لم يكن قادر علي تخطي صورتها بعينيه .. هز رأسه و هو يحاول أن يتنفس بإنتظام فكما كانت تتلاحق أنفاسه كانت تتسارع أفكاره .. وقف ياسين أمام منزل ليلى ينتظرها و هو يطالع ساعة معصمة بفقدان صبر و يهز ساقه بتوتر ..نزلت إليه ليلي بسرعة وتقدمت ناحيته و هي تقول بقلق: _ فريدة مالها يا ياسين.. إنطق ؟! تطلع إليها بنظرة شمولية و قد إتسعت عيناه و هو يهتف بحنق : _ إيه الزفت اللي سيادتك نزلالي بيه ده ان شاء الله ؟! زفرت ليلى بضيق وقالت: _ ده وقته إنت كمان.. بقولك فريدة مالها عملتوا فيها ايه ؟ خلع سترته ووضعها حول أكتافها وقال بغضب من بين أسنانه : _ ده ترینج ده ولا راسمه على جسمك.. إنتي إزاى تنزلى من بيتكم كده؟ أغلقت عينيها بفارغ صبر..ثم فتحتهما وقالت بحدة: _ إنت هتتكلم ولا هتقضيها تفاهة ! أجابها ياسين وكأنه تذكر لتوه: _ هو أنا كنت جايلك ليه.. آااااااه صح فريدة هيقتلوها هناك.. هو إيه حقيقة موضوعها هي واللي إسمه عمر ده؟ إتسعت عينى ليلى وقالت بذعر : _ يا نهار إسود.. أنا كنت حاسة انه الموضوع ده مش هيعدى علي خير هطلع البس وهاجي معاك حالا. تركته و إبتعدت ثم عادت اليه و هي تخلع سترته و قالت : _ خد الجاكيت بتاعك أهه و انا خمس دقايق مش هتأخر عليك . فصاح بها قائلا وهو يتطلع حوله بخوف : _ لأ..خليكي لابساه.. حد يشوفك وإنتى كده.. إبقى هاتيه وإنتى نازلة. ثم اقترب منها ورفع سبابته في وجهها و قال بتحذير قاطع : _ ولو شوفتك بهدوم كده ولا كده تانى مش هيحصلك كويس مفهوم . زفرت بضيق وتركته وإبتعدت.. تطلع إليها بهيام وقال: _ يخرب بيت أمك... قمر تتاكل أكل . إستند علي سيارته و هو يمسح المنطقة بعينيه لربما رآها أحدهم بهيأتها تلك و بعدما إطمئن من خلو النوافذ و الشرفات من الناس حتي تنفس براحة .. إستيقظت سهى أخيرا بتثاقل و هي تجاهد في أن تفتح عيناها التي كانت أثقل من ذراعيها و التي تحاول تحريكهما .. تطلع سامح ناحيتها بترقب و احتضن كفها و هو يقول بقلق: _ سهى ردی علیا بقا حرام عليكي . تطلعت حولها بدون وعي وهي مازالت بين الغفوة و الاستيقاظ ثم قالت بنبرة ثقيلة : _ سامح.. إنت فين .. انا بحبك. قرب كفها من فمه و لثمه بهدوء و هو يطالعها بحزن و هي تتابع بتعب : _ فين.. ريان .. يا رياااااااان . قالتها بصراخ وانهيار تام و هي تركل الهواء بذراعيها و ساقيها .. إجتذبها سامح لصدره وقال مهدئا: _ إهدى.. إهدى يا سهى علشان خاطری .. ريان في الجنة إن شاء الله . زاد صراخها و نحيبها بشكل عنيف ..فأضطر الطبيب إعطائها حقنة مهدئة كي لا تؤذي نفسها .. و نامت بعدها في سكون ودموعها لا تتوقف.. مددها سامح علي فراشها ببطء و تطلع إليها بألم علي حالتها .. ربت ماجد علي كتفه بينما قال له سامح بملامح متهدلة : _ خليك إنت وباسم مع المجندين.. وخلى مينا يقودهم مكان... مكان ريان الله يرحمه . أومأ ماجد برأسه وقال بهدوء : _ ما تقلقش یا سامح.. خليك إنت جنبها..ربنا يطمنا عليها . شدد في قبضته حول كفها و قال بصوت مختنق : _ انا اللي قربته منها كده .. مكنتش متخيل انها هتتعلق بيه كده في الفترة القصيرة دى . طالع ماجد سهي بإشفاق و قال : _ واضح انها أصيلة و قلبها طيب .. خلي بالك منها يا سامح دى طلعت رقيقة مش زى ما هي راسمة علينا . ملس سامح علي شعراتها و أكد علي حديثه قائلا : _ أنا اللي خليتها ترسم علينا قوتها دى لما عاملتها بطريقة مش كويسة . إعتدل ماجد في وقفته و قال : _ من الاول و انا حاسس انه خناقكم ده اهتمام منكم بتحاولوا تخفوه علشان تخبوا علي بعض انكم .. بتعشقوا بعض . رفع سامح عينيه ناحيته و طالعه بتعجب .. ليتابع قائلا بتأكيد : _ كفاية عناد يا سامح واضح ان العمر قصير قوى بلاش تضيعه و اسرق من الدنيا سعادتك لانك تستاهلها . و تركه و انصرف ليعود بعينيه اليها بوجهها الشاحب و بقايا دموعها علي وجنتيها النديتين ليقول بصوت خفيض : _ انا اللي بحبك يا سهي . كان يتحرك بهيستيرية و هو يصفع ساقيه بكفيه الغليظتين من خزيه و يردد بهيستيرية : _ يا خسارة عمرى اللي راح .. يا خسارة تربيتي فيكي . وقفت مي أمامه و قالت ببكاء : _ اهدا يا بابا علشان خاطرى ضغطك هيعلى و ده غلط عليك . أزاحها من أمامه و إقترب من حياة بخطوات بطيئة و قال : _ یعنی فريدة بريئة.. والواد ده باسها غصب عنها.. وإنتي كنتى عارفة وكذبتي .. صح يا حياة . تلعثمت حياة في الرد وقالت بخوف : _ ب.. بس یا بابا... . أسكتتها صفعه على وجهها من عثمان الذى صرخ بغضب: _ إخرسي خالص.. عملتي ليه كده.. بتكرهيها ليه كده ؟! ثم إشتعلت عينيه و إلتف برأسه ناحية زهرة التي كانت منكمشة في نفسها و تقف منزوية بجوار غرفتها ليهرول ناحيتها و قبض علي حجابها من الخلف و هو يصيح بشراسة : _ من أول يوم فرضوكي عليا زوجة و انا كنت حاسس بكرهك لسعاد و كنت بعدى علشان العيال .. انما توصلي عيالي للكره و الغل ده يبقي مالكيش قعاد هنا . ثم سحلها من حجابها و ألقاها علي الدرج قائلا بنبرة قاطعة : _ انتي طالق و مش عاوز اشوف وشك هنا تاني و الا قسما بالله هقتلك و هبقى مرتاح . وقف جاسر أمامها و قال بنبرة قاطعة : _ تركبي اول قطر و علي البلد