لِمَ لا يهتم أحدٌ بها؟! قبيل المغرب صعدت إلى السطح، تأبى أن تضع الزاد في فمها حتى تطمئن على نتيجتها التي ستكون عليها حياتها أو موتها على يد أمها، وظلت تنتظر بقلق كاد يفلق قلبها، حتى دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فأسرعت بفتح الموقع وتدوين بياناتها، وراقبت بعينين هلعتين درجاتها بقلبٍ بات نبضه ضعيفًا، كانت درجاتها أقل من النصف، ومخفقة في إحدى المواد، فهالها ذلك، وتذكرت قول أمها، وكانت مستعدة للرحيل من هذه الحياة، ومن الذل التي كانت ستلقاه ما إنْ يعلم الجميع بدرجاتها، فآثرت الرحيل على كل شيء.. الوداع لهذه الحياة التي لم تُسْقِهَا إلا القسوة.. وقد صبت عليها العذاب صبًّا.. وفي تشييع جثمانها، سارت أمها بقلبٍ ينوء بالعذاب، وتعذيب الضمير، تصرخ بكبدٍ منفلق، ويسيرُ أبوها منحني الظهر كأنَّ فراقَ ابنته قد قضى على عمره، وتناهت إليه همسات الناس التي لم تقدر أحزانهم ما بين متسائل عن موتها ومُلقي إشاعات.. لماذا لا يؤدون واجب العزاء ويغادرون في صمت هادئ؟! لماذا يتدخلون في حياة من حولهم؟! فحياتهم أهم! لماذا لا يكفون عن إلقاء سموم كلماتهم على أسماعنا؟! أم هم ذو قلوب قاسية متحجرة؟! لا تسمع، ولا ترى، ولا تشعر إلا بما تريد؟ "لعلها فعلت الفاحشة مع أحدهم فقتلت نفسها" "يا إلهي، هل البنت كانت حاملًا من أحدهم لذا انتحرت؟" ترددت الأقاويل والهمسات على مسامع العائلة، لكنَّ أيًّا منهم لم ينبس، كان الفراق يهيمن على قلوبهم. فما أعزُ من فراق حبيب، كان آنفًا معنا، نرتوي من صوته، ونشبع من ملامحه، وها هو يصبح فجأة ذكرى تتأجج في الأفئدة؟. ذكرى ترثيها قلوب محبيها.. والروح عنه شوقًا تسئلُ.. والغياب قاتل لا ترثيه إلا الذكرى. تمت بحمد الله