ممكن تضغط على أي ست بأي حاجه توجعها، إلا إنك تضغط على ست إنها تعيش وترضى، وهي كارهه، كارهه كل شيء، ونظرتها ليك تكون اتغيرت، وانكسرت صورتك اللي رسمهالك قدام عينها..الست كائن حي مخلوق عشان يتعامل بهدوء، اتخلقت من ضلعك عشان تحن ليها، وتحس إنها دايمًا منك فتخاف عليها.. الست لو عاشت مرغومة ..مش هتعرف تعيش ولا تتأقلم، هتنهار هتعيش ميتة بعيون مفتوحة.. أمي كانت عارفه إنها مش هتقدر تعيش ولا تتعامل معاه عادي تاني فاختارت البعد والألم..والفراق..في الحالتين هتضحي..والتضحيه فراق..وألم ..وشوق .ووجع. ماهو صعب تبني وتتعبي في عش وأحلام وردية بتبنيها مع شريك حياتك وتيجي واحده ماتسواش تقش وتهدم كل اللي بنيتيه.. أمي استسلمت، محاولتش تحارب، بعدت واختارت حكم القدر لينا وليها.. وليه هو..وللأمانة في الآخر ربنا جبر الخواطر..جبرها جامد.. هي واخويا اللي مش شقيق اللي كلنا كرهناه وأذيناه..بشتى الطرق..بس فضل ثابت، جبل صابر..عشان ينول العوض سواء نفسي ولا بدني..ياااه ايه ده..دا كله بحكي..ومعرفتوش مين أناّ...امم..أعرفكم مين أنا .. أنا سما….ودي أول صفحه في مذكراتي اللي قررت أكتبها بعد عمر طويل مرير..من الألم والتعب، والعذاب..والخطوة دي أخدتها بعد ما اتفاجئت باللي قدامي دلوقت..واللي هقولكم عليه آخر صفحة.. من سنين بتابع مع طبيب نفسي..وفي كل مره كان دائمًا ينصحني أكتب ..أكتب اللي حاسه بيه، اللي عشته، واللي حصل .. والحقيقة عمري مافكرت، بس انهارده قررت ..لما حسيت إن خلاص مبقاش في وقت..وإن الزمن خلاص دار وكل صاحب حق..خد حقه عالدنيا.. *أنا سما..كنت عيله صغيرة بضفاير, عايشة عيشة هاديه بين أب وأم جميله جمال مش عادي أم حسنة الخلق والأخلاق زي ما بيقولوا.. بيحبو بعض وواخدين بعض عن حب زي مابيقولوا.. امي وابويا كانو ولاد عم..وحبوا بعض واتجوزوا..جابوني أنا الكبيره سما.. بعد معاناة مع الدكاتره لأن امي كان عندها مشكله.. وبعديا اختي ايمان بعدي بخمس سنين.. واخيرًا اخويا الصغير اللي اتفاجئنا بحمل امي فيه بعد طلاقها.. يعني بيني وبينه ١٠سنين. عاصم حبيبي وروحي..اخويا شقيقي من أمي وأبويا..هتستغربوا وتقول جه ازاي هحكيلكم..على تدابير ربنا. _ عودة لسنين كتير ورا.. بعد ليلة كاحلة بعد اللي عمله أبويا، كلنا كنا متوقعين ثورة وبكا وقتها، بس الحقيقه إن أمي مجرد ما نرجس قالت كده..انسحبت بعد نظرة عتاب طويلة مليانة خذلان بين ابويا وبينها، وكأنها ميتة مش حية، الصدمه شلت تفكيرها، فدخلت في حالة استسلام وغياب وقتي عن الواقع، يوم كامل غايبه عن العالم، فوقنا كلنا على صوت صريخ وبكا..امي كانت بتبكي بقهر وبتلطم على خدها..بعد صمت طال يوم كامل من وقت اللي حصل… وهنا كان حوار صادم، عتاب من نوع كله عشم من أمي لأبويا القادر.. ـ اتجوزت عليا يا عبدالله ليه أنا عملت ايه؟ هي أحسن مني في ايه؟ ابويا مكنش قادر يتكلم..كان حاطط وشه في الأرض وساكت.. مبيردش.. ولو رد بيقول غصب عني..معدش ينفع أطلقها حامل مني..وهتجبلي الواد..! الصدمه لجمتنا كلنا..ازاي حامل وازاي بقالهم يوم عرايس...