حين علم زيدان بيوم مولدها خطط للاحتفال به، ثم توجه إلى غرفتها رامقًا إياها بغموض قائلًا: - "صباح الخير يا سيدرا، في فستان هتلاقيه بالدولاب، وهبعتلك ميكب أرتيست كمان ساعتين، وارجع الاقيكي جاهزة" رمقته بتعجب وهي تفكر في حديثه وملامحه الجادة قائلة بتساؤل: - "ليه يا زيدان، كل ده علشان ايه؟". احتفظ بجموده قائلًا بنظرات غامضة: - "اجهزي انت بس زي ما قولت لك، وأنا هاوصل مشوار صغير وراجع على طول". نادته قبل أن يغيب عن عينيها قائلة بقلق: - "استنى بس يا زيدان، فهمني في إيه؟" غادر دون أن يجيبها بكلمة واحده تطمئنها. توجهت إلى غرفتهما لتجد الرداء الذي أخبرها عنه، وحين وقعت عيناها عليه وقفت تتأمله بذهول غير مصدقة ما تراه عيناها، لقد كان لونها المفضل، وأيضا التصميم الذي شاهدته بأحد المجلات، وأخذت تحدق بها يومها بانبهار شديد، وتمتمت بهمس، ظنت أنه لم يسمعه قائلة بحماس شديد: - "واو، الفستان ده يجنن، ويا سلام بقى لو أنا لبسته، هيبقى تحفه عليا". أمسكت الفستان تتأمله بانبهار غير عادي قائلة بسعاده شديده: - "ربنا يخليك ليا يا زيدان، انت دايمًا تحققلى كل أحلامي كده، بجد أنا مش لاقية كلام أوصف بيه سعادتي. اللون النبيتي ده أنا بعشقه، والتصميم يجنن". أخذت تتحسس طبقات الشيفون المتراصة فوق بعضها بانسيابية شديدة. ارتدته سريعًا حتى لا تضيع الوقت، وجلست بانتظار الميكب أرتيست، ثم ما كادت تجلس حتى فوجئت بجرس الباب يصدح. كادت أن تتوجه إلى الباب لتفتحه، لكن الخادمة سبقتها وقامت بفتحه، ورافقت الميكب أرتيست إلى غرفتها. ألقت عليها التحية ثم بدأت بوضع لمساتها باحترافية شديدة، وحين انتهت، صافحتها وانصرفت. بعد أن غادرت الفتاة، أخذت سيدرا تتأمل نفسها بالمرآة بانبهار شديد غير مصدقة ما أصبح عليه مظهرها، شعرت أنها نجمة سقطت من السماء بهذا الزي الرائع والمظهر المتألق. أغمضت عينيها، ووضعت يدها على قلبها لعلها تهدأ من ضرباته المتسارعة بشدة، أطلقت شهقة فزع حين شعرت بيد تتلمس عنقها برقة. ربت على كتفها بود قائلًا بصوت يغمره العشق: - "اهدي، اهدي يا حبي، متتخضيش ده أنا". انتهى من وضع عقد اللؤلؤ حول عنقها، ثم طبع قبلة حانية على وجنتها، ووضع شريطة من اللون الأسود على عينيها، وأمسك بيدها متوجهًا إلى الخارج متجاهلًا تذمرها. استقل السيارة، وقادها ويده تحتضن يدها بعشق كبير. أوقف السيارة ثم أمسك بيدها يساعدها على الترجل من السيارة وحين أصبح أمام المبنى الذي قام بالحجز فيه، نزع الغمامة من فوق عينيها لتشهق بغير تصديق حين وقعت عينيها على مدخل المبنى المزين بالكامل بالورد الجوري الأحمر، ويمتد كبساط من بداية المدخل إلى الداخل. لم يعطها فرصة للحديث، وأخذ يدها مصطحبًا إياها إلى الداخل لتتسع عيناها بصدمة كبيرة حين شاهدت الشموع الحمراء تملاء المكان، واسمها مزين بخط من الفضة يتوسط قلب من الورد الجوري. هتفت به وعيناها تذرف دموعًا غزيرة: - "أنا بحبك قوي يا زيدان، انت أغلى حاجة في حياتي، ربنا يخليك ليا، تصدق إني كنت ناسية خالص إن عيد ميلادي النهارده". قبل خدها بعشق جارف قائلًا: - "أنا مش ممكن أقدر أنسى أجمل أيام حياتي". أمسك يدها بين يديه، وأخذ يراقصها وهو يضمها لصدره بحب كبير، ويتأمل محياها بتيه وشرود، أبعدها عن صدره لينظر بعينيها بشوق ولهفه، ثم قبلها بشوق كبير كالظمآن الذي عثر على الماء بعد أن قضى وقتًا كبيرًا يبحث عنه. ابتعد عنها ليلتقط أنفاسه هامسا لها بشوق جارف: - "كل سنة وانت منورة حياتي ودنيتي، ربنا يخليك ليا، وميحرمنيش من وجودك أبدًا يا سيدرا القلب والروح. همست له بصوت يرتجف من شدة التأثر: - "ربنا يخليك ليا يا قلب قلبي، أنا مش مصدقة كل اللي أنا فيه ده".