وبمجرد أن سمع عدى صراخ والدة ملك باسمها أغلق الباب بسرعة وهو يتجه لملك وجدها فاقدة للوعي على الأرض. حملها بسرعة وهو يقول بلهفة وخوف: مالها؟ والدة ملك بخوف: مرة واحدة أغم عليها. وضعها عدي على السرير بحنان ولطف، وهو يحكم الغطاء عليها، و يخرج هاتفه يتصل بطبيب صديقه؛ ليأتي له سريعا. بعد وقت آتي الطبيب وعندما فتح عدي وجد ذلك الرجل مازال ينتظره. عدي بعصبية: يا أخي، ابعد عني بقا. شادي بشر: لازم نتكلم يا عدي. خرجت والدة ملك على صوت عدي وهي تقول بهدوء: اتفضل يا ابني، اقعد بس عقبال ما الدكتور يطمنا علي ملك وبعدين نشوف عايز إيه. تشبثت بيده وهي تأخذه للداخل ومعهم الطبيب وبعد أن كشف على ملك الطبيب بهدوء: متخافيش يا عدي ده مجرد إرهاق، هي بس ضعيفة شوية، محتاجة تأخذ بالها من أكلها، مفيش أي حاجة تقلق وأنا اديتها إبرة و هتفوق دلوقتي. عدي وهو يتنهد براحة ويقترب منها، يقبل جبهتها، وتنهدت والدة ملك براحة. وبعد وقت رحل الطبيب وذهبت والدة ملك لتتفقد عهد ومراد. ضم عدي ملك له وهو يسند رأسها على ذراعه، يتابع ملامحها بخوف وقلق وهو يغرقها بسيل من القبلات فوق جبهتها ووجنتيها بحب ولهفة، فهو شعر بأن أنفاسه انسحبت من صدره عندما وجدها فاقدة للوعي، خاف عليها ومجرد احتمال بسيط بأنه كاد يفقدها، جعل وجهه شاحب. فتحت ملك عيونها بتعب وهي تري حالته التي تشبه لهفة الطفل علي والدته. ملك بتعب و تقول بابتسامة: براحة عليَّ يا عدي، هتفطسني. عدي بحنان وهو يضمها له: أسف، أنتِ كويسة، حاسة بحاجة، تعبانة دايخة؟ ملك بابتسامة: يا عدي، أنا كويسة والله، متخافش. عدي وهو ينظر لها بلهفة ويقول بحنان ويقبل جبهتها: بجد. ملك بابتسامة: ولله كويسة يا عدي، بجد أنتَ اللي هتتعب كده. عدي وهو يقبل وجنتيها: الحمد لله، إنك كويسة. ملك بضحك هي تدفعه بمزاح: طب ابعد بقا؛ علشان كده تحرش. عدي بضحك ويجذبها له ويحيطها: أنتِ عارفة إني قليل الأدب، ومتربتش أصلًا، ومش هسيبك، فاكرة زمان لما كنتِ صغيرة، كنت بعمل فيكِ إيه لما تزعلي؟ نظرت له ملك وهي تقول برقة: لاء يا عدي أوعي تقول زغزغة، أنا كبرت بقا. عدي وهو يداعبها: كبرتي، ده على نفسك، إنما أنتِ عندي لوكه الصغننة، وحياة خالتي اللي برة ههريكِ النهاردة مش هرحمك من إيدي. ارتفعت صوت ضحكات ملك وفي ذلك الوقت دخلت والدتها الغرفة وهي ترفع حاجيبها بدهشة وتقول باستغراب: أنتَ بتتحرش بالبت؟ عدي باستغراب: آه، دي نغمة وطالعة في العيلة بقا، هو في إيه يا جماعة؟ بتحرش بمين؟ دي مراتي يا خالتو. كانت تحاول ملك النهوض أو إبعاد ذراعيه التي تحيطها. عدي وهو يهزها بهدوء ومرح، يسقطها مرة أخرى: اتبطي أنتِ، خليكِ قاعدة لسه حسابك معايا تقيل، مش هسيبك النهاردة أصلًا. والدة ملك: تصدق وتأمن بالله، إنك قليل الأدب. عدي: لا الله الا الله، أيوه يا خالتو، أنا قليل الأدب ومعداش عليَّ ربع ساعة ربايه. والدة ملك: يا مراهق سيب البت التعبانة دي و شوف البلوة اللي برة دي. عدي بضيق: ده أنا نسيته. والدة ملك بضحك: اتوكس؛ علشان أنتَ مبقتيش بتفتكر أي حاجة خالص، شوية، شوية، هتنسى عيالك. عدي وهو ينظر لملك بحب: مهو كله من بنتك وعمايلها. ملك بقلق وهي تنظر لعدي: راجل مين ده يا عدي؟ عدي بضيق: شادي أخو انجي الله يرحمها. ملك بقلق: طب وهو عايز إيه؟ مش إنجي كانت على خلاف معه قبل موتها، ربنا يرحمها. عدي وهو يغمض عيونه و يردف بضيق وخوف: عايز ياخد عهد ومراد ملك بخوف : ياخدهم إزاي؟ ده مستحيل. عدي وهو ينحني يقبل جبهتها وهو يمسد علي شعرها بحنان وهو يقول بحدة ممزوجة بحنان: متخافيش محدش يقدر ياخدهم مني، أنا هطلعله. ملك وهي تتشبت بيده و هي تقول بإصرار: هطلع معاك يا عدي. نظر لها، فعرف أنها حقًا مصرة وطوال عمره لا يجد أمام إصرارها مفر سوى تنفيذ ما تريد. عدي بتساؤل: طب أنتِ مش تعبانة. ملك اومأت برأسها برفض وهي تتشبت بيده تردف بابتسامة مطمئنة: يلا بينا أنا معاك. عدي ابتسم بحب وهو يتشبث بيدها ويخرجوا لذلك الشخص والذي يبدو أن ظهوره غير مبشر بالخير ويحمل الكثير من الأحداث التي لن تكون سهلة. خرج عدي و ملك لشادي و جلسوا أمامه. شادي باستفزاز وهو يضع ساق فوق الأخرى: معلش يا عروسة، معرفتش أبارك، بس نعمل إيه، الظروف بقا، جوزك حتة مفكرش يعزمنا. عدي بعصبية: وأعزمك بأمارة إيه؟ كنت أخويا ولا أخوها، يا اخي ده حتى أختك ماتت زعلانة منك. ضغطت ملك على ذراع عدي حتى يهدئ. شادي ببرود: عمومًا مش هطول عليك، بردو أنتَ لسة عريس جديد ومش عايز أقطع عليك، أنا عايز أشوف عيال أختي ولو مجبتهمش بكرة علشان أشوفهم في النادي، هخلي المحاكم اللي تحكم بينا في الموضوع ده، يلا سلام. تشبتت ملك بذراع عدي بقوة تمنعه من أن يفعل أى شيء متهور قد يضمر نفسه به. نظر لها بغضب لتقابل نظراته بنظرات رجاء جعلته يعود لوعيه وبمجرد أن خرج شادي من المنزل ارتفع صوت بكاء عهد في المنزل والذي كان شبيه بصراخ طفولي. انتفض عدي وملك بقلق وتوجهوا لغرفتهم. توجه عدي وحملها يضمها لصدره بحنان أبوي وهو يضع يده على رأسها بحنان، يقبل جبهتها وهو يهزها برفق، ويقول بحنان: هشششش، بس يا روحي، متخافيش يا روحي، بابي هنا، مالك يا حبيبتي بس؟ تشبتت به بطفولة وهي تشهق ببكاء وهي متمسكة بوالدها. اتجهت ملك لمراد تضمه لها تربط على ضهره؛ بسبب فزعه من بكاء عهد المفاجئ، واستمروا على هذا الوضع بضعة دقائق، حتى نامت عهد وكذلك مراد. خرج عدي وملك من الغرفة و في ذلك الوقت أتى لعدي اتصال وبعد أن أنهى ذلك الاتصال، لاحظت ملك شحوب وجهه، اقتربت منه بقلق وهي تحاوط وجهه بيدها و تقول بحنان: مالك يا عدي؟ أنتَ كويس؟ عدي وهو يعانقها بكل قوته وهو يقول بحزن: محتاجك يا ملك خليكِ جنبي. شعرت ملك بمدى احتياجه لذلك العناق، ومدى الحزن الذي يسكن نبرات صوته، وتلك النبرة المهتزة التي لأول مرة تسمع حديثه بها، حتي بعد وفاة إنجي لم تكن تلك النبرة التي يحادثها بها بالرغم من حزنه عليها التي لاحظها الكل. عانقته بحنان شديد وهي تمسد على ضهره وخصلات شعره كأنها تحتوي ذلك الحزن وهي تقول بحنان: و أنا معاك، في إيه حد قالك خبر وحش؟ عدي بهدوء: لاء، أنا بس مضايق من ظهور شادي. ملك وهي تربط فوق كتفه: عارفة أني طول عمرك مش بتحبه؛ لأنه بني آدم مش مضبوط، بس مش يمكن ربنا هداه أو حتى لو غير كده هيشوفهم مرة في الشهر وإحنا هنكون معاه، متخافش. عدي بابتسامة: عندك حق، ثم أكمل برجاء: ينفع أنام معاكِ النهاردة؟ ملك بابتسامة هي تتشبث بيده وتقول برقة: ممكن يكون النهاردة هدنة و استضيفك في أوضتي، بس مش لوحدك إيه رأيك نجيب مراد وعهد يناموا معانا على السرير؟ عدي بحب: ياريت. ملك: طب يلا نجيبهم. توجه ملك وعدي إلى غرفتهم بعد أن أخذوا عهد ومراد. عدي وهو يضع عهد فوق صدره، ويضم ملك له، ومراد نائم بين أحضانه هو وملك وهو يردف: كملي جميلك و خليكِ في حضني، ثم أكمل وهو يحاوطها: شكلك النهاردة كان زي القمر. ابتسمت ملك بخجل. عدي: بس متعمليش حركات الندالة بتاعتك وخلي الفستان. ملك بضحك: بطل قلة أدب بقا. عدي بتذكر وهو يداعب شعرها بطريقتها المحببة التي تعشقها وهو يردف بحب: زمان لما كنا بنيجيلكم كان عندي ١١سنة وأنتِ كنتِ لسه يدوبك سنة، كنتِ حلوة لدرجة إني كنت بغير عليكِ من عيون باقي العيلة والولاد وطول ما أنتِ قاعدة كنت أخدك في حضني ومحدش كان بيعرف بياخدك مني، ولا حتى خالتو، وعمو، ولا مامتي، وبعدين لما كبرتي بقا عندك أربع سنين بقيتي تجري عليَّ لوحدك وتيجي تقعدي علي رجلي و تفضلي في حضني وأقعد ألعبلك في شعرك، كنت بفرح اوي لما تكون الدنيا زحمة وأنتِ تسيبي الكل وتيجي تقوليلي عايزة أقعد علي رجلك يا عدي، وتفضلي قاعدة في حضني وأقعد ألعب في شعرك كده، للأسف السفر بعدنا عن بعض وإحنا لسة صغيرين، وبعد ذلك طبع قبلة فوق جبينها وهو مازال يداعب شعرها، بس الحمد لله القدر جمعنا تاني بعد ما كانت تقريبا القصة خلصت وكل واحد شاف حياته، أدينا مع بعض من جديد يا حبيبتي. رفعت ملك رأسها تطالعه بحب ونوم. ابتسم عدي وهو يفهم أنها على وشك أن تنام، فبدأ يُداعب بأصابعه الغمازات التي يعشقها بوجنتيها وهو يمرر أصابعه على وجهها بداية من وجهها حتي غمازتها ودقنها، و هو مازال يداعب شعرها وهو يردف بحب: عارف إنك