Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الثانى عشر

وقفت شمس في ذهول، لا تستطيع استيعاب ما قالته شاهي للتو: اتتت.. اتجوزتي.. امبارح.. ازاي؟، فين؟، ومين؟، أنا مش فاهمة حاجة! ضحكت شاهي وقالت: اقعدي وأنا حأحكيلك كل حاجة، جلستا الصديقتان في الشرفة، وبدأت العروس تروي ما حدث ليلة أمس: امبارح وليد خدني الشاليه، لقيته مجهز ليا شموع وورد في كل مكان، قعدنا مع بعض اتكلمنا، اتعاتبنا واتخانقنا واتصالحنا وفِي الآخر قإلى إنه عايز يتجوزني . فلاش باك ليلة أمس . تشبثت به ودفنت وجهها في صدره، وضمته أكثر لها ثم قالت: أنا بحبك يا وليد.. عمري ما حبيت حد غيرك، ولا حأحب . رفع وليد وجهها وتشابكت الأعين في نظرات طويلة مليئة بالحب والشوق والرغبة، لم يكن بحاجة لأكثر من هذا لينحني ويلتهم شفتيها في قبلة طويلة، قبلة انتظرها ثمان سنوات، بها العديد والعديد من المشاعر والرغبة المكبوتة، لينصهر الاثنان معا سويًا لدقائق طويلة لا يعرفا عددها، وبعد أن أنهكهما الشوق، وشعرا أنهما لن يستطيعا الانتظار أكثر من ذلك، نظر وليد لها وبأنفاس لاهثة قال: يلا نروح نتجوز . حدقت شاهي به وقالت: ازاي؟، دلوقتي!، طب وبابا ومامتك . أمسك وليد بيدها وجذبها واتجه نحو العربة وقال: الاتنين عطلونا كتير، أنا حياتي كانت المفروض تبدأ معاكي من زمان، ضيعوا مننا ٨ سنين، المفروض نضيع ايه تاني؟، وأنا خلاص مبقتش قادر استنى أكتر من كده، أنا لو متجوزتش النهارده حأصور قتيل . حاولت شاهي أن توقفه، ولكنه لم يرتدع أو يتراجع عن رأيه: طيب استنى نكلم شمس ونجيب حد من أصحابنا . توقف وليد وأمسك وجهها بكفيه ونظر في عيناها وقال: أنا دلوقتي مش عايز غيرك أنتِ، دلوقتي حنتجوز، وبعد كده حنعمل كل اللي أنتِ عايزاه حتى لو عملنا كل يوم فرح، بس دلوقتي أنتِ ملكي وبس . ذاب قلب شاهي من كلماته، لم تستطع أن تقاوم رغباتها أكثر، كانت تحاول أن تتماسك، ولكن كل دفاعاتها انهارت، ولَم يتبقى سوى شوقها وحبها له، لذا قبلت وتم الزواج ليتوج قصة حبهما ويكملا سويًا ما قد توقف من قبل، تم عقد القرآن ليعود وليد مع عروسه الجميلة إلى الكوخ الذي بني بالحب ، لتبدأ فيه قصة الحب الوحيدة التي كانت دائمًا وأبدًا . عودة مرة أخرى للحاضر، جلست شمس تستمع في دهشة وذهول، لم يكن يدور في مخيلتها أن صديقتها قضت ليلة كهذه، لقد كانت تظن أن ليلة أمس خاصتها مثيرة وغريبة ولَم يدر بذهنها أن ليلة صديقتها هي الأكثر إثارة، شعرت شمس بالسعادة الغامرة لها، فهي تعلم كم كانت في حاجة شديدة للحب، وها هي الآن عادت إلى قلبها القديم، نهضت وأسرعت باحتضان صديقتها وظلت تقبلها وهي تقول: ألف مبروك.. مبروك حبيبتي، أنا مش مصدقة، بجد حاسه إني بحلم، بس أنا مبسوطة اوي اوي . _ يعني أنا اللي مصدقة، أنا مش قادرة اتخيل إني بقيت زوجة، وأن وليد بقا جوزي، كده بين يوم وليلة، بجد أنا مبسوطة اوي اوي اوي، مش متخيلة وليد بيحبني ازاي وحنين عليا ازاي . _ سيدي.. يا سيدي ، ايوه يا عّم عقبالنا . ابتسمت شاهي قائلة: يا رب يا شمس، ربنا يوفقك وتلاقي اللي يستاهل حبك . مرت فترة الظهيرة واستعدت شمس للعمل، وقامت بالاتصال بمكتب قصي لتحديد موعد معه إلىوم، وعندما تم إبلاغها بالحضور في خلال نصف ساعة، اتجهت إلى بهو الفندق وجلست هناك في المقهى الملحق به وتناولت قدحًا من القهوة قبل موعدها، ثم ذهبت مباشرة إلى مكتبه، وهي عازمة على البدء مباشرة في العمل وأن لا تترك مجال لأي أحاديث جانبية، بدأ الاجتماع واستطاعت أن تديره بمهارة عالية، وتم