقابلا اللجنة وأنا متأكدة من نتائج التحقيق الأولي حتى دون انتظاره ولكن أنت ستنتظرين إلى أن يعلموك بعدها تصرفين أسماء من الدار و إن حاولت التملص سلطي عليها شاهي و هي ستقوم بالواجب وأنت خير العارفين بها... بعدها قومي بتسليم المهام لفاطمة ....هل فهمت ما ستفعلينه عزيزتي؟ هوني عليك إنها أمور سهلة. ¤ نعم سهلة بالنسبة لك سأحاول القيام بكل ما قلته وإن أخفقت بشيء سأتصل بك ....آه بالمناسبة عند تسليم المسؤولية لفاطمة سأحتاج طابع الإمضاء و ملف الإدارة. فكرت ورد قليلا ثم قالت. ¤ حاضر سأبعثه لفاطمة مع شخص أثق به لأنني مشغولة الآن و لن أستطيع المجيئ. ¤إعتني بنفسك و كفي عن جلب المشاكل لها إلى اللقاء. تنهدت ورد براحة، تودعها. ¤إن شاء الله إلى اللقاء. وضعت هاتفها على المائدة تحت أنظار ليث المعجب بقوة شخصيتها وتحملها للمسؤولية بعيدا عن دلال وميوعة الفتيات المعتادة وهم بالتحدث ليحول رنين هاتفها من جديد دون ذلك، فزفر بملل لم تلاحظه ورد التي لمحت اسم كنزة تتوقع ما ستسمعه لذا قامت تحدثها بعيدا عن ليث لكن هيهات! لن يكون الضابط الممتاز المحنك إن لم يلتقط كل كلمة تخرج من بين شفتيها. ¤السلام عليكم سيدة كنزة كيف حالك؟ ¤ ورد ...بنيتي هل أنت بخير؟ قلقت عليك للغاية منذ أن قرأت الصحف صباحا هل قبض عليك حقا؟ عبست ورد تتوعد سرا من سبب لها هذه الفوضى، ترد. ¤ نعم سيدة كنزة قبض علي البارحة واتضح بأنها مكيدة و أفرجوا عني هذا الصباح. شهقت كنزة تصيح بغضب. ¤ لا بارك الله في من فعلها، أليس لديه أخوات أو بنات أو حتى ألا يخاف الله ؟ تقلدت قسماتها السخرية بينما تعقب. ¤ من يفعل ذلك ليس لديه دين أو ضمير ليحكمه يا سيدة كنزة ما علينا، كيف هي المدرسة؟ أجابتها بتلعثم التمسته بين كلماتها. ¤ الحح..قييقة هههنا...ك من أولياء الأمور قدموا شكايات وهددوا بنقل أولادهم من المدرسة إن لم يتم صرفك... حتى أنني أوشكت على إخبارهم بأن المدرسة لك لكن أعلم جيدا بأنك ستغضبين مني. ¤طبعا سأغضب سيدة كنزة، تعلمين أنني أخفيت ملكيتي للمدرسة عن عمد لأن كل شيء خاص يحيا بحياة مالكه و يموت بموته ولقد كنت محقة، تصوري إن علم الأمر كم من أستاذ وأستاذة سيفقدون وظائفهم بغلق المدرسة.... عملنا بجهد لسنوات لتبلغ هذا المستوى الرفيع، لا... لا! أرجوك حافظي على هدوءك وبلغي أولياء التلاميذ بأنك فصلتني وانتهى الأمر. أجابتها كنزة بتردد وارتباك. ¤ هل أنت متأكدة عزيزتي؟ أعلم قدر حبك للتدريس . وجمت رغم ردها الواثق. ¤بلى متأكدة سيدة كنزة أرجوك ..على الأقل أنا مرتاحة لأنك المسؤولة عن المدرسة وأتق بك... إعتني بنفسك ...سأراك قريبا إن شاء الله وبلغي سلامي لعمي سعيد وأخبريه أنني لم أنسه و سآتي لزيارته أيضا قريبا بإذن الله. ¤ إن شاء الله ...حلي مشاكلك التي لا تنتهي و تعالي لأراك و هذه المرة سأقرص أذنك حتى تتألمين عسى تتعلمين الدرس ...