فتح أحدهم التلفاز فوجد مذيعة النشرة تقول" انتحار أحد مرضى مستشفى الأمراض النفسية بعد إلقاء نفسه من فوق المبنى في غفلة من الأطباء والأمن في تلك المستشفى جارِ التحقيق في الجريمة و معاقبة المسؤول عنها" من فتح التلفاز : لا حول ولا قوه إلا بالله حتى المجانين زهقو من الدنيا؟ يابت يا مي تعالي شوفي الاخبار. مي: في أيه يا بابا أيه اللي قالب دمك على الصبح. الأب: بصي الأخبار أنتي مش شايفة. وفي لحظة مشاهدة مي للخبر صعقت وفي تلك اللحظة رن هاتفها...!!! مي : الو..! المتصل : شفتي الأخبار..!! مصيبة وحلت على المستشفى. مي : أهدى أهدى أحنا ملناش دعوة الشفت بتاعنا بالنهار و الحادثة حصلت باليل مالنا بالموضوع وبعدين أحنا دكاترة مش ممرضين. المتصل : يابنتي أفهمي هيقولو الدكاتره مش عارفين يعالجوا المرضى بتوعهم و و و.... ومش هنخلص من المشاكل. مي: أهدي بس أما أجي ربنا يحلها. المتصل: يا رب بس شكلها مش باين ليها ملامح . مي: أقفل يالا أنا مش ناقصه خليني أجي ونشوف اللي هيحصل. وأغلقت مي في وجه المتصل حين خرجت الأم من المطبخ. الأم : مي هي الحدثة دي عندك في المستشفى. الأب : يانهار مش فايت يعني ممكن بنتي تتاخد في الرجلين. مي: أيه يا ناس أنتو شفتوني ركبت البوكس ومشيت وبعدين رجلين وأدين إيه يا بابا . الأم : تف تف تف، تفي من بؤك بعيد الشر عنك يا بنتي. مي: يا ماما يا حبيبتي يا بابا يا حبيبي مفيش حاجه هتحصل متخافوش مش هيحصلي حاجه وبعدين انتو مأخرني كدة سلام. وفتحت مي الباب ثم خرجت مسرعة من منزلها في أحد الأحياء الشعبية البسيطة حين كان الشارع معطلًا بسبب سيارة فارهة تقف أمام منزل مي وفي وسط كل ذلك الزحام نزلت مي فوجدت ذلك المشهد فقالت في صدمة. مي: عمر أنت أيه إللي جابك. عمر : أركبي بس بسرعة أنا موقف الشارع. فركبت مي بسرعة ثم انطلق عمر بالسيارة مسرعًا يخرج من ذلك الشارع الضيق وبعد قليل خرج عمر من ذلك الشارع ودخل شوارع القاهرة الواسعة ثم ركن السيارة في موقف أحد الحدائق حين قالت مي: أنا ركبت معاك بس علشان الشارع وللمرة العشرين بقولك ملكش دعوة بيا أنا مش زي البنات اللي أنت تعرفها بتاعت بابي ومامي. عمر : والله العظيم عارف وأنا مش بتاع الكلام ده أنا مش جاي علشان كده أنا جاي أوصلك علشان شفت الأخبار وأنت مش ناقص تأخير كل يوم ده. مي : وبعدين أنتَ توصلني بصفتك إيه. عمر : أنا غلطان أنزلي يا مي أركبي مواصلات وأتبهدلي مي : أنزل أنا إزاي دلوقتي الساعة تمانية ونص وانت أخرتني بقالنا ساعة بنتكلم، أتنيل وصلني. عمر : طيب قالها في ابتسامة عريضة وانطلق بالسيارة مسرعًا الى المستشفى في حين كانت مي تنظر من النافذة تحاول أن تخفي ابتسامتها بعدم النظر إليه في الوقت الذي كان يلقي فيه عمر بنظرات خاطفة لها حتى ينتبه للطريق وبعد وصولهم بقليل كان يقف أحمد زميل مي وعمر في المستشفى على الباب الأمامي يهز بقدميه متوترًا يجول بنظره هنا وهناك حتى وجدهم قادمين فأسرع إليهم بخطوات مسرعة يقول في هلع أحمد : انتو فين الدنيا مقلوبة جوا وانتو جايين ليا متأخرين. مي : أهدى يا أحمد انت دكتور مخ وأعصاب مش كده براحه. عمر : براحه لحسن يطقلك عرق تروح فيها. أحمد : يا دمك الخفيف أستاذ لطافة، أنجر قدامي، دا انتو يومكو أسود النهاردة، مدير المستشفى جوا عامل اجتماع ومستني الدكتره كلهم ومستني حضرتكم بقاله ساعة، ومين صاحب الأتنين أحمد المتبهدل. ودخل الجميع المستشفى إلى غرفة الإجتماع فدق أحمد الباب ودخل وسط نظرات الجميع وخلفه مي وعمر ثم جلس الثلاثة عندما دخل مدير المستشفى الغرفة وجلس على أول طاولة الاجتماع الطويلة يرمق الجميع بنظرات حادة تشع غضبًا حتى جاء الدور على مي وعمر ثم قال المدير : يا مرحب شرفتو أنتو الأتنين أخيرًا ما بدري ولا مابتحضروش بدري غير في المصايب. ثم أكمل في وسط صمت الجميع وقال " المرادي عدت على خير بس أستاذ رشاد المسؤول عن الحالة أتنقل للتحقيق هو وشوية ممرضين وأمن والموضوع هيطول أنا عايز حد يمسك ملف الحالة دي ميسبش منه ذرة ويكتب التقرير بتاعه وننقله النيابة وأحب انبه التقرير ده يا هيودي رشاد السجن يا هيطلعه براءة فاهمين قصدي إيه ولا لاء؟ سُمعت المستشفى في إيديكو بالتقرير ده فمين إلي هيكتبه؟ صمت الجميع ينظرون لبعضهم، يتمنى كلاً منهم الآخر أن يقول أنا وفي تلك اللحظة قالت مي : أنا بقول مش الأحسن أنك يا أستاذ ماجد تكتبه أنتَ أكبرنا وأكترنا خبره ماجد : أنا مدير المستشفى وأكيد هيقولو التقرير فيه تزوير لصالح المستشفى وكمان أُحيي شجاعتك على أنك هتعملي التقرير وأحب أضيف حاجه لكلامي اللي فات اللي أختاره يكتب التقرير ويرفض هيتنقل للتحقيق مع رشاد ومش بس كده ده رفد وخصم كل المستحقات وانتو وضمير اللي هيكتب يا يوديكو ورا الشمس يا تطلعو براءة ها يا مي موفقه ولا لاء. نظرة مي بدهشة وذهول من نبرة التهديد التي لم تكن تحسب أنها موجودة في ذلك الرجل الوقور كبير أطباء المستشفى ومديرها حين ظهر على حقيقته الفاسدة خلف ذلك الثوب الأنيق حين قالت مي : بس...بس...ده. ماجد : ده إيه يا مي عندك اعتراض؟ أحمد : لا مفيش حاجه حضرتك هي موافقة خلاص. ماجد : كويس معاكي أسبوعين من النهاردة، تعملي اللي انت عايزاه فيهم وبعدين تبعتيلي التقرير على مكتبي عشان أبعته النيابة، كده الاجتماع خلص كل واحد على شغله.