Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الثانى (بعد سنوات)

(آمنتُ دوما بالقصص الخيالية التي كانت تقصّها عليّ أمي وأنا صغيرة, الخادمة التي قابلت الأمير فعشقها وتزوّج بها وجعلها أميرة, سانتا كلوز الذي يحقق الأمنيات ويترك الهدايا تحت الشجرة كل عام..الأميرة التي أيقظها الأمير بقبلة وعاشا معا في سعادة إلى الأبد..كل القصص الخيالية تنتهي بنهاية سعيدة إلى الأبد وكم حلمتُ أن أكون إحدى بطلات هذه القصص ولكن للأسف كلما مرّت السنون علمتُ أن كل ذلك خيال وأساطير تتناقلها الأجيال جيل تلو الآخر فقط لمنح الأمل لمن هم مثلي! الفتاة القبيحة التي ينفر منها الجميع ويهرب منها الأصدقاء ولا تعرف سوى الأحلام سبيلا.. فالواقع قد نفر منها بمن فيه فابتعدت عن الجميع وعاشت بجزيرة بعيدة عن الناس ترافقها الطبيعة وتختفي خلف شاشة هي كل وسيلتها للتواصل مع العالم الخارجي وعلى الرغم أنها أيقنت أن كل ما آمنت به وهي صغيرة محض خيال إلا أنها مازالت تحلم بأن تكون يوما أميرة شخص ما! تُرَى هل يتحقق الحلم؟!) أنهت الكتابة على الحاسب المحمول وهي تنهت فلأول مرة تكتب شيئا خاصا بها فمنذ بدأت مدوّنتها منذ أعوام كثيرة وهي تكتب قصصا خيالية من وحي خيالها فقط قصص تجعل نفسها البطلة فيها دوما فتحصل على ما تريده في الخيال تاركة الواقع لمن يشبهه فقد علمت منذ زمن بعيد أن مثيلاتها ليس لهم حق سوى بالأحلام! زفرت بقوة وهي ترمق كلماتها مرة تلو الأخرى كلّما بسطت يدها لتضغط زر النشر على المدوّنة تتراجع وقلبها يخفق بقوة!هل سيظل معها المتابعون لو علموا حقيقتها؟! لو علموا أنها فتاة قبيحة أقل من تخيلاتهم ومن كلمات الغزل التي يمطرونها بها خلف الشاشة مخاطبين بها الكاتبة التي يعشقونها، سيظلّون على حبهم أم سيهربون كما اعتادت من الجميع؟! أغمضت عينيها بقوة قبل أن تفتحهما ثم تنقل كلماتها للملف السري خاصتها والذي تخرج به مكنونات قلبها منذ كانت مراهقة تعيش مع جدها وشقيقها الوسيم والذي تهافتت عليه الفتيات من كل حدب وصوب عكس شقيقته الصغيرة القبيحة! ثم نشرت بدلا منها قصة قصيرة حالمة كتبتها مؤخرا ونهضت لتتنزّه قليلا بالجزيرة إرثها من جدها الحبيب الراحل وكأنه علم بأمنيتها أن تختفي عن الناس كلها فحقّقها لها قبل وفاته فكتب الجزيرة باسمها وأهداها لها بعيد ميلادها العشرين، وها هي بعد خمس سنوات تعيش فيها براحة بعيدا عن كل البشر وحتى عن الحبيب الذي تمنّته بمراهقتها والذي تعرف جيدا أنه صديق مقرّب لشقيقها الحبيب، نفضت رأسها بقوة قبل أن تركض لارتداء ثوب السباحة الأحمر, اللون المفضّل لها لتذهب للبحر الخالي من سواها! فالمميز في كونها تعيش بمفردها بالجزيرة هو أنها ترتدي ما تشاء وقتما تشاء وتفعل كل ما تشاء دون أي تحفّظات ودون أي انتقاد من الناس. "مبارك ماكس.. نجاحك ساحق هذه المرة يا رجل" هتف أنتوني بحب وهو يصافح صديقه المقرّب ليبتسم له ماكس وعيناه تشعّان سعادة وهو يقول: "بمساندتك يا صديق" "تستحق احتفالا مميزا يا صديقي" قال أنتوني غامزا إياه بعبث ليقهقه ماكس عاليا وهو يقول بعبث: "وسأحصل عليه الليلة دون ريب" ثم تابع بجدية: "ولكني بالواقع أستحق عطلة طويلة فلم أحصل على مثيلتها منذ سنوات" "عطلة بمكان سحري بها العديد من الحسناوات أليس كذلك؟" قال أنتوني بمرح ليضحك ماكس عاليا قبل أن يقول بشرود: "بل عطلة طويلة بمفردي بعيدا عن الجميع وخاصة الحسناوات يا صديقي, فمؤخرا شعرت أن حياتي بعيدا عن العمل بلا جدوى" "مؤخرا فقط؟" والهمسة المزدرية لميندي زوجة صديقه أنتوني والتي لا تحبه أبدا ولا يفهم السبب!