سلام. عادت ورد الى المائدة تلقي بمحمولها فوقها سطح الطاولة بخفة، التقطت الفنجان ترتشف منه ثم أعادته مكانه تعلق بوجوم لم يفارقها بعد. ¤ لقد برد .... أخده ليث واستقام واقفا يخبرها بأنه سيجلب واحدا آخر، فأومأت تراقب خطواته باستغراب لملازمته لها، تذكرت أنها لم تخاطب أمها بعد كما تذكرت الطابع، فأخذت الهاتف تطلب رقم محمود، ثوان قليلة فسمعت صوته القلق. ¤ ورد أين أنت عزيزتي لقد تأخرت لم آتِ لأصحبك لأن عمي مصطفى حين أخبرنا عن الإفراج قال أن الضابط ليث سيوصلك للبيت. انتابها الارتباك بينما تتساءل مستغربة. ¤حقا؟ قال... فكرت *إذن هو الذي طلب منه* ثم أردفت. ¤ أنا التي أخرته، أقضي بعض الأمور العالقة وسآتي بعدها للبيت ...إسمعني أخي أريد منك خدمة. ¤ طبعا عزيزتي. ¤ في غرفتي ستجد خزنة حديدية بدولابي ...الباب الأول من جهة اليمين إفتحها وابحث عن ملف مكتوب عليه دار *الأمل* وستجد قربه طابع إمضاء خذهما إلى الدار من فضلك ...إسأل عن الآنسة فاطمة وسلمها الأمانة شخصيا لا لأي أحد آخر سوى فاطمة هل فهمت أخي؟ ¤ أكيد عزيزتي سأفعل لا تقلقي لن أسلمهم إلا للآنسة فاطمة لقد فهمت وحفظت.... خذي أمي تريد محادثتك، سلام. اتسعت بسمة ورد مع طرفة محمود حتى أن ليث أسرع بالرجوع ليعلم سبب تلك الابتسامة بعد الوجوم الطاغي عليها قبل قليل. ¤ أنا بخير أمي وقريبا سأكون بالمنزل إن شاء الله، حبيبتي أطلبي من نعيمة تجهيز الغرفة المقابلة لغرفتي سأحضر معي ضيفة تحتاج لراحة نفسية ودعم. ¤ يا بنتي فكري بنفسك قليلا ثم الآخرين. تنهدت ورد بتعب تميل رأسها جانبا. ¤ أمي لا مشكلة سأرتاح أيضا وأعدك الليلة سأقضيها بحضنك لتمسحي على شعري كما تحبين، ما رأيك؟ ¤ آه منك يا محتالة! عودي سريعا وسنجهز لك غرف البيت كلها إذا أردت وطعاما لذيذا أيضا. ¤إن شاء الله، أحبك أمي كثيرا، سلام عليكم. ابتسم ليث بغموض بينما عيناه تنجذبان لطريقة التقاطها للفنجان، يفتح باب الحوار بينهما. ¤إذا أنت محظوظة بعد كل شيء. رفعت عينيها السوداوين إليه بعدم فهم، فأردف. ¤ عائلتك تحبك كثيرا وتساندك.... والدك والدتك و محمود وسهى وحتى الخدم. أجابته بفخر تلألأت به ظلمتي مقلتيها. ¤ أكيد... و هناك آخرين كثر و أنا أحبهم أيضا وستتفاجأ بما يمكن أن أفعله من أجلهم. شيء ما نغزه بصدره ما إن ذكرت الحب و لم يكن بالمعادلة تجاهله، فهم بالحديث ليسبقه استدراك ورد تسأله. ¤ لماذا تستغرب؟ أليس لديك عائلة في مكان ما تحبك وتساندك ؟ أجفل قليلا من السؤال لكن سرعان ما أجابها. ¤ طبعا لدي والدان وجد وجدة وأخت وحيدة يحبونني كثيرا وأحبهم أيضا. قالها ليث بقليل من الذنب لاحظته ورد وتجاهلته، تستفسر أمرا آخر شغلها. ¤ إذن ما الذي فعله بك تامر ؟ رمقها بحدة جراء التغيير السريع للموضوع وسؤالها المباشر، يجيب بجفاء لم يقصده لكن وطأة الشعور الكريه بصدره تحكم به. ¤ سأجيبك لو أخبرتني أولا بما يجمعكما. لم يعجبها سير الحديث، فقامت تلتقط حقيبتها تهم بالذهاب و هي تقول بنفس جفاءه. ¤ لا أريد أن أعرف شيئا، أنا يجب أن أذهب. بسط ليث يده ليوقفها عفويا، فعادت إلى الخلف خطوة تزداد شحوبا ثم رفعت يدها إليه بإشارة أن يقف مكانه تحذره بحدة قصدتها. ¤ إذا أردت أن تبقى بخانة من أحترمهم وأتعامل معهم تذكر هذا ليث، تذكره جيدا لأنني لا أتساهل به....أبدا لا تحاول لمسي أبدا ....مهما كانت الأسباب لا تلمسني لأن رد فعلي حينها لن يعجبك، صدقني . رفع يديه باستسلام مبهوتا من تصرفها وشحوبها والأكثر أهمية ذكرها لاسمه مجردا أول مرة، لماذا كل ما تفعله هذه الفتاة يثير اهتمامه؟ ¤آسف، لن يتكرر الأمر أنا فقط أردت إيقافك عن المغادرة لا شيء آخر. ¤أخبرتك مهما كان السبب... وأنا فعلا يجب أن أغادر، لم يتبقى سوى ساعة أريد أن أستغلها بشراء بعض الملابس لضيفتي. قاطعها ليث بنفاذ صبر. ¤ آنسة ورد، أعلم بأنك تتابعين قضية فتاة بمصلحة الأخلاق العامة تنوين استقبالها بمنزلك أيضا. أجابته باندفاع. ¤ إن شاء الله لن يكون هناك قضية و سآخذها من المركز وتنسى كل شيء يخصه. حانت منه نحوها نظرات متشككة ثم ابتسم بمكر لم تلاحظه بينما يقترح عليها. ¤ ما رأيك بأن تقصي علي مشكلة صديقتك ونحن نقصد محلات الملابس لأنني لن أفارقك إلى أن أوصلك بيتك كما وعدت والدك و بالمقابل أنا لن أعلق بشيء على الموضوع. زمت شفتيها تعبس برفض وهي تجيبه. ¤أولا أنا لا أحتاج لسائق وأبي أكثر من يعلم ذلك، ثانيا أنا لا يهمني تعليقك بالنهاية سأفعل ما يمليه علي ضميري. تجهم وجه ليث بيأس وبشكل ما لم يعجبها الأمر وكأن موقفها ليس بمكانه، فتراجعت ورفعت يدا واحدة باستسلام تضيف. ¤ أنا آسفة عما بدر مني، أحيانا لساني لا ينتظر إذني كي ينطق فينطلق لوحده. تهللت أسارير ليث يعقب ببعض المرح. ¤ ينطلق مسرعا بالفعل. ضمت شفتيها بحنق وهناك علِقت عينا ليث بينما ورد تقول. ¤ سأرضى بأن توصلني هذه المرة فقط من أجل أبي، أما قصة مريم فسأحيكها لك لتعلم بأن الإنسان يتعرض للظلم أحيانا كثيرة، ويجب عليك التحقق جيدا قبل أن تسجن أحدا و تتحمل ذنبه طوال عمرك . هز رأسه بتفهم يشير لها كي تتقدمه مغادرين ليجلبا بعض الملابس لمريم وطبعا لتشبع فضوله، لأول مرة ينسى العمل وأشغاله بمعية هذه ال....ورد لكن ما هي بحياة لو ظلت وردية، الشر دائما ما يجد طريقا ليسلكه بظلال ظلمته وهو الآن يتدفق كسهام مسمومة من عينين بنيتين حمراوين بالغضب الأعمى ولو بلغتهما تلك الأسهم الحارقة لسوتهما بالأرض... هون عليك يا تامر! *** ¤أختي الحبيبة أنظري إلي....لقد حذرتك من قبل أن سرقة الدار فعل ساذج لكنك لم تصغي إلي ورجوتني لأساعدك ولقد ساعدتك، لأنك شقيقتي، الآن حبيبتي تحملي اللوم وحدك ثم إن القديسة لن تفعل شيئا سوى طردك من هنا وأنت تعلمين بأن لدي بيت يرحب بك بأي وقت. اشتد غيظ أسماء بينما تجيبه وهي تستند بنافذة غرفة المكتب. ¤ أدفع نصف عمري لأعلم كيف كشفت خطتي؟ لقد كنت حذرة للغاية لكن لا لن أتخل عن منصبي أبدا. هز سمير رأسه يأسا من حالة أخته و قال بهزؤ بينما يتصفح الجرائد جالسا على الكرسي بخيلاء واضعا رجلا على أخرى. ¤ كشفت خطتك بعيونها الوفية المدسوسة بكل مكان، فهي دائما تحب حشر أنفها بما لا يعنيها... أدار الجريدة نحوها، فردت وهي تشير إلى ناديا القادمة عبر مدخل الدار. ¤القديسة... إنها كالقطة بسبعة أرواح أو طفرة بالقطط يعني زد عليها ثلاث أرواح أخرى، ستخلص نفسها هذا إن لم تكن فعلت بالفعل. أومأ لها ساخرا بقوله. ¤ طبعا عزيزتي، لو لم تخرج ما كانت الدار لتسير بنظام الساعة إلى الآن، فهي تجيد اللعب بخيوط الماريونت. نهض ليقترب منها يقبل وجنتها ثم قال.. ¤ إجمعي أمتعتك واخرجي بكرامة عزيزتي لم نعد بحاجة إليهم أو لا تجمعي شيئا، سأشتري لك ما ترغبينه، سأنتظرك بالسيارة خارجا ولن أمل من الانتظار. خرج سمير في اللحظة التي دخلت بها ناديا يومئ لها بتحية صامتة قبل أن يكمل طريقه إلى الحديقة حيث لمح منظرا جمده مكانه ليتأمله. *** ترجلت شاهي من سيارتها الحمراء الرياضية اﻵخر صيحة، طبعا حمراء كحمرة بذلتها المتأنقة بتكلف و كحمرة مزاجها الذي لم يستوعب لحد الآن لماذا اختارتها ناديا مساعدة لها؟ توعدت ورد بسرها لإلقاء نفسها في المشاكل حتى أنها أصبحت حديث المدينة *آه الآن ماذا؟ أحسدها حتى على مشاكلها تبا لك ورد!*... لم تكن تع وسط هدرها أنها تتوسط حديقة الدار إلا حين شعرت بملمس كف صغير على ساقها، أحنت رأسها فوجدت طفلة صغيرة ببشرة بيضاء كالثلج وشعر بني مفتوح و عينين زرقاوين كزرقة عينيها تقول بانبهار تلألأت به مقلتاها الجميلتين. ¤ سنبلة .... إستغربت شاهي فسألتها بحيرة. ¤ ماذا؟ استطالت الطفلة تشير إلى شعرها وكأنها تتلهف للمسه. ¤ شعرك كلون السنبلة. ثم دست اصبع سبابتها بفمها لانهماكها بالتفكير بما يحيرها. ¤ لماذا لون شعرك ليس مثل لون شعري مع أن لون عينيك مثل لون عيناي؟ أنا أحب شعرك أكثر، أريد سنبلة.. ابتسمت شاهي بتأثر وهمت بالرد حين سمعت صوت رجوليا ساخرا يقول. ¤مممم... متكلفة جديدة ...ما الذي أتى بك يا ترى؟ الشفقة أم ذنب تكفرين عنه أم مهتمة كالقديسة المتورطة بالمخدرات؟ أجفلت للحظة تنظر إلى الشاب الثلاثيني، ذو جسد يبدو رياضي، لباسه أنيق لكن بسيط كنزة بيضاء رياضية وسروال كاجوال أزرق شاحب، عينيه الرماديتين الواسعتين مظللتين برموش سوداء وشعر بخصلات سوداء و.... فضية؟ ما هذا؟ هل هو شيب بعمره الصغير وفي لحيته المشذبه أيضا! تنبهت على ذكر ورد وتشبيهها بالقديسة، فاستعادت مزاجها الناري تصيح بغضب. ¤أنت ...من تظن نفسك لتحدثني هكذا؟ ما أفعله أو لا أفعله ليس من شأنك! تقدم إليها متمهلا يستمتع بإرباكها والنسخة المصغرة منها طبعا إن أقصينا الشعر تنظر إليهما ببلاهة حتى وصل أمامها تناظره بجمود وتحدي، فتألقت بسمة على شفتيه زادته وسامة. ¤ شرسة ممم ... اللون يليق بك. ثم ابتعد مغادرا يلوح بيده. ¤ لكن مع ذلك لازلت منهم متكلفة.. سلام يا ...شرسة . أطلقت شاهي نفسا طويلا إكتشفت على إثره بأنها كانت تحبس أنفاسها... ماذا حدث؟ لماذا صمتت ولم تجبه؟ ما الذي جرى بالضبط؟ ولمَ قلبها كأنه يعدو؟ يا إلهي! أجفلت على لمسة الصغيرة، تسألها بقلق. ¤ سنبلة... هل صحيح أن رورو لن تعود؟ ضمت شاهي فمها وحاجباها باستغراب. ¤ من رورو هذه؟ أشارت لها الطفلة بالنزول كأنها ستفصح عن سر حربي، فاستجابت لها شاهي على غير عادتها وجلست القرفصاء أمامها تصغي لهمسها الطفولي البريء. ¤ رورو الطيبة التي تلعب معنا وتضمنا والآبلة أسماء تكرهها تسميها دائما قديسة وتسخر منها واليوم سمعت بأنها لن تعود هل هذا صحيح؟ نظرت شاهي إلى تلك العينين المبتلتين على وشك البكاء، تنتظر الجواب منها وكأن حياتها تعتمد على إجابتها، فجأة ضؤُل كرهها لورد أمام آمال هذه الفتاة الصغيرة، فقالت تهادنها. ¤ رورو آه... أنا أعرفها، سوداء الشعر و العينين لا لا تقلقي ستعود، لديها بعض المشاكل ستحلها و تعود إليكم. إبتسمت الفتاة بحبور وعانقتها تلصق فمها الصغير بقبلة كبيرة على وجنتها، بادلتها شاهي الابتسامة وبمكر لم تفهمه الصغيرة سألتها. ¤ أخبريني يا صغيرة، من هي الأجمل أنا أم رورو؟ نظرت الصغيرة إلى شعرها الأشقر الحريري، وبدون تردد هتفت. ¤ أنت طبعا... سنبلة ... ضحكت شاهي من قلبها تكتشف بأنها لم تضحك هكذا منذ أن كانت بعمر هذه الصغيرة. كتمت ضحكتها بشدة وأمسكت بيد الصغيرة التي بدلت مزاجها بسهولة، تستفسر بمرح. ¤ إذن أيتها الجميلة، أين مكتب الأبلة أسماء؟ اتسعت مقلتا الطفلة برعب تستنكر بطفولية. ¤ لماذا؟ هل ستخبرينها؟ أومأت لها شاهي بلا ورفعت اصبعها إلى فمها إشارة للصمت، تطمئنها. ¤ إنه سرنا الصغير. إبتسمت الفتاة تسحبها من يدها إلى مكتب الأبلة أسماء .. حين بلغتا باب المكتب سمعت شاهي صوت مشاجرة، فانحنت نحو الصغيرة تطلب منها بلطف العودة إلى الحديقة ثم دخلت بوجه جامد. تنفست ناديا الصعداء ما إن لمحت شاهي التي تعرفت إلى الأولى على عكس تلك السيدة الغاضبة لابد هي الآبلة. ¤ مرحبا ناديا، ماذا هناك؟ اقتربت منها ناديا تخبرها بضيق احمر له وجهها. ¤أثبتت اللجنة القانونية تورطها بعدة سرقات حدثت في الدار فصرفناها ولا تريد المغادرة، هل رأيت وقاحة أكبر من هذه؟ همت أسماء بالتحدث لكن شاهي رفعت يدها إشارة لسكوت، تأمرها ببرود. ¤ لديك خمس دقائق لتخرجي من المكتب، فأنا لا يعجبني صرفك فقط كعقاب، بل السجن هو عقاب السرقة، لذا لن أعيد كلامي، خمس دقائق تخرجين من المكتب ونصف ساعة لترحلي من الدار بعدها بدقيقة واحدة ستجدين رسغيك مقيدين، فماذا تختارين؟ بهتت أسماء ولململت نفسها تلتقط حقيبة يدها تخرج بصمت تحت أنظار ناديا المعجبة بقوة شاهي، لسان حالها يصدق على ظن ورد. سحبت شاهي إلى المكتب تجلسها خلفه مرحبة بها بحفاوة واستدعت فاطمة لتعرفها إليها ثم لتسلماها مهامها. رافقت فاطمة شاهي بجولة في الدار وكم تفاجأت الأخيرة من كبر مرافقها، عدد ساكنيها والعاملين بها وأكثر شيء أعجبت به هي صالة الأعمال اليدوية للأطفال، فطلبت منها فاطمة حين لاحظت بسمتها المعجبة زيارتهم يوم الأشغال لتشاهد كيف يصنع الأطفال مجسمات ساذجة لكن جميلة، لم تؤكد لها شاهي حضورها فقط لمعة عينيها المبتهجتين تفضح حماسها. ودعتا بعضهما وانصرفت فاطمة بينما شاهي بحثت عن الصغيرة لتودعها فلم تجدها لترحل مستسلمة بنية الرجوع قريبا جدا، ثم ركبت سيارتها وانطلقت بسرعتها المعهودة..... فقال بمرح لم يفارقه. ¤ مممم... شرسة حتى بسياقتها، للأسف يا سمير قلبك تحرك لمتكلفة متكبرة وأختك بنظرها سارقة، فماذا ستفعل يا سمير؟ نقر على المقود بيديه قبل أن يضحك ساخرا بقوله. ¤ ستحاول.. تعلم أنك ستفعل حتى إن كنت ستخسر، إنها قصة حياتك فما الجديد؟ تركت فاطمة ناديا وعادت إلى المكتب، تشكر الله أن أسماء ذهبت بغير رجعة مع أنها لا تصدق بأن شقيقها الغريب الأطوار لم يكن يساعدها لكن لا مشكلة هو ليس مسؤولا سوى على قسم أشغال الأطفال وهواياتهم، يعني لن يجد ما يسرقه هناك وإن فعل ستكون له بالمرصاد. شعرت بوجود أحدهم، فرفعت رأسها إلى رجل طويل أنيق، في الحقيقة لم ترى فاطمة بحياتها رجلا أنيقا مثله و رائحة عطره الفواحة! من يكون؟ إحمرت فاطمة بحياء حين اكتشفت تمعنه بها، فتنحنحت ليشعر بها، رفع يده وثبت عويناته بحركة مألوفة عند إرتباكه ثم تحدث. ¤أنا محمود خطاب أخو ورد أرسلتني للآنسة فاطمة بأمانة، هلا بلغتها من فضلك آنستي؟ يا لباقته! هل هو حقا...! لملمت نفسها تجيبه بخجل. ¤أنا فاطمة، ما هي الأمانة؟ ***إذن أنت فاطمة، أين أخفيت صديقتك هذه يا ورد؟ لم ألمح طيفها من قبل؟ هذا الوجه الجميل الزهري الذي يحاكي حجابها الوردي و قدها ...أستغفر الله**** بلع محمود ريقه يسلمها الملف والطابع، يقول. ¤ هذا الملف والطابع أرسلته لك ورد. تسلمتهما بارتباك تسأله بقلق. ¤كيف حالها؟ هاتفتها البارحة وكان هاتفها مغلقا واليوم حين رأيت الجرائد لم أصدق وقلقت عليها أكثر، لكنه كان صباحا مشحونا بسبب اللجنة القانونية، فلم أحظى بالوقت بعد لأحاكيها. أجابها برقة لم يعدها بنفسه و هو الدكتور الجاد دائما لكن لم يتحمل كل هذا الوهن ..هذه النعومة والرقة.. ¤لا تقلقي آنستي هي بخير، إنها مكيدة وقد أفرج عنها اليوم فلا داعي للقلق. ابتسمت بتوتر فابتسم لتوترها وظلا لحظات صامتان حتى سمعا صوت الأطفال، فتنحنحت واستأذنت منه لتغادر ...ودعها برقة وقلبه يأبى الرحيل معه فعلم يقينا أنه لابد تاركه بدار الأمل لا محالة. ***

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514