كانت تتحدث مع صديقتها عبر الماسنچر. - طمنيني عنك! - أنا بخير يا لي لي وأنتِ؟! تنهدت ليليان خلف شاشتها: أنا كويسة الحمد لله يا كيمي. كاميليا صديقة ليليان المقربة ولم يخفى عنها حزن صديقتها منذ أن افترق عنها حبيبها في ظروف غامضة. كاميليا باهتمام.. أنا فاضيه اليوم ايه رأيك نخرج نغير جو؟ - تمام، مستنياكِ. ذهبوا الي الكافيه، وبعد حوالي ساعتين ذهب كلاهما إلى بيته، وكل منهما بداخلها حزن لم ينتهي بعد. ليليان بشرود تفكر في الماضي، قبل سنتين كانت تبحث عن تفاصيل الموضة فهي تحب الاهتمام بآخر صيحات الموضة والألوان، ثم صدح من هاتفها صوت إشعار يعلن عن وصول طلب صداقة. تفحصت الطلب وكان باسم "Ethan"، تغيرت ملامحها للاِستغراب، من يكون "إيثان"؟!، ثم ابتسمت على غباء سؤالها، كانت مترددة أتقبل طلب الصداقة أم لا؟، وأخيراً قبلت الإضافة وهي لا تعلم انها مقبلة على تعاسة حياتها، اغلقت هاتفها ونامت نوماً عميقاً. في اليوم التالي امسكت ليليان هاتفها كعادتها. ليليان بينها وبين نفسها تحكي: يا ترى مين إيثان؟! قاطع تفكيرها صوت يعلن عن وصول رسالة جديدة من الماسنچر How r u?! - ترددت كثيراً لكنها اخذت القرار ونفذته. I'm fine. And u?! - Hhhhhhhh,U speak arabic?! - ليليان باستغراب من سؤاله: كيف يكون غير مصري ويطلب يتكلم عربي؟! فهناك سر، قاطع تفكيرها وصول رسالة أخرى. ؟! ليليان بتفكير.. - أنت بتتكلم عربي؟! جاء الرد في خلال أقل من ثانية. - نعم أحكي عربي. انتظرت ليليان الإجابة بفارغ الصبر، وعندما وصلت إليها الإجابة زاد الاستغراب أكثر، وفي الجهة الثانية إيثان منتظر أي حديث منها، وعيناه على كلمة يكتب الآن.. ليليان بفضول: - أنت مين يعني؟! قول لي تفاصيل، لا اخبي علىك اثرت فضولي. - أنا اسمي إيثان من استراليا التي تقع في نصف الكرة الجنوبي، جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادي، عاصمتها كانبرا، اي معلومات تانية؟! كانت هذه رسالة صوتية وتبع كلامه بضحكة شردت فيها ليليان، فاقت على اتصال يأتي من الماسنچر، وسعت عيناها من كثرة الاستغراب. - مجنون هذا!! دام الاستغراب قليلا ثم جاوبته: - أنت غريب، بتتصل عادي؟! هز كتفيه كأنه يراها: عادي دقيت الك هيك جربت حظي إذا بتردي او لا. زاد الاستغراب أكثر عند ليليان، وقالت أول جملة خطرت على بالها: - أنت شامي ولا استرالي؟! عرفني عنك. ابتسم إيثان على براءة كلامها: - متل ما خبرتك أسمي إيثان، ابي استرالي لكن والدتي لبنانية من الجنوب، من صيدا إذا بتسمعي عنها، وعمري 25 عام، مهندس كمبيوتر وخبير في السوفت وير. ليليان بعدم تركيز: - اي اي بعرفها كتير، وإذا طلعت مشوار بفوت لعند جزيزه روشه. إيثان بتوهان بسبب نبرة صوتها الذي تغيرت: - أنتِ بتحكي شامي، أيعقل؟! انتبهت ليليان وبتوتر: أصل أصل!! قاطعها إيثان بتساؤل: أصل شو؟ احكي الحقيقة نحنا صيرنا رفقات مو؟! واستمرت علاقة إيثان وليليان مده طويله ويومياً لا ينتهي الحديث بينهما، وعلم إيثان أن ليليان من أب مصري وأم لبنانية، وبعد وفاة والدها ذهبت مع والدتها إلى بيروت لتستقر هُناك، ومن حين لآخر تزور ليليان اقاربها في مصر. احبت ليليان إيثان بدرجة اوجعت قبلها، فأصبح بالنسبة لها محور الكون، احبت ليليان شخصاً لم تراه من قبل. مرت الأيام واختفى إيثان واغلق كل حساباته على مواقع التواصل، دب الرعب في قلب ليليان، سنة بأكملها تحكي مع إيثان معقول غدر بها مثل اي شاب يحكي عبر مواقع التواصل مع بنت ويتخلى عنها؟! لكن أنا السبب في الأول والأخر، أنا من أعطيت له الفرصة ليفعل ما يشاء وقت ما يشاء، اللعنة على قلبي الحقير. فاقت من ذكرياتها على صوت صديقتها الوحيدة كاميليا: - مش كفاية لحد كدة يا ليليان؟ نظرت لها ليليان بتساؤل بعيونها. - بعرفك من نظرة عينيك يا ليليان، من وقت ما إتعرفنا على بعض واحنا بقينا أكتر من الأخوات، خصوصاً إن لا انا ولا انتِ عندنا اخوات، وتابعت كلامها بغمزة: ماتنسيش إني علمتك تتكلمي مصري وضحكوا سوياً. فكاميليا أول شخص تعرف على ليليان ووالدتها منذ وصولهم الإسكندرية، فأهل والد ليليان من الإسكندرية، منزلهم أمام منزل كاميليا وكانوا حريصين على ألا يتعرفوا على أحد، لكن أهل كاميليا كانوا قادرين على محبة ليليان ووالدتها، استقروا شهور بعد وفاة والد ليليان، ومن بعدها سافروا إلى بيروت لتكمل ليليان دراستها حيث أنها كانت في آخر سنة في الجامعة، وكانت تدرس ثقافة الشعوب والأديان. جاء صوت من خلفهما: - ليليان.. إمتى رح نرجع لبيروت؟ بدي سافر، تركت كلشي هُنيك مشانك، ما بدك ترجعي؟! ليليان بصدمه من سؤال والدتها: - كيف؟ كيف بدك ارجع؟! وتوقفت عن الكلام بسبب غصة ووجع في قلبها وكأنها ابتعلت باقي الحديث، واختنق صوتها من كثرة البكاء، سارعت والدتها وضمتها بحنان وهي تعرف مدى ألم ابنتها وما عاشته من وجع في حكايتها. - خلص حبيبتي، إذا ما بدك ترجعي برجع أنا لحالي بخلص يلي وراي وبرجع لك اتفقنا عيوني؟! نظرت ليليان لوالدتها وابتسمت لها وردت بدون تفكير: - اتفقنا، وبها اليومين رح ضل عند كاميليا. احتضنتها كاميليا بكل حب: - ده يا نهار تسلية ورغي يا أستاذ ممتاز، وارتفع صوت ضحكتهم. كاميليا بتفكير: إيه رأيك يا لوليتا لو..؟ قطعت باقي حديثها عندما رأت عيون ليليان اغمقت وتذكرت أن هذا اللقب كان إيثان يناديها به دائماً. - اسفة، اسفة بجد!! بس أنتِ عارفة طلع تلقائي مش قصدي. قاطعتها ليليان: خلاص يا كاميليا حصل خير. كاميليا بزعل مصطنع: طالما قولتي كاميليا مش كيمي يبقى أنتِ لسه زعلانه. حضنتها سريعاً: لا يا كيمي ما بقدر ازعل منك لك بتعرفيني بنزعج من هاد الإسم كتير. ليليان برفعة حاجب: بعرف يا اختي، وطالما قلبتي على لبناني كدة يبقى صافي يا لبن وحضنتها. ليليان بتبرير: أنتِ عارفه لما بتكلم بسرعة أو لو مش محضره الكلام بتكلم بلهجتي الحقيقة. - عارفه يا روحي من غير اي تبرير، المهم..! ليليان باستغراب: المهم عندك أنتِ، قولي. - المهم يا ستي، إيه رأيك لو نسأل چيلان عليه؟! ليليان بغضب من فكرة صديقتها: لا طبعا ازاي عايزاني أعمل كدة، أنا مش قليلة عشان الف وأسال عليه، أنتِ نسيتي آخر مرة حصل ايه؟! شردت ليليان في ذكرياتها من قبل سنتين. كاميليا بفرحه كأنها حصلت على كنز تُناديها بصوت عالٍ: يا لي لي، انتِ فين؟! ليليان من الداخل: أنا هنا؟ مالك بتصرخي ليه كدة؟! - لقيت بنت بعتت لي طلب صداقة اسمها جيلان قبلتها، وخلال قبولي لطلب الصداقة دخلت كلمتني بتقول لي إنها من طرف إيثان. وفي حين كاميليا تحكي غير منتبهه لصديقتها التي تغيرت معالم وجهها للانفعال والغيرة وأخيراً لتحطم قلبها وسيول دموع من عيونها. عقب انتهاء حديثها نظرت لها بتساؤل: مالك يا ليليان مش فرحانة ليه؟! ردت ليليان: أفرح على إيه؟ قصدك يعني أفرح إنه بعت صديقة له تطمني عليه، ولا أفرح إنها دخلت تكلمك أنتِ؟! عارفة هتقولي ايه.. ده مبرر يعني عشان قفلت حسابي تكلمك انتِ؟! على أساس يعني هو مش معاه رقمي؟! قولي أنتِ يا كيمي أفرح ليه؟! مش هو كويس وغاب الشهر ده عشان شغل والده، ومعرفش يتواصل معايا وقفل حساباته؟! ده اللي أنتِ جايه تجري وفرحانة علشانه؟! للأسف مش مقنع خالص. قاطع حديثهما وصول إعلان رسالة جديدة. قالت كاميليا: دي رسالة من جيلان ولكن عندما نظرت للرسالة أصابها الصدمة والذهول.