" على الجانب الآخر" صعدت زهرة إلى غرفتها، وكانت تقرأ إحدى الروايات الرومانسية فهي تعشقها منذ سن الخامسة عشر، وكانت تصرف كل ما تحصل عليه من الأموال على الروايات والقصص. كانت بعالم آخر تبتسم وهي تقرأ الرواية حين رن هاتفها، والمصيبة الكبرى أنها لم تقم بتغيير خطها نهائيا من أجل أصدقائها وتواصلها الدائم معهم. رن الهاتف، وحين رأت الاسم انتفض جسدها، وكأنها لسعتها جمرة من النار حين رأت أن المتصل لم يكن سوى شقيقها کرم ظلت لدقائق معدودة في حالة من الصدمة، وانتهى الاتصال دون رد منها، ولكنه رن ثانيا، وتلك المرة أمسكت، وهي تحاول بكل الطرق السيطرة على حالة الانهيار والخوف الذي تملكها، هذا شيء طبيعي بعد ما تعرضت إليه على يد أقرب الناس إليها شقيقها ولكنها لم تجعل الخوف يسيطر عليها بل قاومته، ولم تجعلها يشلها ويجعلها ضعيفة فهي الآن بعيدة عنه، وتعلم أن ليل سيحميها مهما كان الثمن. فتحت الخط وقالت بهدوء: ألو. كرم وهو يمثل الندم ويتحدث بصوت حزين عامله إيه يا زهرة، واخبارك إيه ؟ زهرة بجدية الحمد لله فضل ونعمة، وانت اخبارك إيه، وصحتك عامله إيه ؟ كرم، وهو يمثل البكاء الشديد فهو يعلم شقيقته جيدا، ويعلم أنها إن علمت أنه بخطر أو أصابه مكروه فل تسمح بذلك نهائيا، وستكون أول من يقف إلى جانبه. كرم أنا خلاص بموت يا زهرة وبكح دم ولوحدي ومعيش فلوس وحالتي ربنا الأعلم بيها، أخوك خلاص انتهى. حينها بكت زهرة بقوة فهو أولا وأخيرا شقيقها، ومن رائحة أمها وكان الشقيق حتى تعرف على تلك الشلة الفاسدة زهرة ببكاء: لا أوعى تقول كده أبدا إن شاء الله تدخل مصحة وتتعالج وتبقي كويس وترجع زي الأول كرم أخويا اللي كنت بحس بالراحة معاه مش بالخوف والرعب. كرم، وهو ما زال يمثل عليها دور النادم على ما فعله معاها. كرم أنا مش متصل عاوز منك حاجه أنا بس عاوز أشوفك قبل ما أموت يا زهرة أنا حاسس إني خلاص قربت للنهاية، ونفسي أشوفك وتسامحيني يا اختي نفسي اقابل ربنا وانا ذنبك مش في رقبتي. زهرة بلهفة، وخوف عليه شديد جعلها تبكي بانهيار تام زهرة مسمحاك يا حبيبي والله، وأوعى تفكر إني زعلانه منك أنا عارفه إنك تعبان وفي حالة مش طبيعية، وتصرفاتك مش بإرادتك. كرم، وهو يشعر بالذنب لأول مرة يشعر أن بداخله شيء يهتز ويشعر بأنه أخطأ ٤١ بحقها. كرم كتر ألف خيرك يا قلب أخوك وحشتيني يا زهرة. زهرة والله وانت أكثر أنا هاجي ليك بكرة إن شاء الله أشوفك من ورا جوزي ومش هعرف حد بس ليا شرط. كرم وهو يشعر بالانتصار فقد وصل إلى ما يريد أخيرا، ودون أدنى جهد. كرم إيه هو يا زهرة ، اؤمريني يا حبيبتي وأمرك نافذ. زهرة إنك تدخل مصحة وتتعالج، وتبقي كويس وترجع زي الأول يا كرم وغلاوتي عندك توافق. کرم حاضر يا زهرة عشانك إنت بس أعمل أي حاجه. زهرة ربنا ما يحرمنا من بعض يا رب. کرم آمین یا رب العالمين. قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ولكن كرم لم يكن هذا الأخ الصالح، وإنما يريد لها السوء. قال سالم السيار احزم ضلوعك شوف لك شي يصبرك بعض الوجع يقطع