تضايقت من وصفه المبتذل، تقول ¤ و ماذا عن أبناء رجال الأعمال الذين لطالما تشدقت برغبتهم فيها؟ ضم شفتاه، يجيب بتفكير ¤ كان هذ الخيار الأول قبل أن يظهر رشدان بالصورة ....فأولئك مناسبون لكن عيبهم الوحيد أنهم أصحاب مصلحة، يعني لن يقدروها بمهر كالذي عرضه رشدان ليؤمن به مستقبلها .....ثم .... ثم صمت يفكر قبل أن يكمل بما اكتسبه كخبرة في مجال الأعمال والتجارة ¤ سمير رشدان بارع بمجاله بنى نفسه بنفسه ومجهوده، يعني حتى إن وقع يقوم ويبني من جديد، إنه كنز ولن أخاف على ابنتي وهي معه، فهو يحبها كثيرا ليقدم لها ما قدمه... ألا زلت تظنين بأنني لا أحبها؟ أومأت بلا بعد أن اقتنعت بوجهة نظره وعادا كل واحد منهما إلى ما كان يفعله أما هي فقد تورم وجهها من كثرة البكاء، مستلقية على سريرها تشعر بكآبة فظيعة و ثِقْلُُ على جسدها يمنعها من الرغبة بفعل أي شيء و تسأل نفسها ذات الجملة، **يا غبية لم لا زلت تشعرين ببهجة حبه داخل قلبك، الخائن ذاك! ...لقد أهانك و جرحك وعاملك كسلعة سهلة الشراء فماذا تريدين بعد؟ لتسكتي هذا القلب اللعين الذي يفرض عَلَيَّ ذكرى نطقه بحبي وأوقفي عقلك البليد الذي يظل يعرض عَلَيَّ صوره بعينيه الرماديتين و خصلاته الفضية وضحكته التي تجعد طرفي فمه آآآخ!** ....زمجرت شاهي بغل تدس وجهها بوسادتها تبكي لا تعلم السبب تحديدا؟ أَلِجُرْحِهِ لها أم لاشتياقها له. فتح الباب و تقدمت الخالة بهاتف المنزل، تقول ¤ بنيتي فتاة اسمها فاطمة تريد محادثتك. انتفضت جالسة بمكانها، ترتدي منامة رمادية، قميص قصير بأزرار نصفها مفتوح بإهمال تكشف عن كنزة تحتية بحمالتين وسروال تجعد من شدة تقلبها على السرير وبدهشة من اتصال فاطمة بها على هاتف البيت، نتشت الهاتف نتشا من يد الخالة، تهتف بقلق : نعم فاطمة، ماذا هناك؟ انساب صوت فاطمة القلق عبر الأسلاك يقول ¤ آنسة شاهي، أمل مريضة ولا تريد سواك أرجوك تعالي الآن! لم تمهلها وقطعت الاتصال فدق قلبها خوفا تقوم بسرعة إلى خزانة ملابسها، متجاهلة أسئلة الخالة بينما تهمس لنفسها ¤تبا! تبا! لقد نسيت الفتاة، أي أم أنا؟ ...كله بسببك يا أشيب الشعر ، اصبر علي وسترى! ******* ضمت السيدة هناء مريم، تطلب منها برجاء ¤ هيا حبيبتي لنذهب لبيتنا، فأنا تركت العينات فوق الطاولة يجب علينا أن نتمم كل شيء. قامت باستسلام، فضمتها لمار وقد عادت سعادتها تكلمها بلهفة وحماس عن الحفل لكنها لم تلقى له صدى من طرف مريم التي تكدرت فرحتها، تتفهم شعورها بالإهانة ولا تظن بأنها لو كانت مكانها ستسامح حبيبها بسهولة. ودعتهم ورد على أمل لقائهم في الغد ووقفت في الحديقة تنتظر ليث الذي مال على صديقه هامسا ¤أمامك معركة ضارية، تشجع يا ضابط ممتاز وأصلح مشاكلك، فالمهمة اقتربت وأريدك بذهن صاف.ختم حديثه بغمزة ولم يجبه إلا بحاجبه الأيمن الذي كاد أن يلمس مقدمة رأسه واستدار بصمت يركب سيارته منطلقا بها. عاد ليث إلى زوجته ضاحكا، فسمع صوت وصول سيارة، التفت فلمح العميد وانتظره بينما ورد تقترب منه باسمة، فهي قد اشتاقت إليه وتريد التحدث معه. ¤مرحبا...علمت أنكما هنا فأتيت لأرى ابنتي التي نست أمري. قالها العميد مقبلا رأس ابنته ثم سلم على زوجها، فردت ورد معتذرة ¤ آسفة أبي، إشتقت إليك كثيرا. ابتسم لها بحنان ثم التفت إلى ليث، يخاطبه بجدية ¤ لمَ صرفت الحراس ليث؟ رد عليه بحذر ، فهو تصرف دون أن يرجع إليه ¤سيدي أنا لا أفارقها ... هي زوجتي ومسؤوليتي.. تحدث العميد برسمية عمله التي تعود عليها ¤ هل نسيت ليلة حاولوا خطفكما معا؟ كنت معها على ما أظن وماذا حدث؟ أجابه محاولا المحافظة على هدوءه فهو رئيسه مهما كان موقعه الشخصي ¤ماذا حدث؟ لم يمسكوا بنا! علت نبرة العميد وورد تراقب بحاجبين مرفوعين وفم مفغر ¤ومن أنقذك؟ أليست هي؟ غضب ليث واحمر وجهه من شدة ما يلجم نفسه، يفسر ¤ لقد وضعت خطة وكنت أطبقها حين تدخلت هي لم أطلب منها ذلك، بل أمرتها بالهرب. أجابه ساخرا ويديه داخل جيبي سروال بدلته ¤ هي المخطئة الآن؟ هم ليث بالتحدث حين جفلا الاثنان على ضحكة رنانة مرحة تردد صداها بين أرجاء الحديقة، التفتا إلى ورد التي لم تستطع كتم ضحكتها حتى احمر خداها و دمعت عينيها، لم تعلم كم أسعدت القلبين أمامها، والدها الذي لاحظ تغير شيء في ابنته وكأنها أكثر وهجا وسعادة، فعادت به إلى الماضي حين تزوج و أحب تلك الفتاة الأخرى التي تشبه هذه قبالته بشدة وليث تائه في ضحكتها يعلم جيدا كم يغرق كلما اكتشف فيها شيئا جديدا والمشكلة أنه سعيد بهذا الغرق ويتمنى أن يغرق ويغرق في حبها ولا يطفو. تمالكت نفسها أخيرا وتكلمت لتوقظهما من شرودهما ¤أنتما الاثنان تتصرفان كالأطفال...