بتروحي في النوم خالص والحركة دي بتخليكِ تنامي، قبل وجنتيها بحب و هو يداعب دقنها ويقول: تصبحي على خير. أغمضت ملك عيونها باستلام تام للنوم وهي تشعر بحنان ودفئ تام في أحضانه تنعم بهم بشكل مختلف، لأول مرة تنعم به بقربه وحضرته. سندت رأسها على صدره وهي تُحاوطه بيدها الصغيرة وتغرق في النوم وهي تمسح وجهها في صدره وتتنهد براحة و تغرق في نوم عميق بسلام. ابتسم و هو يري ملك طفلة كعهد ومراد تمامًا، بل أرق منهم وأكثر براءة أيضًا وثلاثهم غارقين في النوم وهم متشبثين به. تذكر كلمات صديقه في تلك المحادثة التي غيرت حاله حتى ملك لاحظت ذلك، تذكر كلمات صديقه التي كانت كالسكاكين في قلبه، يخسر أولاده للأبد أم يترك شادي يخطفهم، تذكر حديث صديقه الذي يتردد بأذنه "بعد مراقبتنا لشادي طول الفترة دي يا عدي عرفنا أنه بيخطط؛ علشان يخطف عيالك وللأسف الحل الوحيد إنك تسببه يعمل كدة وإحنا متابعبنهم طبعًا؛ علشان نقدر نسجله بدل ما يرفع قضية وياخد حضنتهم منك، للأسف انا كضابط مفيش غير الحل ده ادامي؛ علشان يتمسك وتخلص منه ". ظل عدي مستيقظ حتى الصباح، يفكر في كلام صديقه وحديثه يتردد بأذنه. استيقظت عهد وهي تنظر لوجه والدها بطفولة وبراءة وهي تضحك ببراءة. قطع شرود عدي هيئتها وصوت ضحكها الذي يُدخل البهجة لقلبه. ابتسم بحب وهو يحملها يرفعها أمامه ويقول بهمس: قلب بابي، صحيت. ضحكت عهد ببراءة وهي تداعب بيدها الصغيرة وجه عدي. ابتسم عدي وهو يقبل يدها الصغيرة ووجنتيها. استيقظت ملك علي صوتهم وهي تقول بابتسامة: صباح الخير عدي بابتسامة وهو يُداعب شعر ملك: صباح الفل. وبعد أن تناولوا الفطار مع والدة ملك أخذ عدي ملك وقص لها كل شيء. عدي بحزن وهو يضع وجهه بين يديه: مضطر أعمل كده وإلا ولادي هيضيعوا مني. ثم أكمل بدموع: هو أنا غبي لدرجة إني بضيع كل حاجة حلوة في حياتي من إيدي، هو أنا وحش يا ملك. لم تتحمل ملك دموعه، فاتجهت له بسرعة تعانقه عناق قوي وتضمه إلى صدرها، تربط على كتفه وضهره بحنان، وتمسد على خصلات شعره وهي تردف بحنان وحب: لاء طبعًا يا قلب ملك، أنتَ مش وحش بالعكس أنتَ أب حنين أوي، وزوج حنين أوي، و حبيب زي الفل، متخافش، أنا جنبك، هنرجعهم ونخلص من شادي ده، إوعي تفتكر إن دول عيالك لوحدك، لاء دول عيالي أنا كمان. عدي وهو يخفي رأسه في كتفها ويتشبث بخصرها: خليكِ جنبي. ملك بضحك وهي تربط على كتفه: ما دي المشكلة، إني علطول جنبك يا أهبل. ضحك عدي وهو يقبل كتفها بحب ويتشبت بخصرها: أنا بحبك أوي. ملك ابتسمت بحب وبعد ذلك أردفت بقلق: صاحبك جاهز ومأمن كل حاجة؟ عدي بقلق: آه وأنا تابعت كل حاجة بنفسي وهفضل متابع، ربنا يستر. ملك بقلق: إن شاء الله خير، تعالا نصلي ركعتين قبل ما ننزل و نتوكل على الله. وبعد وقت وصل عدي وملك ومعهم عهد ومراد للنادي؛ ليقابلوا شادي. ملك وهي تتشبت بيد عدي الذي يحمل عهد وهي تحمل مراد وتقول بابتسامة مطمئنة: متخافش. أومأ عدي بهدوء وللأسف لا تسطتيع أي كلمة أو فعل تهدئة نيران الخوف التي تملأ قلبه. وبمجرد أن رأت عهد شادي بدأت في الصراخ بهسترية ورعب وخاصةً عندما حاول أن يحملها شادي. ضمها عدي له وهو يهزها برقة، ويعانقها، وهو يقبل رأسها ويربط على ضهرها. ظلوا على ذلك الوضع دقائق ولم تهدأ عهد. عدي بقلق: مش بتهدي يا ملك، اعمل إيه؟ ملك وهي تربط علي كتفه: متخافش هي مش عايزة تجيلي وماسكة فيك، خدها في حضنك وطبطب عليها، خدها جنب المايه كده يمكن لما تقعد تتفرج عليها تبطل عياط. ابتعد عدي عنهم تمامًا و هو يحمل عهد، يسند رأسها فوق كتفه، يضمها لأحضانه وهو يربط على ضهرها بلطف، يمسد على خصلات شعرها وهو يهزها برقة وعيونه مصوبة على ملك ومراد وهو يقول بحنان أبوي: هشششش، اهدي يا قلب بابي، متخافيش، أنا هنا. ظل على هذا الوضع حتى نامت عهد وعاد إليهم، في ذلك الوقت أردف شادي بنرة خبيثة: بعد إذنك يا عدي هاخد مراد وعهد؛ علشان عامل مفاجأة ليهم و لازم يشوفوها لوحدهم. عدي وهو يتشبث بهم ويردف برجاء: أيوة، بس عهد نايمة، حرام تصحى. شادي بخبث: معلش علشان خالها مش هيحصل حاجة، هاتها بقا، تخيل أنا