"فاطمة الفتاة الشابة" قصتي درب من الخيال، واسع كدرب التبانة، لامع كشموسها، ومن حيث كانت تعيش فاطمة بطلة قصتنا سأبدأ… فاطمة الفتاة ذات السبعة عشر ربيعا، بيضاء الوجه، عيونها واسعة مشعة، لامعة كلمعان شموس المجرة... كان لون عينيها يتغير كلما بدلت ملابسها.. إن ارتدت الأزرق بدت عينيها باللون الأزرق و إن ارتدت الأخضر كانت عينيها تتحولان للون الأخضر وفي بعض الأحيان للون العسلي وغيره.مدورة الوجه بسّامة، تحب الخير وتساعد الجميع. رياضية وبامتياز؛ حيث كانت سريعة في الجري دائما ما تفوز في كل سباق كانت تجري فيه مع فتيان بلدتها، فهي من بلدة صغيرة تقع في مكان ما على هذه الكرة الأرضية. في يوم.. مرضت أمها وتوجّب عليها الذهاب معها لعاصمة دولتها حيث تم إسعاف أمها (نبيلة) لأحد المشافي وكأي قروية ذهبت لأول مرة لمدينة.. كانت مذهولة من جمالها.. مذهولة من حجمها... مذهولة من كل شيء رأته فيها، حيث لدى فاطمة حلم... كانت تريد الدراسة في إحدى جامعات العاصمة تخصص: (الطب البشري) .. بقي القليل لها لتحقيق هدفها، فهي كانت تدرس في الصف الثالث الثانوي في مدرستها الصغيرة الواقعة في تلك البلدة المسالمة. لكن في اليوم التالي من قدوم فاطمة لتلك العاصمة اختفت... وحل الظلام على أهل فاطمة الذين بحثوا عنها في كل مكان... زادت حالة والدتها سوءا بعد سماعها للخبر... لحسن الحظ لم يخبروا والدتها بذلك حتى تجاوزت المرحلة الصعبة من المرض.. رغم ذلك زادت حالتها سوءا... وأول ما قالته نبيلة (أمها) عندما سمعت الخبر: أنا واثقة من أن ابنتي بخير هذا ما يخبرني به قلبي... وسالت دموعها وانهمرت... أغمضت عينيها ثم فتحتهما... وطلبت من الإله حماية فاطمة حيثما كانت.. نبيلة واثقة من أن الإله سيستجيب مر أربعة شهور على ذلك.. كانت سيدة طاعنة في السن وزوجها يمشيان قبل الغروب بساعة في ذاك الطريق الضيق بين حارات مدينة صغيرة... كانا يمشيان ويمسكان بأيادي بعضهما... كان الزوج مزَّاحا على غير العادة... ويتغزل بزوجته... عندما فجأة شاهدا فتاة (فاطمة) ممددة على الأرض... اتجه الزوج نحوها، نظر لها ثم صرخ لزوجته: إنها تتنفس... لا زالت على قيد الحياة... بعد ذلك بلحظات اتصل الزوج بالسلطات المختصة... عند سماع أهل فاطمة بالخبر _خبر عودتها سالمة ... اتجهوا إلى العاصمة... كانوا قد فقدوا الأمل في العثور عليها.. وعند وصول والدها للاطمئنان على ابنته قال: الحمد لله... عادت ابنتي سالمة لكن عند سؤال السلطات لفاطمة أين كانت أخبرتهم بأنها لا تذكر ما الذي حصل معها.. وأنها سعيدة بعودتها للوطن والأهل سالمة... كانت فاطمة سعيدة لعودتها للأرض أخيراً لحظة صعودها للحافلة المتجهة لبلدتها تذكرت أنها فضلت التظاهر بالنسيان على الكلام وتذكرت كم أنها محظوظة لعودتها لهنا... لشمها تلك الرائحة مجددا... رائحة هذا التراب ولمشيها على هذه الأرض مجددا... كانت تقول في نفسها: كم أنا محظوظة لحصولي على مثل هذه الفرصة لرؤية من أحب.. في الحافلة جلست بقرب النافذة وجلس والدها بجانبها... ابتسم وقال: الحمد لله ها نحن عائدون لقريتنا يا صغيرتي.. بعد أن فقدت الأمل... يتابع: والله أمك لهي أسعد الناس الآن... هي الوحيدة التي لم تفقد الأمل.. كانت تقول:(ابنتي ستعود سالمة مهما كنتم