مثل قطع الأمواس لا صار أخوك بها الزمن ما يقدرك لا تطلب التقدير من باقي الناس اذا أخوك إحساس قلبه ما عبرك يعني تبي العالم تعبرك بإحساس الناس ما تهتم باللي يسهرك ولا يعينك بعضها ان صرت محتاس فارت دموعك والحزن فيك دمرك وطاحت من الحرقة تناهيد الأنفاس إن قلت أصبر شوف شي يصبرك ما عاد بك صبر، ولا عاد بك بأس جرح البشر ياخذ ليالي يعورك وجرح الاخو يقطع من متونك الراس "على الجانب الآخر" كان كرم في قمة سعادته، وبسرعة البرق قام بالاتصال ب عيد. عيد: ألو. كرم صباحك فل يا عريس إيه لسه نايم لحد دلوقتي. عيد ببرود: عاوز إيه يا كرم خلص في كلامك مش ناقصه قرف على الصبح. کرم جهز نفسك يا عريس دخلتك بكرة جايه زهرة هنا. اعتدل عيد في فراشه وهو يقول بسعادة. عيد بتكلم جد یاد يا كرم، ولا كلام وخلاص كرم: ودي حاجه فيها هزار بقولك جايه ليا بكرة جهز نفسك الليلة ليلتك يا عريس. عيد طيب أقفل بقي ورايا حاجات كتير لازم تتعمل عشان ست البنات ولازم تخلص قبل ما تدخل برجلها البيت وتنور البيت کرم تمام یا معلم أغلق كرم الخط، وظل يتناول المخدرات، وأصبحت أمامه الهلاوس يرى أشياء لیست موجودة كوالديه الذين يراهم وهم ينظرون إليه بحزن شديد. كل ما يفقده المرء يعود إليه يوما مصادفة، إلا ذاته يخسرها مرة، ويقضي عمره في محاولة استعادتها عبنا توجهت زهرة إلى الطابق السفلي وكانت حينها صدمتها كبيرة وهي ترى زوجها برفقة ٤٤ تلك المساعدة له وهم يدخلون من باب الفيلا شعرت بألم ينهشها غيره قاتلة تريد أن تمسك بها ولا تجعل بها عظمه سليمة تريد تكسيرها فهو زوجها لها وحدها ولا يجوز في قاموسها أن تقترب منه أي امرأة مهما كانت. ليل زهرة عاملة إيه ؟ واقترب منها وقبل وجنتها، وقال بجدية شديدة. ليل: أعرفك على ندا المساعدة بتاعتي ودي زهرة هانم مراتي. ندا: أهلا بحضرتك يا فندم تشرفت جدا إني شفت حضرتك. زهرة ببرود: أهلا بيكي الشرف ليا. لیل معلش يا زهرة ممكن تطلبي من الخدم يعملوا حساب ندا في الغداء وكمان فنجان قهوة ليا بسرعة، وأي حاجه لندا لأن في شغل كتير متأخر وهنخلصه هنا. زهرة حاضر من عنيا. ليل: شكرا يا زهرة . ونظر إلى ندا، وقال بجدية: اتفضلي ورايا. نظرت إليهم زهرة بحزن وأخبرت الخدم بما طلبه منها، وبعدها صعدت إلى غرفتها وهي تحديث نفسها بكل حزن أنهن أن نمسك بيدي الأشعر بدفع يديك وليطمئن قلبي حين امسك بيدك، وحينها لن اتركها حتى وإن اخبرتني كل الظروف ٤٥ من حولي أنك بعيد المنال حينها سأصرخ، وأخبرهم أنك ملك لي وحدي، وإنني أصبحت قطعة منك لا تفترق عنك أبدا. صعدت زهرة إلى غرفتها، وقد ظهر الحزن عليها وتناولت الطعام وصعدت إلى غرفتها وظلت تبكي بشدة إلى أن نامت من شدة حزنها لغيرتها على زوجها وبعدها غطت في نوم عميق بعد أن أدركت أنها تحب ليل بل تعشقه وبقوة. انتهى ليل من عمله في وقت متأخر، وبعدها صعد إلى الأعلى، وحين فتح ليل الغرفة وجدها مظلمة بشدة حينها أدرك أن زهرة قد نامت بالفعل، ولكن ما لا يعلمه أن زهرة لم تكن نائمة، وإنما كانت مستيقظة تستمع إلى كل شيء، وحركاته كانت تعتقد أنه سيضمها إليه حين يدخل الغرفة، وينام إلى جانبها، ولكنه لم يفعل ذلك حينها فرت من عينيها دمعة حزينة كم تمنت من كل قلبها أن يشعر بها فقد استيقظت حين سمعت خطواته تقترب من غرفتهم فهي تحبه نعم تحبه وبكل قوتها، ولكن من الواضح أنها له مجرد زوجة وابنة عم فقط لا غير، ولكن ماذا تفعل في قلبها الخائن ؟ الذي عشق تفاصيله ورائحته ونظرة عينيه إليها. " على الجانب الآخر" في منزل صالح صديق ليل كان يجلس ويتناول طعام العشاء برفقة زوجته، والتي تدعي "انجي" قالت وهي تنظر إلى زوجها بابتسامة. ١٤٦ انجي: تعرف أن في صدفة عجيبة جدا حصلت. صالح بتعجب صدفه وعجيبة أكيد لقيب مليون جنيه صح ؟ انجي، وهي تضحك بقوة فهي تعرف طبع زوجها جيدا يعشق المزاح، ولا يحب النكد نهائيا. انجي بسخرية: لا يا خفيف الظل حاجه عمرك ما تتوقعها خالص خاصة ب ليل صاحبك. حينها تعجب صالح، وعقد حاجبيه بتفكير، وتعجب ويفكر بينه وبين نفسه شيء وله علاقة ب " ليل" فما هو ؟! صالح حاجه وليها علاقة بليل صاحبي إيه قتل حد ؟ انجي بعصبية طفيفة: أتكلم جد شوية بقي. صالح بابتسامه وهو يقبل يدها طيب خلاص مش عارف صراحة ايه ممكن يكون له علاقة بليل وخصوصاً إن ليل كتوم جدا. انجي هقول ليك يا سيدي تعرف ليل متجوز أقرب صاحبة ليا زهرة كنا مع بعض في الجامعة ولحد دلوقتي على تواصل وكنت بروح ليها والدتها الله يرحمها كانت ست جميلة وطيبة قوي، ولما عرفت منها إنها اتجوزت ليل وإنه كمان إبن عمها مرضتش أقول ليها وقلت نعمل ليهم مفاجأة ونروح نزورهم، وتبارك ليهم على الجواز واعرفها بقي إننا عمرنا ما هنفترق تاني أبدا. صالح ياااه بجد صدفة غريبة جدا، والأغرب إن انتم تطلعوا صحاب زبي أنا وليل سبحان الله العظيم. ٤٧ انجي أنا بجد فرحانه بطريقة رهيبة أخيرا هنتجمع سوا. صالح بتعجب وايه كان منعك إنك إنت، تتقابلوا أصلاً. انجي للأسف ليها أخ بشع وبابا منعني أروح ليها وقتها وفضلنا على تواصل تليفون بس صالح وليه مكنتش بتتقابلوا في أي مكان تاني مش لازم البيت يعني. انجي كان أخوها مدمن مخدرات وبابا كان بيخاف عليا جدا، ومنعني أروح وبطلنا نتقابل لأنه كان منعها من الخروج أو أي حاجه إنسان أناني، وه ولما عرفت إنها اتجوزت إبن عمها ليل الجوهري وقتها فرحت قوي قوي، لكن مرضتش أعرفها طبعا هتكون أحلى حاجه في الدنيا إني أرجع أشوفها تاني بنت قمة في الاحترام، والأدب والأخلاق، واتظلمت من أخوها ده قوي، بس خلاص رجعت ليا تاني الحمد لله، والمرة دي مش هنفترق تاني أبدا إن شاء الله. صالح بحب إن شاء الله يا قلبي. قد كنت دوماً حين يجمعنا الندى خلاً وفياً ، والجوانح شاكره، واليوم أشعر في قرارة خاطري أن الذي قد كان أصبح نادره لا تحسبوا أن الصداقة لقية بين الأحبة أو ولائم عامرة إن الصداقة أن تكون من الهوى كالقلب للرئتين ينبض هادره استلهم الإيمان من عتباتها، ويظلني كرم الإله، يا أيها الخل الوفي تلطفا قد كانت الألفاظ عنك لقاصره، وكبا جواد الشعر يخذل همتي ولربما خذل الجواد مناصره.