ترجعي لأهلك زى ما جيتي بالهدمة اللي عليكي . تعلقت مي بذراع عمها و قالت برجاء و هي تبكي بهيستيرية : _ أبوس ايدك يا عمي سامحها احنا هنعمل ايه من غيرها . ضم رأس مي لصدره و قال بترفق : _ امك بقت خطر عليكم انتم يا مي .. نفسها السودا عمرها ما هتنضف و احنا علشان خاطركم سمحناها كتير يا بنتي و انا مش هقف اتفرج لما حد منكم يموت بسببها . حاولت زهرة استعطافه و قالت برجاء : _ و حياة عيالك يا حاج ما تبعدني عن عيالي . إلتفت اليها برأسه و صرخ بها بصوته الجاهورى قائلا بحزم : _ قولتلك غورى من هنا و الا اقسم بالله هرجعك بلدكم في صندوق . كففت دمعاتها في حجابها الطويل و هبطت الدرج بكسرة و ألم و هي تلعن نفسها و عقلها البائس .. انتبهوا علي صراخ حياة فدلفت مي راكضة تجد والدها ينهال بالضرب ع ليها بجنون .. لفتها مي بجسدها و هي تصرخ بخوف : _ و رحمة جدى يا بابا لتسيبها هتموت . خرج مازن عن صمته قائلا بغضب : _ لولا موقفك ده يا عمي قسما بربي كنت قتلتها و دفنتها بإيدي علي رمية أبويا في المستشفي دى . أبعده جاسر عنها وقال بصياح : _ كفاية ضرب بقا يا عثمان .. الأمور دی ما تتحلش كده.. لازم نهدا ونتكلم بالعقل.. كفاية جلال اللى مرمى في المستشفى بين الحياة والموت ده . خرج أدهم.. وإرتمى بجسده على الدرج دون ان يتدخل فيما حدث حوله و كأنه منفصل عن ما يحيطهم تماما .. وكلمات فريدة تدور بعقله.. و عقله يأن من كثرة أسئلته المؤلمة .. كيف طاوعه قلبه بالظن بها.. كيف طاوعته يداه وقدميه بالنيل منها رغم جروحها النازفة.. و الأهم كيف فقد الثقة بها بهذا الشكل المخزى .. ركضت ليلى على على الدرج.. وصدمت من هيأة أدهم و تلك الدماء المتناثرة علي قميصه وقالت بقلق : _ عملت فيها إيه يا أدهم.. فريدة عمرها ما حبت غيرك.. عاشت أيامها كلها علشانك إنت.. تصدق في الآخر إنها تخونك. مرر كفع علي وجهه بضيلع لتتابع هي ببكاء : _ كان نفسها تترمى في حضنك وتعيط و هي بتحكيلك على غدر صاحبك اللي إتحرش بيها.. كانت خايفة تبص في عينك لتفهم وتروح تقتله وتخسرك وتخسر مازن. تطلعت بمازن المستند علي باب شقة عثمان مطأطأ رأسه بخزى و أردفت بشهقات متقطعة : _ خبت عنكم علشان خايفة علیکم ده جزائها منكم . تركتهم وصعدت لشقة فريدة و التي وقفت امام بابها المكسور تتخيل ما ينتظرها بالداخل .. ركضت على غرفتها.. وما أن رأتها حتى صرخت قائلة: _ إلحقنى يا ياسييييين . ركض على صراخها الجميع.. إقترب منها ياسين وقال : _ في إيه ؟! أشارت ليلى لفريدة وقالت بذعر : _ فريدة بترجع دم.. وواضح كده إن دراعها مكسور.. لازم تتنقل المستشفى فورا . جحظت عيني ياسين و وضع كفه علي فمه و هو يتابه خيط الدماء المتجلط و المنساب من فمها إلا الارضية .. إقترب منها أدهم ورأى بؤرة الدماء التي غطت الأرضية بجوار فراشها.. وآثار الدماء على فمها.. حاول حملها مسرعا ..فدفعته ليلى بعيدا عنها وقالت محذرة بنبرة شرسة : _ إبعد عنها خالص.. ولو سألوني في المستشفى هقول إنه إنت ومازن اللي عملتوا فيها كده وهوديكم في ستين داهية. وقف جاسر بجوارها و طالع زرقة وجهها و يديها فإلتفت لليلى قائلا : _ لبسيها حجاب علي راسها بسرعة يا بنتي . أسرعت ليلي إلى خزانتها و أخرجت منها حجابها و حملت رأسها قليلا لتلفه حولها فتقيأت عليها فريدة المزيد و المزيد من الدماء فصرخت ببكاء : _ إشتالها يا ياسين بسرعة.. فريدة بتموت . حملها ياسين وهبط بها الدرج.. وضعها بالكرسى الخلفي لسيارته.. وركبت ليلى بجوارها ووضعت رأسها على قدمها.. و أخذت تمسح بيدها على وجهها مزيحة تلك الدماء الملطخة له و هي تبكي بحرقة .. تهدج صدرها علوا وهبوطا وهي تتوسلها بصوت مبحوح: _ فريدة..سمعانی یا حبيبتي.. بسرعة يا ياسين دى عندها نزيف داخلي أكيد . قاد ياسين السيارة بسرعة أكبر .. وتوجه للمشفى الذي يرقد به جلال.. تبعه مازن وأدهم و الصمت يخيم عليهما و مظهرهما البائس يكفي لترجمة ذلك الصراع القابع بنفسيهما .. وصلوا أخيرا للمشفى.. صف ياسين السيارة امام الباب مباشرة و ترجل مسرعا و سحب فريدة من ساقيها و حملها ودلف بها لغرفة الإستقبال و هو يصرخ قائلا : _ دكتور يا جماعة . مددها على احد الاسرة و قد تجمع الممرضات حوله و هم يطالعون هيئة فريدة بتعجب .. إقترب منه الطبيب وقال بتعجب : _ خير يا جماعة ؟! رد ياسين بسرعة: _ لو سمحت يا دكتور بترجع بترجع دم.. ودراعها شكله مكسور ومغمى عليها مش بتفوق . تطلع إليها الطبيب وقال بإندهاش من هيأتها : _ إيه ده.. مين اللي عمل فيها كده ؟! رد ياسين بحنق: _ مش وقته يا دكتور.. إكشف عليها لو سمحت و طمنا . تطلع إليها الطبيب ثم هتف بحدة: _ ده حيوان مستحيل يكون بنى آدم علشان يشوهها كده. زفر ياسين بضيق وقال : _ يعنى هي مالها دلوقتى.. والدم ده من إيه ؟! رد الطبيب مسرعا بنبرة مستهجنة : _ إنت بتسألني يا أخويا.. ما تسأل اللي ضربها بالشكل ده . صفع ياسين وجهه بنفاذ صبر و قال بهدوء مصطنع : _ يعنى لو مسألتكش أسأل مين.. إنت دكتور ولا مبيض محارة ولا سستمك إيه بالظبط ؟ رد الطبيب بثقة: _ أنا دكتور طبعا.. بس عاوز أعرف إيه اللي عمل فيها كده . تشنجت تعابير ياسين وقال بعصبية: _ يعني نسيب البت تموت على ماحضرتك تكتب المحضر مش کده.. بقولك إيه أنا مجنون ومعايا شهادة معاملة أطفال وهطلعهم عليك . رد الطبيب بخوف: _ خلاص.. إطلع بره علشان أكشف عليها.. وخلى الآنسة دى معايا . لاحظ ياسين نظراته الوقحة لليلى فقال غاضبا: _ ليه مافيش ممرضات في أم المستشفى دى.. أنا مش مرتاحلك أصلا وريني الكارنيه بتاعك . فقالت ليلى لتهدئته: _ خلاص يا ياسين إخرج إنت خلينا نخلص . قاطعها ياسين مرددا بسخرية: _ يا سلام.. علشان بدل ما يكشف علي فريدة يكشف عليكى إنتى ..قدامی یا اختی . جذبها ياسين من ذراعها وخرجا سويا.. وقفا في إنتظار خروج الطبيب.. بينما إقترب منهم أدهم ومازن .. سألهم مازن بإستحياء : _ الدكتور قال إيه ؟ ردت ليلى بغضب: _ ليكو عين تيجو هنا.. لو فريدة جرالها حاجة مش هرحمكم . إقترب مازن من ياسين وقال هامسا: _ فريدة عاملة إيه يا زفت إنت ؟ رد عليه ياسين بحنق: _ زفت ..... الله يكرم أصلك.. لسه بنستنی الباش مهندس اللي بيكشف عليها جوة لما نشوف هيقولنا إيه . بعد قليل لاحظ ياسين هرولة سعاد بإتجاهم.. فمط شفتيه وقال بسخرية : _ إلبس.. هتقابلوا الوحش يا رجالة . إلتفت مازن وأدهم ورائهم.. لتقترب منهم سعاد بطوفان غضب هادر.. و هي تصيح بهم : _ عملتوا في البنت إيه.. موت أختك يا مازن.. قتلتها .. سمعت كلام الحية وبنتها ومصدقتش أختك . نكس مازن رأسه بينما جذبت هي أدهم من ذراعه و قالت بحدة : _ وإنت يا حضرة المحامي.. صدقت الكلام الأهبل ده على حب عمرك.. والله لهسجنكم بإيدي . وقفت سعاد أمام ليلى وقالت برجاء: _ طمنيني على فريدة يا ليلي الله يكرمك . ربتت ليلى على ذراعها وقالت بترفق : _ إهدى يا أنطى.. دلوقتي الدكتور يخرج ويطمنا عليها ان شاء الله . خرج الطبيب.. تطلع إليهم بغضب وقال: _ البنت عندها نزيف داخلي.. وكسر في دراعها الشمال وكسر في الأنف.. وجروح محتاجة خياطة.. ده غير الكدمات والجروح البسيطة.. ده لو خبطها قطر ما كانتش هتوصل للمرحلة دى. لطمت سعاد علي وجهها و قالت بصراخ : _ يا حبيبتي يا بنتي . هز الطبيب كتفيه و قال : _ أنا مضطر أبلغ البوليس .. بعد اذنكم . وتركهم وإنصرف..ثم عاد معه بعض الممرضين والممرضات.. وأحضروا معهم سرير متحرك.. نقلوا فريدة عليه و أخرجوها من غرفة الاستقبال .. تطلعت سعاد إليها وقالت صارخة: _ یا قلب امك یا بنتی.. ربنا ينتقم منكم البت هتروح مني . تم نقلها لغرفة الأشعة.. وتمت معالجتها وعمل الجبيرة لذراعها.. وخياطة جروحها.. وتم تحويلها لغرفة عادية.. جلست ليلى بجوارها و هي تتأملها بألم وإنهمرت دموعها في صمت .. ربت ياسين على كتفها وقال بحنو : _ هتبقى كويسة و الله ما تقلقيش يا حبيبتي . رفعت رأسها ناحيته وقالت بدموعها: _ طب لو جروحها طابت.. هتعملوا إيه في نفسيتها بقا أنا عارفاها كويس قوى مش هتقدر تتخطي الموضوع بسهولة . جلس بجوارها وقال لها مطمئنا : _ طالما إحنا جنبها هترجع تانى بسرعة.. أنا عارفها كويس زيك و أكتر . تطلع ناحية فريدة و قال بتنهيدة مقتضبة : _ فريدة قوية ومش هتنكسر بسهولة . إبتلعت ليلى ريقها بصعوبة وقالت متألمة: _ يا رب يا ياسين.. أنا بموت كل ما بشوفها كده . رد ياسين بسرعة وهو يضع انامله على فمها كي لا تتفوه بتلك الكلمات مجددا : _ بعد الشر عليكي.. موت لأ یا لیلی.. ربنا يحميكي يا عمری . تطلعت إليه ليلى قليلا مستمتعة بصدق حديثه.. وجمال نظراته الدافئة.. ثم عادت تتطلع لفريدة بألم.. وقالت براحة : _ ليه مصدقتش زيهم يا ياسين ؟! أجابها بتلقائية : _ انا مش هكدب و اقول انه ما صدقتش في الاول خصوصا انه لما مازن سألها ده حصل و لا لأ قالتلته ايوة حصل . هزت ليلي رأسها بصدمة و قالت : _ لو صبر ثواني و سابها تكمل كلامها كان فهم بس طبعا اتسرع و ايده غلبت عقله . أكد ياسين قائلا : _ فعلا أنا لما عقلي اشتغل مقدرتش ابلع فكرة انه في راجل في العالم ممكن يهز فيها شعره لان حبها لأدهم مش حب عادى . التفتت اليه ليلي و قالت بتعجب : _ و ادهم ازاي صدق الجنان ده هموت واعرف ؟! عقد ياسين ذراعيه أمام صدره و قال : _ اصعب شعور في الدنيا بعد الفراق و الفقد هو الغيرة صدقيني يا ليلي بتعمي الانسان و بتخليه يتصرف من غير ما يفكر . وقف أدهم على باب غرفتها يتطلع إليها بندم.. ووجعه يمزقه.. وصدى صوتها برأسه يقتله عندما قالت: _ إنما إنت عمرى ما هساحك.. إنما إنت عمرى ما هسامحك . زفر بضيق.. وأمسك رأسه متألما و هو يأن بخفوت .. إقترب منه ياسين وقال بقلق : _ إنت كويس يا أدهم ؟! تجهم وجهه وقال بملامح متهدلة : _ لأ.. ربنا ياخدنى يا اخي .. أنا عملت فيها كده إزاي.. هانت عليا إزاى.. صدقت إزاي فيها الكلام ده .. عمرها ما هتسامحنى . ربت ياسين على ذراعه.. وقال مطمئنا: _ فريدة بتحبك يا أدهم.. وبكرة تسامحك وترجعوا لبعض .. بس إديها شوية وقت . هز أدهم رأسه نافيا و قال بحزن : _ دى تربية ايدي يا ياسين و انا عارفها كويس .. اللي هيموتني نظراتها ليا و انا بضربها .. ما اتألمتش و كأنها مش مصدقة اني انا اللي اعمل فيها كده . لاحظ ياسين احتقان وجهه و عينيه فقال بترفق : _ ربنا بيسامح يا ادهم و فريدة احن مما تتصور .. صحيح هتقسى عليك بس عمرها ما هتقدر تبعد عنك لانك بتجرى في دمها . وقف سامح بجانب فراش سهى.. وصلى المغرب.. فتحت سهى عينيها.. فرأت سامح يصلى بجوارها . إنهمرت دموعها بهدوء على وجنتيها.. أنهى سامح صلاته.. وجلس أمامها وقال بتلهف : _ أخبارك إيه يا سهى حاسة انك احسن ؟ ردت عليه بوهن وحزن و هي تتطلع في سقف الغرفة : _ قلبى بيوجعنى يا سامح.. اول مرة اعرف يعني ايه وجع قلب . ربت علي كفها و قال بهدوء : _ اهدى و اذكرى الله .. مش ربنا بيقول الا بذكر الله تطمئن القلوب . أغمضت عيناها و قالت بصوت مبحوح ضعيف : _ يارب ارحمه برحمتك و تقبله عندك من الشهدا و جمعنا معاه علي خير . فتحت عيناها و التفتت ناحية سامح بإهتمام و سألته بتلهف : _ فين الورقة اللي ريان كتبهالي ؟! أخرج الورقة من جيبه وأعطاها إليها.. كانت الورقة مكتسية بدم ريان..لم تتمالك سهى نفسها وزادت دموعها... فتحتها بألم ثم قرأتها بعينين ملبدتين بغيوم دموعها المحتبسة : ( سهى لو كنتى بتقرأى الورقة دى دلوقتى يبقى أنا أكيد ربنا اختارني و من عليا بالشهادة.. إوعى تزعلى عليا.. عاوزك تفرحيلي.. إنتي عارفة ... إنتي بقيتي جزء منى.. أكتر من أخت و الله ، كنت بحميكي وبحواطك كأنك أختى و مسئولة مني.. وعلى فكرة سامح بيحبك قوى.. هو صحيح بيحاول يكرهك فيه.. ويبعدك عنه.. لأنه خايف يسيبك لوحدك بعد ما تتعلقى بيه.. إوعى تبعدى عنه يا سهى...وحبيه قوى... وقربى منه... وليا طلب عندك...لو ربنا رزقك بولاد سميهم ريان وتقى.. أنا عارف إنى هفضل عايش في قلبك.. هتوحشينى قوى.. وإضحكى دايما.. وخلى طلبة جاهز دايما.. وأشوفك في الجنة إن شاء الله ) إنتهت من قرائتها ودموعها لا تتوقف.. إحتضن سامح رأسها وقال مسرعا : _ إهدى يا حبيبتي.. وإدعيله بالرحمة.. ريان كان يستحق الجنة . إحتضنت الورقة وقالت وهي منهارة: _ وحشنى قوى يا سامح.. كتبلى إنى كنت جزء منه كان بيعتبرني اخته بجد... لو كنت أعرف ما كنتش سبته.... . قاطعها سامح قائلا بنبرة قاطعة : _ إستغفری ربنا یا سهی.. ده عمره..ربنا يرحمه. إزدردت ريقها ومسحت دموعها وقالت : _ أستغفر الله العظيم.. إنا لله وإنا إليه راجعون . تطلع إليها سامح بقوة وقال بنبرة حازمة : _ إنتي الوحيدة اللي تقدر تاخد بطار ریان . رفعت نفسها قليلا..وقالت بفضول : _ إزاى.. قولى أعمل إيه وأنا هعمله فورا.. لو قولتلى البس حزام ناسف وأفجر نفسي فيهم مش هتأخر . إحتضن كفيها بين كفيه وقال مسرعا : _ بعد الشر عنك.. إجمدى الأول وإرجعى طلبة تانى وأنا هعرفك تعملى إيه . أومأت برأسها و قالت بتأكيد : _ كل اللي هتقولي عليه هعمله مش هنام و لا هرتاح غير لما اجيب حقه بإيدي . _ وهو ده اللي انا عاوزه منك .. الحماس اللي مالي عنيكي ده . عادت لشرودها مرة أخرى و لكن هذه المرة قد خلعت عيناها رداء الحزن و الانكسار و ارتدت رداء القوة و الصلابة و الجلد و أصبح ما يحركها قوة مختزنة بداخلها و قد قررت ان تستغلها كي تستطيع في يوم من زيارة قبر ريان و أن تخبره بنفسها انها لم تترك حقه . في الصباح فتح جلال عينيه بوهن .. تطلع حوله بتعجب من تلك الغرفة الباردة و الممتلئة بالاجهزة الطبية .. إقتربت منه إحدى الممرضات وقالت بإبتسامة: _ حمد الله على السلامة.. هقول للدكتور ييجي يطمن عليك . خرجت الممرضة مسرعة وقفت أمام سعاد الجالسة تذرف دموعها بصمت ومازن وقالت بإبتسامة متسعة : _ الحاج صحى.. أنا هدى خبر للدكتور . وقف سعاد مسرعو و سألتها بفرحة : _ طب هو كويس يا بنتي ؟ كلمك، سأل عليا ؟ أجابتها الممرضة بتفهم : _ لسه بيفوق هروح بس اعرف الدكتور علشانن اطمنك اكتر و اخليكي تدخليله . تركتها و ابتعدت فإبتسمت سعاد براحة وقالت: _ الحمد لله .. الف حمد و شكر ليك يا رب . ثم تطلعت بطرف عينها ناحية مازن و عادت لجلستها مجددا .. إستند مازن بظهره علي الحائط و هو يهرب من نظراتها القاسية و حدتها معه و مع ذلك قد ارتاح قلبه الاطئنان علي والده .. عاين الطبيب جلال وخرج إليهم قائلا : _ الحمد لله يا جماعه الحاج جلال فاق وإطمنت عليه.. تقدروا تدخلوا تطمنوا عليه بس ما تتعبهوش في الكلام ..ووقت قليل.. حمد الله على سلامته . أسرع ياسين قائلا بإمتنان : _ متشكرين ليكم يا دكتور بجد مقصرتوش معاه . إبتسم الطبيب بود و قال : _ لا شكر علي واجب بعد اذنكم . دخلت سعاد ومازن لغرفة العناية.. وقفت أمام جلال وقالت بثبات تحسد عليه : _ خوفتني عليك يا حبيبي.. حمد الله على سلامتك . انحني مازن ناحيته و قبل راسه قائلا براحة : _ كده يا بطل تقع بالشكل ده ؟ فتح فمه وتحدث بصعوبه وقال: _ فريدة . أسرع مازن قائلا و هو يضع هاتفه بوجه والده : _ شوف يا بابا الفيديو.. فريدة بريئة يا بابا معملتش حاجة ده الكلب ده عمل كده غصب عنها . تطلع جلال للفيديو بتلهف .. ثم قال بهدوء : _ بنتى فين يا مازن ؟! إبتلع مازن ريقه بصعوبه وقال بإرتباك : _ هتجيلك يا بابا .. بس هي زعلانة مننا شوية . شرد جلال قليلا وقال بأنفاس متقطعة : _ عندها حق يا إبنى . قبلت سعاد كفه و قالت بهدوء : _ المهم دلوقتي انك بخير و بس .. و اي حاجة تانية هتتصلح مع الوقت . دلفت الممرضة قائلة بحزم : _ معلش يا جماعة كفاية كده .. اتفضلوا اخرجوا علشان يرتاح . ربتت سعاد علي كفه و قالت : _ انا واقفة قدام باب الاوضة و مش هسيبك غير لما تروح معايا البيت ايدي في ايدك . التفت جلال براسه ناحية مازن و قال : _ اتصل بأختك يا مازن .. كلم سهي و اتطمن عليها . أومأ مازن براسه و قال بإنصياع : _ حاضر يا حبيبي ارتاح انت بس و انا هكلمها . تركاه و خرجا و قد كست الراحة ملامحهما .. عبث مازن بشاشة هاتفه قليلا و انتظر رد سهي عليه .. تطلع سامح لشاشة هاتفها و قال : _ ده مازن اخوكي يا سهي .. ردى عليه بس بلاش تحسسيه انك تعبانة حرام ليقلقوا عليكي . أجابته بهدوء : _ حاضر ما تقلقش . إلتقطت الهاتف و اجابته بنبرة ثابتة : _ صباح الفل يا مزون اخباركم ايه ؟! إعتدل مازن في وقفته و قال براحة : _ صباح الورد يا حبيبتي احنا كلنا كويسين .. بس قولت اتطمن عليكي . قطبت سهي حاجبيها و قالت بتعجب : _ ايه اللي مصحيك بدرى كده ؟! انتم بتصحوا الضهر إيه يا واد بتحب و لا إيه ؟! لوهلة إرتسمت كريستينا أمام وجهه و كأنها تطالعه بلوم .. ابتسم بخفوت و اجابها : _ باين كده يا سهي . سألته بفضول متعجب : _ الموضوع شكله بجد احنا لازم نتكلم و تحكيلي كل حاجة بالتفصيل اتفقنا . اجابها قائلا : _ اكيد يا سو .. خلي بالك من نفسك و متقلقش علينا .. ترجعي بالسلامة يا رب . كان ياسين في قمة سعادته.. فكما يقولون مصائب قوم عند قوم فوائد.. فلقد غفت ليلى قليلا و انزلقت رأسها و إستقرت على كتفه.. ظل مستيقظا طوال الليل.. مستمتعا بقربها منه لهذه الدرجة متخليا عن تركيزه لنظرات الجميع من حولهما .. تحرك قليلا فإستيقظت ليلى بفزع و هي تهزى : _ إيه ده..مين... فين... ليه .. إمتى ؟! رد مسرعا و هو يرفع كفيه بوجهها لتهدئتها : _ إهدى يا ليلى إنتى فقدتى الذاكرة يا بنتى ولا أنا فتحت النيل التعليمية وده درس عربي لتانية إبتدائي. مررت أصابعها في شعراتها وقالت بتثاؤب : _ صباح الخير. إبتسم وقال بمداعبة : _ أحلى صباح في الدنيا.. وحشتنى عنيكي الشوية اللي نمتى فيهم في حضنى. اتسعت عيني ليلي و ضربته في صدره و هي تهتف بغضب: _ نهارك إسود.. استغليت نومی وحضنتني يا ياسين؟! فقال ساخرا و هو يتصدى لضرباتها : _ سودتى النهار ليه.. وباعدين إنتى اللى نمتى في حضنى.. هتلبسيها فيا علشان تقوليلي صلح غلطتك. ضحكت بصوت عالى.. فاقترب منها ياسين وقال وهو يلتهمها بعينيه: _ في كده.. بحببببببببك.. والله العظيم بحبك قوى. تزينت وجنتاها بحمرة الخجل ووقفت بسرعة وقالت بتوتر: _ هي.. الدكتور جه ولا.. أنا هدخل لفريدة. تركته ودلفت لغرفة فريدة بسرعة.. إبتسم ياسين وقال: _ يا رب تبقى ليا.. بحبها قوى. اقتربت ليلي من فريدة و بعدما لاحظت استيقاظها قالت بهدوء: _ إنتى صحيتى يا فريدة.. بقيتي كويسة يا قلبي. أومأت فريدة برأسها و هي تتطلع بسقف الغرفة في سكون .. فأردفت ليلي قائلة: _ أنا هقول للدكتور علشان يطمنى عليكي. وخرجت ليلى وإتجهت لغرفةالطبيب .. وقفت أمامه وقالت: _ لو سمحت يا دكتور فريدة صحيت. رفع رأسه ناحيتها و ما ان رآها فإبتسم إليها وقال بمداعبة : _ يا صباح الورد. حدجته بشك من نظراته الوقحة وقالت بعبوس : _ ممكن تیجى معايا تطمن عليها لو سمحت. تنهد مطولا وقال: _ ده أنا أجي معاکی لجهنم ثوانی بس. وفجأة.. إنقض ياسين عليه وقال وهو يلكمه بقبضته: _ ده جهنم اللى تيجي لغاية عندك يا دكتور الهم انت. تألم الطبيب وقال و هو يدافع عن نفسه : _ إنت إتجننت بتعتدى عليا أثناء تأدية عملي؟! قطب ياسين جبينه وقال بشراسة مقربا وجهه من وجهه : _ ده أنا مش طايقك من إمبارح.. إنت إيه بالظبط.. بتعاكسها عيني عينك يا بجح اثناء عملك. إجتذبته ليلى وقالت بغضب: _ سيبه يا ياسين.. ده حيوان اصلا .. يالا بينا نشوف دکتور تانی. دفعه ياسين من صدره فسقط جالسا علي كرسيه و هو يصيح بحدة: _ انا هوريك يا همجي و هطلب البوليس علشان يرميك برة المستشفي. مال ياسين بجذعه علي مكتبه فعاد الطبيب بظهره للخلف من خوفه ليقول ياسين بهدوء: _ بلغ و نروح سوا و هناك هخليك تخرج تتكسف تحط عينك في عين واحدة ست و اولهم امك و مراتك.. جرب بس تعمل حاجة و استلقا وعدك. ثم اعتدل فى وقفته و هو يطالعه بنظرات تحدى.. كانت ليلي واقفة تطالعه بإعجاب من قوته و سيطرته و ما اسعدها اكثر هو شعور الامان و الدفء و التي تفتقدهما بحياتها... جذبها ياسين من ذراعها و تركوه وخرجوا.. فدخلت ليلى في نوبة ضحك.. حدجها ياسين بغضب وقال: _ إضحكى يا أختى.. ما هو أنا لو أطول هحبسك محدش يشوفك غيرى. بسمة ماكرة إرتسمت على زوايا فمها وقالت: _ إيه ده.. ليه إحنا في عصر سي السيد و لا ايه؟! مال عليها قائلا وهو يذوب داخل بحر عينيها الزرقاء: _ يا ريت.. نفسي أبقى سى السيد وأتجوزك يا مز إنت. إبتسمت بغرور وتركته وإبتعدت..