و هذا لا يليق بكما أبدا. تأبطت ذراع والدها تسحبه، قائلة ¤ رافقاني لنجلس على الطاولة هنا، فالجو صحو بالحديقة. اتخذ كل واحد منهما كرسيا، فتحدث ليث قاصدا العميد ¤أنا آسف سيدي لأنني صرفتهم دون إذنك، أنا فقط لا أثق بأن يتبع زوجتي مجموعة من الرجال، تصور لو اشتراهم ذلك المجرم؟ كل كلمة يقولها تحفر داخل عقلها وتزيد ثقتها به، سمعت رد والدها المطمئن ¤ أنا اخترتهم بنفسي و أثق بهم لا تخف. أنزل كتفاه باستسلام، يوافقه: إذا كنت متأكدا لا مشكلة ...في كل حال هي لا تخرج إلا بصحبتي. ابتسمت له ورد حين نظر إليها بآخر جملته، فرد لها البسمة ليقع المشهد بالبهجة في قلب العميد الذي قال بمرح ¤كيف حالك ابنتي؟ ..أرى بأنك سعيدة ومرحة أيضا ما هو السر يا ترى؟ ضحك الرجلين من احمرارها، فقامت خجلة تفر من أمامهما متمتمه : سأحضر قهوتك أبي. ربت العميد على كتف ليث قائلا بامتنان ¤ شكرا لك بني، لقد أسعدت قلبي. رد عليه بثقة : أنا لم أفعل شيئا سيدي، إنها قوية و لم تحتج سوى دفعة خفيفة لتتقدم للأمام. أجابه قبل أن ينقلب للجدية من جديد ¤ بلى فعلت، أنت تحبها وهذا أكثر من كاف ...دعنا من هذا الحديث الآن. استولت جدية العميد على كامل انتباه ليث يصغي له ¤ وصلتني إخبارية عن موعد قدوم الشحنة. تأهب ليث، يتساءل : متى؟ تفحص الحديقة حوله بسرعة ونباهة بينما يجيبه ¤ ليس الآن ليث، سأخبركم في الاجتماع المغلق. أومأ ليث، يخاطبه باشمئزاز تجلى على محياه ¤ لن تصدق ما علمته من ورد اليوم. ضم العميد جبينه تساؤلا، فاستطرد ليث ¤ الحقير دفن الفتاة في القبو. دهش وحط بقبضة يده على الطاولة هاتفا ¤المجرم المنحط... سنؤجل ذلك إلى أن نقبض عليه متلبسا، بعدها سننشر جميع وساخته أمام هيئة المحكمة. ثم أكمل بغل : فليرني حينها كيف سيخلص نفسه.....لقد استعنت بالله ثم كل علاقة اكتسبتها في حياتي العملية ولن ينتهي إلا بإعدام إن شاء الله. سكت العميد حين لمح ورد مقبلة عليهما بصينية القهوة، لاحظت سكوتهما فعلمت أنها قطعت حديث عمل ومدت بالفنجانين إليهما وهي تقول : هل قطعت حديثكما؟ هزا رأسيهما بلا فجلست مكانها .....أنهوا القهوة يتبادلون الحديث ثم ودعوا أهل البيت بعدها وافترقا أمام المنزل مع العميد الذي غادر بدوره ثم انطلقا إلى بيت الجندي. ******** أوقفت شاهي سيارتها بحدة أمام الدار حتى أحدثت فراملها صوتا كالصرخة، تجاهلت حسن ركنها وأسرعت داخلة لاهية عن ابتسامة النصر على وجه سمير الواقف في ركن بالحديقة، توجهت إلى رواق الفتيات ودخلت إلي عنبر الصغيرات فلمحت فاطمة تجلس على السرير بالقرب من أمل، اقتربت منهما بقلب وجل، فوقفت فاطمة حين رأتها تقول متصنعة القلق قبل أن تنسحب تفكر بأنها ستقتلها حين تعلم بالحقيقة. ¤لا تريد سواك. رق قلب شاهي وجلست بجانبها، مدت كلتا يديها فحملتها وحطت بها فوق حجرها تمسد على جانب رأسها إلى ذقنها وتهمس لها برقة : ما بك حبيبتي؟ هل أنت مريضة؟ نظرت إليها أمل بسرور وهمت بمعانقتها لكنها تذكرت قول "البابا خاصتها"، فتصنعت التعب بشكل بريء مضحك تعيد ما رددوه عليها حتى حفظته عن ظهر قلب ¤ لم تأتي اليوم سنبلة هل مللت مني؟ لهف قلبها عليها وهمست بينما تضمها بشدة ¤أبدا حبيبتي كيف تمل الأم من ابنتها؟ أنا أحبك جدا جدا. قالت الصغيرة من بين ضلوع شاهي ¤بابا أيضا قال أنه يحبني ويحبك. أبعدتها شاهي لتنظر بعينيها بينما تبلع ريقها من التوتر الذي يفرض نفسه عليها كل مرة تسمع باسمه ¤قال أنه يجهز لنا غرفتين جميلتين واحدة لك و واحدة لي بجانبها. استغربت شاهي و راقبت استرسالها بريبة ¤ يقول غرفتي ستكون كلها زهرية و مليئة بالدمى و ملابس جميلة كملابس الأميرات ...لكن ... نطقتها بعبوس لم تتصنعه هذه المرة، فسألت شاهي بحيرة ¤لكن ماذا؟ ردت تشير إليها بنفس عبوسها ¤إن لم توافقي أنت على القدوم معنا لن يكون هناك بيت. ضمت شفتاها تقضمهما بغيظ هامسة ¤ إذن أنت تورطني يا سمير وتلوي ذراعي.. جفلت و أمل تسألها بترقب طفولي ¤ هل ستأتين معنا ماما سنبلتي؟ التفتت إليها لا تصدق وقع الكلمة على صدرها وابتسمت تضمها قائلة : أين بابا؟ قاطعهما صوته المرتبك، قائلا : أنا هنا أنتظر دوري لكن بالطبع أعلم بأنه سيكون لقاء بلا أحضان. لم تبادله تهكمه وقالت تقصد الصغيرة ¤أمل حبيبتي اذهبي إلى الحديقة وسنلحق بك بعد قليل. سحبت الطفلة نفسها من حضن شاهي، تهز رأسها وهي تجري خارجة من العنبر. لم تقم عن مكانها مطرقة برأسها تتفحص ملاءة السرير التي بهت بياضها، تحاول السيطرة على دقات قلبها تسترجع أسباب غضبها ليتأجج من جديد ويطغى على تلبكها **تبا ..تبا! لماذا أحتاج ذكر الأسباب لأغضب منه؟ ما الذي جرى لي؟ لم أكن هكذا أبدا** فكرت شاهي حين سمعت صوته القريب تتيقن من قربه منها ¤ حبيبتي، أنا لم أقصد كل ما فهمته واتهمتني به. طفح كيلها من عدم فهمه لما فعله بها وضاق صدرها، فوقفت مواجهة لوجهه بملامحها المتعبة وعينيها المتورمتين من أثر البكاء، فهزت أركان كبده قبل قلبه وهي تصيح بألم ¤لم تقصد ماذا بالضبط؟ وضعي تحت الاختيار كالجرذان بإخفاء حقيقتك عني وادعائك الفقر المدقع وكأنني ساقطة ألاحقك من أجل مالك ... أم عرضك السخي الذي أعلم قيمته فقط من انبهار والدي الذي لا يبهره العجب..ما الذي لم تقصده بالضبط؟ انقطعت أنفاسها واشتد حنقها واحمرارها مع جملتها التالية:لم تقصد أن تثبت لي مدى طمع والدي ومدى استعداده مع أمي لبيعي من أجل المال؟ رفعت يدها وضربت صدره بأقصى قوتها، تكمل صياحها الذي بدأت نبرته تبح وهو ساكن يتلقى ضرباتها دون مقاومة. ¤كنت أتجاهل مبادئهما التافهة التي لا يشملها إلا الجشع والمال، أقنع نفسي بأنها مجرد تظاهر منهما ليندمجا مع محيطهما لكن أنا من يحبون أكثر من أي شيء آخر ... و ماذا فعلت أنت؟ ها؟ ماذا؟ عقد حاجباه يتأمل الدمع القاطن بزرقتيها بسببه وهي تكمل بشجن وحزن: كشفتَ الرداء الذي كنت أطمس به حقيقتي.... أنني مجرد سلعة أنجباها و اعتنيا بها جيدا حتى أصبحت جاهزة ليبيعاها لمن يدفع أكثر. لم يتحمل، يشعر بقلبه سينفجر من ألمها وجرحها الذي يحس به في قلبه هو، فقاطعها يهمس بلوعة ¤أقسم لك، أنا لم أفكر إطلاقا بكل ما قلته الآن. ثم أكمل بتوسل وهو يمنع عنها طريق البعد عنه ¤لقد أخبرتك من قبل، أنا لم أشفى من كل عقدي ومقت الطمع كانت واحدة منهن..أنا بطبعي أخفي حقيقة عملي حتى أغلب الموظفين لا يعلمون بشخصي إلا المقربين مني أقسم كنت سأخبرك ذلك اليوم حين طلبت رؤيتك لولا تدخل ذلك الغبي ابن عمك! بدأت تستكين لكنها لا تنظر إليه، فيتحرك ليملأ مجال رؤيتها ¤ أنا لم أساوم عليك أمام والدك بالعكس أخبرته كل شيء عن حياتي لنبني علاقتنا على أساس قوي لا تهزه زلازل الحياة، لكن حين بدت بوادر الرفض على صفحة وجهه ارتعش قلبي من مجرد احتمال فقدانك ...فاستعملت البطاقة الأخيرة لدي، فقط لأقنعه لا لأجبرك على شيء لا تريدينه أو أقيمك كسلعة ....فأنا أحبك، أحبك ولا أتخيل حياتي بدونك بل لا أريد حياة ليس لك فيها وجود. ثبتت مقلتاها على خاصته التي اهتزتا من رفضها لما سيقوله، فأغمضهما للحظة كأنه يحكم طوق قيده عليهما ثم فتحهما وهمس بشجن أحرق قلبها قبل قلبه هو ¤إن أخبرتني الآن في التو واللحظة أنك لا تريدينني، فسأعلم والدك بتراجعي عن الأمر كله و ليس هذا فقط. دهشت من قوله و حبست أنفاسها بصدرها وهو يشد على يديه كي لا يطبق على الخصلات الذهبية بل يطبق عليها بأكملها، يضيف : ¤سأحرص على أن لا يوافق على أي متقدم أنت لست موافقة عليه حتى إن صرفت كل ثروتي على شراء رفض والدك. حركت عيناها تتفحص ملامحه بريبة واندهاش، تتساءل ¤ حقا ستفعل ذلك؟ حتى إن اخترت رجلا آخر؟ شعرت بتصلبه ووجوم ملامحه والعرق وسط جبهته ينتفخ مكانه كأنه سينفجر لكنه هز رأسه بثقل مؤكداً وهمس بنبرة تنبض ألما أنبأتها بمدى اعتصار أحشائه ¤سأفعل حتى لو قتلني وستفعلين تيقني من ذلك، لكن أتعلمين ما سيقتلني أسرع؟رؤية الألم بعينيك وأكون أنا السبب. اختفى وجع قلبها هي ليحل محله وجع قلبه هو الناضح من عينيه، تعلم جيدا استحالة تحمل رجل حامي الدماء غيور مثله لرؤية امرأته تختار غيره، فكيف به يبذل ثروته من أجل ذلك ومجرد نطقه للأمر يزيد من قدره لديها ...على من تكذب؟ هي تحبه ...تعشقه هي الكلمة المناسبة لما تشعر به نحوه. اقترب منها ولم يحد بعينيه عن مقلتيها، يهمس برجاء ¤أخبريني شاهي، هل تبادلينني إحساسي بك؟ ردت عليه بنفس همسه : إنها المرة الأولى .... ضم حاجباه ينطق ببلاهة : ها؟ ابتسمت من بين ملامح وجهها التي أصبحت كلوحة تجريدية من الاحمرار المختلط بالشحوب بالإضافة للدموع، تهمس وهما لا يزالان متقاربين ¤أول مرة تناديني باسمي. قلب عينيه بملل يعقب ¤ أجيبيني من فضلك وسأدعوك كما تحبين. ابتعدت عنه قليلا، فهوى قلبه من احتمال رفضها ثم همست بخفوت وتوسل :لن تجرحني مرة أخرى؟ التهم الخطوتين مجددا، يهتف بلهفة واثق ¤أبدا.... أعدك بذلك. رفعت أصابعها تمسح عينيها ثم أنزلتهم لتسوي هندامها وخجلها هذه المرة لم يزدها حمرة فلم يبقي بكاؤها و صراخها مجالا لذلك. انتظرها حتى نفذ صبره يهتف بضيق : سنبلة! استدارت مبتسمة بمرح ممزوج بمكر، تقول وهي مغادرة ¤ لن أخبرك إلا بعد عقد القران ....سأذهب لأرى طفلتي وأنتظرك لتخبرنا عن الغرفتين اللتين علمت هي بهما قبلي ...و أحذرك! أنا لا أحب الزهري! تركته جامدا يرفض أن يصدق قلبه الذي هدر مكانه فرحا، فزفر زفرة طويلة حارة ومسح على وجهه يهمس بينما بسمته تتسع على ثغره ¤أعرف جيدا اللون الذي يليق بك .....الأحمر شرستي، الأحمر! ******** ما إن وصلوا بيتهم حتى استأذنت مريم منهم لترتاح، فأذنت لها خالتها وطلبت منها أن تنام و سترسل لها العشاء إلى غرفتها، فانسحبت شاكرة لحكمة خالتها تنشد الانفراد بنفسها والاستعداد لمعركتها معه لاسترجاع كرامتها التي جرحها بيديه. ظل يراقب مشيتها إلى أن اختفت وقلبه ينذره بقدوم معركة ضارية على قول صديقه لكنه لن يستسلم أبدا فلتكن زوجته وبعدها يعلم جيدا كيف سينتزع الصفح منها انتزاعا. جفل على لمسة والدته التي قالت بحنان مشفقة ¤ الوقت بني، الوقت كفيل بالجراح فامنحها بعضا منه. ***** كانت السباقة إلى سريرهما هذه المرة تدثر نفسها جيدا بالملاءة، لا تعلم لمَ الارتباك يغزوها وهي قد نامت بجانبه قبلا، هو ليس خوفا أكدت لنفسها ولا عدم ثقة لكنه توتر ممزوج بخجل، دوى قلبها بدقة تردد اهتزازها بسائر جسدها حين خرج من الحمام و كنزة منامته بيده لم يلبسها بعد، تجاهل احمرارها واتجه إلى طاولة الزينة يلتقط المنشفة الصغيرة يتظاهر بتنشيف شعره، يسر ابتسامته لبحلقتها المصدومة يقسم أنها لم ترى مشهدا كهذا من قبل لكنه مجبر لكي تألف حياتهما كزوجين. تسمرت مكانها ترمق كم العضلات باندهاش وصدمة لا تصدق أن أمامها رجل عار الجذع وهي جالسة لم تهرب بعد وحتى قلبها لا يدوي خوفا وإنما شيء آخر مختلف، التفت متجها إلى السرير والكنزة لا تزال بيده، بلعت ريقها وجسدها بدأ بالارتجاف لاحظ ذلك فتصنع التنبه أخيرا يقول بينما يرتدي كنزته ¤أنا عادة أنام عاري الجذع ....آسف وردتي. تضاعف ارتباكها وهو يندس تحت الغطاء، يستلقي على شقه تجاهها يتأملها باهتمام تشاغلت عنه بتأمل السقف وتنفسها السريع يفضح تلبكها. ابتسم بمرح يهمس : ورد! أجابته بهمهمة وجلة زادت من اتساع بسمته، فيسألها محاولا إلهاءها عن توترها :هل تظنين بأن مريم ستسامح هشام؟ ارتاح قلبها نسبيا وهدأت أنفاسها لكنها لم تتحرك من مكانها وهي تجيب بارتعاش لم تتحكم به ¤ستفعل إن شاء الله لكن ليس الآن...يلزمها وقت. هز رأسه وعقب بتعمد ليستفزها أكثر : برأي هو معذور. انتفضت والتفتت إليه برأسها مما أسعد غروره لتوجيهها كما يريد، تقول بنبرة حازمة ¤ معذور؟ لم يمنحها فرصة لتدافع عن نفسها واتهمها في عفتها وشرفها وتقول معذور؟ لم يتراجع يدافع عن وجهة نظره بينما هو معجب بدفاعها عن صديقتها وحتى حواره معها في ذلك الوضع الحميمي ¤لكنه سألها وهي لم تدافع عن نفسها. استدارت هذه المرة بكل جسدها تفسر له، فتعلقت عيناه بتركيز على خصلة من خصلاتها التي تطلق سراحها فتستفزه ليرجعها مكانها، تهوي فوق عينيها وهي لاهية عنها بجدالها ¤هذا لأنها رأت الاتهام بنظراته قبل أن يسألها حتى. عقد حاجباه يحاول صرف انتباه نفسه عن خصلتها التي تهتز مع نطقها، يعلق على حديثها ¤ هو أيضا قرأ اعترافها بما حصل بنظراتها، لو كانت أخبرته بحقيقة الوضع كان ليصدقها. نفخت برفض تزم شفتاها، فزاد تحفزه، تقول وهي الغافلة عن حالته تلك ¤لا أظن، فمن يحب يتحول لأعمى ويتسرع بالحكم. بلع ريقه يهدئ من وجيب قلبه وهمس ¤ لماذا ساعدتهما إذن؟ ..بما أن هشام مخطئ من وجهة نظرك؟ حركت رأسها فتحركت الخصلة ومعها عينيه وقلبه، فضم يده في قبضة وشد عليها يلجمها عن مبتغاها مصغيا لجوابها ¤ لأنها مغرمة به وحبها له صادق، يعني مهما غضبت منه سيأتي يوم وينطفئ الغضب ويبقى الحب. تنهدت فطار تحكمه بيده تلتمس طريقها نحو خصلة الشعر الشاردة، لم يعِ على فعلته إلا حين وصله إحساس ملمسها، نظر إليها يخفي اندهاشه من سكونها ومراقبته، فحرك يده بحرص إلى أن ثبت الخصلة خلف أذنها وهناك شعر بارتعاشها. لم تصدق كم المشاعر الجديدة التي تغمرها، فهي لم تتنبه ليده إلا حين لامست خصلتها، فسكنت تنتظر ما سيفعله وراقبته إلى أن أرجعها خلف أذنها حيث شعرت بملمس إصبعه فارتعشت لكن ليس خوفا بل دفئا غريبا جديدا عليها، كل ما توصل به ذكائها أنه أمر لا يخيف بل العكس، تشعر بذلك المكان يطالب بلمسة أخرى، فتصغي للسان حالها يخاطبها **يا إلهي! الطبيبة محقة، كل ما أحتاجه تجربة الأمور لأتعرف على الإحساس بها كيف يكون؟** همس مجددا باسمها فالتفتت إليه، تلمح راحة يده وقد أراحها على الوسادة بينهما، فيطالب منها برقة ¤ ضعي يدك هنا ولا تخافي مني أبدا. سلمته يدها دون تردد ليطبق عليها وهمست بما أراح قلبه وجعله يغط بنوم عميق ¤أنا أثق بك، فقط أمهلني بعض الوقت لأتعود. جاء الصباح بحمد الله ونعمته وأشرقت شمسه يرسلها لتحيط بدفئها عباده وحتى من يكفرون به ومن يعصونه، فسبحان رحمته بخلقه، هب الجميع من مكانه بنشاط يبدأون يومهم الذي لا يعلم أحد منهم كيف سيكون ولا كيف سينتهي... وهناك من يستعد للحفل نعم حفل في آخر النهار، النهار الذي سيعتبره كثير منهم طويلا جدا و غريبا جدا جدا ....فأغرب شيء بالحياة هو تبدل حالها في لحظة من أبيض إلى أسود أو أسود إلى أبيض، ألا يقولون مصائب قوم عند قوم فوائد؟ ********** بصره على نقطة في الشارع يتأملها من علياءه، من نافذة مكتبه الكائن بالطابق العاشر، النقطة تحتلها فتاة صغيرة بلباس مهترئ وسخ، جالسة على الرصيف تتسول عطف المارة، فمنهم من يرمي لها بعملات معدنية ومن يتظاهر بعدم رؤيتها أو لا يراها بالفعل، لا يعلم لم فستانها الذي بهت صفاره يذكره بأول يوم جاءت فيه رنا إلى منزلهم، رنا" تلك التي كانت السبب في معرفته لمدى دناءة والده واعتقد أنه كسب نقاطا لصالحه ليعلم بعدها أنها خسارة، خسارة كبيرة. ليته ظل على جهله كان سيظل مخدوعا لكن نظيفا كأخيه، يمكن أن يتمادى قليلا فيسمى طائشا لكن ليس مجرما ،، آآه،، تنهد بتعب وضنك والتفت إلى مكتبه ليرفع عينيه للباب الذي فتح بحدة، يدخل منه من كان يحتل تفكيره للتو. أقفل حلمي الباب كما فتحه والتفت إلى ابنه يهتف بانزعاج ¤ ألم أخبرك بأن تبتعد عن المسمى ليث؟ عقد تامر حاجباه مستغربا ووالده يكمل بضيق ¤علمت من مصادري أن هناك من ينقب ورائي.... رد عليه بريبة : ولماذا تحسبه ليث؟ لوح بيده وهو يهتف بضيق بينما يقترب من المكتب ¤ ومن قد يكون غيره؟ لن يكون غيره يبحث خلفك وأنت تعلم السبب. تجاهل آخر كلامه يقترح ¤ نلغي العملية إذن؟ حتى نتأكد! علت نبرة صوته يصيح بعينين جاحظتين غضبا ¤ مستحيل! من نتعامل معم لا يلعبون، لقد حددوا الزمن ولن يتراجعوا ...المشكلة هنا، أخشى أنه يراقبك ...لذا يجب أن نلهيه حتى نطمئن على بضاعتنا. هز رأسه يشير إليه متسائلا : ماذا تقصد؟ تنهد حلمي وخطى إلى الأريكة في القسم الآخر من غرفة المكتب، يلقى بثقله عليها بينما يقول وهو يفتح زري سترة البدلة السوداء ¤ هل ما زلت تعمل على خطف الفتاة؟ صمت ينظر إليه للحظة ثم أومأ بنعم، فقال مضيقا عينيه يفكر ¤إذن افعلها قبل أن تصل الشحنة، هكذا نلهيه إلى أن تمر الصفقة على خير. بلع تامر ريقه يسر خوفه من مساندة والده، يجيبه بحذر ¤ إن نجحتُ في خطف ورد لن تعود إليه أبدا، سأرحل بها إلى الأبد خارج البلاد. أخفى والده حنقه بصعوبة وتصنع اللامبالاة، يدعي مناصرته ¤ المهم عندي أن تمر الصفقة على خير بعدها لا يهم ما ستفعله بالفتاة. فقال تامر: إذن دع الأمر لي، هناك خطة ستنفذ اليوم، إن نجحت سهلت علينا أموراً كثيرة. قام والده مغادرا بينما يقول : خذ حذرك جيدا ولا تتهور. ما إن خرج من مكتب ابنه، استل هاتفه وطلب رقما ما، انتظر قليلا و قال بهدوء يخالف ما يجيش به صدره من عصبية سببها ابنه الأحمق ¤أعلم جيدا بأنك تعرف خطط تامر و أوامري هي لا ذيول للأمر، هل تفهم؟ صمت يصغي ثم قال : جيد. وأعاد الهاتف مكانه تلمع عيناه بخبث الشر، يهمس لنفسه ¤ الموت ورائك يا فتاة منذ صغرك ...