غادة: خالد!!!! تركض غادة عندما رأته لترتمي في أحضانه، ترتمى في حصن الأمان التي طالما هربت منه، لتؤكد لنفسها أنها منه وإليه، وأنه حبها الحقيقي التي طالما حاولت إنكاره إبراهيم في تهكم: إيه ده زبون غيري؟ كاد خالد أن يقتله ولكن أمسكته غادة قائلة في بكاء: خلاص يا خالد، سيبه ويلا نمشي همّا خالد وغادة بالمغادرة ولكن أوقفتهما كلمة إبراهيم: ما هي دي لو ست محترمة مكنتش قبلت تقعد لحد دلوقتي برة بيتها مع واحد غريب وهنا انفجر بركان خالد المكتوم في داخله، فانهال عليه بالضرب حتى كاد أن يقتله وسط انهيار غادة خالد وهو يلكمه قائلاً في غضب: اللي بتتكلم عليها دي أشرف من أهلك كلهم، دي تبقى مراتي يا حيوان وأكمل حديثه هو ينظر لغادة: بس العيب مش عليك أغمضت غادة عينيها من الألم، فهي تعلم أن عندها مع خالد هو من أوصلها لهذا الموقف، وهو أيضًا من كان سيدمر حياتها في لحظة فقد إبراهيم الوعي إثر ضرب خالد له، أمسك خالد معصم غادة في عنف وسحبها خلفه في غضب، كان خالد يقود سيارته وبجانبه غادة التي تحاول أن تمنع شهقاتها المتتالية، أما هو فلم يوجه لها كلمة واحدة طوال الطريق، عرفت غادة أن حديثها معه الآن سيؤدى لخسارتها ففضلت الصمت وصلا الاثنان إلى منزلهما، دخل خالد غرفته في غضب وجلس على السرير شاردًا، دخلت غادة خلفه الغرفة بعد أن هدأت محاولة التخفيف من حدة الموقف غادة: خالد، أنا عارفة إني غلطانة، وعارفة إن مفيش كلمة آسفة واحدة هتصلح الموقف، بس أنت لازم تعرف إني مش وحشة، أنا كنت فاكرة إن في ناس كتير في الشركة سهرانة معانا، هو قاللي كده صدقني، لو أعرف إني هبقى لوحدي مكنتش وافقت، أنا محترمة يا خالد وعمري ما أقبل أعمل حاجة غلط أو أي حاجة تمسك، خالد أنا... التفت لها خالد مقاطعاً حديثها بصفعة قوية على وجهها، أفاقت غادة من صدمتها ناظرة لخالد في دموع قائلة: أنت بتضربني يا خالد؟! خالد في غضب: عارفة أنا مانع نفسى عن القلم ده بقالي قد إيه؟ من يوم ما اتجوزتك يا غادة، أيوه من يوم ما اتجوزتك وأنا مشوفتش غير التكبر والعند والعصيان، كنت دايمًا بديلك مبرر لكل حاجة بتعمليها، وأقول متقصدش، فاهمة غلط، أكيد مش واخدة بالها، كنتِ دايمًا مصدرالي كرامتك في أي حاجة بعملها، لو مسمعتش كلامك يبقى بقلل منك وعايز ألغي شخصيتك، طب أنا فين بقى من كل ده؟ فين كرامتي أنا كراجل لما كل مرة مبتسمعيش فيها كلامي؟ فين كرامتي لما روحتي اشتغلتي على غير إرادتي؟ فين كرامتي لما كنتِ كل شوية تتخانقي معايا على الفاضي وعلى المليان؟ وفي الآخر تدلعي عليا شوية فتصعبي عليا وأصالحك، كنتِ فاكرة إني عديم الشخصية قدامك وإنك بتعرفي تضحكي عليا بدلعك، وإنك ممكن تخليني لعبة في إيدك، بس لا يا مدام، أنا إذا كنت بعمل كل ده، فده عشان أنا اتربيت في بيت أبويا كان بيحترم أمى وشايلها فوق راسه، حتى الخلفة كذا مرة أطلب منك نروح لدكتور نتطمن على الموضوع ده ولو في علاج ناخده، كنتِ برضه بتاخدي الموضوع على كرامتك، وتفتكري إني عايز أسيبك وأتجوز عليكِ، مع إني أكدتلك إن لو لا قدر الله طلع العيب منك هرضى بقضاء ربنا وهنسى الموضوع، خلتيني أقفل على الموضوع رغم إنه واجعني، بس سكتّ، عارفة ليه؟ عشان برضه محسش إني ممكن أجرحك أو آجي عليكِ، هسألك سؤال وتردي عليا، حصل مرة منى إني جيت على كرامتك ومحترمتكيش؟ نظرت له غادة دون أي رد، فصاح بها خالد قائلاً: ردي عليا، حصل مني حاجة زي دي قبل كده؟ أومأت غادة رأسها بالنفي في بكاء منها خالد مكملاً حديثه: حصل مني وقللت منك أو من قيمتك؟ أومأت غادة مرة أخرى بالنفي خالد: حسيتي في مرة إني أعرف عليكِ واحدة أو إني بلعب بديلي من وراكِ؟ أومأت غادة رأسها بالنفي خالد: أمال ليه دايمًا محسسانى إني ظالمك؟ ليه دايمًا بتتعمدي تقللي مني ومن كرامتي ورجولتي؟ ليه مفيش مرة تحسسيني إني ليا كلمة عليكِ ودايمًا مقضياها عند معايا، مع إني قولتلك كذا مرة العند بيوصل للكفر، شوفتي بقى العند وصلك لحد فين؟ إني جايبك من حضن راجل كان بيتهجم عليكِ وهيدمرك، شوفي عايزة توصلي نفسك وتوصليني لحد فين يا غادة، إنما أنا خلاص تعبت ومش قادر أستحمل أكتر من اللي اتحملته، عن إذنك يتركها خالد دون أن يسمع أي رد منها على حديثه، تقع غادة على سريرها منهارة في بكائها تمر الأيام وتزداد المسافة بعداً بين خالد وغادة، غادة دائماً تحاول التقرب من خالد أملاً منها أن يسامحها، أما خالد فقد ذاق من غادة ما يجعل التسامح أبعد ما يكون من قلبه، فقد استنفذت غادة آخر ما تبقى لديه من الصبر، أصبح خالد ينام في الغرفة الأخرى ويتجنب أن يتقابل مع غادة في أي وقت وفي يوم من الأيام كانت غادة في المطبخ، فدخل خالد يبحث في دولاب ملابسهما على شيء ما، وفي أثناء بحثه سقط شيء من ملابس غادة، نظر خالد للشيء فوجده شريط من الحبوب، أمسكه بلامبالاة وأرجعه إلى مكانه، ثم استوقفه شيء ما فعاد وأخرج شريط الحبوب لينظر إليه جيداً ليجده حبوب مانعة للحمل، نظر خالد للحبوب في أسى، وأغمض عينه في ألم، ثم أعاده مرة أخرى مكانه، وخرج من المنزل ظل خالد يومين بعد رؤيته لحبوب منع الحمل في دولاب غادة يفكر فيما سوف يفعله مع غادة، دارت أفكار عديدة في رأسه ولكن جميعها من وسوسة الشيطان، فقرر أن يحكم عقله ويتعامل مع الموقف بحكمة في يوم كانت غادة تجلس في غرفتها شاردة تقرأ أحد الكتب، فدخل عليها خالد في جمود قائلاً: غادة، اعملى حسابك إننا هنسافر بعد شهر غادة: هنسافر فين يا خالد؟ خالد: هنسافر دبي، أنا اتنقلت لفرع الشركة هناك، قدامك شهر من دلوقتي تحضري فيه نفسك مرّت على غادة ذكرى قديمة وحوارها مع سيف حين جاءته فرصة السف التي جعلته يتركها سيف: احنا لازم نسيب بعض، أنا جالي فرصة سفر لألمانيا عشان أشتغل وأكمل دراستي غادة : طب وإيه المشكلة؟! أنا أسافر معاك، نتجوز قبل ما تسافر وآجي معاك سيف: مش هينفع يا غادة، أنا معرفش الدنيا هناك عاملة ازاي، ومش هينفع أتجوزك وأبهدلك هناك غادة: من الواضح إن كل دي حجج، وإنك أنت اللي مش عايزني معاك أصلاً سيف: متاخديهاش كده، خديها إني خايف عليكِ من البهدلة، وعايزلك حد أحسن مني تنظر له غادة في سخرية قائلة: حد أحسن منك؟! أمال اللي بيننا ده كان إيه؟ سيف: اللي بيننا كانت مشاعر جميلة أوي، بس يمكن انتِ فهمتيها غلط وهنا أفاقت غادة من ذكرياتها، وشعرت بمدى تأثير كلمة سفر عليها، وكم تكره السفر الذي كان سبب لجرح لها من قبل، فقاطعت حديث خالد قائلة: بس أنا مش هسافر يا خالد خالد: بتقولي إيه؟ مش هتسافري! الظاهر إنك عمرك ما هتتغيري وإن اللي حصلك معلمكيش حاجة غادة: يا خالد افهمني أنا خايفة، خايفة أبعد عن أهلي، خايفة أحس بالغربة هناك خالد: خايفة! المفروض إنك مسافرة معايا، يعني مفيش مجال للخوف أصلاً، إلَّا لو كنتِ خايفة مني أنا شخصيًا إنك تسافري معايا لوحدك! غادة في توتر: لا وأنا هخاف منك ليه يا خالد؟ أنت جوزي خالد: اسألى نفسك يا غادة، إيه اللي يخليكِ تخافي تسافري مع جوزك لوحدكم؟ إيه اللي يخليكِ دايمًا بتبعدي عنه وبتهربي منه، إيه اللي يخليكِ بتتعمدي تعصيه ومتسمعيش كلامه وهنا صاح خالد بصوتٍ عالٍ في غادة مكملاً حديثه: إيه اللي يخليكِ خايفة تخلفي مني وبتاخدي حبوب منع حمل من روايا غادة: إيه! أنت عرفت! خالد: للأسف عرفت، عرفت اللي فضلت كتير أحاول أقنع نفسى بعكسه، عرفت بالحاجة اللي كسرت قشة النجاة في علاقتنا، عرفت إنك كنتِ بتشوفيني بتوجع قدامك ومستمتعة بوجعي، عرفت إني كنت بخاف أجرحك وبحافظ على مشاعرك، وانتِ بتموتيني في ضهري، عرفت إني أتجوزت إنسانة قاسية قلبها عمره ما شاف الحب ولا عرفه، إنسانة مش شايفة غير نفسها وبس غادة في بكاء: لا، أنا مش قاسية، أنا خايفة، عارف يعنى إيه خايفة، أنا عشت طول عمري خايفة أحلم، لأني عارفة إن كل حلم هحلمه وهتعلق بيه هيموت قبل ما أحققه، خوفت أجيب طفل وأفرح بيه وفي الآخر أبوه يسيبه ويعيش من غير أب، عارف يعني إيه طفل يعيش يتيم وأبوه عايش؟ عارف يعني إيه نظرتي للولاد وهما كل يوم أبوهم بيوصلهم المدرسة وأنا بروح لوحدي؟ عارف يعني إيه طفل يشتاق لحضن أبوه ميلاقيهوش؟ يعني إيه طفل بينام كل يوم خايف لأن أمانه في الدنيا مش موجود، أيوه يا خالد أنا خوفت أخلف منك، عشان متجيش في يوم وتسبني وابنى يشوف اللي أنا شوفته خالد: وليه افترضتِ إني ممكن أسيبك؟ أنا عملت إيه خلاكِ تفترضي مني أنا أعمل فيكِ وفي ابني كده! غادة في انهيار: عشان كلكم كده، كل الرجالة كده محدش فيكم بيفكر غير في نفسه، بتدوسوا على القلوب بجزمتكم ومحدش بيفكر حتى يبص وراه يشوف ضحيته عاملة إيه، عشان كلكم أسهل حاجة عندكم الخداع وتمثيل الحب والكلام المعسول، ووقت الجد إحنا اللي بنطلع فاهمين غلط، عارف أنا من ساعة ما اتجوزتك وأنا مستنية اللحظة اللي تقوللي فيها إني كنت فاهمة علاقتنا غلط ينظر لها خالد في ألم قائلاً: انتِ فعلًا كنتِ فاهمة علاقتنا غلط، ومش انتِ لوحدك، أنا كمان كنت فاهم حاجات كتير غلط تنظر له غادة في استفهام, فيقطع نظرتها قائلاً: أنا مسافر يا غادة بعد شهر، ودا خبر مش باخد رأيك، هتسافري معايا ولا لا؟ غادة: لا يا خالد، مش هسافر خالد: كده يبقى عملت اللي عليا غادة: يعني إيه؟ خالد: يعنى انتِ طالق يا غادة