فقال و هو يتابع انصرافها بتعجب: _ استنى يا ليلى.. أنا جای معاکی. لم تترك رسالة ريان من يدها.. قرأتها عشرات المرات.. تخيلته أمامها أكثر من مرة.. بإبتسامته العذبة و هدوءه الرزين و صرامته القوية و اهتمامه بها .. أغلقت الخطاب و قربته من قلبها و أعادته تحت وسادتها مجددا.. دخل عليها ماجد بإبتسامة هادئة.. وجلس قبالتها وقال: _ صباح الخير يا سهي عاملة ايه؟! ردت سهى وعيونها قد إنطفأت شعلتها وقالت بهدوء : _ صباح النور.. أخبارك إيه يا ماجد دلوقتي؟! نكس ماجد رأسه وتنهد مطولا وقال بألم: _ مش عارف أوقات بحس إنه من كتر ما شوفنا دم وجثث خلاص قلبي هيجمد وهيبقى عادى.. بس مع كل واحد بيستشهد مننا بتألم أكتر. فسألته سؤال مباغت لم يكن يتوقعه: _ جبتوهم يا ماجد.. خدتوا حق ريان واللي زيه. أومأ برأسه وقال بعينين متسعتين بقوة : _ أيوة.. صفيناهم لآخر واحد .. كانوا بيجهزوا لعمليات كتير.. ومعاهم أسلحة ومتفجرات.. وأحزمة ناسفة جاهزة على التفجير. تنهدت بألم وقالت بوجه شاحب : _ طب ريان مات إزاى يا ماجد. عقد ماجد ذراعيه أمام صدره وقال بضيق: _ في الأول راقبنا العشة كويس.. وهجمنا بهدوء.. ولما بدأ الإشتباك.. واحد من الكلاب حب يفجر نفسه ويموتنا كلنا معاه.. بس ريان حضنه.. وشاله وجرى بيه أبعد مسافة لغاية ما الحزام. _ كفاية يا ماجد خلاص. قالها سامح من ورائه .. ثم جثى أمام سهى وقال: _ صحيتي إمتى؟! ردت بوهن.. وهي متعلقة بعينيه: _ من دقايق.. ليه ما صحتنيش بدری علشان كده هتأخر على الطابور. ربت على كفها بحنان وقال: _ لما تبقى كويسة هترجعي الطابور تانى ورانا لسه شغل كتير. جاهدت دمعات تعاند للظهور في مقلتيها.. وقالت: _ مش عارفة هقدر أقف في الطابور إزاى من غيره.. ولا هروح الميس إزاى وأقعد مع مين.. الدنيا من غيره هنا هتبقى وحشة قوى. زم سامح شفتيه متصنعا الحزن وقال بضيق : _ كده يا سهی.. طب زعلت منك. رد ماجد مازحا: _ وأنا كمان زعلت.. ده إنت يا واد يا طلبة يا قمر إنت في عنيا من جوة. وخزه سامح في ذراعه.. فقال ماجد متألما: _ آآآه.. خف إيدك يا هندسة... بنهزر. طالعه سامح بنظرة تحذيرية و قال: _ لا ما تهزرش.. وإتفضل إطلع بره شوف اللى وراك.. عاوز أقعد معاها لوحدى شوية. مال ماجد على أذن سامح وقال مازحا: _ على فكرة يا سيادة الرائد إحنا هنا في معسكر تدريب..مش كافيه للحبيبة. رمقه سامح بنظرة نارية.. فإبتلع ماجد ريقه وقال بخوف : _ إحم.. عارف أنا البصة دى.. طب براحتكوا بقا.. وأنا هبعتلكوا إتنين لمون. تركهم وخرج مسرعا هاربا من بطش سامح.. فجلس سامح مكانه وقال: _ هتفضلى في العيادة كتير.. عاوزك تخرجي بقا. همت جالسة وقالت بإصرار : _ أنا عاوزة أخرج دلوقتي.. محتاجة أخد شاور علشان أصلى وأبدأ شغل شوية في أمور بدأت توضح ليا أكثر من الأول وعاوزة أتأكد. عقد سامح حاجبيه وقال بتعجب : _ قصدك إيه ؟! ردت وهي تعتدل في جلستها.. وأزاحت الغطاء من عليها: _ هتعرف كل حاجة في وقتها.. بس ساعدني أرجع أوضتى تانى. إبتسم سامح وقال بمزاح ساخر : _ الله ده إنتى إتعودتي إني أشيلك بقا وهتتلككی. ردت سهى بصرامة: _ أنا دلوقتى طلبة مش سهى.. والجندي المقاتل محدش بيشتاله يا هندسة. ضحك وقال براحة : _ حمد الله على السلامة.. أيوة كده طلبة وحشنى قوى. قالها بنبرة صوته الناعمة والتي لم تعتاد عليها سهی منه ..فقالت بعدما زادت دقات قلبها: _ خليك فاكر إنه إنت اللي عاوزه.. ما ترجعش تندم بقا. تعلقت أنظاره بها وقال هامسا: _ عمرى ما هندم على أي حاجة ليها علاقة بيكي ابدا في حياتي. طأطأت سهى رأسها بخجل.. فابتسم سامح وقال بتعجب : _ إيه ده انت بتتكسف زي البنات يا طلبة؟! وقفت مسرعة رغم وهن جسدها وقالت: _ مش هرد عليك.. بس ليك روقة أنا هرجع أوضتي بعد اذنك يا فندم . و تركته و هي تتحامل علي نفسها و سارت حتي غرفتها تتحاشي النظر حولها و كأنها ترفض البحث عنه كما ترفض دمعاتها و قد قررت استغلال طاقتها المتبقية في الثأر له .. ريان . خرج الطبيب من غرفة فريدة.. إقترب منه أدهم وياسين وليلى مسرعين .. وقف أمامهم وقال بعملية : _ حالتها إستقرت بس مش هتخرج من هنا غير بعد يومين. ثم التفت لينصرف و كأنه تذكر شىء فعاد قائلا : _ على فكرة شوية وفي ظابط هاييجي ياخد أقوالها و اقوالكم كلكم . فسأله أدهم بقلق متغاضي عن ما قاله اخيرا : _ طب وهي عاملة إيه دلوقتى يا دكتور بتتألم من حاجة . إستقام الطبيب في وقفته وعدل من رابطة عنقه وقال بإندهاش متحير : _ لأ بالعكس .. هي غريبة فعلا دى مطلبتش أى مسكن.. والأغرب إنها رافضة تتكلم.. وبتعمل نفسها نايمة.. واضح ان الموضوع ده ماثر على نفسيتها جدا . تركهم الطبيب وإبتعد.. دلف أدهم غرفتها متألما من كثرة الضمادات التي غطتها .. وإختفاء ملامح وجهها التي يعشقها.. إقترب منها وجلس بجوارها على الفراش وقف ياسين وليلى بالخارج يتابعون ما يحدث فكر ياسين قليلا ثم قال لليلى: _ أكيد جعانة صح.. إيه رأيك نفطر في أي مكان ؟! ردت ليلى مسرعة و هي تشير علي هيأتها بإشمئزاز : _ أنا عاوزة أروح الأول البيت أخد شاور وأصلى.. و أطمن ماما عليا وباعدين نبقا نفطر سوا . تطلع ياسين ايضا لهيئته وقال مؤكدا: _ عندك حق.. أنا كمان محتاج أخد دش يفوقنى شوية.. وهاجي أخدك ونفطر سوا.. يالا بينا . أومأت برأسها و خرجت معه ... دلفت إحدى الممرضات لغرفة فريدة.. غيرت لها السيروم.. وتطلعت لأدهم وقالت بمكر : _ إنت أدهم صح ؟! تعجب منها أدهم و قطب حاجبيه و هو يسألها : _ حضرتك تعرفيني ؟ قالت الممرضة وهي تضع الأدوية بالسيروم المعلق : _ لأ بس الآنسة كانت طول الوقت بتنده بإسمك وهي مغمى عليها . تهللت أسارير أدهم وسألها قائلا بفرحة : _ كانت بتقول إيه ؟! ابتسمت الممرضة بسخرية و قالت و هي تتطالعه بترقب : _ كانت بتقول إنها مش هتسامحك... إنت اللي عملت فيها كده صح ؟! تهدلت ملامح وجهه بحزن وعاد بعينيه صوب فريدة وظل صامتا لم يجيبها .. خرجت الممرضة فخرج عن صمته قائلا: _ إنتى أكيد سمعاني يا ديدة.. بس الأهم تكونى حساني.. أنا حسيت إنى إندبحت كنت زى المجنون.. الغيرة عمتني.. مش عارف إزاى صدقت الصورة.. بس لو كنتی مکانی کنتى هتحسي نفس شعوری. لم تتحرك منها عضلة واحدة و لم تهتز حدقتيها و كأنها لا تشعر به حقا فتابع قائلا برجاء : _ طب ردي عليا او إشتميني.. إضربيني حتي بس ما تسكتيش.. طب يا رب إيدى ورجلي كانوا إنقطعوا قبل ما يتمدوا علیکی.. سامحيني يا فريدة أرجوكي . لم تتحرك.. ولكنها كانت منصتة لكل حرف.. وكم تمنت لو ردت عليه أو صفعته أو لكمته.. كي تطفئ نيران كرامتها المشتعلة و جسدها المنتهك ... سحب نفسا طويلا و قال بإصرار : _ انا مش هيأس و هفضل وراكي لغاية ما تسامحيني و ترضي عني لانه مهما زعلنا من بعض حبنا اقوى من اي حاجة و انا واثق في قلبك حتي لو مش واثق في عقلك . انتبه علي طرقات علي باب الغرفة فإلتفت برأسه ناحية الباب وجد الممرضة تقول له ببرود و بعض من نظرات التشفي : _ حضرة الظابط عاوز حضرتك برة . أومأ برأسه و عاد بعينيه لفريدة طالعها قليلا ثم تركها و ابتعد يسير ببطء شديد .. حركت مقلتيها ناحيته تشاهد انصرافه بقلق بعدما وصل لمسامعها امر التحقيق معه ... خرجت ليلي من مرحاضها تلف رأسها بالمنشفة و تحاول تجفيف شعراتها بسرعة .. اقتربت منها والدتها و سألتها بترفق : _ يعني فريدة دلوقتي خلاص حالتها مستقرة يا ليلي . ازاحت ليلي المنشفة عن شعراتها و نثرتهم قائلة بحزن : _ ايوة .. بس مافيهاش حتة سليمة يا ماما وشها مالوش معالم غير باقي جسمها . مصمصت والدتها شفتيها و قالت : _ منها لله قريبتها دي لازم يسجنوها علي اللي عملته ده و الله . بدأت ليلي في تجفيف شعراتها بمجفف الشعر و قالت بهدوء : _ يعملوا اللي يعملوه المهم فريدة ترجع كويسة . طالعتها والدتها بتعجب و قالت : _ انتي هتنزلي تاني يا بنتي ؟! أسرعت ليلي قائلة : _ ايوة يا ماما ما ينفعش اسيبها لواحدها انتي عارفة سهي مسافرة و طنط سعاد قاعدة مع عمو جلال ربنا يطمنهم عليه . وقفت والدتها و ملست علي ذراعها و قالت بتفهم : _ تمام يا حبيبتي فريدة من غير اسباب ما تتسابش في شدتها .. اننا عمرى ما عاملتها انها صاحبتك و لا عيلتها انهم اغراب انا مش هنسي وقفتها جنبك لما باباكي سابنا و مات و اللي عملته علشانك هي و عيلتها كلها . فتحت ليلي خزانتها و قالت بتأكيد : _ لو البيت ده لسه مفتوح و انتي متبهدلتيش عليا فا ده بسببهم و لغاية دلوقتي يا ماما .. انا هلبس و هنزل علشان ياسين هاييجي ياخدني . أومأت والدتها برأسها و قالت : _ تمام انا لولا انه اصغر منك عمرى ما كنت هسمح انك كل شوية رايحة جاية معاه كده . توقفت ليلي و كلمات والدتها تركت آثرها علي نفسها بشكل مؤلم .. الجميع سيرى علاقتهم بهذا الشكل انه يصغرها بالعمر و فقط .. هزت رأسها و أكملت ما كانت تفعله و هي ككل مرة تؤجل التفكير في موضوعهما لما بعد .. بعد ساعتين وقف ياسين أمام سيارته في إنتظار قدوم ليلي.. إنتظر طويلا حتى نفذ صبره... رآها مقتربة منه... لم يتمالك نفسه وجذبها من ذراعها بغضب ودلف بها لمدخل البناية وصاح بها قائلا بغضب : _ إنتي قاصدة تضايقيني صح ؟ جذبت يدها منه متألمة وقالت بتعجب : _ مالك يا ياسين ؟! وسیب دراعي وجعتنى . حرك سبابته عليها هبوطا وصعودا.. وقال بعبوس : _ إيه اللي إنتي مهبباه ده..! إطلعي غيرى هدومك دى ولو لبستی کده تانی قسما بالله ما هرحمك . زفرت بضيق وقالت وهى تتطلع لملابسها: _ ماله لبسى ده أنا حتى لابسه جاكيت طويل أهه.. وباعدين إنت مالك اصلا ؟ رد عليها ياسين ساخرا: _ يا سلام.. ما الجاكيت طويل واللى تحته ده كش في الغسيل مثلا.. ومين اللي قطع البنطلون ده.. إطلعى يالا غيرى البادي والبنطلون دول وثواني وتبقى قدامي.. إنتي فاهمة . تطلعت ليلى لهيأته و هي تعقد ذراعيها امام صدرها .. فقد كان يرتدى أيضا بنطالا ممزقا وتي شيرت إسود وفوقه سترة رسمية رمادية .. للحظة هامت في هيئته الجذابة.. ثم قالت بتهكم: _ ما إنت لابس بنطلون مقطع زيي.. ولا سماح ليك وحرام عليا . صاح بها قائلا وعيونه تشع نارا: _ كلمتى تتسمع على طول إنتي فاهمة و لا لأ ؟ للحظة هابته..