إنه قدرك. ***** دخلت الخالة فتحية بصينية القهوة مع الضيافة، فقامت شاهي وتسلمتها منها ثم بدأت من أقصى اليمين حيث يجلس حبيب قلبها الأشيب، انحنت تقدم له القهوة مبتسمة فبادلها بسمتها وزاغت عيناه على وجهها الذي عاد بهاءه والسعادة تزين محياها بأجمل زينة، تنحنحت أسماء لتنبه شقيقها فوعى على نفسه و أخذ فنجانه، تحركت خطوة أمام أسماء التي تتبسم بمكر وقلبها يهلل فرحا لسعادة أخيها الوحيد، تهمس لها بمرح : لقد أفقدته صوابه يا فتاة، ترفقي به قليلا! أطرقت رأسها بحياء دهش له ناصر المراقب للوضع، لا يصدق أن خطته فشلت والأدهى أنه لا يهتم بل بالعكس يشعر بتأنيب ضمير لا يعلم له من سبب! خصوصا الآن وهو يرى شخصية شاهي الحقيقية التي لطالما علم أنها تطمسها بذلك التكبر والعصبية، فيخاطبه نفسه *أولست تفعل أنت؟* التقط فنجانه شاردا بعينين بندقيتين واسعتين تحتلان خياله، يشتاق لهما جدا قبل أن يتنبه لقول عمه السيد مجران ¤ تسعدنا زيارتكما لنا سيد رشدان. رد عليه سمير برسمية مسترجعا شخصيته القوية التي تفرض هيبته على أي مكان يحل به ¤كل السعادة لنا سيد مجران. اسمحوا لي بأن أدع شقيقتي الكبرى تتحدث، فهي في مقام والدتي. تكلمت أسماء بفخر تعتدل بجلوسها المحافظ كفستانها الأنيق حتى أن مقلتاها لمعتا بدموع الفرح والحزن معا ¤ يشرفنا سيد مجران أن نطلب يد الآنسة شاهي على سنة الله ورسوله. تدخلت حرم السيد مجران قبل أن يجيب زوجها، تعقب بترفع و ملامح الاشمئزاز تتشكل بها ملامحها المتقنة الزينة ¤ هذه الطريقة قديمة، آنسة لم يعد أحدا يخطب هكذا. تأهب سمير عابس الوجه لا يسمح أبدا لأي أحد بإهانة أخته لولا أن أسماء أمسكت بيده بينما يطلق ناصر ضحكة ساخرة، فتتدخل شاهي مستهجنة : ماما! ليتدخل والدها زاجرا زوجته بنظرة حارقة أخرستها تماما يفكر بأنها ستفسد كل خططه حتى قبل بداية تحقيقها ¤ آسف آنسة أسماء نشأة زوجتي مختلفة فاعذريها، أنا آسف سيد رشدان. هدأ سمير قليلا ثم قال ببرود وهو ينظر إلى حماته ¤بما أن هذه الطريقة عاف عليها الزمن، فدعونا نناقش التفاصيل مباشرة ...وأرجوا أن يكون زفافا و بأقرب فرصة. رد والدها ملوحا بكفه الحاملة للسيجار ¤و لم العجلة سيد رشدان؟ لنقم خطوبة أولا. فأجابه بحزم ألجمه ¤ هذا شرطي الوحيد سيد مجران ... زفافا في أقرب وقت. التفت السيد مجران إلى ابنته لتلقي ببعض السحر على عاشقها لكنها خيبت رجاءه وهي ترمقه بثقة، قائلة : أنا موافقة. وافق والدها على مضض، فرفع سمير يديه يغيظ حماته المستقبلية، قائلا: نقرأ الفاتحة ليفتح الله علينا أبواب البركة والتيسير. ظلت ملامح الاستهانة على وجه والدتها بينما فقط التذمر على وجه والدها أما أسماء فتكتم ضحكة لن تضحكها إلا عند العصر أثناء موعدها مع الطبيب. قام ناصر من مكانه محافظا على بسمته المرحة ليسلم على سمير الذي قابله بعبوس تغير ما إن سمع همسه: مبارك عليك، أنت تستحقها ...أخرجها من هنا وستسعدان. ثم انسحب من المجلس بأكمله أما شاهي فقلبها يحلق سعادة ولا يقلقها سوى نظرات والدتها المترفعة، تبادلوا بعد ذلك الحديث عن موعد العرس وتكفل سمير طبعا بكل التحضيرات فقط ماديا أما ترتيبا فوالدة شاهي من فرضت نفسها لتقوم بكل شيء. غادر سمير برفقة أسماء وهو يضرب يده بأخرى استغرابا من حرم السيد مجران التي تعتقد بأنها كائن سامي لا يتساوى مع البشر ويستغرب حقا أن سنبلته تكون ابنتها في حين كان قلب أسماء مسرور للتقدم الذي حققته بفضل الله، فهي لطالما كرهت أمثال والدة شاهي ولو كانت أسماء القديمة لأقامت الدنيا ولم تقعدها، أما الآن فهي مدهوشة من عدم لامبالاتها بل كان المشهد بالنسبة لها كمشهد كوميديا مضحك، ترغب بالضحك بشدة على منظر شاهي الخجلة وعلى تصرفات والدتها وابن عمها الذي لا تعلم سبب حضوره من الأساس، فهو ممتعض من عمه وحرمه المصون ويسخر من كل ما يصدر منهما، أما السيد مجران فيمنع زوجته مما يمنع نفسه هو، أن يتصرف بعجرفة ويطردهما بعد أن يريهما مكانتهما الحقيرة، لكن هيهات المال هنا سيد الموقف. أسرت في نفسها بهجة إخبار دكتورها وكل ما ظهر على محياها ابتسامة صغيرة و ....الرضا. ***** ¤ يا بنتي تعالي واجلسي قليلا، يوشك الهاتف أن يضمحل بين يديك. كانت هذه الجدة تكلم ورد التي منذ أفطرت معهم وهي تتصل بزوجها دون جواب، اقتربت منها وجلست تعبر عن قلقها الظاهر على تقاسيم وجهها المتشنجة ¤ أخبرني بأنه سيذهب لعمله بعد صلاة الفجر وسيعود ليقلني إلى بيت مريم ...