كل ده مشتلتهاش. نظر عدي لملك كالطفل الذي يتشبث بوالدته. نظرت له ملك وهي تضغط على يده بحنان وهي تشير له بعيونها بحزن. نظر لها عدي بحزن وعيون دامعة. اقترب شادي منه يأخذ عهد المتشبتة بعنق عدي بقوة وهي نائمة. عدي وهو يضع يده تحت جبهتها بأيدي مرتعشة يسندها ويقول بلهفة: براحة عليها. شادي وهو يحمل مراد ويبتسم بشر وهو يأخذهم. ظل عدي يتابعهم حتى اختفوا من أمام عيونه، شعور صعب لا يستطيع وصفه لسانه، لا يقوى على الحديث بينما قلبه يشتعل بنيران الخوف، كأن شادي نزع قلبه، ليته كان قتله أسهل من تلك الألآم التي تقتله ببطئ، انسحبت أنفاسه من صدره، وشحب وجهه، وضع يده على قلبه بألم، ارتمى في أحضان ملك وهو يدفن رأسه في كتفها، ويقول بدموع: ولادي بيروحوا مني يا ملك، أنا أب وحش أوي، سلمتهم بإيدي، ليه أنا ضعيف أوي؟ ملك بدموع وهي تربط على ضهره: أنتَ عملت كده، بدل ما ياخدهم منك العمر كله، ويا عالم يعمل فيهم إيه؟ أنتَ أحسن وأحن أب في الدنيا، بعد الشر عليك من الضعف، خليك قوي؛ علشان نرجعهم على خير إن شاء الله. بعد ساعتين مروا ببطئ قاتل على ملك وعدي ألموهم بكل دقيقة وثانية بهم، مازال عدي على حاله في أحضان ملك وملك تناجي ربها. صديق عدي (الظابط ) بهدوء: خلاص بدل بعتلك رسالة التهديد دي بالمكان وبيقولك هات ملك معاك روح أنتَ وهي على أساس تديه الفلوس وإحنا هنتصرف بعد كده، خلاص بقا معانا الدليل اللي يحبسه. عدي بقلق: طيب وولادي وملك. صديق عدي وهو يربط فوق كتفه: متخافش أنا مستحيل أعرضكم للخطر. بعد وقت وصل عدي وملك لذلك الموقع الذي أرسله لهم شادي. شادي بخبث: نورت يا أبو العيال. عدي بحدة: أنتَ بني آدم، أنتَ المفرود في مقام أبوهم تخطفهم؛ علشان الفلوس يا زبالة. شادي ببرود: جبت الفلوس؟ عدي بحدة: سلمني ولادي الأول و يا ويلك يا سواد ليلك لو لمست شعره منهم. ضحك شادي بسخرية وهو يقول: أصلًا مشكلتي مش معاهم، البرنسيس لسة نايمة والأستاذ زي ما هو. قذف عدي حقيبة المال لشادي بعد أن أخذ أولاده وهو يغرقهم بسيل من القبلات ويضمهم له بحنان وكذلك ملك. ملك وعدي وهم يربطوا فوق شعر مراد الذي يبكي بخوف: متخافش يا بطل، ثم أكملوا وهم يمسكوا يده: إحنا هنا. في ذلك الوقت بدأت الشرطة تسلل بهدوء للمكان، وعندما رأي صديق عدي شادي وهو يحمل سلاحه ويكاد يصوب على عدي وعدي لا يلاحظ، ضربه طلقة أطاحته أرضًا. تم نقل شادي المستشفى؛ لأنه مازال حي وبعد الكشف عرف الكل أن حالته حرجة وأنه دخل بغيبوبة وإذا استيقظ سيتم تحويله للسجن؛ بتهمة خطف أطفال وشروع في قتل. أخذا ملك وعدي عهد ومراد للطبيب؛ ليطمئنوا عليهم وعادوا للمنزل، وطول الطريق أغرق عدي وملك عهد ومراد بسيل من القبلات والعناق. بالطبع تأثروا بما حدث، ولكن ذلك الدافئ و الحنان الذي وجدوه في أحضان ملك وعدي جعلهم يطمئنوا ويناموا بعمق بمجرد وصولهم المنزل. وبعد ذلك جلس عدي مع ملك ووالدتها وقص لها بكل صراحة ما حدث من بداية زواجهم. عدي بأسف: عارف، غلطت لما مصونتش الأمانة وعملت كده في ملك وعذبتها، عارف إني كان لازم أفض الصراع اللي جوايا ده قبل ما أتجوزها ومفيش عذر للي حصل و الوجع اللي عيشته بسببي اللي مكنتش قادر أستحمله يوم، بس أنا كنت فاكر إن ملك هتخرجني من وضعي وتكون حياتنا تقليدية، لما عرفت إني حبتها بقيت حاسس نفسي خاين وبقيت برجع لإنجي؛ علشان أنفي الاحساس ده، بس مقدرتش، لما حسيت ملك هتروح مني فوقت من كل الأوهام دي؛ علشان بحبها ومقدرش أعيش من غيرها، أنا هعوض ظلمي ليها ده بجد وعارف إن كل حاجة جت بسرعة، هغير كل اللي في الشقة. ملك برقة: بس هتفضل أوضة إنجي الله يرحمها موجودة؛ علشان ده حق الولاد، مينفعش ينسوا مامتهم أو ميكونش ليهم حاجة من ريحتها. عدي بحب: اللي تؤمري بيه. ثم أكمل بحب: إحنا هنعمل فرح كبير في قاعة؛ علشان ده حق ملك مفيهوش نقاش علشان؛ خاطر ست البنات، إيه رأيك يا خالتو؟ والدة ملك بابتسامة سعادة ورضا وراحة: أنا عن نفسي مواقفة. عدي وهو ينظر لها، و يقول بقلق: وأنتِ يا ملك. هزت رأسها بخجل، فاتجه لها وعانقها، بحب وقبل رأسها، وهو يخرج دبلتان، ويقول بسعادة: ودي أوي خطوة، البسها دبلة رقيقة، منقوش بها اسمه، وألبسته ملك دبلته المنقوش عليها اسمها. مر الشهر وسط التجهيزات. يوم الحنة ذهب عدي ومعه ملك لقبر إنجي وقرأوا لها الفاتحة. ملك بحزن: متخافيش يا إنجي، الولاد في عيوني، عمري ما أخليهم ينسوا مامتهم اللي فاديتهم بحياتها، ومكانك بينا محفوظ مهما طول العمر هتفضلي دايمًا معانا، وفكرينك وبنترحم عليكِ. خرجوا من قبرها. عدي بضيق: ملك أنا قولت الفستان السماوي و البدلة الإسكندراني ميتلبسوش في الحنة. ملك بضيق: علشان أنتَ قليل الأدب. عدي بغيرة: ونبي بس بقا؛ علشان أنا على أخري وربنا، أمك بقالها أسبوع مش بتدخلني البيت؛ علشان الفرح وأنتِ وحشاني. ملك بضحك: خلاص هانت، كلها كام ساعة. أتي صباح يوم جديد، استعدت ملك لزفاف وكانت عروس في غاية الجمال والرقة التي تخطف الأنفاس وكذلك عدي كان وسيم جدًا. وبعد دخلوهم القاعة وهم يرقصوا عدي و هو يحاوط خصرها، ويقول بهمس: أعشقك يا من حطمتي قيودي وكسرتي ظنوني وأوهامي. ملك بسعادة ودموع وهي تعانقه: وأنا بعشقك يا حب عمري. حملها عدي ودار بها بسعادة وهو يقول بفرحة: أخيرًا. وبعد ذلك التقطوا صورة جماعية وانتهى الزفاف. بعد مرور سبعة أشهر كانت ملك تقود السيارة ومعاها مراد و هد بالمقعد الخلفي بعد أن اتموا أربعة أعوام على وشك إتمام الخامس، وهي تحادث عدي في الهاتف وتقول بسعادة: أنا حامل يا عدي وفجأة صرخت برعب، وهي تقول: الحقنا يا عدي وبعد ذلك انقطع الخط. عاود عدي الإتصال بملك، ولكن تجمد بمكانه من الصدمة هو يتسمع لصوت شادي الساخر وهو يردف بغل وتوعد: دلوقتي مراتك، وعيالك، وعيالك المستقبلين معايا وحياتهم في أيدي. ثم أكمل بضحك سخرية، وهو يقول بتهكم وتوعد: قولي لو مكاني تنتقم لنفسك، وأحصرك عليهم، ولا أخد الفلوس وأهرب. الجزء الأول من الحلقة الآخيرة عدي بغضب وأنفاس متلاحقة وهو يردف بصوت جمهوري، وغضب جامح، ونبرته تحمل طيات التهديد: قسمًا، عظمًا لو عيالي أو مراتي اتأذوا أو لمست منهم شعرة مش هيكفيني فيك. استمع لصوت ضحكة ساخرة وبعد ذلك أغلق شادي الخط وأغلق هاتف ملك. وصوت ضحكاته الشامتة التي يملئها، التشف تصدع بكل مكان. شادي بحدة لأحد رجاله: حط التلفون في العربية و يلا علشان تتحرك. عند عدي بدأ يسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا وهو ينتظر قدوم صديقه، وهو يحاول الاتصال بملك، ولكن هاتفها مغلق، قذف الهاتف بغضب وهو يردف بصوت جمهوري وغضب جامح: يا ابن ....... وحياة ربنا لتكون نهايته على إيدي لو عملهم حاجة. وصل صديق عدي وهو يتابع حالته المزرية وهو يردف بتفهم وهو يربط فوق كتف عدي و هو يردف بتفهم: أنا فاهم الوضع اللي انت فيه وحاسس بك، بس صدقني أنتَ محتاج تهدي؛ علشانهم؛ علشان لازم نلاقيهم في أسرع وقت، أنا بعت ناس يشوفوا أخر مكان تلفون ملك بعت إشارة منه ولو مش فتح، هيبلغونا، حاول تهدي؛ علشان خاطرهم. بعد وقت بدأت ملك تعود لوعيها، وهي تحرك رأسها بضعف من ذلك الدوار الذي يداهمها، بدأت تفتح عيونها وهي تبربش أكثر من مرة، من ذلك الضوء القوي الذي يقتحم عيونها، بدأت الرؤية أمامها تُصبح أكثر وضوحًا، بدأت عيونها تجوب ذلك المكان المتهالك الذي تتواجد به، حاولت تحريك يدها أو قدمها، ولكن تلك الحبال تقيد حركتها تمامًا، حاولت الصراخ، ولكن ذلك الاصق يمنع خروج الصرخات من فمها، حتى لو خرجت تخرج مكتومة، حاولت التحرك والتملص من تلك القيود، ولكن كانت مقيدة بقوة مما جعل الحركة حتى لو أنش بسيط والشيء الذي جعل الخوف ينهش قلبها هو تلك السيناريوهات البشعة التي اقتحمت عقلها بخصوص مراد وعهد خاصة أنها لم تراهم أو تسمع صوتهم. إذا كانت تلك حالتها، فكيف ستكون حالة أولئك الأطفال وماذا قد يكون شادي فعل بهم؟؟ مر وقت لم تعرف، ولكن المؤكد أنه حتى لو كان فترة صغيرة، فبحالتها خاصة تلك الألآم التي تشعر بها ببطنها جعلت تلك الدقائق دهرًا. انفتح الباب ودلف شخص طويل البنية، ملامح وجهه تموج بالجروح، ارتعبت ملك من هيئة ذلك الشخص خاصة عندما رأته يتقدم منها. صرخت صرخة مكتومة وهي تهمهم بخوف. مد ذلك الشخص الهاتف وابتسامة لزجة مرعبة مرسومة فوق ثغره وهو يردف بنبرة خشنة مرعبة: تلفون علشانك يا عروسة. ثم أكمل بتحذير: لو صَوتي لما أشيل التباع ده عنك، هزعلك. ثم أكمل و هو ينظر لها نظرة متفحصة من أعلاها حتى أسفلها وهو يردف برغبة: وأنا عرفت إنك حامل، يعني أكيد مش حمل اللي هعمله. أغمضت عيونها بدموع وهي تهز رأسها بهستيرية بخوف. نزع ذلك الشخص الاصق عن فمها وقرب التلفون من فمها. عدي بلهفة: ألو. ملك بدموع: ده أنا يا عدي. عدي بلهفة وخوف: ملك يا حبيبتي، أنتِ كويسة؟ طمنيني عليكِ يا حبيبتي. ملك بدموع: أنا مش فاكره أي حاجة غير إني فجأة شوفت شادي وبعد كده لقيت نفسي في المكان ده. ثم أكملت بخوف ودموع: عدي أنا خايفة أوي، من ساعة ما فوقت مش سامعة صوت عهد ومراد، أنا مش عارفة عمل فيهم إيه ولا عارفة هيعمل فيا إيه؟ عدي تعالا، أنا خايفة أوي، خايفة على الحمل. عدي وهو يحاول تنظيم أنفاسه ويردف بحزن وثقة : ملك يا حبيبتي تربيتي، أنتِ قوية أوعي تخافي يا ملك، وأنا في أقرب وقت هكون عندك، ومحدش هيحصله حاجه يا روحي لا أنتِ، ولا حملك، ولا الولاد، خليكِ واثقة فيا. ثم أكمل بقلق وخوف: حد عملك حاجه؟ حد قربلك؟ ملك بدموع: لاء أنا كويسة محدش قربلي ولا عملي حاجة، بس مش ضامنة إيه اللي هيحصل بعد كده. عدي بحنان: متخافيش يا حبيبتي، محدش يقدر يقربلك. ثم اكمل بتحذير وحِده: لأني عمره فيها مش هيكون كفاية وأنا في أقرب وقت هكون عندك حتى لو تمن ده عمري، لا الله الا الله. ملك بدموع : محمد رسول الله. وضع ذلك الشخص الاصق على فم ملك وهو يخرج من الغرفة ويعطي شادي الهاتف. شادي بنبرة شماتة: أظن أنا كده عداني العيب وخليتك سمعت صوت مراتك واطمنت عليها. عدي بغضب: عملت في عيالي إيه يا شادي؟ شادي بضحك وهو يردف بضيق: هعمل إيه في ولاد أختي يعني؟ عيالك نايمن وأظن الأحسن ليهم ميحسوش باللي بيحصل. ثم أكمل وهو يلوي فمه بسخرية ويردف بنرة ساخرة: شوفت طلعت ظلماني إزاي. ثم أكمل بتهديد: بس أنا لازم أخد حقي، بس لما فكرت قولت ليه عهد ومراد. ثم أكمل بعيون تلمع بيها وميض الانتقام ونبرة مرضية مليئة بالكره: ليه متكونش ملك واللي في بطنها وساعتها يكون الوجع وجعين؛ علشان كده قررت هبعتلك مكان بعد ما نقفل المكان ده هتلاقي فيه ولادك. عدي: شادي أنتَ مشكلتك معايا أنا، ملك ملهاش أي ذنب، أنا اللي عملت كل ده، سيب ملك وأنا هجيلك بنفسي اعمل فيا اللي أنتَ عايزه؟ لو عايز تقتلني أنا مواقف بس تكون وقتها سبتها. شادي بنبرة تشف: اممم، فكرة حلوة تصدق. ثم أكمل بنبرة كره: معقول لو خيرتك بينك وبين ملك، هتختار إنك تنقذها هي وترمي نفسك في النار؟ عدي بعصبية وضيق: قولتلك آه، رجع مراتي يا شادي وهعملك اللي أنتَ عايزه حتى لو تمن ده عمري. شادي بتوعد: ماشي يا عدي يبقي تيجي بنفسك تاخد الحلوة مراتك وتشوفها وساعتها نقرر بقا إيه اللي هيحصل؟ عدي بلهفة : أجي فين؟ شادي : ...... ثم أكمل بتحذير ونبرة شر وكره: بس وحياة ربنا يا عدي لو بلغت البوليس ولا عملت أي حركة غدر وجيت وحد معاك، هموتها أدام عيونك. عدي بحدة: مش هعمل حاجة ولا هاجي بحد، هعمل كل اللي قولته، لكن لو جيت لقيت مراتي فيها حاجة، صدقني مش هرحمك. شادي ببرود: مستنينك يا عدي بيه. وصل عدي لذلك المكان الذي أخبره عنه شادي و أخبره بأنه سيجد عهد ومراد هناك واقترب من تلك السيارة الوحيدة الموجودة بالمكان، وهو يحاول رؤية ما خلف الزجاج، رأى عهد ومراد نائمين بعمق، فحاول فتح السيارة وبالفعل لم تكن مغلقة واستطاع فتحها وحمل مراد وعهد بهدوء وهو يضمهم لأحضانه بقوة، يغرقهم بسيل من القبلات، وضعهم بسيارته وانطلق للمستشفى؛ ليطمئن عليهم، وصل المستشفى وبعد الفحوصات الطبية خرج الطبيب من غرفة الكشف. عدي بخوف: ولادي كويسين ولا حصلهم حاجة؟ الطبيب بعملية: متقلقش يا عدي بيه ولاد حضرتك كويسين جدًا، الموضوع كله أنهم اخدين منوم بس وأول ما يخلص هيرجعوا لوعيهم. عدي وهو يزفر أنفاسه براحة: الحمد لله. الطبيب بعملية وهو يردف بنرة هادئة: بس هيفضلوا هنا لحد ما يروحوا؛ علشان نكشف عليهم تاني ونطمن؛ لكن مفيش أي خطر عليهم أو أي حاجه تقلق. عدي براحة: شكرًا جدًا يا دكتور. الطبيب بابتسامة رسمية: ده واجبي، عن إذنكم. عدي التف لوالدة ملك التي تبكي بخوف وهو يتشبت بيدها يقبلها ويردف بثقة: خالتو يا حبيبتي، اهدي علشان خاطري، صدقيني أنا هرجع ملك زي الفل إن شاء الله. ثم اكمل و هو يضمها له بحنان يربط علي ضهرها: أنا لازم أتحرك دلوقتي اوعديني تهدي؛ علشان مبقاش قلقان عليكِ وأنا صدقيني مش هرجع غير بيها. والدة ملك بحنان وهي تربط فوق يده برفق: خلاص يا حبيبي، أنا زي الفل متخافش وهفضل مع الولاد هنا وأنتَ اتوكل على الله، ربنا يرجعك أنتَ و ملك بألف سلامة، ويسترها معاك، وينصرك، خلي بالك من نفسك ومن ملك، انا عايزاكم تيجوا أنتوا الإثنين كويسين. عدي وهو يقبل يدها و جبهتها ويردف بثقة: إن شاء الله يا حبيبتي، متخافيش، لا الله الا الله. والدة ملك بخوف: محمد رسول الله. ركب عدي سيارته متجهًا لشادي وكأنه يسابق الريح؛ ليصل لذلك المكان، يود أن يطير حتى يصل لها، خاصة بعد سماع صوتها المرتجف الخائف، وبكائها الخافت، وكلماتها التي جعلت الرعب يدب في قلبه، ومجرد يتخيله أن يؤذيها أي شخص أو يقترب منها يقتلع عقله ويشعل بنار موقودة في صدره، وأكثر ما يخيفه هو درايته التامة بتهور شادي وسيطرة مشاعره عليه وخاصة نبرة التوعد والشماتة التي لمسها في حديثه معه، هل هي فقط بسبب أنه نجح في اختطاف ملك وأولاده أم يوجد خطط أخرى برأسه وهو يتلذذ بعذابه ويخطط لأذية ملك؟ الأسئلة تملأ عقله والخوف والقلق يحاوطه من كل كل جهة وذلك الخوف يزاد وينهش صدره بلا رحمة، خاصة عندما تزاد تلك الأسئلة في عقله التي لا يستطيع أن يجد لها إجابة تشتت علقه وتؤلم نفسه، كلما يقترب من المجهول الذي يقدم عليه ويغوص بتلك الخطوات الغامضة يشعر باقتراب الخطر، ولكنه يقاوم كل ذلك وهو يحاول لمام شتات نفسه وعقله وإخماد تلك النيران التي لن تخمد إلا عند رؤية ملك والاطمئنان عليها، ولكن ملك أكثر من تحتاج قوته في ذلك الوقت؛ حتى يخرجوا من ذلك المأزق. عند ملك مازالت مقيدة من يدها وقدميها على الأرض، و هي مستندة على الحائط بتعب ووهن، ويوجد لاصق عريض على فمها لا تستطيع إخراج صوتها منه، تشعر بألالام شديدة ببطنها وتخبط في ضهرها بشدة، تأخذ أنفاسها بألم وهي تتذكر كلام الطبيب المحذر لها بشأن القلق والخوف وأي مجهود قد يؤدي بحياة جنينها في أول شهور حملها والتي تعد الفترة الأكثر خطرًا في حياة أي امرأة، بدأت تنظم أنفاسها بهدوء، تحاول تنظيمهم؛ حتى تهدأ، أغمضت عيونها وكأنها تحادث طفلها، تطلب منه الصمود وكأنها تطلب منه أن يساعدها على تحمل ذلك الوضع ولا يكون عبئًا عليها في ذلك الموقف العصيب، وكأن ذلك الطفل استمع لندائها، بل بدأ يدعمها، بدأت الألآم تقل بشكل كبير، بدأت تجوب بنظرها كل مكان في الغرفة؛ بحثًا عن عهد ومراد مرة أخرى، منذ عادت لوعيها لم تسمتع لصوتهم، هل من الممكن أن يكون أذاهم؟ قطع تفكيرها دخول شادي ارتدت للخلف بخوف وهي تطالع عيونه التي يملئها الشر والتوعد برعب. اصطدمت بالحائط وهي تنظر له بخوف، وهو يقترب منها بخطوات هادئة وملامح جامدة لا تستطيع أن تفهم منها أي شيء وذلك ما أخافها منه. جثا على ركبتيه أمامها وهو يخرج سلاحه يصوبه ناحية بطنها. نظرت له ملك بذعر وهي تهمهم بخوف وترجي، وهي غير قادرة حتى على محاولة التحرك والتملص من تلك القيود. شادي بنرة مرعبة وهمس مرضي بجانب أذنها: متخافيش، أنا بس بوريكِ ممكن أعمل إيه لو الكلام متسمعش؟ بس متخافيش حاليًا الموضوع معتمد عليكِ وعلى سمعانك الكلام، ثم احتدت نبرته و هو يردف بهمس مرضي: متضطرنيش أذيكي، متفقين. هزت ملك رأسها أكتر من مرة بسرعة بإيجاب وهي تنظر له بخوف والدموع تملأ عيونها، فهي الآن تحمل طفل بأحشائها، همهمت بخفوت لينزع عنها ذلك الاصق وهي تحتاج لماء على الأقل يساعدها في مجابهة ذلك الوضع و محاربة ذلك الدوار الذي يفتك برأسها. شادي بهدوء: هشيل البتاع ده من على بوقك، بس قسمًا عظمًا لو صوتي أنتِ حرة. هزت ملك رأسها بنفي عدة مرات وهي تهمهم بخفوت. نزع ذلك الاصق عن فمها بقسوة، ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تشعر بدوار قاتل. أردفت بوهن: لو سمحت محتاجه مايه. شادي ببرود: لاء. ملك بدموع : بجد محتاجها، دي خدمة إنسانية. شادي و هو يأخذ زجاجة يقربها من فم ملك وهو يردف بسخرية: علشان متموتيش مني بس وإحنا عايزينك؛ علشان رايحين نقابل المصون جوزك. ملك بخوف: عهد ومراد فين؟ أنتَ عملت فيهم إيه؟ انطق. شادي وهو يضع ذلك الاصق على فمها مرة أخرى وهو يفك وثاق قدمها، يمسك ذراعها ينهضها بقسوة وهو يردف بعصبية : ملكيش فيه وصوتك ده أصلًا مش هديكِ فرصة تطلعيه. ثم أكمل وهو ينادي على رجاله بصوت عالي و قاس، جعل ملك ترتجف بين يده بخوف. دخل رجلان كبيران البنية شادي بشر: خدوا الزفتة دي من هنا واعملوا زي ما اتفقنا؛ علشان نروح نقابل جوزها المصون. بدأت تصرخ ملك صرخات مكتومة وهي ترتجف و تحاول التملص من قبضته، ولكن هيهات. دفعها شادي بقوة، فاصتطدمت بالأرض، أغمضت عيونها بألم شديد، لم تكن قادرة على تحمله أثر تلك الدفعة التي لن يراعي فيهم حملها ووهنها بتلك اللحظة الذي جعلها ارتطدمت بالأرض بقوة. تلاقوها رجاله وهم يجذبوها بقسوة وعنف هم أيضًا غير مراعين لحالة الضعف، والتعب، والألم التي انتابتها، أغمضت عيونها بدموع تحاول أن تأخذ أنفاسها، ولكن تلك الأنفاس تؤلمها من قوة اصطدامها بالأرض، أمسكها إحدى رجاله بقسوة حتى تنهتض، ولكنها كانت في قمة ضعفها، فلم تكن قادرة على النهوض حتى أنها سقطت مرة أخرى. شادي بضيق: خدوها وخلصوا مش عايز دلع بنات، عايزين نتحرك. حاولت ملك التحامل على نفسها والنهوض وبالفعل نهضت بصعوبة وهي تتحامل على نفسها وتنحني على نفسها بألم. جذبها رجال شادي بعنف و قسوة يجروها خلفهم حتى وصلوا للسيارة؛ استعدادًا؛ لتنفيذ أوامر شادي. فتح رجال شادي السيارة وهم يضعونا ملك بداخل السيارة رغمًا عنها ويثبتوها بقوة وأحدهم يوجه السلاح ناحية بطنها وهو يردف بتهديد، وصوت مرعب، وقاس: حركة كمان و قسمًا عظمًا أكون مموتك أنتِ واللي في بطنك. صمتت كل مقومات ملك الضعيفة جدًا مقارنة بقوتها وهي تنظر له بدموع و تغمض عيونها بألم شديد، تلك الألآم ببطنها تزداد وتشعر بشعور مخيف، هل من الممكن أن تكون علي وشك أن تفقد جنينها؟ بدأت دموعها تهبط بعنف و هي تشعر بخوف برعب من ذلك الاحتمال الذي اقتحم عقلها وأثر نفسها، وخاصة وهي تشعر بتلك الألآم تزداد و إنها على حافة أن تخسر طفلها، أغمضت عيونها بوهن؛ بسبب ذلك الدوار الذي بات يهجامها تلك المرة، ولكن بشكل أقوى و أشد. أخرج إحدى رجاله حقنة و حقن بها ذراعها. في ذلك الوقت خرج شادي وهو يبتسم بشر على حالة ملك ويردف ببرود وشماتة: البرنسيسة أخدت الحقنة. هز رجاله رأسهم بإيماء شادي بحدة: اركبوا العربية واتحركوا ورايا. انطلق رجاله؛ لتنفيذ أوامره وهو يراقب ملك التي تجلس بالكرسي الخلفي من السيارة على حالتها مقيدة، ولكن بدأ وجهها يشحب، وجبينها يتعرق، وتشعر بألم بات يحتل كل شبر بجسدها، حتى نسمات الهواء مهما كانت بسيطة تؤثر بذلك الألم، بدأت أعينها تنغلق باستلام لذلك الدوار الذي بات طاحنًا. دفعها شادي بقوة لتستد على المقعد الخلفي بطولها وهو يردف بسعادة وتلذذ، وهو يجوب بنظره حالتها الضعيفة، الخذيلة، وتأثير تلك الإبرة وهي تنتشر بإرجاء جسدها كالسم. شادي بابتسامة سعادة وعيون تلمع بوميض الانتقام وهو يردف بتشف: دلوقتي أنتِ مش بس هتخسري حملك، عقبال ما نكون وصلنا هيكون كأنك بتموتي في الدقيقة ألف مرة، بس هتفضلي شبه واعية زي ما أنتِ دلوقتي. ثم أكمل وهو يلوي فمه بسخرية، ونبرة كره وعيون تلمع بالتوعد: بصراحة حابب أشوف المصون جوزك هيعمل إيه لما يشوف حالتك؟ و حابب أسمع الحوار بينكم هيكون إزاي؟ سوري بقا يا ملوكه، بس محدش كان قالك حبي عدي وساعديه، هسيبك في عذابك أنا وأوعدك إني هعمل كل حاجة؛ علشان يزيد عقبال مانوصل المكان اللي هنشوف فيه جوزك. ثم أكمل وهو ينظر للساعة ويردف بإبتسامة شر: زمانه مستني هناك، مش عايزين نتأخر عليه أكتر من كده. أغلق باب السيارة الخاص بالمقعد الخلفي وركب السيارة متجهًا هو ورجاله لمقابلة عدي.