فضربت الارضية بقدمها وصعدت لشقتها.. طالعتها والدتها بتعجب و قالت : _ رجعتي ليه يا ليلي نسيتي حاجة . خلعت ليلي سترتا و قالت بهزيان و لكن بصوت عالي بعض الشىء : _ الاستاذ مش عاجبه لبسي هو انا من بقيت عيلته . ابتسمت والدتها و قالت بسعادة : _ راجل يا اختي و قدر عليكي مش انا اللي بقالي سنين لساني داب فيهم علشان تتحجبي زى البني آدمين الطبيعيين . رفعت ليلي عينيها بملل و قالت : _ نقصاكي انا يا ماما . اتسعت ابتسامة والدتها و عادت لعملها قائلة : _ خالتك كلمتني و جاية قريب ما قالتش امتي بس حبت تعرفنا . اتسعت عيني ليلي بفرحة و قالت : _ بجد ؟! دى وحشاني جدا و الله .. لما هرجع فهميني كل حاجة اتفقنا . أبدلت ملابسها.. ونزلت وقفت أمام ياسين وقالت بحنق: _ كده كويس ؟! إبتسم ياسين وقال براحة : _ ده كده زى الفل.. إركبي يالا . صعدت السيارة وهي غاضبة و عابسة بعينيها من تحكمه الزائد بها و الاكثر استفزازا انصياعها له .. فلقد فعل مالم يفعله أحد.. إقتحم حصونها وأصبح الأمر الناهي لها.. طوال الطريق لم تتحدث معه فخرج عن صمته قائلا بضيق: _ هتفضلی ساكته كده كتير ؟! ردت ليلى عليه بجمود وقالت: _ خليك في حالك لو سمحت . إبتسم بمكر على حالتها وقال بتعقل : _ طب تحبى تفطرى فين؟ عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بملل: _ ماليش نفس.. وديني على المستشفى على طول . جلسوا صامتين كلا منهم يتطلع أمامه كأنهم إشارات متنافرة.. حتي صف ياسين السيارة بجانب الطريق.. وتطلع إليها مطولا.. متأملا عيونها الزرقاء الساحرة.. والتي تشع نارا من غضبها فزادتها جاذبية.. وشعرائها البنية الذهبية والتي تهفو كلما إنطلق بالسيارة مخلفة ورائها نسائم الياسمين .. ووجهها الفاتن المحتقن .. تمالك نفسه و ما يدور بعقله و قال بتعجب : _ كل الزعل ده علشان خفت عليكي.. مش بطيق ألاقي حد بيبص عليكي أعمل إيه طيب ؟! رفعت ليلى رأسها وأطلقت صوبه نظرات نارية وقالت: _ أنا ما بحبش حد يتحكم فيا بالشكل ده .. وبعد كده خليك في نفسك وبس. هتف قائلا بضيق ومحذرا وهو يضغط على شفتيه: _ ده بعينك.. قولتهالك قبل كده وهقولهالك تانى .. إنتى بتاعتى وبما إن إنت مالك كترت اليومين دول. يبقى الأمور في البيت تهدا وأطمن على عمى وفريدة وهكلم بابا في موضوعنا . إتسعت عيناها وقالت بفزع : _ لا إوعى تعمل كده.. إنت فاهم ؟ اسرع قائلا ببديهية : _ لا مش فاهم هو انتي فكراني بهزر و لا بلعب بيكي .. بقولك بححبك و مش هتجوز غيرك و دلوقتي او باعدين هفاتح اهلي طبعا . أغمضت عيناها و سحبت نفسا طويلا و فتحتهما قائلة بنفاذ صبر : _ تفاتحهم في ايه انت اتجننت يا ياسين ؟! إرتدى نظارته الشمسية.. وإنطلق بالسيارة قائلا: _ لا عقلت.. وعلشان أثبتلك إنى بحبك بجد ومش هسيبك مهما عملتي . بعد قليل وقف أمام مطعم فول وفلافل... تطلعت ليلى للمطعم وقالت بتعجب : _ ياي.. إنت هنقطرني فول يا ياسين . إلتفت ناحيتها ..وتطلع إليها بتمعن وقال: _ ماله الفول وحش ؟! ده حتى كله بروطين . ضحكت ضحكة عالية وقالت : _ بروطين..ميرسي أنا قفلت خلاص ..مش عاوزة أفطر . سألها مداعبا: _ طب عاوزة تفطرى فين ؟ فكرت قليلا وهي تنقر بإصبعها على وجنتها.. ثم قالت بجدية: _ ودينا مثلا لمسمط نضرب كبده ومخ ولحمة راس . ضحك هو الأخر وقال بغمزة من عينه : _ عندك حق وأنا أضرب طلب کوارع وعكاوى.. وأهه ينفعنا باعدين . حدجته بغضب وقالت: _ إنت قليل الأدب وأنا هنزل وهسيبك . حاولت فتح الباب.. ولكنه كان اسرع منها وأوصده.. زفرت بضيق وقالت: _ إفتح الزفت ده . لم يرد عليها وإنطلق بالسيارة... ثم وقف أمام أحد المطاعم الفاخرة وقال بصرامة : _ إنزلى يالا..جوعت . لم تتحرك.. فترجل من السيارة و لف حولها حتي وقف امامها وفتح بابها وقال: _ إنزلي بقا بلاش رخامة تعبتي امي معاكي من الصبح . لم تعره إهتمام وأشاحت بوجهها بعيدا عنه .. فإقترب منها و قال بصوت خفيض و بنبرة متحدية : _ لو مانزلتيش دلوقتی بمزاجك .. هشتالك وهدخلك المطعم متشالة و جربي تتحديني . لم تعره إهتمام مجددا ..فهز كتفيه بإستسلام وقال : _ إستعنا عالشقى بالله . وإقترب منها فابتسمت رغما عنها وقالت : _ خلاص إيه ما صدقت . قال وهو مائلا ناحيتها اكثر متفرسا في عينيها ساحرته: _ الصراحة ده حلم عمري.. هتتزلى ولا أحقق حلمي . ترجلت من السيارة.. ودلفت معه داخل المطعم.. جلسا على إحدى الطاولات وتناولا فطورهما ليقول ياسين مازحا و هو يتابع تناولها النهم لطبقها : _ نفسك مفتوحة يعني.. كل ده أكل ؟! ردت ليلي بصوت طفولي: _ إنت هتبصلى في اللقمة..عموما أنا اللي هحاسب . عقد ياسين حاجبيه وقال بعبوس: _ ليه يا أختى قاعده مع سوسن . إنتهت ليلى من تناول إفطارها.. ورشفت من كأس العصير أمامها.. وتركته.. حمله ياسين ورشف منه هو الآخر.. فتنحنحت بخجل وقالت: _ إحم... إيه اللي انت عملته ده ؟! تعلقت أنظاره بها.. وقال بثقة: _ عادى يعني بشرب مكانك علشان أجرى وراكي . إبتسمت بخجل.. فجلس بالمقعد المجاور لها وقال هامسا: _ حسى بيا بقا حرام علیکی.. طب طمنيني قلبك بدأ يدق ولا البعيدة مش بتحس ولا سستمك إيه بالظبط ؟! رفعت حاجبها بضيق ثم إقتربت منه وتطلعت داخل عيونه وقالت: _ تصدق بالله أنا غلطانة إنى قاعدة معاك . تركته وهمت واقفة.. وخرجت مسرعة.. فتح الشيك بسرعة ووضع مبلغ مالى بداخله.. وركض ورائها.. و لم يدركها .. صعدت ليلي احدى سيارات الاجرة التي انطلقت بها مسرعة.. بينما وقف ياسين يطالع السيارة بغضب وقال: _ ماشى يا ليلى.. والله لهجيبك لغاية عندى تقولى إنك بتحبيني يا أنا يا إنتي .