كنت وقتها بعقل مراهقه بفكر، مكنتش أعرف ان الحوار كان أكبر من كده.. حوار إن أبويا خاين..وخان أمي وكسرها..وهو نايم في حضنها.. النظره اللي طلت من عيون أمي وقتها لسه محفورة جوايا… كان نظرة ندم، على وجع، وكسرة، ولو في تعابير توفي وصفها كنت كتبتها _ رفعت أمي عينها في عينه وبصتله بحرقه وخيبه امل وكأنها كانت متوقعة ..اللي هيقوله..مثارتش ولا اتنرفزت.. ودموعها نزلت على خدها.. وبقلة حيلة..مدت ايدها ومسحت دموعها..وقالت بقوة: ــ خلاص يبقى تطلقني أنا، ربنا يوفقك في حياتك..هي أحق مني بيك..هي أم الواد..اللي كنت بتحلم بيه.. ابويا جسمه اتخشب ومبقاش عارف يرد..ابويا عمره ما كان كدا.. كلمة الطلاق من امي على سبيل الهزار كانت بتخليه مش في وعيه..وبتبقي ليلة بمبي. أنا واعيه لكل كلمه وكل رد فعل منه ومنها، بس وقتها ماكنتش فاهمه.. ـ اللي حصل وقتها خلانا نتأكد إن ابويا بتاع زمان عمره ماهيرجع.. الخدامة اللي وقعته عرفت تتمكن منه.. بصلها بهدوء وسحب نفس...بعد صمت ونظرات لو كنت فسرتها وقتها ..كنت عرفت قد ايه أبويا كان بيصارع حاجة مش عارفها محتاجة اللي يفسرها.. ـ اللي يريحك...أنا هعمله..بس لو حابه تربي عيالك اقعدي ربيهم وأنا هصرف عليهم..ربي بناتنا في بيتنا.. انتِ عارفه وأنا عارف اخواتك وحشين ومحدش هيصرف عليكِ..فبلاش السكينه تسرقك، وترجعي تترجيني وتندمي..لأن ساعتها مش هرحمك.. نظرة أبويا ساعتها كانت اتغيرت، من نظرة متوترة، لنظرة قاسية، نظرة كره، واشمئزاز وقرف..وسخرية..ازاي أمي فضلت ثابتة بعدها! وخصوصًا وهو بيكمل بكل كِبر…. _ انتِ عارفه أنا مبتفش تفه وأرجع ألحسها.. ورجع بصلها بصة رغم مرور السنين إلا أنها لسه معلمه فيا.. بصه بتقول هتستسلم..دا أضعف ما يمكن إنها تمشي..هتروح فين يعني؟ أهلها جامدين ونسوان اخواتها مش هيطقيوها..اكيد هترجع..واهي خدمة بخدمة..هتبقى خدامه ليا ولعيالها.. كانت نظرته دي، كفيلة تتعب روحي وقلبي كل ما افتكرها.. كل ما افتكرها اجري اروح علي قبرها وأقولها سامحيني يا أمي انتِ انظلمتي..وكلنا جينا عليكِ..سامحيني وارحميني من دعوتك اللي اتحققت..أنا غلطانه بس يفيد بإيه الندم.. ـ ساعتها بصتله امي، بصة سخرية على حزن مكبوت..وقهرة وغصة بحلقها..مش عارفه تبلعها وهي بتحاول تبان قوية.. وقالتله..انت صح _ أنا فعلا مليش حد...انت اللي كنت مفكراك الدنيا كلها بعد موت ابويا وامي.. بس معلش..ملحوقه..مفيش حاجه ياعبدالله بتفضل على حالها عندك حق اخواتي ونسوان اخواتي مش هيطيقوني ببناتي..وهيخلوني خدامه ليهم..عشان كدا.. وقتها نزلت دموعها تجري، وبصت لينا نظره عمري ما هنساها، وحطت ايدها على قلبها.. _ أنا هخرج بس بطولي مش هتحمل بناتي يشتغلوا خدامين عندهم..كمان..كفاية أنا، خليهم معاك يعيشوا من خيرك..وأنا ربنا يتولاني.. ابويا رجع وقتها لورا، للحظة حسيته هيجري يحضنها زي ما كنت دائمًا بشوفهم بعد كل خناقة صغيرة بينهم، أو حتى كبيرة، كنت انسحب واستخبي عشان اشوف بابا وهو بيحضن ماما ويصالحها… بس لا...اللي حصل بعدها كان صدمة...صدمة لينا كلنا…