الاتفاق على كل التصاميم المقترحة بعد أن قامت بعمل جولة تفقدية للفندق، حتى يتم اختيار التصميمات التي تتماشى مع الديكورات الموجودة، وانتهى الاجتماع على أنها ستقوم بالبدء في العمل بأسرع وقت ممكن مع المصنع الذي سيقوم بتنفيذ كل التصاميم المطلوبة، وقد استطاع قصي أن يقنعها بالمصنع الذي سيقوم بالتنفيذ القابع في المنطقة الصناعية بشرم الشيخ (منطقة الرويسات)، بعد إلحاح شديد منه بأنه من أفضل المصانع، كما أن هذا سيقلل من تكلفة الإنتاج والنقل، ووافقت على أن تتفقد المصنع لترى على أرض الواقع . عادت شمس إلى غرفتها وحيدة بعد أن انتقلت صديقتها إلى منزل الزوجية لتبدأ حياتها، كانت تشعر بإرهاق شديد فمنذ أمس وكانت الأحداث سريعة ومتلاحقة، ولَم تنم بالقدر الكافي، لذا فضلت أن ترتاح قليلًا حتى موعد العشاء . حزمت شاهي حقيبتها وانتقلت للعيش في بيتها الجديد، الذي لطالما حلمت به، كانت تشعر بسعادة كبيرة، لذا قررت أن تقوم بمهاتفة والدها وإخباره بالأمر، وكما توقعت لم يلق بالًا أو اهتمام كبير، هنأها بالزواج وتمنى لها السعادة كما لو كانت إنسانة غريبة عنه، لم يوبخها أو يغضب لأنها تزوجت بدون علمه، لم يخبرها أنها حرمته من اللحظة التي ينتظرها أي أب، لم يهتم حتى، ولكن كل هذا لا يعنيها ولن تترك له الفرصة ليجعلها حزينة مرة أخرى، لقد وجدت سعادتها الحقيقية ولن تتنازل عنها ثانية، كانت جالسة في الشرفة تتأمل البحر، تشعر بالراحة والسكينة، أغمضت عيناها قليلًا، تنتظر عودته لها من العمل، كانت في شوق كبير له، فهي لم تكتف بعد منه، ولن تكتفي أبدًا، ظلت شاردة في ليلة أمس تراها بعينين مغمضتين، تشعر بنشوة الحب التي لم تكن تتخيل أنه سيعود من أجلها ثانية، ثم فجأة قالت وهي لا تزال مغمضة عيناها: وحشتني . وقف وليد مذهولًا، كيف علمت أنه عاد، فتحت شاهي عيناها وقفزت في أحضانه وقالت: وحشتني اوي . احتضنها بقوة ثم حملها سريعًا وهو يدور بها قائلًا: بحبك.. بحبك.. بحبك، ودخل معها إلى غرفتهما ليضعها على الفراش، ثم توقف قائلًا: أنتِ عرفتي منين أني جيت؟ ابتسمت له وهي تداعب ذقنه وقالت: البرفان بتاعك ريحته مميزة اوي يا بيبي . جاء موعد العشاء وارتدت شمس فستان سهرة رقيق بلون الكشمير يتناسب مع لون بشرتها البيضاء، يظهر كتفيها وينساب على جسدها بنعومة وقامت برفع شعرها لأعلى، وارتدت قرط من الماس أصرت شاهي أن تتركه لها، وذلك للاحتفال بزواج صديقتها كما هو متفق عليه، ووضعت مكياج أظهر جمالها ورقتها، ثم اتجهت نحو القاعة المقام بها حفل العشاء احتفالًا بالعروسين . وصلت شمس وشاهدت شاهي تجلس مرتدية فستان أبيض قصير رقيق وتضع تاجًا صغيرًا في شعرها، كانت رائعة الجمال، اقتربت منها واحتضنتها وباركت لهما الزواج هي وزوجها ثم جلست معهما على نفس المائدة، كانت الأجواء جميلة ومبهجة، المكان مزين بالورود والإضاءات الملونة، الموائد رصت على شكل قلب، والعديد من ضيوف الفندق والعاملين حاضرين، بحثت بعينيها عن شخص معين، ولكنها لم تره، كانت تعتقد أنه سيكون أول الحاضرين، ولكنه لم يحضر بعد، أدعت أمام نفسها أنها غير مهتمة وتابعت بعينيها صديقتها وهي تنهض لترقص على أنغام الموسيقى الهادئة مع زوجها . كانت شاهي في قمة سعادتها وهي مع زوجها وحبيب عمرها، ظلت تتمايل على الموسيقي بين أحضان وليد، وهو يهمس في أذنيها أجمل عبارات الحب، لم تكن تريد أي شيء آخر، فهي الآن في عالمها الذي كانت تتمناه، عالمها الذي كان من درب المستحيلات، والآن أصبح حقيقة، لذا لا تريد سوى أن تظل هكذا، بين ذراعي حبيبها، معشوقها الوحيد، حبها الأول والأخير . كان شمس تتابعهما وهي تشعر ببهجة كبيرة، عيناها تلمعان من السعادة، وقلبها يداعبه الأمل أنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل، وأنها قد تعاودها الحياة مرة أخرى، ويدخل الحب قلبها من جديد، بعد أن يلتئم من جرحه الغائر، ظلت مستمتعة بهما.. شاردة في خيالاتها الخاصة، إلى أن انتبهت على لمسة يد على كتفها وصوت تعرفه جيدًا يقول: تسمحي لي بالرقصة دي؟ رفعت شمس بصرها نحو الصوت وشهقت من المفاجأة قائلة: شششش.. شريف . كان قصي يتابع كل ترتيبات الحفل، ينظم الموسيقى، والطعام، وفقرات الحفل، أراد أن يقدم لصديقه حفلة مميزة، لذا كان يهتم بكل التفاصيل بنفسه، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يختلس النظر بين الفينة والأخرى باحثًا عنها، لا يعلم لم كل هذا الاهتمام الزائد بها؟، هو لا ينكر أنه معجب بها كثيرًا، إرادتها، قوتها، كبريائها، رقتها، ضعفها، براءتها، إنه معجب بكل شيء بها، كل تفاصيلها، حتى تفاصيل وجهها لا يمل منها، يريد أن يستمر في مشاهدتها طوال الوقت، ظل يتابع العمل في الخلف، وهو يراقب القاعة حتى يراها، وبمجرد أن وقعت عيناه علىها وهي تعبر بوابة القاعة وتتجه نحو العروسان، كان يتمنى أن يهرع نحوها، ولكنه لم يستطع، شعر بالخوف، ليس منها، بل من نفسه عليها، فهو ما زال لا يعلم ماهية مشاعره الحقيقية نحوها، قد يكون مجرد انجذاب لن يستمر، لا يجب أن يظهر توقه الشديد نحوها، إنها رقيقة جدًا، لا يجب أن تجرح أبدًا، ظل يتابعها وهي تسير بهذا الفستان الخلاب الذي يظهر جمالها ببراعة شديدة، كانت كالحورية لا يضاهيها أحد، مميزة، مختلفة، حاول أن يتابع عمله ولكن عقله كان مشتت بها، يفكر فيها، ويختلس النظر إلىها كل دقيقة، ظل هكذا إلى أن شاهد هذا المتطفل الذي يقترب منها وتجرأ ووضع يده على كتفها العاري، شعر أن الدماء تغلي في عروقه وأنه لا يستطيع الاحتمال أكثر وتقدم نحوهما بخطوات واسعة ليسمع اسم أكثر إنسان لم يكن يتمنى أن يكون متواجد هنا الآن، حبيبها السابق (شريف) . حدقت به شمس وهي لا تصدق أنه هو الذي يقف أمامها، ظلت في ذهول حتى أمسك بيدها وجذبها نحوه لتقف على قدميها وقال: وحشتيني يا شمسي . بدأت تستعيد ثباتها فابتعدت عنه قليلًا وسحبت يدها من يده وهي تقول: أنت بتعمل ايه هنا يا شريف؟! نظر لها بعينين عاشقتين وقال بحب: وحشتيني، مقدرتش استنى لما ترجعي . ضحكت بتهكم وقالت: وحشتك وده من أمتى؟!، أظن احنا كنّا قفلنا الموضوع ده قبل كده . أجابها بهدوء: موضوع ايه اللي اتقفل؟ هو اللي بيني وبينك موضوع ممكن يتقفل؟ ببرود شديد قالت: والله، يعني اللي بيني وبينك مينفعش يبقى موضوع ويتقفل، لكن ينفع فيه الغدر والخيانة والندالة صح . تحدث لها متوسلًا: أرجوكي يا شمس سامحي، سامحي وانسي، أنا مش قادر أعيش من غيرك، حياتي كلها وقفت، مش متخيل أن ممكن يجي يوم ومنبقاش لبعض، أنا غلطت بس صدقيني ندمان، ولو قعدت عمري كله أحاول أني أعوضك مش حأقدر، بس أرجوكي اللي بيني وبينك أكبر وأغلى بكتير . فتحت شمس فمها لتتحدث، ولكنها وجدت يد توضع على كتفها وتضمها، وصوت يقول: آسف حبيبتي اتاخرت عليكي، كنت لازم اتابع كل الترتيبات بنفسي . نظر شريف نحوها وهو يكاد يجن ونظرات عيناه تحولت من الحب إلى الغضب الشديد وقال: مين ده يا شمس؟ حاولت شمس الحديث، ولكنه مد يده نحوه وقال: أهلًا بيك، أنا قصي الدالي، خطيب شمس .

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514