Cairo , Egypt +01508281514 darr@elsayad121216.com

الفصل الثانى والأخير

عند هذه النقطة انتفضت "هالة" من سريرها تنهج بصوت عالٍ وهي تحدث نفسها بحتمية جنونها، تحثها على عدم الاستمرار بحب وهم ورؤية سراب، فتمر الأيام وتنزوي مع نفسها أكثر حتى مر على جرح كرامتها أربعة أشهر، لم تنسى كرهها بل تجدده دومًا وتذكر نفسها "لا أمان للرجال" فدار قلبها مازالت حائرة، خطت على إحدى صفحات مذكرتها "الدار في خطر!" ابصرت اتصالاً من رقم غير مسجل لترد فتجدها صديقة من الجامعة، مع وجود سحابة الحزن فوق رأسها إلا أنها شعرت بالسعادة تغمر أوصالها لسماع صوت "مُنى" تلك الصديقة الطيبة المعينة على كل خير، اطمأنوا على أحوال بعضهما وتبادلوا أطراف الحديث عن اقتراب الدراسة فرحين بكونها آخر سنة تعليمية لهم، بعد دقائق عرضت "مُنى" على رفيقتها طلب أخيها بالتقدم لها، وأكملت ما عزمت عليه؛ لعلمها بشتات الأخرى -فيما يخص الزواج- منذ أن تعرفت عليها، حدثتها بإعجاب أخيها "عمر" منذ مدة تتخطى السنة وبكونه شخصاً طيباً وملتزمًا، على الأقل تعطيه فرصة وترى إن كان مناسبًا أم لا، صمتت "هالة" طويلًا فسألتها صديقتها عن رد مبدئي، جائها جواب صادم ألا وهو الرفض، لم تيأس مُنى بل عرضت الأمر خمس مرات وفي كل مرة تأتيها الإجابة بالرفض التام، وعند تملك اليأس منها أخبرت أخيها، لكنه أصر على التقدم والتكلم مع أبيها لإقناعها، بالفعل نفذ ما عزم عليه. أمهلت نفسها وقتًا كافيًا للاستخارة والتفكير، تحدثت مع أمها عما يؤرق مضجعها ويقلقها ويشغل بالها علها تهدأ وتعيد ترتيب أفكارها من جديد، عند استذكار مواصفات فتى أحلامها وجدته عمر! أجل هو يختلف عن خطيبها السابق، وفي رحلة تذَكُرِها جاء ببالها مشهد زاد من تعلقها بعمر، فكان يتكلم مع اخته عن الأبراج وذَكَر اسم البرج الذي ينتمي إليه، سمعت صوت منى وهي تحدثه بحرمانية ذلك الأمر، وقتها أجزمت أنه سيكابر حتى لا يُظهر عدم معرفته، لكنه دعا لإخته بصلاح الحال فرحًا بحديثها، ابتسمت وخفق قلبها لاكتشافها تلك الصفة ألا وهي تقبل النصح بصدر رحب، والرجوع عن الخطأ. بعد تذكرها لهذا الموقف توضأت لتصلي وتستخير مرة أخرى، وبعدما أنهت صلاتها ابتسمت متجهة لأبيها تخبره بالموافقة. بدأت بالتجهيزات للخطبة مع أمها ومُنى وبنات العائلة، كانت هذه المرة سعيدة حقًا والضحكات تملأ قلبها قبل فمها، مبتسمة طيلة أيام التجهيز، دار بينها وبين عمر حوار كان في قرارة نفسها هو الفاصل هل تقبل به أم لا، حينها أخبرته بعدم مصافحتها للرجال وبكونها لا ترغب بوجود الموسيقى بحفل خطبتها وستلتزم بضوابط الخِطبة، ترقبت الرفض.. فسَّرها القبول والترحيب بحديثها، فمر يوم خطبتها بسلام وبساطة كما أحبت دومًا. وكان الاتفاق بجعل عقد القَرآن بعدها بثلاثة أشهر فقط، مرت في ذلك الوقت بمواقف كثيرة اتضحت بها شخصية عمر، لكنها شخصية متباينة عن كل الرجال، هين لين في طباعه وتعامله مع أهل بيته، حاد وذو حدود مع أي أنثى أخرى، الآن تستطيع القول بأنها أحبته حقًا ولا ترى سوى خصاله الحميدة فحتى عيوبه بالنسبة لها جميلة. اعترف لها بحبه مظهرًا وجهه أخيرًا بوضوح، وحذرها ألا تقع بالفخ القادم، استيقظت غير مصدقة بأن عمر خطيبها هو ذلك الشخص في أحلامها، اليوم ولأول مرة رأت وجهه ووجدته عمر! ثوان حتى ضمت حاجبيها مندهشة من تحذيره بوجود فخ! لكن ما يهمها الآن أنه لم يعد سراب وأن حبيبها وفتى أحلامها هنا على أرض الحياة والواقع. قبل عقد قرانهم بشهر بدأ توترها يعلوا خشية من تلك التجربة وبدأ عقلها الهامها