تقولون)... الحمد لله صدق قلبها وعدتِ سالمة ابتسمت لوالدها وقالت: الحمد لله... عدت وحققت نصرا يعد مغريا تابعت النظر له بابتسامة.. لم يفهم والدها مقصدها لكنه اكتفى بالابتسامة أيضا والتحديق في وجهها... بدأت الحافلة في المسير.. غط والدها _الذي اتكأ على الكرسي_ فورا في النوم، في حين بقيت هي تحدق في النافذة وأول شيء تبادر لذهنها كلمته: (عيونك كمجرة فاطمة... عيشي من أجل من تحبين... من أجل من يحبونكِ... هذه الأرض ستعمر بمن هم من مثلك.. أحبك أيضا...) في اللحظة التالية تذكرت شكله الذي لم يكن مختلفا كثيرا عن البشر... فقط أذنيه الشبيهتان بأذني الأقزام الخيالية... لكنه هو كان واقعيا حتى في مشاعره، وفي تصرفاته...كانت واثقة مما تذكره.. لكن لو أخبرت الجميع حينها لما صدقها أحد... بدأت تستذكر ذلك اليوم الذي اختفت فيه.. كانت خارجة من المشفى بدأت التجول في المدينة، كانت تمشي في زقاق ضيق عندما لاحظت فجأة اختفاء الناس حولها، فتحت هاتفها لتستعين به لمعرفة الطريق.. لكن دون جدوى.. فقد اختفى كل شيء من حولها... كل شيء أصبح ضبابيا للغاية.. حيث أحاط الضباب بها من كل جانب... كانت تلك آخر مرة رأت فيها المكان قبل اختفائها لمدة أربعة شهور وعودتها... في الحافلة وهي في الطريق لبلدتها.. أغمضت عينيها وبدأت رحلة التذكر.. تذكر التفاصيل الشيقة... تذكرت تلك اللحظات التي كان بعضها صعبا.. تذكرت كل شيء قد يبدو مستحيلا للبعض.. لكنه حصل! فتحت عينيها كما لو أنها استذكرت كل شيء وأول شيء خطر ببالها كانت تلك اللحظات التي انقشع فيها الضباب من حولها لتبدو الصدمة على وجهها والذهول يعتري محياها... حيث قالت: هل مت؟... هل هذا يوم الحساب! فكرت قليلا ثم قالت: لا... لا أعتقد هذا.. أين أنا الآن... ربما أحلم... لذلك في اللحظة التالية قرصت نفسها لعلها تستيقظ لكن... لم يحصل ذلك... وصرخت قائلة: هذا مؤلم... لم ينجح الأمر ولم استيقظ. بدا كما لو أنها تقف على شيء تحتها... نظرت لأسفل وقالت: هل هذا زجاج! .. حركت قدمها... رفعتها وأنزلتها بقوة لكن الزجاج لم يُكسر كانت قادرة على رؤية كل شيء من خلال الزجاج الشفاف... فكرت قليلا ثم قالت: ربما هذا شكل الأرضية.. ربما هي مزينة بكوكب... أمممم لا أعرف.... بدأت بالالتفات حولها، لكنها في النهاية استدارت للخلف لتبدو الصدمة أكبر... كان خلفها يوجد مادة كالزجاج الشفاف أيضا تأكدت من ذلك بعد أن وضعت يدها عليها.. كان خلف الزجاج.. تلك الكرة التي كانت تبتعد شيئا فشيئا وتتضح أكثر... هي ليست كرة... هي بيضاوية الشكل... هنا قالت بذهول: ربما هذه مجرد لوحة!... ربما!... أنا بالتأكيد لست في.. وهذه ليست الصورة.. ليست كوكبي.. الأرض!... هل أنا في الفضاء.. أعادت النظر لأسفل بعد أن أدركت أن ما كانت تراه هو القمر.. الذي لم تعد تراه في الأسفل. أعادة النظر للوحة لتدرك أن الأرض صغرت أكثر! حينها استدارت مجددا برعب.... لأنها شعرت أن كل شيء تعرفه اختفى... لم تعد تريد النظر لما اعتقدت أنه لوحة... أثار ذلك الخوف بداخلها.. وأثار القلق... (هل يعقل.. هل هذا الفضاء).. بعض من أفكارها. بعد لحظات من ذلك نظرت أمامها... لتشاهد شخصا ما قادما من بعيد مع اقتراب الشخص كانت قادرة على تمييز ملامحه ولونه الغريب.....