لو كانت أعجبت به ونبذها قبل الوقوع بحب صديقه كما العديد من النساء اللاتي يعرفهن لكان فهم الأمر ولكنه لم يقابلها سوى بخطبة صديقه ومنذ ذلك اليوم قبل ثلاث سنوات وهو يتساءل لماذا تكرهه؟! ويشعر أن كراهيتها له ربما قبل أن تراه! ابتسم لها بهدوء فرغما عنه لا يستطيع كرهها فهي ليست زوجة صديقه المقرّب فقط بل هي من جعلت صديقه مبتسما على الدوام منذ تعرّف عليها بعدما كان كره الحياة بعد وفاة جدّه منذ عدة سنوات.. فجد أنتوني هو من تولّى تربيته وشقيقته بعد وفاة والديه بحادث تحطّم طائرة مأساوي بإحدى سفراتهم وكان أنتوني فقط في السابعة عشرة من عمره وشقيقته في الثانية عشرة من عمرها..عمر حرج ليقرر الجد أن يربّيهما بمفرده وطالما تساءل كيف فعل الجد ذلك؟! كيف اتّخذ هذا القرار الصعب وكيف نجح به بهذا الشكل؟! فأنتوني أفضل الأصدقاء الذين حصل عليهم طوال حياته وحتى بعد رحيله من المنزل المجاور له وهم صغار ظلّت علاقتهما مميزة حتى يومهما هذا. "أين شردت ماكس؟ أهي أزمة منتصف العمر؟" هتفت ميندي ساخرة ليرمقها أنتوني بلوم لتشيح بوجهها عنه بنزق وهي تلوي شفتيها ليجيبها ماكس الذي لازال يشعر بالدهشة لماذا يتعامل معها جيدا رغم معاملتها المزدرية له: "لازال أمامي سنوات على أزمة منتصف العمر ميندي ولكن أحتاج لفرصة للتوقّف لأرى ماذا فعلت بحياتي وكيف سأتابع بها" "كل إنسان يحتاج لهذا ماكس.. فلا تقلق أنا معك صديقي" سانده أنتوني كعادته دوما ليبتسم له ماكس بامتنان وهو يقول: "وهذا ما يطمئنني أنتوني, أنتَ عطيّة الرب لي صديقي" رمقته ميندي بتدقيق للحظات قبل أن تقول: "وأنا لدي المكان الذي سترتاح فيه ماكس, جزيرة جد أنتوني جيدة ولن يزعجكَ شخص هناك" رمقها كل من ماكس وأنتوني بدهشة..فماكس يشعر بالدهشة أنها تهتم به رغم بُغضها الواضح له والذي لا تحاول حتى أن تخفيه..أما أنتوني فيشعر بالدهشة لأنها اقترحت جزيرة جده والتي أصبحت لشقيقته وزوجته تعلم جيدا أن ميلا تعيش هناك ولا تحب الإزعاج فحتى هما يذهبان بزيارات خفيفة مع طفلهما كل فترة فكيف تقترح على الشخص الذي تكرهه الجزيرة التي تعشقها وأخته؟! "حقا أنتوني؟ أليس هناك مانع لأذهب هناك؟!" هتف ماكس بلهفة فهذا ما يحتاج إليه حقا ليومئ له أنتوني بعفوية ثم يدرك أي ورطة أوقع نفسه بها! "هل لي أن أفهم لماذا فعلتِ ذلك ميندي؟ لماذا اقترحتِ الجزيرة وأنتِ تعلمين جيدا أنه لو رأت ميلا أحدا هناك سوانا ستفصل رأسه عن جسده وخاصة لو كان رجلا" سأل أنتوني بدهشة لتقهقه ميندي عاليا وهي تقول ببساطة: "ربما صديقك يحتاج لأن يُفصَل رأسه عن جسده حتى يفيق من غيبوبته الاختيارية هذه ويعيش كما البشر الحقيقيين بعيدا عن العبث والقرارات الخاطئة" رمقها بشك فابتسمت له وهي تتمنى داخلها لو تحقق ما تطمح إليه..هل سيرى الغبي جوهر ميلا الحقيقي ويقع بعشقها أم سينبذها ويجرح قلبها مرة أخرى بكل غباء؟!

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514