باقتراب السوء، تحسنت تمامّا بعدما رأت هدية "عمرها" التي ابتاعها خصيصًا لها؛ لعلمه بتوترها الشديد، انفرجت أساريرها بعد امسكها ذلك البرواز الكبير الذي يحمل صورة لهم وقت الخِطبة، فهي جميلة ساحرة بفستانها الوردي ذو الفراشات الصغيرة بنفس لونه مع خِمارها باللون البنفسجي، وطبقات الفستان الخفيفة الناعمة والمناسبة لجسدها الرقيق المتناسق مع طولها، ملامحها الجميلة والمريحة وابتسامتها الصافية مع إضافة بعض الزينة التي زادتها بهاءًا وإيضاحًا لتفصيلها، أما هو صاحب أروع عيون على الإطلاق كما تصفه دائمًا، يقف شامخًا ببذلته التي جعلته في قمة تأنقه ووسامته بجسده الرياضي، ينظر لها بحب وتنظر هي للخاتم بيدها، ظلت تتأمل تلك الصورة حتى وقعت بغرامها وغرام "عمرها" أكثر وأكثر، وجدت علبة أخرى بها حلوى وجواب يخبرها فيه أن تنتظر ليوم عقد القران. أيام حتى ظهرت العقبة التي كانت تنتظرها هالة، بالطبع لن تمنحها الحياة سعادة دائمة، جائتها فتاة تدَّعي بأنها رفيقة عمر وأخبرتها بكونه زير نساء كما يقال ونصحتها بتركه فورًا! حينها تذكرت حلمها الأخير وتحذير حبيبها بالفخ، أيقصد أنه هو الفخ؟ أم أن هذه هي الفخ؟ تشوش عقلها وزاد اضطرابها ليزداد الأمر سواء مع رُهابها، تتلاحق ضربات قلبها بسرعة فتقف فجأة لينقطع النور عن بصرها حتى تسقط مغشيًا عليها، ركضت تلك الفتاة تخبر من بالمنزل عن إغماء هالة وتفر هاربة بعدما انشغل الجميع بتلك الواقعة أمامهم. يزيد من سرعة سيارته ليرى ما حدث "لهالته" وبعد وصوله أخبروه برغبتها في الانفراد بنفسها قليلًا، فظن أن هناك مشكلة تخصه فحاول إقناعهم بضرورة رؤيتها حتى خرجت له شاحبة الوجه زائغة النظرات، جلسوا وانفض المكان من حولهم مع احتفاظ الأب برؤيتهم من مسافة بعيدة إلى حد ما، بدأ بالاطمئنان عليها وجاهدت بالرد عليه حتى فاجأته بسؤالها عن علاقته بتلك الفتاة، وجائها الرد بما لم تتخيله، فتلك الصبية لم تتعدى السابعة عشر بعد وترسل له دائمًا وتحدثه عن مدى حبها وهيامها به، فيصدها بكل الطرق حتى أنه قام بحظرها من كل تطبيقات التواصل الاجتماعي، وبعد ذلك الفعل المتهور من هذه الطائشة سيتضطر إخبار أمها بما فعلته أبنتها فتلك الصغيرة ابنة جارتهم، لم تتخيل هالة بإمكانية صدور ذلك التصرف من فتاة بهذا العمر وللحق فمظهرها خداع ويعطيها أضعاف عمرها. تمت الجملة الختامية بعقد القَران "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير" وجدته يُقْبِل عليّ منفردًا بي، ماددًا يده مصافحًا وهو يحدثني: كنتِ هالة أخاف الاقتراب منها، فكان هذا أكبر دافع للتمسك بكِ، والإصرار عليكِ دون مَن حولك مِن النساء.. تبسمت بسمة اختطفت لها فؤاده وخفق بشدة وهو يسمعها مسترسلًا بحديثه الناعم الرقيق كرقة حبه: لم أتوقع نزول فؤادي حتى قدماي عند رؤية امرأة، لم أظن به سماع خفقاته لتلك الدرجة، أنا أصبحت عاشق. باغتني بعد كلماته موقعًا بي داخل أحضانه، مشددًا بيديه محاصرًا لخصري بإحكام، دافنًا وجهه بين شعري المنسدل على كتفي، لم يكن مني إلا إحاطة عنقه كطوق نجاتي، هامسة بجوار أذنه دافنة وجهي بكتفه: أحببتُك، بل أدمنت وجودك وسماع صوتك، الحمد لله على عناق طال انتظاره. "والآن أصبح مَقرّي وِصال وبه هدؤء وسكينة لم أعهدها من قبل، داري التي كانت تملؤها الخطورة الآن أصبحت في وِصال." آخر كلماتٍ دونتها في آخر صفحة من قصتها، لينتهي زمن الرُهاب ويبدأ زمن الحياة. مَقرّي وِصال مريم أبو الرجال

Get In Touch

Cairo , Egypt

darr@elsayad121216.com

+01508281514