إنه متأخر لا يجيب على هاتفه، قلبي منقبض ولا أحب ذلك الشعور لأنه غالبا ما يحدث شيء سيء بعده. انتقل القلق إلى قلب الجدة لكنها لم تبده، تجيبها مبتسمة بمهادنة ¤استعيني بالله حبيبتي، ماذا سيكون المانع سوى عمله؟ فهو غالبا ما يغلق هاتفه أثناء تأديته. لم تقتنع تقول برجاء ¤ لا أعلم جدتي ....عله خير... عله خير. علا رنين هاتفها بين يديها ففتحته رأسا دون أن ترى الرقم، لينساب عبر أذنها صوت أنثوي ناعم تتذكره جيدا حتى وإن سمعته مرة واحدة ¤مرحبا ورد ...إسمعيني جيدا، يجب أن تفارقي حبيبي ليث فنحن عدنا لبعضنا منذ مدة لكنه احتفظ بك كواجهة أمام عائلته، فهم لن يوافقوا على رجوعنا لبعض ...أنا لم يرضني أبدا غفلتك، لذا تعالي لتتأكدي هو الآن على سريري ....خذي العنوان (****)..هل ظننت فعلا أنه سيترك الجمال ويرضى بشبيهة أنثى؟ أنت مخطئة... باي يا .....ورد. استغربت الجدة من تجمد ورد والهاتف على أذنها ثم تبدل الألوان على وجهها، فأمسكت يدها تخاطبها ¤ ورد، أنت بخير بنيتي؟ تمالكت نفسها بمشقة وحاولت الرد بهدوء تبلع ريقها ¤لا شيء جدتي لقد كان رقما خاطئا ....أتعلمين ماذا؟ سأكلم محمود ليقلني إلى بيت مريم فأنا متأخرة جدا. أومأت الجدة محافظة على ابتسامتها رغم القلق الذي استبد بها أما ورد فللحظة كان الشيطان سيستولي على تفكيرها يسول لها خيانة زوجها خصوصا أنها لا تعد له زوجة بحق وهو رجل بعد كل شيء لكن نشأتها وشخصيتها التي اكتسبتها عبر سنوات عمرها فرضت على عقلها فرضيات المنطق، فاستنتجت بسرعة احتمالين، إما هو فخ لتذهب إليه برجليها أو أن ليث بخطر والفتاة تتحدث بثقة بأنه على سريرها، في كلا الحالتين يجب أن تتصرف. رفعت هاتفها تكلم شقيقها وما إن أجابها بادرت بالتحدث ¤ السلام عليك أخي ...أنا آسفة لكن للمرة الأولى سأطلب منك أن تترك كل شيء بيدك مهما كان مستعجلا وتأتي إلى بيت الجندي، أنا أنتظرك ...ولا وقت للأسئلة. لم يسأل يستشعر جدية وخطورة الموقف، فلبى طلبها دون سؤال :أنا قادم. بحثت عن رقم آخر ثم طلبته تقول :أهلا حبيبتي مريم أنا آسفة لتأخري وأطلب منك المعذرة، فقد استجد شيء مهم في قضيتي وسأتأخر أكثر. ردت عليها بقلق : أنت بخير عزيزتي؟ صوتك مقلق. شدت على الهاتف مجيبة بينما تخفي دوي قلبها بجوف صدرها خوفا وجزعا و...غيرة ¤أبدا ...فقط منزعجة لأنني لن أحضر باكرا فأنت صديقتي الغالية. ابتسمت مريم بتأثر تعذرها ¤ لا عليك حبيبتي احرصي على الحضور قبل عقد القران. أغمضت عيناها تلجم الدموع التي تتدافع لتخرج بينما تجيبها ¤ إن شاء الله ....ومن فضلك أرسلي لي رقم هشام لأسجله على هاتفي للاحتياط... فليث ليس معي الآن لآخذه منه. ردت عليها بحاضر وودعتها ثم بعثت لها برقم هشام قبل أن تعود إلى ما كانت تفعله أما ورد فهاتفت هشام في اللحظة التي حصلت فيها على رقمه ....انتظرت قليلا ثم هتفت بلهفة ¤ أنا ورد، ليث معك؟ رد عليها مدهوشا تغمره الريبة ¤مرحبا ورد ....لا ليث ليس معي فأنا في منزلي، اليوم عطلتي أم أنك نسيت أنني سأعقد على صديقتك؟ سمحت لدموعها أخيرا بالنزول تقول : هشام أنا. انتابه القلق و الضيق لا يعلم السبب، فحثها بحزم ¤ ورد ما بك؟ تحدثي! مسحت دموعها تقول بتصميم ¤ أخي سيمر الآن ليقلني ...انتظرنا على باب منزلك وسأخبرك بكل شيء. أنهى المكالمة على مضض والقلق يستبد بعقله، جهز نفسه وتسحب من البيت هروبا من أسئلة لا جواب عنده لها وانتظر قرب الباب الخارجي حيث لمح سيارة تفحصها فتعرف على ورد ومحمود الذي أوقف السيارة فخرجت منها مسرعة تشير لهشام كي يقترب إلى جانب أخيها لتسرد لهما ما قيل لها هوى هشام بقبضة يده على سقف سيارة محمود يهتف بغضب ¤ حقيرة! ثم التفت الى ورد يكمل برجاء ¤ أنت لا تصدقينها أليس كذلك؟ ليث لن يخون ولو على جثته! هزت ورد رأسها بتوتر تجيبه بما يضني قلبها ¤ ليس هذا ما يهمني الآن ...أنا أموت قلقا عليه ..قلبي منقبض، هناك شيء ما سيحصل. تدخل محمود قائلا ¤ لماذا أنتما متأكدان بأنه لن يعود لطليقته، فهي بعد كل شيء كانت زوجته؟ هتف هشام و ورد في نفس اللحظة : مستحيل! دهش محمود من ثقتهما وسمع ورد تستدرك ¤ سأوضح لك لاحقا أخي، الآن يجب أن نذهب إلى العنوان. أومآ بنعم وكل واحد يستقل سيارته وانطلقوا، دخلوا المبنى بحذر وضغط هشام على جرس الباب وانتظروا، فُتح الباب تطل عليهم الوقحة بقميص النوم و شعر مبعثر، فوجئت في البداية فهي لم تظن بأنها ستأتي برفقة أحد لكنها تمالكت توترها تقول بدلال متعمد :جلبت معك الشهود، جيد جدا. محمود ينحي عيناه جانبا مستغفرا ربه بينما ورد تندلع النيران بقلبها رغما عنها، تفكر بأن هذه الأنوثة الطاغية كانت أو أصبحت لزوجها أما هشام فبسط يده باشمئزاز ينحيها عن طريقه بحدة يتوغل هاتفا بجفاء : أين ليث أيتها الحية؟ تبعته تصيح بعصبية ¤ أنا لم أجبره على شيء، هو من جاء بقدميه. بحث عن صديقه إلى أن وقف على عتبة غرفة يرمقه نائما، فأبت عيناه التصديق، لحقت به ورد لترى نفس المنظر، فتسمرت مكانها ومحمود قد اشتد به الغضب، فقالت رهف متشفية : دعوا حبيبي ينام و اخرجوا من بيتي هيا! التفت هشام إلى ورد ينظر اليها بشفقة لا يعلم ماذا يقول! يسمع همسها المذهول : مستحيل ...مستحيل! ولم تشعر برجليها وهما يقودانها حيث هو تنهار على ركبتيها تناديه بهمس تحول إلى صراخ حين لمحت عريه تحت الغطاء ¤ليث انهض! ....... قم وأخبرهم، أنت لن تفعل بي هذا، ليث قم هيا! عقد هشام حاجباه بريبة، فليث جندي و نومه لا يكون ثقيلا أبدا، فاندفع إليه وشرع بهز جسده يصيح ¤ليث ما بك؟ ....ليث انهض! ليث! زفرت الوقحة بضيق وحقد تصرخ مخافة انكشاف أمرها ¤دعوه و شأنه، أخرجوا من بيتي! أعاد الخوف لورد رشدها تهتف بجزع ¤أخي تعال وافحص ليث، نومه ليس طبيعيا. استجاب لها وقد تسلل الشك إلى قلبه هو الآخر، فتأكد بأنه تم تخديره ورفع عينيه إلى هشام يخبره ¤ إنه مخدر يجب أن نعلم نوعه لنتصرف لا وقت للتحاليل. قام هشام إلى رهف وأمسكها بشعرها يجذبه بحدة يصيح فوق رأسها : أقسم أيتها الحية اللعينة إن لم تخبريني ماذا فعلت لأقتلنك ولا أحد سيهتم بحياتك أو مماتك. أطلقت صرخات مختلطة بشتائم، فصفعها هشام بقوة أوقعتها أرضا، انكمشت على نفسها وقامت ورد تهتف باستنكار ¤ هشام! تمالك نفسك! ثم التفتت إليها تقترب منها قائلة بهدوء تحاول إقناعها والاستفادة منها بسرعة ¤إن كنت فعلا تحبين ليث أخبرينا بنوع المخدر وأنصحك بالهرب قبل أن يفيق، فأنت تعلمين ماذا سيفعل بك! رمتها بنظرات الغل والحقد، تجيبها ¤ لا أعلم ماذا يرون بك فأنت حتى لا تهتمين بنفسك. بهتت ورد من كم الحقد بعينيها، فصاح هشام بقرف يدنو منها ¤ لأنك ( عا... )لذلك لا أحد يطيقك وأمثالك لا يعلمون معنى العفة والشرف وهذا ما يراه ليث بزوجته. اسود وجهها بكره أسود وهي تقول ¤ هو أيضا مثلي، فلماذا يمنح نفسه حقا بها؟ ظهر التساؤل على وجوههم، فأكملت و هي تنظر إلى ورد تود رؤية الخوف بعينيها ¤تامر ..هو أيضا مغرم بك وهو من خطط لكل شيء. صاح محمود المراقب للوضع جوار ليث بصدمة ¤تامر؟ أمسكها هشام من شعرها مجددا و أطبق بيده على ذقنها يشد عليه إلى أن صرخت بألم، يجبرها على التحدث ¤ ستتعفنين في السجن أنت وهو ...انطقي باسم المخدر! ارتعدت ورد من الرعب، فاستدارت إلى مصدر أمانها واقتربت منه تجلس بجانبه ومالت على أذنه، فحطت بيديها الاثنتين على وجهه تلمسه أول مرة في حياتها، تهمس باستجداء ¤ليث قم ..إنه تامر، ليث لا تتركني أنت وعدتني، ليث! لم تستحمل رهف الألم الذي تشعر به من قبضتي هشام، فأخبرته بنوع المخدر ليزفر محمود براحة يخبرهما ¤ لن يضره، يلزمه الوقت فقط وسيستيقظ ....تلزمني حقنة لأوقظه أسرع ما يمكن. فقال هشام ¤سأحضرها وأنا عائد من المركز. و التفت إلى الأخرى هاتفا باحتقار ¤غطي نفسك أم تحبين أن أجرك هكذا إلى المركز أو الأفضل أن أتركك هنا إلى أن يفيق ويتصرف. فتحت الخزانة برعب تعلم بأنها أضاعت نفسها ثم قبض على رسغيها يجرها إلى المركز أما ورد، فلم تتحرك من مكانها تتأمل زوجها ساهمة بمصيرها المجهول حتى جفلت على سؤال أخيها : أخبريني أختي ما دخل تامر في كل هذا؟ ...انا لا أصدق ما يحدث. التفتت إليه فهاله مرآى التعب والكآبة على وجهها بينما تخبره برغبة تامر بخطفها وأجلت كل الحقيقة الأخرى إلى أن تظهر بنفسها. قطب محمود جبينه واسودت ملامحه، يهتف ¤ يجب أن يسجن، كيف يتجرأ؟ ماذا يعتقد نفسه؟ لا قانون يحكمه؟ كتمت ضحكة ساخرة، فهو لا يعلم حتى نصف الحقيقة فماذا لو؟ حاولت تهدئته قائلة ¤ لا تخف العميد والضباط يعملون بجدية ليسجنوه لكن يلزمهم فقط أدلة داحضة، لكي لا ينفذ منهم بنفس القانون، لهذا أخي يجب أن يبقى الموضوع سريا. هز رأسه موافقا على مضض حين عاد هشام بالدواء وما إن حقن به ليث حتى بدأ بالتململ من مكانه، فقامت ورد تبحث عن المطبخ حتى وجدته لتحضر له ماء.